بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد/ المجلد الثامن / القسم الثانی: حقیقة الصراط، علة اختلاف العبور علی الصراط

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

درجات‌ عبور الناس‌ علی‌ الصراط‌ يوم‌ القيامة‌

 عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْعِ البَرْقِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَحَضْرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ ثُمَّ كَمَشْيِهِ. [1]

 وجاء في‌ «تفسير علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ»:

 الصِّرَاطُ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ.

 وهذا الصراط‌ المستقيم‌ هو نفسه‌ صراط‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌، فما أدقّه‌ وما أحدّه‌!

 تأمّلوا في‌ أعمال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وانظروا إلی‌ كلّ لحظة‌ من‌ لحظاته‌ وكيفيّة‌ مراعاته‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ لاُمور الظاهر والباطن‌، وإلی‌ جمعه‌ بين‌ العوالم‌، وإعطائه‌ كلّ ذي‌ حقٍّ حقّه‌، وسيره‌ في‌ عالم‌ الوحدة‌ سيراً لايمزج‌ فيه‌ أحكام‌ ذلك‌ العالم‌ مع‌ أحكام‌ عالم‌ الكثرة‌، وإلی‌ إيفائه‌ حقّ عالم‌ الكثرة‌، وقيامه‌ عبداً محضاً في‌ مقام‌ العبوديّة‌ للحقّ تعإلی‌، ومراعاته‌ في‌ كلّ الحركات‌ والسكنات‌ لآثار توحيده‌ عزّ وجلّ في‌ جميع‌ العوالم‌، وملاحظته‌ لجميع‌ الجوانب‌ الضروريّة‌ لدرجات‌ السلوك‌ والمجاهدة‌ علی‌ أعلی‌ نحوٍ وأتمّه‌. ليس‌ فقط‌ للحظة‌ واحدة‌ أو للحظتين‌، بل‌ في‌ جميع‌ مراحل‌ حياته‌ الكريمة‌.

 وتأمّلوا كم‌ كان‌ لطيفاً وعميقاً ودقيقاً! وكم‌ كان‌ قاطعاً محتاطاً مراقباً! ومن‌ الطبيعي‌ّ أن‌ لا يهوي‌ الإنسان‌ في‌ جهنّم‌ بانحراف‌ بسيط‌، بَيدَ أ نّه‌ بذلك‌ لايعطي‌ حقّ ذلك‌ الصراط‌ المستقيم‌ المتناهي‌ الدقّة‌ وبمقدار انحرافه‌ يقلّ حظّه‌ في‌ الانتفاع‌ من‌ الصراط‌ المستقيم‌. وكلّما زاد الانحراف‌ زاد الخطر الذي‌ يواجهه‌، وقلّت‌ استفادته‌ من‌ هذه‌ الخصوصيّة‌ للاستقامة‌ في‌ الطريق‌.

 وهذا الصراط‌ المستقيم‌ هو الذي‌ يقول‌ عنه‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ بأ نّه‌ أدقّ من‌ الشعرة‌ وأحدّ من‌ السيف‌، والذي‌ يختلف‌ عبور الناس‌ علیه‌ ما بين‌ البرق‌ الخاطف‌ وسرعة‌ الريح‌ وحضر الفرس‌ وكالراكب‌ وكشدّ الرجل‌ ومشيه‌، وذلك‌ بنفس‌ درجة‌ انحراف‌ سلوكهم‌ ونهجهم‌ عن‌ سيرة‌ الإمام‌ ونهجه‌.

 وحقيقة‌ المطلب‌ أ نّه‌ لابدّ للإنسان‌ أن‌ يعيش‌ في‌ هذه‌ الدنيا، ثمّ يتخطّاها إلی‌ العوالم‌ الاُخري‌، فإذا عاش‌ مقتدياً بالانبياء والائمّة‌ الطاهرين‌ في‌ صدق‌ وأمانة‌ وتوحيد، فقد عبر الدنيا عبوراً حسناً، وإلاّ فقد خسر، لانّ الصراط‌ هو الصورة‌ الواقعيّة‌ الحقيقيّة‌ للإنسانيّة‌، وحقيقة‌ تلك‌ الصورة‌ سيرة‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ونهجه‌.

 لقد عمل‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ الزراعة‌، حيث‌ زرع‌ البساتين‌ وحفر قنوات‌ المياه‌ وغرس‌ النخيل‌، إلاّ أ نّه‌ بقي‌ طاهراً مطهّراً من‌ الرجـس‌، تزوّج‌ وأنجب‌ وبقـي‌ الطُّهـر الطاهـر، تسـلّم‌ منصب‌ الحكـم‌ ولم‌يتدنّس‌ بالانجاس‌. هذا بالإضافة‌ إلی‌ الاعمال‌ الاُخري‌ التي‌ كان‌ يقوم‌ بها كبقيّة‌ الناس‌، ومع‌ ذلك‌ فله‌ نهجه‌ المختلف‌ عنهم‌، إذ لم‌ تكن‌ له‌ نيّة‌ أو غرض‌ أو قصد إلاّ نفس‌ تلك‌ الاعمال‌ خالصة‌ للّه‌ سبحانه‌ تعإلی‌، أمّا الناس‌ فيعملون‌ نفس‌ الاعمال‌ ولكن‌ بنوايا عدّة‌. وهذا هو مفترق‌ الطريق‌ ما بين‌ أولياء الله‌ وسائر الناس‌. فلاعمال‌ أولياء الله‌ صبغة‌ إلهيّة‌، وهل‌ أحسن‌ منها صبغة‌؟

 صِبْغَةَ اللَهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَهِ صِبْغَةً. [2]

 الرجوع الي الفهرس

أولياء الناس‌ لا يتحيّرون‌ عند عبورهم‌ علی‌ صراط‌ الجنّة‌

 وبطبيعـة‌ الحال‌ فـإنّ أوليـاء اللـه‌ لا يرتقـون‌ إلی‌ مقـام‌ ومرتبـة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، ولكن‌ من‌ الممكن‌ أن‌ يصبح‌ صراطهم‌ مستقيماً وأن‌ يعبروه‌ أيضاً كالبرق‌ الخاطف‌، وذلك‌ علی‌ أثر متابعتهم‌ له‌ واقتدائهم‌ به‌، إذ يصلون‌ إلی‌ مقام‌ المقرّبين‌ والمخلصين‌، ومن‌ يصل‌ إلی‌ هذا المقام‌ الرفيع‌، فلامعني‌ للنار بعد عنده‌.

 وهذه‌ هي‌ الحقيقة‌، فالائمّة‌ علیهم‌ السلام‌، أئمّة‌ لاجل‌ أن‌ يأخذوا بأيدي‌ الناس‌ ليسـلكوا بمعيّتهم‌ نفـس‌ الطريق‌.. وإلاّ ما صـدق‌ معنـي‌ الإمامة‌...إنّهم‌ الذين‌ يسيرون‌ علی‌ الصراط‌ المستقيم‌ ولا فزع‌ لهم‌ ولاهم‌ يحزنون‌.

 لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاْكْبَرُ. [3]

 مَن‌ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم‌ مِّن‌ فَزَعِ يَوْمَنءِذٍ ءَامِنُونَ. [4]

 وَإِذًا لاَتَيْنَـ'هُم‌ مِّن‌ لَدُنَّـآ أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَـ'هُمْ صِرَ ' طًا مُّسْتَقِيمًا. [5]

 ولانّ صراطهم‌ مستقيم‌، فإنّهم‌ يعبرون‌ بلحظة‌ واحدة‌ طرفي‌ جهنّم‌، كما أ نّهم‌ كالانبياء والاولياء قد تطهّروا من‌ الرجس‌ كلّيّاً، وهذا من‌ لوازم‌ مقام‌ التسليم‌ والطاعة‌ الذي‌ جعلهم‌ في‌ معيّة‌ الانبياء والاولياء وحُسن‌ أُولئك‌ رفيقاً. وجعلهم‌ من‌ أصحاب‌ الصراط‌ المستقيم‌؛ الصراط‌ الذي‌ ندعو الله‌ تعإلی‌ كلّ يوم‌ عدّة‌ مرّات‌ بقولنا: اهْدِنَا الصِّرَ ' طَ الْمُسْتَقِيمَ، راجين‌ هدايتنا إلیه‌ بكلّ ما للهداية‌ من‌ معني‌.

 والخلاصة‌، فإنّ الله‌ سبحانه‌ سيوفِّق‌ لنيل‌ هذا المقام‌ مَن‌ يطع‌ الله‌ ورسوله‌ في‌ الدنيا طاعة‌ محضة‌، دون‌ أن‌ يجد في‌ نفسه‌ حرجاً ممّا قضي‌ الله‌ ورسوله‌، ويسلم‌ تسليماً مطلقاً... وهؤلاء هم‌ الذين‌ يقطعون‌ الصراط‌ كالبرق‌.

