|
|
الصفحة السابقةالقول بانتهاء الإنسان و جميع أنواع الحيوان إلي نوع واحدو القول الثاني: إنّ جميع الموجودات الحيّة، من حيوان و إنسان و نبات قد جاءت نتيجة التغيّر و التبدّل في الانواع، و إنّجميع الناس ينتهون إلي نوع من الحيوان جاء كسائر أقسام الحيوانات من نوع واحد، ثمّ تكاثرت علي إثر تكامل الانواع. فهذه الكثرة الملحوظة فيها ترجع إلي تناسلها وتكاثرها و وجودها التكامليّ، و إلاّ فكلّما توغّلنا نحو أُصولها سنجد أنّ جميع الانواع كانت أبسط و أقلّ عدداً، حتّي نصل إلي أنواع من الحيوانات الصحراويّة، و تلك تعود إلي أنواع من الحيوانات ذات الحياتين، و تلك ترجع إلي أنواع من الحيوانات المائيّة، و هذه الاخيرة أصلها في غاية البساطة و تنتهي أخيراً إلي الموجودات ذات الخليّة الواحدة التي توجد في المياه الراكدة الآسنة. فقد نمت و تكاملت تلك الحيوانات ذات الخليّة الواحدة التي كانت في الماء بنحو تصاعديّ و شطرنجيّ، أي أنّ ذلك الموجود ذا الخليّة الواحدة قد انقسم للوهلة الاُولي من الوسط إلي نصفين، ثمّ نما النصفان، ثمّ انقسم النصفان و نميا، ثمّ صارا ثمانية فستّة عشر، و هكذا تضاعفت بنحو المتوالية الهندسيّة و ظهرت منها حيوانات أكبر بحريّة كانت تعيش في بداية أمرها في ذلك الماء الآسن و المستنقعات الراكدة، ثمّ جاءت إلي حافّة الماء فخرجت منه، و عادت إليه حتّي صارت شيئاً فشيئاً ذات حياتين، ثمّ تطوّرت هذه الحيوانات ذات الحياتين تدريجيّا فابتعدت عن الماء و نشأ منها الحيوانات الصحراويّة، ثمّ نشأ منها الطيور و الإنسان. فكان أوّل أمر الإنسان نوعاً من الحيوان، ثمّ سقط شعر جسمه و ذيله و قرناه علي إثر التكامل فصار بشراً. و قد وهب الله لهذا النوع عقلاً، و جعل أحده آدم و الآخر حوّاء، أمّا غيرهما من أفراد الإنسان الذين لم يمتلكوا العقل و الشعور فقد انقرض نسلهم من العالم بالتدريج؛ أو أنّهم هم أيضاً كانوا يمتلكون العقل و الإدراك، و قد أنعم الله علي البشر من بينهم بخلعة النبوّة و العلم و المعرفة فصار البشر يتكرّم عليها بقوّة العلم. و يُدعي هذا القول ترانسفورميسم (Transformisme)، و يُدعي القائلون به ترانسفورميست (Transformiste). إنّ اختلاف الإنسان عند القائلين بتكامل الانواع (ترانسفورميست) مماثل بعينه لاختلاف الانواع في الحيوانات، فكما أنّ هناك أصنافاً مختلفة من الإنسان ترجع إلي أُصول و أعراق مختلفة: الاصفر و الاسود و الابيض و الاحمر، لكنّها ترجع إلي.صل واحد و تنتهي إلي إنسان واحد، و كذا الامر بالنسبة لجميع أنواع الحيوانات، إذ إنّها تنتهي هي الاُخري إلي نوع واحد. و ما العالم إلاّ كنهر جار تسير فيه الانواع إلي تكاملها فتتبدّل أنواعها إثر التغيّر التكامليّ فيها. و ينطبق كذلك أصل هذه الفرضيّد علي الحيوانات و النباتات، فآدم و حوّا لم يكونا الحلقة الاُولي في هذه السلسلة، بل تمّ تحوّل الانواع إلي نوع البشر بعد مرور ملايين من السنين، فتمّ انتخاب آدم و حوّاء، و علي رأي البعض فقد استلزم ذلك مرمر ثلاثمائة مليون سنة، و علي رأي بعض آخر ستمائة مليون سنة، و بقول آخرين ثمانمائة مليون سنة، و قال آخرون بأكثر من هذا. و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هو نسل الحيوانات الذي كان قبل آدم و مثّل الحلقة التي سبق حلقة نسل البشر؟ قيل: تلك حلقة مفقودة؛ فجميع حلقات الحيوانات السابقة و الانواع المختلفة التي تبدّلت و تطوّرت منها قد اكتُشف و صار معلوماً، و من المسلّم أنّ الإنسان ينتهي هو الآخر إلي تلك الانواع؛ لكنّ بين الإنسان وت لك الانواع السابقة حلقة وصل؛ فما هي حلقة الوصل تلك! و ظلّ هذا السؤال بلا إجابة. لذا فقد دُعيت تلك الحلقة بالحقة المفقودة. يقول داروين إنّه قد اكتشف الحلقة المفقودة، و تلك هي الفرد!! لكنّ داروين لم يقدّم دليلاً علي مقولته هذه، التي رفضها كبار القائلين بنظريّة تغيّر الانواع ممّن جاء بعد داروين، كما أنّ دعاة هذه النظريّة بقوا لا يملكون أيّ دليل قاطع لرفض ما يستفاد من ظواهر الآيات القرآنيّة في أنّ الله تعالي خلق البشر من الطين دفعد واحدة علي نحو الإعجاز و الإبداع و نفخ فيه من روحه. و لانّ الحلقة المفقودة بقيت غير مكتشفة، فإنّ هناك في هذا المجال احتمالان من وجهة النظر العلميّة: الاوّل: أنّ نسل البشر ينتهي إلي أنواع الحيوانات السابقة، مع احتمال تحقّق الحلقة المفقودة و التسليم بها. والثاني: خلق آدم دفعة واحدة بنحو الإعجاز، و في هذه الحالة فإنّ القائلين بتغيّر الانواع سيتكلّمون في هذا الامر وفق الظنّ و الحدس و التخمين، فهم يتشدّقون بأنّ أساس التكامل صادق في جميع الانواع فلابدّ أن يكون الامر كذلك بالنسبة للإنسان. و هناك قول ثالث في هذا الشأن، و هو غير معروف طبعاً، و هو أن نقول بأنّنا نعتقد بالخلق الإعجازيّ دفعة واحدة بخصوص الإنسان، أي بنظريّة ثبات الانواع، و نقول بالتبدّل و التكامل لسائر أنواع الحيوانات، أي بنظريّة تغيّر الانواع و تكامله. نعود ثانية إلي موضوعنا الاصليّ و نقول: بالرغم من اعتقاد مؤلّف كتاب «خلق الإنسان» [1] بنظريّة تكامل الإنسان و