بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب نورملكوت القرآن/ المجلد الاول / القسم السادس: حرمة قتل النفس، حرمة سقط الجنین، حرمة الانتحار

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

قصة بائع جوّال قد کشف له حجاب الملکوت لبرّه بأمّه

 وأنقل‌ هنا فقط‌ ملاقاةً لي‌ مع‌ شخصٍ ارتقي‌ إلی‌ مقامٍ عالٍ إثر خدمته‌ لاُمّه‌ ، وحدث‌ له‌ كشف‌ الحُجب‌ الملكوتيّة‌ :

 حدث‌ أن‌ ذهبت‌ في‌ طهران‌ يوماً إلی‌ المكتبة‌ الإسلاميّة‌ الواقعة‌ في‌ شارع‌  ( بوذر جمهري‌ )، وكان‌ الحاجّ السيّد محمّد الكتابجي‌ّ ، وهو أحد المشاركين‌ في‌ هذه‌ المؤسّسة‌ ، مشغولاً في‌ مخزن‌ الشركة‌ الواقع‌ في‌ انتهاء شارع‌  ( بامنار )  قرب‌ شارع‌  ( بوذر جمهري‌ )  الذي‌ تقع‌ فيه‌ المكتبة‌ ، وكان‌ هذا السيّد المذكور من‌ بين‌ الإخوة‌ المتصدّين‌ لمسؤوليّة‌ إدارة‌ مخزن‌ الكتب‌ وإرسال‌ طلبات‌ الكتب‌ إلی‌ المدن‌ الاُخري‌ ، وبيع‌ الكتب‌ بالجملة‌ . وقد زرته‌ لرؤيته‌ في‌ ذلك‌ المخزن‌ لصداقتنا ومعرفتنا المديدة‌ ببعضنا ، وكنت‌ أذهب‌ إلیه‌ غالباً ولشراء ما أحتاج‌ من‌ كتب‌ .

 كان‌ الوقت‌ صباحاً ، ولم‌ يكن‌ لاذان‌ الظهر بعد سوي‌ أربع‌ ساعات‌ ، وكان‌ هناك‌ رجل‌ جاء لشراء بعض‌ الكتب‌ ، وقد بسط‌ حزامه‌ الجلدي‌ّ علی‌ الارض‌ وصفّ علیه‌ بعض‌ الكتب‌ التي‌ ابتاعها كالقرآن‌ و  « مفاتيح‌ الجنان‌ » و  « كليلة‌ ودمنة‌ »  وبعض‌ القصص‌ والرسائل‌ العلميّة‌ ، منتظراً ليجمع‌ باقي‌ الكتب‌ التي‌ تلزمه‌ . وأخيراً وبعد إتمام‌ هذا العمل‌ حزم‌ كتبه‌ ـ وكانت‌ بحدود الخمسين‌ كتاباً  في‌ حزامه‌ الجلدي‌ّ وتهيّأ للخروج‌ ، ثمّ قال‌ فجأة‌ : الله‌ حبيبي‌ ، الله‌ طبيبي‌ ، مُعيني‌ معيني‌ ، روحي‌ روحي‌ .

 نظرتُ إلیه‌ فكان‌ وجهه‌ قانياً جدّاً وقد لمعت‌ حبّات‌ من‌ العرق‌ علی‌ جبهته‌ ، وكان‌ غارقاً في‌ الوجد والسرور بلا حدّ .

 قلتُ : أيّها العزيز  !  أيّها الدرويش‌ العزيز  !  ليس‌ من‌ طبائع‌ الادب‌ أن‌ تنفرد بالمائدة‌ فلا تشارك‌ أحداً  !

 فبدأ بالدوران‌ حول‌ نفسه‌ ، ودار دورة‌ واحدةً ، ثمّ ترنّم‌ بصوت‌ عالٍ فيه‌ حرقة‌ بهذه‌ الابيات‌ للشاعر بابا طاهر العريان‌ ، وكان‌ صوته‌ فصيحاً حبيباً :

 اگر دِل‌ دلبِر دلبرْ كدام‌ است‌                        وگر دلبر دلِ دل‌ را چه‌ نام‌ است‌؟

 دل‌ و دلبر بهم‌ آميته‌ وينُم‌               نذونُم‌ دل‌ كه‌ و دلبر كدام‌ است‌ ؟

*  *  *

 دلي‌ ديرُمْ خريدار محبّت‌                كز او گرم‌ است‌ بازار محبّت‌

 لباسي‌ بافتم‌ بر قامتِ دل‌              ز پود محنت‌ و تار محبّت‌

*  *  *

 غم‌ عشقت‌ بيابون‌ پرورم‌ كرد                      هواي‌ بخت‌ بي‌بال‌ و پرم‌ كرد

 بمو گفتي‌ صبوري‌ كن‌ صبوري‌                    صبوري‌ طُرفه‌ خاكي‌ بر سرم‌كرد

*  *  *

 به‌ صحرا بنگرُم‌ صحراتَه‌ وينُم‌                       به‌ دريا بنگرُم‌ دريا تَه‌ بينم‌

 بهرجا بنگرم‌ كوه‌ و در دشت‌                       نشان‌ از قامت‌ رعناته‌ وينم‌ [86]

*  *  *

 ثمّ سكت‌ في‌ هذه‌ الحال‌ ، وبكي‌ بشدّة‌ ـ ثمّ أشرق‌ وجهه‌ بالسرور والبهجة‌ فضحك‌ .

 قلتُ : أحسنت‌ أحسنت‌ ، أنا حقير فقير عاجز ، أنتظر دعاءك‌ لي‌ ، فبدأ يقرأ هذه‌ الابيات‌ :

 مو از قالوا بلي‌ تشويش‌ ديرُم‌                     گنه‌ از برگ‌ و بارُون‌ بيش‌ ديرُم‌

 اگر لا تَقْنَطُوا دستم‌ نگيره‌              مو از يَا وَيْلَتَا أنديش‌ ديرم‌

*  *  *

 بورَه‌ سوتَه‌ دلان‌ تا ما بنإلیم‌                       ز دست‌ يار بي‌ پروا بنإلیم‌

 بشيم‌ با بلبلِ شيدا به‌ گلشن‌                    اگر بلبل‌ نناله‌ ما بنإلیم‌

*  *  *

 بورَه‌ سوتَه‌ دلان‌ گردِ هم‌ آئيم‌                      سخن‌ واهم‌ كريم‌ غم‌ وانمائيم‌

 ترازو آوريم‌ غمها بسنجيم‌              هر آن‌ غمگين‌تريم‌ است‌ سنگين‌تر آئيم‌ [87]

*  *  *

 قال‌ : طريقك‌ سليم‌ والحمد للّه‌ ، دعني‌ وشأني‌ أيّها السيّد ، فأنا فقير عاجز ، ولا تضع‌ حملاً آخر علی‌ كاهلي‌ .

 ثمّ قال‌ : جئتُ يوماً لابتاع‌ كتباً ، وكان‌ العلاّمة‌  ( دهخدا )  [88] قد جاء أيضاً ، فتحدّثنا لبعض‌ الوقت‌ ثمّ قلتُ له‌ : من‌ الإنصاف‌ القول‌ بأ   نّك‌ بذلت‌ جهداً ضخماً وتحمّلت‌ معاناةً كبيرة‌ ، ولكن‌ لا تظنّ أنّ الامر قد انتهي‌ بذلك‌ ، فأي‌ّ شي‌ءٍ كان‌ العُمر سيُثمر لو صُرف‌ في‌ طرقٍ أُخري‌ ؛ يا للاسي‌  ؟  وأي‌ّ شي‌ءٍ كان‌ سُينتج‌  ؟

 هاتِ ما عندك‌ الآن‌ لنري‌ ، تعالَ لنَر ما في‌ يدك‌ الآن‌  !

 ته‌ كه‌ ناخوانده‌اي‌ علم‌ سماوات‌                  تَه‌ كه‌ نابرده‌اي‌ ره‌ در خرابات‌

 ته‌ كه‌ سود و زيان‌ خود نزوني‌                     به‌   يارون‌   كي‌   رسي‌   هيهات‌   هيات‌ [89]

 فاهتز العلاّمة‌ ، ثمّ غرق‌ في‌ التفكير لبعض‌ الوقت‌ ، وامتقع‌ وجهه‌ قليلاً ، ولم‌ ينبس‌ ببنت‌ شفة‌ .

