بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب ولاية الفقيه/ المجلد الثالث/ القسم الثاني: البحث حول دلیل ولایة الفقیه

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

بحث‌ حول‌ حديث‌: اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌

 ومن‌ الروايات‌ التي‌ تدلّ علی ولاية‌ الفقيه‌: الرواية‌ التي‌ ذكرها الصدوق‌ في‌ « معاني‌ الاخبار »، قال‌:

 حَدَّثَنا أبي‌ ـ رَحِمَهُ اللَه‌ ـ قالَ: حَدَّثَنا علی ‌ُّ بْنُ إبراهيمَ بْنِ هاشِمٍ عَنْ أبيهِ، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ يَزيدَ النَّوفِلي‌ِّ، عَنْ علی ‌ِّ بْنِ داوُدَ اليَعْقوبي‌ِّ، عَنْ عيسَي‌بْنِ عَبْدِاللَهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علی ‌ِّ بْنِ أبي‌ طالِبٍ، عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلَی ‌ِّ ] بْنِ أبي‌ طالِبٍ [ عَلَیهِ السَّلامُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ ] وَسَلَّمَ [: اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌؛ اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌؛ اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌!

 قِيلَ لَهُ: يا رَسُولَ اللَه‌! وَمَنْ خُلَفَاوُكَ؟

 قَالَ: الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي‌ يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌.[1]

 وقد نقل‌ الشيخ‌ الحرّ العامِلي‌ّ [2] هذه‌ الرواية‌ عن‌ الصدوق‌ في‌ « عيون‌ الاخبار ».

 وبحثنا في‌ هذه‌ الرواية‌ من‌ جهتين‌: السند والدلالة‌.

 أمّا من‌ ناحية‌ السند: ففي‌ سلسلة‌ سند هذه‌ الرواية‌ علی ‌ّ بن‌ إبراهيم‌ وأبوه‌ إبراهيم‌ بن‌ هاشم‌، وإبراهيم‌ حسنٌ كالصَّحيح‌ وعلي‌ّ بن‌ إبراهيم‌ صحيحٌ. وكلاهما من‌ أجلّ الرواة‌ وأقدمهم‌، وهما مشهوران‌ ومعروفان‌ بالجلال‌ والمتانة‌.

 و الحسين‌ بن‌ يزيد النَّوفِلي‌ّ أيضاً من‌ الاعلام‌، وقد عدّه‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ كتابه‌ « الرجال‌ » من‌ أصحاب‌ الإمام‌ الرضا علیه السلام‌. كما ذكره‌ في‌ « الفهرست‌ » وَقالَ: لَهُ كتابٌ.

 وكذلك‌ ذكره‌ النجاشي‌ّ في‌ كتابه‌ « الرجال‌ »، وقال‌: «حسين‌ بن‌ يزيد النَّوْفلِي‌ّ: كانَ شاعِراً أديباً وَسَكَنَ الرَّي‌َّ وَماتَ بِهَا وَلَهُ كِتابُ التَّقِيَّة‌». وهو من‌ الاُصول‌ الاربعمائة‌ « وهي‌ الاربعمائة‌ كتاب‌ التي‌ كانت‌ للشيعة‌، ومن‌ ثمّ تحوّلت‌ إلی الكتب‌ الاربعة‌ ».

 وأمّا علی ‌ُّ بنُ داوُد اليعقوبي‌ّ، رَجُلٌ مَعْروفٌ عِنْدَ الاَصْحَابِ.

 وعيسَي‌ بن‌ عبدِ الله‌ بن‌ محمّد بن‌ عُمَر بن‌ أمير المؤمنين‌ علیه السلام‌، الذي‌ هو راوي‌ هذه‌ الرواية‌، فقد عدّه‌ الشيخ‌ في‌ « الرجال‌ » من‌ أصحاب‌ الصادق‌ علیه السلام‌، كما ذكره‌ في‌ « الفهرست‌ » أيضاً، كما قال‌ النجاشي‌ّ عنه‌ في‌ « الرجال‌ »: لَهُ كتابٌ يَرْويهِ جَمَاعةٌ.

 هذا فيما يتعلّق‌ بسند الرواية‌ حيث‌ إنَّه‌ بحسب‌ الظاهر سند جيّد، حَسَنٌ كَالصَّحيح‌، ومعتبر وقابل‌ للاعتماد.

 وأمّا دلالة‌ هذا الخبر: فإنَّ الإمام‌ علیه السلام‌ ينسب‌ الخلافة‌ إلی الفقهاء الذين‌ يروون‌ حديث‌ رسول‌ الله‌ وسنّته‌. وقد كرّر رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌: «اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌» ثلاثاً، لاجل‌ التأكيد، ثمَّ سُئل‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌: مَنْ خُلَفَاؤُكَ؟! فقال‌: هم‌ الذين‌ يأتون‌ من‌ بعدي‌ يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌. فالفقهاء والرواة‌ وسنّة‌ رسول‌ الله‌ هم‌ خلفائه‌.

 بناء علی هذا، يمكن‌ الاستدلال‌ بهذه‌ الرواية‌ علی: نَصْبِهِمْ لِلْوِلايَةِ والقَضاءِ وَ الإفتاء. لماذا؟ لانَّ ظهور الخلافة‌ في‌ قِيامُ الفَقيهِ مَقامَ النَّبِي‌ّ. فالخلافة‌ تدلّ بنحو الإطلاق‌ علی أنَّ ذلك‌ الشخص‌ الخليفة‌ قائم‌ مقام‌ المنوب‌ عنه‌. فالعنوان‌ عنوان‌ نيابة‌ وخلافة‌، والرسول‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ يقول‌: خُلَفَائِي‌. إذن‌، فجميع‌ المزايا والخواصّ التي‌ كانت‌ ثابتة‌ للنبي‌ّ ثابتة‌ لهؤلاء الفقهاء، إلاَّ ما خَرَجَ بِالدَّليل‌.

 وما خرج‌ بالدليل‌ هو خصائص‌ الإمامة‌، فما يتعلّق‌ بخصوص‌ الإمامة‌ لايكون‌ لاي‌ّ من‌ الفقهاء الشيعة‌. وأمّا بقيّة‌ الاُمور غير خصائص‌ الإمامة‌ فيمكن‌ أن‌ نثبتها للفقهاء من‌ إطلاق‌ هذه‌ الرواية‌، ومن‌ هذه‌ الاُمور الولاية‌ و القضاء و  الإفتاء. فنستطيع‌ إثبات‌ الحكومة‌ لهم‌ في‌ الاُمور الولايتيّة‌ والاجتماعيّة‌ للناس‌، كما نستطيع‌ إثبات‌ القضاء وفصل‌ الخصومة‌، وكذلك‌  الإفتاء وبيان‌ الاحكام‌ لعامّة‌ الناس‌.

 ووفقاً لما ذكرناه‌ حول‌ حديث‌ كميل‌، فهذه‌ الرواية‌ لا تختصّ بالائمّة‌ وإنَّما اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌، بإطلاق‌ الدلالة‌ اللفظيّة‌ واعتبار القوانين‌ المقاميّة‌ تشمل‌ جميع‌ العلماء الربّانيّين‌ العارفين‌ بالله‌ والعالمين‌ بأمر الله‌، وليس‌ثمّة‌ قرينة‌ علی اختصاص‌ ذلك‌ بالائمّة‌ علیهم السلام‌، وإنَّما هي‌ باقية‌ علی العموم‌. وخليفة‌ رسول‌ الله‌ الذي‌ يمتلك‌ عنوان‌ الخلافة‌ هو مَن‌ يكون‌ راوياً لحديثه‌ وسنّته‌ وأحواله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌، فهذا الشخص‌ هو خليفة‌ رسول‌الله‌، وهؤلاء هم‌ نفس‌ الاشخاص‌ الذين‌ قال‌ الرسول‌ عنهم‌: «يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي‌، يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌». فهذه‌ العبارات‌ لها إطلاق‌ ولاتختصّ بالائمّة‌، ولذا فهذه‌ الرواية‌ من‌ الروايات‌ التي‌ تمثّل‌ شاهداً علی ولاية‌ وحكومة‌ الفقيه‌ وقضائه‌ وافتائه‌. ويمكن‌ الاستدلال‌ بها علی ذلك‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

 

الدرس‌ الخامس‌ عشر:

 مَا وَلَّتْ أُمَّـةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ...

