|
|
الصفحة السابقةخطبة أمير المؤمنين علیه السلام في فضيلة الغديروجاء في «مصباح المُتَهجِّد» للشيخ الطوسيّ في خطبة الغدير: إِنَّ أَمِيرَالمُؤمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ قَالَ: إنَّ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمُ الشَّأنِ، فِيهِ وَقَعَ الفَرَجُ، وَرُفِعَ الدَّرَجُ وَصَحَّتِ الحُجَجُ، وَهُوَ يَوْمُ الاءيضَاحٍ وَالاءفْصاحِ عَنِ المَقَامِ الصَّرَاحِ، وَيَوْمُ كَمَالِ الدِّينِ، وَيَوْمُ العَهْدِ المَعْهُودِ، وَيَوْمُ الشَّاهِدِ وَالمَشْهُودِ، وَيَوْمُ تِبْيَانِ العُقُودِ عَنِ النِّفَاقِ وَالجُحُودِ، وَيَوْمُ البَيَانِ عَنِ حَقَائِقِ الاءيمَانِ، ويَوْمُ دَحْرِ الشَّيطَانِ، وَيَوْمُ البُرْهَانِ، هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، هَذَا يَوْمُ المَلاَءِ الا علی الَّذي أنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، هَذَا يَوْمُ الاءرشَادِ وَيَوْمُ المِحْنَةَ لِلْعِبَادِ، وَيَوْمُ الدَّلِيلِ علی الرُّوَّادِ، هَذَا يَوْمٌ أبْدَي خَفَايَا الصُّدُورِ وَمُضْمَرَاتِ الاُمُورِ، هَذَا يَوْمُ النُّصُوصِ علی أهْلِ الخُصُوصِ، هَذَا يَوْمُ شَيْثٍ، هَذَا يَوْمُ إدْرِيسَ، هَذَا يَوْمُ يُوشَعَ، هَذَا يَوْمُ شَمْعُونَ. [1] هَذَا يَوْمُ الاَمْنِ المَأْمُونِ، هَذَا يَوْمُ إظْهَارِ المَصُونِ مِنَ المُكْنُونِ، هَذَا يَوْمُ إبلاَءِ السَّرَائِرِ. فَلَمْ يَزَلْ علیهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: هَذَا يَوْمُ هَذَا يَوْمُ... فَرَاقِبُوا اللهَ عَزَّوَجَلَّ، وَاتَّقُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ! وَاحْذَرُوا المَكْرَ وَلاَتُخَادِعُوهُ! وَفَتِّشُوا ضَمَائِرَكُمْ وَلاَتُوَارِبُوهُ وَتَقَرَّبُوا إلی اللَهِ تَعَإلی بِتَوْحِيدِهِ وَطَاعَةِ مَنْ أمَرَكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ! وَلاَتُمَسِّكُوا وَلاَيَجْنَحْ بِكُمُ الغَيُّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ بِاتِّبَاعِ أُولَئِكَ الَّذِينَ ضَلُّوا وَأضَلُّوا. قَالَ اللَهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي طَائِفَةٍ ذَكَرَهُمْ بِالذَّمِّ فِي كِتَابِهِ: إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ* رَبَّنَآ ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا. [2] وَقَالَ تَعَإلی: وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَـ'´ؤُا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُو´ا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا؛ فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَاب'نَا اللَهُ لَهَدَيْنَـاكُمْ.[3] أفَتَدْرُونَ الاسْتِكْبَارَ مَا هُوَ؟ هُوَ تَرْكُ الطَّاعَةِ لِمَنْ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ وَالتَّرَفُّعُ علی مَنْ نُدِبُوا إلی مُتَابَعَتِهِ وَالقُرْآنُ يَنْطِقُ مِنْ هَذَا عَنْ كَثِيرٍ، إنْ تَدَبَّرَهُ مُتَدَبِّرٌ زَجَرَهُ وَوَعَظَهُ... إلی آخر الخطبة. [4] قال الفَنْجْكِرْديّ: لاَ تُنْكِرَنَّ غَديرَ خُمٍّ إنَّهُ كَالشَّمْسِ فِي إشْرَاقِهَا بَلْ أظْهَرُ فِيهِ إمَامَةُ حَيْدَرٍ وَكَمَالُهُ وَجَلاَلُهُ حَتَّي القِيَامَةِ تُذْكَرُ [5] أبيات البشنويّ الكرديّ حول عيد الغديروقال البشنويّ: يَوْمُ الغَدِيرِ لِذي الوَلاَيَةِ عِيدُ وَلَدَي النَّواصِبِ فَضْلُهُ مَجْحُودُ يَوْمٌ يُوَسَّمُ فِي السَّمَاءِ بِأ نَّهُ العَهْدُ وَفِيهِ ذَلِكَ المَعْهُودُ وَالارْضُ بِالميراثِ أضْحَتْ وَسْمَهُ لَوْ طَاعَ مَوْطُودٌ وَكَفَّ حَسُودُ [6] وقال هذا الشاعر أيضاً: وَقَدْ شَهِدُوا عِيدَ الغَديرِ وَأُسْمِعُوا وَقَالَ رَسُولِ اللَهِ مِنْ غَيْرِ كِتْمَانِ ألَسْتُ بِكُمْ أوْلَي مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَالُوا: بَلَي! يَا أفْضَلَ الاءنْسِ وَالجَانِ فَقَامَ خَطيبَاً بَيْنَ أعْوَادِ مِنْبَرٍ وَنَادَي بِأ علی الصَّوْتِ جَهْرَاً بِإعْلاَنِ بِحَيْدَرَةٍ وَالقَوْمُ خُرْسٌ أذِلَّةٌ قُلوبُهُمْ مَا بَيْنَ خَلْفٍ وَعَيْنَانِ فَلَبَّي مُجِيبَاً ثُمَّ أسْرَعَ مُقْبِلاً بِوَجْهٍ كَمِثْلِ البَدْرِ فِي غُصْنِ ألبَانِ فَلاَقَاهُ بِالتَّرْحِيبِ ثُمَّ ارْتَقَي بِهِ إلیهِ وَصَارَ الطُّهْرُ لِلْمُصْطَفَي ثَانِ وَشَالَ بِعَضْدَيْهِ وَقَالَ وَقَدْ صَغَي إلی القَوْلِ أقْصَي القَوْمِ تَاللَهِ وَالدَّانِي علیٌّ أخِي لاَ فَرْقَ بَيْني وَبَيْنَهُ كَهَارُونَ مِنْ مُوسي الكَلِيمِ بْنِ عِمْرَانِ وَوَارِثُ عِلْمي وَالخَلِيفَةُ فِي غَدٍ علی أُمَّتي بَعْدِي إذَا زُرْتُ جُثْماني فَيَا رَبِّ مَنْ وَإلی علیاً فَوَالِهِ! وَعَادِ الَّذي عَادَاهُ وَاغْضِبْ علی الشَّاني [7] أجل، يقال لعيد الغدير عيد، لانّ الذكريات والقضايا المهمّة التي وقعت في غدير خمّ ذلك إلیوم، وخطبة رسول الله، وأخذه بضبعي علیّ حتّي بان بياض إبطيهما، وتعريفه للناس، ثمّ الامر بالسلام علیه بلفظ السَّلاَمُ علیكَ يَاأميرَالمؤمنين بعد نصبه في خلافة رسولالله، وإعطائه الولاية الاءلهيّة الكلّيّة، ونزول آية إكمال الدين وإتمام النعمة، وآية التبليغ وانقياد المخالفين وتسليمهم أمام تلك العظمة والاُبّهة الحقيقيّة والظاهريّة، ثمّ مخالفتهم بعد وفاة رسول الله، وأخيراً ما تركته من نتائج سريعة، كلّ ذلك يرتبط بيوم عيد الغدير، ويعود إلیه، ويدلّ علیه، وتهطل تلك البركات النازلة علی أهله. معني العيد في اللغة وفي اصطلاح الناسذلك أنّ كلمة العيد من عَوَدَ بمعني عاد. وقال في «أقرب الموارد»: العيد: الموسم، وكلّ يوم فيه جمع أو تذكار لذي فضل، وقيل: حادثة مهمّة. وقال ابن الاعرابيّ: لا نّه يعود كلّ سنة بفرح مجدّد. وكان أصل كلمة عِيْد، عِوْد. قلبت الواو ياءً لسكونها بعد كسرة، فصارت عيداً، والجمع أعْياد، والتصغير عُيَيْد، وقد بنوه من معتلّ، إمّا لانّ واحدهُ عيد، أو لوجود الفرق بينه، وبين العُود بمعني الخشب، وجمعه أعوَاد وتصغيره عُوَيْد. وقال في أصل المادّة: عَادَ إلی كَذَا يَعُودُ عَوْداً وَعَوْدَةً وَمعاداً، وقيل: عاد بعد الاءعراض والانصراف. وورد هذا الكلام أيضاً في «صحاح اللُّغَة» و «المِصْباح المنير». وأضاف في «المصباح» قوله: عَيّدتُ تَعييداً، أي: شهدت العيد. وبعد أن علمنا معني العيد في اللغة، ننتقل إلی معناه المصطلَح علیه عند الناس والطوائف والمِلَل والنِّحَل. فبأيّ معني يستعمل هؤلاء كلمة العيد؟ ونقول توضيحاً لهذا المطلب: إنّ هناك شيئاً خاصّاً له أهمّيّته عند كلّ طائفة وجماعة، وكلّ شعب، ومذهب مثل الذكري السنويّة لواقعة وحادثة ما إذ تتجدّد في كلّ سنة من أجل تكريمها والاءشادة بروحها ومعناها، ويعيشون الفرح والسرور في الاحتفال بتلك الواقعة. و علی الرغم من أنّ الواقعة المذكورة قد مضت، بَيدَ أ نّهم يقتربون إلیها بأرواحهم من خلال تخليدها وإحياء ذكرياتها العالقة في الاذهان، ويمتّعون بذلك أنفسهم. ولمّا كان طلاّب الدنيا لا يبتغون إلاّ الوصول إلی المنافع الدنيويّة لاغير، لذلك يعيّدون عند ظهور ظاهرة دنيويّة، فالملوك يعيّدون ويبتهجون بعد تسيير الجيوش وإراقة الدماء والتمكّن من الخصم، والتسلّط علی الشعوب التي خطّطوا للسيطرة علیها، ويشيّدون أقواس النصر، ويجدّدون ذكري ذلك الانتصار في كلّ عام. وكان الفرس القدماء يتّخذون النوروز عيداً لاعششاب الارض، واخضرار الاشجار، وحلول فصلٍ تضحك فيه الارض بعد انقضاء فصل الخريف والشتاء وإذا هي أنضر يوماً بعد آخر. وهذا منطق يتشدقّ به من لا شغل له بالمعنويّات والروحانيّات، إذ يري القيم الإنسانيّة في المادّة والخضرة فحسب. وفي الحقيقة ما هو الفرق بين هذا العيد وعيد البهائم التي تبتهج وتنتعش في فصل الربيع، وترعي في الحقول والمروج والمراتع، بعد أن كانت كئيبة ومتعبة في فصل الشتاء؟ فهي علی ذلك النمط، والإنسان علی هذا النمط. والحقيقة واحدة، لكنّها للبهائم بذلك الشكل، وللاءنسان بهذا الشكل. السيّد ابن طاووس رضوان الله علیه يتعيّد في يوم بلوغ ولدهنقرأ في كتاب «كشف المحجّة» للسيّد ابن طاووس أنّه لم يعيّد ولميحتفل في يوم ميلاد ولده، بل كان يعيّد ويحتفل في يوم بلوغه وتشرّفه بشرف التكليف، إذ تأهّل لخطاب الله، وجري علیه قلم التكليف. قال في الفصل الثالث والمائة: فإذا وصلت إلی الوقت الذي يشرّفكالله جلّ جلاله يا ولدي محمّد بكمال العقل، و هو جلّ جلاله أهل من استصلاحك لمجالسته ومشافهته ودخول مقدّس حضرته لطاعته، فليكن ذلك الوقت عندك مؤرّخاً محفوظاً من أفضل أوقات الاعياد، وكلّما أوصلك عمرك المبارك إلیه في سنة من السنين فجدّد شكراً وصدقات وخدمات لواهب العقل الدالّ لك علی شرف الدنيا والمعاد. وأعلم أ نّي أحضرت أُختك (شرف الاشراف) قبل بلوغها بقليل، وشرحت لها ما أحتمله من حالها من تشريف الله جلّ جلاله لها بالاءذن لها في خدمته جلّ جلاله بالكثير والقليل وقد ذكرت الحال في كتاب «البَهْجَةَ لِثَمَرَةِ المُهْجَة». الفصل الرابع والمائة: وإن بقيتُ حيّاً علی ما عوّدني الله جلّ جلاله من رحمته وعنايته، فإنّني أجعل يوم تشريفك بالتكليف عيداً أتصدّق فيه بمائة وخمسين ديناراً، عن كلّ سنة بعشرة دنانير، إن كان بلوغك بالسنين، وأشتغل بذلك في خدمته. وإنّما هو ماله جلّ جلاله وأنا مملوك وأنت عبده! فتحمل إلیه من ماله ما يريد أن تحمله لجلاله. [8] بَيدَ أنّ الاديان السماويّة وضعت الاعياد لاتباعها علی أساس القيم الإنسانيّة، وبلوغ الاهداف الاءيمانيّة، والخروج من ربقة الشرك، والتحرّر من كُبول المتجبّرين والطغاة الذين سخّروا الناس لتنفيذ مآربهم واستغلّوهم لمصالحهم الاستكباريّة. معني عيد الفطر وعيد الاضحيوفي الدين الإسلاميّ المقدّس عيدان هما الفطر والاضحي. أمّا عيد الفطر فقد شُرِّع بسبب إعراض الناس عن الاءفراط في الشهوات خلال شهر واحد هو شهر رمضان، إذ صاموا أيّامه، وقاموا ليإلیه، وارتقت الحالة الروحانيّة والمعنويّة فيهم من خلال ما عملوه من الصالحات أكثر من سائر الايّام كالاءنفاق في سبيل الله، وتلاوة القرآن الكريم أكثر، والعزوف عن المحرّمات والمكروهات، وتطهير النفس الامّارة وتزكيتها، وتيسّر لهم التخفّف والتجرّد وإمكان العروج إلی عوالم القدس، لانّ الطعام، والشهوة، والغضب مفاتيح جهنّم ومقإلید سلطة الشيطان. وفي هذا الشهر، جعلالله الجوع والعطش مائدته السماويّة لضيوفه، ويستبين أ نّها أفضل تحفة من ربّ الارباب. اندرون از طعام خإلی دار تا در آن نور معرفت بيني [9] وينبغي أن نتّخذ ذلك إلیوم عيداً، ونستلم عيديّتنا من الله الكريم الرحيم في هذا الوقت الذي هو وقت الحصول علی النتيجة والاجر. بَيدَ أنّ الاحتفال بالعيد لايعني العزف والضرب علی الطبول، ولايعني تناول الحلويّات وارتداء الملابس الملوّنة، ولاالتنزّه البهيمي، بل يعني درجة علیا من التزكية والتطهير، وصقل أفضل للنفس كي تستعدّ للبركات ونزول الموائد السماويّة. ويستحبّ في ليلة عيد الفطر غسلان: أحدهما في أوّل الليل، والثاني في آخره. وتلك الليلة هي ليلة الاءحياء، أي: الانشغال بالعبادة والقيام والذكر، ذكر المحبوب والمعشوق الازليّ والحبيب السرمديّ. ويستحبّ الغسل في يوم العيد أيضاً. ونشهد في يوم العيد الذهاب إلی صلاة العيد، وإقامتها في الصحراء مع جميع الناس، وأداءها بكيفيّة خاصّة، في ركعتين وتسعة قنوتات، وإطلاق اللسان بذكر التهليلات: اللَهُ أكْبَرُ، اللَهُ أكْبَرُ، لاَإلَهَإلاَّ اللَهُ وَاللَهُ أكْبَرُ، اللَهُ أكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ علی مَا هَدَانَا وَلَهُ الشُّكْرُ علی مَا أوْلاَنَا. وأمّا عيد الاضحي، فقد شُرّع بسبب ترك الناس بيوتهم وأوطانهم ومكاسبهم وأعمالهم وصيتهم وجاههم وجميع ما يتعلّقون به عشقاً للقاء وجهالله. ويتوجّهون شطر المسجد الحرام من كلّ فجّ عميق، ويؤدّون المناسك من طواف وسعي ووقوف في عرفات خارج الحرم، ثمّ الدخول في الحرم والمشعر، ويستريحون في المزدلفة ليلاً بإذن الدخول