 أمّا: أَصْحَـ'بُ إلیمِينِ مَآ أَصْحَـ'بُ إلیمِينِ؛ فَأَصْحَـ'بُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَـ'بُ الْمَيْمَنَةِ. [6]

 فهم‌ من‌ السعداء، بَيدَ أ نّهم‌ لم‌ يمتلكوا ذاك‌ الثبات‌ الجازم‌ التامّ في‌ التوحيد، ولم‌يرتقوا إلی‌ منزلة‌ المعيّة‌ مع‌ الانبياء بواسطة‌ تلك‌ الطاعة‌ الصرفة‌ كالسيف‌ القاطع‌، ولم‌ يحظوا بدقّة‌ العبوديّة‌ المتناهية‌ ليتحمّلوا الاسرار الخفيّة‌ للانبياء والائمّة‌، ولم‌ يصلوا إلی‌ لقاء الله‌ تعإلی‌ ولم‌يعرفوا حقّ المعرفة‌ معني‌: إِلَهِي‌ مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِن‌ عِقَابِكَ، وَلاَطَمَعاً فِي‌ ثَوَابِكَ، بَلْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ. [7]

 فهم‌ يقولون‌: إلهنا؛ لقد جئنا إلی‌ هذه‌ الدنيا لنعيش‌، وأمرتنا أن‌ نفعل‌ كذا وأن‌ نجتنب‌ كذا، فلم‌ نأكل‌ المال‌ الحرام‌، ولم‌ نسرق‌، ولم‌نقامر، ولم‌نعتدِ علی‌ أعراض‌ الناس‌ ونواميسهم‌، لكنّنا نريد أن‌ نعيش‌ هذه‌ الحياة‌ الدنيا، ونسعي‌ إلی‌ الطعام‌ اللذيذ، وننتظر وعدك‌ إيّانا بالحور العين‌ و الجنّات‌ و الانهار؛ نريد هذه‌ الاُمور ونشتهيها.

 ومهما خاطبهم‌ تعإلی‌ بأ نّه‌ سيمنحهم‌ تلك‌ الاُمور، إلاّ أنّ علیهم‌ أن‌ لايكتفوا، وأن‌ يتطلّعوا إلی‌ ما فوقها، وأن‌ يعرفوا غاية‌ إمامهم‌ وهدفه‌.

 هرآنكه‌ كارَد قصدِ گندم‌ بايدش‌                                كاه‌ خود اندر تَبَع‌ مي‌آيدش‌ [8]

 قالوا إنّه‌ إمامنا وقدوتنا، إنّما كان‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌؛ فما شأننا نحن‌ وأين‌ نحن‌ منه‌؟

 وعلی‌ هذا، فإنّ هؤلاء الافراد أُناس‌ صالحون‌، ولكن‌ لايمتلكون‌ تلك‌ المزايا المطلوبة‌، كما أ نّهم‌ يفتقرون‌ إلی‌ دقّة‌ الصراط‌. وسيطول‌ عبور هؤلاء علی‌ الصراط‌ بقدر تعلّقهم‌ بالدنيا. إذ سبقت‌ الإشارة‌ إلی‌ أنّ الآخرة‌ يجب‌ أن‌ تُدرَك‌ من‌ خلال‌ الدنيا. لقد كنّا في‌ الجنّة‌ ولكن‌ في‌ جنّة‌ القابليّة‌ لاجنّة‌ الفعلیة‌. وشتّان‌ بين‌ الجنّة‌ التي‌ عقدنا العزم‌ علی‌ الذهاب‌ إلیها، وشددنا الرحال‌ وأعددنا الزاد والراحلة‌ للسفر نحوها، وبين‌ الجنّة‌ التي‌ كنّا فيها سابقاً! حيث‌ الفاصلة‌ عبارة‌ عن‌ مائة‌ ألف‌ سنة‌. فشتّان‌ بين‌ هذه‌ وتلك‌!

 شكر مازندران‌ و شكر هندوستان‌                هر دو شيرين‌اند امّا اين‌ كجا و آن‌كجا

 دانة‌ فلفل‌ سياه‌ و خال‌ مه‌ رويان‌ سياه‌ هر دو جان‌ سوزند امّا اين‌ كجا و آن‌ كجا [9]

 تماماً كالفرق‌ بين‌ شجرة‌ تفّاح‌ كبيرة‌ مترامية‌ الاطراف‌ قد تشابكت‌ أغصانها فأحالت‌ ما حولها إلی‌ روضة‌ غنّاء، وأُثقلت‌ بألف‌ تفّاحة‌ حلوة‌ المذاق‌، فصارت‌ تخطف‌ الافئدة‌ بدلالها وغنجها؛ وبين‌ بذرة‌ تفّاح‌ واحدة‌. ومع‌ أنّ شجرة‌ التفّاح‌ هذه‌ هي‌ ذاتها بذرة‌ التفّاح‌ تلك‌. وتلك‌ البذرة‌ هي‌ ذاتها هذه‌ الشجرة‌، ولكن‌ أين‌ هذه‌ من‌ تلك‌؟! وكم‌ هو كبير الفرق‌ بينهما؟!

 وبينما تمثّل‌ هذه‌ الفعلیة‌ وتجسّد التفّاح‌ الحلو المبهج‌، تمثّل‌ تلك‌ القابليّة‌ والإمكان‌ المحض‌. والامر علی‌ هذا المنوال‌ بالنسبة‌ إلی‌ الجنّة‌ التي‌ وُجدنا فيها سابقاً، ثمّ توجّب‌ علینا أن‌ نأتي‌ إلی‌ هذه‌ الدنيا، وأن‌ نعبر من‌ جهنّم‌ ونجتاز مدرسة‌ الامتحان‌ والابتلاء.

 إنّ طريق‌ الجنّة‌ هو الصبر والتحمّل‌ والاستقامة‌.

 أَمْ حَسِبْتُمْ أَن‌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم‌ مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن‌ قبْلِكُم‌ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّاءُ. [10]

 وَلَنَبْلُوَنَّكُم‌ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاْمْوَ ' لِ وَالاْنفُسِ وَالثَّمَرَ ' تِ وَبَشِّرِ الْصَّـ'بِرِينَ. [11]

 فَلَيَعْلَمَنَّ اللَهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَـ'ذِبِينَ. [12]

 ومن‌ البديهي‌ّ أنّ علم‌ الله‌ تعإلی‌ علم‌ حضوري‌ّ، وإنّ نفس‌ أعمال‌ الناس‌ وتحققها في‌ الخارج‌ تمثل‌ علم‌ الله‌ عزّ وجلّ؛ فيكون‌ معني‌ علمه‌ سبحانه‌ هو نفس‌ إتيان‌ الناس‌ بالاعمال‌.

 ال´م‌´ * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن‌ يُتْرَكُو´ا أَن‌ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَيُفْتَنُونَ. [13]

 ويكون‌ بلوغ‌ جنّة‌ الفعلیة‌ ـأي‌ الجنّة‌ التي‌ تُدرَك‌ في‌ القيامة‌ بعد طي‌ّ عالم‌ البرزخ‌ـ بعد اجتياز الامتحانات‌ في‌ الدنيا. فمن‌ تفوّق‌ في‌ امتحانه‌ ونتيجته‌ كان‌ أقرب‌ إلی‌ الصراط‌ المستقيم‌، وأجدر وإلیق‌ بنهج‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌.

 ومع‌ أنّ أصحاب‌ إلیمين‌ هم‌ السعداء الذين‌ عملوا الصالحات‌ واجتنبوا القبائح‌ والسيّئات‌ والاعمال‌ الطالحة‌، إلاّ أ نّهم‌ ـمع‌ ذلك‌ـ لم‌يتمكّنوا من‌ استئصال‌ أساس‌ التعلّق‌ بالدنيا وبما سوي‌ الله‌ تعإلی‌ من‌ وجودهم‌. ونقصد بالدنيا كلّ ما سوي‌ الله‌ عزّ وجلّ، مهما كان‌ وفي‌ أي‌ّ مقام‌ ودرجة‌ وفضيلة‌ كان‌.

 فغير الله‌ تعإلی‌ ـ مهما كان‌ ـ هو دنيا، ولو كان‌ جنّةً ومقاماً؛ لانّ الدنيا هي‌ الحياة‌ الفانية‌، فمن‌ لم‌ يحصر هدفه‌ في‌ الذات‌ القدسيّة‌ للحضرة‌ الاحديّة‌، عاش‌ حياةً متدنّية‌ ولو تحلّي‌ خلال‌ ذلك‌ بالفضائل‌ والمكارم‌.

