بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد التاسع / القسم العاشر: حقیقة الکوثر

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس‌ السادس‌ والستّون‌:

 ساقي‌ حوض‌ الكوثر؛ وأنهار الجنّة‌

 

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه‌ ربّ العالمين‌ ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلي‌ّ العظيم‌

وصلَّي‌ الله‌ علی محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

 

في‌ معني‌ وتفسير الكوثر

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 إِنَّآ أَعْطَيْنَـ'كَ الْكَوْثَرَ. [1]

 قال‌ الشيخ‌ الطبرسيّ رحمة‌ الله‌ عليه‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌:

 خاطب‌ سبحانه‌ نبيّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ علی وجه‌ التعداد لنعمه‌ عليه‌ فقال‌:

 إِنَّآ أَعْطَيْنَـ'كَ الْكَوْثَرَ.

 اختلفوا في‌ تفسيره‌، فقيل‌ هو نهر في‌ الجنّة‌؛ عن‌ عائشة‌ و ( عبدالله‌ ) ابن‌عمر.

 قال‌ ابن‌ عبّاس‌: لمّا نزلت‌ ( إنّا أعطينك‌ الكوثر )، صعد رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ المنبر فقرأها علی الناس‌، فلمّا نزل‌، قالوا: يا رسول‌الله‌! ما هذا الذي‌ أعطاك‌ الله‌؟

 قال‌: نهر في‌ الجنّة‌ أشدّ بياضاً من‌ اللبن‌، وأشدّ استقامة‌ من‌ القدح‌، حافتاه‌ قباب‌ الدرّ والياقوت‌، ترده‌ طيور خضر لها أعناق‌ كأعناق‌ البخت‌.

 قالوا: يا رسول‌ الله‌! ما أنعم‌ تلك‌ الطير.

 قال‌: أفلا أُخبركم‌ بأنعم‌ منها؟

 قالوا: بلي‌.

 قال‌: من‌ أكل‌ الطائر وشرب‌ الماء وفاز برضوان‌ الله‌.

 وروي‌ عن‌ أبي‌ عبد الله‌ ( الصادق‌ ) عليه‌ السلام‌ أ نّه‌ قال‌: نهر في‌ الجنّة‌ أعطاه‌ الله‌ نبيّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ عوضاً من‌ ابنه‌.

 وقيل‌: هو حوض‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ الذي‌ يكثر الناس‌ عليه‌ يوم‌ القيامة‌؛ عن‌ عطاء.

 وقال‌ أنس‌: بينا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ذات‌ يوم‌ بين‌ أظهرنا، إذ أغفي‌ إغفاء، ثمّ رفع‌ رأسه‌ مُبتسماً، فقلتُ: ما أضحكك‌ يا رسول‌ الله‌؟

 قال‌: أُنزلت‌ علی آنفاً سورة‌، فقرأ سورة‌ الكوثر؛ ثمّ قال‌: أتدرون‌ ما الكوثر؟

 قلنا: الله‌ ورسوله‌ أعلم‌.

 قال‌: فإنّه‌ نهر وعدنيه‌ عليه‌ ربّي‌ خيراً كثيراً، هو حوضي‌ ترد عليه‌ أُمّتي‌ يوم‌ القيامة‌، آنيته‌ عدد نجوم‌ السماء، فيختلج‌ القرن‌ منهم‌، فأقول‌: ياربّ! إنّهم‌ من‌ أُمّتي‌! فيُقال‌: إنّك‌ لا تدري‌ ما أحدثوا بعدك‌؛ أورده‌ مسلم‌ في‌ الصحيح‌.

 وقيل‌: الكوثر الخير الكثير؛ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ وابن‌ جبير ومجاهد.

 وقيل‌: هو النبوّة‌ والكتاب‌؛ عن‌ عكرمة‌.

 وقيل‌: هو القرآن‌؛ عن‌ الحسن‌.

 وقيل‌: هو كثرة‌ الاصحاب‌ والاشياع‌؛ عن‌ أبي‌ بكر بن‌ عيّاش‌.

 وقيل‌: هو كثرة‌ النسل‌ والذرّيّة‌، وقد ظهرت‌ الكثرة‌ في‌ نسله‌ من‌ ولد فاطمة‌ عليه‌ السلام‌ حتّي‌ لا يُحصي‌ عددهم‌، واتّصل‌ إلی يوم‌ القيامة‌ مددهم‌.

 وقيل‌: هو الشفاعة‌؛ رووه‌ عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌.

 واللفظ‌ يحتمل‌ للكلّ، فيجب‌ أن‌ يُحمل‌ علی جميع‌ ما ذُكر من‌ الاقوال‌، فقد أعطاه‌ الله‌ سبحانه‌ وتعالی‌ الخير الكثير في‌ الدنيا، ووعده‌ الخير الكثير في‌ الآخرة‌، وجميع‌ هذه‌ الاقوال‌ تفصيل‌ للجملة‌ التي‌ هي‌ الخير الكثير في‌ الدارين‌. [2]

 وروي‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « المجالس‌ » ومحمّد بن‌ أبي‌ القاسم‌ الطبريّ الشيعي‌ّ في‌ « بشارة‌ المصطفي‌ » والشيخ‌ الطوسيّ في‌ « الامالي‌ » عن‌ المفيد، عن‌ ابن‌ قولويه‌، عن‌ الحسين‌ بن‌ أحمد بن‌ عامر، عن‌ المعلّي‌ بن‌ محمّد، عن‌ محمّدبن‌ جمهور العمي‌ّ، عن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ أبي‌ محمّد الوابشيّ، عن‌ أبي‌الورد، قال‌: سمعتُ أبا جعفر محمّد بن‌ عليّ الباقر عليه‌ السلام‌ يقول‌:

 إذا كان‌ يوم‌ القيامة‌، جمع‌ الله‌ الناس‌ في‌ صعيد واحد من‌ الاوّلين‌ والآخرين‌ عراة‌ حفاة‌، فيقفون‌ علی طريق‌ المحشر حتّي‌ يعرقوا عرقاً شديداً وتشتدّ أنفاسهم‌، فيمكثون‌ بذلك‌ ما شاء الله‌، وذلك‌ قوله‌: فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا. [3]

 قال‌: ثمّ يُنادي‌ منادٍ من‌ تلقاء العرش‌: أين‌ النبي‌ّ الاُمّي‌ّ؟

 قال‌: فيقول‌ الناس‌: قد أسمعتَ فسمِّ باسمه‌!

