بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد التاسع / القسم الثانی: الشفاعة التکوینیة و التشریعیة، الشفاعة فی الروایات العامة و الشیعة، الشف...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس‌ الستّون‌:

 الشفاعة‌ ومسائلها الكلّيّة‌

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه‌ ربّ العالمين‌ ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلي‌ّ العظيم‌

وصلَّي‌ الله‌ علی محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلی الرَّحْمَـ'نِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَي‌' جَهَنَّمَ وِرْدًا * لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَـ'عَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـ'نِ عَهْدًا. [1]

 بحث‌ الشفاعة‌ من‌ أفضل‌ أبحاث‌ المعاد وأرقاها، وكثيراً ما تطرّقت‌ إليه‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ وروايات‌ المعصومين‌ صلوات‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌، كما وبلغ‌ النقاش‌ والجدل‌ بشأنه‌ بين‌ الباحثين‌ حدّاً جعل‌ البعض‌ يتطرّف‌ في‌ قوله‌ بالشفاعة‌، إذ اعتبر الشفاعة‌ المحمديّة‌ شاملة‌ حتّي‌ للمعاندين‌ والناصبين‌؛ وجعل‌ البعض‌ الآخر يتطرّف‌ في‌ إنكارها، إذ يحصرها علی الاُمور التكوينيّة‌ فقط‌، أمّا في‌ الاُمور التشريعيّة‌ فقد أنكر العفو عن‌ المجرم‌ والتغاضي‌ عن‌ إنزال‌ العقاب‌ الإلهي‌ّ، وعدّهما أمراً منكراً.

 وقد ألفّ الفريقان‌ كتباً كثيرة‌ في‌ إثبات‌ الشفاعة‌ أو في‌ نفيها وإنكارها، ودام‌ البحث‌ بشأنها وطال‌. بَيدَ أنّ أفضل‌ الابحاث‌ التي‌ تطرّقت‌ إلی موضوع‌ الشفاعة‌ وسبرت‌ أغوارها، والتي‌ شيّدت‌ علی أساس‌ التفسير الموضوعي‌ّ ( الآيات‌ بالآيات‌)، وعلي‌ الاستشهاد بالروايات‌ الصحيحة‌، ودُعمت‌ ببحوث‌ اجتماعيّة‌ وفلسفيّة‌، بحث‌ أُستاذنا الجليل‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ في‌ كتابه‌ « الميزان‌ »؛ كما أ نّه‌ أورد في‌ « رسالة‌ المعاد »[2]؛ بحثاً موجزاً عن‌ الشفاعة‌ قد استنبطه‌ من‌ ارتباط‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ بعضها بالبعض‌ الآخر.

 ونأمل‌ أن‌ نناقش‌ بحول‌ الله‌ المتعال‌ وقوّته‌ هذا الموضوع‌ بالقدر الكافي‌، ونتفحّص‌ جميع‌ جوانبه‌. ونُلقي‌ الآن‌ نظرة‌ إجماليّة‌ علی المعني‌ اللغوي‌ّ للشفاعة‌.

 الرجوع الي الفهرس

‌ في‌ المعني‌ اللغوي‌ّ للشفاعة‌

 جاء في‌ « لسان‌ العرب‌ »: شَفَع‌ لِي‌، يَشْفَعُ، شَفَاعَةً وتَشَفَّعَ: طَلَبَ؛ وَالشَّفِيعُ: الشَّافِعُ، والجمع‌: شُفَعَاءَ.

 وجاء في‌ القرآن‌ الكريم‌:

 مَن‌ يَشْفَعْ شَفَـ'عَةً حَسَنَةً يَكُن‌ لَّهُ و نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن‌ يَشْفَعْ شَفَـ'عَةً سَيِّئةً يَكُن‌ لَّهُ و كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَهُ عَلَي‌' كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا. [3]

 وجاء في‌ حديث‌ الحدود: إِذَا بَلَغَ الحَدُّ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَهُ الشَّافِعَ وَالمُشَفَّعَ. [4]

 وتكرّر في‌ الحديث‌ ذكر الشفاعة‌ في‌ أُمور الدنيا والآخرة‌، وهي‌ طلب‌ العفو عن‌ الذنوب‌ والجرائم‌، ويقال‌ لمن‌ يقبل‌ الشفاعة‌: المُشَفِّعُ، ولصاحب‌ الشفاعة‌ المقبولة‌: المُشَفَّع‌.

 وفي‌ « تاج‌ العروس‌ »: الشَّفْع‌: الزيادة‌. وفي‌قوله‌ تعالی‌: مَن‌ يَشْفَعْ شَفَـ'عَةً حَسَنَةً، قال‌ الراغب‌: أي‌ مَن‌ انضمّ إلی غيره‌ وعاونه‌ وصار شفعاً له‌ أو شفيعاً في‌ فعل‌ الخير أو الشرّ، فعاونه‌ أو شاركه‌ في‌ نفعه‌ أو ضرّه‌. فصار كأ نّه‌ شفَع‌ له‌. وذلك‌ كما قال‌ ( الرسول‌ الاكرم‌ ) صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: مَن‌ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرَهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَمَن‌ سَنَّ سُنَّةً قَبِيحَةً فَلَهُ إثْمُهَا وَإثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا.

 وفي‌ « صحاح‌ اللغة‌ »: الشَفْع‌: خلاف‌ الوَتْر، وهو الزوج‌. تقول‌: كَانَ وَتْراً فَشَفَعَتْهُ شَفْعاً.

 وجاء في‌ « النهاية‌ » لابن‌ الاثير نفس‌ ما أوردناه‌ عن‌ « لسان‌ العرب‌ ».

 وفي‌ « مجمع‌ البحرين‌ »: الشَّفيع‌: صاحب‌ الشفاعة‌. قال‌ تعالی‌:

 مَن‌ يَشْفَعْ شَفَـ'عَةً حَسَنَةً يَكُن‌ لَّهُ و نَصِيبٌ مِّنْهَا. قيل‌: معناه‌ من‌ يُصلح‌ بين‌ اثنين‌ يكن‌ له‌ جزء منها. وَمَن‌ يَشْفَعْ شَفَـ'عَةً سَيِّئَةً، أي‌ يمشي‌ بالنميمة‌ مثلاً يَكُن‌ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا، أي‌ إثم‌ منها.

 وفي‌ « لغت‌ نامه‌ دهخدا »: [5] نُقل‌ عن‌ معجمي‌ « ناظم‌ الاطبّاء » و « صراح‌ اللغة‌ » أ نّها تأتي‌ بمعني‌ الترجّي‌ والتوسّط‌. وفي‌ هوامش‌ « دهخدا » أنّ الشفاعة‌ بمعني‌ التوسّط‌ والوساطة‌ بين‌ اثنين‌. وفي‌ « ناظم‌ الاطبّاء » أ نّها بمعني‌ التوسّط‌، كما جاء فيه‌ أ نّها بمعني‌ ترجّي‌ العفو. وفي‌ هوامش‌ « دهخدا » أ نّها تأتي‌ أيضاً بمعني‌ التوسّط‌ لدي‌ ملك‌ أو عظيم‌ ليعفو عن‌ مذنب‌ ما. وجاء في‌ « فرهنك‌ آنِندراج‌ » أنّ الناطقين‌ بالفارسيّة‌ يستعملون‌ لفظ‌ الشفاعة‌ بمعني‌ الطلب‌ اللفظي‌ّ للمغفرة‌ عن‌ مذنب‌.

 ويستفاد من‌ مجموع‌ ما ذُكر أنّ الشفاعة‌ بمعني‌ تقوية‌ ومساعدة‌ شي‌ء أو شخص‌ ضعيف‌ محتاج‌ لمعونة‌ ومساعدة‌. ويستعمل‌ هذا اللفظ‌ في‌ دعم‌ ذلك‌ الموجود المحتاج‌ إلی القوّة‌، لحين‌ وصوله‌ إلی مرحلة‌ الاعتدال‌ والكمال‌ وانتفاء الفاقة‌.

 فعصا اليد ـ مثلاً ـ تُدعي‌ شفيعاً، لانّ صاحب‌ العصا يحتاجها بسبب‌ ضعف‌ بدنه‌ وقدميه‌ وظهره‌، حيث‌ تعينه‌ هذه‌ العصا وتجبر فاقته‌، فيرتفع‌ احتياجه‌ خلال‌ الحركة‌ والسير من‌ خلال‌ استناده‌ عليها.

 أمّا قدم‌ الإنسان‌ فلا تُدعي‌ شفيعاً مع‌ أ نّها تعين‌ قدمه‌ الاُخري‌ وأ نّه‌ سيعجز عن‌ السير بقدم‌ واحدة‌، لانّ عنوان‌ إعانة‌ البدن‌ حال‌ السير أو الوقوف‌ قد لوحظ‌ في‌ العصا ولم‌ يلاحظ‌ في‌ القدم‌؛ فالشَّفع‌ مقابل‌ الوَتْر، وهو الفرد الذي‌ لايحتاج‌ إلی إعانة‌ أو دعم‌.

 وعليه‌، فلدينا ثلاثة‌ تعابير: شَفْع‌ و وَتْر؛ زوج‌ و فَرْد؛ و اثنين‌ و واحد. الواحد، وهو الذي‌ لا يلاحظ‌ له‌ معني‌ غير الوحدانيّة‌، ويقابله‌ الاثنان‌، وهو تكرار الواحد بغضّ النظر عن‌ أي‌ّ لحاظ‌ آخر.

 الفَرْد، وهو العدد الذي‌ يقابله‌ العدد الزوج‌.

 أمّا الوتر فيعني‌ المتوحّد الذي‌ لا يحتاج‌ إلی إعانة‌، ويقابله‌ الشَّفْع‌، هو المعين‌ والمساعد للشي‌ء الذي‌ لوحظ‌ فيه‌ فاقته‌ واحتياجه‌ لتلك‌ الإعانة‌.

 ولهذا فقد قال‌ في‌ « مجمع‌ البحرين‌ »، مادة‌ ( وتر ): « في‌ تفسير قوله‌ تعالی‌: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ؛ قيل‌: الشفع‌ يوم‌ الاضحي‌، والوتر يوم‌ عرفة‌؛ وقيل‌: الوَتْر الله‌، والشفع‌ الخلق‌ خُلقوا أزواجاً؛ وقيل‌ الوَتْر آدم‌ شفع‌ بزوجته‌ حوّاء؛ وقيل‌: الشفع‌ والوتر الصلاة‌ منها شفع‌ ومنها وتر».