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

 إحدي‌ الروايات‌ المهمّة‌ جدّاً التي‌ تدلّ علی ولاية‌ الفقيه‌ ولزوم‌ أعلميّة‌ الفقيه‌ الذي‌ يكون‌ في‌ مصدر الولاية‌، هي‌ الرواية‌ المعروفة‌ التي‌ نقلت‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ بأسانيد مختلفة‌ وهي‌ قوله‌:

 مَا وَلَّتْ أُمَّـةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، إلاَّ لَمْيَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي‌ يَرْجِعُوا إلَی مَا تَرَكُوا.

 نقلت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ عدّة‌ موارد، فقد رُوِيَت‌ عن‌الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه السلام‌ بنحوين‌ مختلفين‌، وذكرها أميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌ في‌ مورد آخر، واحتجّ بها سلمان‌ الفارسي‌ّ في‌ مورد ثالث‌، كما رُويت‌ أيضاً في‌ أحد المواضع‌ عن‌الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیه السلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عن‌ الرسول‌ الاكرم‌

 وأمّا رواية‌الإمام‌الحسن‌المجتبي‌ علیه السلام‌، فقد رويت‌ في‌ « الامالي‌ » للشيخ‌ الطوسي‌ّ، وفي‌ « غاية‌ المرام‌ » للسيّد هاشم‌ البحراني‌ّ نقلاً عن‌  «الامالي‌»  بسندين‌ مختلفين‌.

 وأمّا سندها الاوّل‌: فيقول‌ الشيخ‌ في‌ « الامالي‌ »: أخْبَرَنا جَماعَةٌ عَنْ أبي‌ المُفَضَّلِ قالَ: حَدَّثَني‌ أبو العَبَّاسِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَمْداني‌ُّ بِالكُوفَةِ؛ وَقالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِبْنِ إبْراهيمَبْنِ القَيْسِ الاَشْعَري‌ُّ قالَ: حَدَّثَنا علی ‌ُّ بْنُ حَسَّانِ الوَاسِطِي‌ُّ قَالَ: حَدَّثَنا عَبْدُالرَّحْمَنِ ابْنُكَثيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ علی ‌ِّبْنِ الحُسَيْنِ عَلَیهِمُ السَّلامُ قالَ: لَمَّا أَجْمَعَ الحَسَنُ بْنُ علی ‌ٍّ عَلَیهِ مَا السَّلاَمُ عَلَی صُلْحِ مُعَاوِيَةَ، خَرَجَ حَتَّي‌ لَقِيَهُ. فَلَمَّا اجْتَمَعَا قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً...

 ثمّ ذكرالإمام‌ علیه السلام‌ الخطبة‌ إلی أن‌ يقول‌:

 فَقَامَ الحَسَنُ عَلَیهِ  السَّلاَمُ فَخَطَبَ فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ المُسْتَحْمِدِ بِالآلاَءِ وَتَتَابُعِ النَّعْمَاءِ... فيذكرالإمام‌ علیه السلام‌ خطبة‌ جامعة‌ وطويلة‌، وبعد ذلك‌ يورد هذه‌ الجملة‌:

 وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَهِ ] صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ [: مَا وَلَّتْ أُمَّـةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، إلاَّ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي‌ يَرْجِعُوا إلَی مَا تَرَكُوا.[3]

 وأمّا السند الثاني‌: فينقل‌ أيضاً في‌ « غاية‌ المرام‌ » [4] عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ « الامالي‌ » مختصر هذه‌ الخطبة‌. وفي‌ تلك‌ الرواية‌ يأتي‌الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه السلام‌ بعين‌ هذه‌ العبارة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ كشاهد.

 فالعبارتان‌ هما عبارة‌ واحدة‌ عن‌الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه السلام‌، وأصل‌ الخطبة‌ عن‌الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه السلام‌ مقبول‌ عند الجميع‌، حتّي‌ أنَّ العامّة‌ قد نقلوا ذلك‌ أيضاً. ولكنَّ هذه‌ الجملة‌ بالخصوص‌ قد تفرّد بها « غاية‌ المرام‌ » نقلاً عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ، ولها سندان‌ أيضاً، وكلا سنديها جيّد جدّاً.

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ أمير المؤمنين‌ هذا الحديث‌ عن‌ الرسول‌ الاكرم‌

 وأمّا الرواية‌ التي‌ نقلوها عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌ مع‌ هذه‌ الجملة‌ الخاصّة‌ فهي‌ في‌ كتاب‌ «سُلَيْم‌ بن‌ قَيْسِ الهِلالِي‌ّ».

 يروي‌ أبان‌ ( راوي‌ هذا الحديث‌ )، عن‌ سُليم‌ بن‌ قيس‌ أنـّه‌ قال‌: سمعت‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه السلام‌ ـقبل‌ وقعة‌ صفّين‌ـ يقول‌: إنَّ هَؤُلاَءِ القَوْمَ لَنْ يُنِيبُوا إلَی الحَقِّ...

 ثمّ يتابع‌الإمام‌ كلامه‌ إلی أن‌ يقول‌:

 إنَّ العَجَبَ كُلَّ العَجَبِ مِنْ جُهَّالِ هَذِهِ الاُمَّةِ وَضُلاَّلِهَا وَقَادَتِهَا وسَاقَتِهَا إلَی النَّارِ! إنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ  وَآلِهِ يَقُولُ عَوْدَاً وَبَدْءاً: مَا وَلَّتْ أُمَّـةٌ رَجُلاً قَطُّ أَمْرَهَا وَفِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ، إلاَّ لَمْيَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حتَّي‌ يَرْجِعُوا إلَی مَا تَرَكُوا.[5]

 وردت‌ هذه‌ الرواية‌ التي‌ اختصرناها وذكرناها كشاهد، في‌ كتاب‌ « سُليم‌بن‌ قيس‌ ». وهذا الكتاب‌ من‌ أكثر الكتب‌ اعتباراً، لانَّ سُليم‌بن‌ قيس‌ شخصيّة‌ مرموقة‌ عند الشيعة‌ والسنّة‌، ومن‌ المعروفين‌ في‌ رجال‌ الرواية‌، وكتابه‌ أيضاً في‌ منتهي‌ الإتقان‌ والاعتبار. وكثيراً ما ينقل‌ كبار علماء الشيعة‌ كالمجلسي‌ّ والسيّد بن‌ طاووس‌ وأمثالهما في‌ كتبهم‌ عن‌ سليم‌بن‌ قيس‌، ولايوجد أي‌ّ شكّ أو شبهة‌ في‌ صحّة‌ كتابه‌.

 وكان‌ سلمان‌ أوّل‌ من‌ استدلّ بهذه‌ الرواية‌ ـرَدًّا عَلَی مَنْ شاغَلَ مَنْصِبَ الاَعْلَم‌ـ بناءً علی ما فحصناه‌ واستنتجناه‌. فسلمان‌ من‌ الرجال‌ الاثني‌ عشر الذين‌ ذهبوا إلی المسجد واعترضوا علی أبي‌ بكر بعد أحداث‌ السقيفة‌ ودفن‌ الرسول‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌، فخاطبوا أبا بكر واحداً واحداً متسائلين‌ عن‌ الامر، ورفضوا خلافته‌. وجاء في‌ أكثر كتب‌ التأريخ‌: أنَّ هؤلاء الاشخاص‌ قد اعترضوا علی أبي‌بكر واحتجّوا علیه بشدّة‌ وحزم‌، ولم‌يَقْوَ أبو بكر بالإجابة‌ علی اعتراضاتهم‌.

 وبالطبع‌ فلهذه‌ القصّة‌ التأريخيّة‌ مجال‌ واسع‌، وما يهمّنا منها هو تلك‌ العبارة‌ التي‌ تشكّل‌ شاهداً علی لزوم‌ تصدّي‌ الاعلم‌ لمناصب‌ الولاية‌.

 ومن‌ هؤلاء الاشخاص‌ الاثني‌ عشر: سلمان‌، أبو ذرّ، عمّار، حذيفة‌، ابن‌التَّيِّهان‌، وأبو أيّوب‌ الانصاري‌ّ، الذين‌ ذهبوا إلی مسجد رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه وآله‌ وسلّم‌ وقاموا بمحاججة‌ أبي‌ بكر لَمَّا صَعَدَ المِنْبَرَ وَيُريدُ الخُطْبَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ خِلافَةً عَنْ رَسولِ اللَهِ بَعْدَ البَيْعَةِ.

 وَقامَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُم‌ واحِدًا بَعْدَ الآخَرِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَی إمامَةِالإمام أميرِالمؤْمِنينَ عَلَیهِ السَّلامُ، رَدّاً عَلَی خِلافَةِ الخَليفَةِ الاِنْتِخابي‌ِّ، وَإنْكاراً عَلَی تَشاغُلِهِ مَنْصِبَ الرَّسولِ صلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّم‌. أورد هذه‌ القضيّة‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ خالد البَرقي‌ّ في‌ كتابه‌ « الرجال‌»، و عَبد الجليل‌ القزويني‌ّ في‌ كتاب‌ « النقض‌ »،و الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ « الخصال‌ »، و أبو منصور أحمد بن‌ أبي‌ طالب‌ الطبرسي‌ّ في‌ «الاحتجاج‌ »، والسيّد الاجلّ علی ‌ّ بن‌ طاووس‌ في‌ كتاب‌ « كشف‌ اليقين‌ ».[6]

 وينقل‌ ذلك‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » [7]، والمامقاني‌ّ في‌ « تنقيح‌ المقال‌ » [8]، عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌، وعن‌ الطبرسي‌ّ، ولا يشيران‌ إلی رواية‌ البرقي‌ّ والقزويني‌ّ التي‌ ننقلها عنهما هنا، مع‌ ما في‌ كتابي‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ خالد البرقي‌ّ وعبد الجليل‌ القزويني‌ّ في‌ نقل‌ هذه‌ الرواية‌ من‌ مطالب‌ عالية‌ وسامية‌ جدّاً.

 وقد يكون‌ سبب‌ عدم‌ الإشارة‌ من‌ قبل‌ المجلسي‌ّ والمامقاني‌ّ إلی ما في‌ « النقض‌ » و « الرجال‌ » هو عدم‌ حصولهما علی هذين‌ الاثرين‌، وعدم‌ اطّلاعهما بهما؛ فلم‌ يشيرا إلی ذلك‌ علی الرغم‌ من‌ أهمّيّة‌ وقيمة‌ روايتهما من‌ حيث‌ متانة‌ المحتوي‌ ودقّة‌ المطالب‌ فيهما نسبةً إلی ما في‌ الخبر المنقول‌ عن‌ ابن‌ طاووس‌ والطبرسي‌ّ والشيخ‌ الصدوق‌.

 ومن‌ جملة‌ البراهين‌ التي‌ اعتمد علی ها سلمان‌ حين‌ محاججة‌ الخليفة‌ الغاصب‌ هو عدم‌ جواز تصدّي‌ غير الاعلم‌ لمقام‌ الولاية‌ مع‌ وجود الاعلم‌. ويتلخّص‌ احتجاج‌ سلمان‌ بـ: بأي‌ّ دليل‌ تصعد أنت‌ علی منبر رسول‌الله‌ وتغصب‌ الخلافة‌ مع‌ كون‌ أعلم‌ الاُمَّة‌ موجوداً؟! وقام‌ كلّ شخص‌ من‌ الاشخاص‌ الاثني‌ عشر بإيراد دليل‌ خاصّ لم‌ يرتبط‌ بأدلّة‌ الآخرين‌، ومن‌ أراد الاطّلاع‌ فليرجع‌ إلی الكتب‌ التي‌ ذكرناها.

 ونذكر الآن‌ عبارة‌ سلمان‌ الواردة‌ في‌ كتاب‌ « الرجال‌ » للبرقي‌ّ، إذ يقول‌:

 ثُمَّ قامَ سَلْمانُ فَقالَ: يا أبا بَكْرٍ إلَی مَنْ تَسْتَنِدُ [9] أمْرَكَ إذَا المَوْتُ نَزَلَ بِكَ؟! وَإلَي‌ مَنْ تَفْزَعُ [10] إذَا سُئِلْتَ عَنْ أحْكامِ الاُمَّةِ عَمَّا لاتَعْلَمُ؟! أتَكونُ إمَامَاً لِمَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ؟ قَدِّمْ مَنْ قَدَّمَهُ اللَهُ وَقَدَّمَهُ رَسُول ُاللَهِ فِي‌ حَياتِهِ...[11]

 وأمّا الشيخ‌ عبد الجليل‌ القزويني‌ّ فقد أورد في‌ كتاب‌ « النقض‌ » هذه‌ العبارة‌:

 يا أبا بَكْر! إلَی مَنْ تَسْنَدُ أمْرَكَ إذا نَزَلَ بِكَ القَضاءُ؟ وَإلَي‌ مَنْ تَفْزَعُ إذا سُئِلْتَ عَمَّا لا تَعْلَمُ؟ ] وَما عُذْرُكَ في‌ التَّقَدُّمِ [ وَفي‌ القَوْمِ مَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ؟!... [12]

 وأورد الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ كتاب‌ « الخصال‌ » عين‌ العبارة‌ التي‌ نقلناها من‌ كتاب‌ « النقض‌ »، ولكنّه‌ لم‌ يذكر جملة‌ «وَما عُذْرُكَ في‌ التَّقَدُّمِ».

 وأمّا رواية‌ « الاحتجاج‌ » فبهذه‌ العبارة‌:

 يا أبا بَكْرٍ! إلَی مَنْ تَسْنَدُ أمْرَكَ إذا نَزَلَ بِكَ ما لا تَعْرِفُهُ؟! وَإلَي‌ مَنْ تَفْزَعُ إذا سُئِلْتَ عَمَّا لا تَعْلَمُهُ؟ وَما عُذْرُكَ في‌ تَقَدُّمِكَ عَلَی مَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ، وأقْرَبُ إلَی رَسولِ اللَهِ، وَأعْلَمُ بِتَأْويلِ كِتابِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبيِّهِ؟! [13]

 وأورد هذه‌ الرواية‌، التي‌ نقلت‌ عن‌ سلمان‌ بطرق‌ مختلفة‌ سبعة‌ أشخاص‌ من‌ كبار العلماء في‌ كتبهم‌ ( البرقي‌ّ، القزويني‌ّ، الطبرسي‌ّ، ابن‌ طاووس‌، المجلسي‌ّ، المامقاني‌ّ والصدوق‌ ).

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌الإمام‌ موسي‌ بن‌ جعفر عن‌ الرسول‌ الاكرم‌

 ومن‌ جملة‌ روايات‌ إمامة‌ الاعلم‌، الرواية‌ المروية‌ عن‌ الكاظم‌ علیه السلام‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ في‌ آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَها حالَ مَرَضِهِ الَّذي‌ تُوُفِّي‌َ فيها، في‌ المَسْجِد:

 أَلاَ وَمَنْ أَمَّ قَوْماً عَمْياً وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَقَدْ كَفَرَ!

 ينقل‌ هذه‌ الرواية‌ السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ في‌ « غاية‌ المرام‌ » عن‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ « الطرائف‌ » في‌ الطريفة‌ الثالثة‌ والثلاثين‌. [14] وقد علم‌ أنَّ أصل‌ الحديث‌ مروي‌ٌّ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ أيضاً.

 فهذه‌ الرواية‌ تفيد بنحو الإطلاق‌ أيضاً أنَّ أمر الحكومة‌ والولاية‌ مختصّ بالاعلم‌ من‌ بين‌ الاُمّة‌ دوماً، وما دام‌ الاعلم‌ موجوداً في‌ الاُمّة‌ فليس‌لغير الاعلم‌ أن‌ يتسلّم‌ الحكومة‌، وإذا قام‌ قوم‌ بأمر كهذا فإنَّما يكونون‌ قد أخرجوا المجتمع‌ عن‌ طريق‌ الصلاح‌ وساروا به‌ نحو الهلكة‌، وستستمرّ الهلكة‌، حتّي‌ يرجعوا ويسلّموا زمام‌ الامر إلي‌الإمام‌.

 وعلي‌ هذا الاساس‌، نري‌ في‌ الروايات‌ أنَّ الائمّة‌ الطاهرين‌ علیهم السلام‌ كثيراً ما حاججوا العامّة‌ بـ: ما هو دليل‌ تسلّم‌ الخلفاء زمام‌ الاُمور مع‌ موجود الاعلم‌ بين‌ الاُمّة‌، مع‌ أنَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ قال‌ بوجوب‌ تسلّم‌ الاعلم‌ من‌ أُمّتي‌ لزمام‌ الحكومة‌؟!