 إنّ أصحاب‌ إلیمين‌ يعبرون‌ جهنّم‌، إلاّ أ نّهم‌ لم‌يدركوا حقيقة‌ النار في‌ الدنيا، فاقتربوا منها بعض‌ الشي‌ء، لذا سيكونون‌ كالراكب‌ أو الراجل‌ الذي‌ يتحيّر خلال‌ عبوره‌ من‌ مناظر جهنّم‌، وينزعج‌ من‌ حرارتها وهوائها المؤذي‌.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ الصراط‌ المستقيم‌ والصراط‌ المنحرف‌

 أمّا المقرّبون‌ والابرار، فهم‌ الذين‌ عرفوا حقيقة‌ النار ووعوها، فلم‌تتعلّق‌ قلوبهم‌ بها، لذا صاروا يعبرونها كالبرق‌ الخاطف‌ وكالريح‌ العاصفة‌.

 وَأَلَّوِ اسْتَقَـ'مُوا علی‌ الطَّرِيقَةِ لاَسْقَيْنَـ'هُم‌ مَّآءً غَدَقًا. [14]

 وأمّا الذين‌ لم‌ يؤمنوا بالله‌ ولم‌ يعتقدوا بيوم‌ الجزاء، والذين‌ ظنّوا هذا العالم‌ عالم‌ فوضي‌ لا حساب‌ بعده‌، فيقول‌ تعإلی‌ عنهم‌:

 وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصّـِرَ ' طِ لَنَـ'كِبُونَ. [15]

 الرجوع الي الفهرس

صراط‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ هو الصراط‌ المستقيم‌ الاوحد

 نعم‌، الصراط‌ هو صراط‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌، و صِرَاطُ علی‌ٍّ حَقّ نُمْسِكُهُ. ذلك‌ النهج‌ هو نهج‌ الحقّ الذي‌ ينبغي‌ الاقتراب‌ منه‌ والتمسّك‌ به‌، والدنوّ منه‌ كلّ يوم‌ أكثر فأكثر، حتّي‌ يغدو المرء تابعاً له‌ تمام‌ الإتباع‌، وحتّي‌ يُضحي‌ لعلی‌ٍّ شيعةً ويلحق‌ به‌ ويصحبه‌ إلی‌ الجنّة‌ التي‌ أدركها وسعي‌ إلیها. وعلیه‌ أن‌ لايتعدّي‌ ذلك‌ الصراط‌ في‌ جميع‌ الافعال‌ والاقوال‌، فذاك‌ ـلعمري‌ـ هو الخسران‌ المبين‌.

 نقل‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ عن‌ كتاب‌ «مصابيح‌ الانوار» قال‌:

 بَلَغَنَا أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ اشْتَهَي‌ كَبِداً مَشْوِيَّةً علی‌ خُبْزَةٍ لَيِّنَةٍ، فَأَقَامَ حَوْلاً يَشْتَهِيهَا، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ علیهِ السَّلاَمُ وَهُوَ صَائِمٌ يَوْماً مِنَ الاَيَّامِ، فَصَنَعَهَا لَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ قَرَّبَهَا إلیهِ، فَوَقَفَ سَائِلٌ بِالبَابِ. فَقَالَ: يَا بُنَي‌َّ احْمِلْهَا إلیهِ، لاَ نَقْرَأَ صَحِيفَتَنَا غَدَاً: «أَذْهَبْتُمْ طَيّـِبَـ'تِكُمْ فِي‌ حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم‌ بِهَا». [16]

 وقد استشهد الإمام‌ في‌ بيانه‌ هذا بالآية‌ 20، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا علی‌ النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـ'تِكُم‌ فِي‌ حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم‌ بِهَا فَإلیوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي‌ الاْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ.

 تأمّلوا علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ هو خليفة‌ المسلمين‌ وحاكم‌ العالم‌ الإسلامي‌ّ وقد اشتهي‌ كبداً مشويّة‌، فينقضي‌ علیه‌ الحول‌ وهو يغالب‌ اشتهاءه‌، [17] دون‌ أن‌ يسعه‌ المجال‌ لتحقيقه‌، ودون‌ أن‌ يُلقي‌ إلیه‌ بالاً، بحيث‌ لم‌يسعه‌ الوقت‌ ولا الحال‌ طوال‌ سنة‌ كاملة‌ ليقول‌ جملة‌ واحدة‌: ( أريد كبداً مشويّة‌ ).

 وبعد مرور سنة‌، وعند الإفطار يري‌ خليفة‌ الإسلام‌ ما اشتهاه‌ ماثلاً أمامه‌، لكنّه‌ يعتبر مدّ يده‌ إلیه‌ لانتزاع‌ لقمة‌ منه‌ ـمع‌ وجود سائل‌ يطرق‌ الباب‌ـ انشغالاً بالحياة‌ الدنيا، واستمتاعاً بالطيّبات‌ في‌ الحياة‌ الحيوانيّة‌، وتنزّلاً عن‌ مقام‌ الإنسانيّة‌، فيُعرض‌ عنها دون‌ أن‌ يأمر ابنه‌ بإعطاء السائل‌ نصفها، بل‌ يقول‌ له‌: احملها إلیه‌! فليأكل‌ السائل‌ هنيئاً مريئاً، ولنتفرّج‌ نحن‌!

 هذه‌ هي‌ الحياة‌ العلیا، وهذه‌ هي‌ الحياة‌ الرفيعة‌ السامية‌، وهذه‌ هي‌ حياة‌ الإنسان‌ وتواجده‌ في‌ صراط‌ الإنسانيّة‌ المستقيم‌: أن‌ يؤثر المرء علی‌ نفسه‌، فيُعرض‌ عن‌ طعامه‌ الذي‌ اشتهاه‌ طوال‌ سنة‌، وصار يراه‌ الآن‌ ماثلاً أمامه‌ علی‌ مائدة‌ فطوره‌، ويُعطيه‌ للسائل‌.

 هذا هو الصِّراطُ المُستَقيم‌. أُقسم‌ بالله‌ علیكم‌، لو فكّرتم‌ من‌ الآن‌ إلی‌ يوم‌ القيامة‌، فهل‌ ستعرفون‌ صراطاً أكثر استقامة‌ من‌ هذا الصراط‌؟

 أَوَ يمكنكم‌ أن‌ تتصوّروا في‌ ذهنكم‌ أفضل‌ منه‌ وأحسن‌؟!

 إنّني‌ كلّما تأمّلت‌ في‌ هذه‌ القصّة‌ ونظائرها التي‌ ملات‌ بحمد الله‌ ومنّه‌ صفحات‌ تأريخنا وعطّرتها بسيرة‌ ذلك‌ الإمام‌ وسائر الائمّة‌ الطاهرين‌؛ وقارنتُ ذلك‌ بأُسلوب‌ معيشة‌ خلفاء الإسلام‌ الجائرين‌ أمثال‌ بني‌ أُمّية‌ وبني‌ العبّاس‌ ممّن‌ تسـلّطوا علی‌ رقاب‌ الناس‌ باسـم‌ الإسـلام‌ وعنـوان‌ خلافة‌ رسول‌الله‌، غمرتني‌ الحيرة‌ والعجب‌ الشديدينِ.

 لقد كانت‌ الموائد تبسط‌ لمعاوية‌ وفيها ألذّ أنواع‌ الاطعمة‌ في‌ الدنيا، من‌ لباب‌ الفستق‌ ودهن‌ مخّ طيور نادرة‌؛ فكان‌ يأكل‌ بإفراط‌ دون‌ أن‌ يشبع‌. وكان‌ يقول‌: كللت‌ من‌ المضغ‌ ولم‌ أشبع‌ بعدُ!