 أي‌ الصلاة‌ ذات‌ الركعة‌ الواحدة‌ التي‌ تعدّ تامّة‌ وكاملة‌ في‌ حدّ نفسها، الصلاة‌ الاُخري‌ التي‌ لا تعدّ تامّة‌ دون‌ ضمّ ركعة‌ ثانية‌ إلی الاُولي‌.

 ويمكن‌ القول‌ بصورة‌ عامّة‌ إنّ الشفيع‌ عبارة‌ عن‌ انضمام‌ وسيلة‌ وأسباب‌ معيّنة‌ إلی شي‌ء أو إلی شخص‌ لتشفعه‌ بعد أن‌ كان‌ وحيداً، لإيصاله‌ من‌ خلال‌ ذلك‌ إلی نيل‌ مراده‌، ذلك‌ المراد الذي‌ لم‌ يكن‌ نيله‌ ميسوراً له‌ أبداً بسبب‌ ضعفه‌ وقصوره‌.

 وكثيراً ما نستعمل‌ لفظ‌ الشفاعة‌ في‌ أحاديثنا اليوميّة‌ ومحاوراتنا العرفيّة‌ والإجتماعيّة‌، ونريد بها ـ علی ضوء ما هو متعارف‌ في‌ الوسط‌ الاجتماعي‌ّـ نفس‌ هذا المعني‌ وصولاً للمطلوب‌ وقضاء الحوائج‌ الحيويّة‌.

 وبناء علی ما سبق‌، فلا اختصاص‌ لكلمة‌ الشفاعة‌ بالشفاعة‌ التكوينيّة‌ أو بالشفاعة‌ التشريعيّة‌، سواء في‌ اللغة‌ أم‌ في‌ المحاورات‌ العرفيّة‌، بل‌ إنّها تشمل‌ كلا القسمين‌.

 ثمّ إنّ الشفاعة‌ من‌ مصاديق‌ السببيّة‌، أي‌ توسيط‌ سبب‌ قريب‌ بين‌ السبب‌ الاوّل‌ البعيد وبين‌ مسبّبه‌، سواءً في‌ الاسباب‌ الخارجيّة‌ أم‌ في‌ الاسباب‌ التشريعيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 الشفاعتان‌ التكوينيّة‌ والتشريعيّة‌ مختصّتان‌ بالله‌ تعالی

 إنّ الله‌ تعالی‌ هو الشفيع‌ في‌ جهتي‌ التكوين‌ والتشريع‌؛ أمّا في‌ جانب‌ التكوين‌، فلانّ التأثير منه‌ تعالی‌، ولانّ السببيّة‌ تُختم‌ به‌. فالله‌ سبحانه‌ هو المالك‌ لبناء الوجود المشيّد ولعالم‌ الوجود والإيجاد. ومن‌ هنا، فالعلل‌ والاسباب‌ التي‌ تتوسّط‌ بين‌ ذاته‌ القدسيّة‌ وبين‌ المسبّبات‌ فتستدعي‌ نشر أنواع‌ الرحمة‌ والنعم‌ التي‌ لا تعدّ ولا تُحصي‌ علی عالم‌ مخلوقاته‌ وصنائعه‌ التي‌ ابتدعها، إنّما تعود إليه‌ جميعاً وهي‌ منه‌.

 فتمام‌ سلسلة‌ العلل‌ والاسباب‌ ـباعتبار كون‌ كلٍّ منها واسطة‌ للفيض‌ـ تمتلك‌ حقيقة‌ الشفاعة‌، والله‌ سبحانه‌ هو الشفيع‌ والشافع‌، بل‌ هو شَفِيعُ الشَّافِعِينَ وَأَشْفَعُ الشَّافِعِينَ.

 ومن‌ المعلوم‌ أنّ انطباق‌ معني‌ الشفاعة‌ علی شؤون‌ الاسباب‌ والعلل‌ الوجوديّة‌ المتوسّطة‌ واضح‌ في‌ جانب‌ التكوين‌، لانّ هذه‌ العلل‌ والاسباب‌ المتوسّطة‌ ـ كالملائكة‌ والانواع‌ المجرّدة‌ وغيرهاـ تستمدّ من‌ صفات‌ الله‌ العليا وأسمائه‌ الحسني‌، كالرحمة‌ والإحياء والإماتة‌ والرزق‌ والعلم‌ والقدرة‌ وغيرها، فتفيضها علی هذه‌ الماهيّات‌ العدميّة‌ المفتقرة‌، مشيّدة‌ عالم‌ الإمكان‌ بمثل‌ هذه‌ الطراوة‌ والجمال‌، وناهضة‌ بعالم‌ الصنع‌ بمثل‌ هذا الإبداع‌ العجيب‌ المحيّر.

 وقد ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌: لَهُ و مَا فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَا فِي‌ الاْرْضِ مَن‌ ذَا الَّذِي‌ يَشْفَعُ عِندَهُ و إِلاَّ بِإذْنِهِ. [6]

 وورد أيضاً: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ فِي‌ سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَي‌ علی الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الاْمْرَ مَا مِن‌ شَفِيعٍ إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ إِذْنِهِ. [7]

 وتبيّن‌ هذه‌ الآيات‌ في‌ ظاهرها الشفاعة‌ في‌ التكوين‌، إذ إنّ الشفاعة‌ التكوينيّة‌ ـكما ذُكر سابقاًـ هي‌ عبارة‌ عن‌ توسّط‌ العلل‌ والاسباب‌ بين‌ الذات‌ الإلهيّة‌ المقدّسة‌ وبين‌ المسبّبات‌ والموجودات‌ الخارجيّة‌ في‌ تدبير وجودها وتنظيمه‌، وفي‌ بقائها ودوامها في‌ عالم‌ الخلقة‌.

 الشفاعة‌ التشريعيّة‌

 أمّا في‌ الجانب‌ التشريعيّ فإنّ الله‌ تبارك‌ وتعالی‌ في‌ علوّه‌ وسُمُوّه‌ قد تفضّل‌ علی عالم‌ الإنسان‌ الترابيّ الذليل‌ بإرسال‌ الانبياء وإنزال‌ الكتب‌ السماويّة‌، ووضع‌ الاحكام‌ والقوانين‌ في‌ الاوامر والنواهي‌، والجزاء عليها بتبعات‌ الطاعة‌ والعصيان‌ التي‌ يجسّدها الثواب‌ والعقاب‌ في‌ دار الآخرة‌، وأنعم‌ علينا بنعمة‌ السير التشريعيّ في‌ طريق‌ التكامل‌. وقد جاء الانبياء ـعلي‌ هذا الاساس‌ـ فبشّروا الناس‌ برحمة‌ الله‌ ونعمته‌، وحذّروهم‌ من‌ العواقب‌ الوخيمة‌ للظلم‌ والخيانة‌ والاعتداء، فتمّت‌ بذلك‌ الحجّة‌ علی الناس‌، ولزمهم‌ البرهان‌ والبيّنة‌ باتّباع‌ الصراط‌ المستقيم‌:

 وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـ'تِهِ وَهَوُ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. [8]

 ولابدّ هنا من‌ ذكر مقدّمة‌ لإيضاح‌ جميع‌ جوانب‌ الشفاعة‌ في‌ الاُمور التشريعيّة‌ ولبيان‌ معناها والتعرّف‌ علی موقعها وأهمّيّتها.

 مقدّمة‌ لإثبات‌ الشفاعة‌ التشريعيّة‌

 إنّ الشفاعة‌ التي‌ نتوسّط‌ بها في‌ أُمورنا الاجتماعيّة‌، إمّا أن‌ تكون‌ استجلاباً لنفعٍ ما، أو أن‌ تكون‌ دفعاً لضررٍ ما، إلاّ أ نّه‌ لايمكن‌ إطلاق‌ كلمة‌ الشفاعة‌ وتعميمها علی استجلاب‌ أيّة‌ منفعة‌ أو دفع‌ أي‌ّ ضرر، لا نّنا لانتوسّل‌ بالشفاعة‌ فيما تتضمّنه‌ العلل‌ والاسباب‌ التكوينيّة‌ من‌ خير أو شرّ، كالجوع‌ والعطش‌ والصحّة‌ والمرض‌ والإحساس‌ بالحرّ والبرد، بل‌ نلجأ في‌ مثل‌ هذه‌ الاُمور إلی الاسباب‌ الطبيعيّة‌، فنستخدم‌ الوسائل‌ المناسبة‌ لصيانة‌ أنفسنا من‌ الإصابة‌ بالآفات‌، كتناول‌ الطعام‌ والشراب‌، وارتداء الملابس‌ والعيش‌ في‌ بيت‌ ومحلّ مناسب‌، ومعالجة‌ المرض‌.

 إلاّ أ نّنا نحصر استخدامنا الشفاعة‌ في‌ أُمور الخير والشّر والمنافع‌ والاضرار المعتبرة‌ في‌ الحكومات‌ الاجتماعيّة‌ علی نحو الخصوص‌ أو العموم‌، لا نّنا نعلم‌ أنّ هناك‌ في‌ دائرة‌ المولويّة‌ والعبوديّة‌، ولدي‌ كلّ حاكم‌ ومحكوم‌ عليه‌، أحكاماً وقوانيناً وأوامر ونواهٍ، إن‌ امتثل‌ المكلّف‌ بطاعتها، فستعود عليه‌ بالثواب‌ الجميل‌ والمدح‌ والثناء وارتقاء الدرجة‌، وستدرّ عليه‌ المال‌ والجاه‌؛ وللحقه‌ ـفي‌ حال‌ عدم‌ امتثاله‌ـ توابع‌ ذلك‌ من‌ العقوبات‌ المادّيّة‌ والاضرار المعنويّة‌.

 وبشكل‌ عامّ، فلو أمر موليً وولي‌ّ أمرٍ ما عبده‌، ومن‌ كان‌ منضوياً تحت‌ لواء حكمه‌ وسيادته‌، أن‌ يخضع‌ لحكومته‌ بأمرٍ أو نهيٍ ما، فإن‌ امتثل‌ للطاعة‌ فسيكافأ بما هو حسن‌ ومرضي‌، وإن‌ تمرّد وعصي‌ فسيعاتب‌ ويوبخّ بما هو غيرمرض‌.

 فهناك‌ ـ إذاً ـ قانونان‌ واعتباران‌، هما قانون‌ الحكم‌ والامر، وقانون‌ الجزاء الذي‌ يوضع‌ علی إثر إطاعة‌ الامر أو مخالفته‌.