 فينادي‌: أين‌ نبي‌ّ الرحمة‌ محمّد بن‌ عبد الله‌؟

 قال‌: فيقوم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فيتقدّم‌ أمام‌ الناس‌ كلّهم‌، حتّي‌ ينتهي‌ إلی حوضٍ طوله‌ ما بين‌ أَيْلَة‌ وصَنْعَاء، فيقف‌ عليه‌؛ ثمّ يُنادي‌ بصاحبكم‌، فيقوم‌ أمام‌ الناس‌ فيقف‌ معه‌؛ ثمّ يؤذن‌ للناس‌ فيمرّون‌.

 قال‌ أبو جعفر عليه‌ السلام‌: فبين‌ واردٍ يومئذٍ وبين‌ مصروف‌، فإذا رأي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ واله‌ مَن‌ يُصرف‌ عنه‌ من‌ محبّينا بكي‌ وقال‌: يا ربِّ شيعةُ علی!

 قال‌: فيبعث‌ إليه‌ مَلَكاً، فيقول‌ له‌:

 يا محمّد! ما يُبكيك‌؟

 فيقول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: وكيف‌ لا أبكي‌ وأُناس‌ من‌ شيعة‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ أراهم‌ قد صُرفوا تلقاء أصحاب‌ النار ومُنعوا من‌ ورود حوضي‌.

 قال‌: فيقول‌ الله‌ عزّ وجلّ له‌: يا محمّد! قد وهبتُهم‌ لك‌، وصفحتُ لك‌ عن‌ ذنوبهم‌، وألحقتهم‌ بك‌ ومن‌ كانوا يتولّونه‌ من‌ ذرّيّتك‌، وجعلتُهم‌ في‌ زُمرتك‌، وأوردتُهم‌ حوضك‌، وقبلتُ شفاعتك‌ فيهم‌، وأكرمتُهم‌ بذلك‌.

 ثمّ قال‌ أبو جعفر عليه‌ السلام‌: فكم‌ مِن‌ باكٍ يومئذٍ وباكية‌ ينادون‌ يَا مُحَمَّدَاهُ! إذا رأوا ذلك‌، فلا يبقي‌ أحد يومئذٍ كان‌ يتولاّنا ويحبّنا إلاّ كان‌ من‌ حزبنا ومعنا وورد حوضنا. [4]

 ورواه‌ بمضمونه‌ عليّ بن‌ إبراهيم‌ في‌ تفسيره‌، في‌ ذيل‌ الآية‌ الكريمة‌: وَخَشَعَتِ الاْصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا؛ عن‌ أبيه‌ إبراهيم‌بن‌ هاشم‌، عن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ الوابشيّ، عن‌ أبي‌ الورد. [5]

 وروي‌ المفيد في‌ « المجالس‌ » عن‌ علی بن‌ هلال‌ ( بلال‌ ـ خ‌ ل‌) المهلبي‌ّ، عن‌ أحمدبن‌ الحسين‌ البغداديّ، عن‌ محمّد بن‌ إسماعيل‌، عن‌ محمّدبن‌ الصلت‌، عن‌ أبي‌ كُدينة‌، عن‌ عطاء، عن‌ سعيد بن‌ جُبير، عن‌ عبدالله‌بن‌ عبّاس‌؛ وروي‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ « الامالي‌ » عن‌ الشيخ‌ المفيد؛ وروي‌ صاحب‌ كتاب‌ « بشارة‌ المصطفي‌ » عن‌ الشيخ‌ علی بن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ الشيخ‌ المفيد، عن‌ محمّد بن‌ إسماعيل‌ بنفس‌ سلسلة‌ السند إلی ابن‌عبّاس‌، قال‌:

 الرجوع الي الفهرس

اختصاص‌ حوض‌ الكوثر بعلي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌

 لمّا نزلت‌ علی رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إِنَّآ أَعْطَيْنَـ'كَ الكَوْثَرَ؛ قال‌ له‌ علي‌ٌّبن‌ أبي‌ طالب‌: ما هو الكوثر، يا رسول‌ الله‌؟

 قال‌: نهر أكرمني‌ الله‌ به‌.

 قال‌ عليّ عليه‌ السلام‌: إنّ هذا لنهر شريف‌، فانعته‌ لنا يا رسول‌ الله‌.

 قال‌: نعم‌ يا علي‌ّ؛ الكوثر نهر يجري‌ تحت‌ عرش‌ الله‌ تعالی‌، ماؤه‌ أشدّ بياضاً من‌ اللبن‌، وأحلي‌ من‌ العسل‌، وألين‌ من‌ الزبد، حَصاه‌ الزبرجد والياقوت‌ والمرجان‌، حشيشه‌ الزعفران‌، ترابه‌ المسك‌ الاذفر، قواعده‌ تحت‌ عرش‌ الله‌ عزّ وجلّ، ثمّ ضرب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يده‌ علی جنب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وقال‌: يا عليّ! إنّ هذا النهر لي‌ ولك‌ ولمحبيك‌ من‌ بعدي‌. [6]

 وروي‌ المرحوم‌ الصدوق‌ في‌ « عيون‌ أخبار الرضا » و « الامالي‌ » عن‌ أبيه‌، عن‌ سعد بن‌ عبد الله‌، عن‌ إبراهيم‌ بن‌ هاشم‌، عن‌ علی بن‌ معبد، عن‌ الحسين‌بن‌ خالد، عن‌ أبي‌ الحسن‌ ( الرضا ) عليه‌ السلام‌، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِحَوْضِي‌ فَلاَ أَوْرَدَهُ اللَهُ حَوْضِي‌ ـ الخبر. [7]

 وروي‌ المرحوم‌ الصدوق‌ في‌ « الامالي‌ » عن‌ حمزة‌ بن‌ محمّد العلوي‌ّ، عن‌ علي‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ علی بن‌ معبد، عن‌ الحسين‌ بن‌ خالد، عن‌ علي‌ّبن‌ موسي‌ الرضا عليه‌ السلام‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌، قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌:

 يَا علی! أَنْتَ أَخِي‌ وَوَزِيرِي‌ وَصَاحِبُ لِوَائِي‌ فِي‌ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ! وَأَنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي‌! مَنْ أَحَبَّكَ أَحَبَّنِي‌، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَبْغَضَنِي‌! [8]

