بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الاسلام / المجلد الثالث عشر / القسم الرابع: فضیلة الزهراء سلام الله علیها، اهمیة مقام ولایة رسول الله صلی الله ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

أمر رسول‌ الله‌ بسدّ الابواب‌ والإتيان‌ بالكتف‌ والدواة‌ لكتابة‌ الوصيّة‌

 قال‌ ميرخواند ـ وهو سنّي‌ّ المذهب ‌ـ في‌ « روضة‌ الصفا »: قالت‌ أُمّ سلمة‌: شدّ رسول‌ الله‌ علی‌ رأسه‌ المبارك‌ عصابة‌ أيّام‌ مرضه‌، وصعد المنبر، واستهلّ كلامه‌ بالاستغفار لشهداء أُحُد، ثمّ أمر بسدّ أبو اب‌ الصحابة‌ الشارعة‌ في‌ المسجد إلاّ باب‌ علی‌ّ. وقال‌: لابدّ من‌ صحبته‌ لي‌ وصحبتي‌ له‌.

 قال‌ عمر: يا رسول‌ الله‌ ! إئذن‌ لي‌ أن‌ أدع‌ خوخة‌ أري‌ فيها خروجك‌ من‌ البيت‌ إلی المسجد ! فلم‌ يأذن‌ له‌. فقال‌ أحد الصحابة‌: يارسول‌الله‌ ! ما هو المراد من‌ فتح‌ الابواب‌ ؟! وما سبب‌ سدّها ؟ قال‌: ما بأمري‌ سددتها ولابأمري‌ فتحتها.

 ( إلی أن‌ قال‌ ): روي‌ علماء السير أ نّه‌ لمّا اشتدّت‌ العلّة‌ برسول‌ الله‌ وكان‌ أصحابه‌ مجتمعين‌ حوله‌ في‌ حجرته‌ قال‌: إئتوني‌ بدواة‌ وصحيفة‌ أكتب‌ لكم‌ كتاباً لا تضلّون‌ بعده‌. فاختلفوا، فمن‌ قائل‌: قرّبوا يكتب‌ لكم‌. ومن‌ قائل‌: هل‌ هذا كلام‌ من‌ اشتدّ به‌ المرض‌، أم‌ كلام‌ جِدّ ؟ فقال‌ عمر: غلب‌ علی‌ رسول‌الله‌ الوجع‌. عندنا القرآن‌ حسبنا كتاب‌ الله‌. فمنهم‌ من‌ أيّد عمر، ومنهم‌ من‌ أصرّ علی‌ خلافه‌ وقالوا: قرّبوا له‌ ما أراد، فاختصموا، وعلت‌ الاصوات‌ في‌ مجلسه‌ المبارك‌، وتجاوز الاختلاف‌ حدّ الاعتدال‌.

 فقال‌ النبي‌ّ الاقدس‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: قوموا، لا ينبغي‌ عند نبي‌ّ نزاع‌ ! ومع‌ ذلك‌ قال‌: أُوصيكم‌ بثلاث‌: أَخرِجوا المشركين‌ من‌ جزيرة‌ العرب‌ ! وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت‌ أُجيزهم‌.

 روي‌ سليمان‌ هذا عن‌ سعيد بن‌ جبير وقال‌: لا أعلم‌، لَمْ يَرَ سعيدبن‌ جبير مصلحة‌ في‌ ذكر الثالثة‌، أو أ نّه‌ ذكرها لكنّ عناكب‌ النسيان‌ نسجت‌ خيوطها في‌ خاطري‌ ؟

 قال‌ ابن‌ عبّاس‌: الرزيّة‌ كلّ الرزيّة‌ ما حال‌ بين‌ رسول‌ الله‌ وبين‌ أن‌ يكتب‌ لهم‌. [1] ( إلی أن‌ قال‌: )

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: أوصي‌ النبي‌ّ في‌ مرضه‌ الذي‌ مات‌ فيه‌. ولمّا فرغ‌، نزلت‌ سورة‌ النصر. قلتُ: يا رسول‌ الله‌ ! هذه‌ وصيّة‌ المودّعين‌ ؟

 قال‌: نعم‌ يا علی‌ّ ! ضاق‌ صدري‌ من‌ هذه‌ الدنيا. ثمّ اتّكأ، وأغمض‌ عينه‌ لحظة‌. ولمّا أفاق‌ قال‌: يا جبرئيل‌ ! خذني‌ وفِ بما وعدتني‌ ! ثمّ دعاني‌ إليه‌ ووضع‌ رأسه‌ المبارك‌ علی‌ منكبي‌، وشحب‌ لون‌ وجهه‌ الميمون‌، وتصبّب‌ جبينه‌ عرقاً.

 الرجوع الي الفهرس

حزن‌ فاطمة‌ علیها السلام‌ لفقد أبيها

 ولمّا رأت‌ فاطمة‌ ما به‌، قامت‌ لجزعها، وأخذت‌ بأيدي‌ الحسنين‌ وصاحت‌: يا أبتاه‌ ! من‌ يرحم‌ حال‌ ابنتك‌ فاطمة‌ بعدك‌ ؟ ومن‌ يواسي‌ ولديك‌ الحسنين‌ ؟! ومن‌ يحفظ‌ أفواج‌ الناس‌ القادمين‌ من‌ أطراف‌ الآفاق‌ ؟ يا أبتاه‌ ! بنفسي‌ أنتَ ! ويل‌ أُذُني‌ التي‌ لن‌ تسمع‌ كلامك‌ الطيّب‌، وويل‌ عيني‌ التي‌ لن‌ تري‌ وجهك‌ الحسن‌ !

 ولمّا سمع‌ النبي‌ّ الاقدس‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أنين‌ فاطمة‌، فتح‌ عينيه‌ ودعاها إليه‌ ووضع‌ يده‌ المباركة‌ علی‌ صدر ابنته‌ العزيزة‌ وقال‌: اللهمّ اربط‌ علی‌ قلب‌ فاطمة‌ ! ثمّ قال‌ لها: أبشري‌، فأنتِ أوّل‌ أهلي‌ لحوقاً بي‌ !

 قال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: قلتُ: يا فاطمة‌ ! اسكتي‌ ولا تذرّي‌ الملح‌ علی‌ جرح‌ رسول‌الله‌ ! فقال‌ النبي‌ّ: دعها تذرف‌ دموعها علی‌ أبيها ! ثمّ أغمض‌ عينيه‌ المتعبتين‌. وقالت‌ فاطمة‌ للحسنين‌: قوما وائتيا أباكما الرحيم‌ ! لعلّه‌ ينصحكما بما يسكّن‌ قلبيكما. فامتثل‌ قرّتا عين‌ الزهراء كلام‌ أُمّهما، وجاءا عند رسول‌الله‌. فقال‌ الحسن‌: يا أبتاه‌ كيف‌ نصبر علی‌ فراقك‌ ؟! ومن‌ الذي‌ نودعه‌ أسرارنا ؟! ومن‌ يرحمنا أنا وأخي‌ وأبي‌ بعدك‌ ؟!...

 قال‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌: فبكيتُ جزعاً... [2].

 وقال‌ رسول‌ الله‌ لعائشة‌: يا عائشة‌ ! علیكِ أن‌ تجلسي‌ في‌ ركن‌ بيتك‌، وتمسّكي‌ بعروة‌ الصبر والستر والحفظ‌ الوثقي‌ كما قال‌ الحقّ تعإلی: وَقَرْنَ فِي‌ بُيُوتِكُنَّ. [3]

 قال‌ هذا الكلام‌ وبكي‌ بكاءً سجرت‌ به‌ نار المصيبة‌ عند الجميع‌. قالت‌ أُمُّ سلمة‌: ممّ بكاؤك‌ وقد غفر الله‌ لك‌ ما تقدّم‌ من‌ ذنبك‌ وما تأخّر ؟!

 قال‌: إنَّمَا بَكَيْتُ رَحْمَةً لاِمَّتِي‌. ثمّ بشّر فاطمة‌، فسألته‌: أين‌ أجدك‌ يوم‌ الفزع‌ الاكبر ؟! قال‌: تجديني‌ علی‌ باب‌ الجنّة‌ تحت‌ لواء الحمد، وأنا مشغول‌ باستغفار الرحمن‌ من‌ ذنوب‌ أُمَّتي‌....

 ووقف‌ عزرائيل‌ علی‌ باب‌ حجرة‌ رسول‌ الله‌ المباركة‌ بهيئة‌ أعرابي‌ّ، وقال‌: السَّلاَمُ عَلَیكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعَ الرِّسَالَةِ ! أتأذنوا لي‌ بالدخول‌ رحمكم‌ الله‌ ؟!

 وكانت‌ فاطمة‌ الزهراء جالسة‌ علی‌ فراش‌ أبيها، فقالت‌: رسول‌الله‌ مشغول‌ بنفسه‌ فلا تتيسّر زيارته‌ الساعة‌.

 ثمّ استأذن‌ مَلَك‌ الموت‌ ثانية‌ فسمع‌ الجواب‌ نفسه‌. وفي‌ الثالثة‌ رفع‌ صوته‌ عالياً حتّي‌ رجف‌ لهيبته‌ كلّ من‌ كان‌ حاضراً في‌ المنزل‌ المقدّس‌.

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ مغميّاً علیه‌ في‌ تلك‌ الساعة‌، فأفاق‌، وفتح‌ عينيه‌ المباركتين‌ وسأل‌: ما خطبكم‌ ! فأخبروه‌. فقال‌: يافاطمة‌ ! هل‌ علمتِ مع‌ مَن‌ تكلّمتِ ! قالت‌: اللَهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

 قال‌: هَذَا مَلَكُ المَوْتِ، هَادِمُ اللَّذَّاتِ، وَقاطع‌ الاُمْنِيَّاتِ، وَمُفَرِّقُ الجَمَاعَاتِ، وَمُرَمِّلُ النِّسَاءِ، وَمُيَتِّمُ الاَوْلاَدِ.

 ولمّا سمعت‌ فاطمة‌ ذلك‌ قالت‌: يَا مَدِينَتَاهْ ! خَرِبَتِ المَدِينَةُ.

 فَأخذ رسول‌ الله‌ يدها وضمّها إلی صدره‌ المبارك‌، ولم‌ يفتح‌ عينيه‌ برهة‌ فظنّ الحاضرون‌ أنّ روحه‌ عرجت‌ إلی ذي‌ العرش‌. فهمست‌ فاطمة‌ في‌ أُذُنه‌ قائلة‌: يَا أَبَتَاهْ ! فلم‌ تسمع‌ شيئاً، فقالت‌: روحي‌ لك‌ الفداء ! انظر إلی وحدّثني‌ !

 ففتح‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ عينيه‌ وقال‌: يا بُنيّتي‌ ! دعي‌ عنكِ البكاء فإنّ حَمَلَة‌ العرش‌ يبكون‌ لبكائكِ. ونَكَفَ الدمع‌ عن‌ وجه‌ عزيزته‌ بيده‌، واهتمّ بتسكينها وبشّرها وقال‌: اللهمّ مُنّ علیها بالصبر لفراقي‌ ! وقال‌ لها: إذا قُبضت‌ روحي‌ فقولي‌: إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. يا فاطمة‌ ! إنّ كلّ مَن‌ أصابته‌ مصيبة‌ سيري‌ عنها عوضاً.

 قالت‌ فاطـمة‌: يا رسـول‌ الله‌ ! من‌ يكون‌ ومـاذايكون‌ عنك‌ عوضاً ؟! ثمّ أغمض‌ عينيه‌ مرّة‌ أُخـري‌، فقالت‌ فاطمة‌: وَا كَرباه‌ ! فقال‌ رسـول‌الله‌: لا كرب‌ ولا غمّ علی‌ أبيكِ بعد اليوم‌. أي‌: أنّ الحزن‌ والاضطراب‌ اللذين‌ يسيطران‌ علی‌ الإنسان‌ سببهما التعلّقات‌ الجسمانيّة‌، والآن‌ قطعت‌ علائق‌ البشريّة‌، وتناهي‌ إلی الاسماع‌ النداء المتمثّل‌ بقوله‌ تعإلی: إِرْجِعِي‌´ إلَی' رَبِّكِ رَ ' ضِيَةً مَّرْضِيَّةً.