 إنّ هذا الاصل‌ والقاعدة‌ الكلّيّة‌ جاريّاً في‌ جميع‌ الحكومات‌ ـسواء الحكومات‌ العالميّة‌، أم‌ الخاصّة‌، أم‌ بين‌ فرد من‌ أفراد الإنسان‌ مع‌ مَن‌ هم‌ تحت‌ سلطته‌ـ أي‌ قاعدة‌: وجود القانون‌، والعقوبة‌ والجزاء الحسن‌ علی ضوء مخالفته‌ أو موافقته‌.

 الرجوع الي الفهرس

شرائط‌ الشفاعة‌ التشريعيّة‌

 ولو أراد إنسان‌ أن‌ يحظي‌ بفائدة‌ مادّيّة‌ أو معنويّة‌ ويحصل‌ علی ما عُيّن‌ له‌ من‌ قبل‌ المجتمع‌، دون‌ أن‌ يمتلك‌ الاسباب‌ الموجبة‌ لتلك‌ الحظوة‌، أو إذا أراد أن‌ يتّقي‌ شرّاً ويدفع‌ عن‌ نفسه‌ الضرر بامتثال‌ الامر وتحمّل‌ مسؤوليّة‌ التكليف‌، فعليه‌ أن‌ يتوسّل‌ بالشفاعة‌.

 وبعبارة‌ أُخري‌، فإن‌ أراد الحصول‌ علی الجزاء الحسن‌ دون‌ أن‌ يمهّد له‌ أسبابه‌ من‌ طاعة‌ الاوامر المولويّة‌ والاجتماعيّة‌، أو أراد أن‌ يدفع‌ عن‌ نفس‌ عقوبة‌ شديدة‌ دون‌ أن‌ يُنجز ما كلِّف‌ بإنجازه‌، فعليه‌ التوسّل‌ بالشفاعة‌. وسيتّضح‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ معني‌ الشفاعة‌ وتتجلّي‌ حقيقتها، بَيدَ أ نّه‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ واضحاً أنّ هذه‌ الشفاعة‌ لا تتحقّق‌ بصورة‌ مطلقة‌ إلاّ في‌ موارد خاصّة‌.

 فالذي‌ لا يمتلك‌ لياقة‌ التلبّس‌ بكمال‌ خاصّ، كأن‌ يريد شخص‌ عامّي‌ّ عادي‌ّ أن‌ يتصدّي‌ لرئاسة‌ كلّيّة‌ في‌ إحدي‌ الجامعات‌، أو يتصدّي‌ للتدريس‌ فيها، أو يريد أن‌ يظهر كمستكبر طاغٍ يستنكف‌ من‌ إظهار الخضوع‌ أمام‌ مولاه‌؛ فلا شفاعة‌ في‌ هكذا حالات‌، لانّ الشفاعة‌ تستدعي‌ تكميل‌ العلّة‌، لا أن‌ تكون‌ سبباً مستقلاً في‌ التأثير.

 وبغضّ النظر عن‌ هذه‌ الاُمور، فينبغي‌ ألاّ تكون‌ شفاعة‌ الشفيع‌ لدي‌ صاحب‌ الشفاعة‌ جزافاً بلا فائدة‌، وألاّ تحصل‌ دونما سبب‌ أو داعٍ، وينبغي‌ علی الشفيع‌ أن‌ يظهر لدي‌ صاحب‌ الشفاعة‌ أمراً يؤثّر فيه‌ ويقنعه‌، فيوجب‌ ـبهذه‌ الوسيلة‌ـ الجزاء الحسن‌، أو يصرف‌ ـبهاـ العذاب‌ الشديد.

 الرجوع الي الفهرس

لا تستلزم‌ الشفاعة‌ التضادّ مع‌ الحكم‌، بل‌ تمثّل‌ الحكومة‌

 لا يمكن‌ للشفيع‌ أن‌ يقول‌ للمولي‌: أبطل‌ مولويّتك‌ واكفف‌ عبوديّتك‌ عن‌ عبدك‌، واصرف‌ عقابك‌ وجزاءك‌ عنه‌!

 كما لا يمكنه‌ أن‌ يقول‌ له‌: أوقف‌ حكمك‌ الذي‌ جعلتَه‌ وكلّفتَ به‌ عبدك‌، وافسخ‌ ذلك‌ الحكم‌ في‌ شأن‌ عبدك‌ بشكل‌ عامٍ أو خاصّ، وارفع‌ العذاب‌ عنه‌!

 ولا يمكنه‌ أيضاً أن‌ يقول‌ له‌: أبطِل‌ قانون‌ العقوبات‌ إمّا بشكل‌ عامّ أو في‌ خصوص‌ هذه‌ الواقعة‌، ولا تعاقب‌ عبدك‌.

 ومن‌ هنا، فليس‌ للشفيع‌ أي‌ّ أثر في‌ مرحلة‌ المولويّة‌ والعبوديّة‌ بين‌ العبد ومولاه‌، ولا في‌ مرحلة‌ الحكم‌ والامر، ولا في‌ مرحلة‌ جزاء الحكم‌ والامر، ولادخل‌ له‌ في‌ هذه‌ المراحل‌ الثلاث‌.

 لكنّ بإمكان‌ الشفيع‌ ـ بعد مراعاته‌ هذه‌ الجهات‌ الثلاث‌ ـ إمّا أن‌ يتوسّل‌ بما يتّصف‌ به‌ الحاكم‌ من‌ صفات‌ تستدعي‌ العفو عن‌ العبد ومسامحته‌، كالتوسّل‌ بجلال‌ المولي‌ وسيادته‌ وكرمه‌ وسخائه‌ وشرفه‌ وأصالته‌؛ أو أن‌ يتوسّل‌ بما لدي‌ العبد المذنب‌ من‌ صفات‌ تستجلب‌ رحمة‌ الحاكم‌ وتستدرّ عطفه‌ وشفقته‌، وتثير في‌ وجوده‌ حسّ المغفرة‌ والتغاضي‌، كذلّ العبد ومسكنته‌ وحقارته‌ وحيرته‌ وسوء حاله‌؛ أو أن‌ يتمسّك‌ بالصفات‌ الموجودة‌ فيه‌ بذاته‌ أي‌ في‌ نفس‌ الشفيع‌، كقربه‌ من‌ صاحب‌ الشفاعة‌ وكرامته‌ عليه‌ وعلوّ درجته‌ وسموّ منزلته‌ عنده‌.

 وبهذا الطريق‌ يمكنه‌ أن‌ يقول‌ له‌: إنّني‌ لا أسألك‌ رفع‌ يدك‌ عن‌ مولويّتك‌ وعن‌ عبوديّة‌ عبدك‌؛ ولا أسألك‌ إبطال‌ حكمك‌، ولا إيقاف‌ قانون‌ جزائك‌؛ بل‌ أسألك‌ أن‌ تغضّ الطرف‌ عن‌ ذنبه‌، وأن‌ تشمله‌ بغفرانك‌ وعفوك‌، لا نّك‌ أنت‌ صاحب‌ الشرف‌ والسيادة‌ والكرم‌ والرأفة‌، ولانّ عذابك‌ له‌ لن‌ يعود عليك‌ بشي‌ء، وعفوك‌ عنه‌ لن‌ يضرّك‌ بشي‌ء، أو لا نّه‌ مسكين‌ مستكين‌، وأنت‌ أجلّ وأسمي‌ مقاماً من‌ أن‌ تصرّ علی عقابه‌، أو أسألك‌ بمقامي‌ ومنزلتي‌ عندك‌ أن‌ تقضي‌ لي‌ حاجتي‌، أن‌ ترعاه‌ بنظرة‌ عطف‌ تؤدّي‌ به‌ إلی العفو والنجاة‌.

 وفي‌ الحقيقة‌ فالشفيع‌ يطرح‌ موضوعاً جديداً يستلزم‌ حكماً جديداً فيسأل‌ العفو علی أساس‌ ذلك‌ الموضوع‌ الجديد، وذلك‌ الموضوع‌ ناتج‌ عن‌ تحكيم‌ بعض‌ العوامل‌ المتعلّقة‌ بالمورد المعيّن‌، والمؤثّرة‌ في‌ رفع‌ عذاب‌ الشخص‌ المجرم‌ وعقوبته‌ الشديدة‌، بحيث‌ تصبح‌ تلك‌ العوامل‌ الجديدة‌ حاكمة‌ علی العامل‌ القديم‌ الذي‌ أوجد الحكم‌ ورتّب‌ الجزاء والعقاب‌.

 ومرادنا من‌ هذه‌ الحكومة‌ هو أنّ الشفيع‌ يرفع‌ موضوع‌ الحكم‌ الاوّل‌ عن‌ موضعه‌، ويدخله‌ تحت‌ موضوع‌ حكم‌ آخر، وهو العفو والتغاضي‌ والغفران‌.

 ومن‌ هنا، فالحكم‌ الاوّل‌ ( وهو العقوبة‌ ) سوف‌ لن‌ يجري‌ في‌ موضعه‌، لخروجه‌ من‌ مصاديق‌ موضوعيّة‌ الموضوع‌. كما أنّ الامر ليس‌ بالشكل‌ الذي‌ يبطل‌ الشفيع‌ حكم‌ الموضوع‌ علی نحو التضادّ. كما هو الحاصل‌ عند إبطال‌ بعض‌ الاسباب‌ المتعارضة‌ في‌ الطبيعة‌ بعضها الآخر من‌ خلال‌ التضادّ والغلبة‌ في‌ التأثير.

 فحقيقة‌ الشفاعة‌ ـ إذاً ـ ليست‌ تضادّاً ولا تزاحماً، بل‌ هي‌ التوسّط‌ في‌ إيصال‌ نفع‌ أو إزالة‌ ضرر عن‌ موضوعٍ ما علی إثر جريان‌ عنوان‌ جديد يطرأ علی ذلك‌ الموضوع‌، فيُخرجه‌ من‌ عنوان‌ حكم‌ العقاب‌ ويُدخله‌ تحت‌ عنوان‌ حكم‌ العفو والغفران‌.

 وبناء علی ما قبل‌ فالشفاعة‌ هي‌ من‌ مصاديق‌ السببيّة‌، لا نّها تفصل‌ بين‌ السبب‌ الاوّل‌ والمسبَّب‌، فلا تدع‌ السبب‌ الاوّل‌ يُلحق‌ حكم‌ الضرر بالموضوع‌، بل‌ تجعله‌ ـعلي‌ أساس‌ هذا التوسّط‌ـ يصدر حكم‌ العفو والمسامحة‌ بشأن‌ ذلك‌ الموضوع‌.

