بِسْـمِ اللَهِ
الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ
و صلَّي اللهُ
علی محمّد و آله الطَّاهرين
و لعنة اللَه
علی أعدائهم أجمعين من الآن إلي قيام يوم الدين
و لا حول و لا
قوّة إلاّ باللَه العلیّ العظيم
قال
اللهُ الحكيمُ فِي كِتابِهِ الكَرِيمِ:
وَ مَنْ
أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَب'هُ بِغَيْرِ هُدًي مِّنَ اللَهِ إِنَّ اللَهَ لاَ
يَهْدِي الْقَوُمَ الظَّـ'لِمِينَ.
المقصود
بالهداية الإلهيّة في هذه الآية الانبياء و الائمَّة الذين تألّقت قلوبهم
و تلالات ضمائرهم بنور الله، و كشف لهم الغطاء عن الاسرار المكنونة في
عوالم الغيب، و لم يضِنّوا علی من يلتحق بركبهم أن يبلغوا به الغاية
المنشودة. و لو تيّسر لابناء النوع الإنسانيّ أن يتحرّروا من ربقة
متطلّباتهم في شُؤونهم التكامليّة لبلوغ الغاية و الكمال البشريّ و يسلّموا
لمثل أُولئك الهداة تسليماً حقيقيّاً، فمن البديهيّ أنّ إرادة المربّي ذي
البصيرة النافذة، الخبير بجميع ميزات السير و السلوك، و مصالح الطريق
ومفاسده ستكون بديلة عن إرادتهم الضعيفة المظلمة في كيان وجودهم. ومثل
هذه الحالة، تكون متمّمة لنقاط ضعفهم و فتورهم. تعالج آلامهم المعنويّة
و تجتاز بهم عقبات النفس الكؤودة، و تمرّنهم علی مجاهدة النفس و طرق
الإخلاص، و الهيمنة المعنويّة و الملكوتيّة علی قلوبهم وتشعّ علی أذهانهم
و نفوسهم بقبس النور الحقيقيّ، و تبلغ بهم محطّة النجاح و التمتّع بجميع
المواهب الإلهيّة، و تنضج لهم فاكهة وجودهم الفجّة لتعجل منها فاكهة
رويّةً حلوة المذاق، ذلك من خلال التربية التشريعيّة، والتموين بالنور
التكوينيّ.
أمّا لو حدث
أنّ الإنسان لا يتجاوز أفكاره الشخصيّة، و لا يتلقّي تعلیمه و تربيته من
مثل هذ ا المربّي، فإنّه سيظلّ حبيس خيالاته الضيّقة وأفكاره القاصرة. و
يوصد باب التكامل بوجهه، و لا يتسنّي له العبور من عمي الجهل إلي بصيرة
العلم، و من الظلمات إلي النور. و حقّاً سيكون حرمانه و خسرانه أكثر من
الآخرين. و هذا هو الضلال البعيد الذي لايتيسّر علاجه ؛ لانّ كلّ داءٍ يمكن
علاجه إلاّ داء الجهل. و كفي الجاهل داءً أنـّه جاهل، فهو قد انغمس في
الزوابع المظلمة منتظراً مصيره الابديّ الذي يمثّل ردّ الفعل الطبيعيّ
لجهله.
الإمام منبع
النور و العلم، و إذا أرغمنا القلب المظلم علی التسليم له واتّباعه،
فإنّه سيستضيّءُ بنوره. و ستترع العين الجافّة بالماء، و تنبعث الروح في
الجسد الذي لاحراك فيه، و الإمام هو الذي ينفخ الروح فيه. و أمّا إذا لم
نتّصل بالإمام، فإنّ العين الجافّة ستظلّ علی جفافها، و القلب المظلم علی
ظلمته، والجسد علی سكونه و جموده.
روي
النعمانيّ في كتاب «الغيبة» عن الكلينيّ بإسناده المتّصل، عن أبي النصر،
عن الإمام علی بن موسي الرضا علیهما السلام أنـّه قال في تفسير الآية
الكريمة: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوب'هُ بِغَيْرِ هُدًي مِّنَ
اللَهِ: مَنِ اتَّخَذَ دِينَهُ وَرَأيَهُ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِن أَئِمَّةِ
الْهُدَي.