 كما روي‌ الصدوق‌ في‌ « الامالي‌ » عن‌ ماجيلويه‌، عن‌ عمّه‌، عن‌ محمّد ابن‌علي‌ّ القرشي‌ّ، عن‌ محمّد بن‌ سنان‌، عن‌ المفضّل‌، عن‌ أبي‌عبدالله‌ ( الصادق‌ )، عن‌ آبائه‌ عليهم‌ السلام‌، قال‌:

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ( في‌ حديث‌ طويل‌ ) مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ ( أي‌ يوم‌ القيامة‌ ) فَلْيَتَولَّ وَلِيِّي‌، وَلَيَتَّبِعْ وَصِيِّي‌ وَخَلِيفَتِي‌ مِنْ بَعْدِي‌ علی بْنَ أَبِي‌ طَالِبٍ، فَإنَّهُ صَاحِبُ حَوْضِي‌، يَذُودُ عَنْهُ أَعْدَاءَهُ، وَيَسْقِي‌ أَوْلِيَاءَهُ، فَمَنْ لَمْ يُسْقَ مِنْهُ لَمْ يَزَلْ عَطْشَاناً وَلَمْ يَرْوَ أَبَداً؛ وَمَنْ سُقِي‌َ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَشْقَ وَلَمْ يَظْمَأْ أَبَداً. [9]

 الرجوع الي الفهرس

ورود الثقلين‌ علی رسول‌ الله‌ عند حوض‌ الكوثر

 وجاء في‌ مقدّمة‌ « تفسير علی بن‌ إبراهيم‌ »:

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ فِي‌ حِجَّةِ الوَدَاعِ فِي‌ مَسْجِدِ الخَيْفِ: إنِّي‌ فَرَطُكُمْ وَإنَّكُمْ وَارِدُونَ علی الحَوْضِ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ بُصْرَي‌ وَصَنْعَاءَ، فِيهِ قِدْحَانٌ مِنْ فِضَّةٍ عَدَدَ النُّجُومِ. أَلاَ وَإنِّي‌ سَائِلُكُمْ عَنِ الثَّقَلَيْنِ!

 قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَهِ وَمَا الثَّقَلاَنِ؟

 قَالَ: كِتَابُ اللَهِ: الثَّقَلُ الاَكْبَرُ؛ طَرَفٌ بِيَدِ اللَهِ، وَطَرَفٌ بَأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَزِلُّوا! وَالثَّقَلُ الاَصْغَرُ عِتْرَتِي‌ وَأَهْلُ بَيْتِي‌؛ فَإنَّهُ قَدْ نَبَأَنِي‌َ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَ نَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الحَوْضَ كَإصْبَعَي‌َّ هَاتِيْنِ ـ وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ ـ وَلاَ أَقُولُ كَهَاتَيْنِ ـوَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَالوُسْطَي‌ـ فَتَفْضُلُ هَذِهِ علی هَذِهِ. [10]

 وأورد الصدوق‌ في‌ « الخصال‌ » في‌ حديث‌ الاربعمائة‌: [11]

 قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:

 أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي‌ عِتْرَتِي‌ علی الحَوْضِ؛ فَمَنْ أَرَادَنَا فَلْيَأْخُذْ بِقَوْلِنَا وَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا، فَإنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتِ نَجِيباً، وَلَنَا شَفَاعَةٌ وَلاِهْلِ مَوَدَّتِنَا شَفَاعَةٌ، فَتَنَافَسُوا فِي‌ لِقَائِنَا علی الحَوْضِ، فَإنَّا نَذُوذُ عَنْهُ أَعْدَاءَنَا، وَنَسْقِي‌ مِنْهُ أَحَبَّاءَنَا وَأَوْلِيَاءَنَا؛ وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبْدَاً. حَوْضُنَا مُتْرَعٌ فِيهِ شِعْبَان‌ يَنْصَبَّانِ مِنَ الجَنَّةِ: أَحَدََهُمَا مِنْ تَسْنِيمٍ، وَالآخَرُ مِنْ مَعِينٍ؛ علی حَافَّتَيْهِ الزَّعْفَرَانُ، وَحَصَاهُ الُّلؤْلُؤْ وَاليَاقُوتُ، وَهُوَ الكَوْثَرُ ـ الخبر. [12]

 وروي‌ الطوسي‌ّ في‌ « الامالي‌ » بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ سعيد الخدري‌ّ، قال‌: سمعتُ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ يقول‌ علی المنبر: ما بال‌ أقوام‌ يقولون‌ إنَّ رَحِمَ رَسولِ الله‌ لا تشفع‌ ( لا تنفع‌ـ خ‌ل‌ ) يوم‌ القيامة‌؟

 بلي‌ والله‌؛ إنّ رحمي‌ لموصلة‌ في‌ الدنيا والآخرة‌، وإنّي‌ أيّها الناس‌ فرطكم‌ يوم‌ القيامة‌ علی الحوض‌، فإذا جئتم‌ قال‌ الرجل‌: يا رسول‌ الله‌! أنا فلان‌ بن‌ فلان‌. فأقول‌: أمّا النسب‌ فقد عرفته‌، لكنّكم‌ أخذتم‌ بعدي‌ ذات‌ الشمال‌ وارتددتُم‌ علی أعقابكم‌ القهقري‌. [13]

 الرجوع الي الفهرس

لقاء الشيعة‌ بأهل‌ البيت‌ عند حوض‌ الكوثر

 وروي‌ المفيد في‌ « الامالي‌ » والطوسـيّ في‌ « الاماليّ » بسـنده‌ المتّصل‌ عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ قيس‌ الرحبي‌ّ، قال‌: كنتُ جالساً مع‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ علی باب‌ القصر، حتّي‌ ألجأته‌ الشمس‌ إلی حائط‌ القصر، فوثب‌ ليدخل‌، فقام‌ رجل‌ من‌ هَمْدان‌ فتعلّق‌ بثوبه‌ وقال‌: ياأميرالمؤمنين‌، حدِّثني‌ حديثاً جامعاً ينفعني‌ اللهُ به‌.

 قال‌: أو لم‌ يكن‌ في‌ حديث‌ كثير؟

 قلا: بلي‌، ولكن‌ حدّثني‌ حديثاً ينفعني‌ الله‌ به‌.