 من‌ هنا، نحصل‌ علی أن‌ ليس‌ ثمّة‌ من‌ إشكال‌ أو محذور من‌ وجهة‌ نظر التشريع‌ أيضاً ( الشفاعة‌ عند الله‌ ).

 الرجوع الي الفهرس

الشفاعة‌ من‌ شؤون‌ الله‌ تعالی‌، وامتلاكها بإذنه‌ عزّ وجلّ

 اتّضح‌ ممّا سبق‌ أنّ عنوان‌ الشفاعة‌ لدي‌ الحاكم‌ المطلق‌ جائز وفق‌ شرائط‌ خاصّة‌، وقد وردت‌ في‌ هذا الشأن‌ آيات‌ قرآنيّة‌ كريمة‌، منها آية‌:

 يَوْمَنءِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَـ'عَةُ إِلاَّ مَن‌ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـ'نُ وَرَضِيَ لَهُ و قَوْلاً. [9]

 وآية‌: وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَـ'عَةُ عِندَهُ و´ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. [10]

 وآية‌: وَكَم‌ مِّن‌ مَّلَكٍ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ لاَ تُغْنِي‌ شَفَـ'عَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ أَن‌ يَأْذَنَ اللَهُ لِمَن‌ يَشَآءُ وَيَرْضَي‌. [11]

 وآية‌: وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن‌ دونِهِ الشَّفَـ'عَةَ إِلاَّ مَن‌ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. [12]

 وهي‌ آيات‌ تقرّر أمر الشفاعة‌ لطائفة‌ من‌ الملائكة‌ والناس‌ بإذن‌ الله‌ وارتضائه‌، لانّ الملك‌ والامر للّه‌ سبحانه‌، إن‌ شاء مَلَّك‌ الامر غيره‌، أو أشرك‌ سواه‌ في‌ حقّ الشفاعة‌ المختصّ بذاته‌ المقدّسة‌.

 شفاعة‌ العباد الصالحين‌ بأمرٍ من‌ الله‌

 ومن‌ حقّ عباد الله‌ الصالحين‌ وملائكته‌ المقرّبين‌ المتمسّكين‌ بذيل‌ رحمته‌ أن‌ يستفيدوا من‌ صفاته‌ العليا من‌ خلال‌ العفو والمغفرة‌ والمسامحة‌، فيشملوا بعناية‌ الله‌ عبداً من‌ عباده‌ قد ساءت‌ حاله‌ بمعصيته‌، وإنقاذه‌ من‌ بلاء العقوبة‌، وإخراجه‌ من‌ مصداق‌ حكم‌ العقاب‌ الذي‌ يشمل‌ المجرمين‌.

 وذلك‌ لانّ تأثير الشفاعة‌ ـ كما علمنا سابقاًـ هو علی نحو الحكومة‌ وليس‌ علی نحو التزاحم‌ والتعارض‌ والتضادّ.

 أجل‌، إنّ الله‌ قادر علی إنجاز أيّ تغيير وتبديل‌، وعلي‌ تكفير الفعل‌ القبيح‌ الذي‌ يرتكبه‌ عبده‌، وستره‌ بأنواع‌ الستر والحجب‌؛ أوَ لم‌يقل‌ سبحانه‌:

 أُولَـ'´نءِكَ يُبَدِّلُ اللَهُ سَيِّـَاتِهِمْ حَسَنَـ'تٍ. [13]

 فهو عزّ وجلّ قادر علی تبديل‌ السيّئات‌ حسنات‌، وقادر أيضاً علی إعدام‌ العمل‌ الموجود ونفيه‌: وَ قَدِمْنَآ إلی مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَـ'هُ هَبَآءً مَّنثُّورًا.[14]

 وقادر كذلك‌ علی أن‌ يجعل‌ العمل‌ الحسن‌ موجباً لمغفرة‌ العمل‌ القبيح‌ وكفّارةً له‌: إِن‌ تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ. [15]

 وقال‌ تعالی‌: إِنَّ اللَهَ لاَ يَغْفِرُ أَن‌ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ ' لِكَ لِمَن‌ يَشَآءُ. [16]

 ومن‌ الجليّ أنّ عدم‌ غفران‌ الشرك‌ مغاير لمورد الإيمان‌ والتوبة‌، إذ لو أشرك‌ امرؤ ما ثمّ آمن‌، لكان‌ نفس‌ إيمانه‌ توبةً له‌ وسبباً في‌ العفو عنه‌. من‌ هنا فالشرك‌ غير قابل‌ للمغفرة‌ حال‌ الشرك‌، لا بعد التوحيد وتبدّل‌ الموضوع‌، أمّا بعد التوبة‌ والإيمان‌ فسيكون‌ قابلاً للمغفرة‌، شأنه‌ في‌ ذلك‌ شأن‌ سائر الذنوب‌.

 أجل‌، فالله‌ قادر أن‌ يضاعف‌ العمل‌ القليل‌، فقد قال‌ سبحانه‌: مَن‌ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و عَشْرُ أَمْثَالِهَا. [17]

 كما أ نّه‌ قادر أن‌ يجعل‌ العمل‌ المعدوم‌ موجوداً؛ كما في‌ آية‌ اتّباع‌ الذرّيّة‌ آباءها وأجدادها ولحوقها بهم‌: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم‌ بِإِيمَـ'نٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلْتَنَـ'هُمْ مِّن‌ عَمَلِهِم‌ مِّن‌ شَيْءٌٍ كُلُّ امْرِي‌ءِ بِمَا كَسَبَ رَهِينٍ. [18]

 وبالتأكيد، فالله‌ عزّ وجلّ لايفعل‌ هذه‌ الاُمور جزافاً ولا داعٍ، بل‌ يفعلها علی أساس‌ المصلحة‌ المقتضية‌ والعلّة‌ المتوسّطة‌ في‌ البين‌.

 وعليه‌، فما الإشكال‌ في‌ أن‌ يكون‌ بين‌ تلك‌ الاسباب‌ والعلل‌ المتوسّطة‌ شفاعة‌ الشافعين‌ من‌ أنبيائه‌ وأوليائه‌ المقرّبين‌ وعباده‌ الصالحين‌؟ أفي‌ ذلك‌ ظلم‌ ما! أَوَ هذا الامر أمر جزاف‌؟!

 في‌ إثبات‌ الشفاعة‌ الحقّة‌ علی أساس‌ الآيات‌ القرآنيّة‌

 تنفي‌ كثير من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الشفاعة‌ عند الله‌ سبحانه‌ بشكل‌ مطلق‌، آية‌:

 وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي‌ نَفْسٌ عَن‌ نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَـ'عَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُون‌. [19]

 وقوله‌ تعالی‌: وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي‌ نَفْسٌ عَن‌ نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَـ'عَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُون‌. [20]

 وقوله‌ تعالی‌: يَـ'´أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَـ'كُم‌ مِّن‌ قَبْلِ أَن‌ يَأْتِي‌ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَـ'عَةٌ وَالْكَـ'فِرُونَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ. [21]

 ولبيان‌ مضامين‌ هذه‌ الآيات‌ وتعيين‌ مصاديقها، لابدّ لنا من‌ ذكر مقدّمة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الشفاعة‌ عند عبدة‌ الاصنام‌

 لقد وضعت‌ دعائم‌ الحكومات‌ الدنيويّة‌ ـعلي‌ اختلاف‌ أساليبها وتنوّع‌ شؤونها وأنواع‌ قواها المقننّة‌ والحاكمة‌ والتنفيذيّة‌ـ علی أساس‌ الحاجات‌ الضروريّة‌ الدنيويّة‌.

 والهدف‌ من‌ هذه‌ القوانين‌ هو سدّ احتياجات‌ الناس‌ علی حسب‌ ما تقتضيه‌ الظروف‌ الزمنيّة‌ والمكانيّة‌. وكثيراً ما يحصل‌ أن‌ تطرأ في‌ القوانين‌ تغييرات‌ غير محكومة‌ بضابط‌ ولا خاضعة‌ لميزان‌ عامّ، من‌ قبيل‌ تبديل‌ مالٍ إلی مال‌ آخر، أو تغيير مقام‌ إلی مقام‌ آخر، أو نسخ‌ حكم‌ بحكم‌ آخر. وربّ أن‌ يكون‌ قانون‌ العقوبات‌ أكثر من‌ غيره‌ عرضة‌ لهكذا تغييرات‌. وعلّة‌ ذلك‌ هي‌ أنّ الجريمة‌ والجناية‌ تستتبع‌ في‌ قوانين‌ الحياة‌ الوضعيّة‌ الحبَس‌ والعقاب‌ والإعدام‌ وإسقاط‌ الرتبة‌ وسائر أنواع‌ العقوبات‌ الاُخري‌.

 وغالباً ما يحصل‌ أن‌ تتغير أحكام‌ العقوبة‌ تبعاً لاغراض‌ مختلفة‌، فيغيّر الحاكم‌ حكمه‌ نتيجة‌ حدث‌ طاري‌ يستوجب‌ تغيير تلك‌ العقوبة‌؛ كأن‌ يصرّ الشخص‌ المجرم‌ ـوهو علی أعتاب‌ جريمته‌ـ في‌ أمله‌ باستثارة‌ عواطف‌ القاضي‌ لكي‌ يستدر عطفه‌ ليصرف‌ عنه‌ أو يرشو القاضي‌ فيحرفه‌ عن‌ المسار الصحيح‌ للحكم‌، ويدفعه‌ لمغايرة‌ حكم‌ الحقّ؛ وكأن‌ يبعث‌ المجرم‌ إلی الحاكم‌ شفيعاً يتوسّط‌ له‌ لديه‌؛ أو يرسل‌ الشفيعَ إلی منفّذ الحكم‌ ليوقف‌ تنفيذ الحكم‌ علی ذلك‌ المجرم‌؛ وكأن‌ يفدي‌ المجرم‌ نفسه‌ بغلامه‌ أو بابنه‌ أو بأخيه‌، فيبعث‌ بأحدهم‌ إلی الحاكم‌ لمعاقبته‌ بدلاً عنه‌.

