الصفحة السابقة
وجدير بالذكر أنّ الاشعار العرفانيّة والحقائق العِلويّة للحكيم الاديب والفيلسوف النادر الوجود المرحوم الحاجّ الملاّ هادي السبزواري‌ّ رفع الله مرتبته غير مقتصرة علی قالب الغزل ، بل كان ينظم أيضاً الترجيعات والشعر المثنوي‌ّ والمقطّعات والرباعيّات والخمريّات والتي تحوي كلٌّ منها أسراراً ولطائف جمّة ؛ وخصوصاً قصيدته الخمريّة التي صبّ فيها جام أحاسيسه ، إذ أعطي الموضوع حقّه مستخدماً من الكنايات وتشبيهات المعقول بالمحسوس أعلاها مرتبة ، علی غرار القصيدة الخمريّة لِرَضِي‌ِّ الدِّينِ الا´رْتِيمَانِي‌ِّ [1] ـ في سلاسة الفكرة وعذوبة الذوق في اختيار قوالب العبارات البديعة وسبكها حتّي ليتوجّب علینا اعتبارها كرامة من كراماته .
قصيدة «ساقي نامه» المشبعة بذكر خمر الفناء ، للمرحوم السبزواري‌ّ
فمثلاً يقول في قصيدته المفعمة بالحيويّة والإلهام :
دگر بارم افتاد شوري به سر به جانم شده آتشي شعله‌ور
كه دستارِ تقوي ز سر افكنم ز پا كُندة نام را بشكنم
ملولم از اين خرقه وطَيْلسان كه بتهاست در آستينم نهان
تو بنماي آن چهرة آتشين كه آتش فتد در بت وآستين
چه آتش كه از خود ستاند مرا نه ز اغيار تنها رهاند مرا
ز وحدت دلا تا كي اندر شكي يكي گو ، يكي دان ، يكي بين ، يكي
بيا ساقيا دَر دِه آن راحِ روح كه يابم ز فيضش هزاران فتوح [2]
صباح است ساقي صبوحي بيار مِئي كاو نخواهد صراحي بيار
بلي كِيْ صراحي بود رازْ دار به بزمي كه نبود خودي را شمار
نخستين كه كردند تخميرِ طين گل ما نمودند با مي عجين
نديمان وصيّت كنم بشنويد كه عمر گرامي به آخر رسيد
چو اين رشتة عمر بگسسته شد به آغازْ انجام پيوسته شد
بشد مُلْك تن بي سپهدار جان به يغما ربودند نقد روان
خدا را دهيدم به مي شست وشوي بپاشيد سِدرم از آن خاكِ كوي [3]
بجوييد خشتم ز بهر لَحَد ز خشتي كه بر تارُك خُم بود
بسازيد تابوتم از چوب تاك كنيدم مِيْ آلوده در زير خاك
چو از برگ رَز نيز كَفْنم كنيد به پاي خم باده دفنم كنيد
بكوشيد كاندر دَم احتضار همين بر زبانم بود نام يار
نه شمعم جز آن مَه به بالين نهيد نه حرفم جز از عشق تلقين دهيد
ز مرد وزن اندر شب وحشتم نيايد كسي بر سر تربتم
بجز مطرب آيد زند چنگ را مغنيّ كشد سرخوش آهنگ را [4]
به خونم نگاريد لوح مزار كه هست اين شهيد ره عشق يار
چهل تن ز رندان پيمانه زن شهادت كنند اينچنين بر كفن
كه اين را به خاك درش نسبت است ز دُردي كشانِ ميِ وحدت است
كه مي‌ساختي شيخ سجّاده كِش به يك دم زدن ، عاشق باده كش
ز نظّاره گرديِّ اهل كِنشت همه پارسايانِ تقوي سرشت
نبودي بجز عاشقي دين او جز اين شيوة پاكْ آئين او [5]
همه كيش او خدمت مي‌فروش ز جان حلقة بندگيّش به گوش [6]
الهي به خاصان درگاه تو به سرها كه شد خاك در راه تو
به افتادگانِ سر كوي تو به حسرت كشان بلا جوي تو
به درد دل دردمندان تو به سوز دل مستمندان تو
به حقِّ سبوكش به ميخوارگان كه هستند از خويش آوارگان
به پير مغان ومي وميكده به رندان مست صبوحي زده
كه فرمان دهي چون قضا را كه هان ز أسرار نقدِ روانش ستان [7]
نخستين ز آلايشش پاك كن پس آنگاه منزلگهش خاك كن [8]
ابتلإ القائلين بأصالة الماهيّة من الحشويّة بالثنوية في الباطن
كلّ الناس ، سوي العارفين ، يرون الله رؤية مزدوجة
لا جَرَم أنّ الثنويّة وكلّ السائرين علی هديها ، سواء أكانوا حشويّين من الإخباريّين كالشيخيّة والميرزائيّة والقشريّين المنكبّين علی الظواهر والمتشبّثين بها ، أم كلّ مَن يعتقد بالاصل والاصالة للماهيّة في مقابل الوجود ، وسواء أقرّوا بوحدانيّة الحقّ سبحانه وتعالي لفظاً أم بغير لفظ ؛ فهم جميعاً مصابون بعقيدة الثنويّة والازدواجيّة بصورة عمليّة في الإسلام سواء في العمل أم في حقيقة العقيدة التي يحملونها . وهؤلاء يرون الله بأعين حولاء ونظرة مزدوجة وهم مطاردون من قِبَل الا´يات والروايات وبشدّة ، خلافاً لاهل التوحيد ، بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ ، الذين يؤمنون عمليّاً بأنّ الله هو المؤثّر في جميع عالَم الوجود ، ولا يقرّون لغيره بالاستقلال والاصالة علی الإطلاق ؛ الذين بلغوا واقع معني كلمة لاَ إلَهَ إلاَّ اللَه فاستقرّت حقيقةُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ و لاَ هُوَ إلاَّ هُو ومفادها في لبّ روحهم وفؤادهم .
ولتوضيح هذا الامر نكتفي بذكر برهان واستدلال الحكيم المعروف الحاجّ الملاّ هادي السبزواري‌ّ قدّس الله تربته كدليل عقلي‌ّ فقط :
يقول السبزواري‌ّ في الفصل الموسوم بـ « غُرَرٌ في أصالةِ الوجود » ما نصّه :
«اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ زَوْجٌ تَرْكِيبِي‌ٌّ لَهُ مَاهِيَّةٌ وَوُجُودٌ . وَالمَاهِيَّةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الكُلِّي‌ُّ الطَّبِيعِي‌ُّ ، مَا يُقَالُ فِي جَوَابِ مَا هُوَ . وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الحُكَمَاءِ بِأَصَالَتِهِمَا مَعاً .
