بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السادس عشر و السابع عشر / القسم الثانی: منزلة بعض رواة الشیعة، دفاع الشهرستانی عن هشام بن حکم، ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

منزلة‌ بُريد، وزرارة‌، ومحمّد بن‌ مسلم‌، وأبي‌ بصير

 فمنهم‌: أَبُو القَاسِمِ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَة‌ العِجْلِيّ، وَأَبُو بَصِيرٍ الاَصغْرِ لَيْثُ بْنُ مُرَادٍ البَخْتَرِيّ المُرَادِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَن‌، [1] وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ بْنُ مُسْلِم‌ بْنَ رَبَاحٍ الكُوفِيّ الطَّائِفِيّ الثَّقَفَيّ، وجماعة‌ من‌ أعلام‌ الهدي‌ ومصابيح‌ الدّجي‌، لا يسع‌ المقام‌ استقصاءهم‌.

 أمّا هؤلاء الاربعة‌ فقد نالوا الزلفي‌، وفازوا بالقِدح‌ المعلی، والمقام‌ الاسمي‌، حتّي‌ قال‌ فيهم‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وقد ذكرهم‌:

 هَؤْلاَءِ وأُمَنَاءُ اللَهِ علی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ. وَقَالَ: مَا أَجِدُ أَحَداً أَحْيَا ذِكْرَنَا إلاَّ زُرَارَةُ، وَأَبُو بَصِيرٍ لَيْثٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبُرَيْدٌ. وَلَوْلاَ هَؤلاَءِ مَا كَانَ أَحَدٌ يَسْتَنْبِطُ هَذَا. ثُمَّ قَالَ: هَؤلاءِ حُفَّاظُ الدِّينِ وَأُمَنَاءُ أَبِي‌ علی حَلاَلِ اللَهِ وَحَرَامِهِ، وَهُمُ السَّابِقُونَ إلینَا فِي‌ الدُّنْيَا، وَالسَّابِقُونَ إلینَا فِي‌ الآخِرَةِ.

 وقال‌ عليه‌ السلام‌: بَشِّرِ المُخْبِتِينَ بِالجِنَّةِ ـ ثُمَّ ذَكَرَ الاَرْبَعَةَ.

 وقال‌ في‌ كلام‌ طويل‌ ذكرهم‌ فيه‌: كَانَ أَبِي‌ ائتَمَنَهُمْ علی حَلاَلِ اللَهِ وَحَرَامِهِ، وَكَانُوا عَيْبَةَ عِلْمِهِ، وَكَذَلِكَ إلیوْمَ هُمْ عِنْدِي‌ مُسْتَوْدَعُ سِرِّي‌، وَأَصْحَابُ أَبِي‌ حَقَّاً، وَهُمْ نُجُومُ شِيعَتِي‌ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً. بِهِمْ يَكْشِفُ اللَهُ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَيَنْفُونَ عَنْ هَذَا الدِّينِ انْتِحَالَ المُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الغَالِبِينَ ـ انتهي‌.

 إلی‌ غير ذلك‌ من‌ كلماته‌ الشريفة‌ التي‌ أثبتت‌ لهم‌ من‌ الفضل‌ والشرف‌ والكرامة‌ والولاية‌ ما لا تسع‌ بيانه‌ عبارة‌. ومع‌ ذلك‌ فقد رماهم‌ أعداء أهل‌ البيت‌ بكلّ إفك‌ مبين‌. كما فصّلناه‌ في‌ كتابنا « مختصر الكلام‌ في‌ مؤلّفي‌ الشيعة‌ من‌ صدر الإسلام‌ ». وليس‌ ذلك‌ بقادحٍ في‌ سموّ مقامهم‌، وعظيم‌ خطرهم‌ عندالله‌ ورسوله‌ والمؤمنين‌، كما أنّ حسدة‌ الانبياء مازادوا أنبياء الله‌ إلاّ رفعةً، ولا أثروا في‌ شرائعهم‌ إلاّ انتشاراً عند أهل‌ الحقّ، وقبولاً في‌ نفوس‌ أُولي‌ الالباب‌.

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الشهرستانيّ في‌ تبجيل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌

 وقد انتشر العلم‌ في‌ أيّام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ بما لا مزيد عليه‌، وهرع‌ إلیه‌ شيعة‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌ من‌ كلّ فجٍّ عميق‌. فأقبل‌ عليهم‌ بانبساطه‌، واسترسل‌ إلیهم‌ بأُنسه‌، ولم‌ يأل‌ جهداً في‌ تثقيفهم‌، ولم‌ يدّخر وسعاً في‌ إيقافهم‌ علی أسرار العلوم‌، ودقائق‌ الححكمة‌، وحقائق‌ الاُمور، كما اعترف‌ به‌ أبو الفتح‌ الشهرستانيّ في‌ كتابه‌ « الملل‌ والنحل‌ »، حيث‌ ذكر الصادق‌ عليه‌ السلام‌،[2] فقال‌:

 وَهُوَ ذُو عِلْمٍ غَزِيرٍ في‌ الدِّينِ، وَأَدَبٍ كَامِلٍ فِي‌ الحِكْمَةِ، وَزُهْدٍ بَالِغٍ فِي‌ الدُّنْيَا، وَوَرَعٍ تَامٍّ عَنِ الشَّهَوَاتِ.

 قَالَ: وَقَدْ أَقَامَ بِالمَدِينَةِ مُدَّةً يُفِيدُ الشِّيعَةَ المُنْتَمِينَ إلیهِ، وَيُفِيضُ علی المُوَإلینَ لَهُ أَسْرَارَ العُلُومِ. ثُمز دَخَلَ العِرَاقَ وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً. مَا تَعَرَّضَ للإمامةِ ـ أَي‌: للسَّلْطَنَةِ ـ قَطُّ، وَلاَ نَازَعَ أَحَداً فِي‌ الخِلاَفَةِ.

 قَالَ: وَمَنْ غَرِقَ فِي‌ بَحْرِ المَعْرِفَةِ لَمْ يَطْمَعْ فِي‌ شَطٍّ، وَمَن‌ تَعلی إلی‌ ذِرْوَةِ الحَقِيقَةِ لَمْ يَخَفْ مِنْ حَطٍّ ـ إلی‌ آخِرِ كَلاَمِهِ.[3]

 وهنا قال‌ آية‌ الله‌ السيّد شرف‌ الدين‌ بالمناسبة‌: وَالحَقُّ يُنْطِقُ مُنْصِفاً وَعَنِيداً.

 نبغ‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ جمّ غفير، وعدد كثير، كانوا أئمّة‌ هُدي‌، ومصابيح‌ دجي‌، وبحار علم‌، ونجوم‌ هداية‌. والذين‌ دوِّنت‌ أسماؤهم‌ وأحوالهم‌ في‌ كتب‌ التراجم‌ منهم‌ أربعة‌ آلاف‌ رجل‌ من‌ العراق‌ والحجاز وفارس‌ وسوريا. وهم‌ أُولو مصنّفات‌ مشهورة‌ لدي‌ علماء الإماميّة‌، ومن‌ جملتها الاُصول‌ الاربعمائة‌، وهي‌ ـ كما ذكرناه‌ سابقاًـ أربعمائة‌ مصنَّف‌ لاربعمائة‌ مصنِّف‌ كُتبت‌ من‌ فتاوي‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ علی عهده‌. فكان‌ عليها مدار العلم‌ والعمل‌ من‌ بعده‌، حتّي‌ لخّصها جماعة‌ من‌ أعلام‌ الاُمّة‌، وسفراء الائمّة‌ في‌ كتب‌ خاصّة‌، تسهيلاً للطالب‌، وتقريباً علی المتناول‌.

 وأحسن‌ ما جُمع‌ منها الكتب‌ الاربعة‌ التي‌ هي‌ مرجع‌ الإماميّة‌ في‌ أُصولهم‌ وفروعهم‌ من‌ الصدر الاوّل‌ إلی‌ هذا الزمان‌، وهي‌ « الكافي‌ »، و « التهذيب‌ »، و « الاستبصار »، و « من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌ ». وهي‌ متواترة‌ ومضامينها مقطوع‌ بصحّتها. و « الكافي‌ » أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها. وفيه‌ ستّة‌ عشر ألف‌ ومائة‌ وتسعة‌ وتسعون‌ حديثاً، وهي‌ أكثر ممّا اشتملت‌ عليه‌ الصحاح‌ الستّة‌ بأجمعها، كما صرّح‌ به‌ الشهيد في‌ « الذِّكري‌ »، وغير واحد من‌ الاعلام‌.