و هذه هي الجاهليّة الواردة في الاحاديث المتواترة عن رسول الله صلّي
الله علیه و آله و سلّم أنـّه قال: مَن مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إمَامَ
زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
الرجوع
الي الفهرس
تحدّثنا
بالتفصيل حول سند هذه الاحاديث، أمّا مفادها و دلالتها فممّاينبغي التوقّف
عندهما طويلاً. و ينبغي قبل كلّ شيء أن نعرف ما معني الميتة الجاهليّة ؟ و
ما هي الدرجة التي كان علیها أهل الجاهليّة من الشقاء والتعاسة بحيث إنّ
الذي يموت بلا إمام، فإنّه يموت كموتهم ؟ و مع أنّ هذا الشخصِ يتّبع
القرآن و السنّة النبويّة، بَيدَ أنـّه في نفس الوقت لايري الإمام
مربّياً له ؛ و يقيم أحكام الإسلام وفق ما يمليه علیه هواه فهو كأهل
الجاهليّة. و إنّ أهل الجاهلية علی نقيض أهل الإسلام، و هم و أهل
الإسلام قطبان مختلفان متباعدان من حيث الشقاء و السعادة. و كانت جميع
القبائح والرذائل الاخلاقيّة و المفاسد الاجتماعيّة و الانحرافات العقائديّة
موجودة عند أهل الجاهليّة، نحو القتل، و ذبح الاطفال والناشئين قرابين
أمام الاصنام، و وَأْد البنات البريئات، و شرب الخمر، والسرقة و قطع
الطريق، والقمار، و الربا الفاحش، و الزنا و هتك الاعراض، و الشرك وعبادة
الاصنام و سائر المفاسد الروحيّة، و قساوة القلب، والشغف بالماديّات، وفقدان
الحميّة والإنصاف.
أما في
التربية الإسلاميّة فإنـّنا نجد الرحمة و المروءة، و الصفاء والوفاء، و
الإيثار و الصفح، و الحياء و العفّة، و معرفة الله و عبوديّته والمعاملات
حسب تراضي الطرفين، و حفظ الحقوق الفرديّة والاجتماعيّة، و التضحية من
أجل هداية الكفّار و المشركين، و احتضان اليتامي والإحسان إلي الفقراء و
المعوزين، و البصيرة، و حصول اليقين، وانشراح الصدر، و تجلّي الانوار
الملكوتيّة الإلهيّة في القلب، بحيث يمكننا أن نعتبر أصحاب هذه الفضائل
من أهل العلم، و أُولئك من أهل الجهل، وهؤلاء من أهل النور. و أُولئك
من أهل الظلمة، و هؤلاء من أهل الارتقاء و التكامل، و أُولئك من أهل
الجمود و النقصان، و هؤلاء من أهل التحليق و الوثبات، و أُولئك من أهل
الوقوف و المراوحة في أماكنهم. وكلّ تلك الرذائل التي يتّصف بها أُولئك
التعساء هي بسبب جهلهم. و جميع الفضائل المذكورة لاهل الإسلام هي بسبب
العلم و دفقات النور المكثّفة في أرواحهم. و لذلك أطلق القرآن الكريم علی
ذلك العصر: اسم الجاهليّة، وعلی هذا العصر: اسم الإسلام.
إنّ المسلمين
أنضووا تحت لواء القطب الموجب بسبب اتّصالهم بالنبيّ الكريم و تلقّيهم
التعاليم منه. أمّا الجاهليّون فإنّهم صاروا في القطب المنفي بسبب عدم
وجود الموجّه و المرشد، و نتيجة لتصرّم و شيجتهم مع الهدي الإلهيّ، لذلك
أطلق القرآن المجيد عنوان الجهل علی أهله بديلاً عن أكبر سبّ و لعن و فحش
و استياء و تذمّر، و جعل عنوان الجاهليّة في هويّاتهم معرّفاً لهم و
لانتماآتهم معبّراً عن انبثاق جميع هذه المفاسد عن الجهل. و الجهل أكبر
ذنب لايغتفر. و متي ذكر عنوان الجهل و الجاهليّة فإنّه يستغني عن ذكر أيّ
عيب آخر. و هذا العنوان وحده جامع لكافّة العناوين القبيحة. و عندما يريد
أن ينتقد عملاً أو عقيدة إلي الحدّ الاخير فإنـّه يطلق صفة الجاهليّة علی
ذلك العمل أو تلك العقيدة. قال تعالي: أفَحُكْمَ الْجَـ'هِليَّةِ
يَبْغُونَ،
و قال: يَظُنُّونَ بِاللَهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَـ'هِلِيَّةِ.
وقال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ
حَمِيَّةَ الْجَـ'هِلِيَّةِ
و قال: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَهِ تَأمُرُونِّي´ أَعْبُدُ أَيُّهَا
الْجَـ'هِلُونَ
و قال علی لسان موسي في جواب قومه عندما قالوا له: أَتَتَّخِذُنَا
هُزُواً ؟: قَالَ أَعُوذُ بِاللَهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَـ'هِلِينَ.