إصراره الشديد علي تطبيق آيات القرآن عليها، لكنّه يقول بصراحة: «علي فرض صحّة نظريّة داروين و قطعيّتها فهي لا تمثّل إلاّ بياناً لعلّة التغيير التدريجيّ للموجودات الحيّة، لكنّ نظريّة كهذه ليست صادقة و لا تنطبق علي ابتداء الخلقة حيث كان الامر خالياً إذ ذاك من تنوع و اختلاف الموجودات. فلقد أثبتت العلوم الحياتيّة هذه الايّام ـ مؤيّدة بالدلائل المكتشفة في علم طبقات الارض ـ حدوث التنوّع و الاختلاف التدريجي في الموجودات الحيّة، فزادت أنواعها و كثرت، ممّا يؤيّد كون الحياة قد نشأت من مكان واحد. أمّا كيفيّة نشوء الحياة من جسم ميّت و مادّة غير حيّة، فبالرغم من جميع الجهود العلميّة التي بُذلت لمعرفة ذلك فقد بقيت المسألة في حدود الفرضيّة و النظريّة و لم تكتسب صورتها القطعيّة اليقينيّة. فرضيّة القائلين بالتكامل، و عدم وجود الحلقة المفقودةلقد واجهت نظريّة داروين الانتقادات (راجع كتاب « Bioligie Animale » تأليف Aron et Grasse، الصفحات 1334 إلي 1362، نشر Masson باريس، سنة 1960 م)، و لم تكتسب نظريّته شكلها و إطارها التامّ الخالي من الاستثناءات، لذا فإنّ استناد المادّيّين علي فرضيّد داروين و الفرضيّات المتعلّقة بمنشأ الحياة سعياً لإنكار خالق العالم لن يصمد أمام المنطق العلميّ». [2] و يقول المولّف المذكور كذلك: «لقد اعتقد العلماء السابقون في عصر المدنيّة اليونانيّة بالتغيير التدريجيّ للموجودات الحيّة مثل أناكسيماندير (Anaximander) وامبدوكليس (Empedocles). فأمبدوكليس مثلاً (القرن الخامس قبل الميلاد) قد اعتقد قبل داروين أن كيفيّة التنازع علي البقاء و انتخاب الاصلح مؤثّر في تغيير الانواع. لم تتجاوز المعارف و المعلومات العلميّة العامّة في القرون الوسطي بشأن الموجودات الحيّة ما ذُكر في آثار الهنود و البابلتيين، أو ما ورد في التوراة، و مع ذلك فإنّ بعض كبار مفكّري المسيحيّة مثل غريغوربوس النيصي (Gregory Of Nissa) من الكنائسيتين اليونان و أُغوستين المقدّس (Augustin) من الكنائسيتين اللاتينيّين اللذين عاشا في القرن الرابع و الخامس الميلاديّ كانا يعتقدان بتكامل العالم وت طوّره ضمن الإرادة الإلهيّة، و أكدّا في كتاباتهما أنّ الاقسام الجديدة للموجودات الحيّة قد خُلقت من التغيير التدريجيّ للاقسام السابقة تحت تأثير عوامل طبيعيّة ثانويّة». [3] و قال كذلك: «إنّ نظريّة تغيّر الانواع (ترانسفورميسم) قد جري بيانها قبل داروين من قبل بُوفُّون Buffon)، 1707 إلي 1788 م)، و لامارك Lamarek)، 1744 إلي 1829 م)، و جيفرو سنتيللر Etienne) Geffroy - Saint - Hillaire -، 1772 إي 1844 م)، و قبل ذلك من قبل بعض العلماء المسلمين و العلماء اليونانيّين، و من المؤكّد أنّ العلماء المتأخّرين لم يكونوا بمعزل عن الاطّلاع علي أفكار أسلافهم، لكنّ نظريّة داروين قد ترافقت مع تجارب و أمثلة كثيرة ممّا أدّي إلي القبول بها أكثر من سابقاتها، و إلي تركّزها في الاذهان. لقد اعتقد داروين Charles Robert Daewin)، الذي عاش بين 1809 و 1889 ميلاديّة) بتأثير موضوع التنازع علي البقاء في الانتخاب الطبيعيّ، و في نشوء أنواع جديدة و تكاثرها و تغييرها التدريجيّ. و كما قد أُشير سابقاً فقد كان لداروين أسفار كثيرة للمطالعة و لإجراء التجارب بشأن نظريّته، و قدّم الامثلة المتعدّدة لعمهد، لذا فقد أثارت نظريّته الاهتمام منذ البداية. لكنّ مطالعة الانتقادات التي وجّهت لها فيما بعد ستوضّح أنّ هذه النظريّة لم تكتسب صفتها القطعيّة، كما أجبر داروين نفسه علي اعتبار عوامل ثانويّة أُخري مؤثّرة في التغيير التدريجيّ للانواع». [4] مؤسّس التشريح التطبيقيّ (كوفيه الفرنسيّ) من مدافعي نظريّة ثبات الانواعو يقول كذلك: «بناء علي نظريّة ثبات الانواع (فِيكِسيسم) فإنّ العلماء المتمّين كانوا يعتقدون بعدم وجود رابطة و علاقة نسليّة بين أقسام الموجودات الحيّة. و كانت هذه العقيدة رائجة إلي أوائل القرن التاسع عشر للحدّ الذي كان العالم الفرنسيّ كوفيه (Cuvier مؤسّس علم التشريح التطبيقيّ يكتشف بمطالعاته و أبحاثه الدقيقة الواسعة تشابه الهيكل التشريحيّ بين بعض الموجودات المختلفة ظاهريّاً ممّا يشير إلي ارتباطها و علاقتها، لكنّه كان واقعاً تحت تأثير نظريّة ثبات الانواع و أحد المدافعين عنها، فأُجبر في النهاية علي إضافة وجهة نظر جديدة إلي نظريّة ثبات الانواع تقول: بالرغم من أنّ لانواع الموجودات خلقة منفصلة و مستقلّة عن بعضها، لكنّ نظر الخلاّق في إيجادها لم يكن عشوائيّاً خالياً من النظام و التخطيط، و إنّ علي علماء الطبيعة أن يكتشفوا و يتعرّفوا علي هذا التخطيط المشترك المذكور إنّما هو الصفات الطبيعيّة المشتركة في أنواع الاحياء المختلفة). [5] و يضيف المؤلّف أيضاً: «إنّ نظريّة داروين هي نظريّة لبيان العلّة (أو إحدي العلل) المؤثرة في التغيير التدريجيّ للانواع، و ليس في مسألة خلقتها التكامليّة، و كما أوضحنا سابقاً فإنّ داروين قد اعتبر في بداية الامر الانتخاب الطبيعيّ للانواع بواسطة عامل التنازع علي البقاء هو المؤثّر الوحيد في تنوّع و تكاثر الموجودات.