 قيل‌ إنّ زوايا فمه‌ كانت‌ لا تنفكّ مصفرّة‌ من‌ الطعام‌، وكان‌ نهماً في‌ أكله‌ عجولاً بحيث‌ كان‌ كُمّ ردائه‌ ملوّثاً بالدسم‌. ويُعرض‌ حإلیاً أحد أرديته‌ ذات‌ الاكمام‌ المعروفة‌ في‌ أحد المتاحف‌ العالميّة‌ المشهورة‌؛ وهذا الصراط‌ صراطٌ معاكس‌ للإنسانيّة‌. لذا نجد أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ يعبّر عن‌ معاوية‌ بالإنسان‌ المعكوس‌ والجسم‌ المركوس‌:

 وَسَأَجْهَدُ فِي‌ أَنْ أُطَهِّرَ الاَرْضَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ المَعْكُوسِ وَالجِسْمِ المَرْكُوسِ. [18]

 يقول‌ أحد شعراء أهل‌ البيت‌ في‌ عصر الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌:

 سَـمَّـاهُ جَـبَّـارُ السَّـمَـا               صِـرَاطَ حَـقٍّ فَـسَـمَـي‌

 فَقَـالَ فِـي‌ الـذِّكْـرِ: وَمَـا                         كَـانَ حَـدِيـثـاً يُـفْـتَـرَي‌

 هَـذَا صِرَاطِـي‌ فَاتْـبَـعُـوا                         وَعَـنْـهُـمُ لاَ تُـخْـدَعُـوا

 فَـخَـالَـفُـوا مَـا سَـمِـعُـوا                         وَالخُلْـفُ مِـمَّـنْ شَـرَعَا [19]

 الرجوع الي الفهرس

 

الدرس‌ الثاني‌ والخمسون‌:

 في‌ حقيقة‌ الصراط‌، وانحصار مصداقه‌ الاعلی‌ بأمير المؤمنين‌

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه‌ ربّ العالمين‌ ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلی‌ّ العظيم‌

وصلَّي‌ الله‌ علی‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

  قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 اهْدِنَا الصّـِرَ ' طَ الْمُسْتَقِيمَ. [20]

 تكرّر ذكر الصراط‌ المستقيم‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، كما شاع‌ ذكره‌ وتكرّر في‌ السُّنَّة‌ النبويّة‌ وأحاديث‌ المعصومين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ علیهم‌ أجمعين‌ وسنبحث‌ في‌ هذا المجلس‌ بحول‌ الله‌ وقوّته‌ في‌ حقيقة‌ الصراط‌، ثمّ في‌ حقيقة‌ الصراط‌ المستقيم‌، ليتجلّي‌ واقعهما للعيان‌.

 الرجوع الي الفهرس

الصراط‌ إلی‌ الله‌ هو طريق‌ باطني‌ّ في‌ نفس‌ الإنسان‌ إلی‌ الله‌ تعإلی‌

ولابدّ ـوصولاً إلی‌ ذلك‌ـ من‌ مقدّمتين‌.

 المقدّمة‌ الاُولي‌: إنّ الالفاظ‌ الموضوعة‌ والمستعملة‌ في‌ اللغات‌ المختلفة‌ لدي‌ الجماعات‌ المتباينة‌ لفهم‌ المعاني‌ وتفهيمها، هي‌ ألفاظ‌ ذات‌ معانٍ عامّة‌. ولا يمثّل‌ المعني‌ الموضوع‌ له‌ اللفظ‌ أو المستعمل‌ فيه‌ اللفظ‌ خصوص‌ فرد معيّن‌ من‌ أفراد ذلك‌ المعني‌.

 فلفظ‌ «المصباح‌» مثلاً قد وُضع‌ لمعني‌ عامّ، وهو عبارة‌ عن‌ موجود نورانيّ يضي‌ء الموجودات‌ المظلمة‌ بأشعّته‌، وذلك‌ ضمن‌ مدي‌ إشعاعه‌. وكان‌ المصباح‌ منحصراً في‌ الماضي‌ بفتيلة‌ توضع‌ في‌ وعاء للزيت‌، ثمّ توقد تلك‌ الفتيلة‌ فينبعث‌ منها النور والدخان‌. وكان‌ ذلك‌ الشي‌ء المعيّن‌ بتلك‌ الكيفيّة‌ الخاصّة‌ يُدعي‌ مصباحاً. ثمّ شاع‌ استعمال‌ النفط‌ والفانوس‌ النفطي‌ّ، فأضحوا يضعون‌ النفط‌ في‌ وعاء مغلق‌ ويثبتون‌ فيه‌ فتيلة‌ يغطّونها بزجاجة‌، ودعوه‌ مصباحاً دون‌ أن‌ يغيّروا في‌ الاسم‌ أدني‌ تغيير كأنّ معني‌ المصباح‌ الذي‌ كان‌ يشتعل‌ بالزيت‌ سابقاً، هو بعينه‌ معني‌ المصباح‌ النفطي‌ّ ذي‌ الزجاجة‌.

 فلا خصوصيّة‌ إذَاً لزيت‌ المصباح‌ ودخان‌ الفتيلة‌ في‌ معني‌ اسم‌ المصباح‌، بل‌ إنّ معناه‌ هو المعني‌ العامّ الذي‌ يمثّل‌ جسماً نورانيّاً مضيئاً. وباعتبار أنّ هذا المعني‌ الكلّي‌ّ لا يختلف‌ في‌ هذين‌ الفردينِ من‌ فئة‌ المصباح‌، فقد استعمل‌ لفظ‌ «المصباح‌» للفرد الثاني‌ بنفس‌ العناية‌ التي‌ استعمل‌ بها للفرد الاوّل‌.

 واستمر الامر علی‌ هذا النحو حين‌ اخترع‌ المصباح‌ الغازي‌ّ، وتبعه‌ المصباح‌ الكهربائي‌ّ بأنواعه‌ المختلفة‌، حيث‌ أُطلق‌ علیها بأجمعها اسم‌ المصباح‌؛ ولايختصّ الامر بلفظ‌ المصباح‌، فقد كان‌ لفظ‌ المصباح‌ مجرّد مثال‌، بل‌ إنّ الامر ينسحب‌ علی‌ جميع‌ الالفاظ‌ في‌ جميع‌ لغات‌ الدنيا، حضريّة‌ كانت‌ أم‌ بدويّة‌.

 والامر علی‌ هذه‌ الشاكلة‌ بالنسبة‌ إلی‌ لفظ‌ «الصراط‌» فهو يعني‌ الطريق‌ والشي‌ء الذي‌ يُوصَل‌ من‌ خلال‌ طيّه‌ إلی‌ شي‌ء آخر، والواسطة‌ والرابط‌ بين‌ أمرينِ، بحيث‌ يرتبط‌ ذانك‌ الامران‌ بينهما من‌ خلال‌ الحركة‌ والسير في‌ تلك‌ الواسطة‌؛ سواءً كان‌ ذلك‌ الطريق‌ طبيعياً أم‌ صوريّاً ومثإلیاً أم‌ نفسيّاً، وبجميع‌ الاقسام‌ والجهات‌ المختلفة‌ التي‌ يمكن‌ تصوّرها في‌ كلّ نوع‌.

 فالفاصلة‌ بين‌ مدينتين‌ أو بيتين‌ تدعي‌ صراطاً، والفاصلة‌ بين‌ قطبين‌ كهربائيّين‌، وبين‌ الشرايين‌ والاوردة‌ التي‌ تنقل‌ الدم‌ من‌ القلب‌ إلی‌ نقاط‌ البدن‌ وتعيده‌ من‌ نقاط‌ البدن‌ إلی‌ القلب‌، وقراءة‌ الكتاب‌ التي‌ تُعدّ طريقاً لتحصيل‌ العلم‌؛ والسفر في‌ البحر والصحراء للتجارة‌، الذي‌ يمثّل‌ سبيلاً لإعانة‌ خلق‌ الله‌ وتهيئة‌ ضروراتهم‌ المعيشيّة‌؛ والزراعة‌ لتحصيل‌ الغذاء؛ وعبادة‌الله‌ التي‌ هي‌ سبيل‌ للتقرّب‌ إلیه‌؛ والموت‌ الذي‌ يجسّد الطريق‌ للورود في‌ عالم‌ البرزخ‌؛ والموت‌ من‌ البرزخ‌ الذي‌ يمثّل‌ طريق‌ الورود إلی‌ عالم‌ القيامة‌؛ وإظهار الشهادتينِ الذي‌ يعدّ طريقاً للإسلام‌؛ والولاية‌ التي‌ هي‌ الطريق‌ للإيمان‌؛ وأخيراً الواسطة‌ التي‌ يحتاجها المرء للوصول‌ إلی‌ أيّ شي‌ء، هي‌ بأجمعها أُمور تدعي‌ صراطاً.

 ومن‌ الجلي‌ّ أ نّه‌ علی‌ الرغم‌ من‌ صدق‌ معني‌ الصراط‌ علی‌ جميع‌ هذه‌ المصاديق‌، وأنّ هذا الصدق‌ صدق‌ حقيقيّ لا مجازيّ، إلاّ أنّ من‌ البديهي‌ّ أنّ أفراد هذا المعني‌ تتفاوت‌ فيما بينها. فالطريق‌ إلی‌ كرمان‌ هو غير الطريق‌ لتقييم‌ العدالة‌. وطريق‌ الوصول‌ للمحبوب‌ هو غير طريق‌ الوصول‌ إلی‌ مجهولٍ في‌ المعادلات‌ الجبريّة‌. كما أنّ طريق‌ الجنّة‌ هو غير طريق‌ حلّ المسائل‌ الرياضيّة‌.