فاذا كانت
ممارسات أحد المسلمين وأعماله طاعةً لهواه ومشتهياته وكان متمرّداً علی
الإمام الحيّ عاصياً له، فما الفرق بينه و بين أهل الجاهليّة؟ إنّهم
معاندون و هو معاند أيضاً، و عنادهم خاصّ، و عناده بنمط خاصّ أيضاً. فإذا
لم يكن هناك انشداد حقيقيّ إلي الإمام، فما هو الفرق ـإذاًـ بين ذلك
النمط و هذا النمط ؟ لانّ حقيقة عدم الانشداد، حيث ظلمة الهوي و الميل
النفسانيّ، واحدة عند الاثنين. و الكمال و السموّ الذي ارتقي إليه
المسلمون كان بسبب الانشداد إلي النبيّ، و لو انفصم عقد الانشداد إلي
الإمام بعد النبيّ، فتلك هي حقيقة الجاهليّة التي تجلّت بهذا النمط،
لذلك فإنّ الإنسان بلا إمام، ستكون حياته و موته كحياة أهل الجاهليّة و
موتهم. فالإمام هو الذي يحيي الإنسان بالتعلیم و التربية الخارجيّة، و
علی أثر إشراقات الانوار الملكوتيّة يحيي الباطن، و يرتبط القلب المظلم
بمبدأ النور و الإشعاع، و يبلّ غليل الإنسان و يرويه.
روي عن
كتاب «كنز الفوائد» للكراجكيّ بإسناده المتّصل عن سلمهبن عطا، عن الإمام
الصادق علیه السلام أنـّه قالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ بنُ علیٍّ علیهما
السَّلامُ ذَاتَ يَومٍ علی أَصْحَابِهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَهِ جَلَّ وَ
عَزَّ والصَّلاَةُ علی مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ صَلّي اللهُ علیهِ وَ ءَالِهِ وَ
سَلَّمَ. يَا أَيُّهَا النّاسُ ! إِنَّ اللَهَ ـ وَاللَهِ ـ مَا خَلَقَ الْعِبَادَ
إِلاَّ لِيَعْرِفُوهُ ؛ فَإذَا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ ؛ فَإِذَا عَبَدُوُهُ
اسْتَغْنَوا بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَن سِواهُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
بَأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَابنَ رَسُولِ اللَهِ ! مَا مَعْرِفَةُ اللَهِ ؟
قَالَ: مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِي يَجِبُ علیهِمْ
طَاعَتُهُ.
يلاحظُ هنا
أنّ الإمام علیه السلام اعتبر معرفة الله هي معرفة الإمام ذاتها ؛ لانّ
الطريق الوحيد لمعرفة الله هو معرفة الإمام. إذ تتحقّق التربية والتعلیم و
أخذ أحكام الدين بواسطة الإمام. هذا أوّلاً، و ثانياً: أنّ الإمام هو الاسم
الاعظم لله، و معرفته بالنورانيّة هي معرفة الله نفسها ؛ لذلك فإنّ معرفة
الإمام لاتستقلّ عن معرفة الله و لاتقبل الانفصال عنها.
و في هذا
الضوء جاءت الرواية عن «قرب الإسناد» للحميريّ، عن ابن عيسي، عن البزنطيّ، عن الإمام الرضا علیه السلام أنـّه قَالَ: قَالَ أبُوجَعْفَرٍ علیهِ
السَّلامُ: مَنْ سَرَّهُ أَن لاَيَكُونَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَهِ حِجَابٌ
حَتَّي يَنْظُرَ إلَي اللهِ وَيَنْظُرَ اللهُ إلَيْهِ فَلْيَتَوَالَ آلَ
مُحَمَّدٍ وَ يَتَبَّرأ مِن أَعْدَائِهِمْ وَ يَأتَمَّ بِالإمام مِنْهُمْ،
فَإنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ، نَظَرَ اللهُ اِلَيْهِ وَ نَظَرَ إلَي اللهِ.
يستفاد من
هذا الرواية أنّ مقام لقاء الله لا يتحقّق بدون اتّباع الإمام. و أنّ
عشّاق عِزّهِ و الفانين فيه سوف لن ينالوا عزّ الوصول و مقام اللقاء ما لم
يسلّموا خاضعين في حرم إمامه. لذلك نري كثيراً من السالكين والعاشقين
الذين حرموا من عالم التشيّع في بداية السلوك، لمّا كانت نيّتهم صادقة،
وبَدأوا في عملية السلوك بلا عناد و لجاج، انكشف لهم الغطاء في آخر المطاف
؛ فأقرّوا بمقام الولاية فأصبحوا من الشيعة المخلَصين، و علی الرغم من
أنـّهم كانوا يعيشون في عصر التقيّة، بَيدَ أنّ المستفاد من الكلمات
والإشارات، بل و من بعض التصريحات هو أنّ إرشادهم إلي مقام الحقّ كان
مشهوداً.