إذْ لَوْ كَانَا أَصِيلَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَي‌ءٍ شَيْئَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ ، وَلَزِمَ التَّرْكِيبُ الحَقِيقِي‌ُّ فِي الصَّادِرِ الاَوَّلِ ، وَلَزِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ الوُجُودُ نَفْسَ تَحَقُّقِ المَاهِيَّةِ وَكَوْنِهَا ؛ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّوَالِي الفَاسِدَةِ.»
ثمّ قال في تعلیقته :
« ويلزم وجود شيئين متباينين لاي‌ّ شي‌ء ، وذلك من جهة أ نّه لمّا كان علینا مثلاً أن ندعو البياض والعاج شيئين متباينين ـ إذ إنّ أحدهما ينتمي إلي مقولة « كيف » والا´خر إلي مقولة « الجوهر » مع وجود أصل بينهما بحسب الوجود ؛ فكيف لا يتحقّق إذاً التباين بين « الماهيّة » والتي هي من أصل عدم الإباء من الوجود والعدم ، وبين « الوجود » الذي هو من أصل الإباء من العدم ؟» .
وقال موضّحاً معني ولم يقل أحد من الحكماء بأصالتهما معاً : « وممّن نعاصرهم ، من الذين لايستندون إلي قواعد الحكمة ، مَن يقول بأصالتهما ( أي أصالة الوجود والماهيّة ) ؛ فهو يقول في بعض مؤلَّفاته :
إنَّ الوُجُودَ مَصْدَرُ الحَسَنَةِ وَالخَيْرِ ، وَالمَاهِيَّةُ مَصْدَرُ السَّيِّئَةِ وَالشَّرِّ ؛ وَهَذِهِ الصَّوَادِرُ أُمُورٌ أَصِيلَةٌ ؛ فَمَصْدَرُهَا أَوْلَي بِالاَصَالَةِ .
وهنا يقول المرحوم الحاجّ : « وأنت تعلم أنّ الشرور إنّما هي عبارة عن إعدام المَلَكة ؛ وعلّة العدم هي العدم ؛ فأنّي للماهيّة الاعتباريّة أن تكون كافية لتحقّق ذلك ؟!» .
وفي شرح لزم أن لا يكون الوجود نفس تحقّق الماهيّة قال : « وذلك من جهة أ نّه في هذه الصورة لزم أن يكون ما أُشرِبَت معه الماهيّة وأُشبِعَت وتغذّت فيه كون وتحقّق الماهيّة نفسها لا الوجود ؛ وأن يكون للوجود كونٌ وتحقّقٌ خاصّ به » .
وفي بيانه لعبارة وغير ذلك من التوالي الفاسدة ، يقول : « مثل عدم انعقاد الحمل بين ذانك الشيئين ، وكمثل لزوم ثَنويّةٍ خارجيّة واقعيّة . ففي هذه الصورة يكون الوجود الحقيقي‌ّ نوراً والماهيّة ظُلمة ، والحال وجوب كونهما معاً موجودينِ أصيلين » .[9]
مراد السبزواري‌ّ من القائل بأصالة الوجود والماهيّة : الشيخ الاحسائي‌ّ
وعموماً يجب أن نعلم أنّ : مراد الحكيم السبزواري‌ّ قدّس الله سرّه من قوله « وممّن نعاصرهم من الذين لايستندون إلي قواعد الحكمة » ممّن يقول بأصالة الوجود والماهيّة ، هو الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ؛ ولا شكّ في هذه النسبة بين العلماء والحكماء بُعَيدَ عصر الحكيم السبزواري‌ّ .
وممّا ذكره جناب السيّد مرتضي المدرّسي‌ّ الجهاردهي‌ّ في شرح حال الشـيخ الاحسـائي‌ّ والذي قام بتصـحيحه السـيّد عبّاس إقبال الا´شـتياني‌ّ [10] ما يلي :
الاحسائي‌ّ سبّب ظهور مذاهب البدعة لعدم حيازته علوم المعقول
«8 ـ مذهب الشيخ وأتباعه :
كتب الحكيم المعروف المرحوم الحاجّ الملاّ السبزواري‌ّ حاشية في شرح منظومته في بحث أصالة الوجود ، تيقّن من خلالها جميع أساتذة العلم والحكمة أنّ المحقّق السبزواري‌ّ إنّما عني بكلامه ذاك الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ . وننقل هنا الحاشية التي كُتبتْ علی المنظومة :
« لم يكن أحد من الحكماء يعتقد بأصالة الوجود أو أصالة الماهيّة إلاّ واحداً من المعاصرين القائل بهذا المبدأ غاضّاً النظر عن القواعد الفلسفيّة ، وقد قال في بعض مؤلّفاته :
إنّ الوجود مصدر الحسنة والخير ، والماهيّة مصدر السيئة والشرّ ؛ وهذ الصوادر أُمور أصيلة ؛ فمصدرها أولي بالاصالة .
وبديهي‌ّ أ نّكم تعلمون أنّ الشرّ عدم الملكة ؛ وعلّة العدم هي العدم وكيف أ نّه يولّد الماهيّة الاعتباريّة .
اعلم أنّ كلّ ممكن زوج تركيبي‌ّ له ماهيّة ووجود . والماهيّة التي يقال لها الكلّي‌ّ الطبيعي‌ّ ، ما يقال في جواب ما هو .
ولم يقل أحد من الحكماء بأصالتهما معاً . إذ لو كانا أصيلين لَزِم أن يكون كلّ شي‌ء شيئين متباينين » [11] .
