|
|
الصفحة السابقةأصناف الملحقين بالمستضعفينوإضافة إلی ما ذكرنا من أنّ جميع التكاليف الإلهيّة مشروطة بالعلم والقدرة، فقد وردت في هذا الشأن روايات من الائمّة المعصومين صلوات الله وسلامه علیهم أجمعين، نذكر بعضها هنا كأمثلة: 1 ـ يروي المرحوم الكلينيّ في كتاب « الكافي » بثلاثة أسانيد متّصلة: والمرحوم الصدوق في « معاني الاخبار » بسند متّصل واحد؛ والعيّاشيّ في تفسيره مرفوعاً، جميعاً عن زرارة، عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر أنـّه سأل الإمام عن معني المستضعف فقال علیه السلام: هُوَ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ حِيلَةً إلی الْكُفْرِ فَيَكْفُرُ وَلاَ يَهْتَدِي سَبِيلاً إلی الإيِمَانِ، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤْمِنَ وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكْفُرَ فَهُمُ الصِّبْيَانُ وَمَنْ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ علی مِثْلِ عُقُولِ الصِّبْيَانِ مَرْفُوعٌ عَنْهُمُ الْقَلَمُ[1]. 2 ـ ويروي الصدوق في « معاني الاخبار » بسنده المتّصل؛ والعيّاشيّ في تفسيره، كلاهما عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام قال: سَأَلْتُهُ عن المستضعفين فقال ] علیه السلام [: الْبَلْهَاءُ فِي خِدْرِهَا وَالْخَادِمُ تَقُولُ لَهَا: صَلِّي فَتُصَلِّي، لاَ تَدْرِي إِلاَّ مَا قُلْتَ لَهَا، والْجَلِيبُ الَّذِي لاَ يَدْرِي إِلاَّ مَا قُلْتَ لَهُ، وَالْكَبِيرُ الْفَانِي وَالصَّبِيُّ الصَّغِيرُ، هَؤُلاَءِ الْمُسْتَضْعَفُونَ. فَأَمَّا رَجُلٌ شَدِيدُ الْعُنُقِ جَدِلٌ خَصِمٌ يَتَوَلَّي الشِّرَي وَالْبَيْعَ لاَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَغْبُنَهُ فِي شَيءٍ، تَقُولُ: هَذَا مُسْتَضْعَفٌ؟ لاَ وَلاَ كَرَامَةٌ[2]. 3 ـ يروي في « الكافي » بسلسلة سنده المتّصل عن علیّ بن سويد، عن أبي الحسن موسي بن جعفر علیه السلام. قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الضُّعَفَاءِ، فَكَتَبَ إلی: الضَّعِيفُ مَنْ لَمْ تُرْفَعْ إِلَيْهِ حُـجَّـةٌ وَلَـمْ يَـعْرِف الاخْتِـلاَفَ، فَـإذَا عَـرَفَ الاخْتِـلاَفَ فَلَيْـسَ بِمُسْـتَضْـعَفٍ[3]. وروي الصدوق في « معاني الاخبار » بسنده عن رجل من أصحابنا والعيّاشيّ في تفسيره عن أبي بصير، كلاهما عن الإمام الصادق علیه السلام نظير هذه الرواية مفاداً ومعني. [4] 4 ـ يروي الصدوق في « معاني الاخبار » بسنده المتّصل؛ والعيّاشيّ في تفسيره مرفوعاً، كلاهما عن سليمان بن خالد قال: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ «إِلاَّ الْمُسْتَضْعِفِينَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَآءِ وَالْوِلْدَ ' نِ». قَالَ: يَا سُلَيْمَانُ فِي هَؤلاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مَنْ هُوَ أَثْخَنُ رَقَبَةً مِنْكَ. [5] الْمُسْتَضْعَفُونَ قَوْمٌ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ تَعِفُّ بُطُونُهُمْ وَفُرُوجُهُمْ لاَيَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِنَا [6] آخِذِينَ بِأغْصَانِ الشَّجَرَةِ؛ فَأُولَئِكَ عَسَي اللَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ إِذَا كَانُوا آخِذِينَ بِالاْغْصَانِ وَإنْ لَمْ يَعْرِفُوا فَإن عَفَا عَنْهُمْ فَبِرَحْمَتِهِ وَإنْ عَذَّبَهُمْ فَبِضَلاَلَتِهِمْ [7]. 5 ـ ويروي في « معاني الاخبار » بسنده المتّصل عن عبد الغفّار الجازيّ عَنْأَبِي عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ، أَنـَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ضُرُوبٌ يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ نَاصِباً فَهُوَ مُسْتَضْعَفٌ. [8] 6 ـ ويروي الشيخ الصدوق في « الخصال » بسنده المتّصل عن محمّدبن فضيل الرزقيّ، عن الإمام جعفر الصادق علیه السلام، عن أبيه عنجدّه أمير المؤمنين علیه السلام، قال: إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ: بَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ الشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ، وَخَمْسَةُ أَبْوَابٍ يَدْخُلُ مِنْهَا شِيعَتُنَا وَمُحِبِّينَا... إلی أَنْ قَالَ علیهِ السَّلاَمُ: وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَلَمْيَكُنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ بُغْضِنَا أَهْلِ الْبَيْتِ علیهِمْ السَّلاَمُ.[9] وهو شاهد علی أنَّ الخلود في جهنّم مختصّ بمعاندي أهل البيت علیهم السلام. الخلود في جهنّم مختصّ بالمعاندين والمكذّبين: وأمّا سائر الاصناف من العامّة والكفّار الذين ليس في قلوبهم عداء للحقّ والحقيقة، والذين ليسوا جاحدين أو مستكبرين أو متمرّدين مقابل الله وأوليائه، بل إنّ نزعتهم إلی مدرسة العامّة أو إلی نهج الكفر مبنيّة علی عدم طلوع الحقّ وعدم انكشاف الحقيقة لهم، فهناك رواية مفصّلة يرويها سُليم بن قيس الهلاليّ في كتابه، عن أمير المؤمنين علیه السلام يقسّم فيها الإمام الفرق إلی ثلاث وسبعين فرقة، واحدة منها في الجنّة والفرق الاثنتان والسبعون الباقية في النار. ومن بين هذه الفرق الثلاث والسبعين هناك ثلاث عشرة فرقة تنتحل محبّة أهل البيت، منها فرقة واحدة فقط ناجية والفرق الاثنتا عشرة الباقية من أهل النار. المراد بالفرقة الناجية من بين الفرق الثلاث والسبعينثمّ يقول الإمام: وأمّا الفرقة الناجية المهديّة المؤمنة المسلمة الموفّقة المرشدة فهي المؤتمنة بي، المسلّمة لامري، المطيعة لي، المتبرّئة من عدوّي، المحبّة لي المبغضةلعدوّي، التي قد عرفت حقّي وإمامتي وفرض طاعتي من كتاب الله وسنّة نبيّه، فلم ترتدّ ولم تشكّ، لما قد نوّر الله في قلبها من معرفة حقّنا وعرفهامن فضلها، وألهمها