و الجهة
الاُخري من البحث حول الحديث المأثور عن رسول الله صلّي الله علیه و
آله و سلّم هي أنّ الإنسان يجب أن يعرف الإمام الحيّ الظاهر لِئلاّ يموت
ميتة جاهليّة فالإمام الحيّ، هو المعلّم و المعين وصاحب الولاية الفعلیة
المطلقة، و القادر علی إفاضة الانوار الملكوتيّة في قلب المؤمن، و
المُسَيطر علی عالم المُلك. و أنّ اتّباع تعاليم الرسول الاكرم وسننه فقط، أو اتّباع الائمّة الذين ماتوا، سوف لن يؤتي أُكله بدون الرجوع إلي
الإمام الحيّ، و تلقّي التعلیم منه، و التربّي علی يديه. و إلاّ فما هي
الحاجة إلي النبيّ الاكرم نفسه في حين يمكن السير علی تعاليم إبراهيم
الخليل علیه السلام الذي مات و كان صاحب شريعة ؟! و ما هي الحاجة إلي
مولي الموحّدين أميرالمؤمنين علی بن أبي طالب علیه أفضل الصلوات والسلام
بعد رسول الله صلّي الله علیه و آله ؟! ألَمْ يَقل ذلك الرجل: كَفَانَا
كِتَابُ اللَهِ نعمل به و لا نحتاج إلي إمام ؟ إنّ هذا الكلام ليس له
قيمة عند أهل الاختصاص. فاتّباع التعاليم الصادرة عن النبيّ أو عن الإمام
الذي مات دون الرجوع إلي الإمام الحيّ، هو اتّباع لهوي النفس و الميول
الشخصيّة. إذ استحسن تلك التعاليم، و أوَّلَها كيفما تشتهيه نفسه، ثمّ
عمل بها حسب هواه، ولكنّ اتّباع الإمام الحيّ في الحقيقة هو اتّباع الحقّ. مضافاً إلي ذلك فإنّ الولاية و القدرة الروحيّة هي في الإمام الحيّ.
و لذلك فإنّ جميع استشفاعات أصحاب اليقين و توسّلاتهم بأولياء الله و
الائمّة الطاهرين علیهم السلام هي استشفاعات و توسّلات بالإمام الحيّ.
الرجوع
الي الفهرس
و لذلك نجد
في الاحاديث الثلاثة المنقولة عن كتاب «الاختصاص» للشيخ المفيد رضوان
الله علیه أنّ الإمامين الصادق و الكاظم علیهما السلام يؤكّدان علی أنّ
طريق النجاة الوحيد هو معرفة الإمام الحيّ الظاهر. ويرويان عن رسول الله
أنـّه قال: من مات بغير إمام حيّ ظاهر يعرفه ويسمع كلامه، و يسلّم له،
و يطيعه، و يتربّي علی يديه، فإنّه مات ميتة أهل الجاهليّة. و هذه
مسألة في غاية الصواب، و تستدعي التمعّن و التأمّل كثيراً.
في ضوء ما
تقدّم، فإنّ الاشخاص الذين يعيشون في عصر غيبة الإمام محرومون بلا شكّ من
أكثر الفضائل و الفواضل. و ما علیهم إلاّ إعداد المقدّمات لظهور الإمام كي
يتخلّصوا من ميتة الجاهليّة، و كذلك يمهّدوا الارضيّة اللازمة لظهوره من
خلال العمل بتعاليم القرآن، و الجهاد في سبيل الله، و تآلف القلوب ؛
لانّ سبب الغيبة هو النقص و الفتور الذي علیه الناس، و عدم استعدادهم، و
ليس سببها نقصاً في الإمام نفسه. و لو تضاءل ذلك النقص، و نشطت القلوب
شيئاً فشيئاً، و ترسّخت التعاليم القرآنيّة فيها بشكل صحيح، فإنّ ظهور
الإمام سيكون حتميّاً، كما نلاحظ ذلك في رسالة الإمام نفسه إلي الشيخ
المفيد رضوان الله علیه حيث تذكّر بهذه الحقيقة. فهو علیه السلام يقول
فيها:
«وَ
لَوْ أَنَّ أَشْيَاعَنَا ـ وَفَّقَهُمُ اللَهُ لِطَاعَتِهِ ـ علی اجْتِماعٍ مِنَ
الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالعَهْدِ علیهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ
بِلِقَائِنَا».
