بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب ولایه الفقیه فی حکومه الاسلام/ المجلد الاول/ القسم السابع: مناط الارجحیة بین الحکمین

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس‌ التاسع‌:

البحث‌ حول‌ عبارات‌ مقبولة‌ عمر بن‌ حنظلة‌

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علي‌ محمد و ءاله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ ألاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

 لقد انتهي‌ بحثنا حول‌ ولاية‌ النبيّ و الإمام‌ المعصوم‌، و قد تمَّ البحث‌ في‌ حدود ولايتهم‌ بالمقدار الذي‌ كان‌ يقتضيه‌ الامر. و الآن‌ يجب‌ أن‌ نَرِدَ في‌ بحث‌ ولاية‌ الفقيه‌ و شؤونها و خصائها و مواردها و تشعباتها و حدودها و حدودها و مشخّصاتها إن‌ شاءالله‌ تعالي‌.

 لقد بحث‌ الفقهاء الكبار حول‌ الفقيه‌ الجامع‌ للشرائط‌ و العادل‌ في‌ ثلاثة‌ مواضيع‌:

 الاوّل‌: في‌ موضوع‌ الحكومة‌ و الولإ.

 الثاني‌: في‌ موضوع‌ القضاء و فصل‌ الخصومة‌.

 الثالث‌: في‌ موضوع‌ الإفتاء.

 و هذه‌ الابحاث‌ الثلاثة‌ منفصلة‌ عن‌ بعضها و لاربط‌ لها ببعضها البعض‌، كما انّ أدلَتها أيضاً منفصلة‌ عن‌ بعضها.

 و مع‌ انّ بعض‌ تلك‌ الادلة‌ يمكن‌ الاستفادة‌ منه‌ في‌ موارد آخري‌ أيضاً، لكن‌ كل‌ واحد منها له‌ بحث‌ مستقل‌.

 و الآن‌ و قد وردنا في‌ بحث‌ ولاية‌ الفقيه‌ فانّنا سنقوم‌ بتحليل‌ الادلة‌ بلحاظ‌ الحكومة‌ و الامارة‌ علي‌ المسلمين‌.

 لقد ورد في‌ هذا المجال‌ روايات‌ عن‌ الائمة‌ عليهم‌ السلام‌ بأنّهم‌ قد نصبوا أشخاصاً معينين‌ من‌ أجل‌ الولاية‌ و القضاء، أو أنّهم‌ نصبوا أشخاصاً بشكل‌ عام‌ بحيث‌ يكون‌ لهم‌ ولاية‌ خاصّة‌ أو عامّة‌.

 و إحدي‌ تلك‌ الروايات‌ هي‌ مقبولة‌ عُمَر بن‌ حَنْظَلة‌، و هي‌ رواية‌ مشهورة‌ و معروفة‌، أوردها كبار المشايخ‌ المحمدين‌ الثلاثة‌ (الكليني‌، والشيخ‌ الطوسي‌، والصدوق‌) في‌ كتبهم‌ في‌ فصل‌ القضاء، و عملوم‌ علي‌ أساسها أيضاً.

 فقد روي‌ محمد بن‌ يعقوب‌ الكليني‌ في‌ الكافي‌ [1]،  عن‌ محمّد بن‌ يحيي‌، عن‌ محمّد بن‌ الحسين‌، عن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، عن‌ صفوان‌، عن‌ داود بن‌ الحُصَيْن‌، عن‌ عمربن‌ حنظلة‌، قال‌: سَألت‌ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ رجلين‌ من‌ أصحابنا يكون‌ بينهما مُنازعة‌ في‌ دَين‌ أو ميراث‌، فتحاكما إلي‌ السلطان‌ أو الي‌ القضاة‌، أيحلُّ ذلك‌ ؟

 و حين‌ يقول‌ في‌ هذا السؤوال‌ «عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا» فانّه‌ يتّضح‌ أنّ هذين‌ الشخصين‌ من‌ الشيعة‌، فهما قد تنازعا في‌ أمرٍ من‌ الامور، في‌ دَين‌ أو ميراث‌ وصل‌ إليها، فهل‌ يجوز لهما الرجوع‌ الي‌ سلطان‌ الوقت‌ أو الي‌ قضاتهم‌، فهل‌ يجوز مثلاً الرجوع‌ بشكل‌ عام‌ في‌ زمان‌ الإمام‌ الصادق‌ عيه‌ السلام‌ الي‌ المنصور الدوانيقي‌ أو الي‌ قضاته‌ المنصوبين‌ من‌ قبله‌، و الذين‌ يحكمون‌ بين‌ الناس‌ علي‌ أساس‌ ذلك‌ الاسلوب‌ و ذلك‌ النهج‌ والفقه‌ العاميّين‌.

 لقد كان‌ سؤال‌ عمر بن‌ حنظلة‌ للإمام‌ هل‌ يستطيع‌ الإنسان‌ الرجوع‌ الي‌ السلطان‌ الجائر أو الي‌ شخص‌ منصوب‌ من‌ قبله‌ للقضاء ؟

 فقال‌ الإمام‌: مَنْ تَحَاكَمَ إلَي‌ الطَّاغُوتِ فَحَكَمَ لَهُ، فَإنَّمَا يَأخُذُ سُحْتاً، وَ إنْ كَانَ حَقُّهُ ثَابِتاً، لاِنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أَمَرَ اللَهُ أَن‌ يُكْفَرَ بِهِ.

 فلنرَ الآن‌ لماذا يجيب‌ الإمام‌ بهذا النحو ؟ و أنّه‌ إذا رجع‌ الإنسان‌ الي‌ الطاغوت‌ و حكم‌ له‌ و اُخذ الإنسان‌ حقّه‌، فانّ ما يأخذه‌ سيكون‌ حراماً «وَ إنْ كَانَ حَقُّهُ ثَابِتاً»

 الرجوع الي الفهرس

الوصول‌ إلي‌ الحقّ يجب‌ أن‌ يكون‌ من‌ طريق‌ مشروع‌

 السرّ في‌ المطلب‌ انّه‌ و ان‌ كان‌ هذا حقّه‌ و حكم‌ له‌ به‌ إلاّ انّة‌ انّما اُخذ من‌ طريق‌ الطاغوت‌ و حكمه‌، و قد كان‌ الطاغوت‌ هذا دليلاً و طريقاً لوصوله‌ الي‌ الواقع‌، مع‌ أنّ الله‌ تعالي‌ أمر بأن‌ يكفر الإنسان‌ بالطاغوت‌، و هذا يعني‌ بأنّ هذا الطريق‌ مسدود.