 أمّا أنت‌ فأنا أعرفك‌ ، فأنت‌ تصلّي‌ في‌ مسجد القائم‌ ، وقد جئت‌ إلی‌ ذلك‌ المسجد وسآتي‌ فيما بعد فلا مكان‌ معيّن‌ لي‌ ، في‌ الليل‌ لا يغمض‌ لي‌ جفن‌ ، أطوف‌ مناطق‌  ( طهران‌ بارس‌ )  و  ( طهران‌ الجديدة‌ )  و  ( طرشت‌ )، أذهب‌ هنا وهناك‌ وأدور علی‌ المقاهي‌ ، وقد كان‌ منزلي‌ السابق‌ في‌ بوّابة‌ ( شميران‌ )، لكني‌ّ منذ وفاة‌ والدتي‌ لا أذهب‌ هناك‌ إلاّ نادراً .

 قلتُ : لقد نلتَ عناياتٍ من‌ الله‌ تعإلی‌ ، أفكان‌ هناك‌ حسب‌ الظاهر سبب‌ خاصّ ـ حسب‌ اعتقادك‌  لهذه‌ العنايات‌ التي‌ وُهبتَها  ؟

 قال‌ : نعم‌ ، كان‌ لي‌ والدة‌ عجوز مريضة‌ وعاجزة‌ ، ثمّ أصبحتْ مُقعدةً منذ سنوات‌ ، وكنت‌ إلی‌ خدمتها بنفسي‌ وأؤمّن‌ احتياجاتها وأعدّ غذائها وأُحضر عندها ماءَ وضوئها ، وخلاصة‌ الامر فقد كنتُ حاضراً عندها أُنفّذ رغباتها بصبرٍ وتحمّل‌ ؛ وكانت‌ حادّة‌ المزاج‌ وسيّئة‌ الخلق‌ ، تشتمني‌ أحياناً فأتحمّل‌ وأبتسم‌ في‌ وجهها بحنوّ .

 وآثرتُ من‌ أجلها العزوف‌ عن‌ الزواج‌ مع‌ أ   نّي‌ قد جاوزت‌ الاربعين‌ ، إذ كنتُ سأعجز عن‌ إبقاء زوجتي‌ مع‌ أخلاق‌ والدتي‌ تلك‌ ، وكنتُ أعي‌ أنّ اختياري‌ الزواج‌ يعني‌ أنّ حياتي‌ ستستحيل‌ جحيماً لا يُطاق‌ ، وأ   نّني‌ سأُجبر علی‌ ترك‌ والدتي‌ وكان‌ هذا الامر بالنسبة‌ لعاطفتي‌ وضميري‌ أمراً غير ممكن‌ ، لذا تحمّلت‌ مسألة‌ عدم‌ زواجي‌ ولقّنتُ نفسي‌ الإقتناع‌ بها .

 وكان‌ يومض‌ في‌ قلبي‌ فجأة‌ ؛ إثر تحمّل‌ المصاعب‌ والمشاكل‌ التي‌ تواجهني‌ معها ؛ اشعاع‌ ونور كالبرق‌ يضي‌ء للحظة‌ فيملا القلب‌ بهجة‌ ، لكنّه‌ كان‌ سريعاً ما يخبو ويخمد .

 حتّي‌ جاء أحد أيّام‌ الشتاء ، وكان‌ الجو بارداً ، وقد بسطتُ فراشي‌ قريباً من‌ والدتي‌ في‌ غرفتها كي‌ لا تبقي‌ وحدها ولا تحتاج‌ لندائي‌ بصوتٍ عالٍ إن‌ أرادت‌ شيئاً ، وكنتُ في‌ تلك‌ الليلة‌ قد أعددتُ إناء الماء بجانبي‌ كي‌ أناولها الماء حالما تطلبه‌ منّي‌ .

 وقد نادتني‌ في‌ الليل‌ فطلبت‌ ماءً ، فنهضتُ من‌ فوري‌ وسكبتُ الماء في‌ إناء وقدّمته‌ لها وقلتُ : خذي‌ يا أُمّاه‌ فدتك‌ روحي‌ . لكنّها كانت‌ مثقلةً بالنعاس‌ فلم‌ تفطن‌ إلی‌ سرعة‌ عملي‌ وظنّت‌ أ   نّي‌ تأخّرت‌ في‌ إحضار الماء ، فشتمتني‌ شتماً غريباً وضربت‌ بالإناء علی‌ رأسي‌ ، فأعدتُ ملا الإناء وقلتُ : خُذي‌ يا أُمّاه‌ العزيزة‌ واعفي‌ عنّي‌ فأنا أرجو غفرانك‌ .

 ثمّ لم‌ أفهم‌ ما حدث‌ فجأة‌ ،

 الرجوع الي الفهرس

برّ الأمّ بسقیها لیلاً وکشف الحجاب الملکوتيّ

وباختصار : لقد تحقّق‌ ما كنتُ أصبو إلیه‌ ، وتبدّلت‌ تلك‌ الومضات‌ إلی‌ عالم‌ نوراني‌ّ يضي‌ء كالشمس‌ ، لقد كلّمني‌ حبيبي‌ ومعيني‌ وإلهي‌ وحبيبي‌ ، ولم‌ يقطع‌ نجواه‌ عنّي‌ ، وقد دام‌ هذا الحال‌ ولم‌ ينقطع‌ بعد مرور سنوات‌ علیه‌ .

 ثمّ سحب‌ حذاءه‌ بسرعة‌ وحمل‌ كتبه‌ علی‌ عاتقه‌ وودّع‌ قائلاً : سأجي‌ء عندكم‌ إن‌ شاء الله‌ ؛ وتحرّك‌ للخروج‌ من‌ باب‌ المخزن‌ ثمّ التفت‌ إلینا في‌ هذه‌ الحال‌ بوجهه‌ وأنشد هذه‌ الابيات‌ بذلك‌ اللحن‌ نفسه‌ :

 منم‌ كه‌ گوشة‌ ميخانه‌ خانقاه‌ منست‌                       دعاي‌ پير مغان‌ وِرد صبحگاه‌ منست‌

 گرم‌ ترانه‌ چنگ‌ و صبوح‌ نيست‌                    چه‌ باك‌ نواي‌ من‌ به‌ سحر آهِ عذرخواه‌ منست‌

 ز پادشاه‌ و گدا فارغم‌ بحمد الله‌                   گداي‌ خاك‌ درِ دوست‌ پادشاه‌ منست‌

 غرض‌ زمسجد و ميخانه‌ام‌ وصال‌ شماست‌                جز اين‌ خيال‌ ندارم‌ خدا گواه‌ منست‌[90]

 از آن‌ زمان‌ كه‌ برين‌ استان‌ نهادم‌ روي‌                       فراز مسند خورشيد تكيه‌گاه‌ منست‌

 مگر به‌ تيغ‌ أجل‌ خيمه‌ بركنم‌ ورنه‌                رميدن‌ از در دولت‌ نه‌ رسم‌ و راه‌ منست‌

 گناه‌ اگر چه‌ نبود اختيار ما حافظ‌                  تو در طريق‌ أدب‌ باش‌ وگو گناه‌ منست‌[91]

 ثمّ لم‌ نره‌ بعد ذلك‌ ، وحدث‌ أن‌ كنتُ ذاهباً إلی‌ المسجد قبيل‌ الغروب‌ مستقلاّ سيّارة‌ أُجرة‌ ، فتوقّفت‌ السيّارة‌ عند ضوء المرور الاحمر قرب‌ بوّابة‌ ( شميران‌ )  عند انتهاء شارع‌  ( فخر آباد )، وكان‌ يمّر علیه‌  !  حيّاني‌ من‌ خلف‌ زجاج‌ نافذة‌ السيّارة‌ وأشار بإصبع‌ السبّابة‌ أن‌  ( ها ، لقد رأيتُك‌ )،[92]   فسلّمتُ علیه‌ بدوري‌ وتحرّكت‌ السيّارة‌ .