إذاً، يتّضح
أنّ سبب عدم الظهور هو افتراق الآراء و عدم اجتماع القلوب علی الوفاء بالعهد
الذي قطع معهم. و هذا تقصير عظيم من الشيعة بل من الاُمّة جميعها. و إنّ
ضروب الحرمان كلّها نحو ؛ فقدان الإنصاف وسيادة الظلم و الشرك و العسف،
مع جميع مظاهر قبحها. منبعثة عن الفتور و الارتخاء، و بالتالي تكون علّة
لغيبة الإمام.
و لا منافاة
بين ما ذكرناه هنا، و بين الحديث المأثور عن رسول الله إذ أخبر فيه جابر
بن عبدالله الانصاريّ، أنّ شيعته تنتفع به في غيبته كانتفاع الناس
بالشمس و إن تجلاّها سحاب ؛ لانـّه علیه السلام موجود بنفسه الزكيّة و
صدره الرحب و ولايته التكوينيّة، غائباً كان أو ظاهراً ؛ غاية الامر ليس
له إرشاد ظاهريّ في عصر الغيبة و لا يخضع الناس لتوجيهات الإمام وتعاليمه
في سيرهم التكامليّ. و هذا ممّا يبعث علی الاسف، و الاسف الشديد طبعاً.
و ثمّة فارق
كبير بين الشمس التي تبسط أشعّتها علی الطبيعة، فتكسو الاشجار خضرة، و
تمنح الارض نوراً و حرارة أكثر، و تعقّم الطبيعة بالقضاء علی الامراض و
الجراثيم، فتستبدلها بالصحّة و السلامة، و تظهر بواطن الاشياء، و بين
الشمس المحتجبة خلف السحاب، تملا السماء ضباباً، و تنغّص علی الناس حياتهم
بالاجواء الموبوءة بجراثيم الزكام وغيره. أجل، فإنّ الناس ينتفعون في عصر
الغيبة، و ينتفعون في عصر الظهور أيضاً، ولكن شتّان بين الاثنين ! هذا مع
أنّ بعض الاشخاص القلائل المتحلّين بالهمّة العالية في عصر الغيبة قد دخلوا
ميدان العمل بإرادة وطيدة و عزم راسخ و نيّة قويّة، فنالوا إلي حدٍّ ما
شرف معرفة الإمام بسبب صفاء قلوبهم و طهارة أرواحهم. و هذا ـ طبعاً ـ ظهور
شخصيّ لهم، مثلهم بذلك مثل راكب الطائرة في سماء غائمة فيحلّق فوق
الغيوم ليصل إلي إشعاعات الشمس المشرقة. لذلك فإنّ سبيل التكامل في عصر
الغيبة غير مسدود أمام التوّاقين إلي حريمه المقدّس. و أيّ فرق بين الظهور
و الغيبة عند من بلغ مقام المعرفة و أدرك ذلك الوجود المقدّس بحقيقة
الولاية و النورانيّة. سُئل أحد الاعاظم: متي يتشرّف الإنسان بالحضور عند
الإمام ؟
فأجاب: حينما
لا يكون هناك فرق بين الغيبة و الظهور عند الإنسان. و سُئل عظيم آخر
أيضاً: هل تشرّفت برؤية إمام العصر و الزمان ؟ فأجاب: عميتْ عينٌ تستيقظ من
نومها وقت الصباح، فلا تراه في أوّل نظرتها.
ذكر البرقيّ
في كتاب «المحاسن» بإسناده المتّصل عن فضيل، أنـّه قال: سَمِعْتُ أَبا
جَعْفَرٍ علیهِ السَّلامُ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ فَمَوتُهُ
مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَ لاَ يُعْذَرُ النَّاسُ حَتِّي يَعْرِفُوا إمَامَهُمْ،
وَ مَن مَاتَ وَ هُوَ عَارِفٌ لإمامهِ لاَيَضُرُّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الاْمْرُ أَوْ
تَأَخَّرَ، وَ مَنْ مَاتَ عَارِفاً لإمامهِ كَانَ كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِمِ فِي
فُسطاطِهِ.
و الجهة
الاُخري من جهات البحث في الحديث المتواتر عن رسول الله، أنّ المراد من
معرفة الإمام، هو معرفة شخص واحد في كلّ زمان، كما جاء ذلك في حديث جابر، حيث ذكر رسول الله صلّي الله علیه و آله الائمّة واحداً بعد الآخر. و
مجمل القول لو قال أحد: إنّي أقرّ بآل محمّد، ولم يتّخذ لنفسه إماماً من
بين الائمّة المنصوص علیهم، مثلاً يختار لنفسه محمّد بن الحنفيّة، أو زيد
بن علی بن الحسين، أو عبدالله بن موسي بن جعفر إماماً فإنّه يموت ميتة
جاهليّة أيضاً.