 و من‌ هنا يستفاد جيداً انّ الإنسان‌ لايستطيع‌ أن‌ يحصّل‌ حقّه‌ من‌ أي‌ طريقٍ كان‌ ـ حتي‌ لو كان‌ هذا الطريق‌ ممّا لم‌ يمضه‌ الشرع‌ ـ و عليه‌ نا لتحصيل‌ حقّه‌ أن‌ يسلك‌ الطريق‌ الذي‌ أمضاه‌ الشرع‌، و أن‌ تحصيل‌ الحقّ من‌ الطريق‌ الذي‌ لم‌ يمضه‌ الشرع‌ غير جائز مهما كان‌ ذلك‌ الحقّ ثابتاً.

 إنّ هذا الطريق‌ الذي‌ يريد الإنسان‌ سلوكه‌ لتحصيل‌ حقّه‌ الثابت‌ عن‌ طريق‌ السلطان‌ الجائر أو القضاة‌ المنصوبين‌ من‌ قبله‌ للحكم‌ بين‌ الناس‌، الذين‌ يأمرون‌ و ينهون‌ و يقومون‌ بفصل‌ الخصومة‌، طريق‌ باطل‌. فليس‌ لنا أن‌ نسلك‌ هذا الطريق‌ و إن‌ كان‌ يوصلنا الي‌ حقّنا.

 و السبب‌ في‌ ذلك‌ هو أنّ مفسدة‌ هذا الطريق‌ أكثر من‌ مصلحته‌ الواقعيّة‌، فهو طريق‌ خطر، و ليس‌ للإنسان‌ أن‌ يسلكه‌، فإذا جاء سلطان‌ جائر فحكم‌ باسم‌ الإسلام‌ و المسلمين‌، و أخذ يعمل‌ في‌ أحكام‌ المسلمين‌ بحسب‌ هواه‌، و قام‌ بنتصيب‌ قضاد من‌ أجل‌ تقوية‌ حكومته‌، غير ءابهٍ لنصوص‌ القرآن‌ و السنّة‌ و الولاية‌، بل‌ مخالف‌ لها، فانّ الإنسان‌ إذا ما سلك‌ هذا الطريق‌ و وصل‌ الي‌ حقّه‌ أيضاً فانّه‌ سيكون‌ قد سار في‌ طريق‌ خطر.

 و ذلك‌ لانّه‌ أَوّلاً: سيكون‌ قد قام‌ بتقوية‌ سلطانه‌ ذلك‌ الحاكم‌ و تقوية‌ قضائه‌، و بالركون‌ الي‌ الظالم‌ وَ لاَ تَرْكَنُواْ إلَي‌ الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّار. [2]

 و لقد اوعد في‌ القرءان‌ الكريم‌ الشخص‌ الذي‌ يركن‌ الي‌ الظالم‌ بجهنم‌، وا لنار ستمسّه‌. و لو لم‌ يُصَرْ الي‌ الإعتماد علي‌ الظالم‌، و إذا لم‌ يذهب‌ الناس‌ الي‌ السلطان‌ الجائر و قضاته‌ فمن‌ الطبيعي‌ أنّ حكمكم‌ و سلطانهم‌ سيضعف‌، ام‌ءا لو راجعهم‌ الناس‌ فان‌ أمرهم‌ سيقوي‌ و حكمكم‌ سيتعزّز.

 و ثانياً: فانّ علي‌ ذلك‌ الشخص‌ الذي‌ يريد تحصيل‌ حقّه‌ أن‌ يذهب‌ الي‌ رأس‌ النبع‌، من‌ طريق‌ طاهر و خالص‌ و صافٍ فيحصل‌ علي‌ الماء من‌ هناك‌، لكنّه‌ إذا سلك‌ طريقاً ملوّثة‌ عبر المستنقعات‌ الملوثة‌ التي‌ يمرّ عبرها الماء فيتعفن‌ فيها، فانّ الإنسان‌ يصل‌ الي‌ الماء، لكن‌ الماء الذي‌ يمرّ عبر المجاري‌ المتعفّنة‌ لن‌ يشكل‌ حاية‌ له‌، بل‌ هو المرض‌ و الوباء.

 و هذا المسألة‌ أيضاً من‌ المسائل‌ الدقيقة‌ جدّاً و الخطرة‌، و الجملة‌ التي‌ يشير إليها الإمام‌ عليه‌ السلام‌ تضمّ نكتة‌ مهمّة‌ جدّاً، و هي‌ أن‌ علي‌ الإنسان‌ في‌ أموره‌ عموماً أن‌ لايلاحض‌ حقّه‌ فقط‌، و انّما عليه‌ أن‌ يلاحظ‌ أيضاً الطريقة‌ التي‌ يريد تحصيل‌ الحقّ عبرها. فإذا لم‌ يكن‌ الطريق‌ موجباً لمذلّته‌ و إهانته‌ فليتابعه‌، امّا إذا كان‌ يُحدث‌ نقصاً في‌ عزّه‌ و شرفه‌ و يضرّبهما فعليه‌.ن‌ يصرف‌ النظر و يسلك‌ طريقاً تلاحظ‌ فيها جميع‌ الخصوصيّات‌ السلوكية‌.

 الرجوع الي الفهرس

مفاد: إِنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَیكُمْ حَاكِماً

 يقول‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌: حتّي‌ إذا كان‌ حقّه‌ ثابتاً، و كان‌ يأخذ حقّه‌ ولكن‌ عن‌ طريق‌ ممنوع‌، فهو أمر ممنوع‌. فتحصيل‌ ذلك‌ عن‌ طريق‌ الرجوع‌ الي‌ السلطان‌ الجائر و قضاته‌ أمر ممنوع‌، و هذه‌ المسفدة‌ أقوي‌ من‌ المصلحة‌ الحاصلة‌.

 قُلْتُ: كَيْفَ يَصْنَعَانِ. يقول‌ عمر بن‌ حنظلة‌ فسألته‌: فماذا يفعلان‌ ؟ إنّهما مختلفان‌ و لايمكن‌ أن‌ يبقي‌ نزاعهما بهذا النحو الي‌ يوم‌ القيامة‌. و حيث‌ أنّكم‌ قد منعتم‌ سلوك‌ ذلك‌ الطريق‌ و قلتم‌ ان‌ عليّهما أن‌ لا يرجعا الي‌ السلطان‌ الجائر، ما هو طريق‌ الخلاص‌ ـ إذن‌ ـ من‌ هذه‌ الخمصة‌ !