 الرجوع الي الفهرس

وستسرع‌ الروح‌ اللطيفة‌ الوديعة‌ إلی جوار رحمة‌ ربّ العالمين‌. وقد شـوهد الرَّوح‌ والريحان‌وجنّة‌النعيم‌،فلن‌تبقي‌حسـرة‌ وحزن‌ وألم‌. [4]

 ويواصل‌ ميرخواند الموضوع‌ فيقول‌: لمّا دُفن‌ رسول‌ الله‌، ورجع‌ أصحابه‌ من‌ قبره‌، جاؤوا إلی بيت‌ فاطمة‌ الزهراء علیها السلام‌ وعزّوها. فسألتهم‌ قرّة‌ عين‌ النبي‌ّ: دفنتموه‌ ؟! قالوا: نعم‌ ! قالت‌: كيف‌ طابت‌ نفوسكم‌ أن‌ تحثوا علیه‌ التراب‌ ؟! إنّه‌ نبي‌ّ الرحمة‌ ! قالوا: يا بنت‌ رسول‌الله‌ ! نحن‌ أيضاً محزونون‌ لهذا المصاب‌، ولكن‌ لابدّ من‌ التسليم‌ لحكم‌ الباري‌ سبحانه‌ وتعإلی.

 وجاء في‌ « مقصد أقصي‌ » ( = المقصد الاقصي‌ ): كلّما نظرت‌ فاطمة‌ إلی الحسن‌ والحسين‌، تحسّرت‌ وتأوّهت‌ لِيُتم‌ ولديها حتّي‌ تشبّ النار من‌ قلبها، ويبكي‌ الناس‌ دماً لمصابها، وكان‌ الاحباب‌ والاصحاب‌ جميعهم‌ يبكون‌ معها وينشدون‌ هذه‌ الابيات‌ في‌ مخاطبة‌ سيّد الكائنات‌ وخلاصة‌ الموجودات‌:

 اي‌ خواجه‌ ! زين‌ شكسته‌ دلان‌ تا چه‌ ديده‌اي‌                         كز ما رميده‌ جاي‌ دگر آرميده‌اي‌ !

 نشناختيم‌ قدر تواي‌ ساية‌ خداي‌                                 زان‌ روي‌ سايه‌ از سر ما در كشيده‌اي‌

 اين‌ تنگناي‌ فرش‌ چو درخور تو نبود                                      مسكن‌ فراز عرش‌ مُعلاّ گزيده‌اي‌

 بي‌بدرقه‌ به‌ كوي‌ وصالش‌ گذشته‌اي‌                            بي‌ واسطه‌ به‌ حضرت‌ خاصش‌ رسيده‌اي‌

 تو مرغ‌ آشيانة‌ قدسي‌ ! غريب‌ نيست‌                      گر باز از ين‌ قفس‌ سوي‌ گلشن‌ پريده‌اي‌   

 ما را شمامه‌اي‌ بفرست‌ اي‌ گل‌ اميد                        زان‌ شمّه‌ كز رياض‌ حقايق‌ شنيده‌اي‌ [5]

 در كام‌ جان‌ تشنه‌ دلان‌ جرعه‌اي‌ بريز                        زان‌ خمرِ بي‌ خمار كه‌ از حقّ چشيده‌اي‌ [6]

 الرجوع الي الفهرس

أهمّيّة‌ مقام‌ ولاية‌ رسول‌ الله‌ وخلافته‌

 أجل‌، إنّ محنة‌ رسول‌ الله‌ في‌ مرضه‌ الذي‌ مات‌ فيه‌ يعود معظمها إلی رحمته‌ بالمسلمين‌، إذ كان‌ يري‌ أُمّته‌ بلا راعٍ، وكان‌ يدرك‌ ويفهم‌ جيّداً الخطط‌ المدروسة‌ المدبّرة‌ لعزل‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وترك‌ الاُمّة‌ بلا إمام‌ وولي‌.

 وكان‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يري‌ كالشمس‌ الساطعة‌ أنّ خلود نبوّته‌ وحراستها وتثبيت‌ القرآن‌ وتعزيزه‌ منوطان‌ بوجود علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. وإذا كبراء القوم‌ ورموزهم‌ قد شدّوا عقد مآزرهم‌ بخطط‌ مريبة‌ لاقتلاع‌ هذه‌ الشجرة‌ والتربّع‌ علی‌ مسند الإمامة‌. والويل‌ للاُمّة‌ التعِسـة‌ إذا ولي‌ أُمورها إنسان‌ غير بصير وغير مطّلع‌.

 وإذا حلّ الغراب‌ والحـدأة‌ محلّ البلبل‌ فـي‌ روضـة‌ النور والوحـدة‌ والعرفان‌ والمعـرفة‌، ويسـجن‌ الطائـر الغرِّيد المحلّق‌ في‌ روضـة‌ العلـم‌ والدراية‌ والبصـيرة‌ في‌ القفـص‌ مهيـض‌ الجناح‌. ويجلـس‌ الجـلاّدون‌ والصيّادون‌ المتربّصون‌ علی‌ أريكة‌ الامر والنهي‌ والحكومة‌ باسم‌ النصراء والحماة‌ والناصحين‌ والمتحمّسين‌ والاحمّاء، ويبدّلون‌ النبوّة‌ إلی حكومة‌ ورئاسة‌ ظاهريّة‌.

 وكان‌ أبو بكر، وعمر، وعثمان‌، وعبيدة‌ بن‌ الجرّاح‌، والمغيرة‌بن‌ شُعبة‌، وأُسيد بن‌ حُضَير، وخالد بن‌ الوليد، وقُنفذ بن‌ عُمير، وسالم‌ مولي‌ أبي‌ حذيفة‌ من‌ الاشخاص‌ المعروفين‌ الذين‌ تخبّطوا كالمجانين‌ لإطفاء نور الولاية‌. [7]

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: وممّن‌ دخل‌ بيت‌ فاطمة‌ مع‌ عمر وعصابته‌: أُسَيْدبن‌ حُضَـيْر، وسَـلَمَة‌ بن‌ سَـلاَمَة‌ بن‌ قُرَيـش‌، وقيـس‌ بن‌ شـمّاس‌، وعبدالرحمن‌بن‌ عوف‌، ومحمّد بن‌ مَسْلَمة‌ وهو الذي‌ كسر سيفَ الزبير. [8]

 وكان‌ هؤلاء رجالاً معروفين‌ مشهورين‌ بارزين‌ خُدع‌ عوامّ الناس‌ بإجرائهم‌ المذكور فساروا خلفهم‌ كالدهماء. وتمّ التحرّك‌ نحو الكفر والضلال‌ والارتداد عن‌ محور الولاية‌ التي‌ تمثّل‌ روح‌ النبوّة‌ وحقيقتها من‌ قبل‌ شرذمة‌ قليلة‌، وسلك‌ سائر الناس‌ مسلكهم‌ كالهمج‌ الرعاع‌.

 الرجوع الي الفهرس

أمر رسول‌ الله‌ بخروج‌ وجوه‌ المهاجرين‌ والانصار في‌ جيش‌ أُسامة‌

 وعقد النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ ـوهو علی‌ فراش‌ الاحتضارـ لواء الحرب‌ لشابٍّ يدعي‌ أُسامة‌، وأمره‌ بالخروج‌ من‌ المدينة‌ فوراً. وأصدر أمراً جازماً جادّاً يقتضي‌ خروج‌ جميع‌ الوجوه‌ المعروفة‌ ـالذين‌ ذكر أسماءهم‌ واحداً بعد آخرـ تحت‌ لواء أُسامة‌. وكان‌ هدف‌ رسول‌الله‌ ـوهو يري‌ دنوّ أجله‌ـ من‌ ذلك‌ التأكيد والإبرام‌ والإصرار بعد الإصرار، ولعن‌ المتخلّفين‌ عن‌ جيـش‌ أُسامة‌ بذلك‌ التعجيل‌ والتشـديد، إخـلاء المدينة‌ من‌ شرّ وجود أُولئك‌ المدّعين‌ الاظآر، [9] وتمهيد الارضيّة‌ لاسـتقرار حكـومة‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ ليتحقّق‌ أمر الخلافة‌ بلامنازع‌ ينازعه‌، ولا تكن‌ هناك‌ عقبة‌ في‌ طريقة‌.

 وهل‌ يُرتجي‌ هدف‌ غير هذا من‌ وراء تعبئة‌ ذلك‌ الجيش‌ العظيم‌ بقيادة‌ شابّ كأُسامة‌، وأمر المشيَخَة‌ أن‌ ينضووا تحت‌ لوائه‌ ويعملوا بأوامره‌ والتعجيل‌ في‌ تحرّكه‌ وخروجه‌ ؟! [10]

 قال‌ ابن‌ سعد في‌ « الطبقات‌ الكبري‌ »: لمّا كان‌ يوم‌ الاربعاء في‌ أواخر صفر من‌ السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌ بدي‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ فحُمّ وصدّع‌: فلمّا أصبح‌ يوم‌ الخميس‌ عقد لاُسامة‌ لواءً بيده‌ ثمّ قال‌: اغز باسم‌ الله‌ في‌ سبيل‌ الله‌ فقاتِل‌ من‌ كفر بالله‌ !

 فخرج‌ بلوائه‌ معقوداً وعسكر بالجُرْف‌. فلم‌ يبق‌ أحد من‌ وجوه‌ المهاجرين‌ والانصار إلاّ انتدب‌ في‌ تلك‌ الغزوة‌ فيهم‌ أبو بكر، وعمربن‌ الخطّاب‌، وأبو عبيدة‌ الجرّاح‌، وسعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، وسعيد بن‌ زيد، وقُتادة‌بن‌ النعمان‌، وسَلِمة‌ بن‌ أسلم‌ بن‌ حريش‌. فتكلّم‌ قوم‌ وقالوا: يستعمل‌ هذا الغلام‌ علی‌ المهاجرين‌ الاوّلين‌. فغضب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ غضباً شديداً فخرج‌ وقد عصب‌ علی‌ رأسه‌ عصابة‌ وعلیه‌ قطيفة‌. فصعد المنبر فحمد الله‌ وأثني‌ علیه‌، ثمّ قال‌:

 أمّا بعد ؛ أيّها الناس‌ ! فما مقالة‌ بلغتني‌ عن‌ بعضكم‌ في‌ تأميري‌ أُسامة‌. ولئن‌ طعنتم‌ في‌ إمارتي‌ أُسامة‌ لقد طعنتم‌ في‌ إمارتي‌ أباه‌ ! زيد بن‌ حارثة‌ من‌ قبله‌ ! وأيم‌ الله‌ إن‌ كان‌ للإمارة‌ لخَليقاً وإنّ ابنه‌ من‌ بعده‌ لخليق‌ للإمارة‌، وإن‌ كان‌ لمن‌ أحبّ الناس‌ إلی. وأ نّهما لمخيلان‌ لكلّ خير. واستوصوا به‌ خيراً فإنّه‌ من‌ خياركم‌. [11]

 قال‌ هذا ثمّ نزل‌ من‌ المنبر، وذلك‌ يوم‌ السبت‌....