 وأ لّف‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ والكاظم‌ عليهما السلام‌ كتباً كثيرةً، اشتهر منها تسعة‌ وعشرون‌ كتاباً، رواها أصحابنا بأسانيدهم‌ إلیه‌. وتفصيلها في‌ كتابنا « مختصر الكلام‌ في‌ مؤلّفي‌ الشيعة‌ من‌ صدر الإسلام‌ ». وهي‌ كتب‌ ممتعة‌ باهرة‌ في‌ وضوح‌ بيانها، وسطوع‌ برهانها، في‌ الاُصول‌ والفروع‌، وفي‌ التوحيد والفلسفة‌ العقليّة‌، والردّ علی كُلٍّ من‌ الزنادقة‌، والملاحدة‌، والطبيعيّين‌، والقدريّة‌، والجبريّة‌، والغلاة‌ في‌ عليٍّ وأهل‌ البيت‌. وفي‌ الردّ علی الخوارج‌ والناصبة‌، ومنكري‌ الوصيّة‌ إلی‌ عليٍّ ومؤخرِّيه‌ ومحاربيه‌، والقائلين‌ بجواز تقديم‌ المفضول‌ وغير ذلك‌.

 وكان‌ هشام‌ من‌ أعلم‌ أهل‌ القرن‌ الثاني‌ في‌ علم‌ الكلام‌، والحكمة‌ الإلهيّة‌، وسائر العلوم‌ العقليّة‌ والنقليّة‌، مبرّزاً في‌ الفقه‌ والحديث‌، مقدَّماً في‌ التفسير، وسائر العلوم‌ والفنون‌. وهو ممّن‌ فتق‌ الكلام‌ في‌ الإمامة‌، وهذّب‌ المذهب‌ بالنظر. يروي‌ عن‌ الصادق‌ والكاظم‌، وله‌ عندهم‌ جاه‌ لا يحيط‌ به‌ الوصف‌. وقد فاز منهم‌ بثناءٍ يسمو به‌ في‌ الملإ الاعلی قدره‌. وكان‌ في‌ مبدأ أمره‌ من‌ الجهميّة‌. ثمّ لقي‌ الصادق‌ فاستبصر بهديه‌ و لحق‌ به‌، ثمّ بالكاظم‌ ففاق‌ جميع‌ أصحابهما.

 ورماه‌ بالتجسيم‌ وغيره‌ من‌ الطامّات‌ مريدو إطفاء نور الله‌ من‌ مشكاته‌، حسداً لاهل‌ البيت‌ وعدواناً. ونحن‌ أعرف‌ الناس‌ بمذهبه‌، وفي‌ أيدينا أحواله‌ وأقواله‌. وله‌ في‌ نصرة‌ مذهبنا من‌ المصنّفات‌ ما أشرنا إلیه‌، فلايجوز أن‌ يخفي‌ علينا من‌ أقواله‌ ـ وهو من‌ سلفنا وفرطنا ـ ما ظهر لغيرنا، مع‌ بعدهم‌ عنه‌ في‌ المذهب‌ والمشرب‌!

 الرجوع الي الفهرس

‌ دفاع‌ الشهرستانيّ عن‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌

 علی أنّ ما نقله‌ الشهرستانيّ في‌ « الملل‌ والنحل‌ » من‌ عبارة‌ هشام‌ لا يدلّ علی قوله‌ بالتجسيم‌. وإلیك‌ عين‌ ما نقله‌. قال‌:

 وَهِشَامُ بْنُ الحَكَمِ صَاحِبُ غَوْرٍ فِي‌ الاُصُولِ، لاَ يَجُوزُ أَنْ يُغْفَلَ عَنْ إلزَامَاتِهِ علی المُعْتَزَلَةِ، فَإنَّ الرَّجُلَ وَرَاءَ مَا يُلْزِمُهُ علی الخَصْمِ، وَدُونَ مَا يُظْهِرُهُ مِنَ التَّشبِيهِ. وَذَلِكَ أَ نَّهُ أَلْزَمَ العَلاَّفَ فَقَالَ: إنَّكَ تَقُولُ: البَارِي‌ عَالِمٌ بِعِلْمٍ وَعِلْمُهُ ذَاتُهُ، فَيَكُونُ عَالِماً لاَ كَالعَالَمِينَ، فَلِمَ لاَ تَقُولُ: هُوَ جِسْمٌ لاَ كَالاَجْسَامِ؟! ـ انتهي‌.

 ولا يخفي‌ أنّ هذا الكلام‌ إن‌ صحّ عنه‌ فإنّما هو بصدد المعارضة‌ مع‌ العلاّف‌، وليس‌ كلّ من‌ عارض‌ بشي‌ءٍ يكون‌ معتقداً له‌، إذ يجور أن‌ يكون‌ قصده‌ اختبار العلاّف‌، وسبر غوره‌ في‌ العلم‌، كما أشار الشهرستانيّ إلیه‌ بقوله‌: فإنّ الرجل‌ وراء ما يلزمه‌ علی الخصم‌، ودون‌ ما يظهر من‌ التشبيه‌.

 علی أ نّه‌ لو فُرض‌ ثبوت‌ ما يدلّ علی التجسيم‌ عن‌ هشام‌، فإنّما يمكن‌ ذلك‌ عليه‌ قبل‌ استبصاره‌، إذ عرفتَ أ نّه‌ كان‌ ممّن‌ يري‌ رأي‌ الجهميّة‌، ثمّ استبصر بهدي‌ آل‌ محمّد، فكان‌ منأعلام‌ المختصّين‌ بأئمّتهم‌، لم‌ يعثر أحد من‌ سلفنا علی شي‌ء ممّا نسبه‌ الخصم‌ إلیه‌. كما أ نّا لم‌ نجد أثراً ما لشي‌ء ممّا نسبوه‌ إلی‌ كلِّ من‌ زرارة‌ بن‌ أعين‌، ومحمّد بن‌ مسلم‌، ومؤمن‌ الطاق‌، وأمثالهم‌، مع‌ أ نّا قد استفرغنا الوسع‌ والطاقة‌ في‌ البحث‌ عن‌ ذلك‌. وما هو إلاّ البغي‌ والعدوان‌، والإفك‌ والبهتان‌، وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّـ'لِمُونَ.

 أمّا ما نقله‌ الشهرستانيّ! عن‌ هشام‌ من‌ القول‌ بإلهيّة‌ عليٍّ، فشي‌ء يُضحك‌ الثكلي‌. وهشام‌ أجلّ من‌ أن‌ تُنسب‌ إلیه‌ هذه‌ الخرافة‌ والسخافة‌. وهذا كلام‌ هشام‌ في‌ التوحيد ينادي‌ بتقديس‌ الله‌ عن‌ الحلول‌، وعلوّه‌ عمّا يقوله‌ الجاهلون‌. وذاك‌ كلامه‌ في‌ الإمامة‌ والوصيّة‌ يعلن‌ بتفضيل‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ علی عليٍّ، مصرِّحاً بأنَّ عليّاً من‌ جلمة‌ أُمّته‌ ورعيّته‌، وأ نّه‌ وصيّه‌ وخليفته‌. وأ نّه‌ من‌ عبادالله‌ المظلومين‌ المقهورين‌، العاجزين‌ عن‌ حفظ‌ حقوقهم‌، المضطرّين‌ إلی‌ أن‌ يضرعوا لخصومهم‌، الخائفين‌ المترقّبين‌ الذين‌ لا ناصر لهم‌ ولا معين‌.

 وكيف‌ يشهد الشهرستانيّ لهشام‌ بأنّه‌ صاحب‌ غورٍ في‌ الاُصول‌، وأ نّه‌ لا يجوز أن‌ يغفل‌ عن‌ إلزاماته‌ علی المعتزلة‌، وأ نّه‌ دون‌ ما أظهره‌ لعلاّف‌ من‌ قوله‌: فَلِمَ لا تقول‌: إنّ الله‌ جسم‌ لا كالاجسام‌؟ ثمّ ينسب‌ إلیه‌ القول‌ بأنّ عَليَّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ هُوَ اللَهُ تَعَإلی‌؟ إلیس‌ هذا تناقضاً واضحاً؟!

 وهل‌ يليق‌ بمثل‌ هشام‌ علی غزارة‌ فضله‌ أن‌ تنسب‌ إلیه‌ الخرافات‌؟ كلاّ. لكن‌ القوم‌ أبوا إلاّ الإرجاف‌ جسداً وظلماً لاهل‌ البيت‌ ومن‌ يري‌ رأيهم‌. وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

 الرجوع الي الفهرس

المدوّنون‌ من‌ أصحاب‌ الإمام‌ الكاظم‌ حتّي‌ العسكري‌ّ عليهما السلام‌

 وقد كثر التإلیف‌ علی عهد الكاظم‌، والرضا، والجواد، والهادي‌، والحسن‌ الزكيّ العسكريّ عليهم‌ السلام‌ بما لا مزيد عليه‌، وانتشرت‌ الرواة‌ عنهم‌، وعن‌ رجال‌ الائمّة‌ من‌ آبائهم‌ في‌ الامصار، وجسروا للعلم‌ عن‌ ساعد الاجتهاد، وشمّروا عن‌ ساق‌ الكدّ والجدّ، فخاضوا عباب‌ العلوم‌، وغاصوا علی أسرارها، وأحصوا مسائلها، ومحصوا حقائقها، فلم‌ يألوا في‌ تدوين‌ الفنون‌ جهداً، ولم‌ يدّخروا في‌ جمع‌ أشتات‌ المعارف‌ وسعاً.