 قَالَ: انْظُرُوا إلَي‌ مَنْ كَانَ مِنكُمْ قَدْ رَوَي‌ حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي‌ حَلاَلِنَا وَ حَرَامِنَا، وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا، فَارْضَواْ بِهِ حَكَماً، فَإنّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَیكُمْ حَاكِماً، فَإذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ، فَإنَّمَا بِحُكْمِ اللَهِ قَدِ اسْتَخَفَّ، وَ عَلَینَا رَدَّ، وَالرَّادُّ عَلَینَا الرَّادّ عَلَی‌ اللَهَِ؛ وَ هُوَ عَلَی‌ حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَهِ.

 فجوابه‌ عليه‌ السلام‌ أنّه‌ قال‌: حيث‌ أنّ الرجوع‌ الي‌ الطاغوت‌ حرام‌، و هذا الطريق‌ للوصول‌ الي‌ الحقّ مسدود، فاذهبوا و اختاروا من‌ بينكم‌ مَن‌ كان‌ شيعياً صاحب‌ ولاية‌ و غير معاند و لايسير في‌ الطريق‌ المخالف‌ لطريقكم‌، اختاروا حاكماً وا رجعوا إليه‌، لكن‌ عليكم‌ أن‌ تتأمّلوا حتّي‌ لا تنتخبوا شخصاً غير واجدٍ لشرائط‌ الحكومة‌، إذ يجب‌ أن‌ يكون‌ فقيهاً، ناظراً في‌ حلالنا و حرامنا، يفهم‌ حلالنا و حرمنا، و يروي‌ حديثنا، و يعرف‌ أحكامنا، أي‌ أن‌ يكون‌ فقيهاً عارفاً بالحلال‌ والحرم‌ و ناظراً في‌ الاحكام‌ و رواياً للحديث‌، خبير بمذاقتنا و حكما و ممشانا، و يعرف‌ ما هو حكمنا أهل‌ البيت‌، و يعرف‌ كيف‌ بيّنا أحكام‌ رسول‌ الله‌ و القرءان‌ و أوصلناها لكم‌، فانّ شخصاً كهذا هو الذي‌ يجب‌ أن‌ يحكم‌ بينكم‌؛ فَإِنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ حَاكِماً.

 الرجوع الي الفهرس

 مخالفة‌ الطريق‌ المجعول‌ شرعاً مخالفة‌ للّه‌

و هذا ما يُدعي‌ ب (الجعل‌) (اي‌ جعل‌ المنصب‌)، لقد جعلته‌ عليكم‌ حاكماً، و هذه‌ الحكومة‌ أيضاً بصفة‌ حكومة‌ عامّة‌، «مَن‌ كَانَ مِنْكُمْ» بشكل‌ عام‌ و ليس‌ مخصاً بشخص‌ معيّن‌، كلّ مَن‌ كان‌ كذلك‌، سواء كان‌ ذلك‌ في‌ زمان‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ حين‌ سأله‌ عمربن‌ حنظلة‌ أو بعد ذلك‌ الزمان‌، و كذلك‌ الي‌ زماننا هذا الذي‌ هو زمن‌ الغيبة‌ الكبري‌؛ كلّ من‌ كان‌ بهذا النحو فانّ الإمام‌ يقول‌: إنّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَیكُمْ حَاكِماً، فَإذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ. أي‌ اذا حكم‌ ذلك‌ الفقيه‌ بحكمنا فلم‌ يقبل‌ بحكمه‌. المتداعي‌ الذي‌ وقع‌ الحكم‌ عليه‌؛ و هنا بدلاً من‌ أن‌ يقول‌ «لم‌ يقبلا» قال‌ «لم‌ يقبل‌» و ذلك‌ لانّه‌ عندما يتنازع‌ شخصان‌ مع‌ بعضهما فيرجعا الي‌ الحاكم‌، فانّ ذلك‌ الشخص‌ الذي‌ سيحكم‌ له‌ سيقبل‌ و لا يعترض‌ علي‌ الحكمَ، و لذا فقد جاء بها الإمام‌ بصيفة‌ المفرد، لانّ الحاكم‌ لايستطيع‌ أن‌ يحكم‌ للشخصين‌،بأن‌ يقول‌ 6 هذا المال‌ لك‌ و لغيرك‌ معا مثلاً، فالحكم‌ في‌ مورٍ ما يكون‌ لشخص‌ و علي‌ شخص‌، فهذا الحكم‌ الصادر من‌ هذا الحاكم‌ الذي‌ قد جعلته‌ عليكم‌ حتي‌ لو كان‌ علي‌ الشخص‌ فهو أيضاً حكم‌ الله‌، فإذا خالفه‌ فليعم‌ أنّه‌ قد استخّف‌ بحكم‌ الله‌، و قد ردّ علينا بعمله‌ هذا، و الرادّ علينا رادّ علي‌ الله‌، و عمله‌ هذا علي‌ حدّ الشركّ بالله‌.

 و ذلك‌ لانّنا لا نمك‌ أمراً و نهياً من‌ عند أنفسنا، و هذا الجعل‌ الذي‌ أقوم‌ به‌ من‌ عند نفسي‌ ليس‌ بما انّي‌ أنا، ولكن‌ بما انّي‌ خليفة‌ رسول‌ الله‌، و رسول‌ الله‌ أيضاً. هو الآية‌ العظمي‌ للّه‌، و حكمه‌ حكم‌ الله‌، و قد جعلنا رسول‌ الله‌ نحن‌ أهل‌ ابيت‌ ثقلاً في‌ مقابل‌ الثقل‌ الآخر و هو كتاب‌ الله‌، و قد جعل‌ ججية‌ قولنا و حجية‌ كتاب‌ الله‌ في‌ مستوي‌ واحد «إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَلاَ وَ إنَّهُمَا الْخَلَيفَتَانِ مِنْ بَعْدِي‌» و هذا الكلام‌ يدلّ علي‌ أنّه‌: كما أنّ كتاب‌ الله‌ حجّة‌ من‌ بعدي‌ فأنتم‌ تأخذون‌ جميع‌ الاحكام‌ منه‌، و عندما تنتهي‌ مسألة‌ الي‌ كتاب‌ الله‌ فلا يحقّ لكم‌ الكلام‌ و الاعتراض‌ فينتهي‌ الامر و يُحسم‌ (فالقرءآن‌ معصوم‌)، فكذلك‌ أهل‌ بيتي‌ أيضاً الذين‌ عرّفتهم‌ للإمامة‌ عليكم‌ من‌ بعدي‌ معصومون‌ أيضاً، ليس‌ هناك‌ خطأ في‌ تصرفاتهم‌ و أقوالهم‌، و لقولهم‌ و كلامهم‌ حجية‌ ككتاب‌ الله‌. و بناءً عليه‌ فالرادّ علينا رادّ علي‌ رسول‌ الله‌ و رادّ علي‌ كتاب‌ الله‌، و علي‌ هذا فهو رادّ علي‌ الله‌ تعالي‌. و الرادّ علي‌ الله‌. انّما هو مشرك‌ بالله‌.