 ويحصل‌ ذلك‌ في‌ حال‌ احتياج‌ الحاكم‌ المتأهّب‌ لإنزال‌ العقاب‌ إلی هذا البديل‌ أكثر من‌ احتياجه‌ إلی نفس‌ المجرم‌، فيقوم‌ برفع‌ العقوبة‌ عن‌ المجرم‌ وإصدار حكمها علی من‌ جُعِل‌ كبشاً لفداء المجرم‌؛ وكأن‌ يستعين‌ المجرم‌ بقومه‌ وعشريته‌ وأصحابه‌، فيجتمعون‌ ويتعاضدون‌ علی إعانته‌ وتخليصه‌. وقد راج‌ هذا النوع‌ من‌ التخلّص‌ بالشفاعة‌ والرشوة‌ وغيرها بين‌ الاُمم‌ منذ قديم‌ الزمان‌.

 وكان‌ عبدة‌ الاصنام‌ وغيرهم‌ من‌ الاُمم‌ القديمة‌ يعتقدون‌ أنّ الحياة‌ الآخرة‌ تشبه‌ الحياة‌ الدنيا تماماً، وأنّ الاسباب‌ المادّيّة‌ والطبيعيّة‌ الجارية‌ في‌ هذا العالم‌ ستكون‌ سارية‌ في‌ ذلك‌ العالم‌ أيضاً، وأنّ الفعل‌ والانفعال‌ الطبيعي‌ّ جاريان‌ هناك‌.

 وعلي‌ هذا الاساس‌، فقد كانوا يقدّمون‌ لآلهتهم‌ أنواع‌ الهدايا والقرابين‌ لتغضّ الطرف‌ عن‌ عقابهم‌، أو لتعينهم‌ في‌ أُمور معيشتهم‌، أو أملاً في‌ شفاعة‌ تلك‌ الآلهة‌، أو فداءً لانفسهم‌ منها. وكانوا يدفنون‌ معهم‌ في‌ قبورهم‌ غلمانهم‌ وأسلحتهم‌ الحربيّة‌، ويتسلّحون‌ بمختلف‌ الاسلحة‌ ليتمكّنوا ـحسب‌ اعتقادهم‌ـ بتلك‌ الوسيلة‌ ـكثرة‌ الاعوان‌ والانصار وحمل‌ السلاح‌ـ من‌ الدفاع‌ عن‌ أنفسهم‌ ودرء الجزاء المنتظر وشدّة‌ العقوبة‌.

 ونلاحظ‌ في‌ متاحف‌ العالم‌ اليوم‌ كثيراً من‌ هذه‌ الاُمور وهي‌ تحكي‌ عن‌ أُسلوب‌ تفكير تلك‌ الاُمم‌ الجاهليّة‌.

 كما نلاحظ‌ علی مقربة‌ من‌ الاهرام‌ الثلاثة‌ ـالتي‌ تمثّل‌ قبور فراعنة‌ مصرـ أرضاً ممتدّة‌ قد استخدمت‌ كمقبرة‌ لعبيد أُولئك‌ الفراعنة‌؛ أُولئك‌ العبيد الذين‌ كانوا يرزحون‌ تحت‌ السياط‌ ووطأة‌ الاعمال‌ الشاقّة‌ حتّي‌ الموت‌، بل‌ الذين‌ كانوا يقتلون‌ لاتفه‌ الاسباب‌. وكانت‌ أجساد أولئك‌ العبيد تُدفن‌ قرب‌ قبور الفراعنة‌، علی أمل‌ أن‌ يقوموا للدفاع‌ عن‌ أسيادهم‌ عند قيام‌ القيامة‌.

 حتّي‌ كان‌ الاسياد يدفنون‌ مع‌ موتاهم‌ المجوهرات‌ ووسائل‌ الزينة‌ المختلفة‌ علی أمل‌ الاستفادة‌ منها في‌ الآخرة‌؛ ويدفنون‌ معهم‌ أسلحتهم‌ ليدافعوا بها عن‌ أنفسهم‌. وكثيراً ما كانوا يدفنون‌ مع‌ الميّت‌ الجواري‌ّ الجميلات‌، ليأنس‌ بهنّ ذلك‌ الميّت‌ ولا يعاني‌ من‌ قساوة‌ الوحدة‌! بل‌ ويضعون‌ في‌ اللحد عدّة‌ رجال‌ من‌ الشجعان‌ من‌ قادة‌ جيش‌ ذلك‌ الفرعون‌ المستكبر، ويضعون‌ الحنطة‌ والعدس‌ وغيرها من‌ الحبوب‌ المعقّمة‌ بموادّ التحنيط‌ لكي‌ لاتفسد ويتمكّن‌ ذلك‌ الميّت‌ من‌ الانتفاع‌ بها إلی يوم‌ القيامة‌.

 ويُشاهَد في‌ المتاحف‌ العالميّة‌ اليوم‌ الكثير من‌ هذه‌ الامور وما شابهها.

 وقد طرأ هذا النوع‌ من‌ التفكير وما شابهه‌ علی بعض‌ الفرق‌ الإسلاميّة‌، وترسّخ‌ لدي‌ أقوام‌ قد اختلفوا في‌ اللغة‌ والعنصر والاصل‌، فاستمرّوا يتوارثونه‌ بينهم‌. بل‌ كثيراً ما ظهر في‌ الاعقاب‌ المختلفة‌ بأشكال‌ وصور عديدة‌ مختلفة‌.

 وقد حارب‌ القرآن‌ الكريم‌ جميع‌ هذه‌ العقائد الفاسدة‌ والآراء الكاذبة‌ والاوهام‌ الواهية‌، وصرّح‌ جهاراً: وَالاْمْرُ يَوْمَنِذٍ لِلَّهِ. [22]

 وقال‌: وَرَأَوا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاْسْبَابُ. [23]

 وقال‌: هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّو´ا إلی اللَهِ مَوْلَـ'هُمُ الّحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ. [24]

 وقال‌ ( والخطاب‌ موجّه‌ من‌ الملائكة‌ إلی الظالمين‌ ):

 وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَ ' دَي‌' كَمَا خَلَقْنَـ'كُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـ'كُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَي‌' مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَ نَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَـ'´وُا لَقَدْ تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم‌ مَّا كُنتُم‌ تَزْعُمُونَ. [25]

 وغير ذلك‌ من‌ الآيات‌ الكثيرة‌ الدالّة‌ علی خلوّ ذلك‌ العالم‌ وتلك‌ النشأة‌ من‌ الاسباب‌ الدنيويّة‌ والعلائق‌ الطبيعيّة‌ والروابط‌ المادّيّة‌ إذ لادور للنسب‌ والحسب‌ هناك‌. وهذا قانون‌ عامّ وسنّة‌ شاملة‌ وأساسيّة‌ تبطل‌ بهما جميع‌ تلك‌ الاقاويل‌ الكاذبة‌ والمزاعم‌ الواهية‌ لتلك‌ الاُمم‌ الغابرة‌، ويذرا ذلك‌ الاستكبار والتفرعن‌ بأجمعه‌ هباءً منثوراً؛ وهذا أمر عامّ وأصل‌ أساس‌ تتفرّع‌ منه‌ باقي‌ الفروع‌.

 أمّا علی النطاق‌ الخاصّ، فقد تصدّي‌ القرآن‌ الكريم‌ أيضاً لمحاربة‌ كلّ واحد من‌ هذه‌ الاقوال‌ الفاسدة‌ السيّئة‌، فقد بيّن‌ مفصّلاً ـفي‌ الآيتين‌ سالفتي‌ الذكر اللتين‌ قد بدأتا بـ وَاتَّقُوا ـ أن‌ ليس‌ ثمّة‌ تغيير في‌ أمر الجزاء علی الاعمال‌ بحيث‌ يجازي‌ شخص‌ بدلاً عن‌ شخص‌ آخر، أو يقبل‌ شفاعةً من‌ أحد، أو يقبل‌ فداءً وعوضاً ينجرّ إلی مجازاة‌ شخص‌ آخر بدلاً من‌ المجرم‌؛ كما نفي‌ أي‌ّ نصر وإعانة‌ للمجرمين‌ من‌ قِبَل‌ أصحابهم‌ وأخلاّئهم‌، وبيّن‌ أنّ يوم‌ القيامة‌ هو: يَوْمَ لاَ يُغْنِي‌ مَوْليً عَن‌ مَّوْليً شَيْـًا وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ. [26]

 وقال‌: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم‌ مِّن‌ اللَهِ مِنْ عَاصِمٍ. [27]

 وقال‌: مَا لَكُمْ لاَ تَناصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مَسْتَسْلِمُونَ. [28]

 وقال‌: وَيَعْبُدُونَ مِن‌ دُونِ اللَهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـ'´ؤلآءِ شُفَعَـ'´ؤُنَا عِندَ اللَهِ قُلْ أَتُنَبِّؤُنَ اللَهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَلاَ فِي‌ الاْرْضِ سُبْحَـ'نَهُ و وَتَعَـ'لَي‌ عَمَّا يُشْرِكُونَ. [29]

 وقال‌: مَا لِلظَّـ'لِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ. [30]

 وقال‌: فَمَا لَنَا مِن‌ شَـ'فِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ. [31]

 وتنفي‌ هذه‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌ ونظائرها وقوع‌ الشفاعة‌ وتأثير الوسائط‌ والاسباب‌ يوم‌ القيامة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الآيات‌ القرآنيّة‌ المثبتة‌ للشفاعة‌

 وفي‌ مقابل‌ هذه‌ الطائفة‌ من‌ الآيات‌ النافية‌ للشفاعة‌ بصورة‌ مطلقة‌ وقطعيّة‌، ثمّة‌ آيات‌ قرآنيّة‌ أُخري‌ تثبت‌ أمر الشفاعة‌ وتربأ به‌ عن‌ مستوي‌ الشبهات‌، كقوله‌ تعالی‌:

 اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي‌ سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَي‌' علی الْعَرْشِ مَا لَكُم‌ مِّن‌ دُونِهِ مِن‌ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ. [32]

 وقوله‌: لَيْسَ لَهُم‌ مِّن‌ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ. [33]

 وقوله‌: قُلِ لِلَّهِ الشَّفَـ'عَةُ جَمِيعًا. [34]

 وقوله‌: لَهُ و مَا فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَا فِي‌ الاْرْضِ مَن‌ ذَا الَّذِي‌ يَشْفَعُ عِندَهُ و ´ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ. [35]

 وقوله‌: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ فِي‌ سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَي‌ علی الْعَرْشِ مَا مِن‌ شَفِيعٍ إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ إِذْنِهِ. [36]