 ولقد قصصت‌ حكايته‌ علی‌ بعض‌ الاصدقاء من‌ سكنة‌ بوّابة‌  ( شميران‌ ) فقالوا إنّهم‌ يعرفونه‌ ، وإن‌ والدته‌ توفّيت‌ قبل‌ سنوات‌ ، وإنّهم‌ يعرفونه‌ كذلك‌ بتلك‌ الاخلاق‌ والحالات‌ .[93]

 أمّا الحاجّ السيّد محمّد الكتابجي‌ّ ، فقال‌ في‌ إيضاح‌ حاله‌ إنّه‌ بائع‌ متجوّل‌ يشتري‌ بعض‌ الكتب‌ منّا بقدر ما يمكنه‌ بيعه‌ ، ثمّ يضعها علی‌ رصيف‌ الشارع‌ فيبيع‌ ما يحتاجه‌ الناس‌ منها ، وهو رجل‌ أمين‌ في‌ معاملته‌ ، يأتينا يوميّاً بقائمة‌ الكتب‌ التي‌ يحتاجها فنعدّها له‌ ، ثمّ يأتي‌ بثمنها عصراً بعد بيعها ، وتنتابه‌ أحياناً حالات‌ تجاهل‌ حتّي‌ لا يعرفه‌ أحد ، وقد شاهدنا منه‌ حالات‌ عإلیة‌ .

 نعم‌ ، كان‌ المراد من‌ ذكر هذه‌ القضيّة‌ بيان‌ النتائج‌ المعنويّة‌ لخدمة‌ الاُمّ التي‌ حين‌ تفتح‌ قلبها فإنّ أبواب‌ السماء تُفتح‌ معه‌ ؛ قلب‌ الاُمّ مستودع‌ الحبّ الإلهي‌ّ وخزينة‌ السرّ الإلهي‌ّ ، إن‌ أُغلق‌ أُغلقت‌ معه‌ أبواب‌ السماء ، وإن‌ فتح‌ فُتحت‌ معه‌ .

 وقد رأينا الكثير ممّن‌ سلكوا طريق‌ الله‌ تعإلی‌ وأمضوا مدّة‌ بالتهجّد وقيام‌ الليل‌ وصيام‌ النهار والرياضات‌ المشروعة‌ ، لكنّ معاملتهم‌ مع‌ أبويهم‌ كانت‌ سيّئة‌ فلم‌ يوفقّوا ولم‌ يقطفوا ثمرة‌ جهودهم‌ ، أو يحصلوا علی‌ حاصل‌ أتعابهم‌ ، ولم‌ يحصل‌ لهم‌ كشف‌ باب‌ أو يُفتح‌ لهم‌ بشي‌ء بعد مرور الاعوام‌ المتمادية‌ .

 لكنّ أفراداً ؛ كهذا الرجل‌ ؛ لم‌ ينشغلوا كثيراً بالرياضات‌ والنوافل‌ وترك‌ المكروهات‌ ، لكنّهم‌ إثر مراعاة‌ الاُمور المتعلّقة‌ بنفوس‌ الناس‌ ؛ كترك‌ تسبيب‌ الاذي‌ لمن‌ تحت‌ يدهم‌ وسلطتهم‌ ، وتحمّل‌ أذي‌ الناس‌ والصبر علیه‌ ، وتوقير ذوي‌ الحقوق‌ من‌ الوالدين‌ والكبار والاولياء وإكرامهم‌ ؛ قد نالوا مقاماتٍ عإلیة‌ ودرجاتٍ سامية‌ .

 نعم‌ ، فمن‌ البحث‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ وبيان‌ هذه‌ القضيّة‌ فقد اتّضحت‌ كيفيّة‌ هداية‌ القرآن‌ إلی‌ سُبل‌ السلام‌ ، وكيف‌ أُعطيت‌ البصيرة‌ وإلیقين‌ للبائع‌ المتجوّل‌ المعدَم‌ الحامل‌ لبضاعته‌ المزجاة‌ يوميّاً علی‌ عاتقه‌ ، الجارّ قدميه‌ جرّاً فوق‌ الارض‌ ؛ بحيث‌ يعجز عقلاء العالم‌ عن‌ إدراك‌ أمره‌ ، فصار يضحك‌ ساخراً من‌ كلّ هذه‌ التعيّنات‌ والاُمور الاعتباريّة‌ ، عابراً في‌ هذا العالم‌ بوعي‌ وبصيرة‌ ملكوتيّة‌ ، مترحّماً علی‌ الناس‌ العميان‌ عن‌ إدراك‌ الحقائق‌ والمعنويّات‌ ، معتبراً أ   نّه‌ يتصدّر عالم‌ الإمكان‌ في‌ مقامٍ صار مسند الشمس‌ العإلی‌ متّكأه‌ .

 الرجوع الي الفهرس

الآیات الدالّة علی أنّ من یری العرآن یراه حقّاً وأنّ من لا یری الحقّ، أعمی

 وعلینا أن‌ لا نعجب‌ هنا كيف‌ يدعو القرآن‌ هؤلاء بأصحاب‌ إلیقين‌ والحقّ ، ويعتبر مخالفيهم‌ عمياناً ، ويدعو هؤلاء بأُولي‌ الالباب‌ وأصحاب‌ العقل‌ والفهم‌ والبصيرة‌ ويلعن‌ مخالفيهم‌ ويحذّرهم‌ من‌ العاقبة‌ الوخيمة‌ التي‌ تنتظرهم‌ :

 أَفَمَن‌ يَعْلَمُ أَ   نَّمَآ أُنزِلَ إلَیكَ مِن‌ رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَي‌'´ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاْلْبَـ'بِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَـ'قَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ   مَآ   أَمَرَ   اللَهُ   بِهِ     أَن‌   يُوصَلَ   وَيَخْشَوْنَ   رَبَّهُمْ   وَيَخَافُونَ   سُو´ءَ   الْحِسَابِ   * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَو'ةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَـ'هُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَـ'´نءِكَ لَهُمْ عُقْبَي‌ الدَّارِ * جَنَّـ'تُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن‌ صَلَحَ مِنْ ءَابَآنءِهِمْ وَأَزْوَ   جِهِمْ وَذُرِّيَّب'تِهِمْ وَالْمَلَـ'´نءِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِّن‌ كُلِّ بَابٍ * سَلَـ'مٌ عَلَیْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي‌ الدَّارِ * وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَهِ مِن‌ بَعْدِ مِيثَـ'قِهِ   وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَهُ بِهِ   أَن‌ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي‌ الاْرْضِ أُولَـ'´نءِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُو´ءُ الدَّارِ . [94]

 ومن‌ جملة‌ الآيات‌ الهادية‌ إلی‌ سُبل‌ السلام‌ هذه‌ الآيات‌ الكريمة‌ :

 إِنَّ اللَهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَـ'نِ وَإِيتَآي‌ءِ ذِي‌ الْقُرْبَي‌' وَيَنْهَي‌' عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . [95]

 يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّ   مِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَانُ قَوْمٍ عَلَی‌'´ أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي‌' وَاتَّقُوا اللَهَ إِنَّ اللَهَ خَبيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . [96]

 قُلْ يَـ'´أَهْلَ الْكِتَـ'بِ تَعَالُوا إلَی‌' كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم‌ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ   شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن‌ دُونِ اللَهِ فَإِن‌ تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . [97]

 وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ   عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـ'´نءِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً . [98]

 يَـ'´أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنَـ'تُ يُبَايِعْنَكَ عَلَی‌'´ أَن‌ لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلَـ'دَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَـ'نٍ يَفْتَرِينَهُ و بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي‌ مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَهَ إِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . [99]

 وقد نزلت‌ الآيات‌ الاخيرة‌ بعد الفتح‌ ، وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يبايع‌ علی‌ هذه‌ الشروط‌ جمعاً من‌ النساء اللاتي‌ جئن‌ للبيعة‌ ، وقد روي‌ الواقدي‌ّ في‌ «المغازي‌»  عن‌  عبد الله‌ بن‌ الزبير، قال‌ : لمّا كان‌ يوم‌ الفتح‌ أسلمت‌  هند بنت‌ عتبة‌، وأسلمت‌  أُمّ حكيم‌ بنت‌ الحارث‌ بن‌ هشام‌  امرأة‌ عكرمة‌ بن‌ أبي‌ جهل‌، وأسلمت‌  امرأة‌ صفوان‌ بن‌ أُميّة‌:  البغوم‌ بنت‌ المُعَذِّل‌ من‌  كنانة‌، وأسلمت‌  فاطمة‌ بنت‌ الوليد بن‌ المغيرة‌، وأسلمت‌  هند بنت‌ منبّه‌ بن‌ الحجّاج‌، وهي‌ أُمّ عبد الله‌ بن‌ عمرو بن‌ العاص‌ ، في‌ عشر نسوة‌ من‌ قريش‌ ، فأتين‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌  بالابطح‌  فبايعنه‌ ، فدخلن‌ علیه‌ وعنده‌ زوجته‌ وابنته‌  فاطمة‌  ونساء من‌ بني‌ عبد المطّلب‌ ، فتكلّمت‌  هند بنت‌ عتبة‌ [100]  فقالت‌ :

 يَا رَسُولَ اللَهِ ! الْحَمْدُ لِلَّهر الَّذِي‌ أَظْهَرَ الدِّينَ الَّذِي‌ اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ لِتَمَسُّنِي‌ رَحْمَتُكَ ؛ يَا مُحَمَّدُ ! إنِّي‌ امْرَأَةٌ مُؤْمِنَةٌ بِاللَهِ مُصَدِّقَةٌ !