الذي حصلوا علیه من الله، ثمّ يأتون إلی مِني، ويرجمون الشيطان سبعاً، وينحرون، ويحلِّقون، وهم حفاة حاسرو الرؤوس في هذه المدّة يبحثون عن الحبيب ويتحرّون. ومن المناسب أن يعيّدوا ويبتهجوا عند خروجهم من الاءحرام شكراً للّه علی قبول هذه الاعمال الشاقّة. والمُلذّة في آنٍ واحد. ثمّ يحمدوا الله ويتهيّأوا لمراسم العيد التي تمثّل ذكراً للّه وتطهيراً أكثر، ويؤدّوا صلاة العيد، ويطلقوا ألسنتهم بالتقديس والتمجيد الاءلهيّ، وبيان جمالالله وجلاله، والنطق بمحاسنه ومواطن جماله، وإعلان الوحدة، وتوحيد الذات والاسماء والصفات والافعال في العالم، والقول: اللَهُ أكْبَرُ، اللَهُ أكْبَرُ، لاَإلَهَإلاَّ اللَهُ وَاللَهُ أكْبَرُ، اللَهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ، اللَهُ أكْبَرُ علی مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهيمَةِ الاَنْعَامِ، الحَمْدُ لِلَّهِ علی مَا أبْلاَنَا. وليس الحجّاج فحسب، بل إنّ كافّة المسلمين في شتّي بقاع العالم ينبغي أن يبتهجوا بهذه الموهبة العظمي التي حازها إخوانهم في تلك المواقف الكريمة، وينحروا بعد الاعمال التي قاموا بها في ذيالقعدة والايّام العشرة الاُولي من ذي الحجّة، ويقيموا صلاة العيد، ويذهبوا إلی الصحراء حفاة مع الاءمام من أجل الجماعة. إنّ يوم الجُمْعَة عيد أيضاً لا نّه يوم اجتماع الناس لصلاة الجمعة، وسماع الخطبتين، والتطهير. ولذلك سمّاه الله بهذا الاسم: الجُمْعَة، أي: يوم اجتماع الاُمّة الإسلاميّة وتلاحمها. وكان يقال له قبل الإسلام: يَوْمُ العُرُوبَةِ. وأوجب الإسلام صلاة الجمعة وجوباً عينيّاً تعينيّاً في كلّ زمان إلی يوم القيامة، ولعن تاركها. ولكن شرط صحّتها، الجماعة وإشراف وإمامة الاءمام العادل أو المنصوب من قبله. فالاءمام هو الذي يقيمها عند حضوره. وفي زمن الغيبة، يقيمها الفقيه العادل الجامع للشرائط القائم بمهمامّ الاءمام بأدلّة النيابة العامّة. إنّ صلاة الجمعة واجبة وجوباً مطلقاً لاوجوباً مشروطاً كالحجّ المشروط وجوبه عند الاستطاعة، بل هي كصلاة الظهر من حيث الطهارة والغسل والوضوء. لذلك فإنّ الاءمام وحاكم الشرع هو شرط الانعقاد والصحّة والشرط الواجب لاشرط الوجوب. فلهذا إذا كان الاءمام في الغيبة، ولمتكن للفقيه الجامع الشرائط قدرة علی الحكومة، إذ يعيش في التقيّة، فإنّ الناس جميعهم آثمون لترك صلاة الجمعة، لا نّهم يتركون صلاة عينيّة تعيينيّة لها أهمّيّتها الفائقة. ويجب علی أُولئك كلّهم النهوض وتأسيس الحكومة الإسلاميّة ليظهر الاءمام النائب، أو يصبح الفقيه مبسوط إلید بعد أن كان مقبوضها، ويتمكّن من إجراء الحدود، والذبّ عن ثغور الإسلام. ومن واجبات الحاكم إقامة صلاة الجمعة في نطاق حكومته. إنّ الاشخاص الذين لا يقيمون صلاة الجمعة في زمن الحكومة الجائرة يعذّبون لعدم تأسيسهم حكومة إسلاميّة تُقام صلاة الجمعة في ظلّها. وإذا لميتوفّر الحاكم المطلوب، فإنّ صلاتهم غيرصحيحة، ومرفوضة. من هذا المنطلق، فإنّ يوم الجمعة هو يوم العيد والاجتماع، ويطهُرُ الناس فيه، ويخرجون من الاخطاء والذنوب التي ارتكبوها طيلة الاُسبوع، ويستجاب الدعاء في ذلك إلیوم. وتحظي ليلة الجمعة أيضاً بأهمّيّة وخصوصيّة للتهيّؤ والاستعداد للقيام بواجبات نهارها. وتتميّز هذه الليلة عن سائر الليإلی. عيد الغدير أفضل الاعيادأمّا عيد الغدير فهو من أشرف الاعياد وأفضلها بسبب ربط الاُمَّة بالاءمام، واتّحاد قلوبهم بالولاية، والورود في سلك السالكين، والسائرين علی طريق المودّة والمحبّة والاءيثار والاءنفاق، والعقل والشعور، واتّساع النور الربّانيّ، والنفحات القدسيّة السبحانيّة، وارتباط الملك بالملكوت. إنّ عيد الغدير هو يوم العبوديّة والتسليم أمام الحقّ، والخروج من فرعونيّة النفس الامّارة، وإلقاء حبل ذلّ الرقِّيَّة للّه، والاءقرار والاعتراف بمفردة خاصّة من مفردات عظمته، ووضع القدم في صراط الاءيقان المستقيم، والخطو خطوة راسخة علی طريق ترك الرسميّات، والتحلّي بالحقّ والحقيقة والموضوعيّة خالصاً وتاركاً للرسميّات والخروج من زمرة البهائم، والالتحاق بصفّ البشر. إنّ عيد الغدير هو الاءجابة جواباً صحيحاً عن نداء القدّوس السبّوح بحصر الولاية في القرآن الكريم في قوله: يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ، والاءقرار القلبيّ بكلام نبيّه الاعظم: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ، والتفيّؤ بأفياء دعائه: اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، والفرار من دعائه المدمِّر: وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، واستقبال قوله: وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، واستدبار كلامه: وَاخْذلْ مَنْ خَذَلَهُ. إنّ عيدالغدير هو النظر إلی الجمال الملكوتيّ لمولي الموإلیّ أميرالمؤمنين علیه السلام وهو علی يدي النبيّ المعظّم بعد أن ارتقي المنبر المؤ لّف من أحداج الاءبل، تحت شجيرات السَّمَرات في وادي الجُحْفَة في غدير خمّ، وهو عَرْضُ الولاية علی كافّة الناس، ونزول الملكوت، والجبروت في عالم الملك هذا منادياً: يا أعداء علیّ! وياخصوم أهل البيت الذين طالما آذيتم رسول الله بشكاواكم من علیّ! اعلموا: أنّ علیاً لايليق بشأنه أن يُؤذَي ويُشْكَي. هو وإلی الولاية، وهو الطير الوحيد المحلّق في سماء العرفان، والملاك المقرّب في قصر العرفان. وهو أقرب منكم إلی نفوسكم، وأولي بها منكم. وهو سيّدكم وأميركم ورئيسكم وقائدكم تكويناً وتشريعاً! لقد عرض النبيّ علیاً علی الناس ليروه كلّهم، كما فعلت زليخا إذ عرضت يوسف علی نساء مصر، وهي تقول لهنّ: أيّتها النسوة اللائي لُمنني في حبّ هذا الفتي، وقلن: أنتِ امرأة عزيز مصر، وملكة الوجاهة والجمال، إلیس من الضياع أن تُفْتَنِي بهذا الفتي المجهول وهو عبدكِ وغلامكِ؟! ودعت زليخا نساء مصر، وأجلستهن في بيت له بابان، وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ كبّادة وسكّيناً، وقالت لهنّ: سيأتي يوسف، ويعبر من هنا، ومن شروط الادب التي ينبغي أن تراعينّها أنّه إذا أقبل ورأيتنّه، فلتقطع كلّ واحدة منكنّ قطعة معطّرة من هذا الكبّاد، وتجامله بها علی سبيل الهديّة! وأدخلت زليخا يوسف من أحد البابين، فعبر من أمام النسوة المصريّات، وخرج من الباب الآخر. وما إن وقعت عيونهنّ علی ذلك الجمال الذي هو قبس من جمال الحقّ تعإلی. وأردن أن يقطعن الكَبَّاد، ليجاملنه به، دُهِشْنَ وذُهِلْن فلم يميّزن بين إلید والكَبّاد، فقطّعن أيديهنّ مكان الكَبّاد، وسال الدم من غير أن يشعرن به. گرش ببيني و دست از ترنج بشناسي روا بود كه ملامت كني زليخا را [10] ولمّا خرج يوسف، قالت زليخا للنسوة: ما بكنّ؟ ما خطبكنّ؟ مادهاكنّ؟ ما لكنّ قد أدميتنّ أثوابكنّ البيضاء ولِمَ قطّعتنّ أيديكنَّ؟ ونظرن إلی أيديهنّ وأثوابهنّ وقلن: حَـ'شَ لِلَّهِ مَا هَـ'ذَا بَشَرًا إِنْ هَـ'ذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ. [11] وقالت زليخا: فَذَ ' لِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ.[12] ذلك الفتي الذي هو عبدنا وغلامنا، وقد لمتنّني فيه! ورفع النبيّ علیاً علی يده ليراه جميع الناس، ويعلموا أنّه ذلك الفتي الذي كانوا يُسيئون القول فيه، وأنّ أضغانهم وأحقادهم البَدريَّة والحُنَيْنيَّة، وأنّ شرفه ومنزلته العظيمة في شجاعته وعلمه وعرفانه وإيثاره، وحالاته الروحيّة، وجَذَباته السبحانيّة وغيرها لمتسمح لهم أن يخضعوا أمامه مسلّمين طائعين، ويقرّوا بأُبّهته وجلالته. وكان حسدهم القديم المتأصل يحول دون تطويعهم أنفسهم لطاعته، وها هو يُعْرَض علی يَدَي خاتم الانبياء والمرسلين وسيّد وُلْدِ آدم، وشفيع الانبياء الماضين والشاهد علیهم في عرصات القيامة. وقد انطوت نفسه علی الإسلام والاءيمان، ولايقبل عمل إلاّ باتّباعه، والاقتداء بنهجه وسنّته. وهو قسيم الجنّة والنار. وهو ميزان العدل والاءنصاف. وهو مخزن الاسرار وكنز المعرفة. وهو الذي أولي بكلّ مؤمن من نفسه وأقرب إلیه منها. وهو حامل القرآن. وهو الفرقان بين الحقّ والباطل. وهو المكلّف بالحرف علی تأويل كتابالله، كما كان النبيّ مكلّفاً بها علی تنزيله. وهو صاحب اللواء لدفع وقمع الناكثين والقاسطين والمارقين. وهو الشهيد في محراب العبادة في بيتالله كما كان ميلاده في بيتالله. إنّ عيد الغدير معرض لهذه التجلّيات، وبروز هذه الحقائق وإبرازها، وظهورها وإظهارها. أئمّة الشيعة وشيعتهم يحيون عيد الغديرومن هذا المنطلق اقتضت عناية الله أن يشتهر حديث الغدير في الآفاق، ويجري ذكره علی ألسن الناس. ويصبح يوم الغدير موسماً مهمّاً ليكون حجّة قائمة لاتباع إمام الحقّ ومُقّتَدَي الاُمّة. فلهذا كان الائمّة الطاهرون علیهم السلام يواظبون علی إحياء هذه الواقعة، والاحتجاج بها علی المناوئين. وتأسّي بهم الاصحاب العظام الكرام، والتابعون ذوو العزّة والاحترام، وعلماء السَّلَف، خلفاً عن خلف، فأحيوها في المجالس والمحافل والاجتماعات من خلال ذكر الاشعار والقصائد النابضة علی الرغم من مرور الدهور وكرور الايّام، وأودعوها الاجيال القادمة غضّة طرّية. وأمر الائمّة المعصومون سلام الله علیهم أجمعين شيعتهم بالفرح والسرور والتهنئة والتبريك والتسليم والصوم والاءنفاق في هذا إلیوم. وكانوا يتعاملون معه بوصفه عيداً. وبالاخصّ تجتمع طائفة الاءماميّة في هذا إلیوم اجتماعاً عظيماً عند مرقد سيدنا أميرالمؤمنين علیه السلام بالنجف الاشرف. وزيارة الغدير من الزيارات المخصوصة للاءمام. ويجتمع رجال الشيعة من شتّي القبائل والحواضر حول قبره قادمين من مختلف الارجاء البعيدة والقريبة، ويقرؤون زيارته المخصوصة المرويّة عن الائمّة الطاهرين، والحاوية علی جميع الكمالات، والمبيّنة لكافّة مقاماته ودرجاته، ويتحدّثون بالحجج الدامغة من الكتاب والسنّة لدفع المناوئين. عيد الغدير عند سائر المسلمين من العامّةويعتبر يوم الغدير عيداً رسميّا في جميع المدن، وحتّي القري والقصبات، ويحترم ملايين المسلمين شيعتهم وسنّتهم هذا إلیوم، وينشغلون فيه بالآداب العباديّة والاُمور الحِسبيّة والقُربيّة. إنّ سنّة الاحتفال والتعييد في يوم الغدير قد خلّدت هذه القصّة، ورسخّت نصّ الغدير وأرست دعائمه، وسلّمه الاوّلون للاجيال القادمة. وإنّ السهر للعبادة في ليلة الغدير، وصِلَة الارحام والضعفاء، والتوسيع علی العيال، والتزيّن، وارتداء الملابس الجديدة والاثواب النظيفة، والاءحسان والبرّ، وتوسيع الخيرات والمبرّات في هذا إلیوم، كلّ ذلك يعتبر من البواعث علی بقاء هذا الاثر الخالد، ليذهب الناس وراء جذر الغدير ومنبعه، ويتفحّصوا عن أصله، فتنمو أغصان الاءيمان في قلوبهم وتقوي يوماً بعد يوم. وأجْمِلْ بالفُرسِ هذا إلیوم إذا تركوا هذه البدعة القبيحة المتمثّلة بتعظيمهم عيد المجوس،[13] وابتهاجهم به، وسرورهم بتهيئة الملابس القشيبة لهم ولاُسرهم في أيّامه متأثّرين بالتقإلید الغربيّة في إحياء الآداب والتقإلید القوميّة القديمة، فما أجملهم إذا فعلوا ذلك، واتّخذوا مكانه يوم الغدير عيداً لهم، وهو عمود الاءيمان، وجعلوه عطلة رسميّة تمتدّ أيّاماً للزيارات والافراح، وارتداء الملابس الجديدة بدل الملابس البإلیة، فيتنازل شيطان الطبيعة القبيح عن مكانه لملاك الرحمة، ولايُسْتَغْفَلُ الشيعة فيقعوا في الفخّ بنحو غير مدروس، وهم الذين كانوا ولايزالون معروفين بممارسة أعمالهم عن تعقّل ورويّة. إنّ عيد الغدير يربط ماضي مدرسة التشيّع بحاضرها ومستقبلها في كلّ عام، ويوصل بعض حلقاتها ببعض، ويمنحها الدوام والاستمرار، ويواصل تبكيته الشيطانَ المشؤوم وغول الاستكبار وجموع النفس، ويخلّد الكفاح والنضال ضدّ ذلك. ومن الضروريّ هنا أن نذكر نقطتين: الاُولي: أنّ هذا العيد لا يقتصر علی الشيعة فحسب، وإن كانت لهم عناية به وميل خاصّ إلیه، وإنّما اشترك معهم سائر المسلمين في احترامه والتعيّد به، ولميشذّ منهم إلاّ النواصب والخوارج. و علی هذا الاساس قال المَسعوديّ: قال النبيّ الاكرم في أمير المؤمنين علیّبن أبي طالب رضي الله عنه في