 المقدّمة‌ الثانية‌: جاء في‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌ والروايات‌ الواردة‌ عن‌ المعصومين‌ صلوات‌ الله‌ وسلامه‌ علیهم‌ أجمعين‌ أنّ الله‌ عزّ وجلّ قد عيّن‌ طريقاً معيّناً لبلوغ‌ المقام‌ الكريم‌ للإنسانيّة‌، وللتقرّب‌ إلی‌ الله‌ وإيصال‌ القوي‌ إلی‌ فعلیتها، وللقاء الله‌ سبحانه‌، ولطيّ مراحل‌ الكمال‌ ودرجاته‌. كما أ نّه‌ نهي‌ عن‌ سلوك‌ بعض‌ السبل‌. مثل‌ آية‌:

 قُلْ هَـ'ذِهِ سَبِيلي‌´ أَدْعُو´ا إلی‌ اللَهِ علی‌' بِصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي‌. [21]

 وآية‌: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن‌ ضَلَّ عَن‌ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَي‌. [22]

 وآية‌: وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صَرَ ' طٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن‌ سَبِيلِ اللَهِ. [23]

 أمّا الآن‌ وقد اتّضحت‌ هاتان‌ المقدّمتان‌، فنقول‌ بأنّ صراط‌ الله‌ تعإلی‌ هو السبيل‌ إلیه‌. ولا نّه‌ عزّ وجلّ ليس‌ له‌ مكان‌ خارجيّ، فإنّ المقصود من‌ السبيل‌ ـإذاًـ هو السبيل‌ من‌ النفس‌ لمعرفة‌ ذات‌ الله‌ القدسيّة‌ جلّ جلاله‌.

 فالإنسان‌ يمتلك‌ حالات‌ روحيّة‌ مختلفة‌ من‌ بداية‌ عمره‌ إلی‌ آخر لحظة‌ من‌ حياته‌، كما يمتلك‌ حركات‌ نفسانيّة‌ وملكات‌ أخلاقيّة‌ نشأت‌ من‌ تكرار أعماله‌ وحالاته‌. فهو ينتقل‌ باستمرار من‌ صورة‌ إلی‌ صورة‌، ومن‌ حالٍ إلی‌ أُخري‌، ومن‌ عقيدة‌ إلی‌ أُخري‌، ومن‌ كمال‌ إلی‌ آخر، حتّي‌ يصبح‌ من‌ المقرّبين‌ والسابقين‌. فإن‌ أخذت‌ العناية‌ الإلهيّة‌ بيده‌، صار من‌ الكاملين‌. وإن‌ كان‌ من‌ المتوسّطين‌، صار من‌ أصحاب‌ إلیمين‌. أمّا لو قاده‌ الشيطان‌ والنفس‌ الا مّارة‌، صار من‌ الاشقياء وأصحاب‌ الشمال‌.

 علی‌ أنّ في‌ وجدان‌ وباطن‌ نفس‌ كلّ فرد من‌ أفراد البشر طريقاً إلی‌ الله‌ تعإلی‌، كما أنّ جميع‌ الاعمال‌ التي‌ يقوم‌ بها في‌ الظاهر، إنّما يقوم‌ بها وفق‌ خطّته‌ الباطنيّة‌. ويُدعي‌ ذلك‌ الطريق‌ الباطني‌ّ بالصراط‌.

 وباعتبار أنّ كلّ فرد من‌ الافراد يمتلك‌ صفاتاً وملكات‌ وغرائز خاصّة‌، ويمتلك‌ ـفي‌ النهاية‌ـ عقائد وشاكلة‌ ومنهاجاً يختصّ به‌؛ فإن‌ لكلّ فرد طريقاً خاصّاً إلی‌ الله‌ تعإلی‌. ويتّضح‌ علی‌ هذا الاساس‌ بجلاء معني‌ الكلام‌ المعروف‌: الطُّرُق‌ إلی‌ اللَهِ بِعَدَدِ أَنْفَاسِ الخَلاَئِقِ.

 بَيدَ أَنّ هذه‌ الطرق‌ ـعلی‌ كثرتها وتعدّدهاـ تعدّ مستقيمة‌ فيما لو بلغت‌ بالإنسان‌ من‌ خلال‌ أقصر فاصلة‌ وأدني‌ زمان‌ إلی‌ جنّة‌ مرضاة‌ الله‌ الجليل‌ ولقائه‌ والاندكاك‌ والفناء المحض‌ في‌ ذاته‌ عزّ وجلّ. وهو طريق‌ المعرفة‌ الذي‌ يمثّل‌ كلّ واحد من‌ الائمّة‌ مبيّناً وشارحاً ومفصّلاً له‌. بل‌ إنّ وجود الإمام‌ هو نفس‌ الصراط‌ والتحقّق‌ الخارجي‌ّ للصراط‌ المستقيم‌. الإمام‌ هو الصراط‌ المستقيم‌، من‌ أجل‌ أن‌ يسلك‌ أتباعه‌ الطريق‌ الذي‌ سلكه‌ وانتهجه‌.

 وباعتبار أنّ الإمام‌ قد طوي‌، من‌ خلال‌ طريق‌ صفاته‌، أسرع‌ وأقصر وأقرب‌ الطرق‌ إلی‌ الله‌ تعإلی‌، فإن‌ نفس‌ الإمام‌ تمثّل‌ الصراط‌ المستقيم‌ إلی‌ الله‌ سبحانه‌، وهو حقّاً طريق‌ أحدّ من‌ السيف‌ وأدقّ من‌ الشَّعرة‌.

 يروي‌ عن‌ الإمام‌ جعفر الصادق‌ علیه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌:

 إِنَّ الصُّورَةَ الإنْسَانِيَّةَ هِيَ الطَّرِيقُ المُسْتَقِيمُ إلی‌ كُلِّ خَيْرٍ، وَالجِسْرُ المَمْدُودُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ. [24]

 وبطبيعة‌ الحال‌، وكما سبق‌ أن‌ ذكرنا، فإنّ جميع‌ موجودات‌ هذه‌ النشأة‌ لها ظهور في‌ نشأة‌ القيامة‌، كما أنّ الصراط‌ ـبدوره‌ـ له‌ ظهور وتجلٍّ، وذلك‌ الظهور والتجلّي‌ هو الطريق‌ الذي‌ يسلكه‌ الإنسان‌ في‌ الدنيا، لانّ حقيقة‌ الدنيا تتمثّل‌ في‌ جهنّم‌، وصراط‌ جهنّم‌ هو الطريق‌ الذي‌ يسلكه‌ الإنسان‌ في‌ الدنيا تجاه‌ الله‌ تعإلی‌. فالبعض‌ يعرج‌ ويتعثّر عند عبوره‌ هذا الصراط‌ فيهـوي‌ في‌ جهنّـم‌. وأُولئـك‌ هـم‌ المغمـورون‌ فـي‌ الشـهوات‌، والمنغمسون‌ في‌ المادّيّات‌ واللذائذ الدنيويّة‌، إلاّ أ نّهم‌ لمّا آمنوا بالله‌ عزّ وجلّ فقد أضحوا يعبرون‌ الصراط‌ بقدم‌ عرجاء.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ اختلاف‌ العبور علی‌ الصراط‌ تبعاً لاختلاف‌ درجات‌ الإنسانيّة‌

 روي‌ في‌ «تفسير القمّي‌ّ» عن‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌، قال‌:

 هُوَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ علیهِ مِثْلَ البَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ علیهِ مِثْلَ عَدْوِ الفَرَسِ، وَمِنْهُمْ مَن‌ يَمُرُّ علیهِ مَاشِياً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ علیهِ حَبْواً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ علیهِ مُتَعَلِّقاً فَتَأْخُذُ النَّارُ مِنْهُ شَيْئاً وَتَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئاً. [25]

 الرجوع الي الفهرس

في‌ كيفيّة‌ طي‌ّ الصراط‌ المستقيم‌

 وهذه‌ الطرق‌ بأجمعها طرق‌ إلی‌ الله‌ تعإلی‌، منتهي‌ الامر أ نّها مختلفة‌ تبعاً لحركة‌ النفوس‌ المختلفة‌. وهي‌ ـ بعبارة‌ أُخري‌ ـ طريق‌ واحد، إلاّ أنّ سرعة‌ العبور علیه‌ مختلفة‌ تبعاً للنفوس‌ المختلفة‌. وأقرب‌ الطرق‌ وأقصرها وأسرعها هو صراط‌ الإمام‌. أي‌ ذلك‌ الطريق‌ الذي‌ طواه‌ الإمام‌ بحسب‌ ظروف‌ الزمان‌ والمكان‌ والمقتضيات‌، وبما يحمله‌ من‌ عقبات‌ ومشاكل‌ وصعاب‌. أمّا باقي‌ السبل‌ فتمتلك‌ حظوظاً متفاوتة‌ من‌ الصراط‌ المستقيم‌ بحسب‌ قربها أو بعدها من‌ هذا الطريق‌.