 إن‌ الامر واضح‌ جدّاً، و قد بيّن‌ الإمام‌ بشكل‌ جيد و دلّل‌ أنّهم‌ ليس‌ لهم‌ في‌ أنفسهم‌ أيّة‌ استقلالية‌ و إنيّة‌ و شخصيّة‌، و انّ ما لديهم‌ عين‌ شخصيّة‌ الحقّ و ولاية‌ الحق‌ و أمر الحق‌ و نهيه‌ و أمر رسول‌ الله‌ و نهيه‌. و انّ ولايتهم‌ ولاية‌ الله‌، فالحكم‌ الذي‌ يحكمون‌ به‌ من‌ أنّه‌ إنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ حَاكِماً انّما هو علي‌ اساس‌ ولاية‌ الله‌، فمن‌ ينقض‌ هذا الحكم‌ أو يستخفّ به‌ فانّما قداستخف‌ بولاية‌ الله‌، و هذا الشخص‌ يكون‌ مشركاً بالله‌.

 و يذكر الشيخ‌ في‌التهذيب‌ [3]  في‌ باب‌ القضاء و الاحكام‌ عين‌ هذه‌ الرواية‌ عن‌ محمّد بن‌ يحيي‌، عن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ شمّون‌، عن‌ محمّد بن‌ عيسي‌، بنفس‌ العبارة‌ التي‌ ذكرها الكليني‌.

 و أمّا الصدوق‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «مَن‌ لايحضره‌ الفقيه‌»[4]  فيذكر بعد تلك‌ الفقرات‌ المذكورة‌ تتمّة‌ مفيدة‌ جدّاً. [5]

 قَالَ: قُلتُ: فِي‌ رَجُلَيْنِ اخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلاً فَرَضِيا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي‌ حَقِّهِمَا فَأخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَ كِلاَهُمَا اخْتَلَفَا فِي‌ حَدِيثِنَا ؟

 لانّ من‌ البديهي‌ في‌! صورة‌ وحدة‌ الحاكم‌ أن‌ يكون‌ الحكم‌ نافذاً و واجب‌ الإجراء علي‌ كلا الشخصين‌ المتداعيين‌، امّا في‌ صورة‌ التعدّد حيث‌ يختار كلّ منها فقيهاً ناظراً في‌ الحلال‌ و الحرام‌ و عارفاً بالاحكام‌، فإذا كان‌ حكمها واحداً لم‌ يكن‌ هناك‌ اشكال‌ في‌ الامر، أمّا إذا وقع‌ اختلاف‌ بينهما في‌ الحكم‌، و كان‌ هذا الاختلاف‌ ناشئاً في‌ الاختلاف‌ في‌ الحديث‌ الذي‌ قد تُمسّك‌ به‌ فعندها سيشكل‌ الامر، و ذلك‌ لانّ كلاًّ منهما قد رأي‌ حجية‌ حديث‌ بطريق‌ ما و عمل‌ به‌، فما الحلّ في‌ هذه‌ الحالة‌ ؟

 قَالَ: الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي‌ الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا؛ وَ لاَ يَلْتَفَتُ إلَی‌ مَا يَحْكُمُ بِهِ الآخَرُ.

 أي‌ انّهم‌ في‌ حالة‌ اختلاف‌ حكم‌ الفقيهين‌ في‌ مورد محدّد فانظروا الي‌ مَن‌ كانت‌ عدالته‌ أفضل‌ و فقهه‌ أقوي‌ و صدقه‌ في‌ الحديث‌ أكثر و ورعه‌ و طهارته‌ و تقواه‌ أعلي‌ فانّ حكمه‌ هو النافذ فاعملوا به‌ و لا تلتفوا الي‌ حكم‌ الآخر.

 يقول‌ الإمام‌ هنا: أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي‌ الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا.

 و ليس‌ المناط‌ في‌ا لمجيّة‌ خصوص‌ الاعدليّة‌ أو الافقههيّة‌ أو الاصدقيّة‌ أو الاورعيّة‌ و إلاّ فمن‌ الممكن‌ أن‌ يكون‌ موجباً للاختلاف‌ في‌ عنوان‌ الرجحان‌، بأن‌ يكون‌ أحدهما أفقه‌ و الآخر أعدل‌، و أحدهما أصدق‌ في‌ الحديث‌ ولكنّه‌ ليس‌ الافقه‌، و الآخر أفقه‌ و لكنّه‌ ليس‌ الاورع‌.

 الرجوع الي الفهرس

 مناط‌ الارجحيّة‌ في‌ صورة‌ وجود حكمين‌ لفقيهين‌ في‌ مسألة‌ واحدة‌

و هل‌ مناط‌ الرحجان‌ هو اجتماع‌ هذه‌ الصفات‌ الاربعة‌ جميعاً المذكورة‌ في‌ الرواية‌، أو ثلاثد منها، أو اثنان‌، أو يكفي‌ واحدٌ منها فقط‌ ؟ أو أنّ المطلب‌ شي‌ء آخر غير هذا.

 يجب‌ أن‌ نجد مناط‌ الرجحان‌ في‌ وصف‌ يكون‌ فيه‌ أحد هذين‌ الفقيهين‌ أرجح‌ من‌ الآخر بلحاظ‌ الطريقيّة‌ الي‌ متن‌ واقع‌ الفقاهة‌. و بعبارة‌ اُخري‌ أن‌ يكون‌ الوزن‌ الديني‌ لاحدهما ارجح‌ من‌ الآخر، و بعبارة‌ ثالثة‌ أن‌ يُري‌ بحسب‌ كتاب‌ الله‌ و سنّة‌ النبيّ و آراء و مناهج‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ مقدّماً.