 وثقل‌ رسول‌ الله‌ فجعل‌ يقول‌: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَة‌. [12]

 ذكر ابن‌ هشام‌ في‌ سيرته‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ استبطأ الناس‌ في‌ بعث‌ أُسامة‌ ] بن‌ زيد [ وهو في‌ وجعه‌. فخرج‌ عاصباً رأسه‌ حتّي‌ جلس‌ علی‌ المنبر. وقد كان‌ الناس‌ قالوا في‌ إمرة‌ أُسامة‌: أمّر غلاماً حَدَثاً علی‌ جِلّة‌ المهاجرين‌ والانصار. فحمد الله‌ وأثني‌ علیه‌ بما هو له‌ أهل‌، ثمّ قال‌: أيّها الناس‌ ! انفذوا بعث‌ أُسامة‌ ! فلعمري‌ لئن‌ قلتم‌ في‌ إمارته‌ لقد قلتم‌ في‌ إمارة‌ أبيه‌ من‌ قبله‌. وإنّه‌ لخليق‌ للإمارة‌ وإن‌ كان‌ أبوه‌ لخليقاً لها. [13]

 ثمّ نزل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وانكمش‌ ( أسرع‌ ) الناس‌ في‌ جهازهم‌. [14]

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ رسول‌ الله‌ في‌ التمسّك‌ بالثقلين‌

 روي‌ ابن‌ سعد بسنده‌ عن‌ أبي‌ سعيد الخُدري‌ّ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ أ نّه‌ قال‌: إنِّـي‌ أُوشِـكُ أن‌ أُدْعَي‌ فَأُجيبَ، وإنِّـي‌ تَارِكٌ فِيكُـمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌، كِتَابُ اللَهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إلَی الاَرْضِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌. وإنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيرَ أَخْبَرَنِي‌ أَ نَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا عَلَی‌َّ الحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تُخَلُفُونِّي‌ فِيهِمَا ! [15]

 قال‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد »: ثمّ كان‌ ممّا أكّد له‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ من‌ الفضل‌ وتخصّصه‌ منه‌ بجليل‌ رتبته‌ ما تلا حجّة‌ الوداع‌ من‌ الامور المتجدّدة‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ والاحداث‌ التي‌ اتّفقت‌ بقضاء الله‌ وقدره‌. وذلك‌ أ نّه‌ تحقّق‌ من‌ دنوّ أجله‌ ما كان‌ قدّم‌ الذكر به‌ لاُمّته‌. فجعل‌ يقوم‌ مقاماً بعد مقام‌ في‌ المسلمين‌ يحذّرهم‌ الفتنة‌ بعده‌ والخلاف‌ علیه‌ ويؤكّد وصايته‌ بالتمسّك‌ بسنّته‌ والإجماع‌ علیها والوفاق‌، ويحثّهم‌ علی‌ الاقتداء بعترته‌ والطاعة‌ لهم‌ والنصرة‌ والحراسة‌ والاعتصام‌ بهم‌ في‌ الدين‌، ويزجرهم‌ عن‌ الاختلاف‌ والارتداد. وكان‌ فيما ذكره‌ من‌ ذلك‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ ما جاءت‌ به‌ الرواية‌ علی‌ اتّفاق‌ واجتماع‌ من‌ قوله‌:

 أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي‌ فَرُطُكُمْ وَأَنْتُمْ وَارِدُونَ عَلَی‌َّ الحَوْضَ. أَلاَ وَإنِّي‌ سَائِلُكُمْ عَنِ الثَّقَلَيْنِ!

 فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي‌ فِيهِمَا، فَإنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيرَ نَبَّأَنِي‌ أَ نَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَلْقَيَانِي‌. وَسَأَلْتُ رَبِّي‌ ذَلِكَ فَأَعْطَانِيهِ. أَلاَ وَإنِّي‌ قَدْ تَرَكْتُهُمَا فِيكُمْ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌، لاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَفَرَّقُوا، وَلاَ تَقْصُرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا، وَلاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ.

 أَيُّهَا النَّاسُ ! لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ بَعْدِي‌ تَرْجِعُونَ كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ! فَتَلْقَوْنِي‌ فِي‌ كَتِيبَةٍ كَبَحْرِ السَّيْلِ الجَرَّارِ ! أَلاَ وَإنَّ علی بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَیهِ السَّلاَمُ أَخِي‌ وَوَصِيِّي‌، يُقَاتِلُ بَعْدِي‌ عَلَی‌ تَأْوِيلِ القُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی‌ تَنْزِيلِهِ.

 وَكَانَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مَجْلِساً بَعْدَ مَجْلِسٍ بِمِثْلِ هَذَا الكَلاَمِ وَنَحْوِهِ.

 ثُمّ إنّه‌ عقد لاُسامة‌ بن‌ زيد بن‌ حارثة‌ الإمرة‌، وأمره‌ وندبه‌ أن‌ يخرج‌ بجمهور الاُمّة‌ إلی حيث‌ أُصيب‌ أبوه‌ من‌ بلاد الروم‌، واجتمع‌ رأيه‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ إخراج‌ جماعة‌ من‌ مقدّمي‌ المهاجرين‌ والانصار في‌ معسكره‌، حتّي‌ لايبقي‌ في‌ المدينة‌ عند وفاته‌ من‌ يختلف‌ في‌ الرياسة‌ ويطمع‌ في‌ التقدّم‌ علی‌ الناس‌ بالإمارة‌، ويستتبّ الامر لمن‌ استخلفه‌ من‌ بعده‌، ولاينازعه‌ في‌ حقّه‌ منازع‌. فعقد له‌ الإمرة‌ علی‌ ما ذكرناه‌، وجدّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ إخراجهم‌، وأمر أُسامة‌ بالبروز عن‌ المدينة‌ بمعسكره‌ إلی الجرف‌، وحثّ الناس‌ علی‌ الخروج‌ إليه‌ والمسير معه‌، وحذّرهم‌ من‌ التلوّم‌ والإبطاء عنه‌.

 الرجوع الي الفهرس

استغفار رسول‌ الله‌ لموتي‌ البقيع‌ وإخباره‌ بإقبال‌ الفتن‌

 فبينا هو في‌ ذلك‌ إذ عرضت‌ له‌ الشكاة‌ التي‌ توفّي‌ فيها. فلمّا أحسّ بالمرض‌ [16] الذي‌ عراه‌، أخذ بِيَدِ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ واتّبعه‌ جماعة‌ من‌ الناس‌ وتوجّه‌ إلی البقيع‌. فقال‌ للذي‌ اتّبعه‌: إنّي‌ قد أُمرت‌ بالاستغفار لاهل‌ البقيع‌، فانطلقوا معه‌ حتّي‌ وقف‌ بين‌ أظهرهم‌ وقال‌: السَّلاَمُ عَلَیكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، لِيَهْنِئْكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ ! أَقْبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلَهَا آخِرُهَا.

 ثمّ استغفر لاهل‌ البقيع‌ طويلاً. وأقبل‌ علی‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فقال‌ له‌: إنّ جبرائيل‌ كان‌ يعرض‌ عَلَی القرآن‌ في‌ كلّ سنة‌ مرّة‌، وقد عرضه‌ عَلَی‌َّ العام‌ مرّتين‌ ولا أراه‌ إلاّ لحضور أجلي‌. ثمّ قال‌: يا علی‌ّ ! إنّي‌ خُيِّرتُ بين‌ خزائن‌ الدنيا والخلود فيها أو الجنّة‌، فاخترت‌ لقاء ربّي‌ والجنّة‌. فإذا أنا متُّ فاغسلني‌ واستر عورتي‌، فإنّه‌ لا يراها أحد إلاّ أكمه‌. ثمّ عاد إلی منزله‌، فمكث‌ ثلاثة‌ أيّام‌ موعوكاً، ثمّ خرج‌ إلی المسجد معصوب‌ الرأس‌ معتمداً علی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بيُمني‌ يديه‌، وعلی‌ الفضل‌ بن‌ العبّاس‌ باليد الاُخري‌ حتّي‌ صعد المنبر فجلس‌ علیه‌ ثمّ قال‌:

 مَعَاشِرَ النَّاسِ ! قَدْ حَانَ مِنِّي‌ خُفُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي‌ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي‌ أُعْطِهِ إيَّاهَا ! وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَی‌َّ دَيْنٌ فَلْيُخْبِرْنِي‌ بِهِ! مَعَاشِرَ النَّاسِ ! لَيْسَ بَيْنَ اللَهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ شَي‌ءٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْراً أَو يَصْرِفُ عَنْهُ بِهِ شَرّاً إلاَّ العَمَلُ ! أَيُّهَا النَّاسُ ! لاَ يَدَّعِي‌ مُدَّعٍ وَلاَ يَتَمَنَّي‌ مُتَمَنٍّ، وَالَّذي‌ بَعَثَنِي‌ بِالحَقِّ نَبِيّاً لاَ يُنْجِي‌ إلاَّ عَمَلٌ مَعَ رَحْمَةٍ، وَلَوْ عَصَيْتُ لَهَويْتُ. اللَهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟! [17]

 ثمّ نزل‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ فصلّي‌ بالناس‌ صلاة‌ خفيفة‌. ثمّ دخل‌ بيته‌، وكان‌ إذ ذاك‌ في‌ بيت‌ أُمّ سلمة‌ رضي‌ الله‌ عنها فأقام‌ به‌ يوماً أو يومين‌. فجاءت‌ عائشة‌ إليها تسألها أن‌ تنقله‌ إلی بيتها لتتولّي‌ تعلیله‌، وسألت‌ أزواج‌ النبي‌ّ في‌ ذلك‌، فأذن‌ لها، فانتقل‌ إلی البيت‌ الذي‌ أسكنه‌ عائشة‌، واستمرّ به‌ المرض‌ فيه‌ أيّاما وثقل‌. فجاء بلال‌ عند صلاة‌ الصبح‌ ورسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ مغمور بالمرض‌ فنادي‌: الصَّلاَةُ يَرْحَمُكُمُ اللَهُ. فأُوذن‌ رسول‌الله‌ بندائه‌ فقال‌: يصلّي‌ بالناس‌ بعضُهم‌ فإنّي‌ مشغول‌ بنفسي‌، فقالت‌ عائشة‌: مُروا أبابكر. وقالت‌ حفصة‌: مروا عمر. فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ حين‌ سمع‌ كلامهما ورأي‌ حرص‌ كلّ واحدة‌ منهما علی‌ التنويه‌ بأبيها وافتتانهما بذلك‌ ورسول‌ الله‌ حي‌ّ ! اكْفُفْنَ فَإنَّكُنَّ صُوَيْحَبَاتُ يُوسُفَ !

 ثمّ قام‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ مبادراً خوفاً من‌ تقدّم‌ أحد الرجلين‌ وقد كان‌ أمرهما بالخروج‌ مع‌ أُسامة‌ ولم‌ يكن‌ عنده‌ أ نّهما قد تخلّفا. فلمّا سمع‌ من‌ عائشة‌ وحفصة‌ ما سمع‌ علم‌ أ نّهما متأخّران‌ عن‌ أمره‌. فبدر لكفّ الفتنة‌ وإزالة‌ الشبهة‌. فقام‌ ـوأ نّه‌ لا يستقلّ علی‌ الارض‌ من‌ الضعف‌ـ فأخذ بيده‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ والفضل‌ بن‌ العبّاس‌ فاعتمد علیهما ورِجلاه‌ تخطّان‌ الارض‌ من‌ الضعف‌.

 فلمّا خرج‌ إلی المسجد، وجد أبا بكر قد سبق‌ إلی المحراب‌ فأوما إليه‌ بيده‌ أن‌ تأخّر عنه‌ ! فتأخّر أبو بكر، وقام‌ رسول‌ الله‌ مقامه‌ فكبّر وابتدأ الصلاة‌ التي‌ كان‌ قد ابتدأها أبو بكر ولم‌ يبن‌ علی‌ ما مضي‌ من‌ فعاله‌. فلمّا سلّم‌، انصرف‌ إلی منزله‌ واستدعي‌ أبا بكر وعمر وجماعة‌ من‌ حضر بالمسـجد من‌ المسـلمين‌ ثمّ قال‌: أَلَمْ آمُرْكُمْ أنْ تُنْفِـذُوا جَيْـشَ أُسَـامَةَ ؟! فقالوا: بَلَي‌ يَا رَسُولَ اللَهِ. قال‌: فَلِمَ تَأَخَّرْتُمْ عَنْ أَمْرِي‌ ؟! قال‌ أبو بكر: إنّي‌ خرجت‌ ثمّ رجعتُ لاُجدّد بك‌ عهداً ! وقال‌ عمر: يا رسول‌الله‌ ! إنّي‌ لم‌أخرج‌ لا نّني‌ لم‌ أُحبّ أن‌ أسأل‌ عنك‌ الركب‌ !

 فقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: نَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ ! نَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ ! يكرّرها ثلاث‌ مرّات‌. ثمّ أُغمي‌َ علیه‌ من‌ التعب‌ الذي‌ لحقه‌ والاَسَف‌ الذي‌ ملكه‌ [18] فمكث‌ هنيئة‌ مُغميً علیه‌. وبكي‌ المسلمون‌، وارتفع‌ النحيب‌ من‌ أزواجه‌ وولده‌ ونساء المسلمين‌ وجميع‌ من‌ حضر من‌ المسلمين‌.

 الرجوع الي الفهرس

منع‌ عمر جلب‌ الكتف‌ والدواة‌ وقذفه‌ النبي‌ّ بالهجر

فأفاق‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ فنظر إليهم‌ ثمّ قال‌: إئْتُونِي‌ بِدَوَاةٍ وَكَتِفٍ لاِكْتُبَ لَكُمْ كِتَاباً لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً !

 ثمّ أُغمي‌ علیه‌. فقام‌ بعض‌ من‌ حضره‌ يلتمس‌ دواة‌ وكتفاً. فقال‌ له‌ عمر: ارْجِعْ فَإنَّهُ يَهْجُرُ. فرجع‌ وندم‌ مَن‌ حضر علی‌ ما كان‌ منهم‌ من‌ التضجيع‌ في‌ إحضار الدواة‌ والكتف‌ وتلاوموا بينهم‌ وقالوا: إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. لقد أشفقنا من‌ خلاف‌ رسول‌ الله‌. فلمّا أفاق‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌ بعضهم‌: ألاّ نأتيك‌ بدواة‌ وكتف‌ يا رسول‌ الله‌ ؟! فقال‌: أَبَعْدَ الَّذِي‌ قُلْتُمْ ؟! لاَ، وَلَكِنِّي‌ أُوصِيكُمْ بِأَهْلِ بَيْتِي‌ خَيْراً. وأعرض‌ بوجهه‌ عن‌ القوم‌ فنهضوا وبقي‌ عنده‌ العبّاس‌، والفضل‌ بن‌ العبّاس‌، وعلی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌، وأهل‌ بيته‌ خاصّة‌.

 فقال‌ له‌ العبّاس‌: يا رسول‌ الله‌ إن‌ يكن‌ هذا الامر فينا مستقرّاً من‌ بعدك‌ فبشّرنا، وإن‌ كنت‌ تعلم‌ أنّا نغلب‌ علیه‌ فاقض‌ بنا. فقال‌: أَنْتُمُ المُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِي‌.وصمت‌.[19]

 فنهض‌ القوم‌ وهم‌ يبكون‌ قد يئسوا من‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌. [20]

 إنّ ما أوردناه‌ هنا نقلناه‌ عن‌ العالم‌ البصير الفقيه‌ والمتكلّم‌ الإمامي‌ّ أبي‌ عبدالله‌ محمّدبن‌ محمّد بن‌ النعمان‌، الشيخ‌ المفيد المولود سنة‌ 336 أو338ه، والمتوفّي‌ سنة‌ 413 ه. وهو علی‌ درجة‌ لا توصف‌ من‌ العظمة‌ والجلالة‌.

 يقول‌ علماء الشيعة‌: كان‌ عمر يعلم‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ أراد أن‌ يوصي‌ لامير المؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ والائمّة‌ من‌ ذرّيّته‌ حتّي‌ قائمهم‌ صلوات‌ الله‌ علیهم‌ أجمعين‌ خطّيّاً، فلهذا حال‌ دون‌ إحضار الدواة‌ والكتف‌، وأخلّ بنظم‌ المجلس‌ ونسب‌ إلی رسول‌ الله‌ الهجر، ومن‌ أجل‌ ذلك‌ ظلّ في‌ المدينة‌ وتخلّف‌ عن‌ الخروج‌ في‌ جيش‌ أُسامة‌، ونقض‌ سنّة‌ رسول‌الله‌ بصراحة‌، ولم‌ يعمل‌ بقوله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌، بل‌ بذل‌ هو وأعوانه‌ قصاري‌ جهودهم‌ من‌ أجل‌ طمس‌ ذلك‌.

 وها نحن‌ نذكر فيما يأتي‌ بحول‌ الله‌ وقوّته‌ هذه‌ المطالب‌ نقلاً عن‌ أوثق‌ كتب‌ أهل‌ السنّة‌ وصحاحهم‌ ونُثبت‌ أنّ هذه‌ المطالب‌ والقضايا كلّها منقولة‌ علی‌ لسان‌ أهل‌ السنّة‌ أنفسهم‌، ومع‌ ذلك‌ يتعصّبون‌ تعصّباً جاهليّاً فيتّبعونه‌ عُمياً علی‌ غير بصيرة‌، وينكّلون‌ بالشيعة‌ ظالمين‌ لهم‌ حتّي‌ ظهور إمام‌ الحقّ الإمام المهدي‌ّ عجّل‌ الله‌ فرجه‌ الشريف‌. إذَنْ يبتني‌ إثباتنا معرفةَ الإمام علی‌ أساس‌ قول‌ إجماعي‌ّ اتّفاقي‌ّ لا علی‌ أساس‌ خصوص‌ أقوال‌ علماء الشيعة‌ وأحاديث‌ أئمّتهم‌ علیهم‌ السلام‌ ومنهاجهم‌.

 وسنستعرض‌ هذا الموضوع‌ بأُسلوب‌ يُقنع‌ كلّ عالِم‌ متتبّع‌ من‌ أهل‌ السنّة‌ ويدفعه‌ إلی التشيّع‌ والإمامة‌ شاء أم‌ أبي‌، ذلك‌ أنّ البحث‌ الاجتهادي‌ّ القائم‌ علی‌ أُسسهم‌ الثابتة‌ في‌ أُصول‌ العقائد مُلزم‌ لهم‌.

 روي‌ ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌ مُوَيْهِبَة‌ غلام‌ رسول‌ الله‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ من‌ جوف‌ الليل‌: إنّي‌ قد أُمرتُ أن‌ أستغفر لاهل‌ البقيع‌ فانطلق‌ معي‌ ! فخرج‌ وخرجت‌ معه‌ حتّي‌ جاء البقيع‌ فاستغفر لاهله‌ طويلاً ثمّ قال‌ ( لهم‌ مخاطباً »: لِيَهْنِئْكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ ! أَقْبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً، يَتْبَعُ آخِرُها أَوَّلَهَا، الآخرةُ شَرٌّ مِنَ الاُولَي‌. [21]

 وهذا الدعاء والاستغفار هونفسه‌ الذي‌ ذكره‌ الشيخ‌ المفيد إلاّ أنّ الشيخ‌ ذكر أ نّه‌ ذهب‌ إلی البقيع‌ مع‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌، وجاء هنا أ نّه‌ ذهب‌ مع‌ أبي‌ مُوَيْهِبةَ. ولا فرق‌ بينهما في‌ أصل‌ الموضوع‌، وهو الإخبار عن‌ الفتن‌ المظلمة‌.

 نقل‌ الحاكم‌ في‌ مستدركه‌ بسنده‌ عن‌ جماعة‌، عن‌ عائشة‌ أ نّها قالت‌: إنّ رسول‌الله‌ بدأه‌ مرضه‌ الذي‌ مات‌ به‌ في‌ بيت‌ ميمونة‌، فخرج‌ عاصباً رأسه‌ فدخل‌ عَلَی‌َّ بين‌ رَجلينِ تخطّ رجلاه‌ الارض‌. عن‌ يمينه‌ العبّاس‌، وعن‌ يساره‌ رجل‌.

 قال‌ عبيد الله‌ ( راوي‌ الحديث‌ ) أخبرني‌ ابن‌ عبّاس‌ أنّ الذي‌ عن‌ يساره‌ علی‌ّ. [22]

 الرجوع الي الفهرس

اتّكاء رسول‌ الله‌ علی‌ علی‌ّ والعبّاس‌، ودخوله‌ حجرة‌ عائشة‌

 وروي‌ الطبري‌ّ في‌ تاريخه‌ بسنده‌ عن‌ عائشة‌ قالت‌: تتامّ برسول‌الله‌ وجعه‌ وهو يدور علی‌ نسائه‌ حتّي‌ استُعِزَّ به‌ وهو في‌ بيت‌ ميمونة‌ فدعا نساءه‌ فاستأذنهنّ أن‌ يُمَرَّض‌ في‌ بيتي‌. [23] فأُذن‌ له‌ فخرج‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ بين‌ رَجلين‌ من‌ أهله‌، أحدهما الفضل‌ بن‌ العبّاس‌ ورجل‌ آخر، تخطّ قدماه‌ الارض‌ عاصباً رأسه‌ حتّي‌ دخل‌ بيتي‌. قال‌ عبيدالله‌: فحدّثتُ هذا الحديث‌ عنها عبدالله‌ بن‌ عبّاس‌ فقال‌: هل‌ تدري‌ من‌ الرجل‌ ! قلتُ: لا. قال‌: علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌، ولكنّها كانت‌ لا تقدر علی‌ أن‌ تذكره‌ بخير. وهي‌ تستطيع‌ أن‌ تقول‌: بين‌ الفضل‌ بن‌ العبّاس‌ وعلی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌. [24]

 وتحمل‌ هذه‌ الروايات‌ أيضاً مضمون‌ ما رواه‌ الشيخ‌ المفيد إلاّ أنّ الفارق‌ الوحيد فيها هوأنّ عائشة‌ لم‌ تقدر علی‌ النطق‌ باسم‌ علی‌ّ، فقالت‌: رجل‌ آخر.

 الرجوع الي الفهرس

الروايات‌ الواردة‌ في‌ منع‌ عمر كتابة‌ رسول‌ الله‌ في‌ مرض‌ الموت‌

 1 ـ روي‌ البخاري‌ّ في‌ صحيحه‌ بسنده‌ عن‌ عبيد الله‌ بن‌ عبدالله‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَفِي‌ البَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَالَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: هَلُمَّ [25] أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ !

 فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّبِيَّ قَدْ غَلَبَ عَلَیهِ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ. حَسْبُنَا كِتَابُ اللَهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِي‌ُّ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَهُ عُمَرُ.

 فَلَمَّا أَكْثَـرُوا اللَّغْوَ وَالاخْتِـلاَفَ عِنْدَ النَّبِـي‌ِّ، قَالَ لَهُـمْ رَسُـولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: قُومُوا.

 فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ مِن‌ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ. [26] و [27]

 وهذا الحديث‌ من‌ الاحاديث‌ التي‌ لا شكّ في‌ صحّتها وصدورها عند العامّة‌، [28] لانّ البخاري‌ّ رواه‌ عن‌ إبراهيم‌ بن‌ موسي‌، عن‌ هشام‌، عن‌ مُعَمَّر، وكذلك‌ عن‌ عبدالله‌بن‌ محمّد، عن‌ عبد الرزّاق‌، عن‌ مُعَمَّر، عن‌ الزُّهري‌ّ، عن‌ عبيدالله‌بن‌ عبد الله‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌. ولا شبهة‌ عند العامّة‌ في‌ توثيق‌ هؤلاء وتعديلهم‌.

 2 ـ وكذلك‌ روي‌ البخاري‌ّ في‌ صحيحه‌ عن‌ يحيي‌ بن‌ سليمان‌، عن‌ ابن‌ وَهَب‌، عن‌ يونس‌ بن‌ شهاب‌، عن‌ عبيد الله‌ بن‌ عبد الله‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌
 قال‌: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَجَعُهُ قَالَ: إئْتُونِي‌ بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ! قَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ غَلَبَهُ الوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ.

 قَالَ: قُومُوا عَنِّي‌ وَلاَ يَنْبَغي‌ عِنْدِي‌َ التَّنَازُعُ. فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَبَيْنَ كِتَابِهِ. [29]

 وهذا الحديث‌ أيضاً من‌ الاحاديث‌ الصحيحة‌ عند العامّة‌ ولاشبهة‌ ولاشكّ في‌ رواته‌.

 3 ـ وكذلك‌ روي‌ البخاري‌ّ عن‌ قَبِيصَة‌، عن‌ ابن‌ عُيَيْنَة‌، عن‌ سليمان‌ الاحول‌، عن‌ سعيد بن‌ جُبَيْر، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌:

 يَوْمُ الخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ ؟ ثُمَّ بَكَي‌ حَتَّي‌ خَضَبَ دَمْعُهُ الحَصْبَاءَ. فَقَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَجَعُهُ يَوْمَ الخَمِيسِ، فَقَالَ: إئْتُونِي‌ بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً. فَتَنَازَعُوا ـوَلاَيَنْبَغِي‌ عِنْدَ نَبِي‌ٍّ تَنَازُعٌـ فَقَالُوا: هَجَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ.

 قَالَ: دَعُونِي‌ ! فَالَّذِي‌ أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي‌ إلَيْهِ. وَأَوْصَي‌ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. [30]

 وذكر مسلم‌ في‌ صحيحه‌ أيضاً، في‌ آخر كتاب‌ الوصايا ثلاثة‌ أحاديث‌ في‌ هذا الشأن‌. يحمل‌ الاوّل‌ بعينه‌ مضمون‌ هذا الحديث‌ الثالث‌ الذي‌ نقلناه‌ عن‌ البخاري‌ّ لكنّه‌ يختلف‌ عنه‌ فيما يأتي‌: أوّلاً: جاء مكان‌ قوله‌: فَقَالُوا: هَجَرَ رَسُولُ اللَهِ، قوله‌: وَقَالُوا: مَا شَأنُهُ ؟ أَهَجَرَ ؟ اسْتَفْهِمُوهُ !