 ومن‌ هنا يتجلّي‌ بوضوح‌ كيف‌ أَنَّ علیاً علیهِ السَّلاَمُ هُوَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ.

 يتمثّل‌ السبيل‌ الذي‌ يطويه‌ الإنسان‌ باتّجاه‌ ربّه‌ في‌ نفس‌ الإنسان‌، إذ ينبغي‌ علی‌ الجميع‌ أن‌ يجتازوا أنفسهم‌ لكي‌ يصلوا إلی‌ الله‌ عزّ وجلّ. وباعتبار تفاوت‌ النفوس‌ طهارةً ونزاهة‌، واختلافها بلحاظ‌ الصدق‌ والصفاء، وشوائب‌ الإنّيّة‌ الشخصيّة‌ والاستكبار، وفي‌ خلوص‌ النيّة‌ والتزكية‌، فإن‌ هذه‌ السبل‌ ستتفاوت‌ من‌ ثَمّ وتختلف‌. ثُمّ إنّ النفس‌ التي‌ تتفوّق‌ في‌ إخلاصها وصدقها وصفائها وتزكيتها وطهارتها وسرعة‌ حركتها ستجسّد الصراط‌ المستقيم‌. ولا نعرف‌ من‌ بين‌ جميع‌ النفوس‌، وبضمنها نفوس‌ الانبياء، نفساً تفوق‌ أو تماثل‌ ـبلحاظ‌ استقامة‌ الطريق‌ـ نفس‌ الرسول‌ الاكرم‌ ونفس‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ونفوس‌ الائمّة‌ من‌ ذرّيّتهما بالحقّ. لذا، فإنّهم‌ هم‌ الصراط‌ الاقوم‌ والسبيل‌ الاعظم‌.

 أَنْتُمُ الصِّرَاطُ الاَقْوَمُ وَشُهَدَاءُ دَارِ الفَنَاءِ وَشُفَعَاءُ دَارِ البَقَاءِ. [26]

 الرجوع الي الفهرس

حقيقة‌ الصراط‌: مسير العودة‌ إلی‌ نقطة‌ بداية‌ قوس‌ النزول‌

 إنّ حقيقة‌ الصراط‌ هي‌ الطريق‌ الذي‌ لا اعوجاج‌ ولا انحراف‌ فيه‌ ـمهما كان‌ جزئيّاًـ الذي‌ يبلغ‌ بالإنسان‌ إلی‌ وطنه‌ الاصلي‌ّ، وهو حرم‌ أمن‌ الله‌ وأمانه‌. أي‌ ذلك‌ الطريق‌ المستقيم‌ الذي‌ يحرّك‌ الإنسان‌ ويسوقه‌ إلی‌ نقطة‌ بداية‌ نزوله‌ إلی‌ هذا العالم‌.

 ولقد نزل‌ الإنسان‌ إلی‌ عالم‌ الطبع‌ هذا من‌ مبدأ معيّن‌، وكان‌ يمثّل‌ قوّةً وقابليّة‌ محضة‌، فتوجّب‌ علیه‌ في‌ هذا العالم‌ أن‌ يحوّل‌ جميع‌ القوي‌ والقابليات‌ إلی‌ فعلیتها من‌ أجل‌ العودة‌ إلی‌ نفس‌ النقطة‌ بفعلیة‌ تامّة‌. ويدعي‌ طريق‌ العودة‌ وكيفيّة‌ الرجوع‌ صراطاً، كما تدعي‌ طهارة‌ الطريق‌ ونزاهته‌ وسرعته‌ في‌ الإيصال‌ استقامةً.

 وعلی‌ جميع‌ أفراد البشر ـ شاءوا أم‌ أبوا ـ أن‌ يطووا هذا الطريق‌ إذ إنّهم‌ يمتلكون‌ ـكلاّ بدوره‌ـ من‌ الصفات‌ الموهوبة‌ من‌ الله‌ عزّ وجلّ ومن‌ الغرائز الجبلّيّة‌ ما يمكنهم‌ أن‌ يبلغوا مرحلة‌ كمالهم‌ من‌ خلال‌ هذه‌ الصفات‌ والغرائز وبواسطة‌ مجاهدتها وتطهيرها. فإن‌ بلغوا مرحلة‌ الكمال‌ انكشفت‌ الحقيقة‌ لهم‌ وحظوا بمقام‌ لقاء الله‌ عزّ وجلّ.

 بَيدَ أنّ هناك‌ فاصلاً بين‌ الذين‌ يحظون‌ بلقاء الله‌ من‌ خلال‌ التجلّيات‌ الجمإلیة‌ للحقّ عزّ وجلّ، وبين‌ الذين‌ يحصلون‌ علی‌ كشف‌ للحجب‌ من‌ خلال‌ التجلّيات‌ الجلإلیة‌ والقهّاريّة‌، فيصلون‌ إلی‌ نقطة‌ عودتهم‌ بواسطة‌ ظهور أسماء الله‌ مثل‌ الجَبَّار و شَدِيدُ العِقَاب‌ و المُنْتَقِم‌ وأمثال‌ ذلك‌.

 علی‌ أنّ الإنسان‌ يصل‌ إلی‌ المقصد في‌ نهاية‌ الامر من‌ خلال‌ نسيان‌ الطبع‌ والمادّة‌ والموت‌ الاختياريّ أو الاضطراري‌ّ، فتتجسّد فيه‌ التجلّيات‌ الربّانيّة‌. إلاّ أنّ الاسـتفادة‌ من‌ خصوصيّات‌ أسـماء الله‌ وصفاته‌ تتفاوت‌ باختلاف‌ الدرجات‌ التكامليّة‌ للنفوس‌، فإن‌ كان‌ في‌ حركته‌ ملتفتاً إلی‌ الحقّ مسـتعيناً به‌ تاركاً للنفس‌ الامّارة‌ ومتناسـياً لها، كان‌ طريقاً مسـتقيماً. أي‌ أ نّه‌يطوي‌ السبيل‌ المستقيم‌ من‌ خـلال‌ اسـتفادته‌ من‌ صفاته‌. فإن‌ راجع‌ وجدانه‌ في‌ كلّ لحظة‌ وكلّ حادثة‌ تمرّ علیه‌، فأبعد عن‌ عينه‌ كلّ شائبة‌ من‌ النوايا التي‌ تبعده‌ عن‌ مسـيره‌، وطرد عنها ألوان‌ الشـهوات‌ والغضب‌ والخواطرالوهميّة‌ والشيطانيّة‌، ولم‌ يعمل‌ شيئاً دون‌ الالتزام‌ بهذه‌ القاعدة‌، فسـيكون‌ قد خطا في‌ الصراط‌ المسـتقيم‌، لانّ الإنسـان‌ بصير علی‌ عمله‌ ونيّته‌،ويفهم‌ ما يعمله‌، كما يدرك‌ فيما لو ابتعد عمله‌ عن‌ جوانب‌ الإفراط‌ والتفريط‌ أم‌ لا.

 أمّا لو شابت‌ نيّة‌ الإنسان‌ وخلوصه‌ شائبة‌، لادّي‌ ذلك‌ الانحراف‌ إلی‌ خروجه‌ عن‌ الصراط‌ المستقيم‌. فإن‌ كان‌ انحرافه‌ عن‌ ذلك‌ الصراط‌ يسيراً، كانت‌ استفادته‌ من‌ الصراط‌ كبيرة‌. أمّا إذا ازداد انحرافه‌ عن‌ الصراط‌، قلّت‌ تبعاً لذلك‌ اسـتفادته‌ من‌ ذلك‌ الصراط‌.

 فالشخص‌ الذي‌ يتحرّك‌ في‌ سلوكه‌ بزاوية‌ انحراف‌ خمس‌ درجات‌ عن‌ الصراط‌ المستقيم‌، له‌ حظّ من‌ الصراط‌ أعظم‌ من‌ المتحرّك‌ بزاوية‌ انحراف‌ خمس‌ وأربعين‌ درجة‌. وإذا ما انحرف‌ هذا الاخير علی‌ تسعين‌ درجة‌، فقد انعدمت‌ استفادته‌ من‌ الصراط‌ المستقيم‌. فإن‌ زاد علی‌ التسعين‌ وتحرّك‌ في‌ الجهة‌ المعاكسة‌، صار لا يزيد من‌ الله‌ إلاّ بُعداً، وهو في‌ هذه‌ الحالة‌ لايستفيد شيئاً من‌ الصراط‌ المستقيم‌، وكلّما ازداد حركة‌ ازداد دخولاً في‌ الظلمة‌ وتكاثرت‌ علیه‌ الحجب‌.