 الرجوع الي الفهرس

ميزان‌ الارجحيّة‌ هي‌ الافضليّة‌ الدينيّة‌ علماً وفقهاً وعدالة‌ ووثاقة‌

 بأي‌ شيّ تكون‌ أرجحية‌ الوزن‌ الديني‌ لفقيه‌ علي‌ ءاخر إلاّ أن‌ تكون‌ عدالته‌ أقوي‌ أو فقهه‌ أفضل‌.و صدقه‌ في‌ الحديث‌ أكثر أو ورعه‌ أكثر. فليكن‌ أي‌ واحد من‌ هذه‌ الامور، لكن‌ في‌ النهاية‌ فانّ ذلك‌ العالم‌ الذي‌ يكون‌ وزنه‌ الديني‌ من‌ حيث‌ المجموع‌ راجحاً علي‌ الآخر سيكون‌ حكمه‌ هو النافذ، و هذا كاف‌.

 إذا كان‌ رصيد أحدهما و وزنه‌ الديني‌ أكثر فحكمه‌ هنا حجّة‌، وَ لايلتفت‌ الي‌ ما يحكمُ به‌ الآخر.

 قَالَ: قُلْتُ: فَإنَّهُمَا عَدْلاَنِ مَرْضْيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَيْسَ يَتَفَاضَلُ وَاحِدٌ مِنهُمَا عَلَی‌ صَاحِبِهِ.

 و هذا بنفسه‌ أيضاً دليلٌ علي‌ ما ذكرناه‌ من‌ أنّ المراد من‌ الاعدل‌ و افقه‌ و الاورع‌ هو ذاك‌ الذي‌ يكون‌ وزنه‌ الديني‌ إجمالاً اكبر. و ذلك‌ لانّه‌ إذا كان‌ المراد خصوص‌ الاعدلية‌ و الافقهية‌ و أمثالهما فيجب‌ أن‌ يسأل‌ هنا ابن‌ حنظلة‌: إِنَّهُمَا عَدْلاَنِ فَقِيهَانِ صِدِّيقَانِ وَ رِعَانِ مَرْضِيّان‌ و... و جيمع‌ هذه‌ الصفات‌ في‌ الشخصين‌ مجتمعة‌، مع‌ أنّه‌ لم‌ يسأل‌ عن‌ هذا و انّما قال‌ إجمالاً: إذا كان‌ كلاهما عدلان‌ مرضيان‌ فماذا نعمل‌ ؟ و يستفاد من‌ هذا أنّه‌ في‌ الافقه‌ و الاعدل‌ و أمثالهما لم‌ تلاحظ‌ خصوصية‌ تلك‌ المعاني‌ و انّما لو حظت‌ تلك‌ المزية‌ التي‌ أشير إليها هنا بعنوان‌ «عَدْلاَنِ مَرْضِيَّان‌» و هذا العنوان‌ حاكم‌ علي‌ تلك‌ الحقيقة‌ التي‌ تكون‌ موجودة‌ في‌ ذلك‌ الفقيه‌. فكلا الفقيهان‌ مرضيان‌ و لائقان‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ و بطراز واحد؛ و ليس‌ هناك‌ أعلميّة‌ و أصدقيّة‌  بينهما، كلاهما في‌ درجة‌ واحدة‌، فماذا يجب‌ أن‌ نعمل‌ في‌ هذه‌ الحال‌ ؟

 قَالَ: فَقَالَ: يُنظَرُو إلَي‌ مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا عنَّا فِي‌ ذَلِكَ الَّذِي‌ حَكَمَا بِهِ الْمُجَمَعُ عَلَیهِ أَصْحَابُكَ؛ فَيُؤخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا؛ وَ يُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي‌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ؛ فَإنَّ الْمُجْمَعَ عَلَیهِ حُكْمُنَا لاَرَيْتَ فِيهِ. وَ إنَّمَا الاُموُرُ ثَلاَثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَمُتَّبَعٌ، وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ فَمُجْتَنَبٌ، وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ حُكْمُهُ إلَي‌ اللَهِ عَزَّوَجَلَّ.

 فالامور إذن‌ لاتخرج‌ عن‌ هذه‌ الثلاثة‌:

 الاوّل‌: الامر الذي‌ يكون‌ غيّه‌ بيّناً، اي‌ انّ من‌ الواضح‌ أنّه‌ طريق‌ ضلالة‌ و ظلمد و هلاك‌ فهذا يجب‌ اجتنابه‌ حتماً «فمجتنبٌ».

 الثالث‌: الامر الذي‌ يكون‌ مشكلاً و مبهماً، لا يعلم‌ الإنسان‌ هل‌ فيه‌ الرشد أم‌ الغيّ فأصل‌ هذا الامر يكون‌ محلاًّ للترديد و الشك‌ و الريب‌، فيكون‌ الامر حقيقة‌ غير واضح‌ عند الإنسان‌. ففي‌ هذه‌ الحالة‌ يجب‌ علي‌ الإنسان‌ أن‌ يردّ حكمه‌ للّه‌ عزوّجلّ، و أن‌ يطلب‌ منه‌ الحلّ، و لا ينبغي‌ له‌ أن‌ يقدم‌ علي‌ الامر المشكوك‌.

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلِّي‌ اللهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّم‌: حَلالٌ بَيِّنٌ، وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ، وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ، فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَ مَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَ هَلَكَ مِنْ حَيثٌ لاَ يَعْلَمُ.

 و لكي‌ لايقع‌ الإنسان‌ في‌ ورطة‌ الهلكات‌ فانّ عليه‌ أن‌ يجتنب‌ الشبهات‌ أيضاً، و ذلك‌ لانّ الشبهات‌ و إن‌ لم‌ تكن‌ من‌ الامور البيّنة‌ الغي‌ و لكنّها شبهة‌. و معني‌ الشبهة‌ هو أنّنا لا ندري‌ انّ حقيقتها رشد أم‌ غيّ، فمن‌ الممكن‌ أن‌ تكون‌ غيّاً، فإذن‌ إذا لم‌ يجتنبها الإنسان‌ و أتي‌ بها فمن‌ الممكن‌ أن‌ يقع‌ في‌ الهلكة‌، و ذلك‌ لان‌ المفروض‌.نّ فيها ريب‌، و ما يكون‌ فيه‌ ريب‌ ربما يكون‌ غير مصادف‌ للرشد، و من‌ الممكن‌ أن‌ يكون‌ غيّاً دون‌ أن‌ نعلم‌ و ذلك‌ لانّ طريق‌ الوصول‌ الي‌ الواقع‌ مسدود علينا في‌ هذا الامر، و لدينا ريب‌ و شبهة‌ في‌ ذلك‌، فإذا تمنا بهذا العمل‌ من‌ الممكن‌ أن‌ نقع‌ في‌ مشكلة‌، و علي‌ من‌ لايرغب‌ في‌ الوقوع‌ في‌ المفسدة‌ أن‌ يجتنب‌ الشبهة‌، فإذا أتي‌ بها ـ مع‌ فرض‌ كونها شبهة‌ و مع‌ فرض‌ أنّ فيها ريب‌، فانّه‌ سيقع‌ في‌الغيّ وَ هَلَكَ مِن‌ حَيثُ لاَ يَعلَمُ.