وأخذ بنواصيها، فأدخلها في شيعتنا، حتّي اطمأنـّت قلوبها واستيقنت يقيناً لا يخالطه شكّ أنـّي أنا وأوصيائي بعدي إلی يوم القيامة هداةٌ مهتدون، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيّه في آي من كتاب الله كثيرة، وطهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء علی خلقه، وحجّته في أرضه، وخُزّانه علی علمه، ومعادن حكمه، وتراجمة وحيه، وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا حتّي نرد علی رسول الله صلّيالله علیه وآله حوضه، كما قال صلَّي الله علیه وآله. وتلك الفرقة الواحدة من الثلاث والسبعين فرقة هي الناجية من النار ومن جميع الفتن والضلالات والشبهات، هم من أهل الجنّة حقّاً، وهم سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب، وجميع تلك الفرق الاثنتين والسبعين فرقة هم المتديّنون بغير الحقّ، الناصرون دين الشيطان، الآخذون عن إبليس وأوليائه، هم أعداء الله ورسوله وأعداء المؤمنين، يدخلون النار بغيرحساب، براء من الله ومن رسوله، وأشركوا بالله وكفروا به وعبدوا غيرالله من حيث لا يعلمون، وهم يحسبون أنـّهم يحسنون صنعاً، يقولون يوم القيامة «والله ربّنا ما كنّا مشركين» يحلفون لله كما يحلفون لكم ويحسبون أنـّهم علی شيء إلاّ أنـّهم هم الكاذبون [10]. قال ] سُليم بن قيس [: قيل يا أمير المؤمنين! أرأيت من قد وقف فلميأثم بكم ولم يعادكم ولم ينصب لكم ولم يتولّكم ولم يتبرّأ من عدوّكم وقال « لاأدري » وهو صادق. قال: ليس أُولئك من الثلاث والسبعين فرقة، إنّما عني رسولالله صلّي الله علیه وآله بالثلاث والسبعين فرقة الباغين الناصبين الذين شهروا أنفسهم ودعوا إلی دينهم، ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن واثنتان وسبعون تدين بدين الشيطان وتتولّي علی قبولها وتتبرّأ ممّن خالفها. أبناء العامّة من غير المعادين لله ولاهل البيت من أهل النجاة في النهايةغير المعاندين مصيرهم إلی النجاة: فأمّا من وحدّ الله وآمن برسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم، ولميعرف ولم يتناول ضلالة عدوّنا ولم ينصب شيئاً ولم يحلّل ولميحرّم وأخذبجميع ما ليس بين المختلفين من الاُمّة فيه خلاف في أنّ الله عزّ وجلّ أمر به وكفّ عمّا بين المختلفين من الاُمّة خلاف في أنّ الله أمر به أو نهي عنه، فلم ينصب شيئاً ولم يحلّل ولم يحرّم ولا يعلم وردّ علم ما أشكل علیه إلی الله، فهذا ناجٍ وهذه الطبقة بين المؤمنين وبين المشركين هم أعظم الناس وأجلّهم وهم أصحاب الحساب والموازين والاعراف والجهنّميّون الذين يشفع لهم الانبياء والملائكة والمؤمنون ويخرجون من النار فيسمّون الجهنّميّون، فأمّا المؤمنون فينجون ويدخلون الجنّة بغير حساب، وإنّما الحساب علی أهل هذه الصفات بين المؤمنين والمشركين والمؤلّفة قلوبهم والمقترفة والذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً. والمستضعفين الذين لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، لايستطيعون حيلة إلی الكفر والشرك ولا يحسنون أن ينصبوا، ولايهتدون سبيلاً إلی أن يكونوا مؤمنين عارفين، فهم أصحاب الاعراف وهؤلاء لله فيهم المشيئة إن أدخل أحداً منهم النار فبذنبه، وإن تجاوز عنه فبرحمته. [11] الآيات الدالّة علی أنّ الخلود في العذاب مختصّ بالمكذّبين: وعلی هذا الاساس المنطقيّ والعقليّ خصّص الربّ عظيم الشأن في القرآن الكريم الخلود في نار جهنّم وحبط الاعمال والاستدراج وكثير من العواقب الوخيمة بأُولئك الذين ليسوا كفّاراً فقط، بل مكذّبين بالآيات الإلهيّة، فالعلّة المهمّة لخلودهم في جهنّم إنكارهم واستكبارهم وتكذيبهم بآيات الحقّ، لا نفس الكفر لوحده. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ أُولَـ'ئِكَ أَصْحَـ'بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ'لِدُونَ. [12] وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ أُولَـ'ئِكَ أَصْحَـ'بُ النَّارِ خَـ'لِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.[13] وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ أُولَـ'ئِكَ أَصْحَـ'بُ الْجَحِيمِ. [14] إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَآ لاَ تُفَتَّحْ لَهُمْ أَبْوَ ' بُ السَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّي' يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سِمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَ ' لِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ.[15] وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَآ وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَآ أُولَـ'ئِكَ أَصْحَـ'بُ النَّاِر هُمْ فِيهَا خَـ'لِدُونَ. [16] قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَآءِ اللَهِ. [17] وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَا وَلِقَآءِ الاْخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَـ'لُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.[18] وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم [19] مِّنْ حَيْثُ لاَيَعْلَمُونَ[20]. ومثل كثير من الآيات الاُخري التي عزت العذاب في الاُمم السابقة إلی تكذيبهم لا إلی نفس كفرهم، ومثل كثير من الآيات الاُخري التي ذُكر بعضها كأمثلة والتي جيء فيها بعنوان التكذيب بعد الكفر فجُعلا معاً سبباً للخلود في جهنّم. في شأن طائفة «المرجون لامر الله»احتمال العفو عن «المرجون لامر الله» الذين يتأخّر حسابهم: لقد تطرّق القرآن الكريم إلی ذكر أفراد غير أُولئك المُحسنين الذين محضوا الإيمان، وغير أُولئك الذين محضوا الكفر، وغير المستضعفين ومن يُلحق بهم، وغير المؤمنين العاديّين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً؛ وهم الذين لا يُصار إلی حسابهم بمجرّد موتهم، بل يُرجي ذلك ويؤخّر إلی يوم القيامة، فيتمّ آنذاك محاسبة نفوسهم الصالح منها والطالح. وحين تقوم القيامة، حيث عالم ظهورات النفوس، فإنّ الله سبحانه إمّا أن يرحمهم تبعاً لحالاتهم النفسيّة أو يسلّمهم إلی العذاب. ويدعي أُولئكم بـ « المرجون لامر الله ». فبعد أن يذكر الله سبحانه في سورة التوبة حال الصالحين والطالحين وحالأُولئك الذين خلطوا عملاً صالحاً وسيّئاً، فإنّه يبيّن ـ من ثمّ ـ حال هذه الطائفة بهذه الكيفيّة: وَالسَّـ'بِقَُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ وَالاْنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَـ'نٍ.