 ثانياً: ذكر بدل‌ قوله‌: وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ، قوله‌: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَهَا فَأُنسِيتُهَا.

 ويحمـل‌ الثالـث‌ نفسـه‌ مضـمون‌ الحديـث‌ الاوّل‌ الـذي‌ نقلنـاه‌ عن‌ البخاري‌ّ.

 ومن‌ الجدير ذكره‌ أنّ هذين‌ الحديثين‌ أوردهما مسلم‌ بأسناد أُخري‌ غير أسناد البخاري‌ّ، ويتماثلان‌ في‌ المضمون‌ فحسب‌. وروي‌ الثاني‌ عن‌ إسحاق‌بن‌ إبراهيم‌، عن‌ وكيع‌، عن‌ مالك‌ بن‌ المِغْوَل‌، عن‌ طلحة‌بن‌ مُصَرّف‌، عن‌ سعيدبن‌ جُبَيْر، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌: يَوْمُ الخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ ؟ ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَتَّي‌ رَأَيْتُ عَلَی‌ خَدَّيْهِ كَأَ نَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: إئْتُونِي‌ بِالكَتِفِ وَالدَّوَاةِ (أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّواة‌) [31] أُكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً، فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ يَهْجُرُ. [32]

 وروي‌ أحمد بن‌ حنبل‌ الاحاديث‌ الثلاثة‌ التي‌ نقلناها عن‌ البخاري‌ّ بنفس‌ الاسناد والالفاظ‌ في‌ ص‌ 325 و222 و355 من‌ الجزء الاوّل‌ من‌ مسنده‌ بالتسلسل‌.

 أجل‌، إنّ حديث‌ طلب‌ الدواة‌ والكتف‌، ومنع‌ عمر، وقذف‌ رسول‌الله‌ بالهجر والهذيان‌، ورزيّة‌ يوم‌ الخميس‌ التي‌ كان‌ يبكي‌ منها ابن‌ عبّاس‌ كلّما ذكرها، كلّ ذلك‌ من‌ القضايا المشهورة‌ والمعروفة‌ عند أصحاب‌ السِّير والسُّنن‌ والاخبار. نقلها كبار العامّة‌ في‌ كتبهم‌ وأقرّوا بها. [33]

 ذكر ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌ تسعة‌ أحاديث‌ في‌ هذا المجال‌. وأورد الحديث‌ الاوّل‌ والثالث‌ ـاللذين‌ نقلناهما عن‌ البخاري‌ّـ عن‌ مسلم‌، وعن‌ يحيي‌بن‌ حمّاد بسنده‌ عن‌ سعيد بن‌ جُبير، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، وفيه‌: فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ: إنَّ نَبِي‌َّ اللَهِ لَيَهْجُرُ.

 وأورد حديثاً عن‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ّ بسنده‌ عن‌ جابربن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ّ، وحديثاً عن‌ حفص‌ بن‌ عمر الحوضي‌ّ بسنده‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌، وحديثاً عن‌ محمّدبن‌ عمر بسـنده‌ عن‌ جابر، بحـديثين‌ آخرين‌: الاوّل‌: عن‌ محمّد بـن‌ عمر، عن‌ هشام‌بن‌ سعد، عن‌ زيد بن‌ أسْلَم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ أ نّه‌ قال‌:

 كُنَّا عِنْدَ النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ النِّسَاءِ حِجَابٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: اغْسِلُونِي‌ بِسَبْعِ قِرَبٍ وَأْتُونِي‌ بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً ! فَقَالَ النِّسْوَةُ: إئْتُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ بِحَاجَتِهِ ! قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: اسْكُتْنَ فَإنَّكُنَّ صَوَاحِبُهُ. إذَا مَرِضَ عَصَرْتُنَّ أَعْيُنَكُنَّ. وَإذَا صَحَّ أَخَذْتُنَّ بِعُنُقِهِ ! [34] فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: هُنَّ خَيْرٌ مِنْكُمْ !

 وأخرجه‌ الطبراني‌ّ أيضاً في‌ أوسطه‌ عن‌ عمر. [35]

 الثاني‌: عن‌ محمّد بن‌ عمر بسنده‌ عن‌ عكرمة‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌: إنَّ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ قَالَ فِي‌ مَرَضِهِ الَّذِي‌ مَاتَ فِيهِ: إئْتُونِي‌ بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً ! فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: مَنْ لِفُلاَنَةَ وَفُلاَنَةَ مَدَائِنِ الرُّومِ ؟ إنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ لَيْسَ بِمَيِّتٍ حَتَّي‌ نَفْتَحَهَا، وَلَوْ مَاتَ لاَنْتَظَرْنَاهُ كَمَا انْتَظَرَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ مُوسَي‌. فَقَالَتْ زَيْنَبُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: أَلاَ تَسْمَعُونَ النَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ يَعْهَدُ إلَيْكُمْ ؟! فَلَغَطُوا، فَقَالَ: قُومُوا ! فَلَمَّا قَامُوا قُبِضَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ مَكَانَهُ! [36]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ هذه‌ المطالب‌ كلّها التي‌ ذكرها ميرخواند في‌ «روضة‌ الصفا» أوردها خواند مير في‌ «حبيب‌ السير»، ج‌ 1، ص‌ 419. وقال‌ أيضاً: يري‌ علماء الشيعة‌ أنّ سبب‌ رفض‌ الصحابة‌ كتابة‌ الكتاب‌ هو أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أراد أن‌ يكتب‌ وصيّة‌ في‌ ولاية‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّ كرّم‌ الله‌ وجهه‌. والبيتان‌ الآتيان‌ الواردان‌ في‌ كتاب‌ «كشف‌ الغمّة‌» يُشعران‌ بهذا المعني‌:

 أَوْصَي‌ النَّبِيُّ فَقَالَ قَائِلُهُمْ                                         قَدْ ضَلَّ يَهْجُرُ سَيِّدُ البَشَر

 وَأَرَي‌ أَبَا بَكْرٍ أَصَابَ وَلَمْ                                               يَهْجُرُ وَقَدْ أَوْصَي‌ إلَي‌ عُمَر

[2] ـ روي‌ سليم‌ بن‌ قيس‌ في‌ كتابه‌ ص‌ 213، (الطبعة‌ الثالثة‌، النجف‌) عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أ نّه‌ قال‌: سمعت‌ حديثاً من‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ لم‌ أفهم‌ معناه‌، سمعته‌ يقول‌: إنّ رسول‌ الله‌ أسَرَّ إلَي‌َّ في‌ مرضه‌ وعَلَّمني‌ مفتاح‌ ألف‌ باب‌ من‌ العلم‌ يفتح‌ كلّ باب‌ ألف‌ باب‌. وإنّي‌ لجالس‌ بذي‌ قار في‌ فسطاط‌ عَلِي‌ٍّ وقد بعث‌ الحسن‌ وعمّاراً يستنفران‌ الناس‌ إذ أقبل‌ عَلِي‌ٌّ عليه‌ السلام‌ فقال‌: يا ابن‌ عبّاس‌ ! يقدم‌ عليك‌ الحسن‌ ومعه‌ أحد عشر ألف‌ رجل‌ غير رجل‌ أو رجلين‌. فقلت‌ في‌ نفسي‌: إن‌ كان‌ كما قال‌ فهو من‌ تلك‌ الالف‌ باب‌. فلمّا أظلّنا الحسن‌ بذلك‌ الجند استقبلتُ الحسن‌، فقلت‌ لكاتب‌ الجيش‌ الذي‌ معه‌ أسماؤهم‌: كم‌ رجل‌ معكم‌ ؟ فقال‌: أحد عشر ألف‌ رجل‌ غير رجل‌ أو رجلين‌.

[3] ـ الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌. وَقَرْنَ فِي‌ بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـ'هِلِيَّةِ الاْولَي‌'. هذه‌ الآية‌ تخاطب‌ نساء النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌. وأشار رسول‌ الله‌ قائلاً لعائشة‌ وهو ينصحها: ما أنتِ وحرب‌ الجمل‌ وركوبك‌ الجمل‌ تقودين‌ الجيش‌ في‌ ساحة‌ القتال‌؟! قرّي‌ في‌ بيتك‌ أيّتها المرأة‌ ولا تخرجي‌ من‌ قعره‌ طاعة‌ لهواكِ، وطلباً للرئاسة‌، وحقداً دفيناً علي‌ علي‌ّ عليه‌ السلام

[4] ـ حديث‌ العلاّمة‌ السيّد شرف‌ الدين‌ في‌ فضيلة‌ الزهراء علیها السلام

ذكر آية‌ الله‌ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ العاملي‌ّ بعض‌ المطالب‌ في‌ كتابه‌ القيِّم‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 93 إلي‌ 95، الطبعة‌ الثانية‌، في‌ المتن‌ والتعليقة‌، ومحصّلها:

 أوّلاً: إنّما فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها بمثابة‌ من‌ القدس‌ تعدل‌ بها مريم‌ ابنة‌ عمران‌ بحكم‌ النصوص‌ الصريحة‌ في‌ السنن‌ المتضافرة‌ الصحيحة‌، فمنها ما أخرجه‌ ابن‌ عبدالبرّ في‌ «الاستيعاب‌» وغيره‌ من‌ أعلام‌ أثباتهم‌ أنّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ عادها وهي‌ مريضة‌. فقال‌: كيف‌ تجدينك‌ يا بُنيّة‌ ؟ قالت‌: إنّي‌ لوجعة‌ وإنّه‌ ليزيدني‌ أ نّي‌ ما لي‌ طعام‌ آكله‌. قال‌: يابُنيّة‌! أما ترضين‌ أ نّكِ سيّدة‌ نساء العالمين‌ ؟! قالت‌: يا أبه‌ ! فأين‌ مريم‌ ابنة‌ عمران‌؟! قال‌: تلك‌ سيّدة‌ نساء عالمها وأنتِ سيّدة‌ نساء عالمكِ ! أما والله‌ لقد زوّجتكِ سيّداً في‌ الدنيا والآخرة‌... إلي‌ آخر الحديث‌.

 ثانياً: أنّ فاطمة‌ الزهراء عليها السلام‌ أفضل‌ من‌ مريم‌ ابنة‌ عمران‌. وتفضيلها علي‌ مريم‌ عليها السلام‌ أمر مفروغ‌ منه‌ عند أئمّة‌ العترة‌ الطاهرة‌ وأوليائهم‌ من‌ الإماميّة‌ وغيرهم‌. صرّح‌ بأفضليّتها علي‌ سائر النساء حتّي‌ السيّدة‌ مريم‌ كثير من‌ محقّقي‌ أهل‌ السنّة‌ والجماعة‌ كالتقي‌ّ السبكي‌ّ، والجلال‌ السيوطي‌ّ، والبدر، والزركشي‌ّ، والتقي‌ّ المقريزي‌ّ، وابن‌ أبي‌ داود، والمناوي‌ّ فيما نقله‌ عنهم‌ العلاّمة‌ النبهاني‌ّ في‌ فضائل‌ الزهراء، ص‌ 59 من‌ كتابه‌ «الشرف‌ المؤبّد».

 ثالثاً: أنّ فاطمة‌، ومريم‌، وخديجة‌، وآسية‌ أفضل‌ نساء الجنّة‌. أخرجه‌ الإمام‌ أحمد من‌ حديث‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ ص‌ 293 من‌ الجزء الاوّل‌ من‌ مسنده‌. ورواه‌ أبو داود كما في‌ ترجمة‌ خديجة‌ من‌ «الاستيعاب‌»، وقاسم‌ بن‌ محمّد كما في‌ ترجمة‌ الزهراء من‌ «الاستيعاب‌» أيضاً.

 رابعاً: أنّ فاطمة‌ والثلاث‌ خير نساء العالمين‌. أخرجه‌ أبو داود كما في‌ ترجمة‌ خديجة‌ من‌ «الاستيعاب‌» بالإسناد إلي‌ أنس‌. ورواه‌ عبد الوارث‌ بن‌ سفيان‌ كما في‌ ترجمة‌ الزهراء، وخديجة‌ من‌ «الاستيعاب‌».