للائمّة
الطاهرين علیهم السلام خصوصيّات غير متوفّرة للآخرين من ذرّيّة النبيّ من
بني الحسن أو بني الحسين. و هذه الميزات الروحيّة و سعة الصدر و مقام
الولاية الباطنيّة مواصفات تخصّهم بالذات و منحصرة بهم ولذلك جاء في
الروايات الثلاث التي نقلناها عن غيبة النعمانيّ سابقاً أنّ الائمّة
الطاهرين يعتبرون كلّ من لا يعتقد بإمامة أحدهم ضالاّ، إذ يقول هذا مثلاً:
إنّ أمر الولاية غير خارج عن آل محمّد، ولكن هم مختلفون فيما بينهم، فإذا
اتّفقوا علی التسليم لاحد منهم، نقرّ بامامته أيضاً، فهذا كما يقول الائمّة
إذا مات علی هذه النيّة فإنّ ميتته جاهليّة، حتّي لو صلّي و دفع الزكاة
و اعتبر حلال آل محمّد حلالاً، و حرامهم حراماً؛ لإنـّه لا معني لاتّفاقهم
علی تعيين إمام لهم، فتعيين الإمام ليس من صلاحيّة أحد، مضافاً إلي
ذلك، أنّ الإمام لا يستطيع أن يسلّم لاحد، و لو حدث أحياناً أنّ الآخرين
لايسلّمون للإمام أيضاً، فإمامته في هذه الحالة لا تسقط. و لا يرتفع
التكليف بالمعرفة، و حتّي لو كان هناك اختلاف بين ذريّة الرسول، فما
علی الإنسان إلاّ البحث عن الإمام الحقيقيّ حتّي ينجو من الجاهليّة. وكان
بين أصحاب الائمّة أفراد كثيرون يشكّكون و يتوقّفون في إمامة الإمام الذي
يخلف الإمام المتوفّي، أو أنـّهم يذهبون إلي إمامة شخص آخر من أبناء
أميرالمؤمنين، أو أبناء الحسن، أو أبناء سائر الائمّة، كالكيسانيّة
والفَطَحيّة، و الناووسيّة، و الواقفيّة، و الزيديّة، و الإسماعيليّة و غيرهم
فهولاء كلّهم ضالّون و من ثمّ لم يعتبر الكبار من الاصحاب و العلماء
رواياتهم موثوقة كروايات الشيعة.
الرجوع
الي الفهرس
جاء في آخر
كتاب «مدارك الاحكام» الذي يعتبر من الكتب الفقهيّة النفيسة، ضمن ذكره
عشرين خبراً منطوياً علی بعض الفوائد، قوله:
السادس عشر:
مارواه الكلينيّ في الصحيح أيضاً، عن أبي عبيدة
] الحذّاء [ و زرارة جميعاً، عن أبي جعفر و أبي عبدالله علیهما السلام قال:
لمّا قُتل الحسين صلوات الله علیه أرسل محمّد بن الحنفيّة إلي علی بن
الحسين علیه السلام فخلا به، فقال له: يا بن أخي، قد علمت أنّ رسول
الله صلّي الله علیه و آله دفع الوصيّة بعده إلي أميرالمؤمنين، ثمّ إلي
الحسن ثمّ إلي الحسين صلوات الله علیهم، و قد قتل أبوك رضي الله عنه و
صلّي علی روحه و لم يوصِ، و أنا عمّك و صنو أبيك، و ولادتي من علی، و
أنا في سنّي و قدمي أحقّ بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصيّة
والإمامة ولا تحاجّني. فقال له علی بن الحسين علیهما السلام: يَا عَمِّ
اتَّق اللهَ وَلاَ تَدَّعِ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ، إِنِّي أَعِظُكَ أَن
تُكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. إنّ أبي يا عمّ صلوات الله علیه أوصي إليّ
قبل أن يتوجّه إلي العراق، و عهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، و
هذا سلاح رسول الله صلّي الله علیه و آله عندي ] و هو علامة الإمامة [،
فلا تتعرّض لهذا، فإنّي أخاف علیك نقص العمر وتشتّت الحال. إنّ الله
تبارك و تعالي جعل الوصيّة و الإمامة في عقب الحسين علیه السلام. فإن
أردتَ أن تعلم ذلك، فانطلق بنا إلي الحَجَر الاسود حتّي نتحاكم إليه و
نسأله عن ذلك.