[21] رَّضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـ'تٍ تَجْرِي تَحْتَهَا أَلاْنْهَـ'رُ خَـ'لِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَ ' لِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الاْعْرَابِ مُنْـ'فِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا علی النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ [22] ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَي' عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَـ'لِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَي اللَهُ أَن يَتُوبَ علیهِمْ إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.[23] وبعد بيان عدّة آيات يصل إلی هذه الآية: وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لاِمْرِ اللَهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ علیهِمْ وَاللَهُ علیمٌ حَكِيمٌ.[24] يروي في « الكافي » بسندين متّصلين عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام روايتين في شأن « المرجون لامر الله »، ومضمون الروايتين واحد إلاّأنـّنانورد هنا عبارة الرواية الاُولي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن علیّ بن الحكم، عن موسيبن بكر، عن زرارة، عن الباقر علیه السلام في قوله عزّ وجلّ «وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لاِمْرِ اللَهِ» قال: قَوْمٌ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَقَتَلُوا مِثْلَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَأشْبَاهَهُمَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الإسلام فَوَحَّدُوا اللَهَ وَتَرَكُوا الشِّرْكَ، وَلَمْيَعْرِفُوا الإيمَانَ بِقُلُوبِهِمْ فَيَكُونُوا مِنَ الْمُؤمِنِينَ فَتَجِبْ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَلَمْيَكُونُوا علی جُحُودِهِمْ فَيَكْفُرُوا فَتَجِبْ لَهُمُ النَّارُ فَهُمْ علی تِلْكَ الْحَالِ إِمَّا يُعَذِّبَهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ علیهِمْ [25]. وقد أورد علیّ بن إبراهيم في تفسيره بسنده المتّصل هذه الرواية بالمضمون. [26] هذا وقد عدّت هذه الطائفة في بعض الروايات من زمرة المستضعفين، فيرويفي « معاني الاخبار » و « تفسير العيّاشيّ »، الاوّل بسنده المتّصل والثانيمرفوعاً عن حمران بن أعين قال: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ: «إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ». قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْوَلاَيَةِ. قُلْتُ: وَأَيَّ وَلاَيَةٍ؟ فَقَالَ: أَما إنَّهَا لَيْسَتْ بِوَلاَيَةٍ فِي الدِّينِ، وَلَكِنَّهَا الْوَلاَيَةُ فِي الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُوَارَثَةِ وَالْمُخَالَطَةِ وَهُمْ لَيْسُوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَلاَ بِالْكُفَّارِ وَهُمُ الْمُرْجَوْنَ لاِمْرِاللَهِ. بعض التفاسير تري أنّ «المرجون لامرالله» هم من المستضعفين: وروي في تفسير « الميزان » عن « تفسير القمّيّ »، عن ضريس الكنانيّ، عن أبي جعفر محمّد الباقر علیه السلام. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَالُ الْمُوَحِدِّينَ الْمُقِرِّينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ مِنَ الْمُذْنِبِينَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَلَيْسَ لَهُمْ إِمَامٌ وَلاَيَعْرِفُونَ وَلاَيَتَكُمْ؟ فَقَالَ: أَمَّا هُؤْلاءِ فَإنَّهُمْ فِي حُفَرِهِمْ لاَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا: فَمَنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ عَدَاوَةٌ فَإنَّهُ يُخَدُّ لَهُ خَدُّ إلی الْجَنَّةِ الَّتِي خَلَقَهَااللَهُ بِالْمَغْرِبِ، فَيَدْخُلُ علیهِ الرُّوحُ فِي حُفْرَتِهِ إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّي يَلْقَي اللَهَ فَيُحَاسِبُهُ بِحَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، فَإِمَّا إلی الْجَنَّةِ وَإِمَّا إلی النَّارِ. فَهَؤْلاَءِ الْمَوْقُوفُونَ لاِمْرِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي الْمُسْتَضْعَفِينَ وَالْبُلْهِ وَالاْطْفَالِ وَأَوْلاَدِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ.[27] وفي تعبير الإمام بالجنّة في جهة المغرب ونفخ الروح من هناك بواسطة هذا الخدّ في أسفل الارض في عالم قبورهم البرزخيّة، إشارات وكنايات جديرة بملاحظة أهل التأمّل والتفكّر. وقد روي الكلينيّ هذه الرواية في « الكافي » بسنده المتّصل، ضمن رواية مفصّلة عن ثلاثة طرق، من بينها: علیّ بن إبراهيم عن ضريس الكنانيّ. [28] سؤال القبر مختصّ بمن محضوا الإيمان أو بمن محضوا الكفرناهيك أنـّه يستفاد من بعض الروايات أنّ السؤال في القبر مختصّ بمن أخلصوا الإيمان فصاروا من المؤمنين صرفاً، أو أخلصوا الكفر فصاروا من الكفّار صرفاً، أمّا سائر الفرق والطوائف فلا سؤال لهم في القبر بليُلهي عن مؤاخذتهم وسؤالهم. يذكر الشـيخ الكلينـيّ فـي « الكافـي » أربـع روايات فـي هـذين الموضوعين بأربعـة أسـانيد متّصـلة عن الإمامين الباقر والصـادق علیهما السلام. وباعتبار تقارب مضاميـن هـذه الروايات فإنّـنا سـنكتفي هـنـا بذكر إحداهما: يروي أبو علیّ الاشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن ثعلبة، عن أبي بكر الحضرميّ، قال: قَالَ أَبُو عَبدُ اللَهِ علیهِ السَّلاَمُ: لاَ يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضَاً وَالآخَرُونَ يُلْهَوْنَ عَنْهُمْ. [29] و[30] وقال العلاّمة المجلسيّ رضوان الله علیه في بيان هذه الرواية بعد إيرادها: بيان: « مَن محض » بفتح الميم اسم موصول، وبكسر الميم حرف جرّ؛ وقراءة محض مصدراً ليكون المعني أنـّه لا يُسأَل عن الاعمال بل عن العقائد تصحيف يأباه صريح الاخبار. بل المعني: أنـّه لايُسأَل عن المستضعفين المتوسّطين بين الإيمان والكفر. [31] وقد صرّح الشيخ المفيد رحمة الله علیه بهذا المعني، من أنـّه لايُسأَل في القبر من المتوسّطين بين الكفر والإيمان، وأنّ السؤال مختصّ بمن محض الإيمان أو محض الكفر، فقد سُئل عن هذه المسائل وعن السؤال في القبر وكيفيّته فقال: الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل.[32] المستضعفون لا يمتلكون مقامات الابرارالنكتة الخامسة: أنّ ما ورد في آية العفو عن المستضعفين هو الامل بالعفو، أي أنّ الله سبحانه يغضي عن ذنوبهم؛ أمّا درجة ومقام ومنزلة المؤمنين الاخيار والصالحين والابرار والصدّيقين والشهداء وأولياء الله التي يُناط كُلّ منها بأعمال خاصّة واكتساب درجة ومقام من الإيمان واليقين، فإنّ أيّاً منها لن يكون من نصيبهم ولا من نصيب الملحقين بالمستضعفين ولا المرجون لامر الله ولا للذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً، وذلك لانّ للجنّة منازل ومقامات، كلّ منها يليق بطائفة خاصّة. يروي الشيخ الصدوق في « معاني الاخبار » بسنده المتّصل، والعيّاشيّ في تفسيره مرفوعاً، كلاهما عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال، عن أبي عبد الله علیه السلام في قوله عزّ وجلّ «إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَ ' نِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً». فقال: لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً إلی النَّصْبِ فَيَنْصِبُونَ وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلَ أَهْلِ الْحَقِّ فَيَدْخُلُونَ فِيهِ، وَهَؤلاَءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالٍ حَسَنَةٍ وَبِاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ الَّتِي نَهَي اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا، وَلاَ يَنَالُونَ مَنَازِلَ الاْبْرَارِ[33]. النكتة السادسة: أنّ في آية الَّذِينَ تَوَفَّـ'هُمُ الْمَلَـ'ئكَةُ ظَالِمِي´ أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ دلالة إجماليّة علی السؤال في عالم القبر، أي السؤال في عالم البرزخ، والاخبار الواردة تدلّ علی ذلك، ويشهد علی ذلك أيضاً قول الله تبارك وتعالي: الَّذِينَ تَتَوَفَّب'هُمُ الْمَلَـ'ئكَةُ ظَالِمِي´ أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُو´ءٍ بَلَي'´ إِنَّ اللَهَ علیمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُو´ا أَبْوَ ' بَ جَهَنَّمَ خَـ'لِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَي الْمُتَكَبِّرِينَ * وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا.[34] إنّ أُولئك الذين كانوا يظلمون أنفسهم حين تأتيهم ملائكة الموت لقبض أرواحهم، فإنّهم يحاولون ـ من خلال المسالمة ورفيق القول وليّنهـ الإيحاء بأنـّهم لم يكونوا يعملون سوءاً؛ لكنّ الله يخاطبهم: بلي، إنّ الله علیمٌ بما كنتم تعملون في الدنيا؛ ثمّ يسوقهم الملائكة إلی جهنّم ويخاطبونهم: ادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها، انّها ساءت مُقاماً ومثوي للمتكبّرين. ثمّ يقولون للذين احترفوا التقوي في الدنيا: ماذا أنزل الله؟ فيجيبون: خيراً. وكما يُلاحظ في هذه الآيات، فإنّ سؤال الملائكة من الظالمين ومن المتّقين إنّما يحصل في عالم البرزخ حيث يرتفع الحجاب الملكوتي، فيتكلّمون مع أرواحهم الملكوتيّة. وهذا النوع من الخطاب الذي ورد في الآيتين موردي البحث وفي هذه الآيات من سورة النحل، والذي يُخاطب به الظالمون أو أهل التقوي والإيمان، يؤيّد الروايات التي ذكرت أخيراً وعُدّ فيها سؤال القبر منحصراً بمن محض الإيمان وبمن محض الكفر وأمّا سائر الافراد فيلهي عنهم. قصّة اشتعال بنت الافندي شيباً من رؤية عذاب قبر أُمّهاوقد نقل سماحة الاُستاذ العلاّمة الطباطبائيّ مدّ ظلّه العالي[35] عن المرحوم آية الحقّ العارف العظيم الشأن الحاجّ الميرزا علی آقا القاضي رضوان الله علیه أنـّه قال: حصل في النجف الاشرف أن توفّيت قرب منزلنا أُمّ إحدي بنات الافنديّة[36]، فكانت هذه الفتاة تضجّ بالشكوي وتئنّ لموت أُمّها، والالم والحزن يغمرانها، ثمّ إنّها صحبت المشيّعين إلی قبر أُمّها فأنّت هناك وندبت بحيث انقلب حال جميع المشيّعين. ثمّ إنّهم أعدّوا القبر وأرادوا وضع الاُمّ فيه، فكانت الفتاة تصرخ بأنـّها لا تريد الانفصال عن أُمّها، وعبثاً حاولوا تهدئتها وتسكينها. ثمّ رأوا أنـّهم إن فصلوا الفتاة عن أُمّها قهراً لماتت كمداً دون ريب، فارتأوا أخيراً أن يضعوا الاُمّ في القبر ويدعوا الفتاة إلی جانبها دون أن يُهيلوا التراب علی القبر، بل يكتفون بتغطيته بلوحة خشبيّة ويدعون فيه منفذاً لئلاّ تموت الفتاة، ولكي تخرج من ذلك المنفذ متي عَنّ لها ذلك. وهكذا رقدت الفتاة بجوار أُمّها في الليلة الاُولي للدفن، ثمّ جاءوا في اليوم التالي فأزاحوا الغطاء ليروا ما حلّ بالفتاة، فشاهدوا ـ ويا للهول ـ أنّ شعر الفتاة قد شاب بأجمعه! سألوها: لماذا حدث هذا؟ قالت: كنتُ نائمة بجوار أُمّي، فرأيت في الليل نفرين من الملائكة وقد جاءا فوقف كلٌّ منهما إلی جهة، ثمّ جاء شخص محترم أيضاً ووقف في الوسط. ثمّ إنّ ذينك الملكين إنهمكا في سؤال أُمّي عن عقائدها، فكانت تجيبهم فسألاها عن التوحيد فأجابت: إلهي واحد. ثمّ سألاها عن النبوّة فأجابت: نبيِّي محمّد بن عبد الله. ثمّ سألاها: مَن إمامك؟ فقال ذلك الرجل المحترم الواقف في الوسط: لستُ لها بإمام. فانهال الملكان بالدبابيس علی رأس أُمّي بحيث كانت ألسنة النار تتصاعد إلی السماء، فأنا من رعبي وخوفي من تلك الواقعة بهذه الحال التي ترون. وقال المرحوم القاضي رضوان الله علیه: وباعتبار أنّ جميع عشيرة تلك الفتاة كانوا من العامّة، ولان هذه الواقعة حدثت وفق عقائد الشيعة، فقد تشيّعت تلك الفتاة وتشيّع ببركتها جميع عشيرتها من الافنديّة. وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَهِ يَجِدْ فِي الاْرْضِ مُرَ ' غَمًا كَثِيرًا وَسَعَةًلقد وردت ذيل الآيات التي كانت محور البحث في شأن المستضعفين آيةٌ أُخري تتعلّق بوجوب الهجرة وأجر الشخص المهاجر: وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَهِ يَجِدْ فِي الاْرْضِ مُرَ ' غَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ و علی اللَهِ وَكَانَ اللَهُ غَفُورًا رَحِيمًا[37]. والمُراغم مشتقّة من الرَّغام بفتح الراء وهو التراب؛ ورَغَمَ أنفُ فلان رغماً أي أُخضع وأُهين؛ و أرغم الله أنفه من باب الإفعال فعلٌ متعدّ، أي أهانه وألصقه بالرغام. والمُراغَم هي الامكنة التي يُلصق فيها الانف بالرغام، وهي كناية في القرآن الكريم عن الامكنة التي يمكن فيها للإنسان تسكين غضبه وتنفيذ نواياه ومقاصده. وباعتبار أنـّه يمكن للمؤمنين من خلال الهجرة والخروج من تسلّط المستكبرين، أن يُقيموا شعائرهم الدينيّة بحرّيّة كاملة، وأن يحقّقوا نواياهم ومقاصدهم بتمام المعني من خلال تأسيس دولة حقّة وحكومة إسلاميّة؛ وباعتبار أنـّه سيمكنهم بالهجرة إلی النقاط الواسعة التي يُصانون فيها من أيدي الظالمين وبنشر لواء الحمد وبسط راية العدل والقسط، وبإقامة الحدود والجمعة والجماعات، تمريغ أنوف أعدائهم في التراب وإخماد سَوْرة غضبهم، ذلك الغضب المكنون في ضمائرهم نتيجة تسلّط قوي الكفر، الغضب الذي لم يمتلكوا من قبل سبيلاً لإظهاره وإخماده، لذا فقد وُصفت هذه الحقيقة في هذه الآية المباركة بتعبير عجيب غاية في الغرابة. يُقال إنّ عالم البرزخ باعتباره محسوباً من تتمّة عالم الدنيا فإنّه من ثمّ يمتلك صورةً وكمّاً وكيفاً، لذا فإنّ المؤمنين الذين هاجروا من منازل نفوسهم وخرجوا من بيوتهم وخطوا علی طريق الهجرة، إلاّ أنـّهم لميصلوا إلی مقام كمالهم في الوصول إلی حقيقة الاندكاك في الاسماء والصفات الإلهيّة، والوصول أخيراً إلی عالم الفناء المطلق في ذاته المقدّسة، فإنّهم يحصلون علی كمالهم في عالم البرزخ، ثمّ يُحشرون يوم القيامة بكمالهم الواقعيّ. وهذا المعني يمكن قبوله وفق العمومات الواردة من الحكمة الإلهيّة القرآنيّة والسنّة النبويّة، ذلك لانّ من عزم علی الهجرة واضعاً نصب عينيه قول رسول الله: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ. [38] فإنّه سيرافق رسول الله وينشغل في حظيرة القدس الإلهيّة بالتطلّع إلی جمال الحضرة الازليّة الابديّة والسرمديّة، وسيحظي بمقام الولاية المطلقة والعبوديّة المحضة الخالصة. وعلی هذا الاساس فإنّ الافراد الذين لم تصل نفوسهم إلی مقام فعلیتها، والذين رحلوا عن الدنيا ناقصين، يجب أن يكملوا في البرزخ ثمّ يحضروا قيامة الانفس. قصّة السيّد جواد الكربلائيّ والشيخ السنّيّ المستضعفوهناك قصّة نقلها سيّدنا الاعظم وأُستاذنا الاكرم العلاّمة الطباطبائيّ تستحقّ التأمّل والملاحظة. قال سماحته: كان هناك في كربلاء واعظ اسمه السيّد جواد، وكان يُلقّب بالكربلائيّ باعتباره من أهل تلك المدينة؛ وكان يقطن كربلاء، إلاّ أنـّه كان قد اعتاد الذهاب أيّام المحرّم إلی النواحي والقصبات والقري النائية لتبليغ الاحكام، فيصلّي بأهلها صلاة الجماعة ويبيّن لهم المسائل ثمّ يقفل راجعاً إلی كربلاء. وصادف مرّة أن عرّج علی إحدي القصبات التي كان جميع سكّانها من العامّة، فالتقي هناك بشيخ عجوز ذي شيبة نورانيّة. ولانـّه رآه سنّيّاً فقد فتح معه باب الحديث والمذاكرة، فشاهد أنـّه لايمكنه إفهامه أمر التشيّع فوراً، فقد كان قلب ذلك الرجل الساذج الطيّب قد طفح بحبّ غاصبي مقام الخلافة بحيث لم يكن لديه استعداد لذلك، بل ربّما أدّي بيان الامر له إلی عكس المتوخّي؛ ثمّ حصل أنـّه كان يتحدّث معه يوماً فسأله: مَن هو شيخكم؟ (يسمّي العرب كبير العشيرة ورئيسها بالشيخ). وكان السيّد جواد يرمي من سؤاله هذا إلی فتح باب المذاكرة مع ذلك الشيخ ليجد الإيمان سبيله إلی قلبه تدريجاً، فيجعله شيعيّاً. أجاب الشيخ: شيخنا رجل مقتدر له عدّة مضائف [39]، وله من الإبل والضأن الشيء الوفير، وله أربعة آلاف نفر من الرماة، أمّا عشيرته وقبيلته فما أكثرهم! فقال السيّد جواد: أنعِم بشيخكم، ما أكثر قدرته وتمكّنه! ثمّ التفت الشيخ العجوز بعد هذه المذاكرات إلی السيّد جواد فقال: ومن هو شيخكم؟ قال: شيخنا سيّدٌ يُغيث كلّ محتاجٍ وملهوف، فلو كنتَ في شرق العالَم وكانَ في غربه، أو كنتَ في غرب العالم وكانَ في شرقه، وانتابك غمّ أو محنة، فما علیك إلاّ أن تندبه وتهتف باسمه فإنـّه يأتيك علی الفور فيغيثك ويحلّ لك ما أشكل علیك. فقال الشيخ العجوز: عجباً! ما أحسنه من شيخ! أَكْرِم بالشيخ أن يكون هكذا؛ فما اسمه؟ قال السيّد جواد: الشيخ علیّ! ثمّ انقطع الحديث إلی هذا الحدّ، وانفرط عقد المجلس وافترق الاثنان عن بعضهما فعاد السيّد جواد إلی كربلاء، لكنّ الإعجاب بالشيخ علیّ كان قد غمر ذلك الرجل العجوز فكان لا يبرح مخيّلته. وبعد مدّة عاد السيّد جواد إلی تلك القرية بشوق ولهفة ليُنهي المذاكرة ويجعل الشيخ شيعيّاً، وكان يردّد في نفسه: لقد وضعنا الحجر الاساس ذلك اليوم، وعلینا اليوم أن نُكمل البناء. لقد تحدّثنا ذلك اليوم عن الشيخ علیّ، وسنعرّفه به اليوم فنهدي الرجل العجوز ذا القلب المشرق إلی المقام المقدّس لامير المؤمنين علیه السلام. ثمّ دخل القرية وسأل عن ذلك الرجل العجوز فقيل له: لقد رحل عن دار الدنيا! فتأثّر السيّد لذلك غاية التأثّر، وقال في نفسه: عجباً له من رجل عجوز! لقد كنّا وطّنّا النفس علی تعريفه بالولاية، لكنّه ـ ويا للاسف ـ رحل عن الدنيا بدونها. لقد أردنا أن نعمل شيئاً فنعين الرجل العجوز، فقد استبان بجلاء أنـّه لم يكن من أهل العناد والنصب، وأنّ الإعلام السيّي والإلقاءات والتلقين قد حرم الرجل العجوز من النزوع إلی الولاية. ولقد أثّر موت العجوز فيّ كثيراً (والكلام للسيّد جواد الكربلائيّ)، فحزنتُ له حزناً جمّاً، ثمّ ذهبت لرؤية أولاده وعزّيتهم وسألتهم أن يأخذوني إلی قبره، فقادني أولاده إليه، فقلتُ: يا إلهي! لقد كان لنا أملٌ في هذا الشيخ العجوز، فَلِمَ أخذتَه من عالم الدنيا؟ لقد كان علی مشارف أعتاب الولاية، فوا أسفاً علی رحيله من الدنيا ناقصاً محروماً!!ثمّ عدتُ من قبر الشيخ العجوز ورافقتُ أبنائه إلی داره فبتُّ هناك ليلتي تلك، فرأيتُ في عالم النوم أنـّي دخلت من باب فشاهدت ممرّاً طويلاً وضع علی جانب منه مصطبة عالية جلس علیها شخصان، والرجل العجوز واقف أمامهما. فدخلتُ وسلّمتُ وسألتُه عن حاله، ثمّ رأيت أنّ هناك في نهاية الممرّ باباً زجاجيّة تُشاهد منها روضة كبيرة. فسألتُ الرجل العجوز: أين هذا المكان؟ قال: هذا عالم قبري وعالم برزخي، وهذه الروضة في نهاية الممرّ خاصّة بي وبقيامتي. قلتُ: فلِمَ لَمْ تذهب إليها؟ ردّ قائلاً: لم يحن الوقتُ بعدُ. يجب علیَّ اجتياز هذا الممرّ أوّلاً، ثمّ الذهاب إلی تلك الروضة. قلتُ: فلم لا تجتاز وتذهب؟ قال: هذان الشخصان معلّماي، وهما ملكان سماويّان جاءا لتعلیمي الولاية، وسأذهب حين تكمل ولايتي. أيـّها السيّد جواد، لقد قلتَ ولمتقلْ (أي أنـّك قلتَ إنّ شيخنا الذي لو نودي من شرق العالم أو غربه لاجابَ وأغاثَ اسمه الشيخ علیّ، لكنّك لم تقل إنّ شيخ علیّ هذا هو علیّبن أبي طالب). أُقسم بالله، ما إن هتفتُ: يا شيخ علیّ أغثني! إلاّ وحضر علی الفور؟ قلتُ: ما القصّة؟ أجاب: حين رحلتُ عن الدنيا جيء بي إلی القبر فوضعوني فيه، ثمّ جاءني منكر ونكير وسألاني: مَن ربّك ومن نبيّك ومن إمامك؟ فاضطربتُ وغمرني الخوف الشديد، ومهما حاولتُ الإجابة تلجلج لساني، ومع أنـّني كنت مع أهل الإسلام فإنّني مهما حاولت أن أقول من هو ربّي ومن هو نبيّي، تلجلج لساني فلم ينطق. ثمّ إنّ منكراً ونكيراً تحرّكا ليمسكا بتلابيبي ويخضعاني لسيطرتهما وعذابهما، فصرتُ بائساً بكلّ ما للكلمة من معني، ورأيتُ أن ليس لي من محيص. لقد صرتُ ممّتحناً أسيراً مضطرباً! ثمّ خطر في ذهني فجأة أنـّك قلتَ لي: إنّ لدينا شيخاً لو ناداه مضطرّ وندبه في شرق العالم أو غربه لحضر لديه فوراً وأغاثه وكشف كُربته. فهتفتُ: يا علیّ أغثني! فحضر علیّ بن أبي طالب أمير المؤمنين علیه السلام علی الفور إلی هذا المكان وقال لمنكر ونكير: دعا الرجل فإنّه ليس معانداً ولا من أعدائنا فقد رُبِّي هكذا. إنّ عقائده غير كاملة لانـّه لم يمتلك سعةً لذلك. هكذا ردّ الإمام ذينك الملكين، وأمر ملكين آخرين بالمجيء ليكملا عقائدي، فهذان الشخصان الجالسان علی المصطبة هما الملكان اللذان جاءا بأمر الإمام ليعلّماني العقائد. وحين ستصبح عقائدي صحيحة فسأكون مجازاً بعبور هذا الممرّ والدخول إلی تلك الروضة. إنّ هذه الرؤيا التي توضّح جهات من إعانة المستضعفين والعفو عنهم والتكامل البرزخيّ وجهات كثيرة أُخري، لها دلالة أيضاً علی السؤال عن العقائد في عالم القبر. وهذه الرؤيا نظير أحلام أُخري نبيّنها في هذه الابحاث، من الوقائع المسلّمة الوقوع في عصرنا هذا. وعلی هذا الاساس في تكميل النفوس الناقصة التي رحلت عن الدنيا والتي لمتصل إلی مقام فعلیتها، فقد وردت روايات في أنّ أولاد المؤمنين الذين رحلوا عن الدنيا في سنيّ طفولتهم يُربّون في عالم البرزخ علی يد إبراهيم الخليل علیه السلام أو علی يد الزهراء سلام الله علیها. تكامل النفوس الناقصة في عالم البرزخيذكر الشيخ الصدوق في كتاب « الامالي » رواية طويلة في معراج رسولالله صلّي الله علیه وآله، بسنده المتّصل عن عبد الرحمنبن غنم ويذكرضمنها هذه الفقرة: قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بالنَّبِيّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ مَرَّ علی شَيْخٍ قَاعِدٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَحَوْلَهُ أَطْفَالٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ يَا جِبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ علیهِ السَّلاَمُ. قَالَ: فَمَا هَـْؤلاَءِ الاْطْفَالُ حَوْلَهُ؟ قَالَ: هَـْؤُلاَءِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ حَوْلَهُ يَغْذُوهُمْ. [40] وروي المجلسيّ رضوان الله علیه عن تفسير علیّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن سليمان الديلميّ، عن أبي بصير، عن الإمام الصادق علیه السلام: قَالَ: إِنَّ أطْفَالَ شِيعَتِنَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تُرَبِّيهُمْ فَاطِمَةُ علیهَا السَّلاَمُ. [41] ويروي الشيخ الصدوق في كتاب « معاني الاخبار » عن أبيه، عن عبداللهبن جعفر الحميديّ، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه علیهم السلام، قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَهَا الْبُلْهَ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْبُلْهُ؟ فَقَالَ: الْعَاقِلُ فِي الْخَيْرِ الْغَافِلُ عَنِ الشَّرِّ، الَّذِي يَصُومُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. [42] كما يروي الشيخ الصدوق في « معاني الاخبار » أيضاً، بسنده المتّصل عن أمير المؤمنين علیه السلام: إِنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ قَالَ: يَا علیُّ، إِنَّ لَكَ كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ وَأَنْتَ ذُو قَرْنَيْهَا، وَلاَ تُتْبِع النَّظْرَةَ بِالنَّظْرَةِ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّ لَكَ الاْولَي وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ [43]. وقال الصدوق رحمة الله علیه في تفسير وبيان هذا الحديث: معني قوله صلّي الله علیه وآله « إِنَّ لَكَ كَنْزاً فِي الْجَنَّةِ » يعني مفتاح نعيمها، وذلك أنّ الكنز في المتعارف لا يكون إلاّ المال من ذهب أو فضّة ولايكنزإلاّ لخيفة الفقر ولا يصلحان إلاّ للإنفاق في أوقات الافتقار إليهما ولاحاجةفي الجنّة ولا فقر ولا فاقة، لانـّها دار السلام من جميع ذلك ومن الآفات كلّها، وفيها ما تشتهي الانفس وتلذّ الاعين [44]، فهذا الكنز هو المفتاح وذلك أنـّه علیه السلام قسيم الجنّة، وإنّما صار علیه السلام قسيم الجنّة والنار لانّ قسمة الجنّة والنار. إنّما هي علی الإيمان والكفر، وقد قال له النبيّ صلّي الله علیه وآله: يَا علی حُبُّكَ إِيمَانٌ وَبُغْضُكَ نِفَاقٌ وَكُفْرٌ. فهو علیه السلام بهذا الوجه قسيم الجنّة والنار. وقد سمعتُ بعض المشايخ يذكر أنّ هذا الكنز هو ولده المحسن علیه السلام وهو السقط الذي ألقته فاطمة علیها السلام لمّا ضُغطت بين البابين واحتجّ في ذلك بما روي في السقط من أنـّه يكون مُحْبَنْطِئاً [45] علی باب الجنّة فيُقالله: ادخُل الجنّة. فيقول: لا حتّي يدخل أبواي قبلي. وما روي أنّ الله تعالي كفّل سارة وإبراهيم أولادَ المؤمنين يغذّونهم بشجر فيالجنّة لها أخلاف كأخلاف البقر، فإذا كان يوم القيامة أُلبسوا وطُيّبوا وأُهدوا إلی آبائهم، فهم في الجنّة ملوك مع آبائهم. الحسنان علیهما السلام هما شَنَفا عرش الله سبحانهوأمّا قوله صلّي الله علیه وآله « وَأَنْتَ ذُو قَرْنَيْهَا » فإنّ قرني الجنّة الحسن والحسين لما روي أن رسولالله صلّي الله علیه وآله قال: إنّ الله عزّ وجلّ يزيّن بهما جنّته كما تزيّن المرأة بقرطيها. وفي خبر آخر يزيّن الله بهما عرشَه.[46] فالحسن والحسين إذَن هما قرطا عرش الله تعالي، وربّما قيل لهذا السبب عن سقوط سيّد الشهداء علیه السلام من علی سرج جواده إلی الارض: بلند مرتبه شاهي ز صدر زين افتاد اگر غلط نكنم عرش بر زمين افتاد [47] وما أروع ما استُعير في وصف هذا السقوط: يكتا گهري ز صدر زين افتاده آويزه عرش بر زمين افتاده افسوس كه در معركه كرب وبلا از خاتم انبيا نگين افتاده [48] ولهذا فقد ورد في الرواية: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ شَنَفَا الْعَرْشِ، وَإِنَّ الْجَنَّةَ قَالَتْ يَا رَبِّ أَسْكَنْتَنِي الضُعَفَاءَ وَالْمَسَاكِينَ! فَقَال اللَهُ لَهَا: أَلاَ تَرْضَيِنَّ إنِّي زَيَّنْتُ أَرْكَانَكِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ علیهِمَا السَّلاَمُ. قَالَ: فَمَاسَتْ كَمَا تَمِيسُ الْعَرُوسُ فَرَحاً [49]. قصّة أُمّ سلمة واستحالة تراب كربلاء دماً عبيطاًولهذا فقد أمطرت السماء دماً عند قتله علیه السلام، فاستحال التراب دماً فقد روي عن أُمّ سلمة رضي الله عنها أنـّها قالت: خرج رسولالله صلّي الله علیه وآله من عندنا ذات ليلة فغاب عنّا طويلاً، ثمّ جاءنا وهو أشعث أغبر ويده مضمومة، فقلت له: يا رسول الله، ما لي أراك أشعث مغبراً؟ فقال: أُسري بي في هذا الوقت إلی موضع من العراق يقال له كربلا فرأيت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي، فلمأزل ألقط دماءهم فها هي في يدي، وبسطها إلی فقال: خذيها واحتفظي بها. فأخذتُها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها. فلمّا خرج الحسين علیه السلام من مكّة متوجّهاً نحو العراق كنت أُخرج تلك القارورة في كلّ يوم وليلة فأشمّها وأنظر إليها ثمّ أبكي لمصابه، فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين علیه السلام أخرجتها في أوّل النهار وهي بحالها، ثمّ عُدت إليها آخر النهار فإذا هي دمٌ عبيطٌ.[50] وروي عن محمّد بن سيرين قال: لَمْ تُرَ هذه الحُمرة في السماءِ إلاّ بعد قَتْلِ الحسينِ علیه السلام. [51] وروي سعد الإسكاف، قال: قال أبو جعفر علیه السلام: كَانَ قَاتِلُ يَحْيَي بْن زَكَرِيَّا وَلَدَ زِناً، وَقَاتِلُ الْحُسَيْنِ بْنِ علی وَلَدُ زِناً وَلَمْيَحْمَرَّ السَّمَاءُ إِلاَّ لَهُمَا. وروي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة عَنْ علیّ بْنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَالْحُسَيْنِ علیهِ السَّلاَمُ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلاً وَلاَ ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلاَّ ذَكَرَ يَحْيَيبْنَ زَكَرِيَّا وَقَتْلَهُ. وَقَالَ يَوْماً: وَمِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا علی اللَهِ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَيبْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إلی بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ.[52] ارجاعات [1] ـ «أُصول الكافي» المجلّد الثاني، ص 404؛ و«معاني الاخبار» ص 201؛ و«تفسير العيّاشيّ» المجلّد الاوّل، ص 269. ولا يخفي أنّ علیّ بن إبراهيم يروي هذه الرواية في تفسيره (ج 1، ص 137 ) بسنده المتّصل عن ابن الطيّار عن الإمام الباقر علیه السلام، وسند هذه الرواية غير سندي الرواية التي نقلها عنه الكلينيّ في «الكافي». [2] ـ «معاني الاخبار» ص 203؛ و«تفسير العيّاشيّ» ج 1، ص 207، وأورده هناك بلفظ «تعينه» بدل «تغبنه» وربّما كان لفظ «تغبنه» أنسب. [3] ـ «أُصول الكافي» المجلّد الثاني، ص 406. [4] ـ «معاني الاخبار» ص 200؛ و«تفسير العيّاشيّ» ج 1، ص 298. [5] ـ أي ليس المراد بالمستضعف من كان ضعيفاً في بُنيته علیلاً في مزاجه. [6]_ أي ليسوا مثل النواصب أو المقصّرين الذين يخالفوننا عناداً أو جحوداً وإنكاراً؛ بل إنّ اعتقادهم بغيرنا ساذج غير عميق. [7] ـ «معاني الاخبار» ص 202؛ و«تفسير العيّاشيّ» ج 1 ص 270. [8] ـ «معاني الاخبار» ص 200. [9] ـ ـ «الخصال» باب الثمانية، ص 407 و 408. [10] ـ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ و كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنـَّهُمْ علی' شَيْءٍ أَلآ إِنَّهُمْ هُمُ الْكـَ'ذِبُونَ. (الآية 18، من السورة 58: المجادلة). [11] ـ «كتاب سُليم بن قيس» طبع النجف، ص 97، و 98. [12] ـ الآية 39، من السورة 2: البقرة. [13] ـ الآية 10، من السورة 64: التغابن. [14] ـ الآية 10، من السورة 5: المائدة؛ الآية 86، من السورة 5: المائدة؛ والآية 19، من السورة 57: الحديد. [15] ـ الآية 40، من السورة 7: الاعراف. [16] ـ الآية 36، من السورة 7: الاعراف. [17] ـ الآية 31، من السورة 6: الانعام. [18] ـ الآية 147، من السورة 7: الاعراف. [19] ـ أيسنستدرجهم ونهوي بهم إلی جهنّم والجحيم المتّقدة [20]. ـ الآية 182، من السورة 7: الاعراف. [21] ـ وهو الولاية. [22] ـ المرّة الاُولي في عالم الدنيا، و الاُخري في عالم البرزخ. [23] ـ الآيات 100 ـ 102، من السورة 9: التوبة. [24] ـ الآية 106، من السورة 9: التوبة. [25] ـ «أُصول الكافي» ج 2، ص 407. [26] ـ «تفسير القمّيّ» ج 1، ص 280. [27] ـ «الميزان» ج 5، ص 59 و 60. [28] ـ «فروع الكافي» الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 67 و 68. [29] ـ «فروع الكافي» الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 64. [30] ـ وروي هذه الرواية أيضاً الشيخ حسن بن سليمان تلميذ الشهيد الثاني في كتاب «منتخب البصائر» بسنده عن أبي بكر الحضرميّ، عن الإمام الباقر علیه السلام. («بحار الانوار»، ج 6، ص 235 ). [31] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 260. [32] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 272 و ص 280، وقد نقل هذا المعني عن (المفيد). [33] ـ «معاني الاخبار» ص 201، و «تفسير العيّاشيّ» ج 1، ص 298 و 299. [34] ـ الآيات 28 ـ 30، من السورة 16: النحل. [35] ـ الكتاب مؤلّف زمن حياة العلاّمة الطباطبائيّ قدّس سرّه وقد آثرنا الاءبقاء علی تعبير المؤلّف حيثما ورد في مطاوي الكتاب، لذا اقتضي التنويه. (م) [36] ـ المقصود بالافنديّة أهل السنّة العثمانيّين الذين كانوا يعيّنون من قبل الدولة العثمانيّة في المناصب والوظائف الحكوميّة في العراق، حيث كان العراق آنذاك تحت سلطتهم؛ وبعد الحرب العالميّة الاُولي وانتصار دولة الكفر علی الإسلام وبعد تقسيم الدولة العثمانيّة فقد خرج العراق من تحت السيطرة العثمانيّة. [37] ـ الآية 100، من السورة 4: النساء. [38] ـ أصل هذا الحديث هكذا: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلی امْرَأَةٍ مُصِيبُهَا أَوْ غَنِيمَةٍ يَأخُذُهَا فَهِجْرَتُهُ اِلَيْهَا. وقد نقل ابن أبي جمهور الاحسائيّ هذا الحديث في «غوالي اللئالي» حسب نقل «بحار الانوار»، المجلّد 15، الجزء الثاني؛ وورد في «منية المريد» طبع النجف، ص 27؛ كما أورده في «بحار الانوار» ج 15، الجزء الثاني ص 87 نقلاً عن «منية المريد». وقال الشهيد الثاني: (وهذا الخبر من أُصول الإسلام وأحد قواعده وأوّل دعائمه. وكان السلف وجماعة من تابعيهم يستحبّون استفتاح المصنّفات بهذا الحديث تنبيهاً للمُطالع علی حسن النيّة وتصحّحها واهتمامه بذلك واعتنائه به). بيد أنّ أصل هذا الحديث ليس موجوداً في كتب أُصول أحاديث الشيعة، ومن الجليّ أنّ الشهيد الثاني وابن أبي جمهور اللذين كان دأبهما الاستفادة من روايات العامّة في الاخلاقيّات، كانا قد نقلاه من كتب العامّة. وقد أورد هذه الرواية البخاريّ ومسلم والنسائيّ وابن ماجة والترمذيّ وأحمدبن حنبل، جميعاً بسندهم المتّصل عن علقمة بن وقّاص، عن عمر بن الخطّاب بأدني اختلاف في المتن، إنّ رسول الله صلّي الله علیه وآله ] وآله [ وسلّم قال: إِنَّمَا الاْعْمَالُ بِالنّـِيَّةِ وَإِنَّمَا لاِمْرِيٍ مَا نَوَي فَمَنْ كَاَنت هِجْرَتُهُ إلی اللَهِ وَرَسُولِهِ ـ الحديث. [39] ـ المضيف بمعني دار الضيافة، وهو مشهور بين العرب، يستقبلون فيه الوافد علیهم سواءً كان قريباً أو غريباً فيضيّفونه لديهم. [40] ـ «أمالي الصدوق» ص 269 ـ 271. [41] ـ «بحار الانوار» طبعة الآخوند، المجلّد السادس، ص 229. [42] ـ «معاني الاخبار» ص 203. [43] ـ «معاني الاخبار» ص 205. [44] ـ مُقتبس من الآية 71، من السورة 43: الزخرف: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الاْنفُسُ وَتَلَذُّ الاْعْيُنُ... [45] ـ أي الممتلي غيظاً. [46] ـ «معاني الاخبار» ص 206. [47] ـ يقول: إنّ الملك ذا المقام الرفيع قد هوي عن صدر سرج جواده، وإن لمأُجانب صواباً فقد هوي العرش علی الارض. [48] ـ يقول: إنّ الجوهرة اليتيمة تهاوت من علی صدر السرج، وشَنَف العرش قد هوي علی الارض. فوا حسرتاه حين هوي مِن خاتم الانبياء فصُّ خاتمه في معركة كرب وبلاء. [49] ـ «إرشاد المفيد» باب طرف من فضائل الحسين علیه السلام، ص 271. [50] ـ «إرشاد المفيد» باب طرف من فضائل الحسين علیه السلام، ص 271 ـ 273. [51] ـ «إرشاد المفيد» باب طرف من فضائل الحسين علیه السلام، ص 271 ـ 273. [52] ـ «إرشاد المفيد» باب طرف من فضائل الحسين علیه السلام، ص 273. |
|
|