 الرجوع الي الفهرس

الاُمور ثلاثة‌: بَيِّنُ الرُّشْدِ وَبَيِّنُ الغَي‌ِّ وَأَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ حُكْمُهُ إلَي‌ اللَهِ

 و الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ بعد أن‌ بيّن‌ بنفسه‌: إنَّمَا الاُمورُ ثَلاَثَةٌ: أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَمَتَّبَعٌ؛ وَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَمَجْتَنَبٌ؛ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ حُكْمُهُ إلَي‌ اللَهِ عَزَّوَجَلَّ فانّه‌ يستشهد بكلام‌ رسول‌ الله‌، فانّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ أيضاً قد قال‌ ذلك‌. و قد بيّن‌ حقيقة‌ المطلب‌ أيضاً أكثر.

 هذه‌ حقيقة‌ أنّه‌ إذا كان‌ الصلاح‌ و المصلحة‌ و اضحان‌ للإنسان‌، و كان‌ الإنسان‌ مطّلعاً علي‌ تمام‌ حدودهما و ثغورهما فعليه‌ أن‌ ياتي‌ بذلك‌ الامر، و إذا كانت‌ المفدسة‌ و الضلالد في‌ ذلك‌ الامر واضحتان‌ فيجب‌ عليه‌ الاجتناب‌ عنه‌ حتماً. ثمّ أنّ عليه‌ الاجتناب‌ في‌ الامور المتشابهة‌ التي‌ لايكون‌ طرف‌ المسألد فيها واضحين‌، و من‌ الممكن‌ أن‌ يقع‌ الإنسان‌ في‌الفساد فيها، فالعمل‌ بها خلاف‌ حكم‌ العقل‌، لانّه‌ سيكون‌ قد هَلَكَ مِن‌ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ.

 و يبيّن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ جواب‌ عمربن‌ حنظلة‌ هكذا: حين‌ يأتيكم‌ هذان‌ الفقيهان‌ اللذان‌ يقومان‌ ببيان‌ حكمنا، اللذان‌ يتساويان‌ و كلاهما من‌ جهة‌ الشخصيّة‌ و الوزن‌ الديني‌ فلا أفضلية‌ لاحدهما علم‌ الآخر، فانّ عليكم‌ ان‌ تنظروا الي‌ حديثهما، فإذا كانت‌ فتوي‌ أحدهما مطابقة‌ للمشهور و لإجماع‌ أصحابكم‌ فخذوا بها و اعرضوا عن‌ كلام‌ و فتوي‌ الفقيه‌ الذي‌ يكون‌ شاذّاً و مخالفاً للمشهور، لانّ الْمُجْمَعَ عَلَیهِ لاَ رَيْبَ فِيهِ بينما كلام‌ الفقيه‌ الآخر فيه‌ ريب‌. فإذا عمل‌ الإنسان‌ بعمل‌ هذا الفقيه‌ فهو بيّن‌ الرشد، و إذا عمل‌ بكلام‌ الآخر الذي‌ فيه‌ ريب‌ «وَ هَلَكَ مِن‌ حَيثُ لاَ يَعْلَمُ».

 و بناءً عليه‌ فانّ موافقة‌ المشهور والمجمع‌ عليه‌ إحدي‌ المراتب‌ التي‌ لها أمارية‌ في‌ موارد اختلاف‌ الفقيهين‌ من‌ أجل‌ الوصول‌ الي‌ الواقع‌.

 قُلْتُ: فَإنْ كَانَ الْخَبَرانِ عَنْكُمْ مَشْهُورَيْنِ قزدْ رَوَاهُمَا الثَّقَاتُ عَنكُمْ ؟!

 يعني‌ إذا كان‌ كلا الفقيهان‌ من‌ هذه‌ الناحية‌ متساويين‌، و كان‌ كلام‌ هذا الفقيه‌ كلاماً مشهوراً يعمل‌ وفقه‌ جماعة‌ من‌ المؤمنين‌ و الشيعة‌، و قد نقله‌ عنكم‌ الرواة‌ الثقات‌ أيضاً. و كان‌ حكم‌ الفقيه‌ الآخر المخالف‌ له‌ أيضاً بهذا النحو، فقد رواه‌ جماعة‌ من‌ الثقات‌، و كان‌ حديثه‌ مشهوراً كذلك‌ برواية‌ الثقات‌، فلا تفاضل‌ بينهما من‌ هذه‌ الجهة‌، فماذا ينبغي‌ العمل‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ ؟

 قَالَ: يُنْظَرُ ! فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ أُخِذَ بِهِ.

 فمن‌ بين‌ هذين‌ الحكمين‌ اللذين‌ حكم‌ بها الفقيهان‌، فانّ كلّ حكم‌ قيس‌ مع‌ كتاب‌ الله‌ و سنّة‌ النبيّ أو العامّة‌، فوجدنا أنّه‌ موافق‌ لكتاب‌ الله‌ و سنّة‌ النبيّ و مخالف‌ للعامّة‌ فانّ علينا أن‌ نعمل‌ به‌ و نترك‌ الآخر.

 قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ! وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ، وَالآخَرَ مُخَالِفاً لَهَا؛ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُوْخَذُ ؟

 قَالَ: بِمَا يُخَالِفُ الْعَامَّةَ، فَإنَّ فِيهِ الرَّشَادَ.

 قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ! فَإنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً ؟

 قَالَ: يُنْظَرُ إلَي‌ مَا هُمْ إلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَقُضَاتُهُمْ، فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالآخَرِ.

 قُلْتُ: فَإنْ وَافَقَ حُكَّامَهُمْ وَ قُضَاتَهُمْ الْخَبَرَانِ جَمِيعاً ؟

 (معني‌ سؤال‌ عمربن‌ حنظلة‌ هذا أنّه‌ إذا كان‌ قضاتهم‌ و حكامهم‌ متساوين‌ في‌ قبولهم‌ لهذين‌ الخبرين‌، و لا يميلون‌ الي‌ حكم‌ دون‌ آخر، ذلك‌ لانّ من‌ الممكن‌ أن‌ تكون‌ أخبار العامّة‌ موافقة‌ للواقع‌،و مجرّد نسبة‌ الخبر لهم‌ لا يجعله‌ مردوداً، فحين‌ يحصل‌ مصادفةً أن‌ يكون‌ لكلا المجموعتين‌ نفس‌ الميل‌ و الموافقة‌ لهذين‌ الخبرين‌ كليهما، فهما لديهم‌ علي‌ حدٍّ سواء، ليس‌ لاحدهما تفاضل‌ علي‌ الآخر، فماذا نعمل‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ ؟)

 قَالَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَرْجِهْ حَتَّي‌ تَلْقَي‌ إمَامَكَ، فَإنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الإقْتِحَامِ فِي‌ الْهَلَكَاتِ.