 وقوله‌: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـ'نُ وَلَدًا سُبْحَـ'نَهُ بَلْ ( الانبياء والملائكة‌ ) عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ و بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَي‌' وَهُم‌ مِّن‌ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُِونَ. [37]

 وقوله‌: وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن‌ دُونِهِ الشَّفَـ'عَةَ إِلاَّ مَن‌ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. [38]

 وقوله‌: لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَـ'عَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـ'نِ عَهْدًا. [39]

 وقوله‌: يَؤْمَنءِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَـ'عَةُ إِلاَّ مَن‌ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـ'نُ وَرَضِيَ لَهُ و قَوْلاً * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا. [40]

 وقوله‌: وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَـ'عَةُ عِندَهُ و إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. [41]

 وقوله‌: وَكَم‌ مِّن‌ مَلَكٍ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ لاَ تُغْنِي‌ شَفَـ'عَتُهُمْ شَيْـًا إِلاَّ مِن‌ بَعْدِ أَن‌ يَأْذَنَ اللَهُ لِمَن‌ يَشَآءُ وَيَرْضَي‌'´. [42]

 ومن‌ الواضح‌ أنّ بعض‌ هذه‌ الآيات‌ تعدّ الشفاعة‌ مختصّة‌ بالله‌ المتعال‌، كالآيات‌ الثلاث‌ الاُولي‌ المذكورة‌ من‌ سور السجدة‌ والانعام‌ والزمر؛ أمّا بعضها الآخر فذو دلالة‌ علی أنّ بإمكان‌ الآخرين‌ أن‌ يشفعوا بدورهم‌ بإذن‌ الله‌ ورضاه‌.

 وعلي‌ كلّ تقدير، فهذه‌ الآيات‌ تقرّ الشفاعة‌ دون‌ أي‌ّ شكّ أو تردّد، كلّ ما في‌ الامر أنّ بعضها تنسب‌ الشفاعة‌ إلی الله‌ بالاصالة‌، دون‌ مشاركة‌ غيره‌ فيها، وأنّ بعضها الآخر تنسب‌ الشفاعة‌ إلی الله‌ تعالی‌ مع‌ نسبتها إلی غيره‌ بإذنه‌ ورضاه‌.

 وقد علمنا سابقاً بأن‌ هناك‌ آيات‌ تنفي‌ الشفاعة‌ عموماً، بَيدَ أ نّه‌ ليس‌ثمّة‌ تعارض‌ بين‌ ذلك‌ النفي‌ العامّ للشـفاعة‌ وبين‌ هذه‌ الآيات‌ الواردة‌ في‌ الشفاعة‌، لانّ هذه‌ النسبة‌ علی وجه‌ العموم‌ والخصوص‌؛ ومن‌ الجلي‌ّ أنّ الخاصّ مقدّم‌ باستمرار وبما أنّ عمومات‌ العامّ تُخصَّص‌ من‌ خلال‌ الدليل‌ الخاصّ، فالادلّة‌ التي‌ تثبت‌ الشفاعة‌ في‌ موارد خاصّة‌ تفسّر ـفي‌ حقيقة‌ الامرـ الادلّة‌ العامّة‌، وهذا شبيه‌ بعمومات‌ نفي‌ النصر في‌ قوله‌ تعالی‌: وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ التي‌ تُخَصَّص‌ بآية‌: يَوْمَ لاَ يُغْنِي‌ مَوْليً عَن‌ مَّوْليً شَيْـًا وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ إِلاَّ مَن‌ رَّحِمَ اللَهُ، حيث‌ إنّ هذا الاستثناء المتّصل‌ هو قرينة‌ لتخصيص‌ التعميم‌ في‌ نفي‌ النصر، وهو في‌ حكم‌ الاستثناء المنفصل‌ لها.

 وينبغي‌ أن‌ نري‌ الآن‌، هل‌ النسبة‌ بين‌ هاتين‌ الطائفتين‌ من‌ الآيات‌ التي‌ تثبت‌ الشفاعة‌ هي‌ نسبة‌ العموم‌ والخصوص‌ حيث‌ ينبغي‌ ـوفقاً للقواعد الاُصوليّة‌ـ أن‌ نخصّص‌ عمومات‌ نفي‌ الشفاعة‌ عن‌ غير الله‌ تعالی‌ بالآيات‌ الواردة‌ في‌ إثبات‌ الشفاعة‌ للمأذونين‌ من‌ قبل‌ الله‌ عزّ وجلّ، لاصحاب‌ العهد، ولمن‌ ارتضاهم‌ سبحانه‌؟ أو أنّ الامر ليس‌ كذلك‌، وأن‌ ليس‌ثمّة‌ تعارض‌ بين‌ هاتين‌ الطائفتين‌ أساساً، ولو علی نحو العموم‌ والخصوص‌.

 الرجوع الي الفهرس

عدم‌ تنافي‌ انحصار الشفاعة‌ بالله‌ عزّ وجلّ مع‌ شفاعة‌ الاطهار

 ولبيان‌ هذا الامر نقول‌: إنّ هذه‌ الآيات‌ ـ كما في‌ كثير من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ـ تنسب‌ صفة‌ معيّنة‌ أو فعلاً معيّناً إلی الله‌ تعالی‌ وحده‌، وتنسب‌ ـفي‌ الوقت‌ نفسه‌ ـ تلك‌ الصفة‌ أو ذلك‌ الفعل‌ إلی غير الله‌؛ كما في‌ الآيات‌ التي‌ تتحدّث‌ عن‌ علم‌ الغيب‌، حيث‌ تنفي‌ الغيب‌ تارةً عن‌ غير الله‌ تعالی‌، وتعدّه‌ تارة‌ أُخري‌ مختصّاً بذاته‌ القدسيّة‌ ومنحصراً به‌ عزّ وجلّ؛ ثمّ تعتبره‌ مختصّاً بالله‌ وتنسبه‌ ـكذلك‌ـ إلی غيره‌ بإذنه‌ ورضاه‌؛ كما في‌ الآية‌ 65، من‌ السورة‌ 27: النمل‌: قُل‌ لاَّ يَعْلَمُ مَن‌ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَهُ.

 وكما في‌ الآية‌ 59، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌: وَ عِندَهُ و مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ.

 والآية‌ 27، من‌ السورة‌ 72: الجنّ: عَـ'لِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَي‌' غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَي‌' مِن‌ رَّسُولٍ.

 حيث‌ تصرّح‌ الآية‌ الاخيرة‌ بأنّ الله‌ تعالی‌ يُطلع‌ علی غيبه‌ رسله‌ الذين‌ ارتضاهم‌. ومن‌ الواضح‌ انتفاء التعارض‌ بين‌ هذه‌ الآيات‌، لانّ ما يعلمه‌ الله‌ سبحانه‌ من‌ علم‌ الغيب‌، فقد علم‌ به‌ أَوّلاً وَبِالذَّاتِ وَبِالاَصَالَةِ، وما يُطلع‌ عليه‌ غيره‌ إنّما يكون‌ ثَانِيَاً وَبِالعَرَضِ وَبِالمَجَازِهِ.

 فلن‌ يكون‌ علم‌ الغيب‌ ـ إذاً ـ قد تجاوز ذات‌ الله‌ القدسيّة‌ إلی غيره‌، إذ ليس‌ من‌ غيريّة‌ في‌ مَن‌ يمتلكون‌ علم‌ الغيب‌، لانّ وجودهم‌ يمثّل‌ اندكاكاً في‌ الله‌ تعالی‌، ولانّ علم‌ غيب‌ الله‌ هو الذي‌ تجلّي‌ فيهم‌.

 وليس‌ بهكذا انتقال‌ لعلم‌ الغيب‌ الخاصّ الذاتي‌ّ من‌ تنافٍ أبداً مع‌ أمر حيازة‌ الصالحين‌ والاطهار والرسل‌ المرضيّين‌ لعلم‌ الغيب‌. وعلي‌ الرغم‌ من‌ ملاحظة‌ حصول‌ شي‌ء من‌ علم‌ الغيب‌ عند الانبياء والائمّة‌ وأولياء الله‌ تعالی‌، إلاّ أنّ علم‌ الغيب‌ يبقي‌ منحصراً بذات‌ الله‌ القدسيّة‌.

 فعلي‌ هذا، حين‌ يمنّ الله‌ تعالی‌ بشي‌ء من‌ علمه‌ علی مَنِ ارْتَضَي‌ مِن‌ رَّسُولٍ، فإنّ أمر: لاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلاَّ هُوَ، يبقي‌ ثابتاً وراسخاً في‌ محلّه‌، فافهم‌ وتأمّل‌، لانّ إدراك‌ هذه‌ الحقيقة‌ هو عين‌ التوحيد.

 وقد جاء علی غرار هذه‌ الآيات‌ في‌ التوفّـي‌ والخَلْق‌ والرزق‌ والتأثير والحُكم‌ وكثير من‌ الموضوعات‌ الاُخري‌، وقد أُشيع‌ في‌ الاُسلوب‌ القرآني‌ّ نفي‌ أي‌ّ كمال‌ عن‌ غير الله‌ تعالی‌، ثم‌ إثباته‌ للّه‌ تعالی‌ بالاصالة‌، ولغيره‌ بإذنه‌ ومشيئته‌.

 وقد بحثنا بحول‌ الله‌ وقوّته‌ في‌ هذا الموضوع‌ بالقدر الكافي‌، في‌ المجلس‌ السادس‌ من‌ الجزء الاوّل‌، من‌ سلسلة‌ « معرفة‌ المعاد »، وأوضحنا أنّ جميع‌ الموجودات‌ لا تمتلك‌ كمالاً علی نحو الاستقلال‌، وأنّ الكمالات‌ المختلفة‌ هي‌ من‌ فيض‌ الله‌ سبحانه‌ تعالی‌، لذا فالكمال‌ الذي‌ يمتلكه‌ أي‌ّ موجود في‌ عالم‌ المُلك‌ والملكوت‌، إنّما هو كمال‌ للّه‌ أوّلاً وبالذات‌ ومختصّ به‌ سبحانه‌، وهو ـثانياً وبالعرض‌ـ كمال‌ مُعطيً لذلك‌ الموجود بتمليك‌ من‌ الله‌ وبإذنه‌ ومشيئته‌. ولا يسلب‌ أبداً هذا العنوان‌ العرضي‌ّ المجازي‌ّ الذي‌ تمتلكه‌ الموجودات‌ في‌ هذه‌ الكمالات‌ عن‌ اختصاص‌ الذات‌ القدسيّة‌ للّه‌ جلّ وعزّ لذلك‌ الكمال‌ علی نحوٍ ذاتي‌ّ وأصلي‌ّ وحقيقي‌ّ.