 قال‌: حدّثني‌ خليلي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌:

 إنِّي‌ أَرِدُ أَنَا وَشِيعَتِي‌ الحَوْضَ رُوَاءً مَرْوِيِّينَ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ؛ وَيَرِدُ عَدُوُّنَا ظِمَاءً مُظَمَّئِينَ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ؛ خُذْهَا إلَيْكَ قَصِيرَةً مِنْ طَوِيلَةٍ؛ [14] أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلَكَ مَا اكْتَسَبْتَ. أَرْسِلْنِي‌ يَا أَخَا هَمْدَانَ؛ ثُمَّ دَخَلَ القَصْرَ. [15]

 وروي‌ ابن‌ شهرآشوب‌، عن‌ الحافظ‌ أبي‌ نعيم‌ الإصبهانيّ، بسنده‌ عن‌ عطيّة‌، عن‌ أنس‌، قال‌: دخلتُ علی رسول‌ الله‌، فقال‌: قد أُعطيتُ الكوثر.

 فقلتُ: يا رسول‌ الله‌! وما الكوثر؟

 قال‌: نهر في‌ الجنّة‌، عرضه‌ وطوله‌ ما بين‌ المشرق‌ والمغرب‌، لايشرب‌ أحد منه‌ فيظمأ، ولا يتوضّأ أحد منه‌ فيشعث‌، لا يشربه‌ إنسان‌ أخْفَرَ [16] ذمّتي‌ ولا قَتَلَ أهل‌ بيتي‌. [17]

 وعن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌:

 يَذُودُ علی عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ شِيعَتِهِ؛ وَمَنَ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً. [18]

 وعن‌ طارق‌، قال‌: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:

 وَالَّذِي‌ فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لاَقْمَعَنَّ بِيَدَي‌َّ هَاتِينَ مِنْ الحَوْضِ أَعْدَاءَنَا إذَا وَرَدَتْهُ أَحِبَّاؤُنَا. [19]

 وروي‌ أحمد بن‌ حنبل‌ في‌ « الفضائل‌ » نحواً منه‌ عن‌ أَبِي‌ حَرْبِ بْنِ أَبِي‌ الاَسْوَدِ الدُّؤَلِي‌ِّ. [20]

 وفي‌ أخبار أبي‌ رافع‌ من‌ خمسة‌ طرق‌؛ قال‌ النبي‌ّ:

 يَا علی! تَرِدُ علی الحَوْضِ وَشِيعَتُكَ رِوَاءً مَرْوِيِّينَ، وَيَرِدُ عَلَيْكَ عَدُوُّكَ ظِمَاءً مُقْمَحِينَ. [21]

 وجاء في‌ تفسير قوله‌ تعالی‌: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [22] يعني‌: سيُّدهم‌ علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌؛ والدليل‌ علی أنّ الربّ بمعني‌ السيّد قوله‌ تعالی‌: اذْكُرْنِي‌ عِندَ رَبِّكَ. [23]

 وفي‌ « الفائق‌ » للزمخشريّ، أنّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ( وآله‌ ) وسلّم‌ قال‌ لعلي‌ّ:

 أَنْتَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يُذَادُ البَعِيرُ الصَّادِي‌، أَي‌ الَّذِي‌ بِهِ الصَّيَدُ، والصَّيَدُ دَاءٌ يَلْوِي‌ عُنُقَهُ. [24]

 والصَّيَد: داء يصيب‌ الإبل‌ في‌ رؤوسها، فلا تقدر أن‌ تلوي‌ معه‌ أعناقها، وهو من‌ الامراض‌ المسرية‌، لذا يحرص‌ رعاة‌ الإبل‌ المبتلاة‌ بالصيد علی ذودها عن‌ المنهل‌.

 وقال‌ الصدوق‌ في‌ كتابه‌ « العقائد » في‌ الحوض‌:

 اعتقادنا في‌ الحوض‌ أ نّه‌ حقّ وأنّ عرضه‌ ما بين‌ أيلة‌ وصنعاء، وهو للنبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، وأنّ فيها من‌ الاباريق‌ عدد نجوم‌ السماء، وأنّ الساقي‌ عليه‌ يوم‌ القيامة‌ أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليهما السلام‌، يسقي‌ منه‌ أولياءه‌، ويذود عنه‌ أعداءه‌، ومَن‌ شرب‌ منه‌ شربة‌ لم‌يظمأ بعدها أبداً.

 وقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌:

 لَيُخْتَلَجَنَّ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِي‌ دُونِي‌ وَأَنَا علی الحَوْضِ، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالَ، فَأُنَادِي‌: يَا رَبِّ أَصْحَابِي‌، أَصْحَابِي‌! فَيُقَالُ: إنَّكَ لاَ تَدْرِي‌ مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. [25]

 أجل‌، فالروايات‌ الواردة‌، عن‌ طريقي‌ الشيعة‌ والعامّة‌، كثيرة‌ في‌ اختصاص‌ حوض‌ الكوثر بأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وتفيد بأجمعها علی أنّ شيعة‌ أميرالمؤمنين‌ ومحبّيه‌ يشربون‌ من‌ حوض‌ الكوثر، وأنّ المنافقين‌ وأعداء أهل‌ البيت‌ يُذادون‌ عنه‌، وأنّ من‌ شرب‌ من‌ حوض‌ الكوثر ارتوي‌ ولم‌يظمأ أبداً، ومن‌ ارتمس‌ فيه‌ طَهُر وابيضّ وجهه‌ واكتسب‌ قلبه‌ جلاءً وصفاءً، لانّ جنس‌ ذلك‌ الماء طاهر مطهّر. أمّا من‌ يُذاد عنه‌ فإنّ وجهه‌ يسودّ، وبدنه‌ سيكون‌ مدنّساً تخرج‌ منه‌ الروائح‌ الكريهة‌ العفنة‌، وسيبقي‌ كبده‌ ظمآناً لاهباً.

 وإجمالاً، فإنّ الواردين‌ علی حوض‌ الكوثر هم‌ المرتبطون‌ بالولاية‌، كما أنّ المذودين‌ عنه‌ هم‌ غير المرتبطين‌ بتلك‌ الولاية‌.