 قال‌ المحقّق‌ الحلّيّ أعلی الله‌ مقامه‌ في‌ « المعتَبر »: وكان‌ من‌ تلامذة‌ الجواد عليه‌ السلام‌ فضلاء كالحسين‌ بن‌ سعيد، وأخيه‌ الحسن‌، وأحمدبن‌ محمّدبن‌ أبي‌ نصر البزنطيّ، وأحمد بن‌ محمّد بن‌ خالد البرقيّ، وشاذان‌، وأبي‌ الفضل‌ العُمَيّ،[4] وأيّوب‌ بن‌ نوح‌، وأحمد بن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، وغيرهم‌ ممّن‌ يطول‌ تعدادهم‌. قال‌ أعلی الله‌ مقامه‌: وكتبهم‌ إلی‌ الآن‌ منقولة‌ بين‌ الاصحاب‌ دالّة‌ علی العلم‌ الغزير ـ انتهي‌.

 قال‌ السيّد شرف‌ الدين‌ هنا: قلتُ: وحسبُك‌ أنّ كتب‌ البرقيّ تربو علی مائة‌ كتاب‌. وللبَزَنْطيّ الكتاب‌ الكبير المعروف‌ ب « جامع‌ البزنطيّ ». وللحسين‌ بن‌ سعيد ثلاثون‌ كتاباً. ولا يمكن‌ في‌ هذا الإملاء إحصاء ما ألّفه‌ تلامذة‌ الائمّة‌ الستّة‌ من‌ أبناء الصادق‌ عليه‌ السلام‌. بَيدَ أ نّي‌ أُحيلك‌ علی كتب‌ التراجم‌ والفهارس‌، فراجع‌ منها أحوال‌ محمّد بن‌ سنان‌، وعليّ بن‌ مهزيار، والحسن‌ بن‌ محبوب‌، والحسن‌ بن‌ محمّد بن‌ سماعة‌، وصفوان‌ بن‌ يحيي‌، وعليّ بن‌ يقطين‌، وعليّ بن‌ فضال‌، وعبدالرحمن‌ بن‌ نجران‌، والفضل‌ بن‌ شاذان‌ ـ فإنّ له‌ مائتي‌ كتاب‌ـ ومحمّد بن‌ مسعود العيّاشيّ ـ فإنّ كتبه‌ تربو علی المائتين‌ـ ومحمّد بن‌ عمير، وأحمد بن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، فإنّه‌ روي‌ عن‌ مائة‌ رجل‌ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، ومحمّد بن‌ عليّ بن‌ محبوب‌، وطلحة‌ بن‌ طلحة‌ بن‌ زيد، وعمّار بن‌ موسي‌ الساباطيّ، وعليّ بن‌ النعمان‌، والحسين‌ بن‌ عبدالله‌، وأحمد بن‌ عبدالله‌ بن‌ مهران‌ المعروف‌ بابن‌ خانة‌، وصدقة‌ بن‌ المنذر القمّيّ، وعبيدالله‌ بن‌ عليّ الحلبيّ الذي‌ عرض‌ كتابه‌ علی الصادق‌ عليه‌ السلام‌ فصحّحه‌ واستحسنه‌، وقال‌: أتري‌ لهؤلاء مثل‌ هذا الكتاب‌؟، وأبي‌ عمرو الطبيب‌، وعبدالله‌ بن‌ سعيد الذي‌ عرض‌ كتابه‌ علی أبي‌ الحسن‌ الرضا عليه‌ السلام‌، ويونس‌ بن‌ عبدالرحمن‌ الذي‌ عرض‌ كتابه‌ علی الإمام‌ أبي‌ محمّد الحسن‌ الزكيّ العسكريّ عليه‌السلام‌.

 ومَن‌ تتبّع‌ أحوال‌ السلف‌ من‌ شيعة‌ آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، واستقصي‌ أصحاب‌ كلّ من‌ الائمّة‌ التسعة‌ من‌ ذرّيّة‌ الحسين‌، وأحصي‌ مؤلّفاتهم‌ المدوَّنة‌ علی عهد أئمّتهم‌، واستقرأ الذين‌ رووا عنهم‌ تلك‌ المؤلّفات‌، وحملوا عنهم‌ حديث‌ آل‌ محمّد في‌ فروع‌ الدين‌ وأُصوله‌ من‌ أُلوف‌ الرجال‌، ثمّ ألَمَّ بحملة‌ هذه‌ العلوم‌ في‌ كلّ طبقة‌ طبقة‌، يداً عن‌ يد من‌ عصر التسعة‌ المعصومين‌ إلی‌ عصرنا هذا، يحصل‌ له‌ القطع‌ الثابت‌ بتواتر مذهب‌ الائمّة‌، ولا يرتاب‌ في‌ أنّ جميع‌ ما ندين‌ الله‌ به‌ من‌ فروع‌ وأُصول‌، إنّما هو مأخوذ من‌ آل‌ الرسول‌. لا يرتاب‌ في‌ ذلك‌ إلاّ مكابر عنيد، أو جاهل‌ بليد ( الذي‌ لا يقبل‌ كلام‌ الطرف‌ المقابل‌ من‌ وحي‌ زهوه‌ الوهميّ الخيإلی، وهو من‌ أهل‌ العناد والخصومة‌، أو هو جاهل‌ قليل‌ الفهم‌ وسفيه‌ سقيم‌ الذهن‌ ). وَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَهُ، وَالسَّلاَمُ. [5]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ عبد الحليم‌ الجندي‌ّ في‌ تدوين‌ الشيعة‌ للسنّة‌ النبويّة‌

 قال‌ المستشار المصريّ عبدالحليم‌ الجنديّ في‌ كتابه‌ الثمين‌ « الإمام‌ جعفر الصادق‌ »: ولا مرية‌ كان‌ منهج‌ عليٍّ ومن‌ تابعه‌ في‌ التدوين‌ خيراً كبيراً للمسلمين‌ منع‌ المساوي‌ المنسوبة‌ إلی‌ بعض‌ الروايات‌، وأقفل‌ الباب‌ دون‌ افتراء الزنادقة‌ والوضّاعين‌. فَالسَّبْقُ فِي‌ التَّدْوِينِ فَضِيلَةُ الشِّيعَةِ. ولمّا أجمع‌ العلماء بعد زمان‌ طويل‌ علی الالتجاء إلیه‌ كانوا يسلّمون‌ بهذه‌ الفضيلة‌ ـبالإجاع‌ـ لعليٍّ وبنيه‌.

 والسنّة‌ شارحة‌ للكتاب‌ العزيز، وهو مكتوب‌ بإملاء صاحب‌ الرسالة‌. فهي‌ كمثله‌ حقيقةٌ بالكتابة‌.

 وبعد أن‌ ذكر أنّ التدوين‌ لم‌ يتحقّق‌ عند العامّة‌ حتّي‌ قرنين‌ أو قرنين‌ ونصف‌، وأنّ الناس‌ كانوا مجبورين‌ علی الرحلة‌ إلی‌ أقطار العالم‌ لتلقّي‌ الحديث‌ علی العلماء، وبعد أن‌ تحدّث‌ عن‌ هذا الموضوع‌، قال‌:

 كان‌ تلاميذ الصادق‌ من‌ كتبار المدوِّنين‌، فلقد عاشوا في‌ عصر نهضة‌ علميّة‌ كبري‌ أُعجب‌ بها العالم‌. تبارت‌ فيها يراعات‌ المدوِّنين‌. ودارت‌ عجلات‌ التدوين‌ كهئية‌ ما دارت‌ عجلات‌ الطباعة‌ عند ظهور المطبعة‌. بدأها عمر بن‌ عبدالعزيز علی رأس‌ القرن‌، إذ أمر بتدوين‌ السنّة‌. وتابعها علماء الاُمّة‌ من‌ أهل‌ السُّنّة‌.

 ومن‌ بعد وفاة‌ الصادق‌ في‌ عام‌ 148 ه دوّن‌ أربعة‌ آلاف‌ من‌ تلاميذه‌ في‌ كلّ علومه‌، ومن‌ جملتها ما يُسمّي‌ ( الاُصول‌ الاربعمائة‌ ). وهي‌ أربعمائة‌ مصنَّف‌ لاربعمائة‌ مصنِّف‌ من‌ فتاوي‌ الصادق‌. وعليها مدار العلم‌ والعمل‌ من‌ بعده‌. وخير ما جمع‌ منها كتب‌ أربعة‌ هي‌ مرجع‌ الإماميّة‌ في‌ أُصولهم‌ وفروعهم‌ إلی‌ إلیوم‌. وهي‌ « الكافي‌ »، و « من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌ »، و « التهذيب‌ »، و « الاستبصار ».

 و « الكافي‌ » ـ للكلينيّ أبي‌ جعفر محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ ( 329 ) ـ أعظمها وأقومها، وأحسنها وأتقنها، فيه‌ 16190 حديثاً ألّفه‌ الكلينيّ في‌ عشرين‌ سنةً.