غدير خُمّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیُّ مَوْلاَهُ. وذلك في إلیوم الثامن عشر من شهر ذيالحجّة، وغدير خمّ بقرب من الماء المعروف بالخرار بناحية الجُحْفَة، وَوُلْدُ علیٍّ وَشِيعَتِهِ يُعَظِّمُونَ هَذَا إلیوْمَ. [14] وقال محمّد بن طلحة الشافعيّ، أخرج الترْمُذِيّ في صحيحة بإسناده عن زيدبن أرقم قال: قال رسولالله: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ، أورده بهذا اللفظ ولم يزد علیه شيئاً. ولكن ذكر غير الترمذيّ أيضاً إلیوم ] الذي قال فيه رسولالله ذلك [، والموضع ] الذي بيّنه فيه [، فذكر الزمان وهو عند عود رسولالله من حِجَّة الوَدَاع في إلیوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وذكر المكان وهو ما بين مكّة والمدينة يسمّي خمّاً في الغدير الذي تقدّم، هناك. فسمّي ذلك إلیوم يوم غدير خُمّ. وذكره أميرالمؤمنين علیه السلام نفسه في شعره الذي تقدّم، وصار ذلك إلیوم عيداً ومُوسماً ] لاجتماع الناس [ لكونه كان وقتاً خصّ رسولالله صلّيالله علیه وآله علیاً بهذه المنزلة ال علیة وشرّفه بها دون الناس كلّهم! وذكر ابن خَلَّكان في ترجمة المُسْتَ علی بن المستنصر أنّه بُويِعَ في عيدِ غَديرِ خُمٍّ، وهو الثامن عشر من ذي الحجّة سنة سبع وثمانين وأربعمائة. [15] وقال العلاّمة الامينيّ: قال ابن خَلّكان أيضاً في ترجمة المُسْتَنْصِر بالله العبيديّ: توفّي ليلة الخميس لاثني عشرة ليلة بقيت من ذي الحجّة سنة487. ثمّ قال ابن خَلّكان: هذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني: ليلة الثامن عشر من ذي الحجّة، وهو غدير خُمّ (بضمّ الخاء وتشديد الميم). ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة متي كانت من ذي الحجّة؟ وهذا المكان بين مكّة والمدينة، وفيه غدير ماء، ويقال: إنّه غيضة هناك. ولمّا رجع النبيّ الاكرم صلّيالله علیه وآله من مكّة شرّفها الله تعإلی عام حجّة الوداع، ووصل إلی هذا المكان، وآخي علیّبن أبي طالب وقال: علیٌّ مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَي، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. وللشيعة به تعلّق كبير. وقال الحازميّ: غدير خمّ واد بين مكّة والمدينة عند الجحفة غدير عنده خطب النبيّ. وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وشدّة الحرّ. إلی آخر كلام ابن خلّكان. وقال الثعالبيّ في «ثمار القلوب» بعد أن عدّ ليلة الغدير من الليإلی المشهورة (والمعروفة) عند الاُمّة: وهي الليلة التي خطب رسولالله صلّيالله علیه وآله في غدها بغدير خُمّ علی أقتاب الاءبل، فقال في خطبته: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذلْ مَنْ خَذَلَهُ. والشيعة يعظّمون هذه الليلة ويحيونها قياماً. [16] وممّا يدلّ علی هذا العيد، التهنئة لامير المؤمنين علیه السلام من الشيخين، وأُمّهات المؤمنين (نساء رسولالله)، وغيرهم من الصحابة بأمر رسولالله، ومعلوم أنّ التهنئة من خواصّ الاعياد والافراح. الثانية: أنّ عهد هذا العيد يمتدّ إلی أمدٍ قديم، كما تدلّ علی ذلك كتب التأريخ، وهو متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدئة به يوم الغدير في السنة العاشرة من الهجرة بعد حجّة الوداع، لمّا أصحر رسولالله بالامر في تلك المراسم التي أُقيمت في ساحة فسيحة، وبحضور الملا من المسلمين. وأبان فيها مستقرّ إمرته وحكومته من الوجهة الدينيّة والدنيويّة، وحدّد لهم مستوي أمر دينه الشامخ وطريقه الواضح جيلاً بعد جيل ونسلاً بعد نسل، وقال: فَلْيُبَلِّغ الشَاهِدُ الغَائِبُ، ويتحدّث له عن هذا المشهد العظيم بعد عودته إلی وطنه، و علی هذا، فإنّ ذلك إلیوم كان موسماً عظيماً ويوماً مشهوداً يسرّ كلّ معتنق للاءسلام، ويبهجه بهذه الموهبة الكبري وهو يري البناء الرصين للاءمامة وخلافة المسلمين، ويشهد استمرار طريق الشريعة وديمومة أنوار أحكامها، فلاتلويها الآراء الفاسدة والاهواء الكاسدة عن مسارها، وتتمكّن النفوس المشتاقة والارواح الشائقة إلی بلوغ المعنويّات من التحرّك في ضوء هذا المنهج حتّي يوم القيامة، فتظفر بالكمال النفسانيّ من القوّة والاستعداد إلی الف علیة. وأيّ يوم أعظم وأكبر وأشرف من يوم الغدير؟ إذ أُكمل فيه الدين، وتمّت فيه النعمة، ولاح فيه لاحب الطريق، وعظم فيه التمسّك بعروة الحقّ الوثقي. فهو العيد الاعظم الذي نوّه به القرآن الكريم بواسطة جبرائيل الحامل الامين للوحي الاءلهيّ، وبلسان رسولالله وإرشاده وخطابته وأمره وإنشائه، وأرسي دعائمه علی هذا الاساس المتين. علی الملوك أن يعيّدوا بعيد الغدير بدل التتويحولئن اتّخذ الملوك في عصرنا هذا يوم تسنّمهم عرش السلطنة عيداً ـخطأً وزلّةً، وجفاءً وغفلةًـ وأقاموا فيه المحافل البهيجة المليئة بالسرور والحبور، والتنوير، ونثر الحلوا، وإلقاء الخطب، وإنشاء القصائد والاشعار، وبسط الموائد التي تتزيّن بألوان الطعام، كما جرت به العادات بين الاُمم والاجيال، فمن المناسب أن يكفّوا عن هذه الاعتبارات، ويتجاوزوا هذه الممّرات. ويتّخذوا كلّهم أجمعون يوم الغدير عيداً، وهو يوم حكومة العدل، وإمارة الاءنصاف، ويوم إمامة الحقّ وولايةالله العظمي، ويدعوا الناس والاُمّة إلی هذا الطريق والمنهج وَنِعْمَ المَنْهَجُ القَويمُ. ويحتفلوا ويعيّدوا في ذلك إلیوم الذي جاء فيه النصّ من رسولالله وهو الذي لاَيَنْطِقُ عَنِ الْهَوَي'´ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَي'، ويبجّلوه ويكرّموه بكلّ ما للتبجيل والتكريم من معني، ولمّا كان عيداً دينيّاً وإلهيّاً، فلا يقصّروا في زيادة الاعمال المَقرِّبة إلی الله من صوم، وصلاة، ودعاء، وزيارة المؤمنين، وتهنئتهم، ومصافحتهم بوضع كفّ إلید إلیمني علی أكفّهم، ويقولوا شاكرين للّه المنّان علی هذه الموهبة: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي جَعَلَنَا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بَوْلاَيَةِ أميرِالمُؤْمِنِينَ وَالاَئِمَّةِ علیهِمُ السَّلاَمُ. وكذلك يقوموا بوجوه البرّ والاءحسان، من قبيل إعطاء الخاتم واللباس، وإهداء العطر والبخور والعبير، وإطعام المؤمنين بالاخصّ الضعفاء والفقراء والارحام وأهل العلم، والطلاّب الذين يقرنون علمهم بالعمل، وسالكي سبيلالله من الثائرين وعشّاق مولي الموإلی علیه السلام ويفعلوا ذلك كلّه بنحو أتمّ وأكمل. مصافقة الناس وبيعتهم أمير المؤمنين علیه السلام في يوم الغديرولذلك كلّه أمر رسول الله بعد الفراغ من الخطبة أن ينصبوا لاميرالمؤمنين خيمة، وأمر المؤمنين أن يهنّئوه علی تمام النعمة وكمالالدين الذي أثمر بربط الولاية بالنبوّة، وأتحف الامّة بفاكهة الحياة الطازجة. وأمر كبار قريش وشيوخ الانصار والمهاجرين ووجوهم بتهنئة أميرالمؤمنين علیه السلام، والسلام علیه بإمرة المؤمنين السَّلاَمُ علیكَ يَاأميرَالمُؤْمِنِينَ، والاءذعان بإمارته وولايته. كما أمر الشيخين: أبابكر، وعمر، وزوجاته أن يدخلوا علیه، ويهنّئوه، ويسلّموا علیه بالاءمامة والحكومة علی تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصّة الولاية ويتصدَّر الامر والنهي في دين الله وإدارة شؤون المسلمين بوصفه خليفة رسولالله. قال العلاّمة الامينيّ: أخرج محمّدبن جرير الطبريّ في كتاب (الولاية) حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم، مرّ شطر منه. وفي آخره قال النبيّ الاكرم صلّيالله علیه وآله وسلّم: مَعَاشِرَ النَّاسِ! قُولُوا: أعْطَيْنَاكَ علی ذَلِكَ عَهْداً عَنْ أنْفُسِنَا وَمِيثَاقاً بِألْسِنَتِنَا وَصَفْقَةً بِأيْدِينَا، نُؤَدِّيهِ إلی أوْلاَدِنَا وَأهَإلینَا، لاَنَبْغِي بِذَلِكَ بَدَلاً وَأنْتَ شَهِيدٌ علینَا وَكَفَي بِاللَهِ شَهيداً. قُولُوا مَا قُلْتُ لَكُم! وَسَلِّمُوا علی علیٍّ بِإمْرَةِ المُؤْمِنِينَ! وَقُولُوا: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَهُ، فَإِنَّ اللَهَ يَعْلَمُ كُلَّ صَوْتٍ وَخَائِنَةَ كُلِّ نَفْسٍ، «فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ علی' نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَي' بِمَا عَـ'هَدَ علیهُ اللَهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا». [17] قُولُوا مَا يُرْضِي اللَهُ عَنْكُمْ فَـ «إِن تَكْفَُرُوا فَإِنَّ اللَهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ».[18] قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا علی أمْرِاللَهِ وَرَسُولِهِ بِقُلُوبِنَا. تهنئة الشيخين أمير المؤمنين علیه السلام وتسليمهم بولايتهوكان أوّل من صافق النبيّ صلّي الله علیه وآله: أبُوبَكْر، وَعُمَر، وَعُثْمَان وَطَلْحَةُ، والزُّبَيْر، وباقي المهاجرين والانصار، وباقي الناس، إلی أن صلّي الظهرين في وقت واحد، وامتدّت المصافقة وبيعة الناس، إلی أن صلّي العشاءين في وقت واحد، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلثاً ] من الليل [. ورواه أحمد بن محمّد الطبريّ الشهير بالخليليّ في كتاب «مناقب علیّبن أبي طالب»، المؤ لَّف سنة 411 بالقاهرة من طريق شيخه محمّدبن أبيبكربن عبدالرحمن، وفيه: فتبادر الناس إلی بيعته وقالوا: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا لِمَا أمَرَنَا اللَهُ وَرَسُولُهُ بِقُلُوبِنَا وَأنْفُسِنَا وَألْسِنَتِنَا وَجَمِيعِ جَوارِحِنَا، ثُمَّ انْكَبُّوا علی رَسُولِ اللَهِ وَ علی علیٍّ بِأيْدِيهِمْ. وكان أوّل من صافق رسول الله: أبو بكر، وعمر، وطلحة، والزبير، ثمّ باقي المهاجرين، والناس علی طبقاتهم ومقدار منازلهم، إلی أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد، والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد، ولميزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلثاً من الليل، ورسولالله كلّما بايعه فوج بعد فوج يقول: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي فَضَّلَنَا علی جَمِيعِ العَالَمِينَ. وصارت المصافقة سُنّة ورسماً، واستعملها من ليس له حقّ فيها. وقال في كتاب «النَّشر والطَّيّ»: فبادر الناس بِـ: نَعَمْ نَعَمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا أَمْرَ اللَهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ، آمَنَّا بِهِ بِقُلُوبِنَا. وتداكّوا علی رسولالله و علیّ بأيديهم، إلی أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد، وباقي ذلك إلیوم، إلی أن صُلّيت العشاءان في وقت واحد، ورسولالله كان يقول كلّما أتي فوجٌ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي فَضَّلَنَا علی العَالَمِينَ. وقال المولويّ وليّالله اللَّكْهَنُويّ في كتاب «مرآة المؤمنين» في ذكر حديث الغدير: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هَنِيئَاً يَاابْنَأَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. وَكَانَ يُهَنِّيُ أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ كُلَّ صَحَابِيٍّ لاَقَاهُ. وقال المؤرّخ ابن خاوند شاه المتوفّي903 في «روضة الصَّفا» في الجزء الثاني من ج1، ص173 بعد ذكر حديث الغدير: ثمّ جلس رسولالله في خيمة تخصّه، وأمر أمير المؤمنين علیاً علیه السلام أن يجلس في خيمة أُخري، وأمر كافّة الناس أن يهنِّئوا علیاً في خيمته. ولمّا فرغ الناس عن التهنئة له، أمر النبيّ زوجاته (أُمَّهَاتَ المُؤْمِنِينَ) بأن يَسِرْنَ إلیه وَيُهَنِّئْنَهُ، ففَعلنَ. وممّن هنَّأه من الصحابة: عمربن الخطّاب، فقال: هَنيئاً لَكَ يَاابْنَأبي طَالِبٍ أصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ. تهنئة عمر أمير المؤمنين علیه السلام في يوم غدير خمّوقال المؤرّخ غياث الدين المتوفّي 942 في «حبيب السِّيَر» في الجزء الثالث من ج1، ص144: ثمّ جلس أمير المؤمنين بأمر من النبيّ صلّيالله علیه وآله في خيمة تخصّه، يزوره الناس ويهنّئونه، وفيهم، عمربن الخطّاب، فقال: بَخٍّ بَخٍّ يَا ابْنَ أبي طَالِبٍ! أصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ! [19] وخصوص حديث تهنئة الشيخين: أبي بكر، وعمر، رواه من أئمّة الحديث والتفسير والتأريخ من رجال السنّة كثير لايستهان بعددهم بين راوٍ مرسلاً له إرسال المسلّم، وبين راوٍ إيّاه بمسانيد صحاح ورجال ثقات تنتهي إلی غيرواحد من الصحابة كابن عبّاس، وأبي هريرة، والبراءبن عازب، وزيدبن أرقم. وذكر المرحوم العلاّمة الامينيّ تلك الروايات في كتابه القيّم: «الغدير» نقلاً عن ستّين كتاباً موثوقاً ومشهوراً من كتبهم التي أ لّفها مشاهير وأعاظم مشايخ العامّة.