 ثمّ كشفت‌ عن‌ نقابها فقالت‌ : هند بنت‌ عتبة‌ .

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ : مرحباً بك‌  !

 فقالت‌ : والله‌ يا رسول‌ الله‌ ما علی‌ الارض‌ مِن‌ أهل‌ خباء أحبّ إلیّ أن‌ يعزّوا من‌ أهل‌ خبائك‌ .

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ : وزيادة‌ أيضاً .

 ثمّ قرأ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علیهنّ القرآن‌ وبايعهنّ ، فقالت‌ هند من‌ بينهن‌ : يا رسول‌ الله‌ نُماسحك‌  ؟

 فقال‌ رسول‌ الله‌ :  إنِّي‌ لاَ أُصَافِحُ النِّسَاءَ ! إنَّ قَوْلِي‌ لِمِائَة‌ امْرَأَةٍ مِثْلُ قَوْلِي‌ لاِمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ .

 ويُقال‌ : وَضَعَ علی‌ يده‌ ثوباً ثمئ مسحنَ علی‌ يده‌ يومئذٍ .

 ويُقال‌ : كان‌ يؤتي‌ بقدحٍ من‌ ماء فيُدخل‌ يده‌ فيه‌ ثمّ يدفعه‌ إلیهنّ فيُدخلن‌ أيديهنّ فيه‌ . والقول‌ الاوّل‌ أثبتها عندي‌ :  إنّي‌ لا أُصافح‌ النساء . [101]

 الرجوع الي الفهرس

قصّة بیعة نساء مکّة، مع شرط عدم قتل أولادهنّ

 ونقل‌ الطبريّ في‌ تاريخه‌ عن‌ الواقدي‌ّ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ أمر يوم‌ فتح‌ مكّة‌ بقتل‌ ستّة‌ نفر وأربعة‌ نسوة‌ من‌ بينهنّ  هند بنت‌ عتبة‌، فأسلمت‌ وبايعت‌ ونجت‌ من‌ القتل‌ . حتّي‌ يصل‌ إلی‌ القول‌ : فلمّا فرع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ من‌ بيعة‌ الرجال‌ بايع‌ النساء ، واجتمع‌ إلیه‌ نساء من‌ قريش‌ فيهن‌ هند بنت‌ عتبة‌ متنقّبة‌ متنكّرة‌ لحدثها وما كان‌ من‌ صنيعها بحمزة‌ ، فهي‌ تخاف‌ أن‌ يأخذها رسول‌ الله‌ بحدثها ذلك‌ ، فلمّا دنون‌ منه‌ ليبايعنه‌ قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ :

 تُبَايِعْنِي‌  ] تبايعنني‌ [  علی‌ي‌ أَنْ لاَ تُشْرِكْنَ بِاللَهِ شَيْئَاً !

 فقالت‌ هند : والله‌ إنّك‌ لتأخذ علینا أمراً ما تأخذه‌ علی‌ الرجال‌ وسنؤتيكه‌ .

 قال‌ :  وَلاَ تَسْرِقْنَ !

 قالت‌ : والله‌ إن‌ كنتُ لاُصيبُ من‌ منال‌ أبي‌ سفيان‌ الهنة‌ والهنة‌ وما أدري‌ أكان‌ ذلك‌ حلاًّ لي‌ أم‌ لا  ؟

 فقال‌ أبوسفيان‌ ـ وكان‌ شاهداً لما تقول‌ ـ أمّا ما أصبتِ فيما مضي‌ فأنتِ منه‌ في‌ حلّ .

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ :  وَإنَّكِ لَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ؟!

 فقالت‌ : أنا هند بنت‌ عتبة‌ ، فاعف‌ عمّا سلف‌ ، عفا الله‌ عنك‌ .

 قال‌ :  وَلاَ تَزْنِينَ !

 قالت‌ : يا رسول‌ الله‌ ، وهل‌ تزني‌ الحُرّة‌  ؟!

 قال‌ :  وَلاَ تَقْتُلْنَ أَوْلاَدَكُنَّ !

 قالت‌ :  قَدْ رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارَاً وَقَتَلْتَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كِبَارَاً ، فَأَنْتَ وَهُمْ أَعْلَمُ .

 فضحك‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ من‌ قولها حتّي‌ استغرب‌ .

 قال‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ :  وَلاَ تأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِيْنَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ !

 قالت‌ : والله‌ إنّ إتيان‌ البُهتان‌ لقبيح‌ ولبعض‌ التجاوز أمثل‌ .

 قال‌ :  وَلاَ تَعْصِينَنِي‌ فِي‌ مَعْرُوفٍ .

 قالت‌ : ما جلسنا هذا المجلس‌ ونحن‌ نريد أن‌ نعصيك‌ في‌ معروف‌ .

 فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ لعمر : بايعهنّ ؛ واستغفرَ لهنّ رسول‌ الله‌ ، فبايعهنّ عمر ،  وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ وَلاَ يَمُسُّ امْرَأَةً وَلاَ تَمُسُّهُ إلاَّ امْرَأةٌ أَحَلَّهَا اللَهُ لَهُ ؛ أَوْ ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهُ . [102]

 وروي‌ عن‌ أبان‌ بن‌ صالح‌ أنّ بيعة‌ النساء قد كانت‌ علی‌ نحوينِ فيما أخبره‌ بعض‌ أهل‌ العالم‌ ؛ كان‌ يوضع‌ بين‌ يَدَي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ إناء فيه‌ ماء فإذا أخذ علیهنّ وأعطينه‌ غمس‌ يده‌ في‌ الإناء ثمّ أخرجها فغمس‌ النساء أيديهنّ فيه‌ ، ثمّ كان‌ بعد ذلك‌ يأخذ علیهنّ فإذا أعطينه‌ ما شرط‌ علیهنّ قال‌ :  اذْهَبْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ !  لا يزيد علی‌ ذلك‌ . [103]

 الرجوع الي الفهرس

حرمة قتل النفس ومنها حرمة إسقاط الجنین في الإسلام

 وقال‌  العلاّمة الطباطبائيّ مدّ ظلّه‌ العإلی‌  في‌ تفسير :  وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلَـ'دَهُنَّ  قال‌ :  بِالْوَأْدِ وَغَيْرِهِ وَإسْقَاطِ الاْجِنَّةِ . [104]

 عَدَّ القرآنُ الكريم‌ قتلَ المسلم‌ عمداً ـ بلا إباحة‌ من‌ الشرع‌ من‌ قصاصٍ أو إجراءٍ لحدّ ـ واحداً من‌ الذنوب‌ الكبيرة‌ توعّدَ علیه‌ التخليد في‌ جهنّم‌ ، ولا تردّد في‌ هذا الامر ولا شبهة‌ ، فقد أقام‌ علماء المسلمون‌ علی‌ حرمته‌ أدلّةً أربعة‌ : الكتاب‌ ، السنّة‌ ، الإجماع‌ والعقل‌ ، وذكر القرآن‌ الكريم‌ للقتل‌ الخطأ والعمديّ أحكاماً خاصّة‌ :

 وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن‌ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَـًا وَمَن‌ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَی‌'´ أَهْلِهِ   إِلاَّ´ أَن‌ يَصَّدَّقُوا فَإِن‌ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن‌ كَانَ مِن‌ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّثَـ'قٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَی‌'´ أَهْلِهِ   وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن‌ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَهِ وَكَانَ اللَهُ علیمًا حَكِيمًا * وَمَن‌ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ و  جَهَنَّمُ خَـ'لِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَهُ عَلَیْهِ وَلَعَنَهُ و  وَأَعَدَّ لَهُ و  عَذَابًا عَظِيمًا . [105]

 مِنْ أَجْلِ ذَ   لِكَ كَتَبْنَا عَلَی‌' بَنِي‌´ إِسْرَ   ءِيلَ أَنـَّهُ و  مَن‌ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي‌ الاْرْضِ فَكَأَنـَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنـَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَـ'تِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنهُمْ بَعْدَ ذَ   لِكَ فِي‌ الاْرْضِ لَمُسْرِفُونَ . [106]