 ويشاهد المعني‌ مشهود في‌ كلّ مواضع‌ القرآن‌ الكريم‌. وحقّاً، إنّه‌ من‌ معجزات‌ المعارف‌ التوحيديّة‌ في‌ هذا الكتاب‌ الإلهي‌ّ.

 وحاصل‌ القول‌: أن‌ ليس‌ بإمكان‌ أي‌ّ نوع‌ من‌ العطاء في‌ عالم‌ الربوبيّة‌ أن‌ يخرج‌ القدرة‌ والامر من‌ يد الله‌ تعالی‌، أو يستدعي‌ افتقاره‌ ونقصه‌؛ كما ليس‌ من‌ منعٍ يجبره‌ علی حفظ‌ شي‌ء ما ويبطل‌ سلطانه‌.

 ويعلم‌ ممّا قلنا أنّ الآيات‌ التي‌ تنفي‌ الشفاعة‌ فيما إذا كان‌ الامر راجعاً بيوم‌ البعث‌ « القيامة‌ »، فهي‌ إنّما تنفيها عن‌ غير الله‌ علی نحو الاستقلال‌؛ أمّا الآيات‌ التي‌ تثبت‌ الشفاعة‌، فهي‌ إنّما تثبتها للّه‌ تعالی‌ علی نحو الاصالة‌ والاستقلال‌، وتثبتها لغير الله‌ بتمليكه‌ وإذنه‌. فالشفاعة‌ ـإذاًـ ثابتة‌ يوم‌ القيامة‌ بإذن‌ الله‌، والحمد للّه‌.

 الرجوع الي الفهرس

روايات‌ العامّة‌ في‌ أمر الشفاعة‌

 كان‌ كلّ ما ذكرناه‌ حول‌ إثبات‌ الشفاعة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌، أمّا في‌ الروايات‌ الواردة‌، فالشيعة‌ والعامّة‌ متّفقان‌ علی هذا المطلب‌، وقد دوّنوا في‌ كتبهم‌ الروايات‌ الواردة‌ في‌ هذا الخصوص‌.

 أمّا عند العامّة‌، فقد استغرقت‌ روايات‌ الشفاعة‌ جميع‌ كتبهم‌ المعتبرة‌ كالصحاح‌ الستّة‌: « صحيح‌ البخاري‌ّ »، « صحيح‌ مسلم‌ »، « صحيح‌ الترمذي‌ّ »، « سنن‌ النسائي‌ّ »، « سنن‌ أبي‌ داود »، « سنن‌ ابن‌ ماجة‌ »؛ كما وردت‌ في‌ كتبهم‌ الثلاثة‌ الاُخري‌ المشهورة‌، وهي‌ « مسند أحمد »، « موطّأ مالك‌ »، « سنن‌ الدارمي‌ّ »، وأوردها مفسّروهم‌ في‌ كتب‌ التفسير، ونقلها الحاكم‌ في‌ كتابه‌ « المستدرك‌ » والطبرانيّ في‌ « المعجم‌ الكبير »، والسيوطيّ في‌ « الجامع‌ الصغير ». وننقل‌ ـ علی سبيل‌ المثال‌ ـ عدّة‌ نماذج‌ منها:

 روي‌ السيوطيّ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ قال‌: شَفَاعَتِي‌ لاِهْلِ الكَبَائِرِ مِن‌ أُمَّتِي‌. [43]

 وقال‌: شَفَاعَتِي‌ لاِ مَّتِي‌ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِي‌. [44]

 وقال‌: شَفَاعَتِي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا. [45]

 وروي‌ أحمد بن‌ حنبل‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أ نّه‌ قال‌: شَفَاعَتِي‌ لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَهُ مُخْلِصاً. [46]

 وأورد أيضاً: إِنِّي‌ لاَرْجُو أَنْ أُشَفَّعَ يَوْمَ القِيَامَةِ. [47]

 وأورد أيضاً في‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌: «عَسَي‌'´ أَن‌ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا»، قَالَ: الشَّفَاعَةُ. [48] المَقَامُ المَحْمُودُ: الشَّفَاعَةُ. [49]

 وأورد أيضاً: وَأُريدُ... أنْ أُوَخِّرَ دَعْوَتِي‌ شَفَاعَةً لاِ مَّتِي‌ إلی يَوْمِ القِيَامَةِ. [50] وَإنِّي‌ أَخَّرْتُ عَطِيَّتِي‌ شَفَاعَةً لاِ مَّتِي‌. [51]

 وروي‌ مسلم‌ والدارمي‌ّ: أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ فِي‌ الْجَنَّةِ. [52]

 وأورد مسلم‌: أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي‌ الجَنَّةِ. [53]

 وروي‌ ابن‌ ماجة‌: يَشْفَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ: الاَنْبِيَاءُ، ثُمَّ العُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ. [54]

 ورووا كثيراً من‌ الروايات‌ جاء فيها خطاب‌ الله‌ لنبيّه‌: وَقُلْ تُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. [55]

 وروي‌ أحمد بن‌ حنبل‌ عن‌ أبي‌ برزة‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: إنَّ مِنْ أُمَّتِي‌ لَمَنْ يَشْفَعُ لاِكْثَرَ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ. [56]

 وروي‌ الحاكم‌ في‌ « المستدرك‌ » بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ وعن‌ حذيفة‌بن‌ اليمان‌ ( قالا ): قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌:

 يجمع‌ الله‌ الناس‌، فيقوم‌ المؤمنون‌ حين‌ تزلف‌ الجنّة‌ فيأتون‌ آدم‌ عليه‌ الصلاة‌ والسلام‌ فيقولون‌: يا أبانا! استفتح‌ لنا الجنّة‌. فيقول‌: وهل‌ أخرجَتْكُم‌ من‌ الجنّة‌ إلاّ خطيئة‌ أبيكم‌ آدم‌؟ لستُ بصاحب‌ ذلك‌. اعمدوا إلی إبراهيم‌ خليل‌ الله‌.

 فيأتون‌ إبراهيم‌، فيقول‌ إبراهيم‌: لستُ بصاحب‌ ذاك‌. إنّما كنتُ خليلاً من‌ وراء وراء. اعمدوا إلی النبي‌ّ موسي‌ الذي‌ كلّمه‌ الله‌ تكليماً.

 فيأتون‌ موسي‌ فيقول‌: لستُ بصاحب‌ ذلك‌، اذهبوا إلی كلمة‌ الله‌ وروحه‌ عيسي‌. فيقول‌ عيسي‌: لستُ بصاحب‌ ذاك‌.

 فيأتون‌ محمّداً صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ فيؤذَن‌ له‌، ويرسل‌ معه‌ الامانة‌ والرحم‌، فيقفان‌ بالصراط‌ يمينه‌ وشماله‌، فيمرّ أوّلكم‌ كمرّ البرق‌.

 قلتُ: بأبي‌ وأُمّي‌، أي‌ّ شي‌ءٍ مرّ البرق‌؟

 قال‌: ألم‌ تَرَ إلی البرق‌ كيف‌ يمرّ ثمّ يرجع‌ في‌ طرفة‌ عين‌؟ ثمّ كمرّ الريح‌، ومرّ الطير، وشدّ الرحال‌، تجري‌ بهم‌ أعمالهم‌، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ علی الصِّرَاطِ؛ رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ. [57]

 الرجوع الي الفهرس

روايات‌ الخاصّة‌ في‌ أمر الشفاعة‌

 أمّا الروايات‌ الواردة‌ عن‌ طريق‌ الشيعة‌، فقد وردت‌ في‌ الكتب‌ المعتبرة‌ وجاوزت‌ حدّ الاستفاضة‌، وبلغت‌ مرحلة‌ التواتر المعنوي‌ّ. ويمكن‌ القول‌ إنّ مسألة‌ الشفاعة‌ تمثّل‌ أمراً إجماعيّاً متّفقاً عليه‌.

 قال‌ الشيخ‌ الطبرسي‌ّ: إنّ الاُ مّة‌ أجمعت‌ علی أنّ للنبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ شفاعة‌ مقبولة‌ وإن‌ اختلفوا في‌ كيفيّتها، فعندنا هي‌ مختصّة‌ بدفع‌ المضارّ وإسقاط‌ العقاب‌ عن‌ مستحقّيه‌ من‌ مذنبي‌ المؤمنين‌. وقالت‌ المعتزلة‌: هي‌ في‌ زيادة‌ المنافع‌ للمطيعين‌ والتائبين‌ دون‌ العاصين‌.

 وهي‌ ثابتة‌ عندنا للنبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ولاصحابه‌ المنتجبين‌ وللائمّة‌ من‌ أهل‌ بيته‌ الطاهرين‌ ولصالحي‌ المؤمنين‌، وينجّي‌ الله‌ تعالی‌ بشفاعتهم‌ كثيراً من‌ الخاطئين‌. ويؤيّده‌ الخبر الذي‌ تلقّته‌ الاُ مّة‌ بالقبول‌ وهو قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: إدَّخَرْتُ شَفَاعَتِي‌ لاِهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي‌.

