|
|
الصفحة السابقةأمير المؤمنين علیه السلام هو ميزان الاعمالوبطبيعة الحال فإنّ مثل هذا العمل أفضـل من عبادة الجـنّ والإنـس منذي الوجودات اللاهثة وراء الثواب والدرجات والمقامات. ولهذا السبب فإنّ أمير المؤمنين ليـس لديه ثمّة ميزان للعمل، وسـيدخل الجنّة بغيرحساب، بل إنّه بذاته ميزان الاعمال: السَّلاَمُ علی مِيزَانِ الاَعْمَالِ. [1] الإمام علیّ هو ميزان الاعمال، وقسيم الجنّة والنار، والصراط المستقيم وهو المعيار والمحكّ، وهو المركز والمحور، وهو صاحب العرفان الإلهيّ وصاحب الولاية وذو التحابب في الله تعإلی، وممّن ترسّخ فيهم حبّ الله تعإلی، إذ كان محبّاً لعظمة الله وجلاله، ولانّ سيرته وصفاته ونواياه ووجوده كانت للّه تعإلی، فهو ـإذَاًـ الميزان. لاحظوا أنّ جميع علائق الحبّ في عصرنا الحاضر تدور حول محور الدنيا، وأنّ المؤتمرات والجلسات والاحزاب والاُمم والجامعات والكتب والمكتبات تدور بأجمعها علی أساس المادّة والطبيعة، وتتحرّك علی ضوء علم الاجتماع والاقتصاد وأشباه ذلك. فأين هي ـ يا تري ـ المدرسة التي تتحرّك بجناحَي العلم والعمل في تربية أفراد يحبّون الله ويدركون بصفاء السرّ المعانيّ الحقّة الحقيقيّة؟! فلو شاء إنسان في عصرنا الحاضر تهذيبَ نفسه وإصلاحها، لكيل له من التُهم ما يجعله ينكّس رأسه خجلاً. أُفٍّ لَكُم وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَهِ. أُفٍّ لكم ولافكاركم ونواياكم القبيحة وللآلهة الخيإلیة التي اختلقتموها في قلوبكم وأذهانكم إفكاً وبُهتاناً، فابتعدتم ـعمداً أو جهلاًـ عن هذا الإله الرحيم الرؤوف واتّبعتم سواه. إنّ أمثال هؤلاء لمّا عجزوا عن فهم معني «ويتحابّ بجلإلی» ( بالجيم المعجمة )، فقد حرّفوها وطبعوها «ويتحابّ بحلإلی» ( بالحاء المهملة )، ثمّ عدّوا الرواية في تعلیقهم في هامش الكتاب من الآحاد ومن الروايات الغريبة، ليوجدوا بذلك سدّاً منيعاً أمام إرادة من يحاول فهم هذه الرواية ويسعي إلی محبّة الله تعإلی، [2]وليقفوا بنهجهم وسلوكهم في عبادة الدنيا حائلاً أمام سير مجتمع العلم والادب في طريق لقاء الله تعإلی: نعم، إنّ المتحابّين في جلال الله سبحانه ليس لهم من مقصد وهدف وغاية ومعبود إلاّ الله عزّ وجلّ. هرسو كه دويديم همه سوي تو ديديم هر جا كه رسيديم سر كويِ تو ديديم هر قبله كه بگزيد دل از بهر عبادت آن قبلة دل را خم أبروي تو ديديم هر سَروِ روان را كه در اين گلشندهراست بر رسته به بُستان و لب جوي تو ديديم از باد صبا بوي خوشت دوش شنيديم با باد صبا قافلة بوي تو ديديم روي همه خوبان جهان بهر تماشا ديديم ولي آينة روي تو ديديم در ديدة شهلاي بتانِ همه عالم كرديم نظر نرگس جادوي تو ديديم [3] تا مِهرِ رخت بر همه ذرّات بتابيد ذرّات جهان را به تك و پوي تو ديديم در ظاهر و باطن به مجاز و به حقيقت خلق دو جهان را همه رو سوي تو ديديم هر عاشق ديوانه كه در جملگي تست بر پاي دلش سلسلة موي تو ديديم سر حلقة رندان خرابات مغان را دل در شكن حلقة گيسوي تو ديديم از مغربي أحوال مپرسيد كه او را سودا زدة طرّة هندوي تو ديديم [4] صفات الإنسان الكامل هي الميزانوقد أجاد ابن الفارض وأبدع حين أنشد يقول: نَسَـخْتُ بِحُبِّـي آيَـةَ العِشْـقِ مِـنْ قَبْلِي فَأَهْلُ الهَوَي جُنْدِي وَحُكْمِي علی الكُلِّ وَكُـلُّ فَـتَــيً يَـهْــوَي فَـإنِّــي إمَـامُـهُ وَإنِّـي بَـرِيءٌ مِـنْ فَتـيً سَـامِـعِ العَـدْلِ وَلِي فِـي الهَـوَي عِلْـمٌ تَجِـلُّ صِـفَاتُـهُ وَمَـنْ لَـمْ يُفَقِّهْـهُ الهَـوَي فَهْوَ فِـي جَهْلِ وَمَـنْ لَـمْ يَكُـنْ فِـي عِـزَّةِ الحُبِّ تَائِهـاً بِـحُـبِّ الَّـذِي يَـهْـوَي فَـبَشِّــرْهُ بِالـذُّلِّ إذَا جَــادَ أَقْــوَامٌ بِـمَــالٍ رَأَيْـتَـهُــمْ يَـجُـودُونَ بِالاَرْوَاحِ مِـنْـهُـمْ بِـلاَ بُخْـلِ وَإنْ أُودِعُـوا سِــرَّاً رَأَيْـتَ صُــدُورَهُـمْ قُـبُــوراً لاِسْــــرَارٍ تَـنَــزَّهُ عَـنْ نَـقْـلِ وَإنْ هَـدِّدُوا بِالـهَـجْـرِ مَـاتُـوا مَـخَـافَـةً وَإنْ أُوعِـدُوا بِالقَتْـلِ حَنُّـوا إلی القَتْـلِ لَعَـمْـرِي هُـمُ العُشَّـاقُ عِنْـدِي حَقِـيقَـةً علی الجِـدِّ وَالبَاقُـونَ مِنْهُمْ علی الهَزْلِ [5] وأمثال هؤلاء الافراد قد فنوا في الله تعإلی، ثمّ بقوا ببقاءه عزّ وجلّ؛ لذا فإنّهم لمّا بلغوا الكمال صاروا ميزاناً للإنسانيّة. فأيّ ميزان وُجد للرجال والنساء في جميع عالم البشريّة وتحت قبّة السماء الزرقاء أفضل وأشرف من علیّبن أبي طالب وأولاده الطاهرين وفاطمة الزهراء بنت رسولالله وابنتها الجليلة موضع سرّ أمير المؤمنين ـزينب الكبريـ في تلك الدرجة من طهارة السرّ ونزاهة الفطرة والقلب والنفس والخيال والحِسّ، وبتلك الفتوّة، وبذلك الإيثار والعفو، وبذلك الحبّ في جلال الله تعإلی، وبتلك العبوديّة والمعرفة والعلم الغزير الفيّاض. ينبغي علی المرء أن يقف أمام قبره الشريف بأدب وخضوع ويقول: السَّلاَمُ علی مِيزَانِ الاَعْمَالِ وَمُقَلِّبِ الاَحْوَالِ. السَّلاَمُ علی الصِّرَاطِ الوَاضِحِ وَالنَّجْمِ اللاَئِحِ وَالإمام النَّاصِحِ وَالزِّنَادِ القَادِحِ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ. ومن الجليّ أ نّهم ليسوا شهداء علی هذه الاُمّة فحسب، بل إنّهم كذلك شهداء علی جميع الانبياء. فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ علی' هَـ'´ؤُلآءِ شَهِيدًا. [6] القصيدة العينيّة لابن أبي الحديد في وصف أمير المؤمنين علیه السلاموفي هذا المجال ينساب القلم المقتدر لابن أبي الحديد الشافعيّ شارح «نهج البلاغة» ذي المذهب المعتزليّ فيقول: يَا بَرْقُ إنْ جِئْتَ الغَرِيَّ فَقُلْ لَهُ أَتَرَاكَ تَعْلَمُ مَنْ بَأَرْضِكَ مُودَعُ فِيكَ ابْنُ عِمْرَانِ الكَلِيمَ وَبَعْدَهُ عِيسَي يُقَفِّيهِ وَأَحْمَدُ يَتْبَعُ بَلْ فِيكَ جِبْرِيلٌ وَمِيكَالٌ وَإِسْرَا ـفِيلُ وَالمَلاَ المُقَدَّسُ أَجْمَعُ بَلْ فِيكَ نُورُ اللَهِ جَلَّ جَلاَلُهُ لِذَوِي البَصَائِرِ يَسْتَشِفُّ وَيَلْمَعُ فِيكَالإمَامُالمُرْتَضَي فِيكَ الوَصِيُّ المُجْتَبَي فِيكَ البَطِينُ الاَنْزَعُ هَذِي الاَمَانَةُ لاَ يَقُومُ بِحَمْلِهَا خَلْقَاءُ هَابِطَةٌ وَأَطْلَسُ أَرْفَعُ هَذَا هُوَ النُّورَ الَّذِي عَذَبَاتُهُ كَانَتْ بِجَبْهَةِ آدَمَ تَتَطَلَّعُ وَشِهَابُ مُوسَي حَيْثُ أَظْلَمَ لَيْلُهُ رَفَعَتْ لَهُ لاَلاَؤُهُ تَتَشَعْشَعُ لَوْلاَ حُدُوثُكَ قُلْتُ إنَّكَ جَاعِلُ الاَرْوَاحِ فِي الاَشْبَاحِ وَالمُتَنَزِّعُ لَوْلاَ مَمَاتُكَ قُلْتُ إنَّكَ بَاسِطُ الاَرْزَاقِ تَقْدِرُ فِي العَطَاءِ وَتُوسِعُ مَا العَالَمُ العِلْوِيُّ إلاَّ تُرْبَةٌ فِيهَا لِجُثَّتِكَ الشَّرِيفَةِ مَضْجَعُ مَا الدَّهْرُ إلاَّ عَبْدُكَ القِنُّ الَّذِي بِنُفُوذِ أَمْرِكَ فِي البَرِيَّةِ مُولِعُ وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَ نَّهُ لاَبُدَّ مِنْ مَهْدِيِّكُمْ وَلِيَوْمِهِ أَتَوَقَّعُ وَلَقَدْ بَكَيْتُ لِقَتْلِ آلِ مُحَمَّدٍ بِالطَّفِّ حَتَّي كُلُّ عُضْوٍ مُدْمَعُ [7] وكان ابن سينا فخر فلاسفة الشرق يقول فيه: وَكَانَ علیٌّ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ كَالمَعْقُولِ بَيْنَ المَحْسُوسِ. [8] صَلَواتُ اللَهِ وَسَلاَمُهُ علیهِ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعلی حَلِيلَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَأَبْنَائِهِ المَعْصُومِينَ وَأَوْلاَدِهِ الطَّاهِرِينَ لاَ سِيَّمَا مَهْدِيِّهِمْ عَجَّلَ اللَهُ تَعَإلی فَرَجَهُ وَسَهَّلَ مَنْهَجَهُ.
بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد للَّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلیّ العظيم وصلَّي الله علی محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلی اللَهِ ثُمَّ تُوَفَّي' كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ. [9] مرحلة الحساب هي إحدي المراحل التي نواجهها يوم القيامة، وهي أحد مواقف القيامة ومنازلها التي يُحاسب فيها الإنسان علی ما بدر منه في حياته الدنيا من أعمال وسلوك. وَإِن تُبْدُوا مَا فِي´ أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَاللَهُ علی' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [10] وقد ورد في القرآن الكريم في شأن الحساب آيات كثيرة مختلفة في اللحن والمضمون، منها: وَالَّذِينَ كَفَرُو´ا أَعْمَـ'لُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْـَانُ مَآءً حَتَّي'´ إِذَا جَآءَهُ و لَمْيَجِدْهُ شَيْـًا وَوَجَدَ اللَهُ عِندَهُ و فَوَفَّـب'هُ حِسَابَهُ و وَاللَهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ. [11] إشارةً إلی أنّ سلوك الكافرين بلا أصالة ولا حقيقة، فهو لايروي الظمآن كما يفعل الماء، ولا يثمر نتيجة ولا ثمراً، بل شأنه كالسراب الذي يخاله الناظرون ماءً، ثمّ يبحثون في تلك الارض القاحلة فلايجدون شيئاً. ثمّ تتصرّم أعمارهم دونما هدي يأخذ بأيديهم إلی السبيل، ويرحلون عن هذا العالم بأكباد حرّي غرثي قد أحرقها الظمأ، وقد خسروا أعمارهم وثروات حياتهم، فيجدون الله حاضراً يوفّيهم حسابهم ويُساءلهم عمّا عملوا ويسألهم عن علّة انسياقهم وراء الباطل وعدم ارتوائهم من معين الحقيقة الثرّ! اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ. [12] الحساب قريب جدّاً؛ فليس من حدٍّ يفصل بين الناس وبين حسابهم، ولامن فاصل يحجز الإنسان عن الموت. ولو فرضتم أنّ هناك فاصلاً ما، فإنّ ذلك الفاصل ـمهما كانـ سيكون قريباً، لا نّنا نتحرّك باتّجاه الحساب. ومهما كان ذلك الحساب نائياً، فإنّنا نقترب منه في كلّ لحظة تمرّ. فهو ـإذَاًـ قريب. أمّا الشيء البعيد فهو الذي انقضي ومضي وليس للإنسان من سبيل للوصول إلیه. وبهذا اللحاظ تعدّ سنوات عمرنا المنقرضة في منتهي البعد، لا نّها قد انطوت ومضت وليست قابلة للعودة. فهي قضيّة نائية بعيدة، بل إنّ هذه الساعة التي انقضت علینا الآن صارت بعيدة عنّا، مع أ نّها لمتبعد عنّا إلاّ بقدر ساعة واحدة. وذلك لا نّها مرّت وانقضت ولنترجع من جديد. أيمكن لاحدٍ ما أن يعثر علی تلك الساعة الماضية؟ أيمكنه إعادة عجلة الزمن إلی الوراء لمشاهدة تلك الساعة؟! ذلك أمر محال، لماذا؟ لانّ تلك السـاعة إن عادت، فإنّ علی العالم أنيعود إلی الوراء، فلقد انقضت تلك الساعة علی جميع الموجودات الطبيعيّة المادّيّة. ولو شاءت العودة لتوجّب أن تعود إلی الوراء جميع سلسلة العلل والمعلولات التي تضافرت وتعاضدت من أجل أن تمرّ هذه الساعةفي وقتها المعيّن؛ ولتوجّب أن تتغيّر المشيئة الإلهيّة بشأنها، وهو محال. فمن المحال إذَاً أن يعيد أحد الافراد دقيقة واحدة إلی الخلف، علی الرغم من عدمتجاوز الفاصلة الزمنيّة دقيقة واحدة فقط، وذلك لانتفاء سبيل وصولنا إلیها. أمّا الحساب فهو فيمنتهي القُرب، لا نّنا نتحرّك باتّجاهه باستمرار، حتّي لو ماثل عمرنا عمر نوح النبيّ الذي عاش بين قومه تسعمائة وخمسين عاماً، لانّ الموت ـفي نهاية المطافـ أمر لابدّ من تحقّقه. لقد عاش النبيّ نوح هذا المقدار بين قومه، وكان يدنو من نقطة أجله كلّ لحظة، حتّي وافاه الاجل في النهاية. ولن يضيرنا شيئاً لو زاد عمرنا علی هذا المقدار ـفرضاًـ لانّ جباهنا قد خُتم علیها بطابع الموت والحساب. كُلُّ مَنْ علیهَا فَانٍ * وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَـ'لِ وَالإكْرَامِ. [13] الفناء ـ إذَاً ـ مقدّر علینا بدورنا، وعلینا أن نسير باتّجاه الله تعإلی وباتّجاه الحساب. وهو مقصد قريب ولو بدا بعيداً. اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ، إلاّ أ نّهم غافلون ومُعرضون باستمرار. ومع أ نّهم لاينفكّون يقولون: «ماتَ فلان»؛ ولايبرحون يتساءلون: «ماذا دهي فلاناً؟» لكنّهم ـمع ذلك كلّهـ لايتأمّلون أبداً في حقيقة أنّ الحساب سيأتيهم بدورهم، وأنّ الموت قد يأتيهم فجأة، وأنّ حسابهم ـلو دهمهم الموتـ سيكون كحساب الماضين الذين سبقوهم. حقيقة الحساب: كشف المجهول العدديّما هي حقيقة الحساب؟ تمثّل حقيقة الحساب كشف المجهول العدديّ. ولو فرضتم أنّ هناك بائعاً يريد معرفة مقدار النفع الذي اكتسبه أو الضرر الذي تحمّله خلال يومٍ معيّن، باعتبار أنّ هذا الامر مجهول لديه، فإنّه يقارن مجموعة من المعلومات مع بعضها، فيصل إلی كشف ذلك المجهول من خلال ضمّ تلك المعلومات إلی بعضها، ومن خلال تطبيق قواعد خاصّة علیها. ويدعي عمل هذا البائع حساباً. ولو أردنا ـ علی سبيل المثال ـ أن نعطي لكلّ واحد من الافراد الثلاثة الجالسين هنا أربعةَ تفّاحات، فإنّنا نحسب كم سيلزمنا من التفّاح، فنصل إلی عدد اثنتي عشرة تفّاحة. بَيدَ أنّ الحساب ليس دائماً بمثل هذه السهولة، فقد يكون عدد الذين نريد إعطاءهم تفّاحاً ثلاثمائة ألف وخمسمائة وسبعة وستّين شخصاً، نريد أن نعطي كلاّ منهم اثنتي عشر ألفاً وخمسمائة وإحدي عشرة تفّاحة. وهو رقم لن نستطيع حسابه علی أصابع إلید، ولنتتضّح لنا نتيجته علی الفور، وسينبغي علینا أن نمسك بالقلم والورقة ونستعين بجدول ضرب فيثاغورس. وقد يكون الحساب أدقّ من هذا وأكثر تعقيداً، فقد تريدون أن تعطوا تفّاحاً لجميع سكّان العالم. وهو ما يتطلب حساباً أعسر وأشقّ. وسيتحتّم علیكم أن تحسبوا الاطفال الصغار أيضاً، وأن تعلموا كم تبلغ حصّة الافراد الذين رحلوا عن الدنيا، ليس خلال لحظة واحدة فحسب، بل علی امتداد العمر واللحظات. فأيّ جهاز للحساب سيكون هذا الجهاز؟ وأيّ مسطرة حسابيّة هي التي يمكنها أن تعطي الجواب للإنسان بسرعة، وأن تبيّن له ما الذي عمله في إلیوم الفلانيّ والساعة الفلانيّة، وما الذي عمله في اللحظة التي تلتها؟ سيُحاسب الناس علی الاعمال والخواطر والاخلاق والعقائد والملكات، ويقدّمون الإجابة عن ذلك. وهو حقّاً جهاز حساب في منتهي الإثارة للعجب، لا نّه لا يحاسب الإنسان علی أعماله فقط، بل يؤاخذه ـكذلكـ علی أخلاقه وسيرته. فمن سيستطيع إنجاز مثل هذا الحساب؟! إِنَّ اللَهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. [14] الحساب واقع في ظرف العلم والجهل، لا في ظرف التحقّق والواقعفكم سـيحاسب الله تعإلی، وبأيّ سـرعة سيُحاسب؟ إنّ الحسـاب ليسعملاً سهلاً، بل هو عمل عسير. وذلك الجهاز من الغرابة بمكان حين يضع أمام أنظار الإنسان وفي لحظة واحدة الإجابة علی جميع هذه المجهولات، ليس لفردٍ واحد فحسب، بل لجميع أفراد البشر من الاوّلين والآخرين، الموتي والاحياء، منذ زمن آدم إلی زمننا هذا، ومن زمننا هذا إلی يوم القيامة. وينبغي أن يكون ذلك الحاسوب الإلكترونيّ ( الكومبيوتر ) في منتهي الاقتدار، وأن يكون المكلّفون بالعمل علیه مهرة وخبراء وممّن اجتازوا مراحل دراسيّة متقدّمة تؤهّلهم للعمل علی ذلك الجهاز. هذا هو تقريب المطلب وقد أضحي سهلاً ويسيراً لفهم العامّة. أمّا بالنسبة إلی الخواصّ فإنّنا نقول إيضاحاً للمطلب: إنّ الحساب ـ باعتباره كشفاً للمجهول العدديّ ـ يقع في ظرف الجهل، أمّا لو تخطّينا ظرف الجهل فإنّ الحساب سيفقد معناه. إذ إنّنا نُعمل قانون الحساب حين يكون ناتج الحساب مجهولاً لدينا، فنقول ـمثلاًـ إنّ حاصل ضرب ثمانية في أربعة، مطروحاً منه خمسة، مضروباً في ثلاثة سيكون واحداً وثمانين. ] ( 8 * 4 ) - 5 [ * 3 = 81. حيث يرتفع جهلنا بذلك ونصبح عالمين بهذا الامر. أمّا حين ينتفي ظرف العلم والجهل، ويكون الحساب في حقيقة الامر وواقعه، فإنّ الحساب سيفقد معني كشف المجهول العدديّ. إنّ كلّ شيء مترتّب في عالم الخارج علی شيء آخر هو عين الواقع. ولكلّ عمل أثر ونتيجة تترتّب علیه في الخارج. فالغذاء الذي يتناوله الإنسان يتبدّل في المعدة إلی موادّ معيّنة، ثمّ يستحيل في الكبد إلی دم، يمثّل سلسلة أُمور مترتّبة ولا يمثّل حساباً. ثمّ إنّ كلّ عمل يلد شيئاً وأثراً معيّناً، وكلّ شجرة تمنح ثمرة معيّنة، وكلّ ثمرة ذات أثر معيّن، والامر سائر علی هذه الشاكلة. فقد جعل الله سبحانه لكلّ شيء في عالم التكوين أثراً معيّناً، ولكلّ علّة معلولاً معيّناً. فالصلاة التي يصلّيها المرء لها أثر معيّن، والصوم الذي يصومه له أثر معيّن آخر، والكذب والزنا