[20] وننقلها فيما يأتي عن عدد من الكتب لاغير: 1 ـ روي أبو إسحاق الثعلبيّ في كتاب «الكشف والبيان» بسنده عن البراءبن عازب قال: لمّا نزلنا مع رسولالله في حجّة الوداع بغدير خمّ، نادي رسولالله: الصلاة جامعة. وكُسح للنبيّ تحت شجرتين فأخذ بيد علی: فقال: ألَسْتُ أوْلَي بِالمُؤمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ؟ قالوا: بلي. قال: هَذَا مَوْلَي مَنْ أنَا مَوْلاَهُ! اللَهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ! وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ! قال: فلقيه عمر فقال: هَنِيئَاً لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُوْمِنَةٍ! 2 ـ ذكر شيخ الإسلام الحمّوئيّ في «فرائد السمطينِ» بسنده عن شهربن حوشب، عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمان عشر من ذيالحجّة، كتبالله له صيام ستّين سنة. وهو يوم غدير خُمّ لمّا أخذ رسولالله صلّيالله علیه وآله بِيَدِ علیّ صلوات الله علیه وآله، فقال: مَن كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ! فقال عمر بن الخطّاب: بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْحَبْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُسْلِمٍ. [21] 3 ـ روي الخطيب الخوارزميّ بسنده عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسولالله في حجّة. ثمّ ذكر الحديث الذي نقلناه عن الثعلبيّ في «الكشف والبيان» نفسه. وقال في آخره أيضاً: فلقي عمربن الخطّاب علیاً، فقال: هَنِيئاً لَكَ يَاابْنَأبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مَؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. وروي بسنده الآخر عن أبي هريرة نفس الحديث الذي نقلناها عن الحَمّوئيّ في «فرائد السمطين». وقال في ختامه أيضاً: فقال له عمربن الخطّاب: بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَاابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُسْلِمٍ. [22] 4 ـ أخرج أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن عديّبن ثابت، عن البراءبن عازب، أنّه قال: كنّا مع رسولالله صلّيالله علیه وسلّم في سفر، فنزلنا بغدير خمّ، فنودي: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، وكُسح لرسولالله صلّيالله علیه وسلّم تحت شجرتين، فصلّي الظهر، فأخذ بِيَدِ علیّ رضي الله تعإلی عنه، فقال: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَ نِّي أوْلَي بِكُلِّ مُوْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟ قالوا: بلي. فأخذ بِيَدِ علیّ، فقال: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ. فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هَنِيئاً لَكَ يَاابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْحَبْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. [23] 5 ـ روي الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديّ، عن حبشونبن موسيبن أيّوب[24] بسنده عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة أنّه قال: من صام يوم ثمان عشر من ذي الحجّة، كتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خمّ لمّا أخذ النبيّ صلّيالله علیه وآله بيد علیّ فقال: ألَسْتُ أوْلَي بِالمُؤمِنِينَ؟ قالوا: بَلَي يَا رَسُولَ اللَهِ! قال: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علیٌّ مَوْلاَهُ. بعد ذلك قال عمربن الخطّاب: بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَاابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُسْلِمٍ! فأنزل الله: إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب، كتب له صيام ستّين شهراً، وهو أوّل يوم نزل فيه جبرائيل علیه السلام علی مُحَمَّد صلّيالله علیه وآله، اشتهر هذا الحديث برواية حَبْشُونَ.[25] 6 ـ روي الحافظ ابن عَسَاكِر الدمشقيّ بسندين عن البراءبن عازب، قال: حججنا مع رسولالله، وبعد أن شرح قصّة النزول والخطبة في غدير خمّ، قال في رواية: قال عمربن الخطّاب: هَنِيئاً لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ إلیوْمَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ![26] وقال في رواية أُخري: قال له عمر: هَنِيئاً لَكَ يَا علیُّ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ! [27] وأخرج بسندين آخرين عن أبي هريرة، السند الاوّل هو الحديث الذي نقلناه عن «تاريخ بغداد» برواية حَبْشون،[28] و السند الثاني هو الحديث الذي نقله عن أبي بكربن المرزقيّ، وقال عمر في آخره: بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَاابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَمَوْلَي كُلِّ مُسْلِمٍ.