 وأمّا كتاب‌ « من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌ » فوضعه‌ ابن‌ بابويه‌ القمّيّ محمّدبن‌ عليّ بن‌ موسي‌ بن‌ بابويه‌ القمّيّ [6] الملقّب‌ بالصدوق‌. دخل‌ بغداد سنة‌ 350 ومات‌ بالريّ سنة‌ 381 ه )، وفيه‌ 5963 حديثاً. وهذا الكتاب‌ أهمّ مؤلّفاته‌، مع‌ أ نّه‌ أ لّف‌ ثلاثمائة‌ كتاب‌.

 الرجوع الي الفهرس

الشيخ‌ الطوسي‌ّ والشريفان‌ المرتضي‌ والرضي‌ّ

 وأمّا « التهذيب‌ »، و « الاستبصار » فوضعهما بعد نحو قرن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ عليّ الطوسيّ ( 460 ) الملقّب‌ ( شيخ‌ الطائفة‌ ). وكان‌ فقيهاً في‌ مذهبَي‌ الشيعة‌ وأهل‌ السُّنّة‌. وفي‌ « التّهذيب‌ » 13590 حديثاً، وفي‌ « الاستبصار » 5511 حديثاً.

 دخل‌ الطوسيّ بغداد سنة‌ 408 ه، واستقرّ بها في‌ أيّام‌ الشيخ‌ المفدي‌ محمّد بن‌ محمّد بن‌ النعمان‌ ( 336 ـ 411 ه ) صاحب‌ « شرح‌ عقائد الصدوق‌ »، و « أوائل‌ المقالات‌ »، ونحو مائتي‌ مؤلَّف‌.

 وتتلمذ الطوسيّ بعد موت‌ الشيخ‌ المفيد للشريف‌ المرتضي‌، فنجب‌ في‌ مدرسة‌ الشرف‌، وفي‌ « دار العلم‌ » التي‌ أنشأها. وكان‌ يجري‌ عليه‌ اثني‌ عشر ديناراً في‌ الشهر طوال‌ ملازمته‌ له‌ حتّي‌ وفاة‌ المرتضي‌. وانتفع‌ بكتب‌ المرتضي‌ والكتب‌ التي‌ حوتها مكتبته‌. فألّف‌ في‌ كلّ علوم‌ الإسلام‌، واجتهد الاجتهاد المطلق‌، فكان‌ حجّةً في‌ فقه‌ الشيعة‌ والسنّة‌.

 ومن‌ أجلّ آثاره‌ تدريسه‌ في‌ مجالسه‌، وأمإلیه‌ بالنجف‌ الاشرف‌ في‌ جوار مشهد أميرالمؤمنين‌ عليّ. وبهذا افتتح‌ عصر العلم‌ بالنجف‌ الاشرف‌، فصار صنواً للازهر الاغرّ ـ الذي‌ أقامته‌ دولة‌ من‌ دول‌ الشيعة‌ ـ والمعهدان‌ هما اللذان‌ حفظا علوم‌ الإسلام‌.

 فالطوسيّ، والشريفان‌ الرضيّ والمرتضي‌، والشيخان‌ المفيد والصدوق‌، والكلينيّ، قد وصلوا ما انقطع‌ من‌ التإلیف‌ منذ عصر الإمام‌ الصادق‌ حتّي‌ منتصف‌ القرن‌ الخامس‌، ليستمرّ التيّار في‌ التدفّق‌.

 والشريفان‌ في‌ مدرسة‌ جدّهما صنوان‌. أبوهما أبو أحمد الموسويّ ( نسبة‌ إلی‌ جدّه‌ الإمام‌ موسي‌ الكاظم‌ ). وفيه‌ قول‌ ابن‌ أبي‌ الحديد شارح‌ « نهج‌ البلاغة‌ » للشريف‌ الرضيّ: كان‌ أبوه‌ أبو أحمد جليل‌ القدر عظيم‌ المنزلة‌ في‌ دولة‌ بني‌ العبّاس‌ وبني‌ بويه‌، ولُقِّبَ بـ « الطاهر ذي‌ المناقب‌ ». ولقّبه‌ أبو نصر بن‌ بويه‌ بـ « الطاهر الاوحد ». ولي‌ نقابة‌ الطالبيّين‌ عدّة‌ مرّات‌، كما ولي‌ النظر في‌ المظالم‌، وحجّ بالناس‌ مراراً علی الموسم‌.

 عاش‌ أبو أحمد طوال‌ القرن‌ الرابع‌ ( 304 ـ 400 ه )، وكان‌ يستخلف‌ علی الحجّ ولدَيه‌: الرضيّ والمرتضي‌.

 والشريف‌ الرضيّ ( 359 ـ 406 ه ) هو شاعر العربيّة‌ الشهير، وجامع‌ « نهج‌ البلاغة‌ » الاشهر، من‌ خطب‌ أميرالمؤمنين‌ عليّ. تولّي‌ نقابة‌ الطالبيّين‌ في‌ حياة‌ أبيه‌ ومن‌ بعده‌. وتولّي‌ النيابة‌ عن‌ الخليفة‌ العبّاسيّ. فهذه‌ ولاية‌ ينفرد بها في‌ التأريخ‌، تجمع‌ بين‌ نقابة‌ الطالبيّين‌ وبين‌ نيابة‌ الخلافة‌ السنّيّة‌.

 وللشريف‌ الرضيّ تإلیف‌ عظيمة‌ في‌ تفسير القرآن‌ منها: 1 ـ «تلخيص‌ البيان‌ في‌ مجازات‌ القرآن‌» [7]. 2 ـ «حقائق‌ التأويل‌ ومتشابه‌ التنزيل‌». 3 ـ «معاني‌ القرآن‌». كذلك‌ له‌. 4 ـ «مجازات‌ الآثار النبويّة‌». 5 ـ «خصائص‌ الائمّة‌».

 أمّا الشريف‌ المرتضي‌ ( 436 ه ) فيقول‌ عنه‌ الثعالبيّ في‌ « يتيمة‌الدهر» ـ وهما متعاصران‌ـ: انتهت‌ الرئاسة‌ إلیوم‌ ببغداد إلی‌ المرتضي‌ في‌ المجد والشرف‌ والعلم‌ والادب‌ والفضل‌ والكرم‌. وله‌ شعر نهاية‌ في‌ الحسن‌. ومؤلّفاته‌ كثيرة‌، منها: «أمإلی‌ المرتضي‌»، «الشاقي‌»، «تنزيه‌ الانبياء»، «المسائل‌ الموصليّة‌ الاُولي‌»، «مسائل‌ أهل‌ الموصل‌ الثانية‌»، «مسائل‌ أهل‌ الموصل‌ الثالثة‌»، «المسائل‌ الديلميّة‌»، «المسائل‌ الطرابلسيّة‌ الاخيرة‌»، «المسائل‌ الحلبيّة‌ الاُولي‌»، «المسائل‌ الجرجانيّة‌»، «المسائل‌ الصيداويّة‌»، وتإلیف‌ أُخري‌ كبيرة‌ في‌ الفقه‌ والقياس‌ ورفضه‌. وقد شرح‌ تلميذه‌ الطوسيّ أكثر من‌ مؤلَّف‌ له‌.

 ومن‌ أعظم‌ آثاره‌ إنشاء « دار العلم‌ » ببغداد، ورصده‌ الاموال‌ عليها وإجزاؤه‌ العطاء علی التلاميذ وإطعامهم‌ وإسكانهم‌، وكان‌ يتبع‌ « دار العلم‌ » هذه‌ مكتبته‌ التي‌ تحوي‌ أكثر من‌ ثمانين‌ ألف‌ مجلّد. وحسبه‌ أن‌ يكون‌ الطوسيّ من‌ تلاميذه‌. وفي‌ آثار هذا السلف‌ العظيم‌ تتابع‌ ركب‌ العلماء والمؤلّفين‌ الفحول‌ يخلّدون‌ فقه‌ الإسلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

السبّاقون‌ في‌ التدوين‌ هم‌ شيعة‌ علی من‌ الصحابة‌ والتابعين‌

 مَشيَخة‌ العلماء:

 كان‌ مع‌ الكتب‌ التي‌ آلت‌ عن‌ عليّ ومعاصريه‌ مؤلّفات‌ كبيرة‌ أو صغيرة‌، وضعها من‌ جاؤوا بعده‌. وسير لهذا الثبت‌ الضخم‌ من‌ شيعته‌ من‌ الصحابة‌، والتابعين‌، وتابعي‌ التابعين‌. فهذا هو التراث‌ التأريخيّ للشهداء وأشياع‌ الشهداء. لا تكفّ الاُمّة‌ عن‌ ترديده‌، جهرةً وخفيةً، يتصدّرهم‌ الصحابة‌ العظماء. وإلیك‌ بعض‌ الاسماء:

 سلمان‌ الفارسيّ ( الذي‌ يُطلق‌ عليه‌ سلمان‌ المحمّديّ )، وأبو ذرّ ( أصدق‌ الناس‌ لهجةً )، وعمّار الذي‌ ( تقتله‌ الفئة‌ الباغية‌ ) وهو في‌ التسعين‌ يحارب‌ مع‌ عليّ، والعبّاس‌ بن‌ عبدالمطلّب‌، وأبو أيّوب‌ الانصاريّ، والمقداد بن‌ الاسود الكنديّ الذي‌ قال‌ لعليّ يوم‌ بيعة‌ السقيفة‌: إنْ أَمَرْتَنِي‌ ضَرَبْتُ بِسَيْفِي‌، وَإنْ أَمَرْتَنِي‌ كَفَفْتُ. قَالَ: اكْفُفْ! وخزيمة‌ ذوالشهادتين‌، وأبو التَّيِّهان‌، وعبدالله‌ والفضل‌ ابنا العبّاس‌، وبلال‌ بن‌ رباح‌، وهاشم‌ بن‌ عُتْبَة‌ المِرْقَال‌، وأبان‌ وخالد ابنا سعيد بن‌ العاص‌، وأُبيّ بن‌ كعب‌ سيّد القرّاء، وأنس‌ بن‌ الحرث‌ بن‌ نبيه‌، وعثمان‌ وسهل‌ ابنا حنيف‌، وبريدة‌، وحذيفة‌، وقيس‌ بن‌ سعد بن‌ عبادة‌ رئيس‌ الانصار، وهند بن‌ أبي‌ هالة‌ ـ أُمّه‌ أُمّ سلمة‌ [8] أُمّ المؤمنين‌ ـ وجُعدة‌ بن‌ هبيرة‌ المخزوميّ ـ أُمّه‌ أُمّ هاني‌ ابنة‌ أبي‌ طالب‌ ـ وجابر‌ بن‌ عبدالله‌ الانصاريّ.

وسيجري‌ في‌ آثار الصحابة‌ التابعين‌ لهم‌ وتابعي‌ التابعين‌. فيضيفون‌ إلی‌ التراث‌ العظيم‌ آثار رجال‌ عظماء منهم‌، من‌ أشياع‌ عليّ، الاحنف‌ بن‌ قيس‌، سويد بن‌ غفلة‌، الحكم‌ بن‌ عينية‌، سالم‌ بن‌ أبي‌ الجعد، عليّ بن‌ أبي‌ الجعد، السعيدان‌: ابن‌ جُبير، وابن‌ المسيّب‌، [9] ويحيي‌ بن‌ نظير العدوانيّ، والخليل‌بن‌ أحمد الفراهيديّ! مؤسّس‌ علم‌ العروض‌، وأبو مسلم‌ معاذبن‌ مسلم‌ الهراء موسّس‌ علم‌ الصرف‌.

 وفي‌ مدرسة‌ التابعين‌ هذه‌ برز أبو هاشم‌ ( عبدالله‌ بن‌ محمّد ابن‌ الحنفيّة‌ ابن‌ أميرالمؤمنين‌ ) وأبو هاشم‌ أوّل‌ من‌ تكلّم‌ في‌ علم‌ الكلام‌. ومن‌ بعده‌ نشأت‌ مدرسة‌ المعتزلة‌ بزعامة‌ واصل‌ بن‌ عطاء، وعمرو بن‌ عبيد. وبأبي‌ هاشم‌ تبدأ مدرسة‌ المتكلّمين‌ من‌ الشيعة‌.

 ومن‌ جيل‌ التاعبين‌ هشام‌ بن‌ محمّد بن‌ السائب‌ الكلبيّ، وأبو مخنف‌ الازديّ المؤرِّخان‌.

 ويتوإلی‌ موكب‌ العلم‌ العظيم‌ من‌ عهد عليٍّ. وتتعإلی‌ أصوات‌ الدعاة‌ العظماء للمذهب‌ الشيعيّ، كالنابغة‌ الجعديّ، شهد صفّين‌ مع‌ أميرالمؤمنين‌، وله‌ فيها أشعاره‌ المشهورة‌ وكان‌ معه‌ عروة‌ بن‌ زيد الخيل‌، ولبيد بن‌ ربيعة‌، وكعب‌ بن‌ زهير صاحب‌ قصيدة‌ « بانت‌ سعاد ».

 ومن‌ بعدهم‌ الفرزدق‌، وكثير عزّة‌ من‌ شعراء القرن‌ الاوّل‌، ثمّ الكميت‌، وقيس‌ بن‌ ذريح‌، والسيّد الحميريّ، ودعبل‌ الخزاعيّ، وأبو تمّام‌، والبحتريّ، وديك‌ الجنّ، والحسين‌ بن‌ الضحّاك‌، وابن‌ الروميّ، والاشجع‌ السلميّ. [10]

 وعلم‌ أهل‌ البيت‌ علم‌ كلّ الاُمّة‌. فأميرالمؤمنين‌ عليّ في‌ قمّة‌ السند عند الجميع‌ من‌ سنّة‌ وشيعة‌. لكن‌ الذين‌ ينقلون‌ عنه‌ ـمن‌ الشيعة‌ أو أهل‌ السنّة‌ـ محلّ تفاوت‌.

 الرجوع الي الفهرس

شروط‌ الشيعة‌ في‌ قبول‌ الحديث‌ ممّن‌ يرويه‌

 فالشيعة‌ لا يقبلون‌ كلمةً ممّن‌ حارب‌ عليّاً أو ظلمه‌ من‌ الصحابة‌ أو التابعين‌. وأهل‌ السنّة‌، مع‌ اختلافهم‌ من‌ ناحية‌ شروط‌ الرواية‌ والراوي‌، لايقبل‌ بعضهم‌ ما لا يصل‌ إلیه‌ بطريقته‌، ويتشكّك‌ بعضهم‌ في‌ بعض‌ ماي‌ رويه‌ الشيعة‌ لاُمور تتعلّق‌ بالسند أو بالمتن‌ أو برواية‌ من‌ الشيعة‌. [11]

 الرجوع الي الفهرس

الشيعة‌ يروون‌ عن‌ أهل‌ السنّة‌ أيضاً

 وينبغي‌ التنبيه‌ لا يشترطون‌ في‌ قبول‌ الرواية‌ والخبر الذي‌ يصل‌ إلیهم‌ من‌ النبيّ أو الائمّة‌ الطاهرين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ عليهم‌ أجمعين‌ أن‌ يكون‌ الراوي‌ شيعيّاً. بل‌ يكفي‌ أن‌ يكون‌ ثقة‌ سواء كان‌ سنيّاً أشعريّاً أم‌ معتزليّاً، أو تابعاً لمذهب‌ غير مذهب‌ أهل‌ البيت‌ في‌ الفروع‌. ذلك‌ أنّ مناط‌ الخبر الصحيح‌ والموثّق‌ ومعيارهما عند الشيعة‌ وثوقه‌ والاطمئنان‌ إلی‌ صدوره‌. من‌ هنا نلحظ‌ مثلاً أ نّهم‌ يعملون‌ بموثّقة‌ عبدالله‌ بن‌ بُكَيْر مع‌ أ نّه‌ فطحيّ المذهب‌، لا نّه‌ ليس‌ من‌ أهل‌ الكذب‌ في‌ مذهبه‌ وكلامه‌، ويسرد مرويّاته‌ مستنداً مراعياً الامانة‌ في‌ النقل‌ والكلام‌.

 نعم‌، يرفض‌ الشيعة‌ رواية‌ الخوارج‌ والنواصب‌، لا نّهم‌ يعادون‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ ويُسيئون‌ إلیهم‌.

 وعلی هذا الاساس‌ نجد أنّ كثيراً من‌ علماء الشيعة‌ ومحدّثيهم‌ ومفسّريهم‌ ومؤرّخيهم‌ منذ عصر الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ ينقلون‌ ويروون‌ أحاديث‌ كثيرة‌ عن‌ رواة‌ العامّة‌ أو كتبهم‌، وأدّت‌ هذه‌ النقطة‌ المهمّة‌ إلی‌ ما يأتي‌: 1 ـ نقل‌ ورواية‌ كثير من‌ أحاديث‌ العامّة‌ بنفضل‌ الشيعة‌ وبركاتهم‌، وعدم‌ انقطاع‌ مسلسل‌ الروايد، وبقاء رواية‌ السنّة‌ النبويّة‌ حيّة‌ في‌ كلّ زمان‌ ومكان‌. 2 ـ نتيجة‌ لثقة‌ العامّة‌ واطمئنانهم‌ إلی‌ علماء الشيعة‌ العظام‌ الذين‌ لهم‌ منزلتهم‌ العلميّة‌ عندهم‌ ويعرفون‌ بالصدق‌ لديهم‌، فقد رووا عنهم‌. وكان‌ بين‌ رواة‌ كثير من‌ الاحاديث‌ الواردة‌ في‌ صحاح‌ العامّة‌ ومسانيدهم‌ وسننهم‌، بل‌ القسم‌ الاعظم‌ منها شيعة‌ كانوا حملةً للدين‌ وأعلاماً في‌ الحديث‌ والخبر والتفسير، حتّي‌ أ نّه‌ لو لم‌ يأخذ العامّة‌ هذه‌ الاحاديث‌ من‌ الشيعة‌ لضاع‌ واندثر مقدار عظيم‌ من‌ كتبهم‌.

 من‌ هنا قال‌ الذهبيّ: لو أسقطنا رواة‌ الشيعة‌ من‌ سلسلة‌ السند، لضاع‌ ثلث‌ السنّة‌.