 علي‌ الإنسان‌ أن‌ يتوقف‌ في‌ المورد المشكوك‌ و المشبوه‌، فذلك‌ أفضل‌ من‌ أن‌ يقتحم‌ علي‌ العمي‌' و في‌ حالد عدم‌ الرؤية‌ و عدم‌ العلم‌ و يلقي‌ نفسه‌ في‌ الهلكات‌.

 كانت‌ هذه‌ الرواية‌ التي‌ ذكرها الصدوق‌ في‌ كتاب‌ «مَن‌ لاَ يَحْضَرهُ الْفَقِيه‌» و الي‌ هنا ينتهي‌ المطلب‌، و في‌ الحقيقة‌ فإنّها رواية‌ راقية‌ جدّاً و مليئة‌ بالمعني‌ و بالمحتوي‌.

 الرجوع الي الفهرس

سلسلة‌ المراتب‌ التدريجيّة‌ لمرجّحات‌ حكم‌ الفقيه‌

 ففي‌ هذه‌ الرواية‌ ينتقل‌ الإمام‌ خمس‌ مرّات‌ من‌ أمارة‌ الي‌ اُخري‌، و هذا بالطبع‌ غير القسم‌ الاوّل‌ و الآخر منها، اللذين‌ يصبح‌ العدد معهما سبع‌ مرّات‌، لانّ الطرق‌ التي‌ بيّنت‌ في‌ الرواية‌ جميعها أمارات‌ للوصول‌ الي‌ الواقع‌.

 يسأل‌ الراوي‌ الإمام‌: إنّ هذين‌ الشخصين‌ متنازعان‌ بينهما في‌ دَين‌ أو ميراث‌ فما هي‌ الامارة‌ للوصول‌ الي‌ الواقع‌ بالنسبة‌ إليهما ؟ فيقول‌ الإمام‌: انّ الرجوع‌ الي‌ الحكّام‌ و القضاد غير جائز، و يجب‌ في‌! هذه‌ الصورة‌ الرجوع‌ الي‌ فقهاء الشيعد و حدهم‌ و هذه‌ أمارة‌ علي‌ الواقع‌، ففتوي‌ الفقيه‌ ليس‌ لها موضوعيّة‌ و أنّما هي‌ أمراة‌ علي‌ الواقع‌، فالإمام‌ عليه‌ السلام‌ هنا يجعل‌ الامارية‌ لفتوي‌ الفقيه‌.

 ثم‌ يسأل‌ الواري‌: فما العمل‌ إذا اختلف‌ الفقيهان‌ ؟ فيقول‌ الإمام‌: في‌ هذه‌ الحال‌ ينظر الي‌ الوزن‌ الديني‌ لهذين‌ الفقيهين‌، فأيّهما كان‌ وزنه‌ الديني‌ هو الاكبر يكون‌ هو الامارة‌. فلو حكم‌ فقيه‌ بحكم‌، و حكم‌ فقيه‌ آخر بحكم‌ مخالف‌، فذلك‌ الفقيه‌ الذي‌ يكون‌ فقهه‌ و عدالته‌، و إجمالاً وزنه‌ الديني‌ أكبر فمن‌ المسلّم‌ انّ أماريته‌ أكبر و أكثر كشفاً عن‌ الواقع‌، و يجب‌ الاخذ عنه‌. إذن‌ فالاعدلية‌ و الافقيهة‌.

 تصبحان‌ أمارة‌ عن‌ الواقع‌ بالمرتبة‌ الثانية‌.

 ثم‌ يسأل‌: فإن‌ كانا متساويين‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الجهات‌، فما العمل‌ ؟ فيقول‌: ينظر أي‌ الرأبين‌ هو المشهور، فكلا الفقيهين‌ عادل‌ و صادق‌ و ورع‌ و متّقي‌ لكن‌ حديث‌ و حكم‌ أحدهما ليس‌ مشهوراً و إجماعياً بل‌ شاذّ و نادر، بينما الفقيه‌ الآخر قوله‌ إجماعي‌ و أماريته‌ أقوي‌، إذا عرض‌ علي‌ الإنسان‌ قول‌ شاذّ الي‌ جانب‌ قول‌ مشهور و له‌ مَن‌ يؤيده‌ و يدعمه‌، فأي‌ واحدة‌ من‌ هاتين‌ الامارتين‌ أقوي‌ بلحاظ‌ الكشف‌ عن‌ الواقع‌ و الحقيقة‌ ! من‌ المسلّم‌ أنّها تلك‌ الامارة‌ المتفق‌ عليهما.

 ثمّ لو سقطت‌ الامارية‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ أيضاً، و كان‌ كلاهما في‌ مستوي‌ واحد، و لم‌ يكن‌ عندنا هنا أمارة‌ لكي‌ نكشف‌ حكم‌ الواقع‌ بواسطة‌ الإجماع‌، فماذا نعمل‌ هنا ؟

 قال‌ الإمام‌: انظروا أي‌ حكم‌ من‌ هذه‌ الاحكام‌ موافق‌ للكتاب‌ و السن‌´، لانّ حكما ـ لاَجَرمَ ـ موافق‌ للكتاب‌ و السنّة‌. و بناءً عليه‌ فالحكم‌ الموافق‌ الكتاب‌ و السنّة‌ هو منّا، و إلاّ كان‌ حكماً مخالفاً لحكمنا و صادراً من‌ فقهاء العامّة‌ و ليس‌ منّا.

 و الملامظة‌ الملفتة‌ هي‌ أنّه‌ لماذا جعل‌ الإمام‌ عيه‌ السلام‌ الموافقة‌ الكتاب‌ و السنّة‌ في‌ مرتبة‌ متأخرة‌ عن‌ الامارات‌ السابقة‌، لافي‌ الرتبة‌ الاولي‌؟.