و قد اعتبر علماء
آخرون مثل بوفون و لا مارك و سنتيلَر وإيزمان
Weismann)
الذي
عاش بين 1834 إلي 1914 م) و دي فرايس و لم تكن أيّاً من هذه النظريّات، بالرغم من التجارب الكثيرة التي أُجريت بشأنها، متكاملة شاملة، فقد حفل كلُّ منها بالنواقص و الإشكالات التي منعت من اعتبارها و النظر إليها كنظريّة عامّة قطعيّة في التغيير التدريجيّ لانواع الموجودات. كما أيّد داروين نفسه في كتاباته الاخيرة مسألة تأثير ظروف محيط العيش علي تكامل و نشوء أنواع جديدة، مضافاً إلي التنازع علي البقاء (راجع كتاب « Cours elementaires de Zoologie » تأليف Remy Perrier، نشر Masson، باريس، ص 100). و كذلك اعتقادهم في النظريّة الداروينيّة الجديدة بأنّ عامل الوراثة وا لتغيير الدقيق للخلايا الجنسيّة منا لمؤثّرات في نشوء الانواع الجديدة. و علي أيّة حال فلا يمكن لايّ من العوامل المذكورة أن يكون لوحده عاملاً قطعيّاً و تامّاً للتغييرات التدريجيّة للموجودات في أيّ زمان و مكان، فهذه العوامل و أمثالها بأجمعها هي عوامل ثانويّة لعلّة أصليّة و غائيّة أدّت إلي تغييرات مستمرّة في عالم الوجود منظّمة و مثمرة و متناسبة مع بعضها و قابلة للاستمرار». [6] كان داروين مسيحيّاً و مؤمناً باللهنعم، لقد كان داروين الذي يمكن أن نعتبره المنشي و البادي بهذا الرأي التكامليّ في هذا العصر مسيحيّاً إنجليزيّاً متديّناً متمسّكاً بالمسيحيّة، و قد أمسك عندا حتضاره بكتاب المسيحيّين المقدّس علي صدره و ألصقه به بقوّة، لقد كان معتقداً بالله، لكنّ نظريّاته صارت بعد موته مورداً أُسيء استخدامه و الاستفادة منه، فقد جعله المادّيّون و الملحدون سنداً و دسيسة لهم أثاروا لاجلها ضجّة و صخباً بالشكل الذي لم يكن داروين نفسه ليرضي به أو يريده. و قد أثارت هذه النظريّة قلقاً و اضطراباً شديداً في محافل المسيحييّن الاُوروبّيّين؛ مع أنّ الإاًنجيل يطرّق إلي بدء خلقة الإنسان،ل كنّه نصّ علي صحّة مطالب التوراة بأجمعها و اعتبر اتّباعها في العقيدة و الاخق و العمل واجباً، كما أوجب علي المسيحيّين العمل بكتاب التوراة مادام الدهر، و لم يعدّه منسوخاً باطلاً؛ لذا فحين تتعارض نظريّة داروين مع تصريح التوراة في الفصل الثاني من سِفْر التكوين بالقول بأنّ الله خلق آدم من الطين و خلق زوجه حوّاء من خَلْفِهِ، أي من أصغر أضلاع جنبه الايسر، [7] فإنّها لهذا تتعارض بصراحة مع عقيدة و مذهب القساوسة النصاري. لقد وردت في سفر تكوين التوراة مسائل مغايرة للحقيقة لشأن خلقة آدم و حوّاء و تفوّق الشيطان عليهما في أصل الخلقة تجعل تحريف هذا الكتاب الإلهيّ بِيَدِ البشر مسألة مسلّمة، و قد ورد في بعضها وصف الله بالكمر و الخداع و وصف الشيطان بالصدق! و قد ألّف علماء الإسلام الاعلام كتباً لإبطال هذه الزخارف و الاضاليل التي تدلّ الادلّة و الشواهد العقليّة و النقليّة علي خلافها، كما فعل آية الله المعظّم الشيخ محمّد جواد البلاغيّ النجفيّ [8] في كتاب « الرحلة المدرسيّة أو المدرسة السيّارة» في ثلاثة أجزاء، و هو حقّاً كتاب نفيس ثمين. أمّا مسألة خلق زوج آدم من ضلعه الايسر، و ما هو مشهور من أنّ عدد الاضلاع اليسري للرجل تنقص عن مثيلاتها في المرأة فكلام عار عن الحقيقة، لا واقع له في الخارج و لا دليل عليه من الآيات القرآنيّة. و الآية المباركة: يَـ'أَيُّهَا النَّاسُ أتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مّـِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، [9] تدلّ علي أنّ الرجل و المرأة خُلقا من جنس واحد، و أنّ زوج آدم قد خُلقت من نفس المادّة التي خُلق آدم منها، و لفظة مِن في خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ليست تبعيضيّة، بل نشوئيّة تفيد ابداء الغاية. و معني النفس الواحدة هو الشيء الذي تقوم به إنسانيّة الشخص، و هو عبارة عن الروح و البدن في عالم الدنيا، و الروح فقط في عالم البرزخ، فالآية في مساق قوله تعالي: وَ مِن ءَايَـ'تِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَ'جًا لّـِتَسْنكُنُو´ا إِلَيْهَا وز جَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً؛[10] و قوله تعالي: وَاللَهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أزْوَاجًا وَ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَ حَفَدَةً؛ [11] و قوله تعالي: فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَ الاْرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُم أَزْوَاجًا وَ مِنَ الاْنعَـ'مِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ؛ [12] و نظيرها قوله: وَ مِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ. [13] عدم اعتبار الروايات الدالّة علي أنّ خلق حوّاء من ضلع آدم الايسرفما جاء في بعض التفاسير من أنّ المراد بالآية كون زوج هذه النفصس مشتقّة منها و خلقها من بعضها وفاقاً لما في بعض الاخبار أنّ الله خلق زوجة آدم من ضلع من أضلاعه ممّا لا دليل عليه من الآية. [14] و في «نهج البيان» للشيبانيّ عن عمرو بن أبي أبي المقدام، عن أبيه، قال: سألتُ أباجعفر عليه السلام: من أيّ شيء خق الله حوّاء؟ فقال عليه السلام: أيّ شيء يقولون هذا الخلق؟ قلتُ: يقولون: إنّ الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم. فقال: كذبوا، أكان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟! فقلتُ: جعلت فداك، من أيّ شيّ خلقها؟ فقال: خَبَّرني أَبي عَنْ آبائه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ طِينٍ، فَخَلَطَهَا بِيَمِينِهِ ـ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ـ فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ؛ وَ فَضُلَتْ فُضْلَةٌ مِنَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ. و روي الصدوق عن عمرو مثله. و هناك روايات أُخري تدلّ علي أنّها خلقت من خَلْف آدم و هو أقصر أضلاعه من الجانب الايسر؛ و كذا ورد في التوراة في الفصل الثاني من سفر التكوين. و هذا المعني و إن لم يستلزم في نفسه محالاً إلاّ إنّ الآيات القرآنيّة خالية عن الدلالة عليها كما تقدّم. [15] أمّا أنّ آدم قد خُلِق من الطين لا من الاجناس الاُخري التي كانت قبل آدم فهو صريح الآية القرآنيّة: إِنَّ مَثَلَ عِيَسَي عِندَ اللَهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ و مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ و كُن فَيَكُونُ. [16] نقد أبي المجد لفلسفة داروين و مقولة شبلي شُميّل المصريّلذا فحين وصل صدي نظريّة داروين المخالفة للقرآن الكريم إلي الممالك الإسلاميّة و وصل تركيا (آسيا الوسطي» و مصر و العراق و إيران، فقد انبري العلماء الكبار فألّفوا المؤلّفات لردّها، و من بينهم العالم الكبير وا لمجتهد و الفيلسوف الخبير آية الله المعظّم أبو المجد الشيخ محمّد رضا الاصفهانيّ ابن آية الله الخبير و العارف البصير الشيخ محمّد حسين مسجد شاهي [17] ابن آية الله الاعظم الشيخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ صاحب الحاشية علي المعالم باسم «هداية المسترشدين»، و هو أخ صاحب «الفصول» الشيخ محمّد حسين؛ فقد كتب ردّاً جامعاً في جزءين بالعربيّة، طبعه و نشره سنة 1331 هجريّة و قد طبع هذا الكتاب و اسمه «نفقد فلسفة داروين» في نفس السنة في مطبعة الولاية ببغداد. [18] و قد طبع أبو المجد الشيخ محمّد رضا كتابه باللغة العربيّة بسبب إقامته في النجف الاشرف و كربلاء المقدّسة، ثمّ ترجم هذا الكتاب إلي الفارسيّة أيضاً. و لقد شرع المتشبّهون بالإفرنج و ذوو ربطات العنق [19] بإثارة الضجّة و الضوضاء بمجرّد نشر فرضيّة داروين، بلا أدني تحقيق أو تأمّل، و بلا مناقشة لصحّتها أو بطلانها؛ و لانّ داروين كان إنجليزيّاً و من علماء الطبيعة فقد أطلقوا عليه لقب الفيلسوف و بدأوا بشنّ هجوم ساخر و لاذع علي الدين و العقيدة في الصحف و المدارس الثقافيّة الاستعماريّة، و يا لها من سخرية حين قالوا قصّة آدم و حوّا كه دروغ است دروغ نسل ميمونم و از هر دو جهان آزادم [20] و لقد كان شِبْلي شُمَيَّل المِصْرِيّ، و هو مسيحيّ لبنانيّ سكن مصر، (ميلاده 1853 م = 1269 ه، و وفاته 1917 م = 1335 ه) من المادّيّين الملحدين في ذلك العصر، و دكتوراً محقّقاً في دنيا الطبّ، ينحو نحو الفلاسفة في أحاديثه و كتاباته، و كان أيضاً من المعتقدين بهذه النظريّد و من مؤيّدي داروين المتعصّبين، لكنّه خلافاً لداروين المؤمن بالله كان ملحداً منكراً للّه سبحانه. وُلد شبلي في قرية كفر شيما في لبنان، و أكمل دراسته في الجامعة الامريكيّة، ثمّ أقام في أُوروبّا مدّة سنة، عاد بعدها إلي مصر فاستوطنها، و سكن بداية الامر في الإسكندريّة، ثمّ في طنطا، ثمّ اختار السكن في القاهرة حيث وافته المنيّة إثر نوبة قلبيّة مفاجئة. و كان شبلي شميّل يكتب مقالاته في المجلاّت، فكتب رسالة في النشوء و الارتقاء و طبعها، ثمّ كتب رسالة باسم «مجموعة مقالات» كتبها في الجرائد و المجلاّت و طبعت مستقلّة، ثمّ طبع رسالة أُخري باسم «آراء الدكتور شميّل»، و أُخري باسم «شرح بوخنر [21] علي مذهب داروين»، و رسائل أُخري في الطبّ (حاشية علي كتب الطبّ القديمة) و غيرها؛ و كان يقول الشعر أحياناً لكنّه لم يكن شاعراً، و كان متمرّساً بالفرنسيّة حاذقاً لدرجة عُدَّ معها من الكتّاب بالفرنسيّة. [22] و كان شبلي سميّل رجلاً صريح اللهجة عديم المحاباة و المجاملة، فمع أنّه كان في الاصل مسيحيّاً ثمّ صار من أتباع النظريّة الداروينيّة، ثمّ زاد علي ذلك فصار مادّيّاً؛ فهو في الحقيقة داروينيّ و مادّيّ معاً (Materialist , Darwinist)، يعني أنّه من المجدّدين الذين عاشوا في الغرب و تربّوا تربية أمريكيّة،[23] و من المفكّرين المتعصّبين؛ لكنّه في نفس الوقت كان ينحني إجلالاً و تواضعاً و خضوعاً لنبيّ الإسلام الاكرم. [24] شعر شبلي شميّل في الرسول الاكرمو لشميّل أبيات في شأن الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله وسلّم تستحقّ التأمّل: دَعْ مِن مُحَمَّدَ فِي سَدَي قُرْآنِه ِ مَا قَدْ نَحَاهُ لِلُحْمَةِ الغَايَاتِ إنِّي وَ إنْ أَكُ قَدْ كَفَرْتُ بِدِينِه ِ هَلْ أَكْفُرَنَّ بِمُحْكَمِ الآيَاتِ أَوْ مَا حَوَتْ فِي نَاصِعِ الاَلْفَاظِ مِنْ حِكَمٍ رَوَادِعَ لِلْهَوي وَ عِظَاتِ وَ شَرَائِعٍ لَوْ أَنَّهُمْ عَقَلُوا بِهَا مَا قُيِّدَ العُمْرَانُ بِالعَادَاتِ نِعْمَ المُدَّبِّرُ وَالحَكِيمُ وَ إِنَّهُ رَبُّ الفَصَاحَةِ مُصْطَفي الكَلِمَاتِ رَجُلُ الحِجَي رَجُلُ السِّيَاسَةِ وَالدُّهَي بَطَلٌ حَلِيفُ النَّصْرِ وَ الغَارَاتِ بِبَلاَغَةِ القُرْآنِ قَدْ غَلَبَ النُّهَي وَ بِسَيْفِهِ أَنْهَي عَلَي الهَامَاتِ مِن دُونِهِ الاَبْطَالُ مِنْ كُلِّ الوَرَي مِنْ غَائِبِ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ آتٍ [25] الإمام عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَظِيمُ العُظَمَاءِ، نُسْخَةٌ مُفْرَدَةٌ لَمْي َرَ لَهَا الشَّرْقُ وَ لاَ الغَرْبُ صُورَةً طِْقَ الاَصْلِ؛ لاَ قَدِيمَاً وَ لاَ حَدِيثَاً. [26] يقول صاحب كتاب «سيري در أنديشة سياسي عرب» (=جولة مع سياسة العرب الفكريّة): و لكنّنا من جهة أُخري نجد في الكثير من كتابات شميّل إشارات علي نزوعه إلي الدين، فنحن لا نعجب من كلامه في الدفاع عن المسيحيّة باعتباره مسيحيّ الاصل، لكنّ ما يدهشنا ثناؤه و مدحه لحقيقة التعاليم الإسلاميّة في مقالة بعوان القرآن و العمران ردّ فيها علي مقولة اللورد كرومر الحاكم الإنجليزيّ لمصر التي يتهجّم فيها