 يَـ'´أَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأْكُلُو´ا أَمْوَ   لَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَـ'طِلِ إِلاَّ´ أَن‌ تَكُونَ تِجَـ'رَةً عَن‌ تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُو´ا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَ   لِكَ عُدْوَ   نًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَ   لِكَ عَلَی‌ اللَهِ يَسِيرًا . [107]

 وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي‌ حَرَّمَ اللَهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ . [108]

 وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَهِ إِلَـ'هًا ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي‌ حَرَّمَ اللَهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن‌ يَفْعَلْ ذَ   لِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَـ'عَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ    مُهَانًا * إِلاَّ مَن‌ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـ'لِحًا فَأُولَـ'´نءِكَ يُبَدِّلُ اللَهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَـ'تٍ وَكَانَ اللَهُ غَفُورًا رَحِيمًا .[109]

وعلاوةً علی‌ التعميمات‌ التي‌ ذُكرت‌ والتي‌ عُدَّ فيها محرّماً قتل‌ النفس‌ المحترمة‌ ـ بشكلٍ عام‌ ـ سواءً كان‌ القتيل‌ من‌ ولد الإنسان‌ أم‌ لا ، فقد وردت‌ آيات‌ كثيرة‌ تنهي‌ بشكلٍ خاصّ عن‌ قتل‌ الاولاد وتحرّمه‌ ، منها :

 قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُو´ا أَوْلَـ'دَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَهُ افْتِرَآءً عَلَی‌ اللَهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ .[110]

 وآية‌ :  قُلْ تَعَالُوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَیْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ   شَيْئًا وَبِالْوَ   لِدَيْنِ إِحْسَـ'نًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلَـ'دَكُمْ مِّنْ إِملَـ'قٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ـ الآية‌ .[111]

 وآية‌ :  وَلاَ تَقْتُلُو´ا أَوْلَـ'دَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـ'قٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خَطْـًا كَبيرًا . [112]

 وكذلك‌ آية‌ :  وَإِذَا الْمَوْءُ و دَةُ سُنءِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ . [113]

 كلّها آيات‌ تدلّ علی‌ حرمة‌ قتل‌ الولد ، كبيراً كان‌ أم‌ صغيراً ، ذكراً أم‌ أُنثي‌ ، ناقص‌ الخلقة‌ ومشوهاً كان‌ أم‌ تامّ الخلقة‌ وكاملاً ، وعلیه‌ فإنّ الطفل‌ الذي‌ يُولد أعمي‌ أو أصمّ أو مجذوذ إلید أو ناقص‌ العقل‌ مجنوناً أو مبتلي‌ بأيّ نقص‌ أو عيب‌ ، فليس‌ لاحدٍ الحقّ في‌ القضاء علیه‌ ، لا أباه‌ ولا أُمّه‌ ، ولا الحاكم‌ ولا الدولة‌ ، ولا الهيئة‌ الطبّيّة‌ ولا غيرهم‌ ، لا فرق‌ في‌ ذلك‌ أكان‌ قتله‌ بوسيلة‌ قاتلة‌ ، أو بإعطائه‌ مصلاً سامّاً أو غازاً سامّاً ، أو إذابته‌ بالحوامض‌ ، أو باستعمال‌ الاشقّة‌ المهلكة‌ ، أو أيّة‌ وسيلة‌ أُخري‌ ربّما ستكتشف‌ فيما بعد ؛ فهو مخلوق‌ من‌ مخلوقات‌ الله‌ ، لم‌ يرخّص‌ أو يأذن‌ في‌ قتله‌ لاحد ، وهذا العمل‌ قتل‌ للنفس‌ لم‌ يفرّق‌ الله‌ خالق‌ الإنسان‌ فيه‌ بين‌ نفس‌ الإنسان‌ الكامل‌ والناقص‌ ، الرجل‌ والمرأة‌ ، السليم‌ والمريض‌ ، العاقل‌ والمجنون‌ ، الصغير والكبير ، بل‌ وعد سبحانه‌ علی‌ قتل‌ النفس‌ العمديّ الخلود في‌ نار جهنّم‌ .

 الرجوع الي الفهرس

الانتحار قتل للنفس وهو محرّم في الإسلام

 وفوق‌ ذلك‌ ، فالإنسان‌ ليس‌ حرّاً في‌ التصرّف‌ بنفسه‌ ، فالانتحار حرام‌ ولو كان‌ مسبّباً عن‌ فقر شديد وضيق‌ ذات‌ إلید ، أو عن‌ السجن‌ لاعوام‌ طويلة‌ ، أو لورود المصائب‌ والمحن‌ المختلفة‌ ، فمَن‌ انتحر كان‌ مصيره‌ جهنّم‌ خالداً فيها وفق‌ وعد الآية‌ القرآنيّة‌ الآنفة‌ .

 إنّ عموم‌ الآيات‌ وإطلاقها الدالّ علی‌ حرمة‌ القتل‌ العمديّ يشمل‌ قتل‌ الإنسان‌ نفسه‌ وقتله‌ غيره‌ ، فالآية‌ الكريمة‌ :

 إِنَّهُ و   مَن‌ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ فَكَأَنـَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَن‌ أَحْيَاهَا فَكَأَنـَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ، [114]  لها دلالة‌ علی‌ حرمة‌ الانتحار أيضاً ، علاوة‌ علی‌ الآية‌ الكريمة‌ التي‌ توضّح‌ هذا المعني‌ :

 وَأَنْفِقُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَی‌ التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُو´ا إِنَّ اللَهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . [115]

 لذا فليس‌ للإنسان‌ الحقّ في‌ ابتلاع‌ أقراص‌ السمّ القاتلة‌ علی‌ الفور عند اعتقاله‌ وتعذيبه‌ من‌ قبل‌ العدوّ للحصول‌ علی‌ اعترافه‌ ، ولو كان‌ انتحاره‌ هيّناً لا ألم‌ فيه‌ ولا أذي‌ ، أو كان‌ التعذيب‌ شديداً لا يُطاق‌ ومنجرٍّ إلی‌ قتل‌ فظيع‌ يقطّع‌ الإنسان‌ فيه‌ إرباً إرباً ، فليس‌ للإنسان‌ أن‌ يفرّ ـ باختياره‌ ـ بالانتحار السهل‌ السريع‌ من‌ القتل‌ الاشدّ ، فلو سجنه‌ عدوّه‌ في‌ غرفة‌ بنيّة‌ إلقائه‌ في‌ البحر وإغراقه‌ ، فليس‌ له‌ الانتحار بفتح‌ صمّام‌ الغاز واستنشاق‌ الغاز المسموم‌ مثلاً ، ولو كان‌ هذا الموت‌ أخفّ وطأةً من‌ ذاك‌ .

 وكذا الحال‌ للجنود المسلمين‌ علی‌ ظهر سفينة‌ متأهبّة‌ لقتال‌ الكفّار فرماها الكفّار وأحرقوها بالنفط‌ والبنزين‌ ، أو بالصواريخ‌ وسائر الاسلحة‌ المحرقة‌ ، فرأي‌ المسلمون‌ بأُمّ أعينهم‌ موتهم‌ الحتميّ حرقاً ، فليس‌ من‌ حقّهم‌ مع‌ ذلك‌ الفرار من‌ الاحتراق‌ برمي‌ أنفسهم‌ في‌ البحر ليموتوا غرقاً حسب‌ اختيارهم‌ .

 وكذا في‌ حالة‌ مريض‌ بمرض‌ مستعصٍ مُلك‌ ، كبعض‌ أقسام‌ السرطان‌ الذي‌ تصبح‌ الحياة‌ معه‌ مرارةً ليس‌ إلاّ ، فليس‌ من‌ حقّ هذا المريض‌ أن‌ ينهي‌ حياته‌ بالانتحار ، أو أن‌ يطلب‌ من‌ صديقه‌ الدكتور المعالج‌ أو ممرّضه‌ وصديقه‌ الحميم‌ أن‌ يعجّلا في‌ موته‌ بإعطائه‌ مصلاً يقضي‌ علیه‌ فيموت‌ قبل‌ أجله‌ الطبيعيّ ، فهذه‌ كلّها تعدّ قتلاً للنفس‌ محرّمةً ممنوعة‌ .