 ونري‌ الآن‌ حقيقة‌ ذلك‌ الحوض‌ وماهيّة‌ ذلك‌ الماء اللتين‌ يترقّب‌ من‌ خلالهما هذه‌ الآثار والخواصّ، ويشاهد فيهما هذه‌ الاُمور الخاصّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

حقيقة‌ الكوثر هي‌ العلم‌ المقترن‌ بالعمل‌

 لقد علمنا في‌ الابحاث‌ السابقة‌ أنّ الآخرة‌ تمثّل‌ ظهوراً لعالم‌ الدنيا، بحيث‌ تتجلّي‌ في‌ صورها الملكوتيّة‌ والحقيقيّة‌. وأنّ الماء هو العلّة‌ في‌ حياة‌ كلّ حي‌ّ، لقوله‌ تعالی‌: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ. [26]

 كما ورد عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ المَاءُ. [27]

 ولو ضممنا هذه‌ الرواية‌ مع‌ غيرها من‌ الروايات‌، مثل‌: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ العَقْلُ. و أَوَّلُ مَا خَلَق‌ اللَهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ. لاتضّح‌ أنّ المراد من‌ الماء في‌ الرواية‌ الاُولي‌ هو مادّة‌ الحياة‌ المتمثّلة‌ في‌ العقل‌ والعلم‌.

 الرجوع الي الفهرس

معاني‌ العيون‌ والانهار الجارية‌ في‌ الجنّة‌

 وعلي‌ هذا الاساس‌ فقد ورد في‌ مواضع‌ كثيرة‌ من‌ القرآن‌ الكريم‌ أنّ الله‌ تعالی‌ يُدخل‌ الذين‌ آمنوا وعملوا الصالحات‌ جَنَّـ'تٍ تَجْرِي‌ مِن‌ تَحْتِهَا الاْنْهَـ'رُ؛ [28] ذلك‌ أنّ المؤمنين‌ قد اكتسبوا العلوم‌ والمعارف‌ الإلهيّة‌ من‌ خلال‌ الإيمان‌ المتلازم‌ مع‌ العمل‌ الصالح‌، لذا فإنّ في‌ ذلك‌ العالم‌ أنهاراً جارية‌ دائمة‌ في‌ الجنّة‌، وهذه‌ الانهار هي‌ العلوم‌ والمعارف‌ المتدفّقة‌ باستمرار في‌ نفوسهم‌. فقلب‌ المؤمن‌ هو محلّ تفيض‌ منه‌ علی الدوام‌ الرشحات‌ العلميّة‌ والعرفانيّة‌، وهو منبع‌ جريان‌ العلوم‌ والإلهامات‌ الربّانيّة‌.

 إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي‌ جَنَّـ'تٍ وَعُيُونٍ. [29]

 إِنَّ الْمُتَّقِين‌ فِي‌ ظِلَـ'لٍ وَعُيُونٍ. [30]

 كلّ ما في‌ الامر أنّ تلك‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإلهيّة‌ قد تكون‌ صافية‌ لاتشوبها شائبة‌ من‌ الآراء والافكار الشخصيّة‌، فتتجلّي‌ في‌ عالم‌ الملكوت‌ في‌ هيئة‌ ماء صاف‌ زلال‌ رقراق‌ أشبه‌ بالدموع‌ المنهمرة‌.

 ولانّ المقرّبين‌ من‌ ساحة‌ الله‌ تعالی‌ يستخرجون‌ العلوم‌ والمعارف‌ من‌ ينابيعها، من‌ خلال‌ التفكّر والذكر والعبادة‌ والعبوديّة‌ والتسليم‌ والرضا والتفويض‌، وبواسطة‌ السهر والقيام‌ في‌ الليل‌ الحالك‌ البهيم‌، والصيام‌ والمجاهدة‌ في‌ النهار القائظ‌ اللاهب‌، فحالهم‌ أشبه‌ بالعيون‌ التي‌ تفجّرها أيدي‌ الباحثين‌ الهاوية‌ بالفؤوس‌ والمطارق‌، وذلك‌ من‌ خلال‌ البحوث‌ العقليّة‌ النظريّة‌ والعلميّة‌ التي‌ تستخرج‌ تلك‌ المعارف‌ من‌ زوايا الخفاء، وتكشف‌ عنها حُجب‌ الآمال‌ والاماني‌. وهي‌ كما وُصفت‌ بأ نّها:

 عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا. [31]

 عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ. [32]

 وقد أوردنا في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ « معرفة‌ المعاد » المجلس‌ العاشر، أنّ الانهار الاربعة‌ الجارية‌ في‌ الجنّة‌: من‌ لبنٍ لم‌ يتغيّر طعمه‌، ومن‌ ماءً غير آسن‌، ومن‌ عسلٍ مصفّي‌، ومن‌ خمر وشراب‌ لذّة‌ للشاربين‌، هي‌ عبارة‌ عن‌ التجلّيات‌ والظهور الملكوتي‌ للعلوم‌ التي‌ يحصل‌ عليها المبتدئون‌ في‌ السير والسلوك‌، والضعفاء في‌ الطريق‌ إلی الله‌، لانّ اللبن‌ هو طعام‌ الطفل‌، فتكون‌ تلك‌ العلوم‌ من‌ العلوم‌ الخالصة‌، والمعرفة‌ بالله‌ التي‌ لا تشوبها شائبة‌، لان‌ حياة‌ القلب‌ بالعلم‌ والمعرفة‌.

 وعدم‌ تغيّر الطعم‌ عائد إلی عدم‌ تلوّث‌ تلك‌ العلوم‌ بالافكار والآراء النفسانيّة‌ والشيطانيّة‌، وبواردات‌ عالم‌ القدس‌ والبوارق‌ النورانيّة‌ واللذائذ التي‌ تحصل‌ للسالكين‌ المتوسّطين‌ خلال‌ الاحوال‌ المختلفة‌، فتثير فيهم‌ الوجد والالتفات‌.

 أمّا تصفية‌ العسل‌ فعبارة‌ عن‌ عدم‌ تكدرّ تلك‌ العلوم‌ بالموادّ الشمعيّة‌ التي‌ قد تحصل‌ من‌ تسويلات‌ النفس‌. ثمّ إنّ السالك‌ يتعرّض‌ لتجلّيات‌ الجمال‌ وعشق‌ الذات‌، فينسي‌ نفسه‌ ويمّحي‌ في‌ أنوار الله‌ تعالی‌.