 وبيان‌ ذلك‌ أنّ الصراط‌ الذي‌ يقود الإنسان‌ إلی‌ الله‌ تعإلی‌ ليس‌جسراً حقيقيّاً من‌ الحديد والطابوق‌ والقير وأمثال‌ ذلك‌، بل‌ هو طريق‌ نفساني‌ّ يتوجّب‌ علی‌ النفس‌ أن‌ تتحرّك‌ فيه‌، فيكون‌ هذا الصراط‌ مطابقاً لتلك‌ العادات‌ والصفات‌ النفسانيّة‌.

 علی‌ أنّ لكلّ مسيرٍ نحوٌ خاصّ، كما أنّ السير في‌ كلّ طريق‌ له‌ كيفيّة‌ خاصّة‌ مختصّة‌ به‌. فلو شاء المرء ـ مثلاً ـ الذهاب‌ إلی‌ المسجد، توجّب‌ علیه‌ طيّ الطريق‌ الارضيّ. أمّا لو شاء السفر إلی‌ مكّة‌، لتوجّب‌ علیه‌ اختيار الطريق‌ الجوّيّ أو البحريّ. أمّا لو شاء الإنسان‌ السير إلی‌ الله‌ سبحانه‌، فإنّ الامر سيتعدّي‌ أمر الحركة‌ في‌ الارض‌ والبحر والجوّ، إذ ليس‌ للّه‌ من‌ جهة‌ ولامكان‌ خاصّ. وعلی‌ المرء ـ والحال‌ هذه‌ ـ أن‌ يسير في‌ صفاته‌. وستكون‌ هذه‌ الحركة‌ حركةً وسيراً من‌ نوع‌ مختلف‌، كما أنّ ذلك‌ الصراط‌ هو الصراط‌ النفسانيّ، وسيكون‌ ذلك‌ العبور عبوراً من‌ جميع‌ الإنيّات‌ في‌ عوالم‌ الحسّ والمثال‌ والعقل‌، وإيكال‌ أرجاء مراتب‌ الوجود إلی‌ الحقّ سبحانه‌ وتعإلی‌.

 وأجاد العارف‌ الجليل‌ الشيخ‌ محمّد الشبستري‌ّ حين‌ أنشد في‌ هذا المجال‌:

 جهان‌ آن‌ تو و تو مانده‌ عاجز                       ز تو محروم‌ تر كس‌ ديد هرگز [27]

 چو محبوسان‌ به‌ يك‌ منزل‌ نشسته‌              به‌ دست‌ عجز پاي‌ خويش‌ بسته‌

 نشستي‌ چون‌ زنان‌ در كوي‌ ادبار                نمي‌داري‌ ز جهل‌ خويشتن‌ عار

 دليران‌ جهان‌ آغشته‌ در خون‌                      تو سر پوشيده‌ ننهي‌ پاي‌ بيرون‌

 چه‌ كردي‌ فهم‌ از دين‌ العجائز                      كه‌ بر خود جهل‌ مي‌داري‌ تو جائز

 زنان‌ چون‌ ناقصات‌ عقل‌ و دين‌اند                 چرا مردان‌ رهِ ايشان‌ گزينند

 اگر مردي‌ برون‌ آي‌ و نظر كن‌                       هر آنچ‌ آيد به‌ پيشت‌ زان‌ گذر كن‌

 مياسا يك‌ زمان‌ اندر مراحل‌                        مشو موقوف‌ همراه‌ رَواحِل‌

 خليل‌ آسا برو حقّ را طلب‌ كن‌                    شبي‌ را روز و روزي‌ را به‌ شب‌ كن‌ [28]

 ستاره‌ با مه‌ و خورشيد اكبر                       بود حسّ و خيال‌ و عقل‌ انور

 بگردان‌ زان‌ همه‌ اي‌ راهرو              روي‌ هميشه‌ لا أحِبُّ الافِلين‌ گوي‌

 و يا چون‌ موسي‌ عمران‌ در اين‌ راه‌              برو تا بشنوي‌ إنِّي‌ أَنَا الله‌

 ترا تا كوهِ هستي‌ پيش‌ باقي‌ است‌                         جواب‌ لفظ‌ أرني‌ لَن‌ تَرَانِي‌ است‌

 حقيقت‌ كهربا ذات‌ تو كاه‌ است‌                   اگر كوهِ توئي‌ نبود چه‌ راهست‌

 تجلّي‌ گر رسد بر كوه‌ هستي‌                    شود چون‌ خاك‌ ره‌ هستي‌ زپستي‌

 گدائي‌، گردد از يك‌ جذبه‌ شاهي‌                 به‌ يك‌ لحظه‌ دهد كوهي‌ به‌ كاهي‌

 برو اندر پي‌ خواجه‌ به‌ اسرا                        تفـرّج‌ كـن‌ هـمـه‌ آيـات‌ كبـري‌ [29]

 بـرون‌ آي‌ از سـراي‌ امّ هـانـي‌                      بگو مطلق‌ حـديـث‌ مـن‌ رآنـي‌

 گذاري‌ كن‌ ز كاف‌ كُنج‌ كَونين‌                       نشين‌ بر قاف‌ ترب‌ قاب‌ قوسين‌

 دهد حق‌ مر ترا از آنچه‌ خواهي‌                   نمايندت‌ همه‌ اشـيا كما هي‌ [30]

 ويقول‌:

 كتاب‌ حق‌ بخوان‌ از نفس‌ و آفاق‌                  مُزيّن‌ شو به‌ اصل‌ جمله‌ اخلاق‌

 أُصول‌ خُلق‌ نيك‌ آمد عدالت‌                        پس‌ از وي‌ حكمت‌ و عفّت‌ شجاعت‌

 حكيمي‌ راست‌ گفتار است‌ و كردار              كسي‌ كو متّصف‌ گردد به‌ اين‌ چار

 ز حكمت‌ باشدش‌ جان‌ و دل‌ آگه‌                  بـه‌ گُـرْبُـزْ بـاشـد و نـه‌ مـرد ابـلـه‌[31]

 به‌ عفّت‌ شهوت‌ خود كرده‌ مستور               شَرَه‌ همچون‌ خمود از وي‌ شده‌ دور

 شجاع‌ و صافي‌ از ذلّ و تكبّر                       مُـبـرّا ذاتـش‌ از جـبـن‌ و تـهـوّر

 عدالت‌ چون‌ شعار ذات‌ او شد                     ندارد ظلم‌ از آن‌ خُلقش‌ نيكو شد

 همه‌ اخلاق‌ نكو در ميانه‌ است‌                   كه‌ از افراط‌ و تفريطش‌ كرانه‌ است‌

 ميانه‌ چون‌ صراط‌ المستقيم‌ است‌               ز هر دو جانبش‌ قعر جحيم‌ است‌

 به‌ باريكي‌ و تيزي‌ موي‌ و شمشير               نه‌ روي‌ كشتن‌ و بودن‌ بر او دير [32]

 إلی‌ أن‌ يصل‌ إلی‌ قوله‌:

 بـســـيـطُ الـذات‌ را مـانـنـد گـردد                  مـيـان‌ ايـن‌ و آن‌ پـيـونـد گـردد [33]

 نه‌ پيـونـدي‌ كه‌ از تركيب‌ اجزاسـت‌               كه‌ روح‌ از وصف‌ جسـميّت‌ مبّراسـت‌

 چو آب‌ و گل‌ شـود يكباره‌ صـافي‌                 رسـد از حقّ بـدو روح‌ اضـافي‌

 چو بايـد تسـويه‌ أجـزاي‌ اركـان‌                    در او گيـرد فـروغ‌ عالـم‌ جـان‌

 شـعاع‌ جان‌ سـوي‌ تن‌ وقـت‌ تعديل‌               چـو خـورشـيد زميـن‌ آمـد به‌ تمثيل‌ [34]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 525، طبعة‌ صيدا.

[2] ـ الآية‌ 138، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[3] ـ الآية‌ 103، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[4] ـ الآية‌ 89، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.

[5] ـ الآيتان‌ 67 و 68، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[6] ـ الآيتان‌ 27 و 8، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌.

[7] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 511، الطبعة‌ القديمة‌؛ و «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ ميثم‌ البحراني‌ّ، ج‌ 5، ص‌ 361.

[8] ـ يقول‌: «علی من‌ يزرع‌ الحنطة‌، أن‌ ينتظر التبن‌ الذي‌ يتبعها».

[9] ـ يقول‌: «سكّر مازندران‌ وسكّر الهند كلاهما حلو المذاق‌، ولكن‌ شتّان‌ بين‌ هذا وذاك‌!

 وحبّة‌ الفلفل‌ الاسود وحبّة‌ الخال‌ السوداء علی وجه‌ أقمار الطلعة‌ كلاهما تحرقان‌ القلوب‌، ولكن‌ لَشُدَّ ما افترقتا!».

[10] ـ الآية‌ 214، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[11] ـ الآية‌ 155، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[12] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 29: العنكبوت‌.