وقد كتب الحاجّ الملاّ نصر الله الدزفولي‌ّ أحد العلماء المشهورين في عهد ناصر الدين شاه والذي قام بترجمة كتاب « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ، إلي الفارسيّة امتثالاً لامر الشاه المذكور ، فخرج في ستّة أجزاء ، الشرح المذكور في آخر ترجمة الجزء السادس ، والذي يخصّ موضوع الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ومذهب الشيخيّة ، بعبارات كأ نّها ترجمة حرفيّة من العربيّة إلي الفارسيّة وهي بعيدة كلّ البعد عن الاُصول اللغويّة وقواعد الفارسيّة :
« وعلینا أن نعلم في الجملة أنّ هناك مناقشات ومخالفات حصلت كذلك بين أصحاب مذهب الإماميّة وخاصّة بين علمائهم المتأخّرين . والسبب في حدوث ذلك يرجع إلي التشبّث بمتشابه الاخبار الواردة في كتب الاخبار ، وتأويل القرآن استناداً إلي الاخبار غير الموثوقة ، فيما يتعلّق بأئمّتهم وبالجملة الغلوّ في شأنهم . ممّا نتج عن ذلك نشوء المذهب الذي يسمّونه بـ ( مذهب الشيخيّة ) الذي أسّسه الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ، وكلّ تلك المصطلحات المستخدمة إنّما هي منه .
ومن هنا ارتفعت أهداف الشيخ بذلك المسلك وسمت به ، حتّي صار ذلك المذهب يُنسب إليه . وكان يقال له مذهب السيّد الكاظمي‌ّ . وكان من بين تلامذته جهلة وأُمّيّون ، وطلاّب شهرة ومجد ، وقد ادّعوا ما لم يدّعيه الشيخ أحمد أو السيّد الكاظمي‌ّ ، ومنهم برزت الاسماء المختلفة كالركن الرابع والباب وقرّة العين الواصحة الاهداف والمضامين .
يعتبر العلماء هذه المفاسد من جملة مقدّمات ظهور المهدي‌ّ وقائم آل محمّد صلّي الله علیه وآله وسلّم » .
وكتب الملاّ محمّد إسماعيل بن سميع الإصفهاني‌ّ أحد الحكماء المعاصرين للشيخ الاحسائي‌ّ شرحاً علی «الرسالة العرشيّة» ، للملاّ صدرا الشيرازي‌ّ والذي طبع القسم الاوّل منه في نهاية كتاب « أسرار الا´يات » للملاّ صدرا في طهران .
وقد أورد الإصفهاني‌ّ في هذا الشرح بعض الانتقادات علی شرح عرشيّة الشيخ الاحسائي‌ّ وأجاب علی اعتراضاته بأُسلوب فلسفي‌ّ حكيم .
ونورد هنا مقدّمة الملاّ محمّد إسماعيل :
« قام الفاضل النبيل البارع الشامخ شيخ المشايخ الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي‌ّ حفظه الله من جميع البلايا ورعاه بكتابة شرح علی عرشيّة الملاّ صدرا ملي‌ء بالمثالب والتجريح ؛ وذلك بسبب جهله مراد المصنّف من الالفاظ والعبارات ، وعدم اطّلاعه علی الاصطلاحات .
فكتاب « الرسـالة العرشـيّة » سـفر عظيم ... وقد طلب منّي بعض الاصدقاء أن أكتب شرحاً علیه وأرفع عنه بعض الحُجُب. » [12] ...
وقد أطنب مؤلّف « روضات الجنّات » في مدح الشيخ أحمد عند شرحه لاحواله ؛ وكتب في نهاية ذلك الشرح شرحاً آخر قيّم جدّاً مع إيجازه عن حال الشيخ رجب البُرسي‌ّ ، في باب ظهور السيّد علی محمّد باب ؛ وبحث فيه تأريخ ظهور الاوهـام والخـرافات في مذهب الشـيعة الاثني عشريّة ، وينسب ذلك البحث إلي الشيخ أحمد ، وحول « مشرب الشيخيّة » كتب يقول :
« ظهر أتباع هذه الجماعة ، الذين اتّخذوا التأويل تجارة وحرفة لهم ، مؤخّراً ، والحقّ أ نّهم ذهبوا في غلوّهم إلي أبعد ممّا ذهب إليه الغلاة ... وهم يُدعون بالشيخيّة وبـ «پشتِ سريّة» وهي كلمة فارسيّة منسوبة إلي الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي‌ّ .
وسبب ذلك أنّ هذه الفئة تقيم صلاة الجماعة في القسم الجنوبي‌ّ من الحرم الحسيني‌ّ ، علی العكس من مخالفيهم أي فقهاء تلك البقعة المباركة الذين يصلّون في الناحية الشماليّة من الحرم الشريف والذين اشتهروا بـ «بالا سريّة» .
ومثل هذه الطائفة كمثل النصاري المغالين في عيسي القائلين بالتثليث .
ويعتبر أتباع مذهب الشيخيّة أنفسهم نوّاب الحجّة عجّل الله تعالي فرجه والباب إليه » [13] .
وكتب المرحوم إدْوارْد براوْن في مقدّمة « نقطة الكاف » حول الشيخيّة وأُصولهم العقائديّة يقول :
«الغلاة فرق عديدة وهم يختلفون مع بعضهم في الجزئيّات إلاّ أ نّهم لا يخرجون بمعتقداتهم تلك عن إطار العقائد الاربع : التناسخ والتشبيه أو الحلول والرجعة والبداء حسبما ذكره محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني‌ّ في « الملل والنحل » .
ويعتبر الشيخيّة ، أتباع الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ، في عداد المعتقدين بالبداء .
وكان الميرزا علی محمّد الباب ومنافسه الحاجّ محمّد كريم خان الكرماني‌ّ والذي لم تزل رئاسة الشيخيّة في عَقِبه كلاهما من هذه الفرقة ، أي الشيخيّة .
ولهذا فإذا ابتغينا استقصاء أُصول الطريقة البابيّة وجذورها توجّب علینا بحثها في معتقدات الشيخيّة وطريقتهم .
الشيخيّة يعتقدون بالركن الرابع
وتتلخّص أُصول الشيخيّة وعقائدهم بما يلي :
1 ـ الاعتقاد بأنّ علیاً والائمّة الاحد عشر من ولده هم مظاهر إلهيّة تمتلك نعوتاً وصفاتاً إلهيّة كذلك .
2 ـ لمّا كان الإمام الثاني عشـر قد غاب عـن الانظار سـنة 260 ه ولن يظهر إلاّ في آخر الزمان ليملا الارض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً ، ولمّا كان المؤمنون يحتاجون دوماً إلي هدايته وإرشاده ، ولمّا كان علی الله سبحانه وتعالي أن يقضي حوائج الناس وذلك بمقتضي رحمته الكاملة وأن يجعل من الإمام الغائب قريباً منهم ؛ بناءً علی هذه المقدّمات توجّب أن يكون هناك مَن يقوم بدور الوساطة بين المؤمنين وبين الإمام الغائب .
ويسمّون هذا الوسيط « بالشيعي‌ّ الكامل » .