 وسرّ ذلك‌ أنّ الإنسان‌ ليس‌ ـ في‌ الحقيقة‌ ـ مالك‌ نفسه‌ ليمكنه‌ اتّخاذ القرار بنفسه‌ في‌ مسألة‌ حياته‌ أو موته‌ ، بل‌ إنّ مالكه‌ وخالقه‌ وربّه‌ ومحييه‌ ومميته‌ هو الله‌ عزّ وجلّ الذي‌ أغلق‌ جميع‌ هذه‌ الابواب‌ أمامه‌ ، وكلّفه‌ أن‌ يسعي‌ بكلّ ما أُوتي‌ من‌ قوّة‌ في‌ إدامة‌ حياته‌ وتأمين‌ بقائه‌ حتّي‌ يأتيه‌ الموت‌ الذي‌ لابدّ منه‌ .

 وذلك‌ لانّ الإنسان‌ وحقيقته‌ ووجوده‌ ليست‌ بقيام‌ بدنه‌ وجسمه‌ ، ليكون‌ له‌ الخيار في‌ تركه‌ والفكاك‌ منه‌ ، بل‌ إنّ واقعيّته‌ وحقيقته‌ في‌ نفسه‌ الناطقة‌ وروحه‌ ، وهي‌ لاتموت‌ بموت‌ بدنه‌ ، وعلیه‌ أن‌ يبقي‌ في‌ هذه‌ الدنيا مادام‌ لم‌ يصل‌ بعدُ إلی‌ كماله‌ ، مهما تجشّم‌ المصاعب‌ والمشكال‌ ، إذ ربّما كانت‌ هذه‌ المصاعب‌ أيضاً من‌ موجبات‌ تكامله‌ الروحيّ ؛ والانتحار هو الموت‌ قبل‌ الموعد الطبيعيّ ، وهو قطف‌ الثمرة‌ الفجّة‌ من‌ الشجرة‌ قبل‌ نضجها ، وخلع‌ ثوب‌ النفس‌ الناطقة‌ وانتزاعها من‌ البدن‌ قبل‌ فعلیّتها وهي‌ لاتزال‌ في‌ نطفة‌ الاستعداد والقابليّة‌ .

 وعلی‌ هذا الاساس‌ فلا يُشاهَد وقوع‌ الانتحار بين‌ المسلمين‌ أبداً ، وا ءذا ما حصلت‌ كلّ سنة‌ حادثة‌ أو حادثتان‌ من‌ هذا القبيل‌ فهي‌ ناجمة‌ من‌ جهل‌ هؤلاء بهذه‌ المسألة‌ ، وبتخيّلهم‌ الخلاص‌ من‌ هذه‌ الدنيا ومحنها وآلامها ومصائبها ، غافلين‌ عن‌ أنّ نار جهنّم‌ أشدّ من‌ هذه‌ المحن‌ والآلام‌ وأكثر إحراقاً وصهراً .

 أمّا في‌ بلاد الكفر ، وخاصّة‌ أُوروبّا وأمريكا فالانتحار من‌ الشيوع‌ للحدّ الذي‌ صار يشكّل‌ رقماً ملحوظاً كلّ يوم‌ من‌ الوفيّات‌ في‌ المدن‌ ، فهم‌ ينتحرون‌ بمجرّد الاصطدام‌ بعقبة‌ أو مشكلة‌ ، وهم‌ لهذا السبب‌ ضعيفو الإرادة‌ قليلو الصبر والتحمّل‌ ، لايمتلكون‌ قدرة‌ تحمّل‌ مشاكل‌ الامراض‌ الصعبة‌ ، والاختلافات‌ الشديدة‌ بين‌ الازواج‌ ، أو مع‌ الجيران‌ ، ومشاكل‌ الفقر والفاقة‌ ، والفشل‌ في‌ الامتحانات‌ النهائيّة‌ ، وامتحانات‌ القبول‌ في‌ الجامعات‌ وغيرها ؛ فهم‌ يقدمون‌ علی‌ الانتحار بمحض‌ وقوع‌ بعض‌ هذه‌ المشاكل‌ .

 وقد سمعتُ مراراً أنّ في‌ إنجلترا ؛ حيث‌ يندر أن‌ يري‌ الناس‌ المحرومون‌ هناك‌ إشراق‌ الشمس‌ طوال‌ أيّام‌ السنة‌ ، ويقضون‌ أغلب‌ أوقاتهم‌ في‌ تلك‌ الجزيرة‌ الصغيرة‌ ذات‌ السواحل‌ المطلّة‌ علی‌ البحار ، في‌ جوٍّ غائم‌ مكفهّر بالغيوم‌ السوداء والهواء الرطب‌ القادم‌ من‌ البحر ، لذا فإنّ الخروج‌ خارج‌ المدن‌ للنزهة‌ والمتعة‌ في‌ الايّام‌ المشمسة‌ النادرة‌ يعدّ مهمّاً جدّاً ، وحين‌ تشرق‌ الشمس‌ يوماً يبدو وكأن‌ حياةً جديدةً قد نُفخت‌ فيهم‌ ؛ في‌ مثل‌ هذه‌ الاجواء ، لو وُعد الفتيان‌ هناك‌ بإخراجهم‌ للنزهة‌ خارجاً في‌ يوم‌ مُشمس‌ ، فإنّهم‌ سيُقدمون‌ علی‌ الانتحار لو بقيت‌ الشمس‌ غائمة‌ ذلك‌ إلیوم‌ فلم‌ تُشرق‌  ! وهم‌ يقدمون‌ علی‌ الانتحار إثر النزاعات‌ العائليّة‌ الطفيفة‌ التي‌ نشاهد ونعاني‌ من‌ أشدّ منها بيننا  !

 لقد صار واضحاً من‌ هذه‌ الآيات‌ التي‌ بيّنت‌ في‌   القرآن‌ الكريم‌ في‌ النهي‌ عن‌ قتل‌ الولد ، أنّ هناك‌ نوعين‌ رائجين‌ لقتل‌ الاولاد بين‌ عرب‌ الجاهليّة‌ ، وقد منع‌ الباري‌ سبحانه‌ علی‌ يد رسول‌ رحمته‌ كلا النوعين‌ بنحوٍ أكيد وقاطع‌ :

 الاوّل‌ : قتل‌ الاولاد عموماً ، الذكر منهم‌ والاُنثي‌ ، الذي‌ تدلّ علیه‌ آيات‌ وَلاَ تَقْتُلُو´ا أَوْلَـ'دَكُمْ مِنْ إِمْلَـ'قٍ، أو  خَشْيَةَ إِمْلَـ'قٍ ،  أو  قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَـ'دَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ  التي‌ ورد ذكرها ، ويستنتج‌ منها أنّ عرب‌ الجاهليّة‌ إذا مرّ علیهم‌ عام‌ قحط‌ ومجاعة‌ فإنّهم‌ كانوا يقتلون‌ أولادهم‌ لئلاّ يرونهم‌ يعانون‌ شظف‌ العيش‌ وشدّة‌ الجوع‌ والمسكنة‌ .

 وقال‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ في‌ تفسيرها : الإملاق‌ : الإفلاس‌ من‌ المال‌ والزاد ، ومنه‌  التملّق‌ ،  وقد كان‌ هذا كالسنّة‌ الجارية‌ بين‌ العرب‌ في‌ الجاهليّة‌ لتسرّع‌ الجدب‌ والقحط‌ إلی‌ بلادهم‌ ، فكان‌ الرجل‌ إذا هدّده‌ الإفلاس‌ بادرَ إلی‌ قتل‌ أولاده‌ تأنّفاً من‌ أن‌ يراهم‌ علی‌ ذلّة‌ العدم‌ والجوع‌ .