 يجب‌ القول‌ انّه‌ لامعني‌ لكون‌ ذلك‌ في‌ الرتبة‌ الاولي‌، فعند ما نذهب‌ الي‌ فقيه‌ و نسأله‌ عن‌ حكم‌ ما فإذا كان‌ عادلاً و قام‌ ببيان‌ الحكم‌ من‌ ناحية‌ الائمّة‌ فمن‌ المسلّم‌ أنّه‌ سيكون‌ موافقاً للكتاب‌ و السنّة‌، ليس‌ في‌ ذلك‌ شكّ. و إذا كان‌ كلاهما عدلان‌ مرضيان‌ فلا شكّ أنّ الفقيه‌ الاعدل‌ يبيّن‌ الحكم‌ الوافق‌ للكتاب‌ و السنّة‌.

 و في‌ المرحلة‌ الثالثة‌ إذا كان‌ حكم‌ أحدهما مجمعاً عيه‌ فمن‌ المسلّم‌ أنّه‌ موافق‌ للكتاب‌ و السنّة‌.

 و هنا يقول‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌: إذا عجزت‌ عن‌ الامارات‌ الثلاث‌ الاولي‌ يصبح‌ الموافقة‌ و للكتاب‌ و السنّة‌ أمارة‌. فإذن‌ في‌ المرحلة‌ الرابعد أمارية‌ موافقة‌ الكتاب‌ و السنّة‌ تدلّ علي‌ الحكم‌ الواقعي‌.

 وا ءذا كان‌ كلا الخبرين‌ موافقاً للكتاب‌ والسنّة‌ فما العمل‌ ؟ فمن‌ الممكن‌ أن‌ يستدّل‌ هذه‌ القضية‌ علي‌ خبر موافق‌ للكتاب‌، بينما يستدّل‌ الآخر علي‌ خبر موافق‌ للكتاب‌ أيضاً. فما العمل‌ في‌ هذه‌ الحال‌ و ليست‌ لدينا أمارة‌ ؟ فقد خسرنا في‌ هذه‌ الحال‌ هذه‌ الامارة‌ أيضاً !

 يقول‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌: انظروا في‌ هذه‌ الحال‌؛ أيّها الموافق‌ للعامّة‌ و المخالف‌ لهم‌ فخذوا بما خالفهم‌، لماذا ؟ هل‌ انّ ذلك‌ لانّ مخالفة‌ العامّة‌ لها موضوعيّة‌ في‌ حدّ نفسها ؟ كلا فهذا امر خاطي‌ء، و ذلك‌ لانّ الكثير من‌ أعمالهم‌ حسنة‌، و آراء العامّة‌ الموافقة‌ للكتاب‌ و السنّة‌ لايجب‌ أن‌ تُترك‌. المخالفة‌ للعامّة‌ ليست‌ لها موضوعيّة‌ و انّما مجرّد طريقيّة‌، أي‌ أنّه‌ بما أنّ العامّة‌ لديهم‌ الداعي‌ لتغيير الاحكام‌ خلافاً للكتاب‌ و السنّة‌، و خلافاً لروايات‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ الذين‌ هم‌ الهادون‌ للكتاب‌ و السنّة‌، لكي‌ يقوما بفصل‌ مذهبهم‌ عن‌ مذهب‌ أهل‌ البيت‌، و الانفصال‌ عن‌ مذهب‌ أهل‌ البيت‌ عين‌ الانفصال‌ عن‌ الكتاب‌ و السنّة‌. فما يحكمون‌ به‌ إذن‌ يكون‌ خلاف‌ الحكم‌ الواقعي‌ و عندها يقول‌ عليه‌ السلام‌: خُذْ بِمَا خَالَفَ الْعَامَّةَ، فهذا يعني‌ أنّ مخالفة‌ العامّة‌ طريق‌، لا أنّ مخالفد العامّة‌ له‌ موضوعيّة‌. و عندما يشتبه‌ علينا طريقين‌ فيجب‌ أن‌ نسلك‌ الطريق‌ الذي‌ هو خلاف‌ العامّة‌، و ذلك‌ لانّ أحكامهم‌ غالباً مخالفة‌ للكتاب‌ و السنّة‌ و مخالفة‌ للولاية‌. إذن‌ يجب‌ أن‌ نعمل‌ بذلك‌ الحكم‌ المخالف‌ لرأيهم‌ فَإنَّ الرُّسْدَ فِي‌ خِلاَفِهِمْ بهذا المعني‌، أي‌ بما أنّهم‌ قد ساروا في‌ طريق‌ الغيّ ففي‌ حال‌ الشكّ يكون‌ خلافهم‌ أمارة‌ علي‌ طريق‌ الرُشد.

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَ ءَالِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1]  ـ «فروع‌ الكافي‌» كتاب‌ القضاء و الاحكام‌، باب‌ كراهيّة‌ الارتفاع‌ الي‌ قضاة‌ الجور، طبع‌ مطبعة‌ الحيدري‌، ج‌  7 ، ص‌  412 ، و الطبع‌ الحجري‌، ج‌  2 ، ص‌  359 

[2] ـ صدر الآية‌  113 ، من‌ السورة‌  11: هود

[3] ـ «التهذيب‌» طبع‌ النجف‌ ج‌  6 ، كتاب‌ القضايا و الاحكام‌، ص‌  218

[4] ـ «من‌ لايحضره‌ الفقيه‌» طبع‌ مكتبة‌ الصدوق‌، ج‌  3 ، أبواب‌ القضايا و الاحكام‌، ص‌  8   إلي‌  11؛ و طبع‌ النجف‌، ج‌  3 ، ص‌  5  و  6

[5] ـ ينبغي‌ أن‌ يُعلم‌ أنّ هذه‌ الرواية‌ بتمامها و كمالها ذكرها الكليني‌ أيضاً في‌ «الكافي‌» كتاب‌ فضل‌ العلم‌، باب‌ اختلاف‌ الحديث‌، ج‌  1 ، ص‌  67 ، حديث‌  10  من‌ طبع‌ مكتبة‌ الصدوق‌. و ذكرها أيضاً الشيخ‌ الطوسي‌ بتمامها. كمالها في‌ «التهذيب‌» ج‌  1 ، بابٌ في‌ القضايا و الاحكام‌، ص‌  301 ، حديث‌  52  من‌ طبع‌ النجف‌، تحت‌ رقم‌  845 ، و ذكرها أيضاً الملاّ محمّد محسن‌ الفيض‌ الكاشاني‌ في‌ «الوافي‌، الطبع‌ الحديث‌ في‌إصفهان‌، ج‌  1 ، ص‌  285 ، رقم‌  229 - 13  كتاب‌ العقل‌ و العلم‌ من‌ «الكافي‌» و «التهذيب‌».

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com