علي الإسلام. و كان كرومر قد قال: «إنّ الإسلام لا يتلاءم بحكم ماهيّته مع التقدّم و الحضارة، لذا يجب البحث عن أساس تخلّف المسلمين في الإسلام نفسه». [27] و قد أثار كلام كرومر هذا حفيظة المصريّين و آثار غضبهم بشدّة ممّا دفع بالجرائد لنشر مقالات ضدّه. و قد جهد شميّل في ردّه علي كلام كرومر لان يشير إلي المماثلة بين الإسلام و المسيحيّة، فكتب يقول: إنّ أغلب الاديان الكبيرة إنّما جاءت لتحرير الإنسان و نشر العدالة و المحبّة و المساواة بين الناس، فالإسلام و المسيحيّة كلاهما يسعي لتحقيق هذا الهدف. فالإسلام يشارك المعدمين في أموال ذوي النفوذ و الثرود، و المسيحيّة تدعو الإنسان لنكران ذاته في خدمته لاقرانه في الإنسانيّة، فالإسلام دين الجدّ و الاجتهاد و المسيحيّة دين البصيرة و النظر، أوّلهما يولي عنايته للمحسوسات و ثانيهما للمجرّدات، لكن من العجائب أنّ الوضع قد انعكس، فأتباع الإسلام قد توقّفوا عن الجهد و السعي و التحرّك، و أتباع المسيحيّة قد لزموا جانب الإفراط في الحياة العمليّة. و يستنتج شميّل من هذه النكتة أنّ حقيقة الاديان لا ترتبط بكيفيّة المدنيّة ـ أو حسب مقولته: بعمران مجمع أتباعها ـ و أنّ أُسلوب حياد أتباع الاديان لا يصحّ اعتبارها دوماً دليلاً علي صواب عقائدهم الدينيّة أو بطلانها، و الحال فإنّ الانتقادات التي يوجّهها كرومر للإسلام ترتبط بسلوك المسلمين تأريخيّاً و ليس بالإسلام نفسه. فرضيّة داروين لا تستلمز إثبات نظريّة المادّيّيننعم، لقد صار البحث علي عدّة مراحل: الاولي: أن نفترض صحّة فرضيّة داروين و نقول بأنّ أصل الإنسان من القرد، و أصل القرد من الحيوانات و الطبقات التي سبقته، و هكذا حتّي نصل إلي الحيوانات المائيّة و الموجودات ذوات الخليّة الواحدة. فنقول إنّها كانت منشأ الحياد و بدايتها، ثمّ سارت حياتها في طريق التكامل إثر تكامل المادّة حتّي وصلت إلي الحياة الفعليّة التي نشاهدها في عالم البشريّة بصورته الحاليّة بعد مئات الملايين من الصسنين؛ فأيّ علاقة لهذا الامر بمقولة المادّيّين الذين ينكرون وجود الله؟ إن كان أصل الإنسان من آدم فالخالق هو الله، سواء حصل ذلك في ذلك الزمن السالف أم تدرّجاً من ذلك الزمن إلي زمننا الحاليّ؛ و إن كان أصل الإنسان قرداً و هلمّ جرّاً إلي الطبقات السابقة و الموجودات ذوات الخليّة الواحدة، فالخالق هو الله أيضاً، سواء في ذلك الزمن، أم تدرّجاً من ذلك الزمن إلي زمننا، لانّ إشكال المادّيّين إنّما ينحصر في مُنشي الحياة و باعثها. يقول الإلهيّون: إنّ المادّة عديمة الفهم و الشعور و لا يمكنها أن تنشي الحياة التي هي قوّة مسيطرة علي المادّة، و أن تخضعها لقوّتها و تهيمن عليها و توجدها و تفنيها. في حين يقول المادّيّون: إنّ الحياد معلولة للمادّة و أثرها الطبيعيّ و الطبعيّ. فماذا سيضير في هذا النوع و النقاش إن كان مبدأ الحياة نفخ الخالق تعالي في الحمأ المسنون ليكون مادّة نشأة آدم و زوجه، أو كان من الموجودات ذات الخليّة الواحدة النامية في المستنقعات و المياه الآسنة؟! لذا، فلا وجه لإسناد نزاع الإلهيّين و المادّيّين إلي فرضيّة الثبوت أو إلي نظريّة التكامل. و الدليل المهمّ للإلهيّين ضدّ المادّيّين هو أنّ المادّة إن كانت منشأ الحياة فلن يتوجّب أن يسير العالم نحو التكامل، لانّه لا ينبغي لتكاثر الخلايا و الكائنات الاوّليّة ذات الخليّة الواحدة أن يسبّب تصاعد القوّة و حركة المادّة بنحو تصاعديّ و هرميّ باتّجاه القدرة و العلم و الحياة. فإن انقسمت الخليّة الاوّليّة من وسطها نصفين، و انقسم نصفاها إلي نصفين، ثمّ صار الاربعة ثمانية و هكذا وصولاً إلي خلايا بدن الإنسان التي تعدّ بالمليارات، فينبغي لبدن الإنسان بهذا الهيكل و الضخامة أن يكون تمثالاً كبيراً ليس إلاّ. إذ مِن أين تؤتي له هذه القدرة والعظمة، و هذا الشعور و الإدراك، و خلايا الكلية و القلب و الكبد، و هذا الترابط و العلاقات المدهشة العجيبة، و هذا التوحّد و التكاتف المحيّر الذي يربط خليّة من خلايا العين بخلية من خلايا ظفر القدم، و يجعل هذه المليارات من موادّ الخلايا المنفصلة الثقلية الكثيفة واحداً، و يعطيها الخفّة و يحرّكها بإرادة واحدة؟! فخليّة واحدة تضاف إلي مائة مليار خليّة ستساوي مائة مليار خلية و خليّة واحدة، و من الخطأ أن نقول إنّها ستساوي نفسَ و قدرةَ و علم و حياة إنسان، و شخص ذي إرادة و اختيرا يحرّك مليارات الخلايا هذه و ينقلها من مكان الآخر. و بناء علي هذا، فلا علاقة لفرضيّة داروين مع نظريّة المادّيّين، و أنّ محاولة المادّيّن الاستفادة منها ليس إلاّ مغالطة في فنّ الحكمة و المنطق، و أنّ الصراخ و الضجيج لن يمكنه صياغة قواعد برهان تقوم علي المقايس الصحيحة. الثانية: أنّ فرضيّة داروين لم تنتِه بعدُ، فهي لا تزال في طور الفرضيّة و لم تأتِ كقانون و قاعدة. فقد وضع داروين فرضيّته في الانتخاب الطبيعيّ الحاصل علي إثر تنازع الموجودات الحيّة علي البقاء في محيط البيئة، لانعدام الغذاء و مستلزمات المعيشة و صغر المحيط اللازم لاستمرار حياتها. و لم تحظَ هذه الفرضيّة بالقبول، بل كانت مورد انتقاد و إشكال علماء الطبيعة و خبراء علم البيئة و الحياة بشكل جعل داروين نفسه يتراجع في حياته فيعتبر بعض الاشياء الاُخري من بين العوامل المؤثّرة في التكامل و التطوّر. الثالثة: أنّ رجوع نسل البشر إلي القرد إنّما هو فرضيّة داروين و ليس فرضيّة علماء الطبيعة، فداروين قد اعتبر القرد الرابط بين البشر و الحلقات السابقة، و ذكر أدلّة علي هذا المعني، لكنّها لم تكن مقنعة لعلماءء علم الحياة و البيئة، فاعتبروها أدلّة غير صحيحة و قالوا لذلك ب الحلقة المفقودة، أي لا يمكن للقرد أن يكون حلقة الوصل، تلك الحلقة التي ظلّت مجهولة لدينا حتّي اليوم. و لانّ آثار الحفريّات الارضيّة