3 ـ عدم اعتقادهم بالمعاد الجسماني‌ّ ؛ فهم يقولون بأ نّه لا شي‌ء يبقي من عناصر بدن الإنسان بعد انحلاله إلاّ جسم لطيف يسمّونه بـ « الجسم الهور قليائي‌ّ » أو النجمي‌ّ .
وعلی هذا فإنّ الشيخيّة يؤمنون بأربعة أركان فقط من أركان الدين ، وهذه الاركان هي :
1 ـ التوحيد ، 2 ـ النبوّة ، 3 ـ الإمامة ، 4 ـ الإيمان بالشيعي‌ّ الكامل ؛ في حين أنّ المتشرّعة أو البالا سريّة « أي الشيعة العاديّون » يؤمنون بالاُصول الخمسة وهي :
1 ـ التوحيد ، 2 ـ العدل ، 3 ـ النبوّة ، 4 ـ الإمامة ، 5 ـ المعاد .
ويعترض الشيخيّة علی الاصلين الثاني والخامس بقولهم : إنّهما باطلان ولا حاجة إليهما ؛ لانّ الإيمان بالله ورسوله يستلزم بالضرورة الإيمان بالقرآن مع كلّ ما يحويه من الصفات الثبوتيّة والسلبيّة للّه عزّ وجلّ والإقرار بالمعاد وغير ذلك . وإذا تقرّر أن يكون العدل ، الذي هو من الصفات الثبوتيّة للّه تعالي ، أحد أُصول الدين ، فلماذا لا تكون الصفات الثبوتيّة الاُخري مثل العلم والقدرة والحكمة وغيرها من أُصول الدين ؟ [14]
والشيخيّة أنفسهم قد أضافوا ، في المقابل ، أصل آخر علی أُصول الدين في باب الاعتقاد بالشيعي‌ّ الكامل ، والذي هو الواسطة الدائميّة لفيض الإمام علی الاُمّة ، هذا الاصل أطلقوا علیه بـ « الركن الرابع » ؛ ولا شكّ أنّ الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ومن بعده الحاجّ السيّد كاظم الرشتي‌ّ كانا يُعتبران في نظر الشيخيّة مثال الشيعي‌ّ الكامل وواسطة الفيض تلك .
بعد وفاة الحاجّ السيّد كاظم الرشتي‌ّ في عام 1259 ، لم يكن يُعرف بعد من سيخلفه من بعده ، أي ذلك الشيعي‌ّ الكامل ، ولم يمرّ وقت طويل حتّي خرج مدّعيان لهذا المنصب ؛ الاوّل ، وهو الحاجّ محمّد كريم خان الكرماني‌ّ والذي أصبح فيما بعد الزعيم الاوحد للمتأخّرين من الشيخيّة ، والثاني ، الميرزا علی محمّد باب الشيرازي‌ّ الذي لَقَّبَ نفسه بـ « الباب » .
وكان المعني المقصود من هذه الكلمة هو بالضبط نفس المعني الذي أُريد به من كلمة « الشيعي‌ّ الكامل » ... .
بالرجوع إلي مؤلّفات الشيخ المرحوم الاحسائي‌ّ يتأكّد لنا بأ نّه كان يحمل مذاقاً أخباريّاً ولكن كان يحمل تلك الاخبار والاحاديث علی مشربه الفلسفي‌ّ ويشرحها وفق هذا المسلك ، وكان يعارض العرفان والعرفاء والفلسفة الإشراقيّة والمشّائيّة ، وخير دليل علی صحّة هذا القول كتابه الموسوم بـ « شرح الفوائد » ؛ حيث يحوي علی مصطلحات وشروحات خاصّة ، والذي يُظهر مذهبه الخاصّ به في الفلسفة في إزاء سائر الفلاسفة والعرفاء ، ممّا كان السبب في تعرّضه للانتقاد من قبل حكماء عصره » [15] .
نعم ، إنّ أصل الإشكال لدي القائلين بـ « أصالة الوجود والماهيّة » هو الشرك في مبدأ الله تعالي كما هو الحال مع المجوس والزرادشتيّين القائلين بوجود مبدأين أصليّين هما النور والظلمة ، وإنّ صوادر العالم نابعة من هذين المبدأين . ومضافاً إلي كون هذا القول مغلوطاً بالبرهان الاكيد فإنّه يتناقض ومسألتي التوحيد ووحدة الحقّ تعالي ، وقد وقع الشيخ الاحسائي‌ّ كما وقع المجوس ، في هذا الفخّ وسقط في هذه التهلكة كما سقطوا .