 ولمّا كان‌ تجلّي‌ الجلال‌ يطهّر السالك‌ من‌ جميع‌ التعلّقات‌ الدنيويّة‌ من‌ التعيّن‌ والمال‌ وحبّ الجاه‌ والوجود، فقد دُعي‌ لذلك‌ بالشراب‌ الطهور، وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا؛ [33] لانّ الطهور لا يعني‌ الطاهر فحسب‌، بل‌ هو أيضاً بمعني‌ المطهّر. وهذه‌ العلوم‌ والمعارف‌ الجلاليّة‌ تحرق‌ السالك‌ وتُفنيه‌ أمام‌ عظمة‌ الحقّ وقهّاريّته‌ وكبريائه‌.

 وقد عبّر حافظ‌ الشيرازي‌ّ عنه‌ بالشراب‌ المرّ، في‌ قوله‌:

 شراب‌ تلخ‌ مي‌خواهم‌ كه‌ مرد افكن‌ بود زورش        ‌ كه‌ تا يكدم‌ بياسايم‌ ز دنيا وشر وشورش‌ [34]

 وهذه‌ الجذبات‌ الجلاليّة‌ الثمينة‌ هي‌ التي‌ تحقّق‌ ثمرة‌ قضاء العمر في‌ السلوك‌، ألا وهي‌ نيل‌ مقام‌ الفناء في‌ الله‌ تعالی‌، حيث‌ ورد:

 جَذْبَةٌ مِنْ جَذَبَاتِ الحَقِّ تُوَازِي‌ عِبَادَةَ الثَّقَلَيْنِ. [35]

 وإذا اقترنت‌ هذه‌ العلوم‌ والمعارف‌ بحرارة‌ الطلب‌، وبقي‌ العشق‌ حيّاً لدي‌ السالك‌، فإنّ قدراً من‌ الزنجبيل‌ ( وهو مادّة‌ تثير الحرارة‌ ) سيضاف‌ إلی تلك‌ العلوم‌. وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً. [36]

 وحين‌ يشاء الله‌ تعالی‌ منحهم‌ قدراً من‌ السكينة‌ من‌ خلال‌ تجلّيات‌ الجمال‌، فإنّه‌ يصبّ في‌ كأسهم‌ قدراً من‌ عين‌ الكافور، وهو مادّة‌ باردة‌. إِنَّ الاْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن‌ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا. [37]

 وفي‌ المقابل‌، فلو اقترن‌ إدراك‌ العلوم‌ بالإنكار والجحود والاستكبار، فإنّ تلك‌ العلوم‌ ستستحيل‌ في‌ هيئة‌ ماء حميم‌ يصبّ في‌ الافواه‌، لايؤدّي‌ إلاّ إلی إلهاب‌ العطش‌ وإزدياد حرقة‌ الظمأ:

 تَصْلَي‌' نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَي‌' مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ. [38]

 أمّا الابرار، فيُسقون‌ من‌ عين‌ التسنيم‌ التي‌ تُمزج‌ بالرحيق‌ المختوم‌،[39] وهي‌ عين‌ تنبع‌ من‌ الاعراف‌؛ والاعراف‌ ـ كما سيأتي‌ لاحقاًـ حجاب‌ بين‌ الجنّة‌ والنار يقف‌ عليه‌ الائمّة‌ الطاهرون‌ الحاكمون‌ علی الجنّة‌ والنار.

 وتجري‌ عين‌ التسنيم‌ تحت‌ أقدام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وتصبّ في‌ حوض‌ الكوثر. أمّا ماء الكوثر، فهو مزيج‌ من‌ عين‌ التسنيم‌ وعين‌ المعين‌، وهو ماء مُحيي‌ نافع‌ لتطهير قلوب‌ المذنبين‌.

 وبينما يجسّد الماء المعين‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإلهيّة‌، فإنّ ماء التسنيم‌ يمثّل‌ الولاية‌ والمحبّة‌، وحين‌ يُمزجان‌ ينتج‌ منها مزاج‌ من‌ العلوم‌ الإلهيّة‌ مقترن‌ بالولاية‌ ( التي‌ هي‌ حقيقة‌ التوحيد ). وذلك‌ المزاج‌ هو الذي‌ يُطفي‌ ظمأ الاكباد الحرّي‌، فمن‌ شرب‌ منه‌ ارتوي‌ فلم‌ يظمأ أبداً، ومن‌ لم‌يشرب‌ منه‌ لم‌يروه‌ أي‌ّ شراب‌ غيره‌.

 أجل‌، لقد كان‌ علی باب‌ علم‌ النبي‌ّ: أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِي‌ٌّ بَابُهَا. [40]

 وكان‌ علی صاحب‌ ولاية‌ رسول‌ الله‌، إذ قال‌ له‌: أَنْتَ وَلِي‌ُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِي‌. [41]

 فمن‌ اقترب‌ من‌ مقام‌ الولاية‌، ونهل‌ من‌ علم‌ أميرالمؤمنين‌ وولايته‌، شرب‌ من‌ حوض‌ الكوثر.

 وعلي‌ّ عليه‌ السلام‌ هو معدن‌ العلم‌، والمتجسّد بالحقّ والحقيقة‌، وهو منبع‌ الولاية‌ والعبوديّة‌ المحضة‌. فمن‌ عاداه‌ ولم‌ يعظّم‌ مقامه‌، ولم‌يفِ بعهده‌ وميثاقه‌، شطّ عن‌ الحقّ وابتعد، وجاء عطشاناً يلتهب‌ كبده‌ ظمأً، لاسبيل‌ له‌ للدنوّ من‌ الحوض‌، لانّ ماء الكوثر محرّم‌ علی الكافرين‌ والمعاندين‌.