من الفسائل و غيرها لم تكن ذات جدوي في إيضاح الامر، فإنّ علينا حسب نظريّة التكامل أن نقول إنّ حلقة الوصل كانت موجودة في هذا العالم ثمّ فُقدت و فقد أثرها؛ أمّا ماهيّة تلك الحلقة، و أيّ حيوان كانت، و بأيّ صفات اتّصفت، فإنّ هذا ممّا لم يعرفه أحد و لم يدّعِ الشهادة عليه أحد. لذا، فلا يمكن لعلماء البئية أبداً تقديم نظريّة التكامل علي أنّها مسألة علميّة، ما لم يكتشفوا حلقة الوصل هذه و يثبتوا أنّها كانت الحلقة الرابطة بين البشر و سائر الطبقات، فما هو موجود حاليّاً إنّما يمثّل فرضيّة فقط، فرضيّة يمكن أن تتحوّل إلي قانون التكامل التامّ لو تمّت حلقة الوصل و تشخصّت. لا فرق في الحكمة المتعالية بين خلق الله للكائنات بسنّة التكامل أو غيرهاالرابعة: لو كانت حلقة الوصل الرابطة موجودة، فلا يمكن إثبات مسألة رجوع و انتهاء سلسلة نسل البشر إلي طبقات الحيوانات السابقة، لانّ إثبات سلسلة النسب لتلك الموجودات ذات الخليّة الواحدة وفق رأي و نظريّة المادّيّين القائلين بعدم وجود الله العالم القدير الحيّ المهيمن بإرادته الفعليّة علي جميع العالم و تدبيره و تسييره كان تامّاً من قبل. أمّا وفق نظريّة و فلسفة الإلهيّين فإنّ ذلك الإثبات لن يتمّ، لانّهم يقولون بأنّ الله العليم القادر الحيّ الخالق قد أوجد العالم بإرادته و يسيّره الآن و يديره بحياته و علمه و قدرته و تدبيره. و في هذه الحالة فإنّ جميع التغييرات في العالم، ما كان منها بحسب الاسباب الظاهريّية، كحركة الشمس و القمر [28]، و حدوث الفصول المختلفة، و هطول المطر من السماء، و نموّ الاشجار الخضراء و الاعشاب وا لحبوب و غيرها؛ أو ما لم يكن بحسب الاسباب الظاهريّة، كانشقاق القمر، و تكلّم عيسي عليه السلام عند ولادته، [29] و إحيائه الموتي و إبرائه الاكمه و الابرص،[30]ـ الذي عجزت دنيا العلم عن معالجته ـ ثمّ ضرب الحجر بالعصا لتنفجر العيون المتدفّقة منه،[31] و العبور من نهر النيل و انفراجه عن طريق يابس لعبور موسي و قومه ثمّ انضمامه علي فرعون و قومه و إغراقهم جميعاً،[32] و إراءة اليد البيضاء،[33]و كذلك سائر المعجزات و خوارق العادات التي ظهرت و تظهر من الانبياء العظام والائمّة الكرام و سائر أولياء الحقّ ذوي العزّة وا لاحترام، كلّها جميعاً كانت من الله وحده لا إله سواه. فالاسباب الظاهريّة التي قيل عنها: أَبَي اللَهُ أَنْ يُجْرِي الاُمُورَ إلاَّ بِأَسْبَابِهَا، بِيَدِ اللَه، فهو نفسه مسبّب الاسباب، أي المهيّي لدواعيها و أسبابها؛ لا أن يكون سبحانه محكوماً و مغلوباً لسبب، فيعجز عن الإتيان بشيء إلاّ عن سببه الخاصّ، فهذه عقيدة مخالفة للتوحيد تماماً. فما الذي يضير الخالق في هذه الحال أن يخلق أحداً عن طريق التوالد و التناسل أو عن طريق آخر كما فعل مع آدم و عيسي ابن مريم عليهما السلام؟ فالكلّ هو معجز، خَلْقُ الطفل عن طريق الاستيلاد، و نفخ الروح بواسطة جبرائيل في بطن مريم، أم بواسطة إرادته القاهرة في طين آدم، كلّها عنده علي حدٍّ سواء، فلا فرق بينها صعوبة أو سهولة، و هي كلّها علي وتيرة واحدة، و أُسلوب و سُنّة واحدة، و لو بدت عند المحجوبين بمظاهر مختلفة. و نسأل القائلين بفرضيّة التكامل: ما تقولون في ناقد صالح التي خرجت من الجبل و خُلقت في آنٍ واحد؟ أكان لديها أب و أُمّ فوُجدت عن طريق التناسل لتضطرّوا في نسبتها إلي خلايا المياه الآسنة؟! و ما تقولون في انبعاث عصا موسي ثعباناً يتعقّب فرعون و جنده؟ أكان لها هي الاُخري أب و أُمّ فجاءت عن طريق التناسل ليتوجّب عليكم أن ترجعوها إلي ذوي الخليّة الواحدة؟! إنّ واقع الامر و حقيقته هي أنّ القائلين بالتكامل بهذا الشكل لا يختلفون عن المادّيّين، فأُولئك ينكرون الله لفظاً، و هؤلاء ينكرونه معني، فيسقطون الباري من أثره و يهبطون به عن عرش عظمته. فالقول بإله لا يمكنه الفكاك من نظام المادّة و آثاره و لوازمه التي لا ينفكّ عنها، والعاجز عن تجاوز هذا كلّه، هو نفس معني و مفهوم أصالة المادّة و أُلوهيّتها التي تقول بها المادّيّون، فالمادّيّون لا يقولون غير أنّ المادّة الازليّة قد تحرّكت في نظامها الصحيح المتقن فأوجدت هذا العالم البديع المدهش، و هو عين كلام الذين يعتبرون الله مُجبراً محبوساً في إطار المادّة و أعمالها. إنّ دين التوحيد يدعو الإنسان إلي الله المريد المختار الذي يخضع جميع نظام المادّة تحت سلطته و اقتداره و علي أساس علمه و قدرته، القادر بإرادته علي خلق العالم من جديد أو هدمه و تخريبه. لكنّ البعض يأتي فيؤوّل الآيات القرآنيّة النازلة بشأن معجزات الرسل الإلهيّين، و يفسّر الشيطان بالجرثومة! أفأجبرتم أن تقولوا شعراً فتعجزوا عن إكمال قافيته؟! أفكنتم مجبرين علي كتابة التفسير، لتأتور فتفسّروا بذوقكم و رأيكم و مزاجكم بلا قريند أو شاهد خارجيّ، و تفسّروا معجزات الانبياء كإحياء إبراهيم عليه السلام الطير و غيرها برأيكم و وفق نظركم؟ أيّ جواب لديكم إذا استوقفكم الله يوم القيامة فسألكم: أيّ دليل غُرتم علي كتابي و عددّتم معانٍ سخيفد كهذه علي أنّها معاني آياتي الكريمة؟! نحن لا نقول بعدم إمكان أمر التكامل و سُنّته، بل بإمكان ذلك، لكنّ الفاعل يبقي ـ في حال تحقّقها و صدقها ـ هو الله سبحانه. نحن نقول: إنّ حصر قدرة الله تعالي و تحديدها في سنة التكامل أمر خاطي، فالله سبحانه يمكنه أن ينشي عليس في بطن أُمّه بلا أب، و يخلق آدم و حوّاء من الطين، و يمكنه كذلك أن يوجد ذلك عن طريق التكامل، فكلا الامرين لديه سواء. و الحال هذه فإن رأيتم الإمام عليه السلام يشير بإرادته إلي صورة أسد علي الستارة فيصنع منها أسداً مفترساً و هيكلاً غاضباً خارجيّاً يهجم علي هارون و المأمون، فلا تقولوا إنّ هذه الروايات ضعيفة لانّنالم نعثر في علوم الحياة من مقارنة الفسائل، و في حالات علم الاجنّة و