 وقد ناقش‌ آية‌ الله‌ السيّد عبدالحسين‌ شرف‌ الدين‌ العامليّ هذا الموضوع‌ في‌ كتاب‌ « المراجعات‌ ». وتحدّث‌ عنه‌ في‌ المراجعة‌ ( 14 ) جواباً عن‌ المراجعة‌ ( 13 ) للشيخ‌ سليم‌ البشريّ المصريّ ـ واعترض‌ فيها بأنّ الذين‌ رووا نزول‌ تلك‌ الآيات‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ ـ فيما قلتم‌ ـ إنّما هم‌ رجال‌ الشيعة‌، ورجال‌ الشيعة‌ لا يحتجّ أهل‌ السنّة‌ بهم‌ ولايقبلون‌ كلامهم‌ ـ وحدّد الجواب‌ في‌ ثلاثة‌ أُمور هي‌: 1 ـ بطلان‌ قياس‌ المعترض‌. 2 ـ المعترض‌ لا يعلم‌ حقيقة‌ الشيعة‌. 3 ـ امتيازهم‌ في‌ تغليظ‌ حرمة‌ الكذب‌ في‌ الحديث‌.

 1 ـ الجواب‌: أنّ قياس‌ هذا المعترض‌ باطل‌، وشكله‌ عقيم‌، لفساد كلّ من‌ صغراه‌ وكبراه‌.

 أمّا الصغري‌، وهي‌ قوله‌: « إنّ الذين‌ رووا نزول‌ تلك‌ الآيات‌ إنّما هم‌ من‌ رجال‌ الشيعة‌ » فواضحة‌ الفساد. يشهد بهذا ثقات‌ أهل‌ السنّة‌ الذين‌ رووا نزولها فيما قلناه‌، ومسانيدهم‌ تشهد بأنّهم‌ أكثر طرقاً في‌ ذلك‌ من‌ الشيعة‌ كما فصّلناه‌ في‌ كتابنا « تنزيل‌ الآيات‌ الباهرة‌ في‌ فضل‌ العترة‌ الطاهرة‌ ». وحسبك‌ « غاية‌ المرام‌ » المنتشر في‌ بلاد الإسلام‌.

 وأمّا الكبري‌، وهي‌ قوله‌: « إنّ رجال‌ الشيعة‌ لا يحتجّ أهل‌ السنّة‌ بهم‌ » فأوضح‌ فساداً من‌ الصغري‌. تشهد بهذا أسانيد أهل‌ السُّنّة‌ وطرقهم‌ المشحونة‌ بالمشاهير من‌ رجال‌ الشيعة‌. وتلك‌ صحاحهم‌ الستّة‌ وغيرها تحتجّ برجال‌ من‌ الشيعة‌. وصمهم‌ الواصمون‌ بالتشيّع‌ والانحراف‌، ونبزوهم‌ بالرفض‌ والخلاف‌، ونسبوا إلیهم‌ الغلوّ والإفراط‌ والتنكّب‌ عن‌ الصراط‌. وفي‌ شيوخ‌ البخاريّ رجال‌ من‌ الشيعة‌ نُبزوا بالرفض‌، ووصموا بالبغض‌، فلم‌ يقدح‌ ذلك‌ في‌ عدالتهم‌ عند البخاريّ وغيره‌، حتّي‌ احتجّوا بهم‌ في‌ الصحاح‌ بكلّ ارتياح‌. فهل‌ يصغي‌ بعد هذا إلی‌ قول‌ المعترض‌: « إنّ رجال‌ الشيعة‌ لا يحتجّ أهل‌ السنّة‌ بهم‌؟» كلاّ.

 الرجوع الي الفهرس

رواة‌ الشيعة‌ أفذاذ في‌ الحفظ‌ والإتقان‌ والورع‌

 2 ـ ولكنّ المعترضين‌ لا يعلمون‌ ولو عرفوا الحقيقة‌ لعلموا أنّ الشيعة‌ إنّما جروا علی منهاج‌ العترة‌ الطاهرة‌، واتّسموا بسماتها، وأ نّهم‌ لايطبعون‌ إلاّ علی غرارها، ولا يضربون‌ إلاّ علی قالبها، فلا نظير لمن‌ اعتمدوا عليه‌ من‌ رجالهم‌ في‌ الصدق‌ والامانة‌، ولا قرين‌ لمن‌ احتجّوا به‌ من‌ أبطالهم‌ في‌ الورع‌ والاحتياط‌، ولا شبيه‌ لمن‌ ركنوا إلیه‌ من‌ أبدالهم‌ في‌ الزهد والعبادة‌ وكرم‌ الاخلاق‌، وتهذيب‌ النفس‌ ومجاهدتها ومحاسبتها بكلّ دقّة‌ آناء الليل‌ وأطراف‌ النهار. لا يُبارَون‌ في‌ الحفظ‌ والضبط‌ والإتقان‌، ولا يجارَون‌ في‌ تمحيص‌ الحقائق‌ والبحث‌ عنها بكلّ دقّة‌ واعتدال‌. فلو تجلّت‌ للمعترض‌ حقيقتهم‌ ـ بما هي‌ في‌ الواقع‌ ونفس‌ الامر ـ لناط‌ بهم‌ ثقته‌، وألقي‌ إلیهم‌ مقإلیده‌، لكن‌ جهله‌ بهم‌ جعله‌ في‌ أمرهم‌ كخابط‌ عشواء، أو راكب‌ عمياء في‌ ليلةٍ ظلماء. يتّهم‌ ثقة‌ الإسلام‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ، وصدوق‌ المسلمين‌ محمّد بن‌ عليّ بن‌ بابويه‌ القمّيّ، وشيخ‌ الاُمّة‌ محمّد بن‌ الحسن‌بن‌ عليّ الطوسيّ. ويستخفّ بكتبهم‌ المقدّسة‌ ـ وهي‌ مستودع‌ علوم‌ آل‌ محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّلا ـ ويرتاب‌ في‌ شيوخهم‌ أبطال‌ العلم‌ وأبدال‌ الارض‌ الذين‌ قصروا أعمارهم‌ علی النصح‌ للّه‌ تعإلی‌ ولكتابه‌ ولرسوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ولائمّة‌ المسلمين‌ وعامّتهم‌.

 3 ـ وقد علم‌ البرّ والفاجر حكم‌ الكذب‌ عند هؤلاء الابرار، والاُلوف‌ من‌ مؤلّفاتهم‌ المنتشرة‌ تلعن‌ الكاذبين‌، وتعلن‌ أنّ الكذب‌ في‌ الحديث‌ من‌ الموبقات‌ الموجبة‌ لدخول‌ النار. ولهم‌ في‌ تعمّد الكذب‌ في‌ الحديث‌ حكم‌ قد امتازوا به‌ حيث‌ جعلوه‌ من‌ مفطّرات‌ الصائم‌، وأوجبوا القضاء والكفّارة‌ علی مرتكبه‌ في‌ شهر رمضان‌ كما أوجبوهما بتعمّد سائر المفطّرات‌. وفقههم‌ وحديثهم‌ صريحان‌ بذلك‌. فكيف‌ يُتَّهمون‌ بعد هذا في‌ حديثهم‌، وهم‌ الابرار الاخيار، قوّامون‌ الليل‌ صوّامون‌ النهار؟ وبماذا كان‌ الابرار من‌ شيعة‌ آل‌ محمّد وأوليائهم‌ متّهمين‌، ودعاة‌ الخوارج‌ والمرجئة‌ والقدريّة‌ غير متّهمين‌ لولا التحامل‌ الصريح‌، أو الجهل‌ القبيح‌؟!

 نعوذ بالله‌ من‌ الخُذلان‌، وبه‌ نَستجير من‌ سوء عواقبِ الظُّلم‌ والعدوان‌، ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللهِ العليّ العظيم‌. والسلام‌. [12]

 وواصل‌ الفقيه‌ المحدِّث‌ العالم‌ الشيعيّ الكبير السيّد شرف‌ الدين‌ كلامه‌ في‌ كتابه‌ المبارك‌ المذكور. فصرّح‌ أنّ الميزان‌ في‌ صحّة‌ الرواية‌ عند العامّة‌ قبول‌ الاحاديث‌ الموثوق‌ بها سواء كان‌ راويها من‌ العامّة‌ أم‌ من‌ الشيعة‌. وأورد أسماء مائة‌ من‌ أعاظم‌ الشيعة‌ ومشاهيرهم‌ الذين‌ اعترف‌ السنّة‌ أنفسهم‌ بتشيّعهم‌، وأ نّهم‌ من‌ المبرّزين‌ في‌ الفقه‌ والحديث‌ ورواية‌ السنّة‌، وأ نّهم‌ كانوا في‌ ذروة‌ الورع‌ والتقوي‌ والزهد. وأحصاهم‌ حسب‌ الترتيب‌ الهجائيّ. وذكر لهم‌ ترجمة‌ موجزة‌، ونبّه‌ علی أ نّهم‌ كانوا من‌ مشايخ‌ الرواية‌ في‌ جميع‌ الصحاح‌ الستّة‌ أو بعضها.