 خامساً: أنّ فاطمة‌ سيّدة‌ نساء المؤمنين‌ أو سيّدة‌ نساء هذه‌ الاُمـّة‌. أخرجه‌ البخاري‌ّ في‌ ص‌ 64 من‌ الجزء الرابع‌ من‌ صحيحه‌، ومسلم‌ في‌ باب‌ فضائل‌ فاطمة‌ من‌ الجزء الثاني‌ من‌ صحيحه‌، والترمذي‌ّ في‌ الصحيح‌، وصاحب‌ «الجمع‌ بين‌ الصحيحين‌»، وصاحب‌ «الجمع‌ بين‌ الصحاح‌ الستّة‌»، والإمام‌ أحمد من‌ حديث‌ الزهراء ص‌ 282 من‌ الجزء السادس‌ من‌ مسنده‌، وابن‌ عبد البرّ في‌ ترجمتها من‌ استيعابه‌، ومحمّد بن‌ سعد في‌ ترجمتها من‌ الجزء الثامن‌ من‌ طبقاته‌، وفي‌ باب‌ ما قاله‌ النبي‌ّ في‌ مرضه‌ من‌ المجلّد الثاني‌ من‌ «الطبقات‌ الكبري‌» أيضاً. واللفظ‌ الذي‌ نذكره‌ الآن‌ هو للبخاري‌ّ في‌ آخر ورقة‌ من‌ كتاب‌ الاستئذان‌، من‌ الجزء الرابع‌ من‌ صحيحه‌، قال‌:  حدّثنا موسي‌ عن‌ أبي‌ عوانة‌، عن‌ فراس‌، عن‌ عامر، عن‌ مسروق‌، قال‌: حدّثتني‌ عائشة‌ أُمّ المؤمنين‌، قالت‌: إنّا كنّا أزواج‌ النبي‌ّ عنده‌ جميعاً لم‌ تغادر منّا واحدة‌، فأقبلت‌ فاطمة‌ تمشي‌، لا والله‌ ما تخفي‌ مشيتها من‌ مشية‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، فلمّا رآها رحّب‌، وقال‌: مرحباً بابنتي‌، ثمّ أجلسها عن‌ يمينه‌ أو عن‌ شماله‌، ثمّ سارت‌ فبكت‌ بكاءً شديداً. فلمّا رأي‌ حزنها، سارّها الثانية‌، إذا هي‌ تضحك‌، فقلتُ لها أنا من‌ بين‌ نسائه‌: خصّكِ رسول‌الله‌ بالسرّ من‌ بيننا، ثمّ أنتِ تبكين‌ ؟! فلمّا قام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ سألتُها: عمّ سارّكِ؟ قالت‌: ما كنت‌ لافشي‌ علي‌ رسول‌ الله‌ سرّه‌. فلمّا توفّي‌ قلتُ لها: عزمت‌ عليك‌ بما لي‌ عليكِ من‌ الحقّ لما أخبرتني‌. قالت‌: أمّا الآن‌ فنعم‌، فأخبرتني‌.

 قالت‌: أمّا سارّني‌ في‌ الامر الاوّل‌ فإنّه‌ أخبرني‌ أنّ جبريل‌ كان‌ يعارضه‌ بالقرآن‌ كلّ سنة‌ مرّة‌، وأ نّه‌ قد عارضني‌ به‌ العام‌ مرّتين‌، ولا أري‌ الاجل‌ إلاّ اقترب‌، فاتّقي‌ الله‌ واصبري‌، فإنّي‌ نِعْمَ السلف‌ أنا لكِ ! فبكيتُ بكائي‌ الذي‌ رأيتِ. فلمّا رأي‌ جزعي‌، سارّني‌ الثانية‌، قال‌: يا فاطمة‌ ! ألا ترضين‌ أن‌ تكوني‌ سيّدة‌ نساء المؤمنين‌، أو نساء هذه‌ الاُمّة‌ ؟! فضحكتُ.

 علماً أنّ السيّد شرف‌ الدين‌ ذكر هذين‌ الحديثين‌ أيضاً في‌ كتابه‌ الآخر: «الكلمة‌ الغرّاء» ص‌ 242 و 243.

 الرجوع الي الفهرس

[5] ـ «روضة‌ الصفا» الجزء الثاني‌ من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌، باب‌ وفاة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ ؛ و كذلك‌ ذكر خواند مير أحوال‌ النبي‌ّ أيّام‌ مرض‌ موته‌ في‌ «حبيب‌ السير» ج‌ 1، ص‌ 419 إلي‌ 422.

 يقول‌: «أيّها السيّد العظيم‌ ! ماذا رأيتَ منّا نحن‌ البائسين‌ فتركتنا وذهبتَ إلي‌ مكان‌ آخر؟

 ما عرفنا قدرك‌ يا ظلّ الله‌ ولهذا منعتَ عنّا ظلّك‌.

 لم‌ يَلِقْ بك‌ هذا العالم‌ الضيّق‌ فاخترتَ الإقامة‌ في‌ العرش‌ الاعلي‌.

 مضيتَ إلي‌ وصاله‌ بلا وداع‌، وبلغت‌ ساحة‌ قدسه‌ الخاصّة‌ بلا واسطة‌.

 ولا غرو فأنت‌ طائر عشّه‌ القدسي‌ّ، إذ حلّقتَ ثانية‌ من‌ هذا القفص‌ إلي‌ الرياض‌.

 أفـض‌ علينا شـيئاً مـن‌ العبيـر الفوّاح‌ يا زهـرة‌ الرجـاء ممّا تعطّـرتَ به‌ مِـن‌ رياض‌ الحقائق‌».

[6] ـ يقول‌: «واسكب‌ في‌ أفواه‌ الظامئين‌ جرعة‌ من‌ ذلك‌ الخمر الذي‌ ذقته‌ من‌ الحقّ وليس‌ فيه‌ صداع‌».

[7] ـ روي‌ الشيخ‌ المفيد في‌ أماليه‌، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌، ص‌ 49 و 50، بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ مروان‌ بن‌ عثمان‌ أ نّه‌ قال‌: لمّا بايع‌ الناس‌ أبا بكر دخل‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌، والزبير، والمقداد بيت‌ فاطمة‌ عليها السلام‌، وأبَوْا أن‌ يخرجوا فقال‌ عمر بن‌ الخطّاب‌: اضرموا عليهم‌ البيت‌ ناراً. فخرج‌ الزبير ومعه‌ سيفه‌. فقال‌ أبو بكر: عليكم‌ بالكلب‌. فقصدوا نحوه‌، فزلّت‌ قدمه‌ وسقط‌ إلي‌ الارض‌ ووقع‌ السيف‌ من‌ يده‌. فقال‌ أبو بكر: اضربوا به‌ الحجر، فضرب‌ بسيفه‌ الحجر حتّي‌ انكسر. وخرج‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ نحو العالية‌ (كلّ ما كان‌ من‌ جهة‌ نجد من‌ المدينة‌ من‌ قراها وعمائـرها إلي‌ تهامـة‌ فهو العالية‌. وكلّ ما كان‌ دون‌ ذلك‌ فهو السافلة‌) فلقيه‌ ثابت‌ بن‌ قيس‌ بن‌ شمّاس‌، فقال‌: ما شأنك‌ يا أبا الحسن‌ ؟! فقال‌: أرادوا أن‌ يحرقوا عَلَي‌َّ بيتي‌ وأبو بكر علي‌ المنبر يُبايَع‌ ولا يدفع‌ عن‌ ذلك‌ ولا ينكره‌. فقال‌ له‌ ثابت‌: لاتفارق‌ كفّي‌ يدك‌ حتّي‌ أُقتل‌ دونك‌ ! فانطلقا جميعاً حتّي‌ عادا إلي‌ المدينة‌، وإذا فاطمة‌ عليها السلام‌ واقفة‌ علي‌ بابها، وقد خلت‌ دارها من‌ أحد من‌ القوم‌ وهي‌ تقول‌: لاعهد لي‌ بقوم‌ أسوأ محضراً منكم‌، تركتم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جنازة‌ بين‌ أيدينا وقطعتم‌ أمركم‌ بينكم‌ لم‌ تستأمرونا وصنعتم‌ بنا ما صنعتم‌ ولم‌ تروا لنا حقّاً.

[8] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» الجزء الثاني‌ من‌ الطبعة‌ ذات‌ الاجزاء الاربعة‌، ص‌ 19.

[9] ـ جمع‌ ظئر، وهي‌ العاطفة‌ علي‌ ولد غيرها، وقيل‌: أظئر أعطف‌ من‌ أُمّ؟

[10] ـ ذكر السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ في‌ ص‌ 602 إلي‌ 606، البابان‌ 75 و 76 من‌ كتابه‌ «غاية‌ المرام‌» اثني‌ عشر حديثاً عن‌ طريق‌ العامّة‌، وحديثاً عن‌ طريق‌ الخاصّة‌ حول‌ جيش‌ أُسامة‌. وفيها أنّ رسول‌ الله‌ جعل‌ فيه‌ أبا بكر، وعمر، وعثمان‌، وأبا عبيدة‌ الجرّاح‌، وعبدالرحمن‌بن‌ عوف‌، وطلحة‌، والزبير، وغيرهم‌. ولعن‌ من‌ تخلّف‌ عنه‌. ورُوي‌ قول‌ رسول‌ الله‌: إذا بويع‌ لخليفتين‌ فاقتلوا الاخير منهما، في‌ أبي‌ بكر.

[11] ـ روي‌ ابن‌ سعد في‌ الجزء الثاني‌ من‌ طبقاته‌، ص‌ 248 إلي‌ 250، تحت‌ عنوان‌: ما قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ مرضه‌ لاُسامة‌ بن‌ زيد رحمه‌ الله‌ خمسة‌ أحاديث‌ في‌ تأكيد الرسول‌ الاكرم‌ وإصراره‌ علي‌ تجهيز جيش‌ أُسامة‌ ومنها هذا الحديث‌. وذكر حديثاً آخر بسنده‌ عن‌ عروة‌ بن‌ الزبير أ نّه‌ قال‌: قد بعث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أُسامة‌ وأمره‌ أن‌ يوطي‌ الخيل‌ نحو البلقاء حيث‌ قُتل‌ أبوه‌ وجعفر. فجعل‌ أُسامة‌ وأصحابه‌ يتجهّزون‌ وقد عسكر بالجرف‌. فاشتكي‌ رسول‌ الله‌ وهوعلي‌ ذلك‌. ثمّ وجد في‌ نفسه‌ راحة‌ فخرج‌ عاصباً رأسه‌ فقال‌: أَيُّهَا النَّاسُ ! أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ ـثَلاَثَ مَرَّاتٍـ ثُمَّ دَخَلَ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَاسْتُعِزَّ بِهِ فَتُوُفِّي‌َ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

[12] ـ «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2، ص‌ 190، طبعة‌ بيروت‌ 1376 ه. ق‌.

[13] ـ «السيرة‌ النبويّة‌» ج‌ 4، ص‌ 299 و 300، طبعة‌ بيروت‌، دار إحياء التراث‌ العربي‌ّ؛ و«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 431، طبعة‌ دار الاستقامة‌.

[14] ـ «الطبقات‌ الكبري‌» لابن‌ سعد، ج‌ 2، ص‌ 194، طبعة‌ بيروت‌.