[13] ـ الآيتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 29: العنكبوت‌.

[14] ـ الآية‌ 16، من‌ السورة‌ 72: الجنّ.

[15] ـ الآية‌ 74، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[16] ـ «سفينة‌ البحار» مادة‌ كبد، ج‌ 2، ص‌ 458.

[17] ـ يتّضح‌ من‌ انقضاء سنة‌ علی اشتهاء أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ للكبد المشويّة‌ ، ،دون‌ أن‌ يسعه‌ المجال‌ لبيان‌ ذلك‌، إنّ هذه‌ القصّة‌ وقعت‌ زمن‌ خلافته‌ عليه‌ السلام‌ وانشغاله‌ باستمرار في‌ إصلاح‌ أُمور المسلمين‌. 

[18] ـ الرسالة‌ 45 من‌ رسائل‌ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 73 بتعليق‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، وهي‌ الرسالة‌ التي‌ أرسلها عليه‌ السلام‌ إلي‌ عثمان‌ بن‌ حنيف‌.

[19] ـ «ديوان‌ السيّد» ص‌ 64. نقلاً عن‌ «أعيان‌ الشيعة‌» ج‌ 12، ص‌ 214.

[20] ـ الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 1: الفاتحة‌.

[21] ـ الآية‌ 108، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌.

[22] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[23] ـ الآية‌ 86، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[24] ـ «تفسير الصافي‌» ج‌ 1، ص‌ 55، طبعة‌ المكتبة‌ الاءسلاميّة‌.

[25] ـ «تفسير القمّيّ» ج‌ 1، ص‌ 29، الطبعة‌ الحروفيّة‌، طبعة‌ النجف‌.

[26] ـ من‌ فقرات‌ زيارة‌ الجامعة‌ الكبيرة‌، وقد رويت‌ هذه‌ الزيارة‌ في‌ «من‌ لايحضره‌ الفقيه‌» ج‌ 2، ص‌ 613؛ و «التهذيب‌» ج‌ 6، ص‌ 97 و 98.

[27] ـ «ديوان‌ گلشن‌ راز» ص‌ 17 إلي‌ 19.

 يقول‌: «العالم‌ ملكك‌ بينما أنت‌ لاتزال‌ عاجزاً؛ إنّ أحداً لم‌ يشاهد كمثلك‌ محروماً».

[28] ـ يقول‌: «فلقد جلستَ كالسجناء في‌ أحد المنازل‌، وقيّدتَ بِيَدِ العجز قدميك‌.

 وجلستَ ـ كفعل‌ النساء ـ في‌ جادّة‌ الاءدبار، غير عالم‌ أنّ جهلك‌ عار عليك‌.

 فشجعان‌ العالم‌ مضمّخون‌ بدمائهم‌، فلا تخطو خارجاً مغطّي‌ الرأس‌ (كفعل‌ النساء).

 وماذا فهمتَ ـ يا تري‌ ـ من‌ دين‌ العجائز، إذ صرتَ تجيز لنفسك‌ الجهل‌؟

 ولِمَ يختار الرجال‌ طريق‌ النساء ناقصات‌ العقل‌ والدين‌؟!

 فإن‌ كنتَ رجلاً فاخرج‌ وانظر وتخطَّ كلّ ما اعترضك‌.

 ولا تخلدن‌ للراحة‌ لحظة‌ خلال‌ المراحل‌، ولا تكن‌ موقوفاً في‌ مصاف‌ الرواحل‌.

 تشبّه‌ بالخليل‌ واطلب‌ الحقّ وصِل‌ الليل‌ بالنهار في‌ طلبك‌».

[29] ـ يقول‌: «إنّ النجوم‌ والقمر والشمس‌ الكبيرة‌ هي‌ كالحسّ والخيال‌ والعقل‌ الانور.

 فأعرض‌ بوجهك‌ ـ أيّها السالك‌ ـ عن‌ جميع‌ الاشياء، وردّد دوماً «لا أُحبّ الآفلين‌».

 وسر في‌ هذا السبيل‌ كما سار موسي‌ بن‌ عمران‌؛ وسر حتّي‌ تسمع‌ «إنّي‌ أنا الله‌».

[30] ـ ديوان‌ «گلشن‌ راز» ص‌ 55 و 56.

 يقول‌: «اقرأ كتاب‌ الحقّ في‌ النفس‌ والآفاق‌، وتجمّل‌ بأساس‌ جميع‌ الاخلاق‌.

 إنّ أُصول‌ الخلق‌ الحسن‌ هي‌ العدالة‌ ثمّ الحكمة‌ والعفّة‌ والشجاعة‌.

 مَن‌ له‌ هذه‌ الصفات‌ الاربع‌ فهو حكيم‌ صادق‌ القول‌ ومنزّه‌ السيرة‌.

 قد تنوّر بالحكمة‌ قلبه‌ وروحه‌، فلم‌ يعد جريئاً داهية‌ ولا أبلهاً».

 وما دام‌ جبل‌ الوجود ماثلاً أمامك‌، فإنّ جواب‌ «أرني‌» سيكون‌ «لن‌ تراني‌»

 الحقيقة‌ كالكهرباء، وذاتك‌ كقشّة‌ التبن‌؛ ولولا جبل‌ ذاتك‌ لما كان‌ ثمّة‌ من‌ طريق‌.

 ولو ظهر التجلّي‌ أمام‌ جبل‌ الوجود، لاندكّ الوجود من‌ ضعته‌ وأشبه‌ تراب‌ الطريق‌.

 ولصار الشحّاذ بجذبةٍ واحدة‌ ملكاً، وصار في‌ لحظة‌ واحدة‌ يَهَب‌ جبلاً لقطعة‌ قشّ.

 اذهب‌ واتبع‌ النبي‌ّ في‌ إسرائه‌، وتفرّج‌ علی جميع‌ الآيات‌ الكبري‌».

[31] ـ يقول‌: «اخرج‌ من‌ بيت‌ أُمّ هاني‌، وقل‌ مطلق‌ حديث‌ «من‌ رآني‌».

 وتخطَّ خزائن‌ الكونينِ، واجلس‌ عند قُرب‌ قاب‌ قوسينِ.

 فسيعطيك‌ الحقّ ما تشاء، ويُريك‌ ـ كما هي‌ ـ الاشياء». ـ يقول‌: «وقد ستر شهوته‌ بعفّته‌، وأبعد الشَّرَه‌ عن‌ نفسه‌ كما أبعد الخُمود والخُمول‌.

 غدا شجاعاً قد صفا من‌ الذلّ والتكبّر، وتبرّأت‌ ذاته‌ من‌ الجبن‌ والتهوّر.

 صارت‌ العدالة‌ شعار ذاته‌، وحسن‌ خُلقه‌ بانتفاء الظلم‌ لديه‌.

 إنّ جميع‌ الاخلاق‌ الحسنة‌ أخلاق‌ معتدلة‌ بعيدة‌ عن‌ الاءفراط‌ والتفريط‌.

 معتدلة‌ كالصراط‌ المستقيم‌ في‌ كلا جانبيه‌ قعر جهنّم‌.

 صراط‌ حادّ كالسيف‌ دقيق‌ كالشعر، فلا هو يقتل‌ ولا يمكن‌ المكث‌ عليه‌ طويلاً.»

[32] - يقول: و قد ستر شهوته بعفته و ابعد الشره عن نفسه كما ابعد الخمود و الخمول.

غدا شجاعا قد صفا من الذل و التكبر و تبرات ذاته من الجبن و التهور.

صارت العداله شعار ذاته و حسن خلقه بانتفاء الظلم لديه.

ان جميع الاخلاق الحسنه اخلاق معتدله بعيده عن الافراط و التفريط.

معتدله كالصراط المستقيم في كلا جانبيه قعر جهنم.

صراط حاد كالسيف دقيق كالشعر فلا هو يقتل و لا يمكن المكث عليه طويلا.

[33] ـ يقول‌:

 «صار شبيهاً ببسيط‌ الذات‌، رابطاً بين‌ هذه‌ الاجزاء وتلك‌».

[34] ـ يقول‌: «لكنّ ذلك‌ الارتباط‌ ليس‌ ناجماً عن‌ تركيب‌ الاجزاء، إذ الروح‌ براء من‌ وصف‌ الجسميّة‌.

 وحين‌ يصفي‌ الماء والطين‌ تماماً، فإن‌ روحاً إضافيّة‌ ستصلهما من‌ الحقّ تعالي‌.

 وحين‌ تتساوي‌ أجزاء الاركان‌، فإنّ عالم‌ الروح‌ ستسطع‌ فيها.

 وإنّ شعاع‌ الروح‌ علی البدن‌ حال‌ اعتداله‌، أشبه‌، لو مثّلنا ـ بشعاع‌ الشمس‌ للارض‌».

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com