 تنبيهاً لإخواننا العامّة‌ وإيقاظاً لهم‌ نكتفي‌ فيما يأتي‌ بذكر أسمائهم‌ وكناهم‌ وتأريخ‌ حياتهم‌ ومَن‌ روي‌ عنهم‌ مِن‌ مشايخ‌ العامّة‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ قال‌ المحدِّث‌ القمّيّ في‌ «تتمّة‌ المنتهي‌» الطبعة‌ الثالثة‌ ص‌ 168 إلی‌ 170 (ما تعريبه‌): وتوفّي‌ أيضاً الثقة‌ الجليل‌ زراة‌ بن‌ أعين‌ بن‌ سُنْسُن‌ سنة‌ 150 ه. وجلالة‌ قدره‌ وكثرة‌ علمه‌ أكثر من‌ أن‌ يذكر. ونُقل‌ أنّ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ قال‌ فيه‌: لولا زرارة‌ لقلت‌ إنّ أحاديث‌ أبي‌ ستذهب‌. ونقل‌ عن‌ زرارة‌ نفسه‌ أ نّه‌ كان‌ يقول‌: يزيد إيماني‌ بكلّ كلام‌ أسمعه‌ من‌ أبي‌ عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ (الإمام‌ الصادق‌). وعن‌ الثقة‌ الجليل‌ ابن‌ أبي‌ عمير أ نّه‌ قال‌ لجميل‌ بن‌ درّاج‌: ما أبهي‌ محضرك‌ وأحسن‌ مجلسك‌! قال‌: بلي‌، ولكن‌ تالله‌ فنحن‌ عند زرارة‌ كالاطفال‌ عند الاُستاذ. وقال‌ أبو غالب‌ الزُّراريّ في‌ رسالة‌ كتبها إلی‌ حفيده‌ محمّد بن‌ عبدالله‌: روي‌ أنّ زرارة‌ كان‌ وسيماً جسيماً أبيض‌ اللون‌. وحين‌ كان‌ يذهب‌ إلی‌ صلاة‌ الجمعة‌ كان‌ علی‌ رأسه‌ بُرنس‌، وعلی‌ جبهته‌ أثر السجود وبيده‌ عصا، والناس‌ كانوا يهابونه‌ ويصطفّون‌ وينظرون‌ إلی‌ حسن‌ هيئته‌ وجماله‌. وكان‌ متفوّقاً في‌ الجدل‌ والخصام‌ في‌ الكلام‌ ولم‌ يقدر أحد علی‌ أن‌ يغلبه‌ في‌ المناظره‌ إلاّ أنّ كثرة‌ العبادة‌ منعته‌ من‌ الكلام‌. وكان‌ متكلّمو الشيعة‌ في‌ سلك‌ تلاميذه‌. عمّر سبعين‌ سنةً (تسعين‌ سنةً في‌ النسخة‌ البدل‌). ولآل‌ أعين‌ فضائل‌ جمّة‌، وما روي‌ في‌ حقّهم‌ أكثر من‌ أن‌ أكتبه‌ لك‌ ـ انتهي‌.

 وبالجملة‌، كان‌ بيت‌ أعين‌ من‌ البيوت‌ الشريفة‌ وأغلبهم‌ من‌ أهل‌ الحديث‌ والفقه‌ والكلام‌ ونُقلت‌ عنهم‌ أُصول‌ تصانيف‌ وروايات‌ كثيرة‌. وكان‌ لزرارة‌ أولاد منهم‌ رومي‌ وعبدالله‌، وكلاهما من‌ ثقات‌ الرواة‌. ومنهم‌ حسن‌ وحسين‌ اللذان‌ دعا لهما الصادق‌ علیه‌ السلام‌ فقال‌: أحاطهما اللَهُ وكلاهما ورَعاهُما وحَفِظَهما بصلاح‌ أبيهما كما حفظ‌ الغلامين‌. وكان‌ له‌ إخوة‌ أيضاً. أحدهم‌ حمران‌ الذي‌ شهد الصادقان‌ علیهما السلام‌ له‌ بالاءيمان‌ في‌ أخبار مأثورة‌. وقال‌ له‌ باقر العلوم‌ علیه‌ السلام‌: أنتَ من‌ شيعتنا في‌ الدنيا والآخرة‌. وفي‌ رواية‌ أ نّه‌ كان‌ من‌ حواري‌ الصادقين‌ علیهما السلام‌. وأولاده‌ حمزة‌ ومحمّد وعقبة‌ كانوا جميعهم‌ من‌ أهل‌ الحديث‌. والآخر بُكير الذي‌ قال‌ فيه‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ حين‌ نُعي‌ إلیه‌: والله‌ لقد أَنْزَلَهُ الله‌ بين‌ رسوله‌ وبين‌ في‌ نسخة‌) أميرالمؤمنين‌ صلوات‌ الله‌ علیهما. وفي‌ رواية‌ أيضاً أ نّه‌ كان‌ من‌ حواري‌ الصادِقَين‌. وكان‌ له‌ ستّة‌ أولاد ذكورهم‌ عبدالله‌، وجههم‌، وعبدالحميد، وعبدالاعلی‌، وعمرو، وزيد، وعبدالله‌ الذي‌ كان‌ من‌ الثقات‌ ومن‌ أصحاب‌ الاءجماع‌ رغم‌ أ نّه‌ كان‌ فطحيّ المذهب‌. وكان‌ أولاد جهم‌ من‌ كبار أهل‌ الحديث‌ وأصحاب‌ التصنيف‌ منهم‌: الحسن‌ الثقة‌ العدل‌، وابنه‌ سليمان‌ جدّ أبي‌ غالب‌ الزراريّ. وهو أوّل‌ مَن‌ نُسب‌ إلی‌ زُرارة‌ من‌ آل‌ زرارة‌. وقد لقّبه‌ الإمام‌ علی الهاديّ علیه‌ السلام‌ بالزراريّ. والاخ‌ الآخر لزرارة‌ عبدالرحمن‌ الذي‌ شهد المشايخ‌ باستقامته‌. وعبدالملك‌ الذي‌ رُوي‌ أنّ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ زار قبره‌ وترحّم‌ علیه‌؛ وابنه‌ ضريس‌ من‌ ثقات‌ الرواة‌.

[2] ـ عند ذكره‌ الباقريّة‌ والجعفريّة‌ من‌ فرق‌ الشيعة‌ من‌ كتابه‌ «الملل‌ والنحل‌».

[3] ـ وآخر كلامه‌ الشهرستانيّ: وَقِيلَ: مَنْ أَنِسَ بِاللَهِ تَوَحَّشَ عَنِ النَّاسِ، وَمَنِ اسْتَأْنَسَ بِغَيْرِ اللَهِ شَهَبَهُ الوَسْوَاسُ. وذكرنا لفظه‌ نفسه‌ في‌ ج‌ 8 من‌ كتابنا هذا «معرفة‌ الإمام‌»، الدرس‌ 118 إلی‌ 120، نقلاً عن‌ كتاب‌ «الملل‌ والنحل‌» المطبوع‌ في‌ هامش‌ كتاب‌ «الفِصَل‌» لابن‌ حزم‌، ص‌ ج‌ 1، ص‌ 224، وج‌ 2، ص‌ 2، طبعة‌ مصر، سنة‌ 1317 ه. لهذا أوردناه‌ هنا لا نّه‌ كان‌ في‌ تضاعيف‌ كلام‌ السيّد شرف‌ الدين‌ وكان‌ شاهد كلامه‌ من‌ أجل‌ أن‌ يتبيّن‌ كلام‌ هذا الرجل‌ الربّانيّ تماماً.

[4] ـ العُمَيّ تصغير الاعمي‌ مُرخّماً، كما في‌ «أقرب‌ الموارد».

[5] ـ «المراجعات‌» ص‌ 289 إلی‌ 303، الطبعة‌ الاُولي‌ سنة‌ 1355 ه مطبعة‌ العرفان‌. صيدا، المراجعة‌ 110 بتاريخ‌ 29 ربيع‌ الثاني‌، سنة‌ 1330 ه، تحت‌ عنوان‌: 1 ـ تواتر مذهب‌ الشيعة‌ عن‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌. 2 ـ تقدّم‌ الشيعة‌ في‌ تدوين‌ العلم‌ زمن‌ الصحابة‌. 3 ـ المؤلّفون‌ من‌ سلفهم‌ زمن‌ التّابعين‌ وتابعي‌ التابعين‌.

[6] ـ نسبة‌ إلی‌ مدينة‌ قم‌ في‌ إيران‌. وهي‌ أقدم‌ المدن‌ التي‌ بدأ فيها الشيعة‌ الإمامية‌ في‌ إيران‌. وقد نشأت‌ علی‌ أيدي‌ جماعة‌ من‌ الناجين‌ من‌ جيش‌ ابن‌ الاشعث‌ ( 83 ).

[7] ـ ذكر في‌ الكتاب‌ «معجزات‌ القرآن‌» سهواً.