التشريح التطبيقيّ علي أسد ترجع سلسلة نسبه إلي ذوي الخليّة الواحدة للمياه الآسنة. فكلّ الإشكالات أيّها العزيز إنّما تكمن في إرادتك حصر و تحديد قدرة الله تحت اسم السنّة السنيّة و النهج التكامليّ العجيب المدهش، فتشيح بوجهك عن قدرة الله و تتبع مدرسة المادّيّين التي يشكّل غالبيّتها علماء الحياة و الطبيعة العالميّين، و تردّد نفس كلامهم: لا مفرّ أبداً من هذه السنّة و النظام الذي حدّدناه و شخّصناه، فمن أراد الهرب بأيّ شكل من هذه العلوم فإنّه سيُجبر علي السقوط في أحضانها مرّة أُخري؛ فهذه كلام خاطي و منطق مغلوط، والله سبحانه يخلق و يفني بإرادته القاهرة كلّ آن ثمانية عشر ألف عالم، بل ملايين العوالم؛ أفيعجز سبحانه بعد هذا عن خلق آدم من الطين، هذا الخلق الذي وجده السيّد داروين غير مستساغ في مذاقه؟! و علينا والحال هذه أن نتبع الدليل الإثباتيّ بعد إمكان الدليل الثبوتيّ فنقول: لو وُجدت الحلقة المفقودة أيضاً، و أثبت علماء علما لحياة بشكل قاطع (كما في 2*2 = 4) أنّ حلقة كانت قبل الإنسان يمكن إثبات سلسلة نسل البشر بواسطتها إلي الحلقات السابقة؛ فكيف يمكن أن نعلم أنّ خلق آدم كان من سلسلة التوالد و التناسل القديم أم من نفخ روح الله في الطين، بعد أن قلنا و أثبتنا أن كلام الطريقينِ ممكن؟ فيمكن للناقة أن توجد عن طريق الولادة من حيوانين ذكر و أُنثي، و يمكن أن توجد وتكوّن بإرادة و إعجاز صالح النبيّ فتخرج و تتكوّن من الجبل. هذان الطريقان لا يفترقان من وجهة نظر الحكمة المتعالية والفلسفة التوحيديّة، فكيف يتسنّي لنا أن نقول: إنّ هذه الناقة143 ليست من الجبل، و إنّها لم تكن معجزة، و إنّها ولدت حتماً بطريق الولادة الطبيعيّة؟ هنا يظهر الفارق بين المنكر و المؤمن؛ و الكافر والموحّد؛ و الملتزم و المتهوّر؛ فمن أصغي السمع لكلام النبيّ صالح فعدّها ناقة الله، [34] فهو موحّد حسن العاقبة؛ و من كذّب كلامه فعدّها في سائر النوق فهو مشرك و عاص يتنظر العذاب الإلهيّ. ارجاعات [1] ـ كتاب «خلقت إنسان» (= خلق الاءنسان) بالفارسيّة، للدكتور يدالله سحابي. [2] ـ كتاب «خلقت انسان» للدكتور يدالله سحابي، هامش ص 6 و ص 2 علي الترتيب. [3] ـ كتاب «خلقت انسان» للدكتور يدالله سحابي، هامش ص 6، و ص 2، علي الترتيب. [4] ـ «خلقت انسان» ص 4 إلي 6. [5] ـ «خلقت انسان» ص 3. [6] ـ «خلقت انسان» ص 9 و 10. [7] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 4، ص 156. [8] ـ أورد العلاّمة الحاجّ الشيخ آغا بزرگ الطهرانيّ في «أعلام الشيعة» في قسم نقباء البشر، ج 1 ص 323 إلي 326، برقم 663 ترجمة أحواله مفصّلاً، و نورد هنا خلاصتها: كانت حياته بين سنة 1282 و 1652 هجريّ قمريّ؛ من أعلام علماء الاءسلام في عصره، مجاهد كبير و مؤلّف كثير التأليف، و كان نادر دهره و من الذين أوقفوا حياتهم و كرّسوا أوقاتهم لخدمة الدين و الحقيقة. و قد وقف قبال النصاري و أمام تيّار الغرب الجارف فمثّل لهم سمّو الاءسلام علي جميع الملل و الاديان حتّي أصبح له الشأن العظيم و المكانة المرموقة بين علماء النصاري و فضلائها. و كان أعلام أوروبّا يرجعون إليه في حلّ معضلاتهم العلميّة و الدينيّة. و قد اتّصل به أعلام لورندرة و غيرها و كانوا يفزعون إليه في المسائل العويصة. و من المستفيدين منه المستر خالد شردراك، فإنّه كان يرجع إليه في المشاكل التي يواجهها. و قد ترجم الكثير من مؤلّفاته في حياته إلي الاءنجليزيّة و طبعت للاستفادة منها من قبل المسيحيّين الغربيّين. و من مؤلّفاته: «الهدي إلي دين المصطفي»، و «أنوار الهدي»، و «الرحلة المدرسيّة»، و «نصائح الهدي و أعاجيب الاكاذيب»، و «التوحيد و التثليث»، و «إبطال فتوي الوهّابيّين بهدم قبور البقيع»، و رسالة أُخري في إبطال فتوي الوهّابيّين أيضاً، و «البلاغ المبين» في الاءلهيّات، و «تفسير آلاء الرحمن»، و الكثير من الكتب الاُخري المطبوعة؛ و أمّا غير المطبوع فهو كثير، ذكره العلاّمة الطهرانيّ، و كانت وفاته في 22 شعبان فاغتمّ لفقده العالم الشيعيّ و الاءسلاميّ و الحوزة العلميّة في النجف، رحمة الله عليه رحمة واسعة. [9] ـ الآية 1، من السورة 4: النساء. [10] ـ اًلآية 21، من السورة 30: الروم. [11] ـ الآية 72، من السورة 16: النحل. [12] ـ الآية 11، من السورة 42: الشوري. [13] ـ الآية 49، من السورة 51: الذاريات. [14] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 4، ص 145. [15] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 4، ص 156، ضمن بحث روائيّ. [16] ـ الآية 59، من السورة 3: آل عمران. [17] ـ لقد كان الشيخ حسين مسجد شاهي بعد إلكماله الدراسة في النجف الاشرف و نيله درجة الاجتهاد العالية و رجوعه إلي أصفهان معدوداً في الطراز الاوّل لعلماء أصفهان، بل في مقدّمتهم، و كان مجلس درسه فاتحة تشكيل الحوزة هناك؛ ثمّ برقت في قلبه بارقة غيبيّة، وهبّ النسيم الملكوتيّ! المنعش علي روحه، فغرق في التفكير فيما ستؤول إليه عاقبة هذه الرياسة المطلقة، فما الذي سيصير إليه حالنا نحن الذين تزودّنا من عرفان الله زادنا لو انقضي العمر علي هذه الحال فرحلنا عن الدنيا صفر الايديّ؟ و أيّة خساة عظيمة ستكون نصيبنا؟ مع أنّه كان في شرخ الشباب و في أوّل عنفوان غرور الاءقبال علي الدنيا و مظاهرها، فمرض من هذه الافكار و سقط في فراش المرض و تعطّل مجلس الدرس و صلاة الجماعة، و كانت حالته تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، و كان اصفرار وجهه محسوساً ملحوظاً لمن يراه، ثمّ شدّ الرحال بعد ثلاثة أشهر إلي العتبات العاليات المقد´ّسة، و فُتحت أمام ناظريه خلال الطريق نافذة من عالم الغيب، و عاد له باب المكاشفات الروحيّة، حتّي وصل النجف الاشرف فأقام هناك. و كان مشغولاً هناك علي الدوام بالاذكار و الاوراد و طرق باب العرفان؛ و كتب تفسيراً لسورة الفاتحة و قدر من سورة البقرة جري طبعه فكان مفيداً جدّاً لاصحاب السلوك. و قد قال لي آية الله السيّد عبدالهادي الشيرازيّ قدّس الله نفسه: كنتُ كلّما قرأت قدراً من هذا التفسير ليلاً أيّام الدراسة أحسّ أنّه يمنحي حالة لا أتمكّن معها من مطالعة دروسي حتّي الصباح. و لم تطل إقامته في النجف أكثر من أشهر ستّة حيث لبّي دعوة المحبوب و المعشوق المطلق. و قد كتب ابن أخيه شرحاً لاحواله جري طبعه في الصفحات الملحقة بالتفسير المذكور. [18] ـ قال العلاّمة آغا بزرگ الطهرانيّ في «الذريعة» ج 24، ص 277: «نقد فلسفة داروين»: ردّ علي الفلسفة الطبيعيّة لآقا رضا الاصفهانيّ (1287 إلي 1361) ابن محمّد حسين بن محمّد باقر بن محمّد تقي، ألّفه أوائل انتشار نظريّة داروين في النشوء و الارتقاء في إيران بشكل غير صحيح معارض للدين فاعترض عليه الناقد من هذه الناحية و أثبت فيه الواجب من دون الحاجة إلي الدور و التسلسل. فعارضه جميل صدقي الزهاويّ الشاعر الاديب الفيلسوف، فكتب آقا رضا في جوابه (القول الجميل إلي صديقيّ الجميل)، و له أيضاً كتاب «نجعة المرتاد» المنشور. [19] ـ ربطات العنق التي لها شكل الصليب، و تدعي بالفارسيّة (چليپا)؛ و لانّ استعمال الصليب كان ميزة خاصّة للنصاري فإنّ ارتداء محرّم في الشريعة الاءسلاميّة، سواء علّق علي الصد أم علي العنق، و شدّ علي اليد أم علي الخصر، و كذا الامر في مختلف الاستعمالات في غرفة الاءنسان أم في بيته. و قد ورد هذا التقليد من أُوربّا أوائل النهضة الدستوريّة في إيران و قبلها بقليل، حيث راج استعمال ربطات العنق بشكليها الطويل و القصير، و كان المتشبّهون بالاءفرنج يلبسونها في أعناقهم عالمين بأمرها أو جاهلين، و استمرّ حتّي عصر الحكومة الاءسلاميّة في إيران حيث بطل أمرها كلّيّاً و الحمد لله. [20] ـ يقول: «إنّ قصّة آدم و حوّاء كذب، كذب محض، فمن نسل القرد أنا و حرُّ في كِلا العالَمين». [21] ـ بوخنر ( Bochner، 1817 إلي 1898 م) من شيوخ و أعلام المادّيّين و أتباع المذهب الطبيعيّ، و له كتاب باسم «المادّة و القوّة» ذكر كولبه صاحب كتاب «المدخل إلي الفلسفة» عنه تناقضات كثيرة. [22] ـ كتاب «الاعلام».للزركليّ، ج 3، ص 227؛ و كتاب «معجم المؤلّفين» لعمر رضا كحالة، ج، ص 294. [23] ـ يقول السيّد علي أكبر البرقعيّ في كتاب «راهنماي دانشوران» ( = دليل العلماء) ج 2، ص 39: كان شبلي شميّل من أعلام الادب الشرقيّ و من أفاضل الكتّاب المسيحيّين، لكنّه لم يكن ملتزماً بالدين، فسلك طريقاً يخالفه، و دُعي بشيخ الملحدين المسيحيّين. [24] ـ و لا ينفرد شبلي شميّل بهذا الامر، بل إنّ الكثير من العلماء و المؤلّفين الاُوروبيّين المنصفين الذين ألمّوا بالقرآن و أحاديث الرسول قد عَرَّفوا نبيّ الاءسلام علي أنّه رجل المعنويّة الفذّ و البطل الاخلاقيّ العالميّ، كفولتير الشاعر الفرنسيّ المعروف، كما في كتاب «الاءسلام في نظر فولتير» تأليف الدكتور حديدي، و كتوماس كارليل الاءنجليزيّ في كتاب «الابطال» و كإرنست رنان الفرنسيّ في كتاب «حضارة الاءسلام». [25] ـ أورد السيّد حميد عنايت في كتاب «سيري در أنديشة سياسي عرب» ( = جولة مع سياسة العرب الفكريّة) سبعاً من هذه الابيات عدا البيت الاوّل في الهامش رقم 1، ص 255 و 256، و يقول كاتب الهوامش السيّد محمّد رضا حكيميّ إنّ هذه الابيات نقلت من كتاب «محمّد و القرآن» للشيخ كاظم آل نوح العراقيّ، طبعة المطبعة العربيّة ببغداد، 1354 ه صفح´ 181. [26] ـ «الاءمام عليّ صوت العدالة الاءنسانيّة» لجورج جرداق، دورة في خمسة مجلّدات، المجلّد الاوّل: «عليّ و حقوق الاءنسان» ص 37. [27] ـ «سيري در أنديشة سياسي عرب» ص 50 و 51. [28] ـ الآيات 1 إلي 3، من السورة 54: القمر. اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَ إِن يَرَوْا ءَايَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرُّ * وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقَرٌ. [29] ـ الآية 24، من السورة 19: مريم: فَنَادَي'هَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّاً تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. [30] ـ الآية 110، من السورة 5: المائدة: وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرُ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَ تُبْرِيُ الاْكْمَهَ وَ الاْبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَي بِإِذْنِي. [31] ـ الآية 160، من السورة 7: الاعراف: وَ أَوْحَيْنَا إِلَي مُوسَي'´ إِذِ اسْتَسْقَـ'هُ قَوْمُهُ و ´ أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَأنبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا. [32] ـ الآية 50، من السورة 2: البقرة: وَ إِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأنجَيْنَـ'كُمْ وَ أَغْرَقْنَا ءَالَ فِرْعَوْنَ وَ أَنتُمْ تَنظُرُونَ. [33] ـ الآية 22، من السورة 20: طه: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلَي جَنَاحِكَ تَخْرُجُ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ءَايَةً أُخْرَي. [34] ـ الآية 73، من السورة 7: الاعراف: وَ إِلَي ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَـ'لِحًا قَالَ يَـ'قَوْمِ اعْبُدُوا اللَهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـ'هٍ غَيْرُهُ و قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَّةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـ'ذِهِ نَاقَةُ اللَهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلُ فِي´ أَرْضِ اللَهِ وَ لاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. |
|
|