 وكان‌ بيد الشيعة‌ دائماً حربة‌ ثابتة‌ وقويّة‌ مقابل‌ أهل‌ السنّة‌ مفادها: مع‌ وجود العقل‌ القوي‌ّ والعلم‌ القوي‌ّ فتسليم‌ الاُمور لغير الاعلم‌ لاينسجم‌ مع‌ منطق‌ الفطرة‌ والعقل‌ وأوامر رسول‌ الله‌. أي‌: أنَّ وجوب‌ حكومة‌ الاعلم‌ جارٍ في‌ الاُمور الثلاثة‌: حكم‌ الفطرة‌، وحكم‌ العقل‌، وحكم‌ الشرع‌.

 وشاهدنا في‌ هذه‌ الروايات‌ فقط‌ تلك‌ الجملة‌ من‌ الرواية‌ النبويّة‌ التي‌ نُقلت‌ بهذه‌ الطريق‌ المختلفة‌ لا سائر الادلّة‌ النقليّة‌ التي‌ كلّ منها باقٍ في‌ محلّه‌.

 الرجوع الي الفهرس

التهديد والخطاب‌ الموجّه‌ من‌الإمام‌ الجواد لعمّه‌ عبد الله‌ بن‌ موسي‌

أسناد ومضامين‌ هذا الحديث‌ الشريف‌ المختلفة‌

 ومن‌ جملة‌ الروايات‌ التي‌ يمكن‌ أن‌ يستفاد منها بشكل‌ جيّد وجوب‌ تقليد الاعلم‌ لا ولايته‌، الرواية‌ التي‌ ينقلها المرحوم‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » في‌ أحوال‌الإمام‌ محمّد التقي‌ّ جواد الائمّة‌ علیه السلام‌، من‌ كتاب‌ « عيون‌ المعجزات‌ » لَمَّا أفْتَي‌ عَمُّهُ عَبْدُ اللَهِ بْنُ موسَي‌ بِفُتْيا غَيْرِصَحيْحَة‌ فَقَالَ ] عَلَیهِ  السَّلامُ [: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، يَا عَمُّ! إنَّهُ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَهِ أَنْ تَقِفَ غَداً بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ لَكَ: لِمَ تُفْتِي‌ عِبَادِي‌ بِمَا لَمْ تَعْلَمْ وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ [15]

 وإن‌ كان‌ ظاهر الرواية‌ النهي‌ عن‌ الفتوي‌ من‌ غير علم‌ إلاّ أنـّه‌ يتحصّل‌ بعد التأمّل‌ في‌ محتواها أنَّ هذا الظاهر ليس‌ هو المراد. وإنَّما المستفاد منها هو النهي‌ عن‌ الفتوي‌ مع‌ وجود الاعلم‌ في‌ الاُمّة‌، وذلك‌ لانَّالإمام‌ علیه السلام‌ بعد أن‌ نهاه‌ وآخذه‌ علی الفتوي‌ بغير علم‌ خصّص‌ مورد نهيه‌ بمورد وجود الاعلم‌ في‌ الاُمّة‌. وكما تعلم‌ فإنَّه‌ لا فرق‌ في‌ الفتوي‌ من‌ غير علم‌ بين‌ أن‌ يكون‌ الاعلم‌ موجوداً في‌ الاُمّة‌ أو غير موجود، لذا يستفاد من‌ كلام‌الإمام‌ علیه السلام‌ اخْتِصاصُ النَّهْي‌ِ بِصورَةِ وُجودِ الاَعْلَم‌، ويكون‌ المفتي‌ ممنوعاً من‌  الإفتاء عند وجود الاعلم‌ مطلقاً سواء كانت‌ فتواه‌ بعلم‌ أم‌ بغيرعلم‌، وتكون‌ تلك‌ الفتوي‌ التي‌ تصدر في‌ مقابل‌ فتوي‌ الاعلم‌ غيرصحيحة‌ ولا محقّة‌، حتّي‌ لو كان‌ المفتي‌ قاطعاً بصحّتها.

 الرجوع الي الفهرس

نتيجة‌ الاستدلال‌ الحاصلة‌ من‌ هذا الحديث‌ الشريف‌

 ومحصّل‌ الكلام‌ أنـّه‌ لا يجوز  الإفتاء مع‌ وجود الاعلم‌، لانَّ ذلك‌ إفتاء بغيرحقّ. ولقد جعل‌الإمام‌ علیه السلام‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ المدار علی فتوي‌ الاعلم‌، وعليه‌ تكون‌ كلّ فتوي‌ مخالفة‌ لفتوي‌ الاعلم‌ مَعَ وُجودِ الاَعْلَم‌، فتوي‌ بِما لا يَعْلَمُ أنـَّهُ حَقٌّ، ومخالفة‌ للحقّ. وهذا هو الاستظهار الذي‌ قلنا إنَّه‌ يتحصّل‌ من‌ الرواية‌.

 بناءً علی هذا، فمفاد الرواية‌ هو: يجب‌ أن‌ يكون‌ مصدر الفتوي‌ في‌ الاُمّة‌ مختصّاً بالاعلم‌، وَلا يَجوزُ لاِحَدٍ في‌ قِبالِهِ أنْ يُفْتي‌َ بِشَي‌ْء.

 ويريدالإمام‌ علیه السلام‌ أن‌ يقول‌ في‌ هذه‌ الجملة‌: لِمَ تُفْتِي‌ عِبَادِي‌ بِمَا لَمْ تَعْلَمْ وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، إنَّ الله‌ يؤاخذ العبد علی إفتائه‌ مع‌ وجود الاعلم‌ منه‌ في‌ الاُمّة‌، فهو لا يريد القول‌ إنَّه‌ لِمَ أفتيت‌ بما لا تعلم‌، لانَّ  الإفتاء بما لا يعلم‌ ليس‌ جائزاً علی الإطلاق‌، وهو محرّم‌، سواء كان‌ الاعلم‌ في‌ الاُمّة‌ موجوداً أم‌ لم‌ يكن‌.

 وعلي‌ هذا، فعبارة‌ لِمَ تُفْتِي‌ عِبَادِي‌ بِمَا لَمْ تَعْلَمْ وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، تفيد أنَّ وجود مَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ في‌ الاُمَّة‌، يمنع‌ من‌ فتواك‌. ففي‌ هذه‌ الصورة‌ لا ينبغي‌ لك‌ أن‌ تفتي‌، سواء كانت‌ فتواك‌ عن‌ علم‌ أم‌ عن‌ غيرعلم‌. ف الإفتاء في‌ مقابل‌ فتوي‌ الاعلم‌ ـإذن‌ـ غير جائز.

 نُكتةٌ دقيقَة‌: لقد جُعل‌ النهي‌ المباشر هنا علی فتوي‌ غير الاعلم‌، سواء كانت‌ الفتوي‌ عن‌ علم‌ أم‌ عن‌ غير علم‌. فمهما تكن‌ فتواه‌ فهي‌ عن‌ غير علم‌، لانـّها ستكون‌ في‌ قبال‌ فتوي‌ الاعلم‌.

 فالإمام‌ علیه السلام‌ لم‌ يقل‌: لِمَ تُفْتي‌ عِبادي‌ بِما تَعْلَمُ وَما لاتَعْلَمُ وَفي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ؟ لانـّه‌ لو تكلّم‌ بهذا النحو لكان‌ المعني‌: أنـّه‌ لو كان‌ الاعلم‌ موجوداً في‌ الاُمّة‌ فلا تُفتي‌ لا بعلم‌ ولا بغير علم‌. ولكنّه‌ أورد كلمة‌ «بَمَا لَمْ تَعْلَمْ» لكي‌ تُفهم‌ هذا المعني‌. أي‌: عندما يكون‌ هناك‌ أعلم‌ في‌ الاُمّة‌ ففتواك‌ مهما كانت‌ فهي‌ فتوي‌ بغير علم‌، وعن‌ جهل‌. فعندما يكون‌ هناك‌ شخص‌ أعلم‌ لا يكون‌ ثمّة‌ إمضاء لكلامك‌ ولا حجّيّة‌ له‌، فعندما يكون‌ هناك‌ طبيب‌ أخصّائي‌ّ حاذق‌ فلا تُبرز علمك‌، وذلك‌ لانَّ هذا العلم‌ إنَّما يكون‌ علماً بالنسبة‌ لك‌، وأمّا بالنسبة‌ للآخرين‌ فهو جهل‌. وقد يستتبع‌ خطراً في‌ حالة‌ وجود شخص‌ أعلم‌ في‌ الاُمّة‌، فالفتوي‌ التي‌ تصدرها تكون‌ فتوي‌ بما لاتعلم‌، وحتّي‌ لو كانت‌ في‌ واقعها مستقيمة‌ أيضاً، لكنّها في‌ قبال‌ ذلك‌ الحقّ وتلك‌ الحقيقة‌ التي‌ نالت‌ الحجّيّة‌ ـوالتي‌ هي‌ فتوي‌ الاعلم‌ـ تكون‌ إظهاراً للنظر وفتوي‌ عن‌ غير علم‌.