[8] ـ هذا ما ورد في‌ النصّ. وهو خطأ تأريخيّ، لانّ هند بن‌ أبي‌ هالة‌ كان‌ ابن‌ خديجة‌ وخال‌ الإمامين‌ الحسن‌ والحسين‌ علیهما السلام‌، لهذا اقتضي‌ التذكير.

[9] ـ قال‌ في‌ الهامش‌: سعيد بن‌ جبير هو الشهيد الوحيد الذي‌ قَتَلَ من‌ الرعب‌ قاتله‌! سأله‌ الحجّاج‌ وهو يقدّمه‌ للقتل‌: أيّ قتلة‌ تشاء؟ فأجابه‌: اخترْ أنتَ! فالقصاص‌ أمامك‌. ذلك‌ أنّ القصاص‌ قتلٌ بقتلٍ. فكان‌ الحجّاجُ بعد استشهاد سعيد يهبّ من‌ نومه‌ فزعاً وهو يقول‌: مَا لِي‌ وَلِسَعيد بْنِ جُبَيْرٍ؟! ثمّ مات‌ بعد بشهر. مات‌ في‌ رمضان‌ وسعيد في‌ شعبان‌ سنة‌ 95 ه ورفض‌ ابن‌ المسيّب‌ أن‌ يبايع‌ لولَدَي‌ عبدالملك‌ بن‌ مروان‌ ـ الوليد وسليمان‌ ـ وتمسّك‌ برأيه‌، فأخذوه‌ ليقتلوه‌، ثمّ بضربه‌ بالسياط‌ وجرّدوه‌ من‌ ثيابه‌ وطافوا به‌. ورفض‌ أن‌ يزوّج‌ ابنه‌ للوليد بن‌ عبدالملك‌، وهو وليّ عهد عبدالملك‌، وآثر أن‌ يزوّجها تلميذاً فقيراً من‌ تلاميذه‌.

[10] ـ قال‌ عبدالحليم‌ في‌ الهامش‌: من‌ الطبيعيّ أن‌ يكون‌ كثرة‌ الشعراء شيعة‌. فالشِّعر ضمير الجماعة‌ وصوتها الصدّاح‌. والضمير الإسلاميّ كلّه‌، يثقله‌ أو يعذّبه‌، أو يهيّج‌ قرائحه‌، ما أصاب‌ أهل‌ البيت‌ من‌ ظلم‌ الدول‌. ويخفّف‌ عنه‌ ما يعقده‌ حول‌ أهل‌ البيت‌ من‌ أمل‌، لهم‌ وله‌. وكلّما أحسّ الشعب‌ ظلماً طلب‌ الرجاء والاقتداء بأبناء النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ ـ وبهذا انضاف‌ إلی‌ الثبت‌ الحافل‌ السابق‌ ذكره‌: ابن‌ هاني‌ الاندلسيّ، ومهيار الديلميّ، وأبو فراس‌ الحمدانيّ، والناشي‌ الصغير، والناشي‌ الكبير، وكشاجم‌، وأبو بكر الخوارزميّ، والبديع‌ الهمدانيّ، والطغرائيّ، والسرّيّ الرفّاء، وعمارة‌ إلیمنيّ. بل‌ أصبح‌ ثناءً علی‌ الشاعر أن‌ يقال‌: يَتَرَفَّضُ فِي‌ شِعْرِهِ، أي‌: يتشيّع‌. وللمتنبّيّ وأبي‌ العلاء شعر شيعيّ.

 وكان‌ مولي‌ الموإلی‌ الإمام‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ نفسه‌ ينظم‌ الشِّعر. وبلغ‌ نظمه‌ للشعر مبلغاً لا يشكّ فيه‌ أحد. وقد أثبتنا في‌ تفسيرنا لسورة‌ يس‌، الذي‌ لم‌ يطبع‌ بعد أنّ المراد من‌ قوله‌ تعإلی‌: وَمَا عَلَّمَنـ'هُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي‌ لَهُ و´ أو قوله‌: وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاؤُونَ، الشعر الباطل‌ الواهي‌ والهجاء القائم‌ علی‌ الوهم‌ والخيال‌. ومبدئيّاً لا يُطلق‌ علی‌ الحقائق‌ شعراً سواء كانت‌ نظماً أم‌ نثراً. قال‌ آية‌ الله‌ السيّد محسن‌ الامين‌ العامليّ في‌ كتاب‌ «معادن‌ الجواهر ونزهة‌ الخواطر» ج‌ 1، ص‌ 424 تحت‌ عنوان‌: المسألة‌ 16: هل‌ نظم‌ مولانا أميرالمؤمنين‌ وأبناؤه‌ علیهم‌ السلام‌ الشِّعر أم‌ لا؟ وهل‌ ما ينسب‌ إلیهم‌ منه‌ لهم‌ مع‌ أ نّه‌ دون‌ أقوالهم‌ البالغة‌ أقصي‌ درجات‌ البلاغة‌، علی‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ لم‌ يقله‌ وهم‌ مقتدون‌ به‌ قولاً وفعلاً!

 الجواب‌: لا شكّ أنّ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قد نظم‌ الشعر وتطابقت‌ الانقال‌ علی‌ كثير منه‌، مثل‌ قوله‌ علیه‌ السلام‌:

 دَعوتُ فلبّاني‌ مِنَ القوم‌ عُصْبَةٌ                              فوارِسُ مِنْ هَمْدان‌ غير لئام‌

 فوارِسُ من‌ هَمْدان‌ ليسوا بعزّل‌                            غداة‌ الوغي‌ من‌ شاكرٍ وشبام‌

 لهمدان‌ أخلاقٌ ودينٌ يزينهم‌                   وبأسٌ إذا لاقوا وجدّ خصام‌

 جزي‌ الله‌ همدان‌ الجنان‌ فَإنّها                              سمام‌ العدي‌ في‌ كلّ يوم‌ رجام‌

 فلو كنتُ بوّاباً علی‌ باب‌ جَنَّةٍ                  لقلتُ لِهَمْدانَ ادخلوا بسلام‌

 وقول‌ علیه‌ السلام‌ يوم‌ صفّين‌ وقد أقبل‌ الحضين‌ بن‌ المنذر الرقاشيّ، وهو يومئذٍ شابٌّ يزحف‌ برايته‌ وكانت‌ حمراء فأعجب‌ علیاً زحفه‌ وثباته‌، فقال‌:

 لِمَن‌ رايَةٌ حمراءُ يخفق‌ ظلُّها                  إذا قيل‌: قدّمها حضين‌ تَقَدَّمَا

 ويدئوبها في‌ الصفّ حتّي‌ يزيرها                          حياض‌ المنايا تقطر الموت‌ والدما

 تراهُ إذا ما كان‌ يوم‌ كريهة‌                     أبي‌ فيه‌ إلاّ عزَّةً وتكرّما

 جزي‌ الله‌ عنّي‌ والجزاء بكفِّه‌                 ربيعة‌ خيراً ما أعفَّ وأكرما

 إلی‌ غير ذلك‌ ممّا روته‌ الثقات‌ الاثبات‌. ولا يلتفت‌ إلی‌ قول‌ من‌ قال‌ بأنّه‌ لم‌ يثبت‌ عنه‌ شي‌ء من‌ الشعر، ويشبه‌ أن‌ يكون‌ مثل‌ إنكار نسبة‌ «نهج‌ البلاغة‌» إلیه‌. وقد جمعنا ما صحّ من‌ شعره‌ علیه‌ السلام‌ في‌ ديوان‌ مرتّب‌ علی‌ حروف‌ المعجم‌. نسأله‌ تعإلی‌ التوفيق‌ لإكماله‌ وطبعه‌.

 نعم‌! ليس‌ كلّ ما نُسب‌ إلیه‌ من‌ الشعر هو له‌، بل‌ بعضه‌ معلوم‌ أ نّه‌ ليس‌ له‌، وكذلك‌ باقي‌ الائمّة‌ علیهم‌ السلام‌ قد صحّت‌ نسبة‌ الشعر إلی‌ كثير منهم‌ وليس‌ هو دون‌ كلامهم‌. وبعض‌ ما يُنسب‌ إلیهم‌ لم‌ تصحّ نسبته‌. وبعضه‌ معلوم‌ أ نّه‌ ليس‌ لهم‌ لركّته‌. أمّا عدم‌ نظم‌ جدّهم‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ للشعر فليس‌ عجزاً، بل‌ لحِكمة‌ اقتضت‌ ذلك‌، وهي‌ دفع‌ شبهات‌ المنافقين‌ عن‌ القرآن‌ العظيم‌ بأنّه‌ ليس‌ قول‌ شاعر. ولا يجب‌ مساواتهم‌ علیهم‌ السلام‌ له‌ في‌ ذلك‌، واللهُ أعلم‌.

[11] ـ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» أواخر ص‌ 203 إلی‌ 212، صادر عن‌ جمهوريّة‌ مصر العربيّة‌، المجلس‌ الاعلی‌ للشؤون‌ الإسلاميّة‌، طبعة‌ القاهرة‌، سنة‌ 1397 ه.

[12] ـ «المراجعات‌» ص‌ 39 إلی‌ 41، الطبعة‌ الاُولي‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com