 وقد علّل‌ النهي‌ بقوله‌ :  نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ،  أو  نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ،  أي‌ إنّما تقتلونهم‌ مخافة‌ أن‌ لاتقدروا علی‌ القيام‌ بأمر رزقهم‌ ، ولستم‌ رازقين‌ لهم‌ ، بل‌ الله‌ يرزقكم‌ وإيّاهم‌ جميعاً فلا تقتلوهم‌ . [116]

 الثاني‌ : قتل‌ البنات‌ بالخصوص‌ ، وكانوا يدفنوهنّ أحياءً ، كما دلّت‌ علیه‌ آية‌ :  وَإِذَا الْمَوْءُ و دَةُ سُتءِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ، لانّ معني‌ الموؤودة‌ البنت‌ التي‌ تُدفن‌ حيّة‌ ؛ فقد كان‌ الغزو والقتل‌ يكثر في‌ الجاهليّة‌ بين‌ العرب‌ ، وكان‌ يحدث‌ أن‌ تصبح‌ بناتهم‌ أسيرات‌ في‌ أيدي‌ أعدائهم‌ ، فكان‌ هذا الاسر غإلیاً علیهم‌ وصعباً لايُحتمل‌ ، إذ كانوا يخشون‌ أن‌ تصبح‌ أعراضهم‌ في‌ بيوت‌ وأيدي‌ أعدائهم‌ يفعلون‌ بها ما يشاؤون‌ ، وهو أمر لم‌ ترتضِه‌ حميّتهم‌ وغيرتهم‌ ، فكانوا يقتلون‌ بناتهم‌ كي‌ لايكون‌ لهم‌ بنت‌ قد تصبح‌ في‌ الحرب‌ والغارة‌ طعمةً بِيَدِ منافسيهم‌ وأعدائهم‌ .

 قال‌ في‌  « مجمع‌ البيان‌ »:  المَوْءُودَةُ مِن‌ وَأَدَ يَئِدُ وَأْدَاً، وكانت‌ العرب‌ تئد البنات‌ خوف‌ الإملاق‌ .

 قال‌ قتادة‌ : جاء قيس‌ بن‌ عاصم‌ التميميّ إلی‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ فقال‌ : إنّي‌ وأدتُ ثمان‌ بناتٍ في‌ الجاهليّة‌ ، فقال‌ : فأعتق‌ عن‌ كلّ واحدةٍ رقبة‌ .

 قال‌ : إنّي‌ صاحب‌ إبل‌ .

 قال‌ : فاهدِ إلی‌ مَن‌ شئتَ عن‌ كلّ واحدة‌ بدنة‌ .

 قال‌ الجبائيّ : إنّما سُميّت‌  موؤودة‌  لانـّها ثقلت‌ في‌   التراب‌ الذي‌ طُرح‌ علیها حتّي‌ ماتت‌ ؛ وهذا خطأ ، لانّ  الموؤودة‌  من‌  وَأَدَ يَئِدُ  معتلّ الفاء وفي‌ الثقل‌  آده‌ يؤده‌: أثقله‌ وهو معتلّ العين‌ ، ولو كانت‌ مأخوذة‌ منه‌ لقيل‌  مؤودة‌ علی‌ وزن‌  معوودة‌ .

 وروي‌ عن‌ النبيّ أنـّه‌ سُئل‌ عن‌ العزل‌ فقال‌ :

 ذَاكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ . [117]

 وورد في‌  « مجمع‌ البيان‌ »  أيضاً أن‌ الموؤودة‌ هي‌ الجارية‌ المدفونة‌ حيّةً ، وكانت‌ المرجئة‌ إذا حان‌ وقت‌ ولادتها حفرت‌ حفرة‌ وقعدت‌ علی‌ رأسها ، فإن‌ ولدت‌ بنتاً رمت‌ بها في‌ الحفرة‌ ، وإن‌ ولدت‌ غلاماً حبسته‌ .[118]

 قال‌ الشيخ‌ الطنطاويّ :  المَوْءُدَة‌ المدفونة‌ حيّاً  ؛ وكان‌ العرب‌ يدفنون‌ بناتهم‌ أحياءً خوف‌ الفقر والعار . وسميّت‌  موءُوودة‌  لانـّها تثقل‌ في‌ التراب‌ الذي‌ يُطرح‌ علیها حتّي‌ تموت‌ . [119]

 وقد منع‌ صعصعة‌ بن‌ ناحية‌ قومه‌ من‌ هذا العمل‌ ، لذا أنشد الفرزدق‌ ، وكان‌ من‌ تلك‌ القبيلة‌ ، يفتخر :

 وَمِنَّا الَّذِي‌ مَنَعَ الوَائدَا                 تِ وَأحْيَا الوَئِيد فَلَمْ تُوأدِ [120]

 الرجوع الي الفهرس

عرب الجاهلیّة یئدون البنات خوف العار والأولاد والبنات خوف الفقر

 وقد قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ : وكانت‌ العرب‌ تئد البنات‌ خوفاً من‌ لحوق‌  العار بهم‌ من‌ أجلهنّ ؛ كما يشير إلیه‌ قوله‌ تعإلی‌ :

 وَإِذَا بُشِّرَ أحَدُهُمْ بِالاْنْثَي‌' ظَلَّ وَجْهُهُ و  مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَ   رَي‌' مِنَ الْقَوْمِ مِن‌ سُو´ةِ مَا بُشِّرَ بِهِ    أَيُمْسِكُهُ و  عَلَی‌' هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ و  فِي‌ التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ . [121]

 والمسؤول‌ بالحقيقة‌ عن‌ قتل‌ الموؤودة‌ ، أبوها الوائد لها لينتصف‌ منه‌ وينتقم‌ ، لكن‌ عدّ المسؤول‌ في‌ الآية‌ هي‌  الموؤودة‌  نفسها ، فسُئلت‌ عن‌ سبب‌ قتلها كنوعٍ من‌ التعريض‌ والتوبيخ‌ لقاتلها وتوطئةً لان‌ تسأل‌ الله‌ الانتصاف‌ لها من‌ قاتلها حتّي‌ يُسأل‌ عن‌ قتلها فيؤخذ لها منه‌ . [122]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[85]  ـ «الجامع‌ الصغير» للسيوطي‌ّ ص‌  145، عن‌ القضاعي‌ّ . ورواه‌ الخطيب‌ البغدادي‌ّ في‌ جامعه‌ بطريق‌ حَسَن‌ عن‌ أنس‌ .

 وأورد القاضي‌ القضاعي‌ّ في‌ «شرح‌ فارسي‌ شهاب‌ الاخبار» ص‌  41  و  42، رقم‌  104: الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الاُمَّهَاتِ.

 مادران‌ راست‌ خلد زير قدم‌                         اين‌ چنين‌ گفت‌ خواجه‌ عالم‌

 (وترجمته‌ : الجنّة‌ تحت‌ أقدام‌ الاُمّهات‌ ؛ هكذا قال‌ سيّد العالم‌».

 انتهي‌ كلام‌ القاضي‌ القضاعي‌ّ .

 جنّت‌ كه‌ بهشت‌ ما در آن‌ است‌                   در زير قدوم‌ مادران‌ است‌

 (وترجمته‌ : أنّ الجنّة‌ التي‌ تمثّل‌ نعيمنا وفردوسنا ، هي‌ تحت‌ أقدام‌ الاُمّهات‌) .

[86]  ـ يقول‌ : «إذا صار القلب‌ هو الحبيب‌ فمن‌ سيكون‌ الحبيب‌ ؟ وإن‌ صار الحبيب‌ هو القلب‌ فماذا سنسمّي‌ القلب‌ ؟

 لقد اتّحد القلب‌ والحبيب‌ كلاهما ، فأصبحتُ لا أدري‌ مَن‌ القلب‌ ومَن‌ الحبيب‌ .

 إنّ قلبي‌ لشغوف‌ بشراء المحبّة‌ والعشق‌ ، دار سوقُ العشق‌ به‌ علي‌ قدمٍ وساق‌ .

 ولقد حِكْتُ لقامة‌ الحبيب‌ ثوباً ، فكان‌ لِحْمته‌ المحنة‌ وسداه‌ المحبّة‌ .

 أدّي‌ غمَّ عشقك‌ إن‌ سكنت‌ الصحراء فصرت‌ حليفها ، ورماني‌ هوي‌ الحظّ بلا ريشٍ ولا جناح‌ .

 قلتَ لي‌ : كن‌ صبوراً صبوراً ، فصبّ الصبر قبضةَ ترابٍ علي‌ رأسي‌ .

 انظر الصحراء فأراك‌ الصحراء ، وأتطلّع‌ إلی‌ البحر فأري‌ بحرك‌ .

 حيثما نظرتُ إلی‌ جبلٍ أو صحراء ، رأيتُ آيةً من‌ قامتك‌ الرشيدة‌» .

[87]  ـ يقول‌ : «أشعر بالقلق‌ والاضطراب‌ من‌ «قالوا بلي‌» إشارة‌ إلی‌ آية‌ الذر : قالوا بلي‌ شهدنا ؛ فقد فاقت‌ ذنوبي‌ نقط‌ المطر وورق‌ الشجر .

 وإن‌ لم‌ تنل‌ يدي‌ «لا تقنطوا» وتمسكها ، فسيبقي‌ قول‌ : «يا ويلتا» يشغل‌ فكري‌ .