 ولو أرادالإمام‌ علیه السلام‌ بهذه‌ ] الإشارة‌ [ اللطيفة‌ أن‌ يُفهم‌ أنـّه‌ مع‌ وجود الاعلم‌ في‌ الاُمّة‌ ف الإفتاء من‌ غيره‌ غير صحيح‌ مطلقاً، سواء كانت‌ فتوي‌ ذلك‌ المفتي‌ مطابقة‌ للواقع‌ أم‌ غير مطابقة‌. نعم‌؛ ففتوي‌ كلّ شخص‌ حجّة‌ له‌. وأمّا  الإفتاء للغير الذي‌ هو بمثابة‌ توجيه‌ عملي‌ّ لهم‌، فهو منفي‌ّ.

 هذا هو محصّل‌ النتيجة‌ التي‌ توصّلنا إليها، والرواية‌ كما بيّنا هي‌ في‌ « بحار الانوار » نقلاً عن‌ « عيون‌ المعجزات‌ ». لكنّ إشكال‌ رواية‌ « عيون‌ المعجزات‌ » هو إرسالها فقط‌.

 وهناك‌ رواية‌ أُخري‌ ينقلها المرحوم‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » [16] في‌ أحوال‌الإمام‌ الجواد علیه السلام‌ عن‌ كتاب‌ « الاختصاص‌ » للشيخ‌ المفيد [17]، مسنداً عن‌ علی ‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، بهذه‌ العبارة‌:

 يَاعَمُّ! اتَّقِ اللَهَ؛ اتَّقِ اللَهَ! إنَّهُ لَعَظِيمٌ أَنْ تَقِفَ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي‌ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقُولُ لَكَ: لِمَ أَفْتَيْتَ النَّاسَ بِمَا لاَ تَعْلَمُ؟!... وحيث‌ إنَّه‌ لاتوجد في‌ هذه‌ الرواية‌ عبارة‌: وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فلاتكون‌ شاهداً لنا.

 نعم‌؛ يمكن‌ أن‌ تكون‌ رواية‌ « عيون‌ المعجزات‌ » شاهداً، لكنّها ـ كما قلناـ مرسلة‌، بينما هذه‌ الرواية‌ مسندة‌ وسندها جيّد، علی الرغم‌ من‌ عدم‌وجود هذه‌ الجملة‌ فيها.

 ويحكي‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » [18] رواية‌ ثالثة‌ في‌ نفس‌ هذا الباب‌ عن‌ « المناقب‌ » [19] لابن‌ شهرآشوب‌، عن‌ كتاب‌ « الجلاء والشفاء » وإن‌ لم‌ تحو علی فقررة‌ «وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ»، لكنَّ صاحب‌ « المناقب‌ » يقول‌ في‌ نهاية‌ الرواية‌: الخَبَر. ولا ندري‌ إلی أي‌ّ شي‌ء تشير كلمة‌ «الخَبَر»، فإن‌ كانت‌ إشارة‌ إلی بقيّة‌ الخبر الذي‌ هو «وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ» فالمطلب‌ تامّ، لانَّ الرواية‌ تكون‌ مسندة‌، وتامّة‌ من‌ ناحية‌ الدلالة‌ أيضاً.

 لكنَّ كلمة‌ «الْخَبَر» قد تكون‌ أحياناً إشارة‌ إلی بقيّة‌ الخبر الذي‌ هو شي‌ء آخر.

 وعلي‌ كلّ تقدير، فما دمنا لم‌ نحصل‌ علی كتاب‌ « الجلاء والشفاء » ولم‌نرَ أنَّ هذه‌ الجملة‌ موجودة‌ فيه‌، فلا يمكننا القطع‌ بأنَّ لفظة‌ «الخَبَر» إشارة‌ إلی عبارة‌: وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ.

 ومحصّل‌ الكلام‌ أنَّ هاتين‌ الروايتين‌ جيّدتان‌، لكنَّهما غير تامّتين‌ من‌ ناحية‌ الدلالة‌. ورواية‌ « عيون‌ المعجزات‌ » تامّة‌ من‌ ناحية‌ الدلالة‌، لكنّها مرسلة‌، والتمسّك‌ بهذه‌ الرواية‌ وحدها لاستفادة‌ انحصار الحجّيّة‌ في‌ فتوي‌ الاعلم‌ مشكل‌.

 الرجوع الي الفهرس

بحث‌ حول‌ شرح‌ حديث‌ «نهج‌ البلاغة‌»: إنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِياءِ...

 نعم‌؛ لدينا رواية‌ أُخري‌ في‌ المقام‌ قد استُدِلَّ بها علی انحصار الحجّيّة‌ في‌ فتوي‌ الاعلم‌ دون‌ مقام‌ الولاية‌، حيث‌ يشكل‌ الشيخ‌ في‌ « المكاسب‌ » في‌ مقام‌ الولاية‌، ويقول‌ إنَّها غير كافية‌ في‌ إثبات‌ ولاية‌ الفقيه‌. وأمّا الفتوي‌ فيستحسن‌ أن‌ نقول‌: إنَّه‌ إنَّما يستطيع‌ أن‌ يفتي‌ من‌ يكون‌ الاعلم‌.

 والرواية‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ » حيث‌ يقول‌ أميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌: أَوْلَي‌ النَّاسِ بالاَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤوا بِهِ. ثُمَّ تَلاَ: «إِنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِإِبْرَ' هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـ'ذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا.» [20] و [21]

 أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِيَاءِ؛ أقربهم‌ إليهم‌ ومَن‌ تكون‌ ولايته‌ بالانبياء أكثر وأقرب‌ ( الولاية‌ بذلك‌ المعني‌ الذي‌ مرَّ في‌ الدرس‌ الاوّل‌ ) فهو أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ.

 ثمّ يستشهد أميرالمؤمنين‌ بعد ذلك‌ بهذه‌ الآية‌: إِنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِإِبْرَ ' هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـ'ذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا.

 ذكر المرحوم‌ الشيخ‌ الانصاري‌ّ رحمة‌ الله‌ علیهفي‌ « المكاسب‌ » في‌ بحث‌ الولاية‌ كلامَ أمير المؤمنين‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ » هذا، وقال‌: لانستطيع‌ أن‌ نستدلّ بهذه‌ الرواية‌ علی ولاية‌ الفقيه‌ في‌ التصرّف‌ في‌ أموال‌ الغيّب‌ والقصّر ومجهول‌ المالك‌، والاوقاف‌، وسائر الاُمور التي‌ تحتاج‌ إلی ولي‌ّ وليس‌لها ولي‌ّ خاصّ، ولا مالك‌ خاصّ أيضاً.

 ومراد الشيخ‌ هنا أنَّ هذه‌ الرواية‌ في‌ مقام‌ بيان‌ وظيفة‌ العلماء من‌ ناحية‌ بيان‌ الاحكام‌ التي‌ هي‌ عبارة‌ عن‌  الإفتاء، وذلك‌ مختصّ بالاعلم‌، ولايستفاد منها ثبوت‌ سائر مناصب‌ الانبياء لهم‌، لانـّه‌ ليست‌ هناك‌ مناسبة‌ بين‌ الاعلميّة‌ في‌ الاحكام‌ وبين‌ التصدّي‌ في‌ أخذ الزكوات‌ والاخماس‌ وتولّي‌ الموقوفات‌ والتصدّي‌ لاُمور الغيّب‌ والقصّر. بينما المناسبة‌ موجودة‌ بين‌ الاعلميّة‌ وبين‌ بيان‌ الاحكام‌.