وعلی هذا يتوجّب العدول عن هذه العقيدة بلا أدني تردّد وأن نري لاي‌ّ منهما ترجع الاصالة في عالم الوجود ؟ أللوجود أم للماهيّة ؟ قال الحكيم السبزواري‌ّ قدّس سرّه :
إنَّ الوُجُـودَ عِنْدَنَا أَصِـيلُ دَلِيلُ مَـنْ خَـالَفَـنَـا علیلُ
ارجاعات
[1] مقتطف من قصيدة «ساقي نامه» التوحيديّة لرضي الدين الآرتيماني‌ّ (ت)
ـ تُعتَبر خمريّة الآرتيماني‌ّ (والذي كان معاصراً للشاه عبّاس الصوفي‌ّ) من أرقي القصائد المكتوبة في العرفان ووحدة الوجود ، فقد احتوت القصيدة المذكورة من الإشارات والكنايات والدقائق والحقائق ما استحقّت بها أن تكون جديرة بالتأمّل والتدبُّر . وتتأ لّف تلك القصيدة بمجموعها من مائة واثنين وعشرين بيتاً ننقل هنا بعضاً منها :
الهي به مستان ميخانه‌ات به عقل آفرينان ديوانه‌ات
الهي به آنانكه در تو گُمند نهان از دل وديدة مردمند
به درياكش لُجّة كبريا كه آمد به شأنش فرود إنّما
به دُرّي كه عرش است او را صدف به ساقيّ كوثر ، به شاه نجف
به نور دل صبح خيزان عشق ز شادي به اندُه گريزان عشق
به آن دل پرستان بي پا وسر به شادي فروشان بي شور وشر
به رندان سر مست آگاه دل كه هرگز نرفتند جز راه دل
به مستان افتاده در پاي خُم به مخمور با مرگ در اشتُلم
به شام غريبان به جام صبوح كز ايشانْست شام سحر را فتوح
كز آن خوبرو چشم بد دور باد غلط دور گفتم كه خود كور باد
كه خاكم گِل از آب انگور كن سراپاي من آتش طور كن
خدا را به جان خراباتيان كزين تهمتِ هستيم وارهان
به ميخانة وحدتم راه ده دل زنده وجان آگاه ده
كه از كثرت خلق تنگ آمدم به هر سو شدم سر به سنگ آمدم
مِئي ده كه چون ريزيش در سبو برآرد سبو از دل آواز هو
از آن مي كه در دل چو منزل كند بدن را فروزان‌تر از دل كند
از آن مي كه چون عكسش افتد به باغ كند غنچه را گوهر شب چراغ
از آن مي كه چون عكس بر لب زند لب شيشه تبخاله از تب زند
از آن مي كه گر شب ببيند به خواب به شب سر زند از دلِ آفتاب
از آن مي كه گر عكسش افتد به جان تواند در آن ديد حق را عيان
از آن مي كه چون ريزيش در سبو همه «قُل هو الله» آيد از او
از آن مي كه در خم چو گيرد قرار برآرد ز خود آتشي چون چنار
مئي صاف ز الودگيِّ بشر مبدّل به خير اندر او جمله شر
مئي معني افروز وصورت گداز مئي گشته معجون راز ونياز
مئي از منيّ وتوئي گشته پاك شود خون فتد قطره‌اي گر به خاك
به يك قطره آبم ز سر در گذشت به يك آه بيمار ما درگذشت
چشي گر از آن باده كوكو زني شدي چون از ا´ن مست هوهو زني
دماغم ز ميخانه بوئي شنيد حذر كن كه ديوانه هوئي شنيد
بگيريد زنجيرم اي دوستان كه پيلم كند ياد هندوستان
دماغم پريشان شد از بوي مي فرو نايدم سر به كاوس وكي
پريشان دماغيم ساقي كجاست شراب ز شب مانده باقي كجاست
بزن هر قدر خواهيم پا به سر سر مست از پا ندارد خبر
. . . . . . .
يقول : «إلهي ! أُقسم عليك بسكاري حانتك ، وبعقلائك المجانين .
وبأُولئك الذائبين فيك ، المحجوبين عن قلوب الناس وأبصارهم .
وبالهائم في لجج كبريائك الذي نزلت فيه «إنّما» .
بالدرّ الذي صار العرش صدفةً له ، وبساقي الكوثر وسلطان النجف .
وبأنوار يبكّرون للحبّ في الاسحار ، الذين يهربون من الفرح إلي حزن العشق .
وبالعشّاق الحياري ، وببائعي الفرح دون تكلّف أو منّة .
بالسكاري الماضين في طريقهم بيقين الذين لم يسيروا إلاّ في طريق القلب .
بالسكاري الساقطين عند دنّ الخمر ، وبالنشوان الذي قهر الموت .
وليلة الغُربة وكأس الصبوح ، والذي به سينقضي ذلك الليل ويأتي الفتح .
(أُحلّفك إلهي) أن تُبعد عن ذلك المحيّا الجميل كلّ حاسد ، بل أن تفقأ عين الحاسد وتُعميها تماماً .
وأن تمزج ثراي بعصير العنب ، واجعل من وجودي ناراً للطور .
إلهي ! أسألك بحقّ الفانين فيك ، أن تُخلّصني وتُنجيني من تهمة وجودي .
اهدني إلي حانة وحدتي ، وامنحني قلباً حيّاً وروحاً يقظة .
إذ سئمتُ من كثرة الخلق ، وأينما توجّهتُ ، اصطدمت بحجر .
اسقني خمرةً إذا ما صُبّت في الكأس ، صاح الكأس من الاعماق ، «يا هو» .
وإذا استقرّت تلك الخمرة في القلب ، توهّج البدن أكثر من القلب .
خمرة إذا ما سقطت صورتها علي البستان ، أحالت البرعم إلي درّاً يضي‌ء في الليل .
وإذا انعكست صورتها علي الشفاه ، أحرقت حافّة الكأس من الحمّي .
خمرةً إذا ما حلُمَ الليل بها ، سطعت عليه شمس من القلب .
خمرةً إذا ما سقطت صورتها علي الروح ، استطاعت من خلالها رؤية الله جهرةً .
خمرةً إذا ما صُبّت في الكأس ، سمعتَ نداء «قل هو الله أحد» من كلّ جوانبها .
خمرةً إذا ما استقرّت في قعر الدنّ ، خرجت منه نار كنار احتراق شجرة الصنوبر .
خمرةً طاهرة من دَنس البشر ، بها تتحوّل الشرور إلي خير مطلق .
خمرةً تُثير المعاني ويحمرّ لها وجهي ، خمرةً أضحتْ ممزوجة بالاسرار والادعية .
خمرةً منزّهة من الـ (أنا) والـ (أنت) ، وتتحوّل إلي دم إذا ما سقطتْ منها قطرة علي التراب .
خمرةً إذا ارتشفتُ منها قطرة استسلم لها رأسي ، وتُميت صَبّنا بقول الآه مرّة واحدة .
خمرةً إذا ما تجرّعتَ شيئاً منها صحتَ (أين أين) ، وإذا ما سكرتَ بعد ذلك صحتَ (هو هو) .
لقد شمّ أنفي رائحة من الحانة ، احذرْ فإنّ المجنون قد سمع صرخةً ما .
امسكوا بسلاسلي وقيودي أيّها الرفاق ، فإنّ هوي الهند قد يُحيلني إلي فيل .
لقد تهيّج أنفي من رائحة الخمر ، ولن أُطأطي رأسي لا لـ «كاوس» ولا لـ «كيكاوس» .
لقد تهيّجتْ أُنوفنا فأين ثمالة كأس البارحة ، أيّها الساقي ! أين هو ؟
ارقصْ وامرحْ ما شئنا ذلك ، فإنّ الرأس المخمور لا يعي شيئاً».
. . . . . . .
مئي را كه باشد در او اين صفت نباشد بغير از مي معرفت
تو در حلقة مي پرستان درآ كه چيزي نبيني بغير از خدا
كني خاك ميخانه گر توتيا ببيني خدا را به چشم خدا
به ميخانه آ وصفا را ببين ببين خويش را وخدا را ببين
. . . . . . .
يقول : «إنّ خمرةً تحوي هذه الصفة والميزة ، ليست إلاّ خمرة المعرفة .
انضمّ (أنت) إلي زمرة عشّاق الخمرة ، فإنّك لن تري شيئاً غير الله .