 وَنَادَي‌'´ أَصْحَـ'بُ النَّارِ أَصْحَـ'بَ الْجَنَّةِ أَن‌ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَهِ قَالُو´ا إِنَّ اللَهَ حَرَّمَهُمَا علی الْكَـ'فِرِينَ. [42]

 إنّ عالم‌ الآخرة‌ هو عالم‌ ظهور الحقيقة‌، فمن‌ لم‌ يتّخذ لنفسه‌ سبيلاً في‌ الدنيا من‌ خلال‌ الإيمان‌ والعمل‌ الصالح‌ وطاعة‌ الائمّة‌ الاطهار عليهم‌ السلام‌ وتولّيهم‌، سوف‌ يُحرم‌ من‌ الدنوّ من‌ منهل‌ ماء الحياة‌ المعنويّة‌ ومن‌ شُحنة‌ الولاية‌ الدافعة‌. وبينما يسودّ وجهه‌ وهو يتلظّي‌ عطشاً، يأتي‌ أصحاب‌ الولاية‌ والمحبّون‌ رواءً بوجوه‌ مبيضّة‌ مُشرقة‌. ومن‌ هنا فإنّ حَوْضَ الكَوْثَرِ هُوَ مَقَامُ ظُهُورِ الوَلاَيَةِ وَتَجَلِّيهَا.

 كان‌ هذا مجملاً لما يمكن‌ بيانه‌ عن‌ الكوثر وساقيه‌ مولي‌ الموالي‌ عليه‌ السلام‌، أمّا حقائقه‌ فلا يتّسع‌ لها لفظ‌ وعبارة‌، ولا ترقي‌ إليها الافكار، ولاتتجسّد في‌ هيئة‌ معيّنة‌.

 أمّا أنّ ذلك‌ الحوض‌ يمتدّ ما بين‌ أيلة‌ وصنعاء، وأنّ الاقداح‌ علی ضفتيه‌ بعدد نجوم‌ السماء، وأنّ حصباءه‌ من‌ الياقوت‌، ونباته‌ من‌ الزعفران‌، وأنّ السرادقات‌ علی جانبيه‌ من‌ الزبرجد والياقوت‌ والدرّ، وسائر خصوصيّات‌ الحوض‌، فهي‌ أُمور صحيحة‌ بأجمعها ومحفوظة‌ في‌ مواضعها في‌ عالم‌ الملكوت‌، إلاّ أ نّها جمعاء تمثّل‌ ظهور تلك‌ الحقيقة‌ لمقام‌ العلم‌ والولاية‌؛ رَزَقَنَا اللَهُ وَإِيَّاكُمْ أَنْ نَرْوَي‌ مِنَ الحَوْضِ رِوَاءً مَرْوِيِّينَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ.

 كلّ ما في‌ الامر أنّ علينا السعي‌ لزيادة‌ سعتنا واستفادتنا من‌ ذلك‌ الحوض‌ من‌ خلال‌ تقوية‌ ارتباطنا.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 1، من‌ السورة‌ 108: الكوثر.

[2] ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 5، ص‌ 549، طبعة‌ صيدا.

[3] ـ الآية‌ 108، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[4] ـ «بشارة‌ المصطفي‌» ص‌ 3، طبعة‌ النجف‌؛ و«مجالس‌ المفيد» ص‌ 170 و 171؛ و«أمالي‌ الطوسيّ» ص‌ 41، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[5] ـ «تفسير القمّيّ»، ص‌ 423.

[6] ـ «مجالس‌ المفيد» المجلس‌ 35، ص‌ 173؛ و«أمالي‌ الطوسيّ» ص‌ 43؛ و«بشارة‌ المصطفي‌» ص‌ 5 و 6؛ و«بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 18.

[7] ـ «عيون‌ أخبار الرضا» ص‌ 91، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«أمالي‌ الصدوق‌» ص‌ 5، المجلس‌ الاوّل‌، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[8] ـ «أمالي‌ الصدوق‌» ص‌ 37، المجلس‌ 14، الطبعة‌ الحجريّة‌. كما أوردها الصدوق‌ في‌ «عيون‌ أخبار الرضا» الباب‌ 28، بنفس‌ السند. والمراد بحمزة‌ بن‌ محمّد العلوي‌ّ: حمزة‌بن‌ محمّدبن‌ أحمد بن‌ جعفر بن‌ محمّد بن‌ زيد بن‌ علی بن‌ الحسين‌ بن‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌. والمراد بعلي‌ّ: علي‌ّبن‌ إبراهيم‌.

[9] ـ «أمالي‌ الصدوق‌» ص‌ 168، المجلس‌ 47؛ و«بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 19.

[10] ـ «تفسير القمّي‌ّ» ص‌ 4 و 5.

 الفَرَط‌ ـ بفتح‌ الفاء والراء ـ مَن‌ يتقدّم‌ القوم‌ إلی الوِرْد. وهو اسم‌ للمفرد والجمع‌؛ يُقال‌: رَجُلٌ فَرَطٌ وقوْمٌ فَرَطٌ.

 وحِجَّة‌ الوَداع‌ ـ بكسر الحاء ـ علی وزن‌ فِعْلَة‌، لبيان‌ النوع‌ والكيفيّة‌. وليست‌ بفتح‌ الحاء بمعني‌ عمل‌ سنة‌ واحدة‌. أي‌ أنّ الحِجّة‌ هي‌ نوع‌ الحجّ الذي‌ فعله‌ رسول‌ الله‌ في‌ آخر حياته‌ الشريفة‌.

[11] ـ حديث‌ الاربعمائة‌ هو حديث‌ ذكر فيه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لاصحابه‌ في‌ مجلس‌ واحد أربعمائة‌ أمرٍ لاءصلاح‌ دين‌ المؤمن‌ ودنياه‌.

[12] ـ «الخصال‌» ج‌ 2، ص‌ 163، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[13] ـ «أمالي‌ الطوسي‌ّ» ص‌ 57 و 58، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[14] ـ مَثَل‌ عربي‌ّ. والقصيرة‌ هي‌ التَّمْرة‌، والطويلة‌ هي‌ النخلة‌. يقصد: خُذها إليك‌ كلمة‌ قصيرة‌ جامعة‌ نافعة‌.(م‌)

[15] ـ «أمالي‌ الطوسيّ» ص‌ 72؛ و«أمالي‌ المفيد» ص‌ 200.

[16] ـ أخفر الذمّة‌: نقض‌ العهد وغدر. (م‌)

[17] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[18] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[19] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[20] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[21] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهر آشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌. والاءقماح‌: رفع‌ الرأس‌ وغضّ البصر. قَمَح‌ البعير: إذا رفع‌ رأسه‌ ولم‌ يشرب‌ الماء.(م‌)

[22] ـ «الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[23] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌، والآية‌ هي‌ الآية‌ 42، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌.