 وعبارة‌ الشيخ‌ بعد بحث‌ طويل‌ هي‌: لَكِنَّ الإنْصافَ بَعْدَ مُلاحَظَةِ سِياقِها أوْصَدْرِها أوْ ذَيْلِها يَقْتَضي‌ الجَزْمَ بِأَنَّها في‌ مَقامِ بَيانِ وَظيفَتِهِمْ مِنْ حَيْثُ الاَحْكامِ الشَّرْعيَّةِ؛ لاَ كَوْنِهِمْ كَالنَّبي‌ِّ وَالاَئِمَّةِ صَلَواتُ اللَهِ عَلَیهِ مْ في‌ كَوْنِهِمْ أَوْلَي‌ النَّاسِ في‌ أمْوالِهِمْ. فَلَوْ طَلَبَ الفَقيهُ الزَّكَاةَ وَالخُمْسَ مِنَ المُكَلَّفِ فَلا دَليلَ عَلَی وُجوبِ الدَّفْعِ إلَيهِ شَرْعاً.

 وبناء علی هذا، فلا يمكننا أن‌ نستفيد من‌ هذه‌ الرواية‌ وجوب‌ دفع‌ الخمس‌ أو الزكاة‌ إلی الفقيه‌ الذي‌ يطالب‌ بذلك‌، والذي‌ يدّعي‌ لزوم‌ دفع‌ ذلك‌ إليه‌ حتّي‌ يصرفه‌ في‌ مصارفه‌، لانَّ الرواية‌ في‌ مقام‌ إثبات‌ أولويّة‌ الفقيه‌ من‌ ناحية‌ بيان‌ الاحكام‌ و الإفتاء ومن‌ ناحية‌ الدلالة‌ والإرشاد.

 نعم‌؛ لو سئل‌ فقيه‌ في‌ مسألة‌ ما، فالرواية‌ تدلّ علی حجّيّة‌ قوله‌.

 وكلام‌ المرحوم‌ الشيخ‌ في‌ مورد هذه‌ الرواية‌ متين‌، حيث‌ لامناسبة‌ بين‌ أعلميّة‌ رجل‌ بِما جاءَ بِهِ الاَنْبِياء، وبين‌ أخذ الزكوات‌. فما هي‌ المناسبة‌ بين‌ التصدّي‌ لاُمور الغيّب‌ والقصّر ودفع‌ الزكوات‌ إلی بعض‌ الاشخاص‌ وبين‌ أن‌ يكون‌ ذلك‌ الشخص‌ أعلم‌ بِما جاءَ بِهِ الاَنْبِياء؟ وذلك‌ بخلاف‌ المناسبة‌ بين‌ الاعلميّة‌ وبين‌ بيان‌ الاحكام‌.

 ولكن‌ هناك‌ إشكال‌ في‌ هذه‌ الرواية‌، وهو عدم‌ وضوح‌ وجه‌ المناسبة‌ في‌ الاستشهاد الذي‌ قدّمه‌الإمام‌ علیه السلام‌، فبعد أن‌ قال‌: أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِياءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ، استشهد بهذه‌ الآية‌: إِنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِإِبْرَ ' هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـ'ذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا. فما وجه‌ المناسبة‌ بين‌ هذه‌ الجملة‌ وجملة‌ «أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِيَاءِ، أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ»؟

 فقد بيّن‌الإمام‌ علیه السلام‌ في‌ صدر الرواية‌ أنَّ الاعلميّة‌ ميزان‌ الاقربيّة‌ إلی الانبياء علیهم السلام‌، ثمّ استشهد بالقرآن‌ علی أنَّ: اتّباع‌ النبي‌ّ إبراهيم‌، وهذا النبي‌ّ، والمؤمنين‌ هم‌ أقرب‌ الناس‌ إلی إبراهيم‌. والمناسبة‌ هنا غير واضحة‌، ولذا قال‌ المرحوم‌ الشهيدي‌ّ في‌ « حاشية‌ المكاسب‌ »: إنَّه‌ قد نُقلت‌ هذه‌ الرواية‌ بنحو آخر أيضاً: إنَّ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِياءِ أَعْمَلُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ. فإذا كانت‌ العبارة‌ «أَعْمَلُهُم‌» يتّضح‌ وجه‌ المناسبة‌، لانَّالإمام‌ علیه السلام‌ يقول‌ أَعْمَلُهُمْ بَمَا جَاءُوا بِهِ، ثمّ يستشهد علی أنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ، وهذا النبي‌ّ، والمؤمنين‌ الذين‌ اتّبعوا إبراهيم‌ في‌ العمل‌ هم‌ أَولي‌ به‌. أي‌ أقرب‌. وبهذا يتّضح‌ وجه‌ مناسبة‌ الاستشهاد. لكنَّ الرواية‌ تسقط‌ عن‌ الحجّيّة‌ في‌ هذه‌ الحالة‌ ( حيث‌ إنَّ متن‌ الحديث‌ قد نقل‌ بلفظين‌ ) لظهور اضطراب‌ فيها، والاضطراب‌ في‌ المتن‌ يوجب‌ التعارض‌ فيما لو لم‌يكن‌ سند تلك‌ الرواية‌ قويّاً مثل‌ « نهج‌ البلاغة‌ ».

 ومحصّل‌ الكلام‌ أنَّ سند « نهج‌ البلاغة‌ » قوي‌ّ، بينما مناسبة‌ ذلك‌ الاستشهاد غير واضحة‌ لنا. فيبقي‌ أصل‌ الاستدلال‌ أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ ويجب‌ الاخذ به‌. وهذا ليس‌ من‌ أدلّة‌ ولاية‌ الفقيه‌، بل‌ من‌ أدلّة‌ لزوم‌ أعلميّة‌ الفقيه‌ في‌ باب‌  الإفتاء، وهو من‌ الادلّة‌ الاجتهاديّة‌، وليس‌من‌ الاُصول‌.

 فإذا أردنا الاستدلال‌ علی لزوم‌ أعلميّة‌ الفقيه‌ في‌ باب‌  الإفتاء بلحاظ‌ الادلّة‌ الاجتهاديّة‌ فيمكننا الاستدلال‌ برواية‌ « نهج‌ البلاغة‌ » هذه‌، حيث‌ يقول‌الإمام‌ علیه السلام‌:

 أَوْلَي‌ النَّاسِ بِالاَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ.

 كما يمكننا الاخذ بذلك‌ الخبر الوارد عن‌الإمام‌ محمّد التقي‌ّ علیه السلام‌ حيث‌ يقول‌: يَاعَمُّ! إنَّهُ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَهِ أَنْ تَقِفَ غَداً بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُوُلُ لَكَ:لِمَ تُفْتِي‌ عِبَادِي‌ بِمَا لَمْ تَعْلَمْ وَفِي‌ الاُمَّةِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ؟

 وإذا قصرت‌ أيدينا عن‌ الادلّة‌ الاجتهاديّة‌ ووصول‌ الدور إلی الاُصول‌، فمن‌ المعلوم‌ أنَّ الاصل‌ هنا هو الاشتغال‌، لانَّ الشكّ هو في‌ المكلّف‌ به‌ لا في‌ مقام‌ التكليف‌، والامر دائر بين‌ التخيير والتعيين‌، ومن‌ المسلّم‌ به‌ أنَّ العقل‌ حاكم‌: أنـّه‌ ما لم‌ يرفع‌ الإنسان‌ اليد عن‌ الإطلاق‌ يعمل‌ بالمورد المعيّن‌، فلا يحصل‌ له‌ قطع‌ بفراغ‌ الذمّة‌.

 وهكذا الحال‌ في‌ جميع‌ الموارد والمسائل‌ الشبيهة‌ بهذا المورد، فيستلزم‌ الاشتغال‌، ويسمّي‌: التعيين‌.

 ففي‌ باب‌ تقليد المجتهد، إذا دار الامر مثلاً بين‌ تقليد المجتهد الحي‌ّ وتقليد المجتهد الميّت‌ ابتداءً أو بقاءً ولم‌تجرِ الادلّة‌ الاجتهاديّة‌ ولاالاستصحاب‌، ويحصل‌ شكّ بين‌ التعيين‌ والتخيير، فبمقتضي‌ الاشتغال‌، يتعيّن‌ تقليد المجتهد الحي‌ّ.