[15] ـ إنّ من‌ الادلّة‌ الساطعة‌ علي‌ إمامة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وعظمته‌ هوأنّ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لم‌ يؤمِّر عليه‌ أحداً في‌ جيش‌. وإذا ما أشخص‌ جيشاً فهو الامير عليه‌. وعندما أمّر أبا بكر ثمّ عمر علي‌ الجيش‌ الذي‌ أنفذه‌ لفتح‌ خيبر، ولاذا بالفرار، لم‌يكن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ موجوداً فيه‌. بَيْدَ أ نّه‌ حينما قال‌: لاُعطين‌ الراية‌ غداً رجلاً يحبّه‌ اللهُ ورسولُه‌ ويحبّ الله‌ ورسولَه‌ كرّار غير فرّار. وأعطاها عليّاً عليه‌ السلام‌ وأمّره‌، جعل‌ أبابكر وعمر تحت‌ قيادته‌. ولمّا أمر وجوه‌ المهاجرين‌ والانصار وأعلامهم‌ أن‌ ينضووا تحت‌ لواء أُسامة‌ بن‌ زيد، لم‌ يأمر أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بذلك‌. وكان‌ هذا من‌ أجل‌ أن‌ يبيّن‌ للاُمّة‌ أنّ أُسامة‌ ابن‌ السبع‌ عشرة‌ ـأو الثماني‌ عشرة‌ أو التسع‌ عشرة‌، أو العشرين‌، ولم‌ينصّ أحد علي‌ أكثر من‌ ذلك‌ـ أهلٌ للإمارة‌، وغيره‌ ليس‌ أهلاً لها. وللّه‌ درّ ابن‌ أبي‌ الحديد المعتزلي‌ّ إذ يقول‌ في‌ قصيدته‌ الرائيّة‌، وهي‌ إحدي‌ علويّاته‌ السبع‌، ذاكراً أفضليّة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌:

 وَلاَ كَانَ فِي‌ بَعْثِ ابن‌ زِيدٍ مُؤَمَّرا                            عَلَيْهِ لِيُضْحِي‌ لاِبْنِ زَيْدٍ مُؤَمَّرا

 وَلاَ كَانَ يَوْمَ الغَارِ يَهْفُوا جَنَانُهُ                                حِذَاراً وَلاَ يَوْمَ العَرِيشِ تَسَتَّرَا

 وَلاَ كَانَ مَعْزُولاً غَدَاةَ بَرَاءَةٍ                     وَلاَ فِي‌ صَلاَةٍ أُمَّ فِيهَا مُؤَخَّرَا

 فَتَيً لَمْ يُعَرِّقْ فِيهِ تَيْمُ ابْنُ مُرَّةٍ                             وَلاَ عَبَدَ اللاَّتَ الخَبِيثَةَ أَعْصُرَا

 إمَامُ هُديً بِالقُرْصِ آثَرَ فَاقْتَضَي‌          لَهُ القُرْصُ رَدَّ القُرْصِ أَبْيَضَ أَزْهَرَا

 يُزَاحِمُهُ جِبرِيلُ تَحْتَ عَبَاءَةٍ                     لَهَا قِيلَ: كُلّ الصَّيْدِ فِي‌ جَانِبِ الفَرَا

 (من‌ القصيدة‌ الثانية‌ لابن‌ أبي‌ الحديد، مع‌ شرح‌ السيّد محمّد صاحب‌ «المدارك‌» وقد طبع‌ طباعة‌ حجريّة‌ في‌ مجموعة‌ مع‌ المعلّقات‌ السبع‌ وقصيدة‌ البردة‌).

 نجد أنّ أبا الحديد يعدّ هنا مناقب‌ الإمام‌ في‌ مقابل‌ مثالب‌ أبي‌ بكر ويقول‌: لم‌يكن‌ الإمام‌ في‌ جيش‌ أُسامة‌ بن‌ زيد الذي‌ كان‌ رسول‌ الله‌ قد جعله‌ أميراً، فيكون‌ أُسامة‌ أميره‌. ولم‌يرتجف‌ قلب‌ الإمام‌ في‌ مبيته‌ علي‌ فراش‌ النبي‌ّ إلي‌ الصباح‌ عندما هاجر والتحق‌ به‌ أبو بكر في‌ الغار وكان‌ قلب‌ أبي‌ بكر يرتجف‌. وعندما نشبت‌ معركة‌ بدر قتل‌ أميرالمؤمنين‌ وحده‌ خمسة‌ وثلاثين‌ رجلاً وقتل‌ الملائكة‌ وباقي‌ المسلمين‌ خمسة‌ وثلاثين‌. أمّا أبو بكر فقد استتر في‌ العريش‌ الذي‌ كان‌ قد صُنع‌ للنبي‌ّ في‌ حين‌ لم‌ يستتر أميرالمؤمنين‌ فيه‌. ولمّا أنفذ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ أبا بكر ليبلِّغ‌ سورة‌ براءة‌ في‌ مكّة‌ ثمّ عزله‌ وكلّف‌ أميرالمؤمنين‌ بذلك‌، لم‌يعزله‌ كما لم‌ يُؤَخَّر في‌ صلاة‌ جماعة‌ قطّ. وعلي‌ّ هو ذلك‌ الفتي‌ الذي‌ لم‌ يُضرب‌ فيه‌ بتيم‌بن‌ مُرّة‌ بعِرق‌، لا نّه‌ ليس‌ من‌ قبيلة‌ أبي‌ بكر، ففيه‌ عِرق‌ أجداد رسول‌ الله‌. كما لم‌ يسجد أمام‌ اللات‌ الخبيثة‌ ولم‌ يعبدها أُزماناً طويلة‌ وأعصاراً متوالية‌ كما كان‌ يفعل‌ أبو بكر. وعلي‌ّ هو إمام‌ الهدي‌ الذي‌ أعطي‌ السائل‌ قرصه‌ عند إفطاره‌ فرُدّ له‌ قرص‌ الشمس‌ الابيض‌ الساطع‌. وهو الذي‌ أخذه‌ رسول‌ الله‌ يوم‌ المباهلة‌ مع‌ نصاري‌ نجران‌، إذ جعله‌ وفاطمة‌ والحسنين‌ عليهم‌ السلام‌ تحت‌ الكساء اليماني‌ّ فأدخل‌ جبرائيل‌ نفسه‌ تحت‌ الكساء وافتخر بصحبته‌. فهو جامع‌ الفضائل‌ والمناقب‌ كما جاء في‌ المثل‌ المشهور: كلّ الصيد في‌ جوف‌ الفرا. أي‌: إذا أردت‌ صيداً صحراويّاً لذيذاً ففتّش‌ عنه‌ في‌ داخل‌ بطن‌ الحمار الوحشي‌ّ، فهو ألذّ وصيده‌ أشقّ.

[16] ـ قال‌ العلاّمة‌ آية‌ الله‌ السيّد عبدالحسين‌ شرف‌ الدين‌ العاملي‌ّ في‌ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 86، الطبعة‌ الثانية‌: كان‌ اليوم‌ الذي‌ عبّأ فيه‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ جيش‌ أُسامة‌ وجعل‌ فيه‌ وجوه‌ المهاجرين‌ والانصار كأبي‌ بكر، وعمر، وأبي‌ عبيدة‌، وسعد، وأمثالهم‌ هو أربع‌ ليال‌ بقين‌ من‌ صفر سنة‌ إحدي‌ عشرة‌ للهجرة‌. فلمّا كان‌ من‌ الغد، دعا أُسامة‌، فقال‌ له‌: سر إلي‌ موضع‌ قتل‌ أبيك‌، فأوطئهم‌ الخيل‌، فقد ولّيتك‌ هذا الجيش‌. فلمّا كان‌ يوم‌ الثامن‌ والعشرين‌ من‌ صفر، بدأ به‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ مرض‌ الموت‌، فحُمّ وصدّع‌. فلمّا أصبح‌ يوم‌ التاسع‌ والعشرين‌ ووجدهم‌ مثّاقلين‌، خرج‌ إليهم‌، فحضّهم‌ علي‌ السير وعقد صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ اللواء لاُسامة‌ بيده‌ الشريفة‌.

 وقال‌ في‌ ص‌ 87: تباطأ جيش‌ أُسامة‌ وامتنع‌ عن‌ المسير حتّي‌ يوم‌ السبت‌ لعشر خلون‌ من‌ ربيع‌ الاوّل‌ فخرج‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قبل‌ وفاته‌ بيومين‌ وهومعصّب‌ الرأس‌ محمومأ مألوماً. وخطب‌ وغضب‌ من‌ طعنهم‌ غضباً شديداً.

 وقال‌ في‌ ص‌ 88: رجع‌ أُسامة‌ إلي‌ المدينة‌ يوم‌ 12 ربيع‌ الاوّل‌ ومعه‌ عمر وأبو عُبيدة‌ وكان‌ النبي‌ّ يجود بنفسه‌. فرجع‌ الجيش‌ باللواء إلي‌ المدينة‌.

 أقول‌: هذا هو المشهور عند العامّة‌. والمأثور عند الخاصّة‌ أ نّه‌ توفّي‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لليلتين‌ بقيتا من‌ صفر.

[17] ـ روي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد هذا الحديث‌ أيضاً في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 561، شرح‌ الخطبة‌ 195 من‌ «نهج‌ البلاغة‌» طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌ الكبري‌. وخطب‌ الإمام‌ تلك‌ الخطبة‌ لدعوة‌ الناس‌ إلي‌ الجهاد وبيان‌ منزلته‌ الخصيصة‌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، وكيفيّة‌ وفاة‌ رسول‌ الله‌ وهبوط‌ الملائكة‌ وعروجهم‌. وتبدأ الخطبة‌ بقوله‌: وَلَقَدْ عَلِمَ المُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَ نِّي‌ لَمْ أَردَّ عَلَي‌ اللَهِ وَعَلَي‌ رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ.

 وروي‌ السيّد البحراني‌ّ الحديث‌ الاوّل‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 217 و 218 عن‌ الخاصّة‌، عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ حذيفة‌ بن‌ أُسَيْد قال‌: سمعت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ يقول‌: معاشر الناس‌ ! إنّي‌ فَرَطُكم‌ وأنتم‌ واردون‌ عَلَي‌َّ الحوض‌، حوضاً ما بين‌ بُصَري‌ وصَنعاء، فيه‌ عدد النجوم‌ قدحان‌ من‌ فضّةٍ، وإنّي‌ سائلكم‌ حتّي‌ تردون‌ عَلَي‌َّ الحوضَ عن‌ الثَّقلين‌، فانظروا كيف‌ تخلفونّي‌ فيهما ؟ الثقل‌ الاكبر كتاب‌ الله‌ سبب‌ طرفه‌ بيد الله‌ وطرفه‌ بيدكم‌، فاستمسكوا به‌ ولن‌ تضلّوا ولا تبدّلوا في‌ عترتي‌ أهل‌ بيتي‌ فإنّه‌ قد نبّأني‌ اللطيف‌ الخبير أ نَّهما لن‌ يَفتَرقا حتَّي‌ يَردا عَلَي‌َّ الحوضَ. معاشر أصحابي‌ ! كأ نّي‌ علي‌ الحوض‌ أنتظر من‌ يرد عَلَي‌َّ منكم‌، وسوف‌ تؤخّر أناسٌ دوني‌ فأقول‌: يا ربّ ! منّي‌ ومن‌ أُمّتي‌. فيقال‌: يا محمّد ! هل‌ شعرتَ بما عملوا ؟ إنّهم‌ ما رجعوا بعدك‌ يرجعون‌ علي‌ أعقابهم‌. ثمّ قال‌: أُوصيكم‌ في‌ عترتي‌ خيراً وأهل‌ بيتي‌ فقام‌ إليه‌ سلمان‌ فقال‌: يا رسول‌ الله‌ ! منِ الائمّة‌ بعدك‌ ؟ أما هم‌ من‌ عترتك‌ ؟ فقال‌: هم‌ الائمّة‌ من‌ بعدي‌ من‌ عترتي‌ عدد نقباء بني‌ إسرائيل‌ تسعة‌ من‌ صُلب‌ الحسين‌، أعطاهم‌ الله‌ علمي‌ وفهمي‌، فلا تعلّموهم‌ فإنّهم‌ أعلم‌ منكم‌، وأتّبعوهم‌ فإنّهم‌ مع‌ الحقّ والحقّ معهم‌ عليهم‌ السلام‌.