 وما جاء في‌ روايات‌ أصحابنا رضي‌ الله‌ عنهم‌ مرفوعاً عن‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، أ نّه‌ قال‌: إنِّي‌ أَشْفَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأُشَفَّعُ، وَيَشْفَعُ علی فَيُشَفَّعُ؛ وَيَشْفَعُ أَهْلُ بَيْتِي‌ فَيُشَفَّعُونَ، وَإنَّ أَدْنَي‌ المُؤْمِنِينَ شَفَاعَةً لَيُشَفَّعُ فِي‌ أَرْبَعِينَ مِنْ إخْوَانِهِ كُلٌّ قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ. [58]

 روي‌ الصدوق‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: لِكُلِّ نَبِي‌ّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا، وَقَدْ سَأَلَ سُؤْلاً، وقَدْ أَخبَأْتُ دَعْوَتِي‌ وَشَفَاعَتِي‌ لاِمَّتِي‌ يَوْمَ القِيَامَةِ. [59]

 وروي‌ الصدوق‌ عن‌ القطّان‌، عن‌ السكّري‌ّ، عن‌ الجوهري‌ّ، عن‌ محمّدبن‌ عمّار، عن‌ أبيه‌، قال‌: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ عَلَيهِ السَّلاَمُ: مَن‌ أَنْكَرَ ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ فَلَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا؛ المِعْرَاجَ وَالمَسَاءَلَةَ فِي‌ القَبْرِ وَالشَّفَاعَةَ. [60]

 وروي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ خبر أبي‌ ذرّ وسلمان‌، قَالاَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إنَّ اللَهَ أَعْطَانِي‌ مَسَألَةً، فَأَخَّرْتُ مَسْأَلَتِي‌ لِشَفَاعَةِ المُؤْمِنينَ مِن‌ أُمَّتِي‌ يَوْمَ القِيَامَةَ فَفَعَلَ ذَلِكَـ إلی آخر الحديث‌. [61]

 وروي‌ الصدوق‌ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ سعيد بن‌ جبير، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، قال‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي‌: جُعِلَتْ لِي‌َ الاَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّ لِي‌َ المَغْنَمُ، وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ. [62]

 وروي‌ أحمد بن‌ محمّد البرقي‌ّ عن‌ أبيه‌، عن‌ حمزة‌ بن‌ عبدالله‌، عن‌ابن‌ عميرة‌، عن‌ أبي‌ حمزة‌، قال‌: قال‌ أبو جعفر عليه‌ السلام‌: إنَّ لِرَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةً. [63]

 وروي‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ فضالة‌، عن‌ الحسين‌ بن‌ عثمان‌، عن‌ أبي‌حمزة‌ أ نّه‌ قال‌: لِلنَّبِي‌َّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةٌ فِي‌ أُمَّتِهِ؛ وَلَنَا شَفَاعَةٌ فِي‌ شِيعَتِنَا؛ وَلِشِيعَتِنَا شَفَاعَةٌ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِهِمْ. [64]

 وروي‌ عن‌ عمر بن‌ عبدالعزيز، عن‌ المفضّل‌ أو غيره‌، عن‌ الصادق‌ عليه‌ السـلام‌ في‌ تفسير الآيتين‌ الكريمتين‌: «فَمَا لَنَا مِـن‌ شَـ'فِعِينَ* وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ» قَالَ: الشَّافِعُونَ الائِمَّةُ، وَالصَّدِيقُ مِنَ المُؤْمِنِينَ. [65]

 كما روي‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ القاسم‌ بن‌ محمّد، عن‌ علی بن‌ أبي‌ حمزة‌، قال‌: قَالَ رَجُلٌ لاِبِي‌ عَبْدِ اللَهِ عَلَيهِ السَّلاَمُ: إنَّ لَنَا جَاراً مِنَ الخَوَارِجِ يَقُولُ: إنَّ مُحَمَّداً صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ هَمُّهُ نَفْسُهُ فَكَيْفَ يَشْفَعُ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَهِ عَلَيهِ السَّلاَمُ: مَا أَحَدٌ مِنَ الاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إلاَّ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلی شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ. [66]

 وروي‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ محمّد بن‌ عبدالرحمن‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، قال‌:

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْتَخِفُّوا بِشِيعَةِ عَلِي‌ِّ، فَإنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَشْفَعُ لِعَدَدِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ. [67]

 وما أعجب‌ شفاعة‌ الائمّة‌ المعصومين‌ في‌ الدنيا، ناهيك‌ عن‌ شفاعتهم‌ في‌ الآخرة‌! وما أكثر المعضلات‌ والمحن‌ التي‌ تيسّرت‌ بشفاعتهم‌! ونذكر في‌ هذا المجال‌ قصّتين‌ في‌ شفاعة‌ الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌ وأثر التوسّل‌ بقبره‌ الشريف‌، ليتّضح‌ من‌ خلالهما شفاعة‌ أُولئك‌ الكرام‌ في‌ الآخرة‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآيات‌ 84 إلی 86، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[2] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 1، من‌ ص‌ 156 إلی 188.

[3] ـ الآية‌ 85، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[4] ـ أورد مالك‌ هذا الحديث‌ في‌ «الموطّأ» كتاب‌ الحدود، الحديث‌ 29.

[5] ـ من‌ المعاجم‌ اللغوية‌ الفارسيّة‌ المشهورة‌، يُنسب‌ إلی مؤلّفه‌ «دهخدا». وسيرد لاحقاً أسماء معاجم‌ لغوية‌ فارسيّة‌ أُخري‌ مثل‌ «ناظم‌ الاطبّاء» و«صراح‌ اللغة‌» و«فرهنك‌ آنندراج‌».(م‌)

[6] ـ الآية‌ 255، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[7] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[8] ـ الآية‌ 115، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[9] ـ الآية‌ 109، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[10] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[11] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[12] ـ الآية‌ 86، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[13] ـ الآية‌ 70، من‌ السورة‌ 25: الفرقان‌.

[14] ـ الآية‌ 25، من‌ السورة‌ 25: الفرقان‌.

[15] ـ الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[16] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[17] ـ الآية‌ 161، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[18] ـ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 52: الطور.

[19] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[20] ـ الآية‌ 123، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[21] ـ الآية‌ 254، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[22] ـ الآية‌ 19، من‌ السورة‌ 87: الاءنفطار.

[23] ـ الآية‌ 166، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[24] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[25] ـ الآية‌ 94، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[26] ـ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 44: الدخان‌.

[27] ـ الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 40: المؤمن‌.

[28] ـ الآيتان‌ 25 و 26، من‌ السورة‌ 37: الصافّات‌.

[29] ـ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[30] ـ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 40: المؤمن‌.

[31] ـ الآيتان‌ 100 و 101، من‌ السورة‌ 16: الشعراء

[32] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 32: السجدة‌.

[33] ـ الآية‌ 51، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[34] ـ الآية‌ 44، من‌ السورة‌ 39: الزمر.

[35] ـ الآية‌ 255، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[36] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 10: يونس‌.

[37] ـ الآيات‌ 26 إلی 28، من‌ السورة‌ 21: الانبياء.

[38] ـ الآية‌ 86، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[39] ـ الآية‌ 87، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[40] ـ الآيتان‌ 109 و 110، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[41] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[42] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[43] ـ «الجامع‌ الصغير» حرف‌ الشين‌، نقلاً عن‌ أحمد بن‌ حنبل‌، وعن‌ أبي‌ داود، وعن‌ النسائي‌ّ، وعن‌ ابن‌ حبان‌، وعن‌ الحاكم‌ في‌ «المستدرك‌»، جميعاً عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ّ؛ وعن‌ «المعجم‌ الكبير» للطبرانيّ عن‌ ابن‌ عبّاس‌؛ وعن‌ الخطيب‌ في‌ «تاريخ‌ بغداد» عن‌ ابن‌ عمر، وعن‌ كعب‌ بن‌ عجرة‌.

[44] ـ «الجامع‌ الصغير» حرف‌ الشين‌، عن‌ الخطيب‌ في‌ تاريخه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ علی ابن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌.

[45] ـ «الجامع‌ الصغير» حرف‌ الشين‌، في‌ الصحيح‌ عن‌ ابن‌ منيع‌، عن‌ زيد بن‌ أرقم‌، ï ïوعمّايزيد علی عشرة‌ نفر من‌ الصحابة‌.

[46] ـ «مسند أحمد» ج‌ 2، ص‌ 307 و 518.

[47] ـ «مسند أحمد» ج‌ 5، ص‌ 347.

[48] ـ «مسند أحمد» ج‌ 2، ص‌ 444.

[49] ـ «مسند أحمد» ج‌ 2، ص‌ 478.

[50] ـ «مسند أحمد» ج‌ 2، ص‌ 313، 409، 430، 486، 487.

[51] ـ «مسند أحمد» ج‌ 3، ص‌ 20، وجاءت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ روايات‌ الشيعة‌ بلفظ‌ ادّخَرْتُ، وهي‌ أفضل‌ بلحاظ‌ المعني‌، ولعلّها وردت‌ كذلك‌ في‌ روايات‌ العامّة‌، ثمّ صُحّفت‌ من‌ قبل‌ الناسخ‌ أو الراوي‌ فحُذفت‌ الدال‌.

[52] ـ «سنن‌ الدارمي‌ّ» المقدمة‌ الثامنة‌؛ و«صحيح‌ مسلم‌» كتاب‌ الاءيمان‌، ح‌ 332.

[53] ـ «سنن‌ الدارمي‌ّ» المقدّمة‌ الثامنة‌؛ و«صحيح‌ مسلم‌» كتاب‌ الايمان‌، ح‌ 330.

[54] ـ «سنن‌ ابن‌ ماجة‌» كتاب‌ الزهد، ص‌ 37. وروي‌ الصدوق‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «الخصال‌» عن‌ طريق‌ الخاصّة‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ الحميريّ، عن‌ هارون‌، عن‌ ابن‌ صدقة‌، عن‌ جعفربن‌ ï ïمحمّد، عن‌ آبائه‌، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ («الخصال‌» باب‌ الثلاثة‌، ج‌ 1، ص‌ 75 ).

[55] ـ «صحيح‌ البخاري‌ّ» كتاب‌ التوحيد، باب‌ 19 و 24 و 36؛ وكتاب‌ الرقاق‌ باب‌ 51؛ وكتاب‌ الانبياء، باب‌ 3؛ و«صحيح‌ مسلم‌» كتاب‌ الاءيمان‌، ح‌ 322 و 327؛ و«صحيح‌ الترمذي‌ّ» كتاب‌ صفة‌ القيامة‌؛ وابن‌ ماجة‌ في‌ كتاب‌ الزهد؛ والدارميّ في‌ المقدّمة‌ الثامنة‌، وأحمدبن‌ حنبل‌، ج‌ 1، ص‌ 5.

[56] ـ «مسند أحمد» ج‌ 4، ص‌ 212.

[57] ـ «مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 4، ص‌ 588 و 589.

[58] ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 1، ص‌ 103 و 104، طبعة‌ صيدا.

[59] ـ «الخصال‌» ص‌ 29، الطبعة‌ الحروفيّة‌.

[60] ـ «أمالي‌ الصدوق‌» ص‌ 177، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[61] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 37، نقلاً عن‌ «الامالي‌» الشيخ‌ الطوسي‌ّ، ص‌ 36، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[62] ـ «الخصال‌» ص‌ 292، الطبعة‌ الحروفيّة‌.

[63] -«محاسن‌ البرقي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 184.

[64] -نفس المصدر السابق.

[65] -نفس المصدر السابق.

[66] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 56، الطبعة‌ الحروفيّة‌.

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com