 والامر كذلك‌ بين‌ الاعلم‌ وغير الاعلم‌، فإذا لم‌ نتمكَّن‌ من‌ تحصيل‌ الادلّة‌ الاجتهاديّة‌، ولم‌ يكن‌ هذان‌ الدليلان‌ كافيان‌ في‌ إثبات‌ لزوم‌ تقليد الاعلم‌، ووصل‌ الدور إلی الاصل‌، فالاصل‌ يحكم‌ بالاشتغال‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

الدرس‌ السادس‌ عشر:

 بحث‌ حول‌: فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ...

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

بمجرّد إطلاق‌ اللفظ‌ والظهور في‌ المعني‌، فله‌ الحجّيّة‌ في‌ المفاد

 من‌ الضروري‌ّ أن‌ نُذَكِّر ـ قبل‌ الدخول‌ بالبحث‌ـ بما يتعلّق‌ بالإطلاق‌ من‌ حيث‌ معناه‌ والاخذ به‌ باعتباره‌ فرعاً أُصوليّاً، لكي‌ تتّضح‌ هذه‌ المباحث‌ إلی حدّ ما ولا تسبّب‌ اختلاط‌ المسائل‌ بعضها ببعض‌، ولكي‌ تتّضح‌ أيضاً كيفيّة‌ استخدام‌الإطلاق‌ الصحيحة‌ في‌ الاحكام‌.

الإطلاق‌ اللفظي‌ّ، الذي‌ يكون‌ حجّة‌ في‌ قبال‌ بعض‌ الظواهر الاُخري‌: هو ذلك‌ الظهور الذي‌ يتحصّل‌ من‌ حاقّ اللفظ‌، وهذا الظهور له‌ حجّيّة‌، ويُبحَث‌ عنه‌ في‌ مبحث‌ حجّيّة‌ الظواهر.

 فإذا كان‌ اللفظ‌ مطلقاً، أي‌ لم‌ يكن‌ مقيّداً بأي‌ّ قيد، فله‌ ظهور في‌ الإطلاق‌، ويكون‌ ظهوره‌ حجّة‌، ولا نستطيع‌ أن‌ نرفع‌ اليد عنه‌ إلاّ بقرينة‌ تصرفنا عن‌ ذلك‌ الظهور إلی معني‌ آخر، سواء كان‌ ذلك‌ المعني‌ خلاف‌ المعني‌ الموضوع‌ له‌ كالمجازات‌، أم‌ كان‌ من‌ أفراد ذلك‌ المعني‌، وفي‌ النتيجة‌ فإنَّ رفع‌ اليد عن‌الإطلاق‌ يحتاج‌ إلی قرينة‌ صارفة‌ أو معيّنة‌.

 وما قاله‌ البعض‌ من‌ إنَّه‌ يجب‌ للاخذ بالإطلاق‌ أن‌ تكون‌ مقدّمات‌ الحكمة‌ جارية‌، والتي‌ منها عدم‌ وجود قدر متيقّن‌ في‌ مقام‌ التخاطب‌ أو بشكل‌ عامّ ( كما أفاد ذلك‌ المرحوم‌ صاحب‌ « الكفاية‌ » رحمة‌ الله‌ علیه) غيرتامّ، لانَّ مقدّمات‌ الحكمة‌ وإن‌ كانت‌ تجري‌ في‌الإطلاق‌، لكنَّ عدم‌وجود القدر المتيقّن‌ ( في‌ مقام‌ التخاطب‌ أو بشكل‌ عامّ ) ليس‌من‌ مقدّماتها، لانَّ العرف‌ يأخذ بالظهورات‌ في‌ كلّ موضوع‌ من‌ الموضوعات‌ وفي‌ المحاورات‌ والاحكام‌ ومجال‌ الفقه‌، بشكل‌ عامّ، من‌ دون‌ ملاحظة‌ أي‌ّ نوع‌ من‌ القدر المتيقّن‌ ( في‌ مقام‌ التخاطب‌ أو بشكل‌ عامّ ). وإذا أردنا أن‌ نأخذ بالقدر المتيقّن‌ فيلزم‌ من‌ ذلك‌ فقه‌ جديد.

 ليس‌ هناك‌ أيّة‌ مسألة‌ من‌ المسائل‌ الفقهيّة‌ أو العرفيّة‌ أو الاجتماعيّة‌ إلاّ وفيها قدر متيقّن‌. فإذا تقرّر أن‌ يرفع‌ الإنسان‌ اليد عن‌الإطلاق‌ والظهور بأخذه‌ بالقدر المتيقّن‌ فلا يُبنَي‌ حجر علی حجر. فلو قال‌ مولي‌ لعبده‌: أعْطِ زَيداً دِرهَماً، فامتنع‌ العبد، فسيقول‌ المولي‌: لِمَ امتنعت‌؟ فيقول‌ العبد: لانَّ القدر المتيقّن‌ من‌ كلامك‌ هو احتياجه‌، ولانـّي‌ لم‌ أرَهُ في‌ حاجة‌، فلم‌ أعطه‌! فهذا جوابٌ غير صحيح‌ أبداً، لانَّ المولي‌ سيقول‌ له‌: لقد أمرتك‌ بنحوالإطلاق‌ اللفظي‌ّ أعْطِهِ دِرْهَماً،ولم‌ أُخصّص‌ ذلك‌ بمورد الحاجة‌، فقد كان‌ لكلامي‌ إطلاق‌، وكان‌ يجب‌ علی ك‌ أن‌ تأخذ به‌ وتنفّذه‌؛ فَلِمَ لم‌ تعمل‌ به‌؟!

 نعم‌؛ في‌ تلك‌ الادلّة‌ غير المبيّنة‌ والتي‌ ليس‌ بإمكانها أن‌ تبيّن‌ لنا مقدار سعتها وضيقها مثل‌:: الادلّة‌ اللُّبِّيَّة‌ من‌ قبيل‌ الإجماع‌، فيلزم‌ فيها الاخذ بالقدر المتيقّن‌، لانَّ الإجماع‌ لا يبيّن‌ لنا مفاده‌ لفظاً، إذ ليس‌ له‌ ظهور لفظي‌ّ لكي‌ يكون‌ حجّة‌ لنا، فقد كان‌ له‌ قبلاً كاشفيّة‌ عن‌ قول‌ المعصوم‌ أو عن‌ دليل‌ متيقّن‌ لكنَّه‌ لم‌ يصل‌ إلينا، ومهما يكن‌ دليل‌ حجّيّته‌، فالنتيجة‌ هي‌ أنَّ الإجماع‌ كاشف‌ عن‌ واقع‌ غير مبيّن‌. ولذا ينبغي‌ أن‌ نأخذ هناك‌ بالقدر المتيقّن‌، لانـّه‌ لم‌ يصل‌ إلينا بالفعل‌ أكثر من‌ القدر المتيقّن‌، والمقدار الزائد مشكوك‌؛ فالحجّة‌ إذَن‌ في‌ ذلك‌ المقدار المتيقّن‌.

 أمَّا الادلّة‌ اللفظيّة‌ المبيّنة‌ والظاهرة‌ ـوالظهور حجّة‌ـ فينبغي‌ أن‌ نأخذ بها بمقدار ظهورها سواء كان‌ الظهور في‌ التقييد أم‌ في‌الإطلاق‌، وعلينا التمسّك‌ بحجّيّة‌ ذلك‌ المقدار من‌ الظهور.

 ومن‌ الموارد التي‌ ذكروها في‌ جواز الاخذ بالإطلاق‌ هي‌: أن‌ يكون‌الإطلاق‌ في‌ حال‌ لا يكون‌ احتمال‌ القرينة‌ فيه‌ علی التقييد، لانَّ المولي‌ إذا تكلّم‌ بنحو مطلق‌، وأراد منه‌ المقيّد، ولم‌ يأتِ بقرينة‌ علی التقييد، فقد أغري‌ الإنسان‌ بالجهل‌، أو ألقاه‌ في‌ خطر المفسدة‌.