[24] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 350، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[25] ـ «عقائد الصدوق‌» ص‌ 85.

[26] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[27] ـ ورد هذا المعني‌ في‌ الروايات‌ بمضامين‌ مختلفة‌، منها: أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ الماء، أوالقلم‌، أو اللوح‌، أو العقل‌، أو النور. ويقول‌ مؤلّف‌ «مرصاد العباد» ص‌ 46 و 52: أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ العقل‌. ويقول‌ في‌ ص‌ 52: أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ القلم‌. ويقول‌ في‌ ص‌ 37 و 133 و 159: أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ روحي‌.

 أمّا أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائيّ مدّ ظلّه‌ العالي‌ فيري‌ أنّ الاقوي‌ والاكثر صراحة‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الروايات‌ هو كلام‌ رسول‌ الله‌ لجابر: أوّل‌ ما خلق‌ الله‌ نور نبيّك‌ يا جابر. («بحار الانوار» ج‌ 15، ص‌ 24 ).

[28] ـ وردت‌ هذه‌ الآية‌ بمضامين‌ مختلفة‌ في‌ ثمانية‌ وثلاثين‌ موضعاً من‌ القرآن‌ الكريم‌، مضمونها أنّ الله‌ تعالی‌ وعد الذين‌ آمنوا وعملوا الصالحات‌ أن‌ يُدخلهم‌ جناتٍ تجري‌ من‌ تحتها الانهار.

[29] ـ الآية‌ 45، من‌ السورة‌ 15: الحجر؛ والآية‌ 15، من‌ السورة‌ 51: الذاريات‌.

[30] ـ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 77: المرسلات‌.

[31] ـ الآية‌ 6، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[32] ـ الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 83: المطفّفين‌.

[33] ـ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[34] ـ «ديوان‌ حافظ‌» ص‌ 125، طبعة‌ پژمان‌، سنة‌ 1318.

 يقول‌: «أبغي‌ شراباً مُرّاً يطوّح‌ بالرجل‌، لارتاح‌ هُنيهة‌ من‌ شرّ الدنيا وشرورها».

[35] ـ تكرّرت‌ هذه‌ الجملة‌ في‌ كتب‌ أصحاب‌ السلوك‌. وقد أوردها الشيخ‌ نجم‌الدين‌ الرازي‌ّ في‌ كتاب‌ «مرصاد العباد»، في‌ الصفحات‌ 212، 225، 369، 511؛ وفي‌ كتاب‌ «عشق‌ وعقل‌» (= العشق‌ والعقل‌) ص‌ 64. وقد نقل‌ المعلّق‌ والمصحّح‌ والشارح‌ للكتاب‌ في‌ ص‌ 109 و 110 عن‌ مصحّح‌ كتاب‌ «فيه‌ ما فيه‌» مثنوي‌ أنّ هذه‌ الجملة‌ من‌ كلام‌ أبي‌القاسم‌ إبراهيم‌بن‌ محمّد النصر آبادي‌ّ. وقد أوردها جامي‌ في‌ ترجمة‌ إبراهيم‌بن‌ الادهم‌ باختلاف‌ يسير: جذبة‌ من‌ جذبات‌ الحقّ تربي‌ عمل‌ الثقلين‌ وقد أورد أبو سعيد أبوالخير هذه‌ العبارة‌ بلفظ‌ الشيخ‌ باختلاف‌ يسير («أسرار التوحيد» ص‌ 247، طبعة‌ طهران‌). وقال‌ مولانا جلال‌الدين‌ في‌ «مثنوي‌»:

 اين‌ چنين‌ سيري‌ است‌ مستثني‌ ز جنس                   ‌ كان‌ فزود از اجتهاد جن‌ وانس‌

 اين‌ چنين‌ جذبي‌ است‌ ني‌ هر جذب‌ عام‌                     كه‌ نهادش‌ فضل‌ احمد و السلام‌

 يقول‌: «إنّ مثل‌ هذا السير والسلوك‌ مستثني‌ من‌ الجنس‌، لا نّه‌ يفوق‌ اجتهاد الجنّ والاءنس‌.

 وهذا الجذب‌ لا يشبه‌ عموم‌ الجذب‌، لانّ أساسه‌ فضل‌ أحمد، والسلام‌».

[36] ـ الآية‌ 17، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[37] ـ الآية‌ 5، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[38] ـ الآيتان‌ 4 و 5، من‌ السورة‌ 88: الغاشية‌.

[39] ـ إِنَّ الاْبْرَارَ لَفِي‌ نَعِيمِ * عَلَی الاْرَآنءِكِ يَنظُرُون‌ * تَعْرِف‌ فِي‌ وُجُوهِهِم‌ نَضْرَةَ النَّعِيمِ* يُسْقَوْنَ مِن‌ رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَـ'مُهُ و مِسْكٌ وَفِي‌ ذَ ' لِكَ فَلْيَتَنَافِسَ الْمُتَنَافِسُونَ. (الآيات‌ 22 إلی 26، من‌ السورة‌ 83: المطفّفين‌).

[40] ـ «كنز العمّال‌» ج‌ 12، ص‌ 201، الحديث‌ 1130، طبعة‌ الهند، سنة‌ 1384 ه؛ و«وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 18، ص‌ 52، الطبعة‌ الحروفيّة‌.

[41] ـ هذه‌ الجملة‌ من‌ كلمات‌ رسول‌ الله‌ المشهورة‌، وقد نقلها أعلام‌ المحدّثين‌ والمؤرّخين‌، ونوردها الآن‌ ضمن‌ حديث‌ العشيرة‌ الذي‌ دعا فيه‌ أميرالمؤمنين‌ بأمرٍ من‌ رسول‌الله‌ عشيرة‌ النبي‌ّ في‌ مجلسٍ خاطبهم‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ قائلاً:

 أيّكم‌ ينتدب‌ أن‌ يكون‌ أخي‌ ووزيري‌ ووصيي‌ّ وخليفتي‌ في‌ أُمّتي‌ّ وولي‌ّ كلّ مؤمن‌ بعدي‌؟ فسكت‌ القوم‌ حتّي‌ أعادها ثلاثاً؛ فقال‌ علي‌ّ: أنا يا رسول‌ الله‌. («الغدير» ج‌ 2، ص‌ 282 ).

[42] ـ الآية‌ 49، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com