 تعالَوا ذوي‌ القلوب‌ المحترقة‌ الولهي‌ نتأوّه‌ ، من‌ معشوقةٍ لا يضيرها الصدّ والإعراض‌ .

 ولنصحب‌ البلبل‌ العاشق‌ إلی‌ الروض‌ ، فإن‌ تصبّر علي‌ عشق‌ الورد فلم‌ يَبُحْ بآهاته‌ ، فسنئنّ ونتأوّه‌ من‌ عشق‌ معبودنا .

 تعالَوا ذوي‌ القلوب‌ الحرّي‌ المحترقة‌ نجتمع‌ معاً فنفضي‌ إلی‌ بعضٍ همومنا .

 فَلْنَزِنْ غمومنا فنقارنها مع‌ بعضها ، من‌ كان‌ أكثر غمّاً كان‌ أثقلنا في‌ الميزان‌» .

[88]  ـ العلاّمة‌ القزويني‌ّ علي‌ أكبر دَخُوْ ، مؤلّف‌ المعجم‌ اللغوي‌ّ المعروف‌ بـ «لغت‌ نامة‌ دهخدا» ، ولانّ أهالي‌ قزوين‌ يدعون‌ رئيس‌ القرية‌ وكبيرها «دَخُوه‌» ، فقد كان‌ يوقّع‌ باسم‌ دخو ، لكنّ اسمه‌ في‌ معجمه‌ اللغوي‌ّ شُهر بـ «دهخدا» .

[89]  ـ يقول‌ : «يا مَنْ جهلتَ علم‌ السماوات‌ ، ولم‌ تنل‌ مقام‌ العرفاء وتهتدي‌ طريقهم‌ ، أنت‌ الذي‌ لا تفرّق‌ بين‌ ما يضرّك‌ وينفعك‌ ، هيهات‌ أن‌ تلحق‌ بعشّاق‌ هذا الطريق‌ ، السالكين‌ فيه‌» .

[90]  ـ الغزل‌ للخواجة‌ شمس‌ الدين‌ محمّد حافظ‌ الشيرازي‌ّ في‌ ديوانه‌ ، ص‌  18، طبعة‌ بژمان‌ .

 ـ يقول‌ : «أنا من‌ كانت‌ زاوية‌ الخمّارة‌ مجلس‌ عرفاني‌ ـ ودعاء شيخ‌ الطريقة‌ وِرد صباحي‌ .

 إن‌ خلا الامر من‌ نغمة‌ الربابة‌ وشراب‌ الصباح‌ ، فماذا يضير لو صار زادي‌ في‌ الاسحار الآهات‌ الحرّي‌ في‌ طلب‌ الغفران‌ .

 الملك‌ والشحّاذ في‌ عيني‌ سواء ـ بحمد الله‌ ـ ولكن‌ شحّاذ تراب‌ باب‌ المحبوب‌ سلطاني‌ وملكي‌ .

 الغرض‌ من‌ المسجد والخمّارة‌ وصالك‌ ، وأُشهد الله‌ أن‌ لا غاية‌ أُخري‌ تدفعني‌ .

[91] یقول : فمنذ أن‌ وجّهتُ وجهي‌ في‌ هذا الطريق‌ صار أعلي‌ مسند الشمس‌ متّكئي‌ .

 لن‌ أطوي‌ خيامي‌ إلاّ بسيف‌ الاجل‌ ، فليس‌ شأني‌ الفرار من‌ باب‌ السلطان‌ .

 ومع‌ أنّ ارتكاب‌ الذنوب‌ ليس‌ في‌ يدنا يا حافظ‌ ، ولكن‌ جاهد في‌ طريقه‌ ، الادب‌ وقل‌ إنّ الذنب‌ قد صدر منّي‌ فالتبعة‌ عَلَی‌َّ» .

[92]  ـ ترجمة‌ لفظة‌ (دالّي‌) .

[93]  ـ أمّا الآن‌ ، وقد مرّ علي‌ تأليف‌ هذا الكتاب‌ عدّة‌ أعوام‌ ، التحق‌ خلالها برحمة‌ الله‌ تعالي‌ وارتحل‌ إلی‌ عالم‌ البقاء ، فيجدر التنويه‌ باسمه‌ ، ويُعرف‌ بالحاجّ مهدي‌ المجنون‌.

[94]  ـ الآيات‌  19  إلی‌  25، من‌ السورة‌  13: الرعد .

[95]  ـ الآية‌  9، من‌ السورة‌  16: النحل‌ .

[96]  ـ الآية‌  8، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

[97]  ـ الآية‌  64، من‌ السورة‌  3: آل‌ عمران‌ .

[98]  ـ الآية‌  36، من‌ السورة‌  17: الإسراء .

[99]  ـ الآية‌  12، من‌ السورة‌  60: الممتحنة‌ .

[100]  ـ هند بنت‌ عتبة‌ أُمّ معاوية‌ بن‌ أبي‌ سفيان‌ وزوجة‌ أبي‌ سفيان‌ ، وهي‌ التي‌ بقرت‌ بطن‌ حمزة‌ سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ في‌ حرب‌ أُحد واستخرجت‌ كبده‌ فقطّعته‌ وصنعت‌ منه‌ قلادة‌ علّقتها في‌ عنقها ، ثمّ لاكت‌ قطعة‌ من‌ كبده‌ ، وقطّعت‌ أعضاءه‌ ومثّلت‌ بها . وقتل‌ أبوها عتبة‌ وأخوها شيبة‌ وابنها حنظلة‌ في‌ حرب‌ بدر ، وكان‌ لها عداوة‌ شديدة‌ مع‌ رسول‌ الله‌ ، فأهدر دمها يوم‌ فتح‌ مكّة‌ ، لكنّها أسلمت‌ فقبل‌ الرسول‌ إسلامها وحقن‌ دمها . صلّي‌ الله‌ عليك‌ يا رسول‌ الله‌ وعلي‌ أهل‌ بيتك‌ الطاهرين‌ .

[101]  ـ «المغازي‌» لمحمّد بن‌ عمر بن‌ واقد ، المتوفّي‌ سنة‌  207، المعروف‌ بالواقديّ ، ج‌  2، ص‌  850  و  851.

[102] ـ «تاريخ‌ الاُمم‌ والملوك‌» لابي‌ جعفر الطبريّ ج‌  2، ص‌  337  و  338، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌ ـ القاهرة‌ .

[103]- تاریخ طبری ج2 ص 338 طبعة مطبعة الاستقامة – القاهرة

[104]  ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌  19، ص‌  279.

[105]  ـ الآيتان‌  92  و  93، من‌ السورة‌  4: النساء .

[106]  ـ الآية‌  32، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

[107]  ـ الآيتان‌  29  و  30، من‌ السورة‌  4: النساء .

[108]  ـ الآية‌  151، من‌ السورة‌  6: الانعام‌ .

[109]  ـ الآيات‌  68  إلی‌  70، من‌ السورة‌  25: الفرقان‌ .

[110]  ـ الآية‌  140، من‌ السورة‌  6: الانعام‌ .

[111]  ـ الآية‌  151، من‌ السورة‌  6: الانعام‌ .

[112]  ـ الآية‌  31، من‌ السورة‌  17: الإسراء .

[113]  ـ الآيتان‌   8 و 9، من‌ السورة‌  81: التكوير .

[114] ـ الآية‌  32، من‌ السورة‌  5: المائدة‌ .

[115]  ـ الآية‌  195، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ .

[116]  ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌  7، ص‌  397، ذيل‌ الآية‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ الانعام‌ :  وَلاَ تَقْتَلُو´ا أَوْلَـ'دَكُمْ مِن‌ إِمْلَـ'قٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .

[117]  ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌  5، ص‌  443  طبعة‌ صيدا ؛ والحاكم‌ في‌ «المستدرك‌» ج‌  4، ص‌  69 عن‌ بنت‌ وهب‌ الاسديّة‌ ، وقدروت‌ هذه‌ العبارات‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ .

[118]  ـ «مجمع‌ البيان‌» ج‌  5، ص‌  444.

[119]  ـ رأينا لاحقاً أنّ الشيخ‌ الطبرسيّ قد ردّ في‌ «مجمع‌ البيان‌» هذا الاحتمال‌ .

[120]  ـ تفسير «الجواهر» ج‌  25، ص‌  81.

[121] -الایاتان 58 و 59 من السورة 16: النحل .

[122]  ـ «الميزان‌» ج‌  20، ص‌  323.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com