 فإذا صدر أمر من‌ المولي‌، وكان‌ مراده‌ المطلق‌، وظاهر كلامه‌ كذلك‌ بحيث‌ نعلم‌ أنَّ مراده‌ المطلق‌، فعلينا الاخذ بالظاهر. أمّا إذا تكلّم‌ بكلام‌ مطلق‌ وأراد المقيّد، فلابدّ هنا من‌ الإتيان‌ بقرينة‌، وإلاّ كان‌ قد أغري‌ المكلّف‌ بالجهل‌، أو ألقاه‌ في‌ خطر المفسدة‌.

 وعليه‌، فإحدي‌ مقدّمات‌ الحكمة‌ عدم‌ احتمال‌ نصب‌ قرينة‌، لكي‌ لايصير ذلك‌ موجباً للإغراء بالجهل‌ والإلقاء في‌ المفسدة‌. ولذا قال‌ البعض‌ إنَّه‌ يجب‌ أن‌ نري‌ هل‌ المولي‌ نصب‌ قرينة‌ مقيّدة‌ أو صارفة‌ لاجل‌ صرف‌ الظهور أم‌ لا؟ ويجب‌ الصبر إلی مجي‌ء زمان‌ العمل‌، ومحلّ الامتثال‌، واستعمال‌ مفاد كلامه‌. وإن‌ لم‌ ينصب‌ قرينة‌، فالاخذ بالإطلاق‌ عند حلول‌ زمان‌ العمل‌.

 وهذا الاستدلال‌ غير تامّ، لانَّ القاعدة‌ المطّردة‌ بين‌ الموالي‌ والعبيد أنـَّهم‌ يأخذون‌ بالإطلاق‌، مِنْ دونِ انْتِظارِ مُدَّةٍ لِمَجي‌ءِ قَرينَةٍ عَلَی التَّقْييد. فعندما يطلق‌ لفظ‌ بين‌ الموالي‌ والعبيد في‌ المحاكمات‌ والمرافعات‌ والمحاورات‌، ويقع‌ حوار ما وينعقد ظهور للفظ‌ ما، فبمجرّد إطلاق‌ اللفظ‌ يحصل‌ ظهور لذلك‌ اللفظ‌ في‌الإطلاق‌ فيصير حجّة‌ ويعملون‌ بظهوره‌، ويعاقبون‌ بمجرّد التخلّف‌ أيضاً.

 فلا يستطيع‌ العبد أن‌ يقول‌: بما أنـّه‌ لم‌ تقم‌ قرينة‌ فيجب‌ الصبر لنري‌ هل‌ تأتي‌ قرينة‌ صارفة‌ ـولو بعد ساعة‌ـ في‌ الكلام‌ أم‌ لا؟ وإنَّما بمجرّد استعمال‌ اللفظ‌ في‌ معني‌ ما ( سواء كان‌ وضعيّاً أم‌ غير وضعي‌ّ) وبمجرّد أن‌ يتحقّق‌ له‌ ظهور في‌ المعني‌ المستعمل‌ فيه‌، فذلك‌ الظهور حجّة‌. إذَن‌، فمقدّمة‌ الإغراء بالجهل‌ أو الإلقاء في‌ المفسدة‌ ليست‌ خالية‌ من‌ السداد.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «معاني‌ الاخبار» ص‌ 374 و 375، طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌، سنة‌ 1379 ه.

[2] ـ «وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 3، ص‌ 385، باب‌ 11 من‌ أبواب‌ صفات‌ القاضي‌، طبعة‌ البهادري‌ّ.

[3] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 298، حديث‌ 26، الطبعة‌ الحجريّة‌.

 ونقل‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 197 عن‌ الحافظ‌ الكبير ابن‌ عقدة‌ عين‌ هذه‌ العبارة‌ أيضاً عن‌ الاءمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌ من‌ غير كلمة‌ «قَطُّ» وكلمة‌ «تركوه‌» مع‌ ضمير المفرد الغائب‌ بدلاً عن‌ كلمة‌ «تَرَكُوا». وكذلك‌ نقل‌ الشيخ‌ سليمان‌ القندوزي‌ّ في‌ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 482، الباب‌ 90 من‌ التفسير المنسوب‌ لائمّه‌ أهل‌ البيت‌ الطيّبين‌ عليهم‌ السلام‌، عن‌ الاءمام‌ جعفر الصادق‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ الاءمام‌ الحسن‌ عليهم‌ السلام‌ جميعاً.

[4] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 299، حديث‌ 27.

[5] ـ «كتاب‌ سُلَيم‌ بن‌ قيس‌ الهلالي‌ّ الكوفي‌ّ» ص‌ 147 و 148، طبعة‌ النجف‌.

[6] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 42 و 43، باب‌ كيفيّة‌ غصب‌ لُصوص‌ الخلافة‌ ï ïوأهل‌الجلافة‌، طبعة‌ الكمباني‌.

[7] ـ «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 42 و 43، باب‌ كيفيّة‌ غصب‌ لُصوص‌ الخلافة‌ وأهل‌ الجلافة‌، طبعة‌ الكمباني‌.

[8] ـ «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 1، ص‌ 198 إلي‌ 200، الفائدة‌ الثانية‌ عشر من‌ مقدّمة‌ الكتاب‌.

[9] ـ اسْتَنَدَ، استِناداً إلَيهِ: لَجَأَ إلَيهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيهِ.

[10] ـ فَزِعَ يَفْزَعُ، فَزْعاً إليه‌: لَجَأَ.

[11] ـ «الرجال‌» للبرقي‌ّ، ص‌ 64.

[12] ـ كتاب‌ «النقض‌» المعروف‌ بـ «بعض‌ مثالب‌ النواصب‌ في‌ نقض‌ بعض‌ فضائح‌ الروافض‌» ص‌ 659.

[13] ـ «الاحتجاج‌» ج‌ 1، ص‌ 100، طبعة‌ النجف‌.

[14] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 9، حديث‌ 41 عن‌ الخاصّة‌. وقد وردت‌ هذه‌ الرواية‌ عن‌ الاءمام‌ موسي‌بن‌ جعفر عليه‌ السلام‌ ضمن‌ حديث‌ طويل‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، وقد أوردناه‌ في‌ «امام‌ شناسي‌» (= معرفة‌ الاءمام‌) ج‌ 13، ص‌ 269 ضمن‌ الدرس‌ 191 إلي‌ 195 (رقم‌ 2 ) من‌ دورة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الاءسلاميّة‌.

[15] ـ «بحار الانوار» ج‌ 12، ص‌ 124، طبعة‌ الكمباني‌ عن‌ «عيون‌ المعجزات‌»: لَمَّا قُبِضَ الرِّضا عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ سِنُّ أبي‌ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلامُ نَحْوَ سَبْعِ سِنينَ، فَاخْتُلِفَتِ الكَلِمَةُ مِنَ النَّاسِ بِبَغْدادٍ وَفي‌ الاَمْصَارِ، الرواية‌ (وكانَتْ طويلةً في‌ الجُملة‌).

[16] ـ «بحار الانوار» ج‌ 12، ص‌ 120، طبعة‌ الكمباني‌.

[17] ـ «الاختصاص‌» ص‌ 102، تحت‌ عنوان‌: حديث‌ محمّد بن‌ علي‌ّ بن‌ موسي‌ الرضا عليهم‌ السلام‌ وعمّه‌ عبد الله‌ بن‌ موسي‌، طبعة‌ مكتبة‌ الصدوق‌، سنة‌ 1379.

[18] ـ «بحار الانوار» ج‌ 12، ص‌ 121، طبعة‌ الكمباني‌.

[19] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 2، ص‌ 429، الطبعة‌ الحجريّة‌، عن‌ «الجلاء والشفاء» في‌ خبر: أنـّه‌ لمّا مضي‌ الرضا جاء محمّد بن‌ جمهور العمِّي‌ّ والحسن‌بن‌ راشد وعلي‌ّبن‌ مُدرك‌ وعلي‌ّ بن‌ مهزيار...

[20] ـ صدر الآية‌ 68، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌؛ وتتمّة‌ الآية‌ هو: وَاللَهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.

[21] ـ «نهج‌ البلاغة‌» الحكمة‌ 96 من‌ باب‌ الحِكَم‌؛ وفي‌ طبعة‌ مصر مع‌ تعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 2، ص‌ 157 و 158؛ و تتمّة‌ الحكمة‌: (ثُمَّ قَالَ) إنَّ وَلِي‌َّ مُحَمَّدٍ مَنْ أَطَاعَ اللَهَ وَإنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ؛ وَإنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ مَنْ عَصَي‌ اللَهَ وَإنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com