إذا ما جعلتَ ثَري الحانة كُحلاً لك ، فإنّك ستري الله بعين الله .
هلمّ إلي الحانة وتمتّع بالصفاء ، انظرْ إلي نفسك وإلي الله» .
. . . . . . .
بيا تا به ساقي كنيم اتّفاق درونها مصفّي كنيم از نفاق
چو مستان به هم مهرباني كنيم دمي بي ريا زندگاني كنيم
بگيريم يك دم چو باران به هم كه اينك فتاديم ياران به هم
مغنّي سحر شد خروشي برآر ز خامانِ افسرده جوشي برآر
كه افسردة صحبت زاهدم خراب مي وساغر وشاهدم
بيا تا سري در سر خم كنيم من وتو ، تو ومن همه گم كنيم
سرم در سر مي پرستانِ مست كه جز مي فراموششان هر چه هست
. . . . . . .
يقول : «هلمَّ حتّي نعقد اتّفاقاً ونُقسم بالساقي ، علي تنقية داخلنا من النفاق . ونرأف علي بعضنا مثل السكاري ، ونعيش لحظةً دون رثاء .
فلنتّحد كقطرات المطر المنهمر ، ويلتزم بعضنا البعض كالاحبّة .
أيّها المطرب ! أنشِد لنا شيئاً فقد بانَ السَّحَر ، وأدخِلْ إلي قلوب السكاري المكتئبين ثورةً .
إنّني منزعج من حديثي مع الزهّاد المرائين ، في حين أ نّني هائم في الخمرة والكأس والمحبوب .
تعالَ لننظر قليلاً داخل الدنّ ، ونُضيع الـ (أنا) والـ (أنت) جميعاً .
لاجتمع بعشّاق الخمرة ، الذين نسوا كلّ شي‌ء دون الخمرة» .
. . . . . . .
فزون از دو عالم تو در عالمي بدين سان چرا كوتهيّ وكمي
چه افسرده‌اي رنگ رندان بگير چرا مرده‌اي آب حيوان بگير
از اين دين به دنيا فروشان مباش بجز بندة باده نوشان مباش
چه درماندة دلق وسجّاده‌اي مكش بار محنت بكش باده‌اي
مكن قصّة زاهدان هيچ گوش قدح تا تواني بنوشان ونوش
حديث فقيهان برِ ما مكن زقطره سخن پيش دريا مكن
كه نور يقين از دلم جوش زد جنون آمد وبر صف هوش زد
قلم بشكن ودور افكن سَبَق بشويان كتاب وبسوزان ورق
كه گفته كه چندين ورق را ببين ورق را بگردان وحقّ را ببين
تعالي اللَهْ از جلوة آفتاب كه بر جملگي تافت چون آفتاب
بدين جلوه از جا نرفتي چه‌اي تو سنگي كلوخي جمادي چه‌اي
صبوح است ساقي برو مي بيار فتوح است مطرب دف وني بيار
نماز ارنه از روي مستي كني به مسجد درون بت پرستي كني
. . . . . . .
يقول : «أنت أعلي مقاماً وأسمي رُتبة من العالمين ، فَلِمَ أراك صغيراً متواضعاً ؟
لِمَ أراك كئيباً ؟ اتّبِعْ مسلك اللاأُباليّين ، لِمَ أراك ذابلاً ؟ خُذ شيئاً من ماء الحياة .
ولا تكن من الذين باعوا الدين بالدنيا ، ولا تكن عبداً إلاّ لشاربي الخمر .
ولا تكن أسير الخرقة والسجّادة ، بل اجرَعْ الخمرة ولا تتجرَّع المحنة .
ولا تُصغ إلي حديث الزاهدين ، بل ارتشفْ من الكأس واسقِ الآخرين ما استطعتْ .
ولا تُحدِّثنا بما يَرويه الفقهاء ، ولا تحدّث البحر بحيث القطرة .
لقد سطع نور اليقين من فؤادي ، وجاء الجنون فنحّي العقل جانباً .
اكسِرْ القلم وابتعِدْ عن (سَبَق) ، واغسل الكُتب واحرق الورق .
من قال أنّ عليك النظر في كلّ تلك الصحف ؟ اقلب الصفحات وطالع الحقّ .
تعالي الله سبحانه عن الشمس ، فهو قد شعَّ علي الجميع كالشمس .
ما أنت ؟ إنّك لم تنبهر بهذه الجلوة .
وما أنت ؟ هل أنت صوان أم جماد ؟
إنّه الصباح ، أيّها الساقي ! فهاتِ الخمرة ، إنّه الفتوح ، أيّها المطرب ! فهاتِ الدفّ والمزمار .
إذا لم تُقِم الصلاة وأنت سكران ، فإنّك كمن يعبد الاصنام داخل المسجد» .
. . . . . . .
رخ اي زاهد از مي پرستان متاب تودر آتش افتاده‌اي ما در آب
. . . . . . .
يقول : «لا تصعِّر خدّك لشاربي الخمرة أيّها الزاهد ، فإنّك ساقط في النار ونحن نسبح في الماء» .
. . . . . . .
ندوزي چو حيوان نظر بر گياه بيابي اگر لذّت اشك وآه
همه مستي وشور وحاليم ما ز تو چون همه قيل وقاليم ما
دگر طعنة باده بر ما مزن كه صد مار زن بهتر از طعنه‌زن
به مسجد رو وقتل وغارت ببين به ميخانه آ وطهارت ببين
به ميخانه آ وحضوري بكن سيه كاسه‌اي كسب نوري بكن
چو من گر از آن باده بي من شوي به گلخن در آن رشگ گلشن شوي
چه آب است كآتش به جان افكند كه گر پير نوشد جوان افكند
. . . . . . .
يقول : «إذا ما استوعبتَ لذّة الدموع والآهات ، فإنّك لن تنظر إلي النبات كما يفعل الحيوان .
إنّنا جميعاً سكاري ومُتهيّجون ونشوي بسببك ، لا نّنا جميعاً لسنا إلاّ كالقيل والقال .
فلا تَلمزنا بعدُ بالخمرة ، فإنّ عظّة مائة أفعي أهون من اللمز .
اذهب إلي المسجد وانظر إلي القَتل والسلب هناك ، ثمّ اعرج علي الحانة وانظر الطهارة والنقاء .
تعالَ إلي الحانة وأقِم هناك ، إنّك مثل الكأس المظلمة ، تعال واكتسب نوراً .
فلو أصبحتَ مثلي بلا (أنا) بسبب تلك الخمرة ، فإنّ مثلك سيكون كمثل البستان وسط جفنة النار .
أي‌ّ شراب هي تلك التي تُضرم النار في الروح ؟ ولو تناولها الشيخ لتحوّل إلي شابّ» .
. . . . . . .
وينتمي السيّد ميرزا رضي‌ّ الآرتيماني‌ّ ـ وهو من السادة الجليلي القدر ـ إلي «آرتيمان» من قري تويسركان . عاصر الآرتيماني فترة الشاه عبّاس الصفوي‌ّ ، وكان أحد شعراء النصف الاوّل من القرن الحادي عشر المجدّين والجذلين . وشاعرنا هو والد الآقا ميرزا إبراهيم الادهم الذي يُعَدّ هو كذلك من الشعراء المعروفين .
وتُعتَبر «خمريّة الآرتيماني‌ّ» من القصائد الفريدة التي تطرّقت في هذا الموضوع . وقد ورد ذِكر هذه القصيدة في ملاحق كتاب «تذكرة الحانة» من ص 925 إلي 934 ، إلاّ أنّ المُؤلّف أورد ( 161 ) بيتاً للقصيدة المشار إليها . لكنّنا اعتمدنا في نقل القصيدة هنا علي بعض النسخ الخطّيّة لبعض الاحبّة والتي استنسخنا لانفسنا واحدة منها في سالف الايّام وهي تشتمل علي ( 122 ) بيتاً .
وجدير بالذكر أنّ كتاب «تذكرة الحانة» هو من تأليف الملاّ عبد النبي‌ّ فخر الزماني‌ّ القزويني‌ّ والذي انتهي من تأليف الكتاب المذكور سنة 1028 ه ، وقد قام السيّد أحمد گلچين معاني بتصحيح وطبع الكتاب ثمّ أضاف إليه بعض الملاحق .
[2] ـ يقول : «لقد أصابني الهَوَس والجنون ؛ وشبّت في جسمي النار المستعرة .
سأرمي العمامة من علي رأسي ؛ وسأزيل عنّي شهرتي واسمي .
لقد مللتُ هذه الخرقة وهذا الطيلسـان ؛ وأشـعر أنّ أصـناماً وأوثاناً قد اختفت في ردنيهما .
أظهرْ هذا الوجه الذي أشعل النار في الرُّدن والاصنام .
أي‌ُّ نار تلك التي سلبتني من نفسي ؛ ولم تبعدني من الاغيار وحسب .
إلي متي تشكّ بالوحدانيّة يا قلب ؛ قل (هو) واحد ، وآمن بأ نّه واحد ، وانظر إليه علي أ نّه واحد ، واحد (لا غير) .
هلمّ أيّها الساقي واسقنا راح الروح ؛ حتّي أحصل من فيضه علي نشوة آلاف الفتوح والانتصارات» .
[3] ـ يقول : «إنّه الصباح ، أيّها الساقي ، فهاتِ الصبوح ؛ هاتِ خمرة لا تحتاج إلي كأس .
فمتي كان الكأس حافظاً للاسرار ؛ وله ، في الحفل الواحد ، ما لا يُعدّ ولا يُحصي من الشاربين فيه ؟
لمّا صنعوا طينة خِلقتنا في البدء ؛ عجنوا تلك الطينة بالخمر (بدل الماء) .
أُريد أن أُوصيكم ، يا ندمائي ، فاسمعوا ؛ فلقد وصل العمر الغالي إلي آخره .
إذا انتهت سني‌ّ هذا العمر وانقضت فسوف يرجع الامر إلي ما كان عليه من البرء .
وسوف لن يكون للجسم (هذا) أي‌ّ سلطان من الروح (التي فارقته) ؛ تلك الروح التي سُلِبَتْ منه واقتُلِعَت .
أُحلّفكم بالله أن تغسّلونني بالخمر ، وانثروا عَلَي‌ّ من ثري ذلك الدرب ليكون سدراً لي» .
[4] ـ يقول : «واسعوا إلي أن تكون حجارة قبري ولحدي ؛ من تلك الحجارة التي تُوضَع علي راقود الخمر .
واصنعوا تابوتي من خشب الكروم ؛ وغطّسوني بالخمرة ، ثمّ ادفنوني .
وكفّنوني بورق الكَرْم كذلك ؛ ثمّ ادفنوني عند وعاء الخمر .
واسعوا عند احتضاري ؛ أن ألهجَ باسم الحبيب .
ولا تضعوا علي قبري أيّة شمعة غير ذلك البدر (أي الحبيب) ؛ ولا تُلَقّنوني كلاماً سوي حديث العشق .
ولا تسمحوا لاي‌ّ رجل أو امرأة بالحضور ليلة دفني .
إلاّ المطربين وهم يضربون علي (آلة) القيثار ؛ والمغنّين الذين ينشدون بأصواتهم الشجيّة» .
[5] ـ يقول : «واكتبوا بدمي لوحة مزاري ؛ هذا شهيد الحبّ .
وليشهد أربعين نديماً من ندماء الحانة المخضرمين وليمضوا علي كفني : أنّ هذا هو منسوب إلي تراب بابه (أي باب الحبيب) ؛ وهو شارب ثمالة خمرة الوحدانيّة .
ولقد صار الشيخ (الذي اعتاد علي حمل السجّادة ـ سجّادة الصلاة ) ؛ العاشق الولهان والسكّير بلحظة واحدة .
ولم يكن غيره من بين أهل المعابد والاديرة ؛ أو من بين كلّ العبّاد وأهل التقوي ، مَن كان دينه العشق والغرام ؛ أو كان لبّ مذهبه واعتقاده هو التيم والحبّ .
[6] ـ ذكر في تعليقته ما يلي : وردت الابيات الثلاثة التالية بعد هذا البيت في نسخة أُخري :
نديديم كاري از او سر زند بجز آنكه پيوسته ساغر زند
چو ساغر منزّه ز چون و ز چند چو خورشيد تابان بر اوج بلند
نباشد صُداعش ، نيارد خمار كند يار ، بينَش هم از چشم يار
يقول : «لم نره يقترف عملاً ! إلاّ ضرب الكؤوس بعضها ببعض .
وهو كالكأس ، مُنزّه عن كلّ شائبة ؛ وكالشمس الساطعة في كبد السماء .
وما شهدناه يُصاب بالصداع أو السُّكر ؛ فكان يري من خلال عيني حبيبه» .