[18] ـ قال‌ آية‌ الله‌ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ العاملي‌ّ في‌ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 90، الطبعة‌ الثانية‌: كان‌ أُسامة‌ ابن‌ سبع‌ عشرة‌ سنة‌ حين‌ أمّره‌ رسول‌ الله‌ علي‌ الاظهر. وقيل‌: كان‌ ابن‌ ثمان‌ عشرة‌ سنة‌. وقيل‌: ابن‌ تسع‌ عشرة‌ سنة‌. وقيل‌: ابن‌ عشرين‌ سنة‌. ولاقائل‌ بأنّ عمره‌ كان‌ أكثر من‌ ذلك‌. وإنّما أمّر عليهم‌ أُسامة‌ ليّاً لاعنّة‌ البعض‌، وردّاً لجماح‌ أهل‌ الجماح‌ منهم‌ واحتياطاً علي‌ الامن‌ في‌ المستقبل‌ من‌ نزاع‌ أهل‌ التنافس‌ لو أمّر أحدهم‌ كما لايخفي‌، لكنّهم‌ فطنوا إلي‌ كلّ ما دبّر صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فطعنوا في‌ تأمير أُسامة‌، وتثاقلوا عن‌ السير معه‌، فلم‌ يبرحوا من‌ الجرف‌ حتّي‌ لحق‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ بربّه‌. فهمّوا حينئذٍ بإلغاء البعث‌ وحلّ اللواء تارة‌، وبعزل‌ أُسامة‌ أُخري‌. ثمّ تخلّف‌ كثير منهم‌ عن‌ الجيش‌ كما سمعتَ. فهذه‌ خمسة‌ أُمور في‌ هذه‌ السريّة‌ لم‌ يتعبّدوا فيها بالنصوص‌ الجليّة‌ إيثاراً لرأيهم‌ في‌ الاُمور السياسيّة‌ وترجيحاً لاجتهادهم‌ فيها علي‌ التعبّد بنصوصه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

[19] ـ روي‌ الشيخ‌ المفيد في‌ أماليه‌، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌، ص‌ 212 بسنده‌ عن‌ زيدبن‌ علي‌ّبن‌ الحسين‌، عن‌ أبيه‌ عليهم‌ السلام‌، قال‌: وضع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ مرضه‌ الذي‌ توفّي‌ فيه‌ رأسه‌ في‌ حجر أُمّ الفضل‌ وأُغمي‌ عليه‌، فقطرت‌ قطرة‌ من‌ دموعها علي‌ خدّه‌، ففتح‌ عينيه‌ وقال‌ لها: مَا لَكِ يَا أُمَّ الفَضْلِ ؟ قالت‌: نُعِيَتْ إلَيْنَا نَفْسُكَ، وَأَخْبَرتَنَا أَ نَّكَ مَيِّت‌. فإن‌ يكن‌ الامر لنا فبشّرنا، وإن‌ يكن‌ في‌ غيرنا فأوص‌ بنا. فقال‌ لها النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: أنتم‌ المقهورون‌ المستضعفون‌ من‌ بعدي‌.

[20] ـ «الإرشاد» للشيخ‌ المفيد ص‌ 97 إلي‌ 101، الطبعة‌ الحجريّة‌، وفي‌ الطبعة‌ الحديثة‌: ص‌ 165 إلي‌ 171، الفصل‌ 52.

[21] ـ «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2، ص‌ 204، في‌ ذكر خروج‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إلي‌ البقيع‌ واستغفاره‌ لاهله‌ والشهداء ؛ و«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 432، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌؛ و«المستدرك‌» للحاكم‌، ج‌ 3، ص‌ 52.

 وروي‌ ابن‌ شُبَّة‌ أبو زيد عمر بن‌ شُبَّة‌ النميري‌ّ البصري‌ّ المولود سنة‌ 173 ه والمتوفّي‌ سنة‌ 262 ه في‌ «تاريخ‌ المدينة‌» ج‌ 1، ص‌ 87، منشورات‌ دار الفكر، قم‌ سنة‌ 1410 ه، بسنده‌ عن‌ عبدالله‌بن‌ عمرو بن‌ العاص‌، عن‌ أبي‌ مويهبة‌ قال‌: أَهَبَّنِي‌ رَسُولُ اللَهِ، وكان‌ ذلك‌ في‌ جوف‌ الليل‌، فقال‌: إنّي‌ قد أُمرت‌ أن‌ استغفر لاهل‌ البقيع‌ فانطلقتُ معه‌. ولمّا أشرف‌ علي‌ البقيع‌ قال‌: السلام‌ عليكم‌ يا أهل‌ المقابر، لو تعلمون‌ ما نجّاكم‌ الله‌ منه‌ ليهن‌ ما أصبحتم‌ فيه‌ ممّا أصبح‌ الناس‌ فيه‌. أقبلت‌ الفتن‌ كقطع‌ الليل‌ المظلم‌ يتبع‌ آخرها أوّلها. الآخرة‌ شرّ من‌ الاُولي‌. ثمّ استغفر لهم‌، ثمّ قال‌: يا أبا مويهبة‌ ! إنّي‌ قد أُعطيت‌ خزائن‌ الدنيا والخُلد ثمّ الجنّة‌، فخُيّرتُ بين‌ ذلك‌ وبين‌ لقاء ربّي‌ والجنّة‌. فقلتُ: بأبي‌ أنت‌ وأُمّي‌ ! فخذ خزائن‌ الدنيا والخُلد ثمّ الجنّة‌ ! فقال‌: لا والله‌ يا أبا مويهبة‌، قد اخترت‌ لقاء ربّي‌ والجنّة‌.

[22] ـ «المستدرك‌ علي‌ الصحيحين‌ في‌ الحديث‌» ج‌ 3، ص‌ 56.

 

[23] ـ قال‌ ابن‌ سعد في‌ طبقاته‌، ج‌ 2، ص‌ 232: في‌ رواية‌ ابن‌ شهاب‌، قال‌: قالت‌ فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها لنساء رسول‌ الله‌: إنّه‌ يشقّ علي‌ رسول‌ الله‌ الاختلاف‌ (التردّد في‌ حجرات‌ زوجاته‌) فأذِنّ له‌، فخرج‌ من‌ بيت‌ مَيمونة‌ إلي‌ بيت‌ عائشة‌.

 

[24] ـ «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 433، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌ ؛ وروي‌ ابن‌ سعد مثلها في‌ طبقاته‌، ج‌ 2، ص‌ 231 و 232 ؛ وذكرها ابن‌ هشام‌ في‌ سيرته‌، ج‌ 1، ص‌ 298، الطبعة‌ الرابعة‌، بيروت‌.

 

[25] ـ هَلُمَّ: تعال‌. وهو لازم‌، وقد يتعدّي‌ كقوله‌ تعالي‌: هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ وهلمّ اسم‌ فعل‌ يستوي‌ فيه‌ المفرد والجمع‌ والمذكّر والمؤنّث‌. ويُصْرَف‌ ويُتَّخذ فعلاً ويُلْحَقُ به‌ ضمير. ويقال‌ في‌ تثنيته‌: هَلُمَّا، وفي‌ تأنيثه‌: هلمِّي‌، وفي‌ الجمع‌: هلمّوا.

 

[26] ـ اللَّغط‌: الصوت‌ والجَلَبة‌، أو أصوات‌ مبهمة‌ لا تُفهم‌.

[27] ـ ذكر البخاري‌ّ هذا الحديث‌ في‌ كتاب‌ الطبّ والمرضي‌، في‌ باب‌ قول‌ المريض‌: قوموا عنّي‌. ج‌ 7، ص‌ 120 في‌ طبعة‌ بولاق‌ سنة‌ 1312 ه، وفي‌: ج‌ 4، ص‌ 5، طبعة‌ المطبعة‌ العثمانيّة‌ المصريّة‌، سنة‌ 1351 ه، وفي‌: ج‌ 4، ص‌ 6، طبعة‌ مطبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌ مع‌ حاشية‌ سندي‌ ؛ ونقله‌ البخاري‌ّ أيضاً في‌ كتاب‌ النبي‌ّ، باب‌ مرضه‌، طبعة‌ بولاق‌، ج‌ 6، ص‌ 9 و 10، وذكر قوله‌: «قال‌ بعضهم‌» مكان‌ قوله‌: «قال‌ عمر».

[28] ـ ورواها الشيخ‌ المفيد أيضاً في‌ أماليه‌، طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌ ص‌ 36 و 37 بسنده‌ عن‌ عبيدالله‌بن‌ عبد الله‌ بن‌ عتبة‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ بهذا المتن‌ عينه‌. وجاءت‌ كلمة‌ «أبداً» بعد كلمة‌ «بعده‌». ووردت‌ «قوموا» مكان‌ «قرّبوا»، وتلحظ‌ فيه‌ زيادة‌ في‌ كلام‌ عمر: «لاتأتوه‌ بشي‌ء» أيضاً. وقال‌ في‌ التعليقة‌: قال‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌: خبر طلب‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ الدواة‌ والكتف‌ ومنع‌ عمر عن‌ ذلك‌ مع‌ اختلاف‌ ألفاظه‌ متواتر بالمعني‌، وأورده‌ البخاري‌ّ ومسلم‌ وغيرهما من‌ محدّثي‌ العامّة‌ في‌ صحاحهم‌، وقد أورده‌ البخاري‌ّ في‌ مواضع‌ من‌ صحيحه‌ منها في‌ الصفحة‌ الثانية‌ من‌ مفتتحه‌.

[29] ـ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 30، كتاب‌ العلم‌، باب‌ كتابة‌ العلم‌، طبعة‌ بولاق‌ مصر، وفي‌ طبعة‌ المطبعة‌ العثمانيّة‌ المصريّة‌: ج‌ 1، ص‌ 22 و 23، وفي‌: طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌ مع‌ حاشية‌ سندي‌: ج‌ 1، ص‌ 32 و 33.

[30] ـ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 4، ص‌ 69 و 70، كتاب‌ الجهاد والسير، باب‌ جوائز الوفد، طبعة‌ بولاق‌، و: ج‌ 2، ص‌ 117، طبعة‌ المطبعة‌ العثمانيّة‌ بمصر، و: ج‌ 2، ص‌ 178، طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌.

 وتتمّة‌ الحديث‌: يقول‌ يعقوب‌ بن‌ محمّد: سألت‌ المغيرة‌ بن‌ عبدالرحمن‌ عن‌ جزيرة‌ العرب‌ أين‌ تكون‌ ؟ فقال‌: مكّة‌ والمدينة‌ واليمامة‌ واليمن‌.وقال‌ يعقوب‌:العرج‌ أوّل‌ تهامة‌.

[31] ـ قال‌ في‌ ««المصباح‌»: اللوح‌ كلّ صحيفة‌ من‌ خشب‌ وكتف‌، إذا كُتب‌ عليه‌ سمّي‌ لوحاً؛ والدواة‌ هي‌ التي‌ يُكْتَب‌ فيها.

[32] ـ انظر: «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 2، ص‌ 15 و 16، طبعة‌ عيسي‌ البابي‌ّ الحلبي‌ّ بمصر، وفي‌ طبعة‌ دار إحياء التراث‌ العربي‌ّ، تحقيق‌ محمّد فؤاد عبد الباقي‌: ج‌ 3، ص‌ 1257 و 1258، الاحاديث‌ المرقّمة‌ 20 و 21 و 22. ومعني‌ قوله‌: سكت‌ عن‌ الثالثة‌، أنّ ابن‌ عبّاس‌ امتنع‌ عن‌ ذكرها. ومعني‌ قوله‌: أُنسيتها، أنّ سعيد بن‌ جبير نساها.

[33] ـ ذكر ابن‌ الاثير الجزري‌ّ في‌ كتاب‌ «الكامل‌ في‌ التاريخ‌» ج‌ 2، ص‌ 320، طبعة‌ بيروت‌ 1385 ه، الرواية‌ الثالثة‌ التي‌ نقلناها عن‌ البخاري‌ّ. وأورد أبو الفداء الدمشقي‌ّ في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 227، الحديث‌ الذي‌ نقلناه‌ عن‌ مسلم‌ في‌ صحيحه‌، وجاء فيه‌: ما شأنه‌ ؟ يهجر استفهموه‌، ونقله‌ أبو الفداء عن‌ مسلم‌ والبخاري‌ّ كليهما، وا لحديث‌ الاوّل‌ الذي‌ نقلناه‌ عن‌ البخاري‌ّ ومسلم‌. نقله‌ هو أيضاً عنهما.

[34] ـ ويمكن‌ أن‌ يكون‌ المعني‌ كالآتي‌: إذا مرض‌، تبكين‌ عليه‌، وإذا صحّ، تأخذن‌ بعنقه‌. (كناية‌ عن‌ إعناته‌ وإيقاعه‌ في‌ المشقّة‌).

[35] ـ كما روي‌ الملاّ علي‌ المتّقي‌ الهندي‌ّ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 3، ص‌ 138، الطبعة‌ الاُولي‌.

[36] ـ «الطبقات‌ الكبري‌» ج‌ 2، ص‌ 242، طبعة‌ بيروت‌، سنة‌ 1376 ه: ذكر الكتاب‌ الذي‌ أراد رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أن‌ يكتبه‌ لاُمّته‌ في‌ مرضه‌ الذي‌ مات‌ فيه‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com