[29] ارجاعات [1] ـ ذكر ابن شهرآشوب هذا المقدار من الخطبة في «المناقب» ج 1، ص 540. وذلك من وسطها. وهذه الخطبة طويلة جدّاً في كتاب «مصباح المتهجّد» للشيخ الطوسيّ. وشغلت خمس صفحات كبيرة من الكتاب المشار إلیه، تسع كلّ صفحة واحداً وعشرين سطراً. [2] ـ الآيتان 67 و 68، من السورة 33: الاحزاب. [3] ـ تركيب من الآية 47، من السورة 40: غافر، والآية 21، من السورة 14: إبراهيم. [4] ـ «مصباح المتهجّد» ص 524 إلی 529. وقال قبل بيان الخطبة: أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارونبن موسي التلعكبريّ: قال: حدّثنا أبو الحسن علیّبن أحمد الخراسانيّ الحاجب في شهر رمضان سنة 337: قال: حدّثنا سعيدبن هارون أبو عمر المروزيّ وقد زاد علی الثمانين سنة: قال: حدّثنا الفيّاضبن محمّد بن عمر الطوسيّ بطوس سنة 259 وقد بلغ التسعين أنّه شهد أبا الحسن علیّبن موسي الرضا علیهما السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصّته وقد احتبسهم للإفطار، وقد قدّم إلی منازلهم الطعام والبرّ والصلات والكسوة حتّي الخواتيم والنعال، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجدّدت له آلة غيرالآلة التي جري الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل إلیوم وتقدّمه. فكان من قوله علیه السلام: حدّثني الهادي أبي عن جدّي الصادق، قال: حدّثني أبي الباقر عن سيّد العابدين، عن أبيه الحسين، قال: اتّفق في بعض سنين خلافة أبي الجمعة والغدير. فصعد المنبر علی خمس ساعات من نهار ذلك إلیوم، فحمد الله وأثني علیه حمداً لميُسْمَع بمثله، وأثني علیه ثناءً لميتوجّه إلیه غيره. فكان ما حُفِظَ من ذلك: الحمد للّه الذي جعل الحمد من غيرحاجةٍ منه إلی حامديه طريقاً من طريق الاعتراف بلاهوتيّته وصَمَدانيّته وربّانيّته وفرقانيّته... إلی آخر الخطبة الحاوية علی أنفس المعارف والحكم، وبيان حقيقة يوم عيد الغدير. ونقل السيّد ابن طاووس رضوان الله علیه هذه الخطبة بتمامها مع مقدّماتها المتمثّلة بكلمات الإمام الرضا علیه السلام، وذلك بسنده المتّصل عن الشيخ الطوسيّ («الإقبال» ص 461 إلی 464). [5] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب ج 1، ص 540. وفَنْجْكِرْد بفتح الفاء وسكون النون والجيم، وكسر الكاف وسكون الراء قرية من نواحي نيسابور. وكان الفنجكرديّ من شعراء أهل البيت في القرن السادس. اسمه الشيخ أبو الحسن علیّبن أحمد، ووردت ترجمته وأشعاره في «الغدير» ج 4، ص 319 إلی 325 [6] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب ج 1، ص 540؛ و «الغدير» ج 4، ص 34. وقائلها هو البَشْنَويّ الكُرديّ من أعلام القرن الرابع. كان من المتضلّعين في التشيّع، ومن مادحي العترة الطاهرة، وله أشعار أُخري في عيد الغدير، وهي راقية جدّاً، منها قوله: وَقَدْ شَهِدُوا عِيدَ الغَديرِ وَأُسْمِعُوا وَقَالَ رَسُولِ اللَهِ مِنْ غَيْرِ كِتْمَانِ ألَسْتُ بِكُمْ أوْلَي مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَالُوا: بَلَي! يَا أفْضَلَ الإنْسِ وَالجَانِ إلی آخر أبياته الواردة في المتن. [7] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب ج 1، ص 534؛ و «الغدير» ج 4، ص 34. وجاء في البيت الخامس المذكور في «المناقب» فَلَبَّي مُجيباً. وفي «الغدير» قَلَبَّ مجيباً. وفي البيت الاخير في «المناقب»: *وَدان مَدانيهِ لا تنصر الشاني*؛ وفي «الغدير»: *وعاد الذي عاداه واغضب علی الشاني*. [8] ـ ص 124 و 125، الفصلان 103 و 104 من الطبعة الحجريّة. وسمّي السيّد ابن طاووس كتابه «كَشْفُ المحجّة لِثَمَرَةِ المُهْجَة»، أو «إسْعَادُ ثَمَرَةِ الفُوادِ علی سَعَادَةِ الدُّنيا وَالمَعَادِ»، أو «كَشْفُ المحجَّة بِأكُفِّ الحُجَّةِّ»، كما قال ذلك في الفصل الثالث عشر من هذا الكتاب. وكذلك قال في الفصل التاسع منه إنّ عمره دخل سنة 649 ه، ولمّا دخل يوم النصف من محرّمها قبيل الظهر، يكون ابتداء دخوله في سنة إحدي وستّين من عمره لا نّه ولد قبل ظهر يوم الخميس نصف محرّم سنة 589 في بلدة الحلّة السيفيّة، وكان ولده محمّد قد أكمل ستّ سنوات من عمره، ودخل في السنة السابعة منه. وأتمّ ولده علیّ سنتين من عمره ودخل في الثالثة. واتّخذ هذا الكتاب طابع الوصيّة لولديه محمّد و علیّ ومن عساه ينتفع به من جماعته وذوي مودّته، مع أنّ الخطاب فيه معنون إلی ولده محمّد: ياولدي محمّد! فلهذا يحترم الشيعة هذا الكتاب ويقدّرونه تقديراً تامّاً، ويحتفظ به العلماء العاملون والطلاّب الافاضل في جيوبهم، ويحملونه معهم في حلّهم وترحالهم. وأوصاني خال والدي المرحوم آيةالله الميرزا محمّد الطهرانيّ أن أحمل هذا الكتاب في جيبي دائماً. [9] ـ يقول: «أخْلِ جوفك من الطعام، لتري فيه نور المعرفة». [10] ـ يقول: «لو رأيته واستطعت أن تميّز يدك من الكبّاد، لجاز لك أن تلوم زليخا». [11] ـ من الآية 31، من السورة 12: يوسف. [12] ـ من الآية 32، من السورة 12: يوسف. [13] ـ وهو عيد النوروز القوميّ الذي يطرب له الفُرس كلّ سنة، متزامناً مع حلول فصل الربيع.(م) [14] ـ «التَّنْبيه والإشراف» ص 221 و 222. [15] ـ «وفيّات الاعيان» ج 1، ص 180، طبعة بيروت. [16] ـ «الغدير» ج 1، ص 268 و 269. [17] ـ الآية 10، من السورة 48: الفتح. [18] ـ الآية 7، من السورة 39: الزمر. [19] ـ «الغدير» ج 1، ص 270 إلی 272. [20] ـ «الغدير» 1: 272 إلی 283. [21] ـ «فرائد السمطين» ج 1، الباب 12، ص 77. [22] ـ «مناقب الخوارزميّ» ص 94، الطبعة الحديثة. [23] ـ «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 281. [24] ـ قال الخطيب في «تاريخ بغداد» بعد ذكر هذا الحديث الذي ورد فيه ثواب صيام ستّين شهراً لمن صام في يوم عيد الغدير: اشتهر هذا الحديث من رواية حبشون، وقيل: إنّه تفرّد به. وقد تابعه علیه أحمد بن عبد الله بن النيّريّ. وقال الخطيب بعد نقل هذا الحديث الذي ذكره في ترجمة حَبْشون في باب الحاء: حبشون ثقة صدوق. وكان ساكناً في باب البصرة ـمن بغدادـ وقال أيضاً: أنبأنا الازهريّ أنّ علیّبن عمر الحافظ قال له: حَبشُونبن موسيبن أيّوب، صدوق. وروي ابن كثير الدمشقيّ هذا الحديث عن حَبْشون في «البداية والنِّهاية» ج 5، ص 214 وقال: ورواه حبشون، وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيّريّ، وهما صدوقان عن علیّبن سعيد الرمليّ، عن ضمرة. [25] ـ «تاريخ بغداد»، ج 8، ص 290. وكانت وفاة الخطيب البغداديّ في سنة 463 ه. [26] ـ «تاريخ دمشق» ج 2، ص 47، الحديث رقم 546. [27] ـ «تاريخ دمشق» ج 2، ص 48، الحديث رقم 547. [28] ـ «تاريخ دمشق» ج 2، ص 76، الحديث رقم 576. |
|
|