[7] ـ يقول : «إلهي ! بحقّ خواصّ بابك وساحتك ؛ وبحقّ الهامات التي سقطت شهيدة في سبيلك واستحالت تراباً .
وبحقّ مَن سقط صريعاً في دربك ؛ وبحقّ الذين يتحسّرون للإصابة ببلاياك ومحنك .
وبحقّ آلام قلوب الوالهين بك ؛ وبحقّ حرقة قلوب ضعفائك .
وبحقّ السكاري وشاربي الخمر ؛ الذين هم عن أنفسهم غرباء ومشردون .
بحقّ شيوخ المعبد وبحقّ الخمر والخمّارة ؛ بحقّ السكاري الشاربين للصبوح .
(أسألكَ بحقّ كلّ أُولئك) أن تأمر إذا جاء القضاء والقدر ؛ وقبل قبض روح «أسرار» » .
[8] ـ يقول : «أن تُطهّره من كل دنس ؛ ثمّ اجعَلْ مثواه القبر» .
«ديوان الاسرار» ص 117 و 118 .
[9] ـ «شرح منظومة الحكيم المُعظّم الحاجّ الملاّ السبزواري‌ّ ، ص 5 ، طبعة الناصري‌ّ .
[10] ـ قال السيّد عبّاس إقبال الآشتياني‌ّ في مجلة «يادگار» تحت عنوان «أحوال العِظام» ما يلي:
« الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ ( 1166 ـ 1241 ) بقلم السيّد مرتضي المدرسي‌ّ الجهاردهي‌ّ: يمثّل الشرح التالي جزءاً من كتاب قيّم يقوم السيّد مرتضي المدرّسي‌ّ الجهاردهي‌ّ بتأليفه وكتابته منذ مدّة طويلة بتشجيع ورعاية من قِبَل الاُستاذ الكبير العلاّمة السيّد محمّد القزويني‌ّ مدّ ظلّه في شرح حال المشاهير وكبار العلماء الإيرانيّين خلال المائة والخمسين سنة الاخيرة. هذا الكتاب الفاخر الذي نتمنّي أن ينتهي منه المؤلِّف قريباً ويُزَيَّن بحلية الطبع، لا شكّ أ نّه سيكون كتاباً نفيساً جدّاً وذلك لما يبذله المؤلّف المحترم من جهد دؤوب ومثابرة لا تعرف الكلل أو الملل ليلاً ونهاراً ، سواء أكان ذلك ممثّلاً في ما كرّس المؤلّف نفسه فيه لجمع المعلومات اللازمة لهذا الموضوع أم الذوق الرفيع الذي يحاول من خلاله بذل‌قصاري جهده في سبيل إخراج الكتاب المذكور بالحُلّة اللائقة به. والحقّ أنّ السيّد المدرّسي‌ّ بعمله هذا يقوم برفع ثقل كبير عن كاهل الاجيال القادمة الذين لا جَرَم سيجوسون خلال الكتب لاستقصاء الاعلام من رجالات عصرنا الحاضر والمشاهير بحرص ولهفة.
ونورد هنا الشرح المذكور والذي تطرّق فيه الكاتب إلي تعريف وشرح أحد مشاهير إيران في القرن الماضي ، وأعني بذلك الشيخ أحمد الاحسائي‌ّ، مؤسِّس مذهب الشيخيّة والملهم لعدد من النهضات الدينيّة في هذا البلد ، مُوَشَّحاً بشي‌ء من التوضيحات والإضافات والتصرّف فيه بإذنٍ من المؤلِّف نفسه مع تقديم خالص شكرنا له. (مجلة «يادگار»).
[11] ـ «شرح المنظومة» للحاجّ الملاّ هادي السبزواري‌ّ ، ص 5 ، طبعة طهران 1298 (التعليقة) .
[12] ـ توجد أربعة أجزاء من كتاب «ترجمة شرح نهج البلاغة» في مكتبة الاديب المعظّم الاُسـتاذ الجامعي‌ّ السـيّد محمّد مشـكاة وقد تمّ تأليف الجـزء الاخيـر منه سـنة 1290 . (التعليقة) .
[13] ـ «روضات الجنّات» ص 285 و 286 ، طبعة طهران ، (التعليقة) .
[14] ـ لإثبات أنّ العدل أصل من أُصول الدين ، ورد في كتاب «العدل الإلهي‌ّ» ص 14 و 15 ، طبعة سنة 1390 هجريّة ، ما يلي :
«العدل أصل من أُصول الدين : في جميع مسائل الإلهيّات ، إذا كانت هنالك من شبهات أو إشكالات ، فهي موضع بحث الفلاسفة والمعنيّين . ومع كون هذه المسائل صعبة ، إلاّ أ نّها خارجة عن حدود فهم العامّة من الناس ، وإنّ كِلا الإشكال والردّ عليه هما في مستوي أعلي من إدراك الجمهور ؛ ومع ذلك ، فإنّ الإشكالات التي تحيط بمسألة «العدل الإلهي‌ّ» قد جري تداولها علي صعيد العامّة . فهذه المسألة موضع تشكيك القروي‌ّ البسيط وفي نفس الوقت مثار اهتمام الفيلسوف المفكّر ؛ ومن هنا ، اكتسبت أهمّيّة خاصّة ومكانة نادرة ، وقد يكون ذلك من الاسباب التي جعلها تصنّف ضمن أعمدة الدين ، وأن تعرّف علي أ نّها الاصل الثاني من الاُصول الخمسة للدين ، وإلاّ ، فالعدل صفة من صفات الله سبحانه وتعالي ، وإذا كان من المقرّر أن تكون الصفات الإلهيّة ضمن أُصول الدين ، فيجب أن تكون باقي الصفات مثل العلم والقدرة والإرادة و ... ، غير مستثناة من هذه القاعدة .
إنّ لموضوع العدل سجلّ طويل في الإسلام ، وترجع بدايات طرحه ومناقشته بين المسلمين إلي القرن الثاني الهجري‌ّ ؛ وهذا الموضوع بالذات أدّي إلي ظهور الفرقتين الكبيرتين ، الاشاعرة والمعتزلة (أو العدليّة)» .
[15] ـ سلسلة مجلّة «يادگار» ، ذكري المرحوم عبّاس إقبال الآشتياني‌ّ ، السنة الاُولي ، العدد الرابع (ذي الحجّة 1363 ) ، ص 30 إلي 47 ، من منشورات مكتبة الخيّام .