قال أبو جعفر علیه السلام: و كان الكلام بينهما بمكّة، فانطلقا حتّي أتيا
الحجر الاسود، فقال علی بن الحسين علیه السلام لمحمّد بن الحنفيّة: ابدأ
أنتَ و ابتهلْ إلي الله عزّوجلّ و سَلْ ] سَلْه [ أن ينطق لك الحجر ثمّ سله. فابتهل محمّد بن الحنفيّة في الدعاء، و سأل الله عزّوجلّ ثمّ دعا الحَجَر
فلم يُجبه، فقال علی بن الحسين صلوات الله علیهما: يا عمّ، لو كنتَ وصيّاً
وإماماً لاجابك. قال له محمّد: فادع أنتَ يا بن أخي و سله. فدعا الله
عزّوجلّ علی بن الحسين علیه السلام بما أراد. ثمّ قال: أسألك بالذي جعل
فيك ميثاق الانبياء و ميثاق الاوصياء و ميثاق الخلق أجمعين لما أخبرتنا مَن
الوصيّ و الإمام بعد الحسين بن علی علیهما السلام ؟ قال: فتحرّك الحجر حتّي
كاد أن يزول عن موضعه، ثمّ أنطقه الله عزّوجلّ بلسان عربيّ مبين فقال: إنّ
الوصيّة و الإمامة بعد الحسين بن علی علیهما السلام إلي علی بن الحسين بن
فاطمة بنت رسول الله صلّي الله علیه و آله و سلّم. قال: فانصرف محمّد
بن علی و هو يتولّي علی بن الحسين صلوات الله علیهم أجمعين.
أجل، فللإمام مواصفات خاصّة لا يتحلّي بها غيره حتّي لو كان عمره أقلّ
من الآخرين. فإنّ حبّة الدّر مع أنـّها ثمينة، بَيدَ أنـّها لاتقاس بحبّة
ألماس و ربّما كان لحبّة ألماس قيمة تفوق قيمة حبّة الدرّ آلاف المرّات.
إنّ العقيق اليمانيّ و العقيق الهنديّ كلاهما عقيق، ولكن شتّان بينهما !. و
إنّ لمحمّد بن الحنفيّة و زيد بن علی بن الحسين مقامات سامية و سوابقَ
طيّبة وأفكاراً عالية، بَيدَ أنـَّهما لايقاسان أبداً بالائمّة و مقاماتهم و
درجاتهم. وكان علی بن جعفر رجلاً عالماً و محدّثاً و خبيراً و راوياً و فقيهاً و
زاهداً، وكان من كبار بني هاشم، و بني الزهراء، و أبناء سيّد الشهداء
علیهالسلام وعمّ الإمام الرضا والد الإمام الجواد، و كان في سنّ الشيخوخة،
و أقرّ مع جميع ما يتمتّع به من مواصفات بإمامة طفل له من العمر سبع
سنين «الإمام الجواد»، و سلّم له خاضعاً، و لم يأل جهداً في توقيره
وتعظيمه، و استفاد من علمه كثيراً. و كان ميثم تمّاراً عنده عدد من سلال
التمر في مكان قريب من مسجد الكوفة، بَيدَ أنـّه حصل من المقام والمنزلة
نتيجة تسليمه للإمام أميرالمؤمنين و طاعته له ما جعله يعرف الإمام
النورانيّة و الولاية. و كان الإمام أميرالمؤمنين علیه السلام يذهب إلي
دكّانه بعض الوقت. فكانا يجلسان مستأنسين كالاخوين الشفيقين. و علّمه
الإمام من الاسرار الغيبيّة والمعارف الإلهيّة ما أذهل كلّ ناظر لهما.
و كان ابن عبّاس تلميذ مدرسة الإمام أميرالمؤمنين علیه السلام أستاذاً في
التفسير، و من القادة العسكريّين المشهورين، و من خواصّ الإمام. و كان
محمّد بن الحنفيّة يخاطبه بربّانيّ الاُمّة، بَيدَ أنـّه لم يتحمّل العلوم
التي كانت عند ميثم التمّار. و لم يستوعبها، إذ كان ذلك الرجل التمّار
علی درجة من معرفة إمامه لم تتيسّر لابن عبّاس، فأحياناً كان ابن عبّاس
يأمر الإمام أو يؤاخذه علی بعض الاعمال.