والغيبة لها آثار أُخري. وكلّ عمل قبيح أو حسن له أثر معيّن خاصّ، وهي آثار رتّبها الله عزّ وجلّ علی تلك الاعمال في عالم التكوين، فصار الاثر الناجم عن صلة الرحم هو طول العمر، وصار الإنفاق في سبيل الله باعثاً علی زيادة الخير والبركة، وصار تركه سبباً لضيق المعيشة وعسرها. وهي آثار رتّبها تعإلی علی نفس الاعمال. وكما أ نّنا حين نغرس شجرة ما في الارض ونتعاهدها بالسقي، فإنّ الله سبحانه يرتّب علی تلك الشجرة آثاراً ونتائج معيّنة، بحيث إذا وصلتها أشعة الشمس والماء والمواد الغذائيّة المساعدة، فسوف تكبر هذه الشجرة وتورق وتثمر. علم الله حضوريّ، وحسابه سريعثمّ إنّنا سنجهل مقدار ثمار هذه الشجرة ولا نعلم ـمثلاًـ كم تفّاحة تحمل. وعلینا ـإذا ما شئنا أن نعلم ذلكـ أن نرسل من يعدّ ثمار التفّاح علی الشجرة واحدةً فواحدة. ولكن هل يجهل الله عزّ وجلّ عدد تفّاح هذه الشجرة؟ كلاّ بطبيعة الحال، لانّ علم الباري بالموجودات ليس علماً حصوليّاً، بل هو علم حضوريّ. ولدينا نوعان من العلم: العلم الحصوليّ الذي نفتقر معه إلی المعلوم الذي يوجد خارج وجودنا، ثمّ تتّضح صورة ذلك المعلوم في ذهننا فيحصل لنا العلم به. وعلی سبيل المثال فإنّنا لا نعلم بهويّة الجالسين في هذا المجلس ولابعددهم. وذاتنا ومخّنا يفتقران إلی هذا العلم، كما أ نّنا لانعلم به علماً حضوريّاً، فلو أغلقنا أعيننا فإنّنا لن نعلم به أصلاً، أمّا لو فتحنا أعيننا وأمعنّا النظر فإنّ صورة ذلك المعلوم ستحصل في أذهاننا. لذا يُدعي هذا العلم بالعلم الحصوليّ. أمّا النـوع الآخر من العلم فيدعي بالعلم الحضـوريّ. ومثاله علمنا بذاتنا، وعلمنا بمشاعرنا وقوانا، لانّ علمنا بقوانا الحافظة وقوانا المفكّرة هو علم حضوريّ لاينفك عنّا، ولا نّنا ـحيثما كنّاـ واجدون لذواتنا. ومن ثمّ فإنّ علم النفس بالنفس هو علم الحضوريّ. فهل يكون علمالله بموجوداته ومخلوقاته علم حصوليّ؟ وهل كان يفتقد العلم بها ثمّ حصل له العلم بها، وحصلت لديه صورة عن تلك الموجودات؟ لا ريب أنّ ذلك ممّا يستلزم الجهل والإمكان وألف عيب آخر، ولاشكّ في أنّ علمه تعإلی بالموجودات علم حضوريّ. أي أنّ الموجودات الخارجيّة تمثّل بذاتها علم الله تعإلی. وبعبارة أُخري، فإنّني ـأنا الجالس في هذا المكانـ لو شئت مشاهدة هذا المسجد، فإنّ علیَّ أن أفتح عيني لاُشاهده، حيث ستقع صورة منه في ذهني، أو أن يقوم أحد ببيان خصوصيّات المسجد لي، أو أنّ علیَّ أنأنظر إلی صورة المسـجد وهيئته في كتابٍ ما فيحصل لي العلم به من خلال ذلك. أمّا علم الله تعإلی بهذا المسجد فليس إلاّ حقيقة المسجد وواقعيّته، بل هو نفس المسجد. أي أنّ المسجد بذاته ووجوده الخارجيّ يمثّل علم الله عزّ وجلّ، وليس هناك ـوالحال هذهـ ثمّة انفصال بين هذا المسجد وبين علم الله تعإلی به. وعلم الله سبحانه بكلّ موجود من الموجودات من نوع العلم الحضوريّ، أي أنّ نفس وجود ذلك الموجود وتحقّقه هو علم الله تعإلی. عالم التكوين هو علم الله سبحانه. ومهما فعل الإنسان من عمل، فإنّ ذلك الشخص وعمله هما عين علم الخالق الحضوريّ. وإذ اتّضح هذا المطلب، فقد علمنا أنّ أي موجود ليس خافياً عن الله عزّ وجلّ. وكما أنّ أنفسنا ليست بغائبة عنّا؛ وكما أنّ قوانا النفسيّة ليست غائبة عنّا، وكما أ نّنا نعلم بها علماً حضوريّاً، فإنّ علم الله بالله وبصفاته وأسمائه وعلمه تعإلی بأفعاله ( وهي جميع الموجودات وشؤونها ) هو علم حضوريّ بدوره. وَمَا يَعْـزُبُ عَن رَبِّـكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِـي الاْرْضِ وَلاَ فِي السَّـمَآءِ وَلاَأَصْغَرَ مِن ذَ ' لِكَ وَلآ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَـ'بٍ مُّبِينٍ. [15] كما أنّ علم الخالق بالكتاب المبين علم حضوريّ. ومن هنا فإنّ جميع الموجودات حاضرة أمام الله سبحانه بالعلم الحضوريّ. فلماذا يحاسب اللهُ تعإلی الخلائق؟ وعلی أيّ شيء سيحاسبهم؟ أيّ شيء لايعلمه الله حتّي يشاء بحسابه له كشف ذلك المجهول؟! إنّ إعمال القوانين والقواعد الحسابيّة من قِبل الله تعإلی أمر لامعني له أساساً، إذ ليس من معني لكشف المجهول من قبل ذاته القدّسيّة. كما أنّ أعمال الإنسان ـشأنه في ذلك شأن سائر الموجوداتـ هي موجودات معيّنة وواضحة في مواضعها، وقد رتّب الله تعإلی علی كلّ موجود أثراً، بحيث إنّ نفس ذلك الموجود والاثر المترتّب علیه حاضران في علم الله سبحانه. فلمن سيحاسب الله تعإلی؟ الحساب للناس الجاهلين من أجل أن يعلموا ما هي النتيجة، ومن أجل أن يعلموا أنّ الثواب والعقاب قائمان علی أساس من العدل والرحمة وليسا قائمين جزافاً علی أساس من اللهو واللعب والعبث. مثال: يحاول المعلّم في المدرسة في بادي الامر أن يعلّم الاطفال الجدد مبادي الحساب، فتراه يبذل جهداً في إيصال معلومة بسيطة لاذهانهم بأُسلوب جذّاب، فمظلاً يقول لهم: لو فُرض أنّ هناك ثلاثة طيور واقفة علی الارض، وأنّ كلّ واحد منها سيحمل في منقاره أربعة ورود ثمّ يطير. فما هو عدد الورود التي حملتها الطيور الثلاثة؟ ويتحمّل المعلّم المشاقّ في إيصال إدراك هذا المجهول لهذه البراعم المتفتّحة حديثاً، والتي قدمت إلی المدرسة توّاً. والحقّ أنّ إفهامهم هذا الامر صعب، لانّ أذهانهم لا تمتلك من السعة ذلك القدر الذي يمكنهم من خلاله تصوّر تكرار أربعة ثلاثَ مرّات. ولكنّ الامر بالنسبة إلی المعلّم لا ينطوي علی صعوبة تذكر، كما أ نّه لايحتاج في إدراكه لهذا المجهول إلی استعمال قواعد رياضيّة، إذ ليس الامر جذراً ولاتكعيباً، ولا رسماً لمنحنيات معادلات الدرجة الثانية، ولامعادلة من الدرجة الثالثة، بل إنّ ( ثلاثة في أربعة يساوي اثنا عشر ) ما برح موجوداً ومشهوداً وحاضراً في ذهنه. وباعتبار الشهود والحضور في هذا الامر، فإنّ الحساب سيكون سريعاً. ولان جميع الموجودات حاضرة عند الله تعإلی ومشهودة ومعلومة عنده عزّ وجلّ، فإنّه سبحانه سريع الحساب: وَاللَهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ.[16] ومن هنا فإنّ أساس الحساب إنّما يرجع إلینا نحن الرازحين في ظرف العلم والجهل. وذلك أشبه بالآية القرآنيّة الشريفة: مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينَ؛ [17] التي لاتعني أنّ الله تعإلی لا يملك غير يوم الدين. فهو عزّ وجلّ مالك جميع الايّام، ومالك جميع العوالم، وهو ما برح مالكاً ليوم الجزاء وغير يوم الجزاء. إلاّ أنّ هذا الامر سيصبح مشهوداً للإنسان في يوم الجزاء فيقرّ ويعترف بالملكيّة المطلقة الحقّة الحقيقيّة للّه تعإلی. إنّنا لا نعترف في هذا العالم حقّ الاعتراف والإقرار بأنّ الله هو المالك؛ أمّا هناك فسنعترف بذلك ونقرّ به. ولهذا فقد ذكر القرآن الكريم بلسان اعترافنا، ونطق بياناً لحالنا بأ نّه تعإلی مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ، يوم سيمثّل الحساب كشفاً للمجهول بالنسبة إلی الإنسان. نتائج الاعمال مترتّبة علی نفس الاعمالوخلاصة المطلب أنّ كلّ عمل له نتيجة معيّنة، سواءً كان ذلك العمل في جانب السعادة أم في جانب الشقاء. فكلّ فعل يصدر من الإنسان، حسناً كان أم سيّئاً، له أثر يترتّب علیه ويلازمه. وقد وردت بهذا الشأن آيات قرآنيّة كثيرة ذكرت إحداها أنّ النبيّ يوسف علی نبيّنا وآله وعلیه السلام لمّا جاءه إخوته نادمين علی ما فرط منهم عرّفهم بنفسه: قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـ'ذَآ أَخِي قَدْ مَنَّ اللَهُ علینَآ إِنَّهُ و مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَهَ لاَيُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. [18] أي أنّ أجر المحسنين مترتّب ومتوقف علی أعمالهم. وقال تعإلی: نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. [19] وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَي'´ ءَامَنُوا وَاتَّقُوْا لَفَتَحْنَا علیهِم بَرَكَـ'تٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاْرْضِ. [20] ثُمَّ كَانَ عَـ'قِبَةَ الَّذِينَ أَسَـ'´ـُوا السُّو´أَي'´ أَن كَذَّبُوا بِـَايَـ'تِ اللَهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ. [21] وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَـ'هَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَـ'هَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَـ'قِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا* أَعَدَّ اللَهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا. [22] وَمَآ أَصَبـ'بَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. [23] فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ و * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. [24] والخلاصة فإنّ هذه الآيات تفيد بجلاء أنّ كلّ فعل للإنسان له جزاء يتبعه، وأنّ علی الإنسان ألاّ يغفل عن عواقب تصرّفاته. وقد كان للكثير من علماء الاخلاق والعرفان الاعلام مراقبات شديدة في هذا الشأن، وكانوا يقولون: إذا ما زلّت بنا القدم يوماً فسقطنا علی الارض، فإنّ علینا التأمّل في أحوالنا وأعمالنا لنري أيّ خطأ وغفلة صدرا منّا فتبعهما ذلك الزلل والسقوط! وهذه هي النتيجة الدنيويّة للعمل، والوليد الصادر منه؛ أمّا النتيجة الاُخرويّة فمحفوظة في موضعها. ولقد كان الفقيه النبيه وعالم الاخلاق والمربّيّ الروحانيّ السيّد ابن طاووس: علیّبن موسي بن جعفر بن محمّد بن طاووس، ولقبه الشريف: رضيّالدين، أحد مفاخر عالم الإسلام والتشيّع؛ ويقال: إنّ هذا السيّد الجليل كان سيّد أهل المراقبة، فقد كان دقيقاً في مراقبة الاعمال والسلوك والجزاء والآثار المترتّبة علی تلك الاعمال وذلك السلوك، بحيث لميُعرف له مثيل في هذا الشأن والمضمار. وحين يطالع المرء كتابه الشريف النفيس «الإقبال» في الادعية والاعمال العباديّة، فإنّه سيدرك المدي الذي كان علیه هذا العالم العامل في دقّة تفحّصه عن الآثار المترتّبة علی الاعمال، ويشاهد النكات الدقيقة واللطيفة التي أودعها في ذلك الكتاب. قصّتان في أمر سرعة الحساب الدنيويّونذكر في هذا المجال قصّتين لنتائج ترتّب الآثار علی الاعمال، حصلتا في أزمنة قريبة ولا شكّ ولا شبهة في أمر وقوعهما وتحقّقهما، لانّ عدد هذه القضايا التي عهدها عامّة الناس وشاهد كلّ منهم عدداً منها في حياته إلیوميّة من الكثرة بحيث إنّها تفوق الحصر. القصّة الاُولي: يحكي رجل عجوز صادق اللهجة: شاهدتُ يوماً بأُمّ عينيّ ـبعد أن دخل طهران جنودُ «محمّد ولي خان سبهسالار» بعد النهضة الدستوريّةـ جنديين من أُولئك الجنود يسيران علی فرسيهما في نواحي «قنات آباد» وهما شاكيا السلاح وقد صفّا علی صدريهما أحزمة الطلقات الناريّة. وكان الجنديان يسيران في وسط الطريق متّجهين إلی الغرب باتّجاه «إمام زاده حسن» وفي يد أحدهما غليون طويل قد حشّاه بالتبغ وهو منهمك في تدخينه. وكان يجلس علی حافّة الطريق درويش فقير قد حلق رأسه بالموسي حديثاً، وكان يجلس متّكئاً علی الجدار واضعاً رأسه علی ركبتيه وقد غرق في التفكير. ولمّا مرّ ذلك الجنديان المسلّحان بالبنادق ولمحا الرجل ذا الرأس الحليق، اقترب منه الجندي صاحب الغليون وانحني من فوق فرسه وأفرغ جمر غليونه علی رأس الدرويش ومرّ منصرفاً. فرفع الرجل رأسه من علی ركبتيه ونظر ثمّ قال: «إنّ لهذه إلیقطينة [25] صاحباً»! وكنت آنذاك أسير باتّجاه «إمام زاده حسن»، فلمّا بلغتُ ذلك الموضع شاهدتُ من بعيد جماعة محتشدة تتفرّج علی الجنديين المسلّحين، وكانا لميبلغا بعدُ ساحة الطريق التإلیة، وكان فرس الجنديّ صاحب الغليون قد جمح به فجأة فألقاه علی الارض، ثمّ وضع إحدي أقدامه علی صدر الجندي وأخذ يرفسه علی رأسه وصدره وبدنه حتّي هشّمه تهشيماً. وقد ذكرنا هذه القصّة بشأن سرعة الحساب في الدنيا جزاءً علی العمل السيّي، أمّا القصّة الثانية فتتعلّق بسرعة الحساب في الدنيا جزاءً علی العمل الحسن. قصّة ولادة آية الله الحائريّ إلیزديّالقصّة الثانية: يقول سماحة الاُستاذ الثقة المعتمد، المجاهد للنفس والمراقب لدرجة التزكية والطهارة: آية الله الحاجّ الشيخ مرتضي الحائريّ دام ظلّه العإلی، النجل الاكبر للمرحوم شيخ الفقهاء والمجتهدين الحاجّ الشيخ عبدالكريم الحائريّ إلیزديّ رضوان الله علیه: لقد كان والدي المرحوم الحاجّ الشيخ عبد الكريم هو الابن الوحيد لوالديه، إذ لم يرزق جدّي وجدّتي ولداً سواه. ولم يكن لي ـوالحال هذهـ ثمّة عمّ أو عمّة. وبيان ذلك أنّ جدّي المرحوم «محمّد جعفر» لم يكن من أهل العلم، بل إنّ أحداً في طائفتنا ـباستثناء أبيـ لم يكن من أهل العلم، ولميكن جدّي قد رُزق أولاداً من جدّتي علی الرغم من مرور أعوام طويلة علی زواجهما. وكان جدّي يتزوّج بزواج المتعة باستمرار عسي أن يرزقهالله من إحداهنّ ولداً. فلم يقدّر الله تعإلی ذلك. ومرّت مدّة دون أن يحصل علی شيء من أُولئكم الزوجات. حتّي جاء يوم من أيّام الشتاء القارس، وكان جدّي قد ذهب إلی بيت إحدي زوجاته بالمتعة لاداء الصلاة، فحاولت المرأة ـوقد تصوّرت أ نّه جاء للاستمتاعـ أن ترسل ابنتها الصغيرة من زوجها الاسبق إلی خارج البيت بذريعةٍ ما، إلاّ أنّ الفتاة الصغيرة كانت تمتنع عن الخروج لبرودة الجوّ. حتّي أنهي زوجي صلاته وكان في حال عصبيّة وانزعاج شديد، فزجر المرأة علی محاولتها إرسال الفتاة خارج البيت، ثمّ دفع إلیها حقّها وأعفاها من باقي مدّة المتعة وغادر البيت ودفع حقوق سائر أزواجه الاُخريات ووهبهنّ باقي مددهنّ، وقد صمّم في نفسه علی الامتناع عن التمتّع وعن الاقتراب من تلك الاُمور. ثمّ يتساءل: ياإلهي! إلی متي أمدّ إلی سواك يدي من أجل أن أُرزق ولداً، فيكون ذلك مدعاة أذي لطفلة يتيمة في مثل هذا الشتاء البارد؟! ثمّ إنّ الله سبحانه منّ علیه بعد هذه الواقعة بولد واحد من زوجته الدائميّة العاقر بعد سنوات طوال من الحرمان، فسمّاه عبدالكريم. وكان المرحوم أبي ذا ذكاء وقابليّة ثرّة، وكان بإمكانه قراءة الرسائل وفهمها وهو لايزال طفلاً يافعاً. ثمّ إنّهم أرسلوه من القرية إلی المدينة للدراسة، ثمّ شدّ الرحال إلی كربلاء فدرس في ذلك المكان المقدّس علی المرحوم الفاضل الاردكانيّ المعاصر للمرحوم الميرزا الشيرازيّ الكبير: الحاجّ الميرزا محمّد حسن ـوكان البعض يقدّمه علی المرحوم الشيخ الانصاريّ في العلم والفضلـ ولمّا شاهد المرحوم الاردكانيّ قابليّة أبي الكبيرة، أرسله إلی سامرّاء وكتب إلی المرحوم الميرزا الكبير يوصيه به. وهكذا قدم أبي إلی سامرّاء ولم يكن له من العمر آنذاك إلاّ عشرون عاماً، فمثل في محضر الميرزا الكبير وسلّمه رسالة الفاضل الاردكانيّ، وتتلمذ علی الاُستاذ الميرزا، إلاّ أ نّه كان قد حضر أغلب دروسه عند المرحوم السيّد محمّد الفشاركيّ الإصبهانيّـ انتهي كلام الشيخ الحائريّ. وكان المرحوم آية الله الحاجّ الشيخ عبدالكريم رضوان الله علیه من رجال العلم والتقوي حقّاً، ولم يتجاوز في مقام العلماء عبوديّة الربّ الكريم، وكان هبة الله و عطاء الله. وقد تحمّل بثبات وصبر مشكلات زمان اقتدار الطاغوت، حتّي أُصيب بمرض الدقّ وارتحل عن الدار الفانية ملتحقاً بفناء الدار الابديّة الباقية، وكان يُعدّ من مفاخر الشيعة خلال العصر الاخير في الامانة والاستقامة والإعراض عن الدنيا والاهتمام بتربية الطلاّب. وكان من إنجازاته تأسيس الحوزة العلميّة ودار العلم الجعفريّ في بلدة قم الطيّبة. والشاهد في هذه القصّة هو سرعة الاجر والجزاء لنيّة أبيه الصالح، بحيث إنّه بمجرّد أن مدّ يد إلی الله وحده، وقَطَع أمله عن الوسائل والاسباب، وصَرَف ـرحمةً لطفلةٍ يتيمةـ نظره عن إنجاب ولد يكون ثمرة لفؤاده، فإنّ الله سبحانه مَنّ علیه من زوجته إلیائسة من الإنجاب بولد مثل عبدالكريم شاخص بين الاقران. ثمّ يأتي ذلك الولد من القرية إلی المدينة، ويبرز في دار العلم ( كربلاء )، ثمّ في سامرّاء، ثمّ يحصل علی جميع المواهب الظاهريّة والباطنيّة ويتصدّر زعامة المسلمين. والآيات والروايات الواردة في آثار أعمال الإنسان وانعكاسها كثيرة، ونورد في هذا المجال آية ورواية علی سبيل المثال؛ أمّا الآية فقوله تعإلی: وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَو تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّي' يَأْتِيَ وَعْدُ اللَهِ إِنَّ اللَهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. [26] وأمّا الرواية فقد ورد في «الكافي» عن العبّاس بن هلال الشاميّ مولي ( خادم ) الإمام أبي الحسن موسي بن جعفر علیه السلام، قال: كُلَّمَا أَحْدَثَ العِبَادُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَ، أَحْدَثَ اللَهُ لَهُمْ مِنَ البَلاَءِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ. [27] حساب الله تعإلی في الدنيا أمر حتميّوعلی أيّة حال، فليس القصد من هذا البيان أنّ جزاء العمل ينبغي حتماً أن يكون في دار الدنيا، ليلزم منه إشكال أنّ كثيراً من الناس يموتون علی خيانتهم وجنايتهم، وأنّ مجال الجزاء سينتفي لامثال أُولئكم؛ لانّ جزاء العمل من لوازم العمل، وسيوفّي ذلك الجزاء علی أكمل وجه يوم القيامة الذي هو محلّ ظهور بواطن النفس، وستظهر الآثار الحسنة أو السيّئة للاعمال لبعض من يقدّر لهم العيش في الدنيا مدّة بعد قيامهم بتلك الاعمال، كما سيظهر للبعض الآخر عند سكرات الموت، ثمّ سيعقب الدنيا عالم المثال، ثمّ تعقب القيامة عالم المثال. وهذه العوالم الثلاثة تمثّل عالماً واحداً ممتدّاً يتجسّد فيه السير التكامليّ للبشر؛ فإن جوزي الإنسان في الدنيا، خفّف ذلك عنه حسابَه في الآخرة، وإن لم يُجزَ في الدنيا، عسر حسابه في الآخرة. ولدينا ـ تبعاً لهذا الاساس ـ روايات تتضمّن أنّ الله تعإلی يجزي المؤمنين في الدنيا علی ما يبدر منهم من أخطاء بالمرض والفقر والحمّي وغيرها، وصولاً إلی تطهيرهم من خلال ذلك، ثمّ إنّهم يدخلون الجنّة بعد موتهم. أمّا الكافرون فلا يُجازيهم في الدنيا، بل يبتليهم بادّخار الاموال والعيش الرغيد المرفّه ليوفّيهم جزاءهم وعقابهم في الآخرة غير منقوص. وقد ورد في الحديث: لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَهِ قَدْرَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَي الكَافِرَ مِنْهَا شَرْبَةً. [28] كما جاء في القرآن الكريم: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ علیهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـ'كِن يُؤَخِّرُهُمْ إلی'´ أَجَلٍ مُّسَمًّي فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَيَسْتَـخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ. [29] وفي قوله تعإلی: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ علی' ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـ'كِن يُؤَخِّرُهُمْ إلی'´ أَجَلٍ مُسَمًّي فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا. [30] وينبغي العلم بأن الاُمور والاعمال ليست مؤثّرة بذاتها في حصول النتيجة تأثيراً مستقلاّ، ولا يمكن حصول تلك النتائج تلقائيّاً، بل إنّ الله عزّ وجلّ لمّا يوجد الموجودات علی نحو الإفاضة، ويقدّر في تلك الموجودات علی نحو الاستلزام آثاراً وخصائص وثمرات، فيكون ترتّب نتائج الموجودات وثمرات الاعمال علی تلك الموجودات والاعمال هو عبارة عن استفاضة تلك الموجودات من الله تعإلی الآثار التي قدّرها لها. ومن هنا فإنّ كلّ موجود يطلبُ بوجوده الاثرَ من الله تعإلی. كما أنّ ارتزاق المخلوقات ـ بدوره ـ هو من هذا القبيل، فكلّ موجود خلقه الله سبحانه يطلب بوجوده وهويّته الرزقَ من الله تعإلی ويستجلب ذلك الرزق ويستفيضه منه، بحيث إنّه يُديم وجوده بذلك الرزق. أمّا الحساب والجزاء فيماثلان الرزق تمام المماثلة، بل هما والرزق ـبالنظر الدقيق والعقليّـ شيء واحد، حيث تستمدّ سحائب فيض ورحمة وجود الحضرة الاحديّة مياهها وعطاءها من البحر الخضمّ لرحمة الحقّ الواسعة، ثمّ تهطل بالفيض علی عالم الإمكان فترويه. وتبعاً لذلك فكلّ قطرةٍ نازلة تكون امتداداً للقطرة السابقة واستمراراً لها، هي رزق القطرة السابقة. وكذلك فإنّها لمّا تسبّب في إيفاء الحاجة التي تقتضيها القطرة السابقة علیها، فإنّها ستكون في حكم جزاء تلك القطرة. وفي المقابل، فكما أنّ إفاضة الرزق من قبل ذات الحقّ القيّوم علی جميع الممكنات ضروريّة ومستمرّة ودائمة، حيث يقول: وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَ رَبِّ السَّمَآءِ وَالاْرْضِ إِنَّهُ و لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَ نَّكُمْ تَنطِقُونَ. [31] فكذلك أنّ الحساب والجزاء مستمرّان للموجودات ودائمان وضروريّان. ورد في «نهج البلاغة»: سُئِلَ علیهِ السَّلاَمُ: كَيْفَ يُحِاسِبُ اللَهُ الخَلْقَ علی كَثْرَتِهِمْ؟ فَقَالَ: كَمَا يَرْزُقُهُمْ علی كَثْرَتِهِمْ. فَقِيلَ: كَيْفَ يُحَاسِبُهُمْ وَلاَ يَرَوْنَهُ؟ فَقَالَ: كَمَا يَرْزُقُهُمْ وَلاَ يَرْوَنَهُ. [32] وهذا المطلب جدير بالتأمّل، حيث اعتبر الإمام علیه السلام الحساب والرزق أمرين متماثلين في جميع الآثار والشؤون. وتنطوي هذه العبارة ـعلی إيجازها واختصارهاـ علی كثير من المطالب النفيسة العرفانيّة. فالرزق والجزاء ـ إذَاً ـ شيء واحد في حقيقة الامر؛ لكنّه يُدعي رزقاً بلحاظ معيّن، ويدعي حساباً وجزاءً بلحاظ آخر. ومهما سمّيتم أثر العمل الذي تفعلونه، وسواءً دعوتموه رزقاً أم جزاءً، فإنّكم لو صلّيتم صلاةً معيّنة عن حضور قلبيّ وحصلت لكم حال حسنة وانقطاع، فإنّ تلك الحال الحسنة هي نتيجة هذه الصلاة التي ينفتح فيها القلب فيرده من النفحات الإلهيّة، ويزداد خلالها ارتباط العبد مع خالقه عزّ وجلّ. وهذا هو الرزق الذي منّ الله علیه به. ولقد قال عزّ وجلّ بأ نّه سيرزق الناس حسب أعمالهم وحسبما يشاؤون، فلو باع امرؤ خمراً وحصل علی مالٍ صرفه في معيشته، فإنّه سيكون قد حصل علی رزقه من ذلك السبيل، ولو باع بدلاً من الخمر شراباً حلواً ومرطّبات، فإنّه سيكون قد حصل علی رزقه عن طريق الحلال. وسيكون الرزق الحرام هو ثمرة العمل الحرام، والرزق الحلال ثمرة العمل الحلال. إنّنا نجلس الآن في هذا المسجد وننعم برزق الله الذي يصلنا من خلال المذاكرة المستمرّة بهذه المعارف الإلهيّة وبيان آيات القرآن الكريم والروايات الواردة عن الائمّة الطاهرين. وهو رزق معنويّ روحانيّ حيث إنّ ورود هذه المطالب علی ذهني يمثّل رزقي، ووروده علی أسماعكم وقواكم المفكّرة يمثّل رزقكم. ولا اختصاص للرزق بالرزق المادّيّ، ولاانحصار له بالخبز والماء. بل إنّ جميع أنواع المعاني التي ترد علی ذهن الإنسان تدعي برزقه الذهنيّ وغذائه النفسيّ. ولو خضنا في هذا المجلس في الغيبة والكذب والحيلة والمكر لإهدار حقّ إنسان ما؛ ولو انشغلنا بالإفساد في الارض، لكان ذلك هو رزقنا، ولتمثّل رزقنا بالاغذية النفسيّة العفنة الفاسدة والخواطر الشيطانيّة. ولو زرعنا بذر البطّيخ الحلو، لاثمر بطّيخاً حلواً، أمّا لو زرعنا بذر الحنظل فسوف لنيثمر إلاّ الحنظل. ارجاعات [1] ـ هذه الفقرة من بين فقرات السلام الواردة في زيارة الاءمام المطلقة، حيث يزوره الزائر ثمّ يقف عند رجلي القبر ويقول: السَّلاَمُ علی أَبِي الاَئِمَّةِ وَخَلِيلِ النُّبُوَّةِ وَالمَخْصُوصِ بِالاُخُوَّةِ. السَّلاَمُ علی يَعْسُوبِ الدِّينِ وَالاءيمَانِ وَكَلِمَةِ الرَّحْمَنِ. السَّلاَمُ علی مِيزَانِ الاَعْمَالِ وَمُقَلِّبِ الاَحْوَالِ... إلي آخر السلام عليه. وقد أورد المرحوم المجلسيّ هذه الزيارة في «بحارالانوار» ج 100، ص 287. [2] ـ إشارة إلي الحديث الذي نقلناه مؤخّراً عن «التوحيد» للصدوق، حيث ورد في جميع نسخ «التوحيد» بلفظ «بجلالي» بالجيم، كما أورده المرحوم المجلسيّ في «البحار» طبعة الكمبانيّ، جزء «العدل والمعاد» وهو الجزء الثالث من أجزاء «البحار» ص 263 بالجيم، ثمّ حُرِّف في الطبعة الاخيرة الحروفيّة إلي الحاء وذُكر في الهامش أنّ الرواية من الآحاد الغريبة. [3] ـ «ديوان مغربي»، ص 85. يقول: «إلي أيّ جانب هرعنا وجدناه سبيلاً إليك، وأينما وصلنا وجدناه بداية الطريق إليك. ومهما اختار القلب من قِبلة للعبادة، رأيناها قوس حاجبَيْك. وأيّ شجرة سرو شهدنا في روضة الدهر، رأيناها نابتة في روضتك، وعاكفة علی حافّة ساقيتك. تنسّمنا من ريح الصبا عطرَك البارحة، وشهدنا قافلة نفحاتك هابّة مع ريح الصبا. وتطلّعنا إلي وجوه حِسان العالم، فرأيناها مرآةً لطلعتك. وتأمّلنا في العيون الشُهْل لآلهة العالم كلّه، فرأينا أزهار نرجسك الساحرة». [4] ـ يقول: «وحين أشرقت شمس طلعتك علی جميع ذرّات الوجود، رأيناها تبحث عنك وحدك. ورأينا خلق العالمينِ وهم يتّجهون نحوك في الظاهر والباطن، وفي المجازوالحقيقة. وكلّ عاشقٍ مجنون مملوك له بأسره، رأينا قلبه موثقاً بسلسلة خصلات شعرك. ورأينا رئيس حلقة العارفين المتمرّسين وقلبه أسير حلقات ذؤابتك. فلا تنشـد «المغربيّ» بعدُ عن الحال، فقد رأيناه مصاباً بالجنون من خصلاتك الهنديّة!». [5] ـ «ديوان ابن الفارض» ص 174، القصيدة اللاميّة. [6] ـ الآية 41، من السورة 4: النساء. [7] ـ بعض أبيات القصيدة العينيّة لابن أبي الحديد التي طبعت ضمن مجموعة ، ،«المعلّقات السبع»، الطبعة الحجريّة. [8] ـ يقول ابن سينا في «رسالة المعراج»: كَانَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِحْوَرَ دَائِرَةِ الحِكْمَةِ، وَفَلَكَ الحَقِيقَةِ وَخَزَانَةَ العَقْلِ... وَكَانَ بَيْنَ الخَلْقِ كَالمَعْقُولِ بَيْنَ المَحْسُوسِ. [9] ـ الآية 281، من السورة 2: البقرة. [10] ـ الآية 284، من السورة 2: البقرة. [11] ـ الآية 39، من السورة 24: النور. [12] ـ الآية 1، من السورة 21: الانبياء. [13] ـ الآيتان 26 و 27، من السورة 55: الرحمن. [14] ـ الآية 199، من السورة 3: آل عمران. [15] ـ الآية 61، من السورة 10: يونس. [16] ـ الآية 202، من السورة 2: البقرة. [17] ـ الآية 4، من السورة 1: فاتحة الكتاب. [18] ـ الآية 90، من السورة 12: يوسف. ويقصد بقوله (أخي): بنيامين. [19] ـ الآية 56، من السورة 12: يوسف. [20] ـ الآية 96، من السورة 7: الاعراف. [21] ـ الآية 10، من السورة 30: الروم. [22] ـ الآيات 8 إلي 10، من السورة 65: الطلاق. [23] ـ الآية 30، من السورة 42: الشوري. [24] ـ الآيتان 7 و 8، من السورة 99: الزلزلة. [25] ـ يقصد باليقطينة رأسه الحليق توّاً. وقد مثّل بها تواضعاً. (م) [26] ـ الآية 31، من السورة 13: الرعد. [27] ـ «أُصول الكافي» ج 2، ص 275. [28] ـ وردت روايات عديدة بهذا المضمون باختلاف يسير في اللفظ، منها في «الكافي» ج 2، ص 246؛ و «من لا يحضره الفقيه» ج 4، ص 363؛ و «بحار الانوار» ج 77، ص 142 نقلاً عن «تحف العقول». [29] ـ الآية 61، من السورة 16: النحل. [30] ـ الآية 45، من السورة 35: فاطر. [31] ـ الآيتان 22 و 23، من السورة 51: الذاريات. [32] ـ «نهج البلاغة» الحكمة 300؛ وفي طبعة مصر، مطبعة عيسي البابي الحلبيّ، تعليق الشيخ محمّد عبده: ج 2، ص 208.
|
|
|