الرجوع
الي الفهرس
ذات يوم قال الإمام لميثم: كيف أنت إذا طلبك دعيّ
بني أُميّة وأمرك بالبراءة منّي ؟ فقال ميثم: لا
والله، لا أتبرّأ منك. فقال الإمام: والله، سيقتلونك و يصلبونك. فقال
ميثم: أصبر، و هذا قليل يهون في سبيل الله، فقال الإمام: ستكون معي و
في درجتي يوم القيامة. فهذا التلميذ عارف بإمامه، مدرك لسيطرته الغيبيّة
علی المُلك و الملكوت. و لذلك كان يخبر بالمغيبات و ما يُخبِئهُ المستقبل
من فِتَن و أحداث. و كانت وقائع المستقبل كلّها واضحة و مشهودة أمامه
كالمرآة، فكيف بالإمام نفسه الذي كان يخبر صاحبه بالاسرار و المَغيّبات، و
الذي أقرّ الصديق و العدوّ بعلومه الغيبيّة.
يقول ابن حجر الهيثميّ: وَ سُئِلَ وَ هُوَ علی الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ
عَنْ قَولِهِ
تَعَالَي: «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَـ'هَدُوا اللَهَ علیهِ فَمْنْهُمْ مَّن
قَضَي' نَحْبَهُ
و وَ مِنْهُم مَّنْ يَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً»
فَقَالَ: اللَّهُمَّ غَفْراً ! هَذِهِ الآياتُ نَزَلَتْ
فِيَّ وَ فِي عَمِّي حَمْزَةَ وَ فِي ابْنِ عَمِّي عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ
بْنِ عَبْدالْمُطَّلِبِ، فَأَمَّا عُبَيْدَةُ فَقَضَي نَحْبَهُ شَهيداً يَوْمَ
بَدْرٍ، وَ حَمْزَةُ قَضَي نَحْبَهُ شَهيداً يَوْمَ أُحُدٍ، وَ أَمّا أَنَا
فَأنْتَظِرُ أَشًقَاهَا يَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ ـوَأَشارَ بِيَدِهِ إِلَي
لِحْيَتِهِ وَ رَأسِهِ ـ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ حَبِيبي أَبُوالْقَاسِمِ صلّي
اللهُ علیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.
وَ رُويَ أَنَّ علیاً جَاءَهُ ابنُ مُلجَم يَستَحمِلُهُ
فَحَمَلَهُ، ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَ يُرِيدُ قَتْلِي عَذِيرِي
مِنْ خَلِيلِي مِن مُرادِ
ثُمَّ قالَ: هَذَا وَاللهِ قَاتِلِي، فَقِيلَ لَهُ: أَلاَ تَقْتُلُهُ ؟ فَقَالَ:
فَمَنْ يَقْتُلُنِي؟!
الرجوع
الي الفهرس
ـ الا´ية 50، من السورة 28، القصص.
ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 17.
ـ الا´ية 50، من السورة 5: المائدة.
ـ الا´ية 154، من السورة 3: آل عمران.
ـ الا´ية 26، من السورة 48: الفتح.
ـ الا´ية 64، من السورة 39: الزمر.
ـ الا´ية 67، من السورة 2: البقرة.
ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 18.
ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 17.
ـ «الاحتجاج» للشيخ الطبرسيّ، ج 2، ص 325.
ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 17.
ـ «مدارك الاحكام» ص 461 و ص
462، و «إثبات الهداة» ج 5، ص 218.
ـ جاء في عبارة الإمام: ليأخذنّك العتلّ الزنيم دعيّ بني أُميّة. و
الدعيّ هو الابن المتبنّي، أو المتّهم في نسبه.
ـ الا´ية 23، من السورة 33: الاحزاب.
ـ «الصواعق المحرقة» ص 80، و «نور الابصار» للشبلنجيّ ص 97.
ـ يستحمله يعني يسأل الإمام أن يحمله علي فرسه. و الشاهد علي هذا
المعني رواية واردة في طبقات ابن سعد. يقول المرحوم المجلسيّ في
ج 9، من «بحار الانوار» ص 647: و ذكر ابن سعد في «الطبقات» أنّ
أميرالمؤمنين عليه السلام، لما جاء ابن ملجم
ï ïوطلب
منه البيعة، طلب منه فرساً أشقر فحمله عليه فركبه، فأنشد
أميرالمؤمنين عليهالسلام: أُريدُ حياته ـ البيت.
ـ ذكر ابن الاثير في «النهاية» عذيرك من خليلك من مراد و
قال: عذير بمعني اسم الفاعل، أي: عاذر. و يقال: عاذر لمن يقبل
العذر. و «عذيرَك» منصوب بفعل مقدّر «أي هاك عذيرَك». و لذلك فلا
فرق بين عذيرك و عذيري. و المراد من كاف الخطاب المتكلّم نفسه. و
نسب هذا الشعر إلی أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه، و ليس تمثّلاً. و
جاء في بعض النسخ «حِباءه» بدلاً عن «حياته».
ـ «الصواعق المحرقة» ص 80.
الرجوع
الي الفهرس
|